كنت في السودان (1)

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 06:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-06-2007, 12:14 PM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كنت في السودان (1)

    كنت في السودان (1)

    أ.د مختار الأصم
    صحيفه الصحافه
    صدر من دار الثقافة العامة بالقاهرة كتيب لمؤلفه محمد صبيح في يوليو 1946 أي قبل أكثر من ستين عاماً. طبع الكتيب والذي جاء في (160) صفحة من الحجم الصغير بمطبعة الرغائب بالقاهرة.
    والأستاذ محمد صبيح هو سكرتير حزب مصر الفتاة في ذلك الوقت. وهو يقص في مقدمة كتابه المعاناة التي لاقاها كمصري لزيارة السودان الذي كان يرزح تحت قبضة المستعمر البريطاني.
    وسيجد القارئ في هذا الكتاب وصفاً لجنوب السودان وقبائله كتب من وجهة نظر مصري حادب على وحدة النيل ويحمّل الكاتب البريطانيين مسؤولية التخلّف في جنوب السودان وشماله؛ يوضح رأي الكاتب في سياسة بريطانيا الخاصة بالمناطق المقفولة. وانبّه القارئ الكريم بأنني لم أنقّح لغة الكتاب فهو يتحدّث عن الزنوج والتخلّف والعري بدون تحفظ.
    وقبل أن آخذ القارئ معي في سياحة في هذا الكتيب أعرض على القارئ السودان في عام 1946 كما رآه الكاتب:
    * «ورد في بعض المراجع القديمة أن لقمان الحكيم كان سودانياً من سودان مصر، لأنه كان أسود اللون.
    * عندما قام جلالة الملك فاروق برحلته البحرية المشهورة في البحر الأحمر في أواخر العام الماضي، مرّ يخته الملكي أمام بورسودان، وتريّث قليلاً أمام الميناء. ووصل الخبر إلى المسؤولين الإنجليز في حكومة السودان أثناء السهرة، فانزعجوا كثيراً لأنه ليست لديهم أي خطة أو تعليمات عن الطريقة التي يستقبلون بها جلالة الملك فيما لو نزل جلالته في الميناء السوداني. أما أهل السودان فقد استطاروا فرحاً ولا يزال سوادهم ينتظر زيارة مفاجئة لجلالة الملك فاروق.
    * الملابس الرسمية الصيفية في السودان هي «بذلة» من التيل الأبيض العادي، وحزام أسود عرضه (20) سم يشد على البطن فوق القميص الأبيض.
    * في آخر شهر أبريل الماضي سلّمت للسيد عبدالرحمن المهدي باشا مفاتيح قبة المهدي التي هدمها كتشنر في معركة أم درمان، وصرّح للابن بإعادة بناء قبة أبيه.
    ** ينطق السودانيون حرف «القاف» و «الجيم» مثل نطق أهل صعيد مصر لهذين الحرفين. وأكثر الألفاظ تردداً على ألسنتهم «شنو» و«زول»، والأولى بمعنى ماذا أو ايه، والثانية بمعنى «رجل». أما «كيفنك» فمعناها كيف أنت؟ وهذه اللهجة العامية أخف كثيراً على الآذان من اللهجة العامية العراقية.
    * كشفت الصناعات الكيماوية الامبراطورية مزايا جديدة عديدة للقطن في أثناء الحرب لصنع البالونات وقوارب المطاط والجبردين الذي يستعمله رجال الطائرات، والمظلات الواقية (بدلاً من الحرير الخالص )، وأغطية خاصة تقي هياكل الطائرات من الداخل والخارج، والغلاف العازل للأسلاك الكهربائية، وأشرطة آلات الكتابة.. وهذا غير الملابس العادية.
    * حددت حكومة السودان سعر قنطار القطن السوداني بـ(450) قرشاً، وكان يساوي في السوق الحرة نحو عشرة جنيهات. وسلمته احتكاراً للشركة التجارية البريطانية. ويقدّرون خسارة السودان المالية -أي المزارعين السودانيين- نتيجة هذا الاحتكار بنحو ستين مليوناً من الجنيهات طول مدة الحرب.
    * منحت حكومة انجلترا للسودان هبة قدرها مليوني جنيه ويقول السودانيون إنها لا تعوّض خسارة القطن في عام واحد من أعوام الحرب.
    * استدانت حكومة السودان من انجلترا في السنوات الخمسين الماضية سبعة عشر مليوناً ونصف المليون من الجنيهات، تدفع عنها فوائد تتراوح بين خمسة ونصف في المائة وثلاثة وربع في المائة. وسدد نحو نصف هذا الدين.
    * واستدانت حكومة السودان من مصر خمسة ملايين من الجنيهات لم تدفع عنها فائدة، ويبدأ تسديدها من عام 1949، أي بعد خمسين سنة من الحصول على هذه السلفية، ولو كانت مصر تحصل فائدة أربعة في المائة فقط عن هذا الدين لوصلت الأرباح الآن إلى (10) ملايين جنيه دون أن يمس الأصل!
    * أثارت زوجة الحاكم العام الليدي هدلستون حملة كبيرة على عادة الخفاض الفرعوني المنتشرة في السودان. وأقرت حكومة السودان تشريعاً قاسياً لمنعها تصل عقوبته إلى سبع سنوات من السجن غير الغرامة. وتستهل المادة الأولى من هذا القانون هكذا:
    «كل من سبب الأذى عمداً لأعضاء المرأة التناسلية الخارجية يرتكب جريمة الخفاض غير المشروع...».
    والخفاض هو نوع من الطهارة للنساء، كثيراً ما يسبب أمراضاً وأحياناً الوفاة للفتيات. وهو شائع أيضا في صعيد مصر.
    * في شهر أبريل الماضي هجم بعض جنود جنوب أفريقيا الموجودين في الخرطوم على تمثال غردون وصعدوا فوق قاعدته وحاولوا تحطيمه، ولما تنبّه لهم البوليس فروا هاربين بسيارة عسكرية.
    * لا يكاد الداخل إلى مكاتب موظفي حكومة السودان يسمع صوتاً لفرط السكون. وتدار الإدارة الحكومية بمنتهى الإحكام، ويندر أن يتأخر الرد على رسالة تصل إلى جهة رسمية إلى اليوم التالي وإذا حدث تأخير أرسل الرد في صباح اليوم التالي مع الاعتذار؛ ويشتغل عدد كبير من موظفي حكومة السودان في الترجمة من العربية إلى الإنجليزية وبالعكس.
    * يبيع مكتب الصحافة الملحق بالسكرتير الإداري كتاباً قديماً للورد كرومر عن مزايا الاستعمار وفوائده.
    * ألّف مستر تشرشل كتاباً من أبدع كتبه عن فتح السودان أسماه «حرب النهر» لأنه اشترك في الحملة
                  

