المحبوب عبد السلام في حوار المراجعات الكبري

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 02:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-10-2007, 05:38 PM

فتح العليم عبدالحي

تاريخ التسجيل: 08-07-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المحبوب عبد السلام في حوار المراجعات الكبري

    المحبوب عبد السلام وحوار المراجعات الكبري
    الدولة لا تشبه الحركة الاسلامية !!
    الحريات كانت فكرة مركزية في مشروع الحركة ولكنها تعطلت!!
    الصراع بين التقليديين والتقدميين الاسلاميين حسم لصالح الترابي مبكرا
    إستعمال القوات المسلحة أضر بمشروع الحركة الاسلامية
    الخرطوم: خالد سعد
    تواصل (إيلاف) ما انقطع من محاولتها فتح ملف أزمة العقل السياسي السوداني، وفتح الملفات المسكوت عنها عند القوى السياسية المختلفة، وتستمر في سبر أغوار ملف الحركة الاسلامية. وتحاور في هذه الحلقة الاستاذ المحبوب عبد السلام أحد ابرز المثقفين في الحركة الإسلامية والذي ظل قريبا لوقت طويل من زعيم الحركة وقائدها الدكتور حسن الترابي، حتى وصف بأنه صدى للترابي من شدة التصاقه بشخصية وافكار الزعيم المثير الجدل.
    في هذا الحوار يتحدث المحبوب عن تبلور الفكرة الاساسية لمشروع الحركة الاسلامية السياسي، ومراحل تشكله، ويرصد أهم الروافد التي تاثرت بها الحركة من الداخل والخارج، وصراعاتها الداخلية بدء بصراع مجموعة العمل العام والتربية مرورا بصراع التقليديين والتقدميين في الحركة، وكل ذلك قبل قيام الحركة بأهم خطواتها على الاطلاق وهي الوصول الى السلطة في 30 يونيو 1979م.
    وهنا الجزء الاول من الحوار:
    # كيف تبلورت الفكرة الأساسية التي نشأت عليها الحركة الاسلامية في السودان؟
    الحركة الاسلامية التي تأسست في السودان كانت بعض من حركة صحوة إسلامية واسعة في كثير من أنحاء العالم العربي وفي سائر أنحاء العالم الاخرى، وهي ظاهرة إحياء واحيانا نسميها صحوة وأحيانا نطلق عليها البعث واحيانا النهضة، وهي عودة للإصول لاحياء العناصر التي تصلح للخروج من التخلف ووهدة الحاضر، وبهذا المفهوم هي ظاهرة انسانية وظاهرة إسلامية، فهي حركة صحوة في التاريخ تنشأ من النظر الذي يقارن بين حالة التخلف والوهدة التي تعيش فيها الامة في قرن من القرون وبين ماض الامة مثل العهد الراشد، وما ينبغي عليه أن تكون عليه الامة كما نقرأ ذلك في القران. وهذه مشاعر طبيعية تسير في نفوس الناس وتستجيب الى الواقع.
    بهذا المعنى نحن في السودان بعض من دورة أول القرن، وبالنسبة لمصر حصل ما يسمى بعصر النهضة العربي ويمكن ان تحسب فيه عدد من الاسماء حتى العلمانيين لكن لابد ان تحسب محمد عبده، جمال الدين الافغاني، ورشيد رضا وجاء حسن البنا ليكون تلميذ لرشيد رضا، وكلهم كانوا يستشعروا المباينة الفظيعة بين واقع العالم الاسلامي المتخلف وبين الحضارة الغربية القوية المستعمرة للعالم الاسلامي والمستبدة بقواتها العسكرية والمتفاخرة بجامعاتها وحكوماتها الديموقراطية، التقدمية كانت عقيدة حتى في الدول الرأسمالية، ولكن في العالم الاسلامي كان الناس ينظرون فيجدون التخلف والزلة والاستعمار، فقامت حركة في مصر وصفها مالك بن نبي ان الفرق بين البنا والافغاني أي ان الاخير كان يدعو الى جامعة سياسية إسلامية تحي الخلافة فيما البنا أسس مجتمع، ومحمد عبده كان يريد إصلاح عبر تغيير المناهج في الازهر.
