|
دمعةٌ لُجِّيَّة ٌ... في رثاءِ الشيخِ الهَدِيَّةِ .....للشاعر عبدالرحمن الطقى
|
بسم الله الرحمن الرحيم
دمعةٌ لُجِّيَّة ٌ... في رثاءِ الشيخِ الهَدِيَّةِ
شعر: عبد الرحمن إبراهيم الطقي
كُتبت في رثاء سماحة الوالد الشيخ محمد هاشم الهدية الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان لاثنين وخمسين عاماً ، والذي انتقل إلى رحمة مولاه البرّ الرحيم في السابع من رمضان 1428هـ الموافق له19/9/2007م عن عمر ناهز مائة عام . رحمه الله رحمة واسعة وعوض الأمة الإسلامية و البلاد خيراً.
عالـجــتُ فاستعصـــــى عليَّ بيـــــــــــاني وأبـــــــــــى الرثـــاءَ يراعــتي وبنــــانـي
واللهِ مـا عهــــــدي بهـــن نـــــوافـــــــــراً متعــــثــــــرات ٍأو ذواتِ حـــــــــــــِرانِ
يـا شــــــعرُ أسعفــــني لأرثــيَ شيـــخَنــا أو أستــــــــعيرَ الـنثـــرَ من ســـحـبــــانِ
يـا دمعُ سُــــــــحَّ كطـــرفةٍ بكـــــــــــاءةٍ أو أستفــــيـــــــضَ الــنيـــلَ ذا الـجريانِ يـا قلـــــبُ صــبـراً للفجـــــــــائعِ مُــــرَّةً فلــقد عهـدتُّك مجــــــمعَ الأحــــــــــزانِ
يــا نومُ بــــارحْ للـــخـــلّيِ مــــؤانســــــاً مــالـي أراك مداعبـــــــــــــاً أجــــــفاني
أأنــامُ فـي يــــومٍ يُشيـّــَــــعُ شيــــخُـــــنا قـــد لُفّ في الأحــــــــداق لا الأكفـــــانِ!
يـا ليتني لو كنـــتُ أعــــــــــــلمُ نعيـــــَه أسكـــتُّ صـــــوتَ الهاتفِ الرّنـّـــــــــانِ
ومسحــتُ كـــلَّ رســـــــالةٍ مشـــــــؤومةٍ تنعـــي ( الهـــديةَ ) درةَ الســـــــــودانِ
لكنـــه القــدرُ المحـــــــــتَّمُ قــــد مضـى أيُـردُّ حـــــكــمُ القــــــــاهر الديــــــانِ
والمــوتُ سنــــــــــةُ ربِنـــا فــي خـــــلقِه يسـعى إليــه الـخلــقُ فـــي إذعــــــــانِ
***************** وبُنَيّتي جــاءت تــداعــــبُ خـــــــــلوتي لأضمــَّها فـــي رحــــــمةٍ وحـــــــــنانِ
فــرأت عـــبوســـاً قاتـــــماً وتشــاغــــلاً ورأت شعــــــوراً قُـــــدَّ مــن صَــــــــوّانِ
عنـــى إليــكِ بُنيتي ياســــــــــــلـــوتى ما للسُلوِّ اليــــوم مـــن إمكـــــــــــــــــانِ ويقـولُ (إبـراهيــمُ) غيرَ مصـــــــــــــدِّقٍ عقـَد التعجــــبُ منـــه كلَّ لســــــــــــانِ هـل مــــــــــات من زرنــــاه أمسِ بـداره مــن قـدمـت منــــه الطــعـــامَ يــــــدانِ !
واســتقـبلــتنـا منـه ضحـــكـةُ بِِِشْــــــرِه ودعـابةٌ فكأننــــا أخــــــــــــــــــــوانِ !
هـــل مـــات من صــــورتُ عـزمـهَ مشيـِِه قـــد نـــاء كاهلـــــُه بغير تـــــــــــوانِ هـــل مــــات مــن صورتُ هيبةَ وجـــهِه ورأيـــــتُ صــــورتـه قُبـيلَ ثــــــــــوانِ
هل ذاك طــــــــــفلٌ مثلـــــــنا أم أنــــه شيــخٌ بقلبِ أطاهــــرِ الصبـــــــــــيانِ؟!
