نفحات من رحمة ماما أمريكا... إفادات أسير سوداني في جوانتنامو

Quote: مقدمة كان يبدو عليه الارهاق وهو يسرد قصته لـ" الراي العام" بمكتب منظمة العون المدني الدولية التي على رأسها الاستاذ النشط حسن المجمر،كان عادل يروي القصة من "ألف" المعاناة الى "ياء" الحرية والعودة الى البيت..عادل حسن الشاب الذى قضى أكثر من خمس سنوات في المعتقلات الباكستانية والامريكية،كانت تمر قاسية على شبابه وعلى صحته،خمس سنوات مزدحمة بالتفاصيل المثيرة، التي لم يجد عادل حمد عبد المطلب فرصة لسردها،فالضيوف لا تنقطع خطواتهم منذ عودته الفجرية،وأجهزة الاعلام تريد اختزال السنوات الخمس في مانشتات ملتهبة وعناوين ساخنة وتكتفي بذلك..عادل كان له مقدرة فائقة على التغلب على الارهاق،يبدو أنه اكتسبها من معتقلات غواتنامو،فهو رجل يتقن فن الابتسام ،ومهارة الاختزال الساخر،كنت في مرات أجد صعوبة في الامساك بضحكة مفاجئة،تخرجها مفارقة مذهلة يرويها عادل أثناء الحوار ويدعمها بابتسامة لاتخلو من مرارة..وكان في بعض المرات يفاجئني ذات الرجل بدموع تنهار أمامها مقاومته الصلدة، فأصبحت امام خيارين، اما اغلاق جهاز التسجيل أو مواصلة الحوار الى منتهى الوجع..! * أخ عادل السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه لماذا تم الاشتباه بك من قبل الامريكان في الاساس؟ - لا استطيع بالضبط معرفة السبب، هي احتمالات متعددة لكن لا تعرف ايها الارجح من الآخر ، في الفترة الاولى كان هناك افراد تسربوا من دول مختلفة الى باكستان وهم كانوا يعتقلونهم ويتابعونهم، ويبدو انهم كانوا مطلوبين من قبل المخابرات الامريكية، والتي قالت للباكستانيين انه تسرب اكثر من «490» شخصاً ارهابياً الى باكستان،ومن تم عليهم القبض أقل من ذلك بكثير، فما كان من الباكستانيين الا السعي لتكملة العدد،عبر حملات عشوائية تأخذ من طرف، والاحتمال الآخر وقد يكون هو السبب الاساسي، كانت لي مشاكل شخصية مع المسؤولين في الحكومة الباكستانية، طبعاً نحن نعمل في عمل اغاثي ، وفي الماضي كانت مفوضية شؤون اللاجئين هي التي تتبني العمل الاغاثي . مخيمات المهاجرين بعد (11 سبتمبر) جاءت مواد اغاثة كثيرة اليها، وانزلت في »كراتشي« بحاويات كثيرة مليئة بالمواد الغذائية واشياء قيمة، فطمعت فيها مفوضية شؤون اللاجئين الباكستانية، طلبوا أن نضع هذه الاشياء في مخازنهم ليتولوا توزيعها، ومن ثم يسربون بعضها للسوق لبيعها، ويجنون من ورائها ارباحاً طائلة، ونحن رفضنا ان يتسلموا هذه المواد وخضنا معهم حرباً ضروساً الى ان اخذناها منهم ووضعناها بمستودعاتنا واوصلناها بكل امانة للخميمات. وهذا اثار حفيظتهم وحقدوا علينا كثيراً جداً، وربما يكون هذا السبب دعاهم لان يشوا ويلصقوا بنا هذه الاتهامات المزيفة . فقد كنت اسكن مع اخ جزائري في البيت هجموا علينا بشراسة والقوا علينا القبض. * هل كان مستهدفاً هو ايضاً؟ - لا أدري، فقد كان يقيم اقامة رسمية ولديه حق لجوء، ولديه «كارت» الامم المتحدة وليس له علاقة بافغانستان ولم يزرها طوال السنوات الخمس الاخيرة. * هل كان يعمل في نفس المنظمة التي تعمل بها؟ -لا..هو كان لاجئاً سياسياً. ü هل هو سلفي ايضاً؟ = بشئ من الغضب= - لا ..هو ليس سلفياً ..وانا كذلك لست سلفياً.. ü وما دخل السلفية في الموضوع الآن؟. * لانهم - أقصد الامريكان - يعتقدون ان السلفيين يشكلون خطراً أكبر عليهم؟ -لا المسألة ليست مسألة متدين وسلفي، بل هي هل هذا الشخص مع القاعدة او طالبان؟، لان الشخص قد يكون متديناً وقد يكون سلفياً أو يكون حنفياً لكن ليست له علاقة بطالبان.. وهذا ليس له علاقة بالموضوع.. هـذا رجل مسلم وانا مسلم.. ومسلم هـذه فقط هي التي تكفي للاتهام..( انت نفسك لو كنت هناك لكانوا قبضوا عليك، لانهم قبضوا خمسة طيارين بعضهم لا يصلي، وهم سودانيون عاديون). *لماذا تحسست من الوصف بالسلفية؟ - لم أتحسس، ولكن أجبت على سؤالك. ü تحديداً "السودانيون" هل كان هناك استهداف لهم؟ - الاستهداف لكل العرب والمسلمين.. ،قد امسكوا بـ«ناس مخدرات» واكتشفوا أخيراً انهم ليسوا ارهابيين.. فاطمأنوا لذلك وأطلقوا سراحهم. = قالها بنصف ضحكة = ü ألم يكن لديك احساس قبل الاعتقال انك مستهدف من قبلهم؟ - علمت بالحملات العشوائية،و حاولت ان اتصل بمدير المنظمة التي أعمل بها حتى اتأكد من سلامة الوضع، المدير طمأنني بان »الموجة عدّت«،ولكن عندما حضرت كانت الموجة في استقبالي . ü اذن كان لديك شعور بالخطر؟ - طبعاً- كان لدي شعور بالخطر ،فأنا لا علاقة لي بالقاعدة ولا بالطالبان وليس لدي قناعاتهم ولا احمل افكارهم. ü طيب..لماذا الخوف والقلق؟ -كان مصدره تلك الحملات العشوائية التي تمت بعد سفري. ü هناك جانب غامض.. وهو انك كنت تدرس في قرى الفقراء بافغانستان وهذا....؟ =مقاطعة= - انا عملت في اكثر من وظيفة في باكستان.. عملت في التدريس في مخيمات المهاجرين وعملت.. ü =مقاطعة= ماذا كنت تدرس؟ - كنت ادرس اللغة العربية والتربية الاسلامية، وفي المراحل الابتدائية كنت ادرس حتى الرياضيات ، بعد ذلك اشتغلت بالادارة.. ü انت ذكرت في بعض التصريحات الصحفية انك كنت تنتمى للاخوان المسلمين؟ - صحيح ü ولماذا تركتهم؟ - طبعاً لكل شخص قناعاته.. انا دخلت بقناعات وخرجت بقناعات. نترك القناعات التي دخلت بها.. ü ماهي القناعات التي خرجت بها؟ - ( انا احتفظ بهذا الشيء لنفسي لانه ليس له علاقة بالموضوع الحاصل الآن). ü هل يمكن ان تكون خلفية انتمائك للاخوان المسلمين من الاسباب التي ادت الى اعتقالك ؟ - لا .. ليس لديها علاقة بذلك.. لان هناك اناساً من الاخوان ومن غير الاخوان، وهناك اناس لأنهم مجرد مسلمين فقط.. التهم ليس لها علاقة بالاخوان بل لها علاقة بالقاعدة وطالبان.. وفي اعتقالاتهم كلها يركزون على تهمتين اما انك مع القاعدة او انك مؤيد لطالبان. ü وانت في اول الامر كانوا يقربونك أكثر للقاعدة ام لطالبان؟ - انا طبعاً في الاول.. اتهموني بأني على علاقة بالقاعدة.. وبأن لدي علاقة مع طالبان وانني تدربت في معسكرات القاعدة، وذكروا لي معسكرات انا لا اعرف اصلاً اين هي، وقالوا ان لدي علاقة بمستشفى اسامة بن لادن، وانني كنت اعمل بالمستشفى. ü وهل اسامة بن لادن لديه علاقة بالمستشفى التي كنت تعمل بها؟ - هم قالوا ذلك..وانا لا اعرف هل لديه مستشفى ام لا.. ü هل حدث ان التقيت باسامة بن لادن في .... ؟ =مقاطعاً بسخرية= - (لا.. لم يحدث لي الشرف). حدثنا عن لحظة القبض عليك؟ - كانوا عدداً كبيراً من الجنود دخلوا على المنزل.. صحوت من النوم، ووجدتهم فجأة امامي وشهروا في وجهي السلاح (كلاشنكوف) وكانوا مدججين ويرتدون الواقي من الرصاص ،كانوا كأنهم في معركة ....وطبعاً قبل ذلك اقتحموا الطابق الارضي وكان الاخ الجزائري في غرفة نومه مع زوجته، فدخلوا عليه في غرفة نومه، وبعضهم صعدوا الى فوق وعندها دخلوا مباشرة الى غرفة نومي، وانا فوجئت بهم يصدرون الاوامر، ارفع يديك.. لا تتكلم.. لا تتحرك؟ قلت لهم: من انتم وماذا تريدون؟ قالوا نحن... ü باية لغة تحدثوا اليك؟ - بالبشتون و بالانجليزية ايضاً.. وكان معهم رجل امريكي .. لست ادري ربما اوربي هو طويل القامة.. اخضر العينين ..ابيض البشرة.. ويتحدث اللغة العربية ،لانه بعد ذلك سألني بالعربية ايضاً وقال لي: انت جئت من السفر قبل يومين؟ قلت له: نعم بعدها نظر الى »الفيزا«، الباكستانيون قالوا له: هذا الرجل لديه اقامة لمدة سنتين فهل نعتقله ،قال: نعم اعتقلوه. كرروا السؤال للمرة الثانية: ياسيدي.. هذا الرجل لديه اقامة يعني رجل رسمي هل نعتقله؟ والامريكي كان يرد :نعم...بعدها ربطوني ووضعوا على رأسي غطاء أسود. ü هل استخدموا معك العنف في تلك اللحظة؟ - لا ..انا اصلاً لم اقم باي تحرك لانهم كانوا يشهرون اسلحتهم في وجهي واي تحرك كان يمكن ان يحدث اي شيء.. وهم كانوا خائفين حتى انهم بحثوا في كل ارجاء المنزل. ü هل اخذت مباشرة الى المعتقل؟ - ذهبوا بي طبعاً الى سجن تابع لهم.. » لا اعرف اين هو وفي اي موقع لكنه كان في مدينة »بيشاور« عرفت ذلك بالطقس، وسجنت هناك ستة اشهر وخمسة عشر يوماً. ü صف لنا السجن؟ -السجن طبعاً كان عبارة عن زنزانة انفرادية ضيقة، لها كوّة صغيرة فوق، تدخل له عبر باب من حديد.. البوابة صغيرة الحجم.. تسمح بالكاد بأن تنام عليها، بها فرش قديم متسخ تنبعث منه رائحة لا تطاق...لاتزال آثارها في أنفي. ü الحرس أكان امريكياً أم باكستانياً؟ -باكستاني. ü حققوا معك؟ - حققوا معنا مرة واحدة عندما جئنا ..هو ليس تحقيقاً،بل مجرد اسئلة تقليدية ..اسمك- جنسيتك- جوازك- واين تعمل؟ ولم يوجهوا الى ايّة تهمة. بعدها اخذوا البصمات والتقطوا صوراً من اتجاهات مختلفة. ü كيف كان تعامل الباكستانيين معك؟ - طبعاً كان سيئاً جداً.. كان اسلوبهم فظاً. وايضاً التعامل كان سيئاً جداً .. جداً، وكان لدينا غيار واحد، وطلبنا غياراً آخر وقلنا لهم: اذا كنتم لاتريدون اعطاءه لنا احضروه لنا من المنزل.. لكنهم رفضوا.. وبقينا بهذه الحالة ستة اشهر كاملة. ü هل كنتم تلتقون كمعتقلين؟ - لا..كل واحد كان في غرفة ..وكانت هناك اربعة »زنازين« أو خمسة تقريباً ، لا.. يفتحون لك الباب سوى ثلاث مرات في اليوم، الصباح الباكر والظهر والمساء ويعطوك ماء قليل، ولذلك كنا لا نشرب ماءحتى لا نذهب للحمام. ü ألم يسجل الامريكان اية زيارة لكم خلال الأشهر الستة؟ - لا..لكن بعد الاشهر الستة والخمسة عشر يوماً مباشرة نقلوني الى مطار »بيشاور« ونقلونا منها الى قاعدة بغرام .. ü احك لنا عن يومك الاول في القاعدة؟ -تم نقلي.. بعد المغرب مباشرة جاءوا بسلاسل ومعها «طبلة» فليس لديهم سلاسل حديثة، ويضعون يديك الخلف ويربطونها بهذه «الطبلة» وبعدها ينزلون السلاسل للارجل لتمشي بصعوبة، بعدها حملونا في سيارة »بك آب« الى مطار بيشاور، وبعدها استقبلنا الامريكان وفكوا هذه«الطبلة» وربطوا لنا قيود لم تكن غليظة كالطبل، ولكنها كانت ذات قبضة قاسية، وعصبوا اعيننا ووضعونا في طائرة شحن الى «بغرام». ü هل كانت اعينكم معصوبة طوال الرحلة؟ - طبعاً اعيننا معصوبة وآذاننا مغلقة وايادينا وارجلنا في الاغلال. ü ألم يكن هناك حديث معكم داخل الطائرة؟ - لا لم يكن هناك كلام..وكانت ايادينا »تنمل« من شدة ضغط السلاسل. احساسك بالرحلة كانت حوالى كم من الزمن؟ - لم تكن اكثر من «ساعة الا ربعاً» لان بيشاور بغرام كابول ليست مسافة طويلة. في المطار لديهم قاعدة عسكرية وهى السجن نفسه، وبقينا هناك شهرين في »بغرام« فيها معاناة شديدة، هناك معاملة سيئة وانتهاكات، وفوضى يفعلون بك مايريدون. ü كل الحرس كانوا امريكان؟ - طبعاً ..كانوا امريكان. ü قلت مظاهر "فوضى" ..ماذا تقصد؟ - الفوضى كانت في الاستقبال بالضرب والركل والكلاب البوليسية منذ اليوم الاول، والتعرية التامة، »والتسهير« ثلاث ليال ونحن ممنوعون من النوم، والجلوس واسلوب التحقيق كان قاسياً. ü كيف كان اسلوب التحقيق؟ - كان عبرالتهديد والوعيد(اما ان تتكلم او نفعل بك اي شيء).ويمكن ان تتصور ماذا كانوا يقصدون من (اي شئ هذه). ü بم كانوا يهددونكم؟ - هناك من هددوهم بالكلام.. وبعضهم بالفعل؟ ü وانت ماذا فعلوا معك؟ - كانوا يتركونني اسهر واقفاً ثلاث ليال لا انام..وعندما يأخذونك الى التحقيق عليك ان تركض و مع السلاسل تتقرح الارجل والايدي... وعندما يجلسونك في المقعد - لانك مغمض العينين- يرمونك رمياً، يعيدونك الى الزنزانة ويرمونك رمياً ايضاً.. و... = صمت لفترة= ü التحقيق كله كان باللغة الانجليزية؟ - كان يتحدثون باللغة العربية. هل احسست انهم يمكن ان يكونوا عرباً؟ - لا هم امريكان، لكنهم يتحدثون العربية. وكيف أيقنت انهم امريكان؟ -من لهجتهم ...هي واضحة من مخارج الحروف. ü على ماذا ركزوا معك في الجلسة الاولى؟ - يبدو كانت لديهم تقارير باكستانية تقول انني شخص خطير- وهم كانوا يسألونني: هل تدربت في معسكر كذا؟ وهل اوصلت الى اسامة بن لادن طبيباً جراحاً، انت ذهبت الى الصين هل عقدت صفقات اسلحة للقاعدة؟، وانت ذهبت الى السودان هل قمت بعقد صفقات اسلحة مع تاجر كبير.. وكله «كلام فاضي في فاضي«. ü وانت ألم تذهب للصين نهائياً؟ - انا ذهبت الى الصين في مهمة تجارية، وقلت لهم ذلك، فقالوا لي لا انت ذهبت من اجل صفقة اسلحة، وكذلك جئت الى السودان في مهمة تجارية، وقالوا لي: لا انت ذهبت الى السودان وعقدت صفقة اسلحة، فقلت لهم: كيف اجلب اسلحة من السودان والاسلحة على مرمى حجر في باكستان. ü الى اي مدى احسست من التحقيق معك ان لديهم معلومات حقيقية عن تحركاتك وعنك؟ - (ما فاهم سؤالك؟) * أقصد كم نسبة الحقيقة في ما يقولون؟ -(ليس هناك شيء حقيقي اصلاً قالوه.. كله كذب في كذب.. لذلك انا كنت أنفي ما يقولون). ü سفرك للصين أكان حقيقة؟ - هم عرفوا ذلك من الجواز والتأشيرات التي عليه ،هم يبنون اسئلتهم على الجواز ..والسودان هم يعلمون انني جئت منه. قالوا لي ان لديهم ملفات ومستندات تبين علاقتي بالقاعدة ، وفي المستندات احضروا لي بطاقة تاجر في الخرطوم اشتريت منه بضاعة ولا اعرفه اصلاً.. فقالوا لي: هذا تاجر اسلحة ..فقلت لهم: هذا ليس تاجر اسلحة وانا اشتريت منه شيئاً عادياً، ومظهره نفسه لا يدل على انه تاجر اسلحة فليس لديه دكان فخم ولا سيارة فخمة، وهورجل بسيط. ü من اين تحصلوا على البطاقة؟ - كانت في جيبي في محفظتي عندما جئت عائداً من السودان.. عرضوا علي صورة ثم قالوا لي: هذا الشخص الخطير هل تعرفه؟ فقلت لهم: من هو هذا الشخص.. ؟ قالوا لي لاتلمس أنظر فقط.. قالوا:هذه المستندات تنظر اليها بعينيك فقط.. وعرضوا على صورة والدي «رحمة الله عليه» ..قلت لهم: هذا والدي »رحمة الله عليه« فكيف تقولون هذا شخص خطير وهو في القبر؟ ... فقد كانت صورته في محفظتي ايضاً..بعدها قالوا لي: هذه الخارطة خارطة خطيرة، انت كنت تريد تدمير مبنى او شئ ما.. فقلت لهم: واين هذه الخارطة؟.. وعرضوها علي »وكانت هى خارطة البيت الذي كنت افكر في بنائه بالخرطوم بحري.. وقلت لهم: اقلبوا الصفحة ستجدون فيها »السيخ والاسمنت« وهذه خارطة بيتي. ..هل يمكن ان اخطط لتدمير بيتي،قبل ان أشيده ..؟! ü كيف كان رد فعلهم وانت تواجههم بهذه الاشياء؟ - كانوا يندهشون طبعاً..لانهم كانوا يتوقعون ان تثبت هذه الاشياء علي تهمة الارهاب والباكستانيون جمعوا هذه الاشياء ورسموا بها خطة «قد يكون هكذا..حقيقة انا لا اعرف ما حدث بالضبط». ü طوال هذه الفترة لم تتحدثوا كمعتقلين مع بعضكم البعض؟ - بعد الفترة الاولى وهي اسبوعان، ذهبوا بنا الى مكان عام وفيه يجلس الجميع مع بعض لكن ممنوع فيه الكلام، ممنوع فيه الصلاة جماعة، وممنوع فيه الاذان وممنوع فيه الوقوف الا للصلاة. والصلاة لوحدك وفيه قوانين وعقوبات صارمة، فكنا «صماً بكماً» لا احد يتكلم.. لا أحد ولايسمع الا الاهانات.. ü كيف كانت العقوبات؟ -يربطون يديك مرفوعتين على الحديد لساعات طوال، ويتركونك تقف ساعات طوالاً.. وهكذا. ü هل كان هناك فحص طبي لكم اثناء التعذيب؟ -اثناء التعذيب لا... لكن انا فحصوني مرتين أو ثلاثاً لاني كنت مريضاً وكنت اعاني من ضعف ونقص وزن حاد، وذلك من شدة الارهاق والجهد الذي عانيته فقد كان يغمي علي..وهم كانوا يقومون بالفحص من فترة الى اخرى. ü أهم المواقف في »بغرام« قبل الانتقال لغواتنامو؟ - في «بغرام» رأيت رجلاً افغانياً محمولاً على نقالة وكان وضعه الصحي سيء جداً، وكنت اذهب اليه احياناً وانظف اوساخه- والجنود هم الذين كلفوني بذلك ،ولو لم يكلفوني لما كنت رأيته لانه كان في مكان انفرادي..وكان على وشك ان يموت..»ولا ادري ان كان قد مات او لا يزال على قيد الحياة« ومن المواقف الاخرى رأيت طفلاً صغيراً عمره تسع سنوات مسجوناً فاندهشت وقال لي: »ياعمي انت تتكلم بشتون؟« قلت له:نعم .وتحدثت معه بلغة البشتون.. ü معتقل هو نفسه؟ - ...معتقل..واحياناً كان يصيح: »اريد ان اخرج... اريد ان اخرج »ليش تحبسونني؟« لم يكن هناك احد يرحمه، وعندما يذهب للحمام يذهب معه جنديان ضخمان..ونحن كنا نضحك من هذا المنظر، وكان يتصرف تصرفات طفولية فعلاً.. يرفع عصابة العين وهم يضربونه على رأسه وينزلونها مرة اخرى.. وهو يضحك معتقداً ان الامر مزاح.. وكانت هناك جندية دائماً ما تلاعبه عندما تأتي- كانت تعطف عليه- كانت تخرجه وتدور به وهو يفرح ويضحك .هل تصدق لقد نقلوه معنا الى «غوانتنامو». ü كيف كانت علاقتكم بالجنود بعيدا عن التحقيق وبعيداً عن العقاب.. ü هل كانوا يحاولون الحديث معكم؟ - الجنود كانوا اذا وجدوا من يعرف قليلاً من الانجليزية كانوا يتحدثون معه فانا كنت اترجم للافغان.. ü عن ماذا كانوا يسألون؟ - يسألونك من اين انت؟ ..وطبعاً هم ايضاً موجهون من قبل المحققين حتى ينقلوا ما نقول، فيسألونك كيف امسكوا بك؟ ولماذا؟ وهل تعرف اسامة بن لادن؟ وهل انت من القاعدة؟. ü ما الفرق بين تعامل الحراس من النساء والرجال؟ - النساء بعضهن لديهن رحمة وعطف اكثر من الرجال ويتعاملن معنا برحمة، وكن اذا رأين بعض اساليب التعذيب التي تمارس ضدنا يحزنّ. نواصل في الحلقة القادمة: *كيف ولماذا تمت عمليات الانتحار في غوانتنامو؟ *كيف كانت تصلهم أخبار السودان؟ *ماذا حدث عندما علم عادل ان جون قرنق قد أصبح نائب لرئيس الجمهورية؟ *كيف كان يتم الاحتجاج على العقوبات؟ *ماذا يحدث اذا بصق أحد في وجه جندي أمريكي؟