|
أمــيرة
|
قرية من سحر البداوة, تتكئ علي جنب نهر النيل. أشجار النخيل تزاحمت عند النهر مثل جميلات في ليلة عرس, يتنافسن علي مرآة "التسريحة" . في ذات ليلة كان القمر مكتملاً يشهد عُرس النخلاتِ الباسقاتِ, ويستلقي في سطح ماء اللنهر. قمران, بدر في السماء الصافية, وبدر يتراقص علي إيقاع النسيم مع النخلات فوق سطح النهر. أميرة بنت العمدة, أجمل جميلات القرية في ربيعها الخامس عشر, جلست في فناء دارها في وسط العنقريب المفروش بالبرش الأحمر, علي مقربة من حبوبتها فاطنة, كانت أميرة كعادتها في مثل هذا المساء تخلل شعرها الطويل, وتسبح في خيال بعيد حتي تنسى كل ما هو حولها, ولاتفيق إلي أن تتدلى ضفيرتها علي ظهرها. كانت تعرف أنها أجمل بنات القرية, وأنها مضرب مثل للجمال في قريتها والقري المجاورة. أخبرتها بنت عمها أن مصطفى إبن عمها كان يقول فيها شعراً وأنه مغرم متيم بها , ولذلك سافر إلى الخليج ليعود بعد عامين بمهرها , فهو إبن عمها, وهي حتما ستتزوجه. كانت أميرة تحفظ أشعاره وتترددها وحدها وهي تناجي القمر, لم تكن تقول شيئا عن وله إبن عمها بها ولكنها كانت تحبه وتنتظره. تمر الأيام وأميرة تتفتق كزهور الربيع كل صباح, تتبعثر إبتسامتها في نواحي القرية كعصافير الجنة, أميرة في أنضر أيام ربيعها الأنثوي تموَج جسدها كموجة نهر متثائبة لاطفتها نسيمات من نفس البحر, وأثمر صدرها برتقالتين نافرتين متسقتين لاترهقا الغصن ولاتريحانه, عيون أميرة كعيون المها ووجهها مثل بدر اكتمل في ليل شعرها الساحر الجميل. هكذا كانت أميرة جميلة الجسد والروح تستلذ بإنوثتها وتنعم بوضعها الاجتماعي كبت عمدة القرية وأميرة جمال الزمان والمكان. مضت شهور وهي تنتظر إبن عمها وحبيبها القادم من الخليج, مصطفي أرسل جواباً وقال إنه سيعود قريبا, فقد تيسر له العمل في الخليج وأنجز مبتغاه في زمن وجيز, هكذا أخبرت أميرة بنت عمها( أخت مصطفي). أميرة في قمة سعادتها. هذا الصباح يبدو كئيبًا جداً, رياح ترابية شرسة (كتاحة) تهب بشراسة وتغبر صباح القرية وتحوله لظلام خفيف. إستيقظت أميرة وهي تتلوى من آلام حادة في بطنها. أخبرت حبوبتها فاطنة التي أعدت لها شراب الحرجل والمحريب, خف عنها الألم بعض الشئ ولكنها لازالت تتألم. إسبوعان وأميرة تتألم وتشرب الحرجل والحلبة المغلية والمحريب , يخف الألم حيناً ويزداد حيناً آخر, حبوبة فاطنة تعتقد أن أميرة "طقوها عين" , بخرتها ببخور التيمان لدرء الشر والعين الحسودة عنها. بعد إسبوع آخر إستيقظت أميرة باكراً, منهكة ومتعبة ومتوجعة, وأكثر ما أزعجها هو انتفاخ بطنها. نعم انتفخت بطنها حتي إستدارت كإمرأة حامل في شهرها الثامن. أميرة لاتعرف الذي يدور في جسدها, ماهذا ياربي الذي حدث لبطني؟ و كيف أبدو كإمرأة حامل وأنا لم يمسسني أحد. أميرة في حالة نفسية سيئة جداً, لاتستطيع أن تفسر مايحدث لجسدها وأخذ فكرها يروح بعيداً, هل عاشرني شيطان ؟ ولكن كيف وهل يمكن ذلك, بسم الله الرحمن الرحيم. أم أميرة حاجة السرة رأت بطن بنتها المنتفخ, ولم يكن لها أي تفسير آخر عير أن بنتها "حملت بالحرام", أووووب علي وكر علي وسجم أمي, هكذا ركضت أمها تولول متجهة صوب ديوان العمدة في الحوش القدامي. أوووب علي يا أبوأميرة بتك ختت راسنا فوق الواطه دي, ينهض العمدة من مكانه فزعاً , يامره مالك في شنو؟. بتك يالعمدة حملت بالحرام وبطنها منفوخة ما باقي ليها إلا الولادة. تغمصت العمدة حالة غضب شيطانية وبدا كأن الشرر يتطاير من عينيه وهو يهرول نحو الحوش الوراني, حيث أميرة تتلوي من الألم , وترقد بجانب حبوبة فاطنة. دخل عليهما العمدة وهو في قمة الغضب, يكاد لايرى ولايسمع. صاح العمدة في أميرة قومي يابت الحرام, نهضت أميرة مفزوعة ترتجف من الوجل , أبوي أنا وحاتك ما عرفة... لم يدعها تكمل وإنتزع عنها الملاية التي كانت تلتف بها ونظر إليها محدقاً, ورأي بطنها المنتفخة, وصاح بصوت غاضب :حامل بالحرام يابت الكلب يابت الحرام, لا يا أبوي بس أنا وحاتك ماعارفة...لم يدعها تكمل ماعارفة يازانية يامنحطة .. ,اخرج خنجره من ضراعه وسط صيحات أمها وحبوبتها وطعن أميرة في قلبها, نعم في قلبها, سقطت أميرة علي الأرض تسبح في دمائها ولفظت أنفاسها الأخيرة, ماتت أميرة, ماتت أميرة مقتولة بخنجر أبيها يا لهول المأساة. نظر العمدة الغاضب لزوجتة السرة وحبوبة فاطنة وقال لهن: "علي الطلاق البتسكلب وتبكي فوقكن علا ألحقها بتكن الزانية دي" . وقال لهن قومن بردنها وكفننها وسنقول للناس أصبحنا ووجدنا أميرة ميتة فقد كانت تعاني من الملاريا. تجمع أهل القرية ونصبوا خيام العزاء أمام ديوان العمدة, ودفنوا أميرة في مقابر القرية. كل أهل القرية حزنوا لموت أميرة, إنه موت زهرة, موت للجمال, ومنيَة أنضر أنوثة عرفتها القرية, موت أميرة هو موت أحلام مصطفي إبن عمها وموت الأمل الذي كانت تنثره في القرية, حتي عصافير الجنة التي كانت تغرد منتشية بإبتسامة أميرة ستموت من الحزن, والبرتقالتان النضرتان ستسقطان من غصن في جنينة العمدة. والنخلات الباسقات عند ضفة النهر قد لا يتمايلن في لهو مع البدر المستلقي في صدر النهر. موت أميرة إختلت معه كل موازين الجمال والحب والأمل في القرية. بعد ثلاثة أيام من موت أميرة عاد مصطفى إبن عمها من الخليج. كل من رأي مصطفي أخذ يقول ليس هذا مصطفي الذي نعرفه, لا أحد يعلم كم كان يحب أميرة, كانت أميرة حلمه الذي يعيش من أجله , وأمله الذي هجر الأهل والأرض وسافر بعيداً ليناله. هكذا بدا مصطفى حزيناً شاحباً يائساً, لايحدث الناس ولايكلم من يبادره بالحديث. لم يكن يسمع إلا صوت أميرة ولايرى غير وجهها القمر.يزور قبرها كل مساء يقرأ عليها سورة الفاتحة وبعض قصائد كان كتبها في غربته يناجي فيها أميرة ويحكي لها عن أشواقه وعشقه لها. في عصر الجمعة, كان مصطفي يستلقي في عنقريبه يتوسد عمامته ويفكر في أميرة. سمع صوت حاجة الرضينة خالته تصيح: يا أهل البيت, يا مصطفي ياولدي إنت في الديوان؟ نهض مصطفي إتفضلي ياخالة ياني هنا في الديوان, خشي لاجوة. دخلت حاجة الرضينة وقلدت مصطفي وقعدت بجواره في العنقريب, كيفنك ياولدي؟ والله ياخالة كويس ماعندي عوجة تب رد مصطفي. قالت له ياولدي يعلم الله حاسابك بالحيل, وحزنك ده مقطع حشاي, إنت ماياكا ضناي متل عثمان ولدي. حنى مصطفي رأسه يخفي دموعه ويمسح وجهه بطرف عمامته. والله ياخالة الحصل لي مو هين ولكن مابقول إلا إنَ لله وإنا إليه راجعون. أيا ياولدي ياها دي المحرية فوقك.عدلت حاجة الرضينة جلستها وقالت: يامصطفي ياولدي الموت حق وربنا وحدو وبراهو البعرف يومو, إلا ياولدي موت أميرة ده بالملاريا تب مو واقع لي. إستعدل مصطفي ودار وجههه ناحيتها, كيف الكلام ده ياخالة؟, بتدوري تقولي شي؟ , ياولدي الكلام البقولو ليك ده سر بينا ,وتحلف بالله العظيم تلاتة تب ما تجيب سيرتي فوقو ,سمح؟ ياخالة والله العظيم تلاتة وعدتك تب بس وريني راسك ده فوقو شنو, ماني قادر أصبر. قالت له طبعا إنت تعلم أنني أسكن في البيت المجاور لبيت عمك العمدة. أيا ياخالة بالحيل عارف أها.., ياولدي قبال ساعة كدي من كلمونا بي خبر أميرة أنا كنت بسقي في البهائم, والزريبة جنب حيطة ناس خالتك السرة أم أميرة, سمعت السرة بي أضاني دي تولول, أووب علي وياسجم خشمي, وبعدها بي شويتين كدي رخيت أضاني سمعت العمدة يكورك فوق بتو يابت الكلب ويابت الحرام ويالفعلتو والتركتو, وبعدها أميرة صرخت كأنو في زول ضربها, الصرخة الياها ياولدي تاني ما سمعت ليها صوت. مصطفي تجهم وجهه وخرجت عيناه كأنهما ستطيران من المفاجأة والخلعة, ياخالة إنت بتدوري تقولي أميرة كتلوها!!؟, قالت له ياولدي أصبر النوقع ليك باقي الكلام, أها قولي ياخالة. ياولدي لمان السرة أم أميرة نادتني, لقيتن هي وحبوبتك فاطنة بردنها وكفننها في الأوضة الورانية ولمان دخلت الأوضة دخلن معاي وفتحن لي وشها بس وأنا مارقة بالزقاق شفت الطشط البردنها فوقو ملييان موية, إلا ياولدي الموية حمراء وكلها دم, اها سويت راسي ما شفتها, لامن أم أميرة جرت كشحتها في الزقاق. وكمان ال واطة في أوضة حبوبتك فاطنة كارداتنها كرد!!, أها ياولدي البدور ينضف الدم مابقدر إلايكرد ال واطة. مصطفي يتصبب عرقاً ويرتجف جسمه ويشد شعره يكاد يسلخ فروة رأسه, قال لخالته بألم وحرقة شديدتين ياخالة والله أنا الموضوع ده ما بسيبو تب ومن دربي ده علي البوليس. قالت له ياولدي سوي البتسوي علا زي ما حلفت بالله العظيم تلاتة إسمي ده تب مابتجيبو . قال مصطفي إنت عارفاني بالحيل ياخالة وإن شاء الله قسمي مابرميهو واطة تب. رجعت حاجة الرضينة متسللة بهدوء من الباب الوراني لدارها , ولف مصطفي عمته في عجل ودفس رجليه في المركوب وشد حمارته علي عجل وتوجه صوب نقطة البوليس في المدينة المجاورة التي تبعد ثلاثة أميال من القرية. عر..عر.. مصطفي يهش حمارته وهو يفكر ياربي الكلام ده صح؟ لكن البخليهم يقتلوا أميرة شنو البت الزي النسمة دي؟؟, لاحولة ولاقوة إلا بالله, لكن الكتل أميرة حتي كان بقا أبوي العمدة ياني المامخليهو تب..عر ..