12-06-2007, 12:16 PM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كنت في السودان (1) (Re: خليل عيسى خليل)

    كنت في السودان (2)

    كتب سكرتير حزب مصر الفتاة في عام 1946 السودان في سطور وجاء فيه:
    **** أحيت حكومة السودان قرى زنجية بجوار المدن التي لها دلالة قوية في التاريخ المصري السوداني، فظهرت هذه القرى واندثرت أو كادت تلك المدن التاريخية.. مثل فشودة والتوفيقية والإسماعيلية.
    **** تبلغ مساحة الأرض الصالحة للزراعة في الجزيرة (ما بين النيلين الأزرق والأبيض) نحو خمسة ملايين من الأفدنة، ويصلح خزان سنار والقنوات التي شقت حتى الآن لري مليون واحد. وقد أنهت حكومة السودان عقد شركة الجزيرة فلم تجدده بعد عام 1950، ولا يزال عدم تجديد الامتياز لهذه الشركة الإنجليزية سراً غامضاً على أدق المراقبين.
    **** يقول كتاب جماعة «الفابيان» الذي صدر عن السودان: إن مشروع الجزيرة من أعظم المشروعات الزراعية اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً التي أنشئت خارج روسيا السوفيتية!
    **** يبلغ عدد الموظفين الإنجليز في حكومة السودان حتى منتصف العام الماضي (780) موظفاً. وقد هددوا جميعاً بالاستقالة مرتين: مرة عندما النحاس باشا يفاوض مستر هندرسون عام 1030 ومال مستر هندرسون إلى تلبية المطالب المصرية. وقد أدت إلى عدول مستر هندرسون عن خطته وبذا قطعت المفاوضات.. والمرة الثانية في أبريل الماضي عندما بدئ في المفاوضات المصرية البريطانية وقيل إن مركز السودان سيتغير، ولم يعرف بعد مصير هذه المناورة الجديدة.
    **** عدد الموظفين السودانيين (4118) موظفاً وعدد السوريين وغيرهم (42) وترفض حكومة السودان بشدة أن تذكر مقدار المرتبات التي تستولي عليها كل جنسية من جنسيات الموظفين.
    **** يتعلّم في مصر عدد كبير من السودانيين ونسبة العائدين منهم إلى السودان نحو (1%) والباقون يعيشون ويعملون في مصر بعد تخرجهم. وذلك لأن حكومة السودان لا تسهل توظيف المتعلمين في مصر. كما تعتذر عن تلبية معظم طلبات الذين يريدون مزاولة أعمال حرة. وذلك لأنه لا يزاولون في السودان عملا حرا إلا بترخيص.
    **** نسبة الأمية في السودان تصل إلى (99%) وربما زادت.
    **** عدد سكان السودان ستة ملايين ونصف المليون.
    **** مرتب الحاكم العام للسودان (5.000) جنيه في السنة. وهو يقيم في قصر فخم يسمى «السراي» أنشئ مكان البيت الذي قتل فيه غردون.
    **** الصحف اليومية في السودان هي (النيل) و(الرأي العام) و(صوت السودان) و(الأمة) و(سودان ستار) التي تصدر بالإنجليزية. وأول صحف السودان توزيعاً تبيع (2400) نسخة يومياً . (أول صحيفة عراقية يومية توزع (1500) نسخة وأول صحيفة مصرية يومية توزع (120) ألف نسخة).
    **** وصحف السودان الأسبوعية هي المؤتمر والسودان الجديد والحادي وتصدر بالعربية والأخبار وتصدر بالعربية والانجليزية.
    **** أجرة المكالمة التليفونية بين القاهرة والخرطوم (750) مليماً.
    **** أجور السفر من القاهرة إلى الشلال هي:
    مليم جنيه
    195 6 في الدرجة الأولى
    975 2 في الدرجة الثانية