حقاً بُنيَّ ..فـــــذاك شيـــــــــــــخٌ قلبُـه توسـع الجميــــع كجــــــســـرِ (أُمْدُرْمانِ)
بذل النفيسَ وكــــــــــــلَّ غــــــالٍ عنده للنــاسِ طُرّّاً دونـــــما أثــــــــــــمـــــانِ
ولدعوةِ التوحــــــــــــــــــيدِ أوقف عمرَه خدم الجميعَ بهمةٍ وتفـــــــــــــــــــــانِ
بـــــــــاللينِ والــــــــــحسنى وبشرٍ دائمٍ ملك القلوبَ قصَّيها والدانـــــــــــــــــــي
أرأيت من صـــــــلَّوا علــــــــــيه وشيعوا كالطيفِ يجمعُ سبعـــــــــــــــــةَ الألوانِ
خـــــــف الرئيسُ وصحُــــــــــبه لوداعِه والشعبُ في الأغمارِ والأعيــــــــــــــــــانِ
هُرع الأنـــــــامُ لـــــــه بــــــيومٍ قائـــظٍ متعجــلين لرحـــــــــمة وأمـــــــــــــانِ
قد لفهم حزنٌ عـــــــــميقٌ غائـــــــــــــرٌ ويؤزُّهم حبٌّ بلا حُســـــــــــــبـــــــــانِ
فاليومُ صومٌ والـــــــــــشواغـلُ جمــــــــةٌ لــكنَّ شغـــلَ الــناس بالجــُـــــثمــــــانِ
جـثمــــــــــــانِ برٍٍّ عابــدٍ متبـــــــــــتلٍ بالذكــــرِ والتبـــــليغ ِوالإحــــــــــسـانِ
من عاش عفــــــــاً زاهــــــــداً متورعــــاً ما حــــــــــــاز من أرضٍ ولا بنــــــيــانِ
وهـــــــــو الذي إن شــــــــاء شاد عمائراً بالحِـــلِّ لا بالسُّـــحـــتِ والبـــهـــتـــانِ
فاعجبْ لمن ســــــــال الـــــنُّضارُ بـكّفِـــه لم يتــخذْ للنفـــــــسِ من حـيـــطـــــانِ!
عاش الفضاءَ فسيــــــــــــــــــحةً أرجاؤه لا ضــائـقاً بمـــــوافـــــــقٍ أو شـــانــــي
أتظنُّ ربّــك وهـــو بـــرٌّ واســـــــــــــــعٌ سيـسـوؤه في القبــرِ ذي الجــــــــــدرانِ؟
**********
وهو الــسخيُّ بكل نــــــــــفعٍ أو جــــــدا وهــــو النـــقيُّ الطـاهــــــــــــرُ الأردانِ
وهو الحـــــــــــــــييُّ عن المعايبِ كلِّـــها وهـــو الـــــــــتـــقيُّ لربــه الرحمـــــانِ
وهـو الــــــــــــــــــقويُّ بربه في أمــــرِه لـــــــم يـــخـشَ ذا بأسٍ ولا سلطــــــــانِ
وهو الـــــــــــــــذكيُّ الألمعيُّ فــــــــؤادُه واللَّوذعــــيُّ عـلا على الأقـــــــــــــــرانِ
وهو الغنيُّ النفسِ هَيْنٌ ليّــــــــــــــــــــنٌ وهـــــــــو الزكيُّ الأصــــــلِ والأغصـــانِ
لو رام فخــــــــراً بالنـــــــــبيِّ لنالـــــه وبجّدِه الــــــعباسِ من عدنــــــــــــــــانِ
فهو الحســــيبُ بجــــــــــــــاهِه وفعاله وهو النســـيــــبُ ســـــما بلا نــــــكرانِ