عر. في نقطة البوليس قابل مصطفي الضابط وحكى له قصة موت أميرة دون أن يلمح لما أخبرته به حاجة الرضينة. ولكنه وضح للظابط المتحري شكوكه حول موت أميره المفاجي, وقال للضابط أن أخته صديقة أميرة قابلت أميرة قبل يومين من موتها وكانت تشكو من آلام في بطنها ولاتشكو من الملاريا. يبدو أن الظابط قد إقتنع بكلام مصطفي وقال له: في مثل هذه الحالات لابد من الحصول علي تصديق من وكيل النيابة لنبش القبر, وفحص وتشريح الجثمان عن طريق الطبيب الشرعي. وقال له أرجع أنت يا مصطفي للقرية وفي الصباح الباكر سنحصل علي تصريح وكيل النيابة وسنأتي للقرية غداً بمعية الطبيب الشرعي لمعاينة الجثمان. عاد مصطفى للقرية ولم يخبر أحداً بما فعل ,وسينتظر ما سيحدث في الصباح. لم ينم مصطفي وقضي ليله مستيقظاً متوجساً خائفاً وحزيناً. كيف ينام وشريط الذكريات والأحداث يدور سريعاً في مخه يكاد يحرقه. في الصباح الباكر, نهض مصطفي من فراشه وتناول شاى الصباح لعله يساعده علي مواصلة يومه الذي سيكون طويلاً وهو لم ينم منذ البارحة. حوالي العاشرة صباجا سمع مصطفي صوت عربية تهم بالتوقف أمام منزله. خرج للشارع فوجد عربية البوليس اللاندروفر وبها الظابط الذي كان مصطفي قد قابله البارحة في نقطة بوليس المدينة, ويجلس في المقعد الخلفي من يبدو أنه الطبيب الشرعي وبجواره يجلس رجلا شرطة. إقترب منهم مصطفي وحياهم, "إتفضلوا لا جوه". قال له الظابط نحن معنا الطبيب الشرعي والعساكر وقد تحصلنا علي إذن من وكيل النيابة لفتح القبر وفحص الجثمان , ولذا نود أن نأخذك معنا للمقابر. قال مصطفي أنا جاهز من الصباح بدري وقفز في الصندوق الخلفي للعربة. تجمع بعض أهل القرية حول العربة وسألوا مصطفي يازول خير عربية البوليس دي خبرها شنو وسايقنك علي وين؟ همهم مصطفي بكلمات وأخبرهم أنه إجراء عادي وبسيط وسيعود. ولكن أهل القرية لم يقنعهم كلامه, وأخذوا يألفون وينسجون روايات متعددة حول أخذ البوليس له. أحدهم قال: أظنو مصطفي ده عاملوا عملة في الخليج وأهل الحق جابو أترو لاعن القرية. بينما أهل في هذا الحال, يعددون الروايات ويخترعون الحكايات, كانت عربية الشرطة اللاندروفر قد وصلت المقابر, وبدأ بالفعل العساكر في نبش قبر أميرة الجميلة. أخرجوا الجثمان, أميرة الأميرة النائمة, بل الأميرة المطعونة, تحولت بعد أيام من موتها إلي جسد متعفن, كل الموجودين حتى عشيقها مصطفي وضع يده في أنفه من شدة نفاذ الرائحة النتنة التي تنبعث من جسدها. كان مصطفي يبكي ويردد "لا حولة ولاقوة إلا بالله العلي العظيم", حتي وصلوا للمستشفي في طرف المدينة المجاورة. أخذوا الجثمان إلي المشرحة. دخل الظابط والطبيب الشرعي الغرفة المخصصة, بينما جلس مصطفي يحني رأسه فوق يديه في الممر الطويل أمام غرفة المشرحة, رائحة الممر وضوءه الخافت عالم بائس من الموت. هناك في آخر الممر أسرة صغيرة وجدت الشرطة جثمان إبنهم الغريق طافحا بالقرب من المعدية, حيث كانت تتراقص النخلات الباسقات , ويرقد القمر فوق صدر النهر, يالها من أسرة حزينة. بعد ساعتين من الإنتظار خرج الطبيب الشرعي ومعه الظابط. نهض مصطفي ونظر إليهم لعلهم يكذبون رواية وشكوك خالته حاجة الرضينة, وردد مرتبكا: خير ياجماعة..