    490 1 في الدرجة الثالثة
    وأجور السفر بالباخرة والسكة الحديد إلى الخرطوم هي:
    مليم جنيه
    480 11 في الدرجة الأولى
    920 5 في الدرجة الثانية
    960 2 في الدرجة الثالثة
    وتوجد في السكة الحديد السودان درجة رابعة.
    وأجر عربة النوم على خط مصر جنيهان وقروش.. وعلى خط السودان جنيهان كذلك.
    **** تمر الباخرة في طريقها إلى حلفا بمعبد أبي سمبل» المشهور وقد زاره وزير المعارف أثناء ذهابه للسودان واعترض الحارس سبيله لأنه لم يصدق أن وزيراً مصرياً يأتي إلى هذا المكان!
    **** نشأت الحركة الانفصالية في السودان عقب سنة 1924 عندما قدم بعض شباب السودان -الذي اشترك في الحركة- هارباً من ظلم الحكومة، وكان على رأسهم عرفات محمد عبد الله. وقد قوبلوا في مصر اسوأ مقابلة وأوصد زعماء مصر الشعبيين دونهم الأبواب حتى اضطروا إلى خطف الخبز من الخباز واشتغل عرفات عاملاً في مناجم الفوسفات، ولما عفت عنه حكومة السودان عاد ينشد الشعر في ذم مصر.
    **** تضع مصلحة السكة الحديد في السودان إعلاناً تحذر فيه الركاب من تشجيع التسول وتختمه بقولها: وزيادة على ذلك فان المسافرين الذين يرون السودانيين يتسولون في محطات السكة الحديد سوف يتخيلون أن السودان أمة من الشحاذين وبناء على ذلك سينظرون إلى السودانيين بعين الاحتقار!
    **** توجد في قرية «بخت الرضا» أكبر مدرسة لتجارب التربية والتعليم، وهي من ضواحي الدويم على النيل الأبيض. وتلاميذ هذا المعهد يلبسون الجلباب الأبيض والعمامة، وبعضهم يذهبون إلى الفصول حفاة. وقد سألت في هذا فقيل إن إدارة المعهد ترعى الأوضاع القومية!
    **** أرض النيل الأبيض أعلى كثيراً من ارض النهر حتى بعد إنشاء خزان جبل الأولياء. ولهذا لا تروى الأرض المنزوعة إلا بالروافع الميكانيكية التي تسحب من ماء النهر.
    **** توجد في السودان (14) مدرسة مصرية قبطية تدخل تدريجياً تحت تفتيش وزارة المعارف المصرية. و(90%) من تلاميذ هذه المدارس مسلمون سودانيون.
    **** حولت حكومة السودان مكتبها في لندن إلى وكالة شبيهة بوكالتها في مصر. ويشغل المناصب الرئيسية عدد من الإنجليز منهم مديرون ومهندسون وأطباء... إلخ.
    **** بلغ مقدار المبالغ التي اختلسها ثلاثة من الموظفين الإنجليز وبعض الهنود عن طريق الرشوة في أعمال التموين ربع مليون جنيه، وقد أدين الجميع وسجنوا، ومن حسن الحظ أن التهمة لم توجه لسوداني واحد في هذه القضية التي تعد أهم قضايا السودان الجنائية مدة الحرب.
    **** إلى جانب الأشعار التي يهجو بها بعض السودانيين مصر، يوجد شعراء مجيدون، يترعون شوقاً إلى مصر وحنيناً.. ولكنهم لا يجرؤون على نشر أشعارهم. ومن هذا قول أحدهم:
    فمصر اليوم كهف الرجاء لنا وهي المرضع الحانية
    لها ولأبنائها الأكرمين أياد بنا بره آسية
    **** ويأبى الشعر السوداني أيضاً إلا أن يسجل مقته للانفصاليين قال أحدهم:
    قد كان لي في اصغريك هوى
    فلم عبثت بطهرها بنان السارق
    سحقاً له ما رأى قط جميلة
    إلا تخطفها اختطاف الباشق
    يا طالب الرزق أنشد مستيقناً
    إن الذي سواك أكرم رازق
                  