لكنه لـــــــــزم الـــــــــتواضعَ تــابعــــًا هـديَ الرســـــولِ ومنــهـــــجَ القـــــرآنِ
قد شاد للتوحيدِ صــــــــــرحاً شــــــامخاً صُــــلْبَ الدعائمِ ثـــــــابتَ الأركــــــــانِ
بحديثهِ الـــــــــعذبِ الـــــــزلالِ وظرفهِ جــــــذب النفــوسَ لمنهـــــجٍ ربــــــاني
والعــــــــــلمُ مـــــــــنـه سلســـلٌ متدفقٌ كالــــغيــــثِ يُروي ماحـــــلَ الكثبــــانِ
والحلمُ فيه سجـــــــــيةٌ مــــــــــطبوعـةُ والــحــــــزمٌ مــنــــه مــــقــدَّرٌ بـــوِِزانِ
أما السيـــــــــــــــاسةُ فهو خاص غمارَها بهــــدايـــةِ الرحــمـــنِ لا الشــيــــطانِ
ســـعياً لإصــــــــــــــــِلاحٍ ونفــعاً للورى وإرادةً للأمــــــــــنِ فـــــي الأوطـــــــانِ
سلْ(جبهةَ الدستورِ) تـــــــــخبرْ عن فتىً حشد الجــموعَ لشِــــــــرعةِ الديّــــــــانِ
أو(جبهةَ الميثاقِ) تشـــــــــــــــهدْ حِلفـَه في الله كــي يـــــعلو هــدى الـــــفرقــــانِ
سمحـاً جريئاً لم يـــــــــداهنْ ظـــــــــالماً لم يــخـشَ من ســـجـــنٍ ولا ســــجــــانِ
وهــــــــو الــــــــــفتيُّ وإن تطاول عمـرُه وهـــــــو الأبـــــيُّ لــذلــــةٍ وهـــــوانِ
إن عـاش قرناً فهو شاهدُ عصــــــــــــــرهِ أو شـــاب فـــيــه فــشــيــبةُ الإيـمـــانِ
*********
أواه.. لو أجـدت سُلُواًّ قلتُـــــــــــــــــــها وأدمــــــتها بــتــــــعــاقبِ المَـلَــــــوانِ
لكنما الصــــــــــــــبرُ الجـميلُ عـزاؤنـــا ورثـــــــاؤنـــا ضـــربٌ مــن السُّـــلــوانِ
وبكاؤنا مُــــــرٌ ولــيـــــــــــــــس بسلوةٍ لـكـنــه عـــونٌ عــــلــى الأحـــــــــــزانِ
إن أبكِـه فليَ العشيةَ أُســــــــــــــــــــوةٌ في ســـائـرِ الأقـــــطارِ والبــــــــــــــلدانِ
تبكيه مكةُ والمدينةُ داعيــــــــــــــــــــــاً قد قـــام دهــراً واعظـاً ببــــــــــــــــيانِ
وكذا المشاعرُ كلُّهــــــــــــــــا قد ودعــت شيخـــاً أدام الحــــجَّ مــن أزمـــــــــــانِ
ومجـالسُ العلمـاء تنــــــــــــــــدبُ عالمـاً ومجــــامعُ الفقـــــــهـاءِ فــي الـســودانِ
كم هيئةٍ للبـــــــــــــــــــرِِّ أو جمعيــــةٍ وجمــــــــاعةٍ أسستــــــــــها بتفــــــانِ
وكذلك ساحاتِ الجهادِ رفدتـــــــــــــــها بـــالنــــفــسِ والأمــــــوالِ والتـبــيـــانِ
كم مسجدٍ أو معهــــــــــــــــدٍ أو مركـــزٍ لشــــفاءِ مرضــــــى القلـــبِ والأبـــــدانِ
من لليتامى والأيامى بـــــــــــــــــعـــدكم للطــفل .. للشــــيخِ الكبــيرِ العــانــي؟!