خير ياجماعة الحاصل شنو؟!. تقدم منه الطبيب الشرعي ومن خلفه الظابط, وضع الطبيب يده فوق كتف مصطفي, وقال له شكوكك في محلها, أميرة ماتت مقتولة بطعنة آلة حادة في الغالب تكون سكين أو خنجر في قلبها, أدت لوفاتها بصورة عاجلة, تصبب العرق في وجه مصطفي وبدأ كل جسمة يرتجف, ساعده الضابط حتي جلس, واصل الطبيب الشرعي, أيضاً الآلام التي كانت تعاني منها أميرة في بطنها حقيقة وهو ماذكرته لك أختك. والتشريح يا مصطفي أوضح لنا أن أميرة كانت بطنها منتفخة جداً, إنتفاخ يشبه الحالة التي تكون عليها الحامل, ولذلك قمنا بتشريح الرحم ولن نجد جنيناً أو أي آثار أخرى للحمل.. مصطفي متجهما يقاطعه, ولكن يادكتور كان ماحامل البطن النفخها شنو!؟ قال له الدكتور يا مصطفي يظهر جلياَ أن أميرة مطهرة ومختونة ختان فرعوني, والمرأة التي ختنتها قطعت كل شئ, وجمعت الجانبين وأخاطتهما وتركت ثقباَ صغيراَ بحجم قشة الكبريت, وهذا الثقب الصغير أصبح المنفذ الوحيد للبول ودم وأوساخ الحيض, وبمرور الوقت تجمعت الأوساخ وتراكمت وسببت إلتهابات حادة كانت نتيجتها إنتفاخ بطن المسكينة أميرة والآلام الحادة التي تعاني منها. وقال الضابط يا مصطفي أنا متيقن أن أميرة عندما إنتفخت بطنها ظن أهلها أنها حامل بالحرام, ولذلك قتلوها حتى لاتجلب لهم العار. صرخ مصطفى , أبوها العمدة هو الذي قتلها لا أحد غيره, هذا المنعول كان ماكتلتو لحقتو ليها, أقترب منه الضابط والدكتور يهدون من غضبه والحالة الهستيرية التي تغمصته. أخذوه للعربة, الضابط ومعه ثلاثة عساكر واتجهوا صوب القرية, ومصطفي في حالة يرثى لها. توقفت العربة أمام منزل العمدة, وكذلك تجمع أهل القرية فهم في حالة من الشكوك والأقاويل منذ الصباح حينما أخذت عربية البوليس مصطفي. العمدة سمع صوت العربة وضجيج أهل القرية وخرج ليجد عربة الشرطة في الخارج, صار يحدث نفسه سراً, يبدو أن الأمر إنكشف, ولكنه تظاهر بالصمود مردداً: تفضلوا لاجوه, مرحب حبابكم. دخل الضابط والعساكر الثلاثة ومصطفي وبعض كبار القرية ديوان العمدة, إتفضلوا ياجماعة ياولد أضبح الخروف.قال الضابط أن لا وقت لهم للضيافة والذبائح و طلب من العمدة أن يجلس, وجلس إلي جواره, وقال له مباشرةً: نحن هنا ياالعمدة لأننا متهمنك بقتل بنتك أميرة. نهض العمدة وبغضب شديد رد عليه يازول هوي إنت بتقول في شنو!؟ ,أنا بتي ماتت بالملاريا, طلب منه الضابط الهدوء والجلوس فجلس, بدأ الضابط يحكي للعمدة كل ماحدث, ونبشهم للقبر, وتشريح جثة أميرة بواسطة الطبيب الشرعي, وأنهم وجدوها مطعونة بخنجر أو سكين في قلبها, وأن بطنها كانت منتفخة نتيجة لإلتهابات حادة سببها الختان الفرعوني, والثقب الصغير الذي بحجم قشة الكبير الذي منع خروج البول ودم الحيض والأوساخ. صاح العمدة يعني بنتي أميرة مــا كانت حامل؟ لا ياعمدة ما كانت حامل وإنت قتلتها ظلماًً وجهلاً. أجهش العمدة في البكاء مردداً قتلت بنتي البريئة بي يدي ديل..قتلت بنتي البريئة بي يدي ديل.. أخذه الضابط من يده معتقلاً إياه, والعمدة يردد علي الطلاق أنا جاهل وكتال كتلا وعلي الطلاق تاني مافي بت في بلدنا ده بنطهرها. هاهي عربة الشرطة تحمل العمدة وتتجه صوب المدينة المجاورة حيث نقطة البوليس.......
عبدالماجد فرح يوسف
|
|
|
|
|
|