12-07-2007, 10:01 AM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كنت في السودان (1) (Re: خليل عيسى خليل)

    كتاب كنت فى السودان يستحق القراءة لكى نفهم كيف كانت النخب المصريه تنظر للسودان والسودانيين وخاصه فى فترة الحكم الثنائى !!
    ويبدوا ان الصحفى الذى نقل الموضوع تجنب الخوض فى بعض المواضيع التى تناولها الكتاب ارجوا من الذين يملكون نسخه من كتاب( كنت فى السودان ) تزويدنا بمعلومات عن الجوانب التى كتبها المؤلف حتى تكتمل الصوره !!
    ورغم تحفظ الصحفى الا ان البسيط الذى نقله غنى بالكثير من المعلومات والحوادث التى تصور لنا طبيعه الحياه فى سودان القرن الماضى
                  

12-12-2007, 04:38 PM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كنت في السودان (1) (Re: خليل عيسى خليل)

    [size=5][color=#FF0000]كنت في السودان1946م «3»
    أ. د. مختار الأصم
    [email protected]
    لقد تكبد صاحب مصر الفتاة عنتاً شديداً في الحصول على تأشيرة ليدخل بها السودان، كانت بريطانيا فزعة من مسألة وحدة وادي النيل والتي كان صاحب مصر الفتاة أحد دعاتها الأقوياء. فلم يكن غريباً أن تعمل السلطات البريطانية على محاربة وصوله للسودان. وهو هنا يحكي قصة معاناته بصفته مصرياً في الحصول على مقعد في المواصلات للسودان.
    # وكنت قلت في كتاب «النيل» قبل ستة أشهر، إن معاهدة سنة 1936م، تعطي المصريين- كل مصري ومصرية- حق الرحلة، بل الهجرة إلى السودان، وعتبت على هؤلاء الذين يزعمون أن هناك عوائق تحول دون سفرهم، متخذين من هذا الوهم حجة يسترون بها كسلهم وفتور همتهم.
    # ذهبت إلى وكيل حكومة السودان، وتركت اسمي عن أحد موظفيه ليحجز لي مكاناً في أولى باخرة أو طائرة تذهب إلى الخرطوم، وتجاهلت بقية البيانات الموجودة في الورقة الطويلة التي قدمت لي وطبع عليها «تصريح سفر» لأني كما قلت لكم قرأت المعاهدات وكتبت عنها..!! ثم قابلت الوكيل، وهو انجليزي يمتاز بذكاء غير عادي، ونظرة نافذة يكتسبها الانجليز خارج جزرهم من طول عملهم في المستعمرات.. قلت له أنا «فلان» وأريد السفر إلى الخرطوم بصفتي الصحفية ... فاحجزوا لي مكاناً في باخرة الأسبوع المقبل أو طائرة هذا الأسبوع..!!
    - ألست السكرتير السابق لحزب مصر الفتاة؟
    - نعم..!!
    - إذن يحتاج «حجز المكان» إلى الرجوع للمستر «بِني»، فلدينا تعليمات قديمة بخصوص هذا الحزب تحتاج إلى تنقيح. وبعد أسبوع سأدق لك تليفوناً.
    # ولست أعلم بماذا أجاب المستر «بِني»، الذي قيل لي إنه يشغل منصباً في حكومة السودان يشبه منصب مدير الأمن العام عندنا. ولكن وكيل حكومة السودان أخبرني في الموعد المحدد أن الأماكن في البواخر والطائرات مزدحمة جداً، وانه في خلال شهر سيراجع المستر «بِني» مرة أخرى لتسهيل مهمة رجال الصحافة..!!