هـو أمةٌ حــــــــــــــــــــاز المكارمَ جمــةً هو قــــمةٌ تسمــــو عــــلى الدبَـــــــرانِ
***************
شيخــــــــــــي(الهديةَ) كنتَ خيرَ هديةٍ وُهــــــبــــــــت لــــنا من ربـــنّا المنـانِ
أسســــــــــــــتَ دعوتَنا وأشــــياخٌ مضواً مـــتجـــــــــرداً لــــلــهِ فــي نـــــكرانِ
وسقيتَ بذرتَها فصــــــــــــــارت نبتـــةً ثم اســـــــــــتـوت فيـــنانــــةَ الأفنـــانِ
فتفيأت كلُّ البـــــــــــــــــلاد ظـلالهَــــا حتـى أولـو الإشـــــــــــراكِ والكــــفـرانِ
شيخي(الهديةَ)كــــــــــــم رجوتُ بقاءكم ذخراً لدعـــــــوتِــــنا وللــــســـــــودانِ
ما كنــت أحسُـــــــــــــــــبه لقـــاءً آخراً حتى رأيـــتُ الـــنــــــــــعشَ رأيَ عيانَ
لولا التعجلُ والديارُ بعــــــــــــــــــــيدةٌ لأتيـــتُ توّاً ســـابــــــــــقَ الطــــــيرانِ
قد كنتُ أرجو أن تــــــــــــــطولَ حياتكُم للـــصفِِّ تجمــــعهُ بــلا أضـــــــــــــغانِ
لكنْ قضـــــــــــــــــــاءُ اللـهِ فينا نــــافذٌ مـــا شــاء كانَ وإن أبــــى الـثـــــــــقلانِ
ورفيقُ دربِكَ قد رثاك بلــــــــــــــــــوعةٍ وبكى علــيك بــــــوابـــــــــــلٍ هتـّـــانِ
واللهِ لم يـــــكُ مُـدْهناً متكلـــــــــــــــــفاً ودمـــوعُــــه تبدي كتــــــيــمَ جَــنــــانِ
واللهِ لـــــــــــــــــم ينفَـسْ عليـــكَ إمارةً وهو الوزيرُ لـكم مــــــــدى الأزمــــــــانِ
لكنْ خلافٌ واجتهــــــــــــــــــــادٌ سائغٌ أذكـــــاهُ فينا نـــــــــــــــزغةُ الشــيطانِ
فاجـــــــــــــــــمعْ(أبازيدٍ) بنيك بحكمةٍ وتوسّــــُطٍ وتــــــــــــــــجـاوزٍ وحنــــانِ
وانســـــــــــُجْ على نهجِ (الهديةِ) قـاصداً للصلُّحِ فـــــي الإســــــــــرارِ والإعــــلانِ
وبنوكَ قد عـــــــــــــــهدوك رمزاً شامخاً بــعد (الهديـةِ) مـــــــالــه مــــن ثــــانِ
*************
إن الذي بذل الحيــــــــــــــــاةَ رخيصــةٍ سيثيبُه ربـــــــي علــــــى الإحـــــــسانِ
فالذنبُ مغفـــــــــــــورٌ وربّـُك راحــــــمٌ و دعاؤنا ســـيجئُ فــــي الــــميــــــــزانِ
يا ربِّ.. عبدُك قــــــــــــــد أتـاك موحِّداً فـــرداً مــن الأهــلـيــنَ والإخــــــــــوانِ
في سابعِ الشــــــــــــــــهرِ الكريمِ أخذتَه لجــــوارِك الميــمــونِ في رمـــــــضـــــانِ
قد حلَّ ضيفاً في رحـــــــــــــــابِ جنابِكم ولأنــــتَ ربـي مُــــــــــــــكرمُ الضـيفانِ
أكرم وفادتَه بفضلٍ سابـــــــــــــــــــــــغٍ وبرحــمـةٍ وبــــــــــشـــاملِ الغـــــفرانِ
واحفظْ بــنيه وآلَه من بعـــــــــــــــــــدِه واحفــــــــــــــظْ جمـــاعتَه من الخُـذلانِ
|
|
|
|
|
|