    # إذن فقد كان صواباً ما قيل من أن سيطرة حكومة السودان على وسائل السفر بين الشلال وحلفا، وهي منطقة مصرية صميمة .. هي بلاد النوبة العزيزة علينا، تتخذ ذريعة للحد من حرية المصريين المسافرين إلى السودان. وحميت وغضبت أشد الغضب.. فما يلام أحد في هذا التصرف غير حكومة مصر التي أهملت قراءة المعاهدات وتنفيذها. وغير وزارة المواصلات التي لم تمد الخط الحديدي بين الشلال وحلفا، بل لم تسير باخرة أو باخرتين في مياه النيل المصرية، وتركت وسيلة المواصلات الوحيدة بين شطري الوادي في أيدي حكومة السودان، مع أن تشغيل بعض بواخر الأشغال، أو شراء بعض بواخر «كوك» لن تقصم ظهر الميزانية المصرية، بل ربما عاد عليها بربح وفير.
    # وعلمت بعد هذا أن أسطورة «الأماكن المشغولة» لا تقال لي وحدي، ولكنها قيلت لموظف مصري كبير، وهو محمود بك زكي الخبير الاقتصادي السابق في السودان، وتأكدت أن الرد التقليدي بعدم وجود أماكن في البواخر أو الطائرات البريطانية هو أسلوب انجليزي مؤدب، يؤجل أو يرفض به سفر بعض المصريين إلى السودان.
    # ولكني علمت أيضاً أن المصري الوطني الأستاذ محمد محمود جلال بك يسافر كل عام إلى السودان في الوقت الذي يحدده، ودون أن يقوم بأي إجراء من الإجراءات التي تطلب منه، تمسكاً منه بحق الرحلة، وذلك لأن حكومة السودان تعلم أنها إذا تذرعت بعدم وجود أماكن في بواخرها، فانه يستطيع أن يسافر بطائرة مصرية خاصة.
    # إذن فالرحلة إلى السودان لمثلي تحتاج إلى كفاح. ولن أتردد في إثارة هذا الموضوع على أوسع نطاق، وقد بدأت هذا الكفاح. ولكن أغناني عنه أن أعلن وزير المعارف السابق السنهوري باشا، أنه سيسافر إلى السودان لافتتاح المدارس المصرية هناك، فرجوته أن أكون من أفراد بعثته، وتفضل فقبل، وبهذا أراح قراء الصحف من صداع كان سيتصل، ما اتصلت إجابة «الأماكن المشغولة» رداً على طلب سفري إلى السودان.
    # وإذن فهناك أشواك توضع أمام المسافرين، ولكنها أشواك أحيطت بغطاء حريري من الظروف القاهرة، وهي قلة وسائل النقل. وقد نسجت هذا الغطاء وزارة المواصلات المصرية، وقدمته من عندها هدية لحكومة السودان. وربما تعاونت شركت مصر للطيران مع وزارة مواصلاتنا في هذا الجهد، من اليوم الذي أوقفت فيه رحلة طائراتها بين القاهرة والخرطوم.
    #وقد سمعت أن وزير المواصلات الحالي- حفني محمود باشا- سيعمل ما يستطاع، وما لا يستطاع، لمد الخط الحديدي بين أسوان وحلفا. وأرجو أن يكون ما سمعت صحيحاً، إذن يستطيع حفني باشا، أو الوزير الذي ينفذ هذا المشروع، أن ينام ملء جفنيه بقية حياته السياسية. فإنه سيعمل عملاً عظيماً لن ينساه له الناس، ما عاش على ضفتي النيل ناس.
    # ولم أتردد عندما وصلت إلى الخرطوم في أن أثير مع الموظفين الانجليز المسؤولين هناك قصة السفر إلى السودان. وقد أجابني المسؤولون بأنه لا عقبات توضع في طريق أي مصري، ما لم يكن مصاباً بمرض معدٍ، أو هارباً من سجن..!!
    # قلت وما قصة الصور الشخصية التي تطلب من كل مسافر وتلصق مع طلبات السفر كأنما سفر تماماً.. فقيل هذا إجراء شكلي ! ومن الغريب أن وكالة حكومة السودان في القاهرة طلبت صور وزير المعارف وأعضاء بعثته في رحلتهم الرسمية، وكادت هذه الغلطة الفاحشة تتم لولا أن تنبه إليها أحد المسؤولين.
    # قلت لهم سنمد الخط الحديدي بين أسوان وحلفا، حتى نستريح من هذه المتاعب وهذا يكلفنا أكثر من مليون جنيه، ويصل مصر بالسودان إلى الأبد، وقلت لنفسي إن هذا الخط سوف يحيي موات بلاد النوبة التي يسكنها قوم ضربوا في السنين الأخيرة أروع الأمثال في الصبر وقوة الاحتمال وصفاء الوطنية، رغم كل ما بذل بينهم من دعاية لهجر هذه الشقة من الأرض، حتى تصبح فاصلاً طبيعياً حقيقياً بين شطري الوادي لا يعيش فيها إنسان.
    # إن هذا الخط الحديدي سيصل هؤلاء الناس بالحياة من جديد، ويكافئهم على ما أعنتهم به تعلية خزان أسوان من نقص في الأنفس والأموال والثمرات، ويمهد السبيل لإقامة صناعات تستمد كيانها من كهرباء الخزان ومناجم الحديد القريبة منهم.
    # قلت للمسؤولين سنمد هناك هذه الخط الحديدي، فقالوا: هذا شأنكم، ولكن ألا ترون إنه كثير النفقة قليل الربح.. ولا سيما أن سكة حديد السودان أضيق من سكة حديد مصر..!!
    # وقد أدهشني وقوفي على هذه الحقيقة التي لا يعلمها أحد، وعجبت «لكتشنر» كيف مد الخط الحديدي على طراز يخالف الطراز العالمي الشائع ولا يتفق إلا مع الطراز الروسي. وهل كانت هذه خطة مقصودة. ولكن قيل لي إن سكة حديد الصعيد الأعلى في مصر كانت بهذه السعة فسار مهندسو حملة الفتح على نظامها.
    # ومهما يكن الأمر، فخير للمسافر ألف مرة أن ينتقل في حلفا من قطار إلى قطار، بعد رحلة ست ساعات من أسوان لحلفا، من أن ينتقل من قطار إلى باخرة ثم قطار آخر بعد رحلة تستمر «40» ساعة.
    # وعندما ركبت القطار الحديدي من حلفا، وأخذ يجتاز بأصحابي وبي صحراء العتمور الموحشة، التي يضل الجن فيها، كما قال الشاعر القديم، تذكرت كيف مد العمال المصريون هذا الخط الحديدي، وكان مسيره الأول بجوار النيل، وأي جهد بذلوه، يفوق كل ما تصوره الخيال عن طاقة البشر.. ففي وقدة الحر ووهج الشمس الذي يذيب الكائنات ويصهرها صهراً، وتحت وطأة الأمراض ومنها الكوليرا، كانت أميال هذا الخط تمد مرحلة بعد مرحلة. وتحت كل «فلنكة» من خشبه كان يرقد عامل من بني مصر، وقد سلب حياته التعب أو المرض أو ضربة الشمس أو رصاصة العدو. واكتفت التقارير عن الحملة، بأن ذكرت أن فرقة مد الخط الحديدي أدت مهمتها بالبراعة والجلد اللذين عرفا عن فلاحي مصر..!![/size]

    [size=6]تخريمه [/size]
    Quote: [size=5]بلاد النوبة التي يسكنها قوم ضربوا في السنين الأخيرة أروع الأمثال في الصبر وقوة الاحتمال وصفاء الوطنية، رغم كل ما بذل بينهم من دعاية لهجر هذه الشقة من الأرض، حتى تصبح فاصلاً طبيعياً حقيقياً بين شطري الوادي لا يعيش فيها إنسان[/size]

    [size=5]هاجس التهجير وافراغ المنطقه النوبيه من سكانها الاصليين كان موجودا قبل التفكير فى السد العالى ..
    وهذا يثبت ان المنطقه النوبيه مستهدفه انسانها وثقافتها وارثها وتاريخها
    ..[/size]
    [size=6][color=#0000FF]تخريمه كبيره [/size]
    Quote: [size=5]إذن فقد كان صواباً ما قيل من أن سيطرة حكومة السودان على وسائل السفر بين الشلال وحلفا، وهي منطقة مصرية صميمة .. هي بلاد النوبة العزيزة [/size]

    [size=6]ما قلتو نوبه [/size]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de