    هذا المناخ قطعا كان مؤثرا على السودان تأثر بهذا الحركة من خلال الصحف والكتب والذين درسوا في مصر خاصة في الازهر.
    وقامت الحركة في السودان في المدارس الثانوية، إذ كانت تستشعر هذه المباينة من تخلف العالم الاسلامي وتقدم العالم الغربي، والاستعمار والزلة من حولنا، لكن كذلك كانت الحركة تستشعر التحدي الذي مثلته قوى اليسار في ذلك الوقت، فقامت حركة في المدارس الثانوية أشبه بالجمعيات الدينية، وتطورت بعد ذلك في جامعة الخرطوم بسبب قضايا سياسية مثل الاستقلال والوحدة مع مصر، كل هذه القضايا انضجت الحركة الإسلامية ولكن قامت منفتحة إذ جاءتها تأثيرات حتى من خارج مصر مثل الباكستان والهند الجزائر، كذلك فالنخبة السودانية كانت شديدة المثابرة في العلم ولديها وعي جيد بما يدور في العالم الخارجي.
    # هل كان تأثر الحركة بالقضايا الخارجية اكبر من تفاعلها مع الشأن الداخلي؟
    لا. فنشأة اول خلايا الحركة الاسلامية في المدارس الثانوية (حنتوب) كان بتأثير مباشر من تأثير المد اليساري وظهور أصوات الماركسيين والقوميين، وعندما جاء الاسلاميين الى الجامعة أصبحوا أكثر وعي بالقضايا الوطنية السودانية، أما من حيث التأثير الخارجي، أسرد لك حادثة حصلت عند صدور أول منشور فكري لأول خلية في الحركة الاسلامية، وكتب المنشور في مدرسة حنتوب بخط اليد، وكان المنشور صفحة من كتاب حياة محمد حسين هيكل، وواضح أنه لم يكن لديهم مصادر فكرية أو ثقافية يأخذوا منها، ولكن لديهم وعي بالتيار العام.
    أما دخول العنصر الخارجي، فحدث في مرحلة متأخرة من نشأة الحركة التي كان لها جسم كبير نسبيا في الثانويات وجامعة الخرطوم، ولكن كانت هنالك حركة خارج الحركة الاسلامية المعروفة، تدعو الى دستور اسلامي تبناها الشيخ علي طالب الله والشيخ عوض عمر الأمام الشقيق الأكبر للأستاذ يسن عمر الامام، هؤلاء كانوا رافد اخر، ولكن بعد فترة جاء رافد من مصر هم الأخوان المسلمون المصريون وطلاب درسوا في مصر، هذه الروافد الثلاث شكلت الحركة الاسلامية المعاصرة.
    وعندما تعرض الاخوان المسلمون الى انتكاسة وغبتلاءات بعد إغتيال حسن البنا، واصبح واضحا أن العالم الغربي لا يقبل أمر مشروع إسلامي بسهولة، ويتعرض لكثير من المواجهات، وهذا أعطى درس للحركة الاسلامية في السودان، وهي نفسها تعرضت لهزات، مثلا الامين العام للحركة الرشيد الطاهر رحمه الله كان جزء من إنقلاب الحركة لم تكن على علم به، وحصل انشقاق كبير خرجت منها مجموعة التحرير الاسلامي مثل بابكر كرار وميرغني النصري، هؤلاء كانوا متاثرين بالفكر الاشتراكي، ولكن الاخرين إستمروا وبدأ الفكر الاسلامي الذي تنتجه الحركة الاسلامية في مصر منتظم اكثر مثل رسائل البنا وكتب عبد القادر عودة وسيد قطب دون ان تكف مصادر أخرى باكستانية وهندية وجزائرية.
    # إذن بدأ التأثير الخارجي على الحركة أكبر في الستينات من القرن الماضي؟
    التاثير الخارجي بدأ ينتظم منذ الخمسينات، ولكن لم يحدث أن أصبحت الحركة السودانية بعض من الحركة الاخوانية العربية، بمعنى ان الحركة الاخوانية المصرية وفقا للائحة مكتب الارشاد فالتنظيم له الحق في انشاء فروع في البلاد العربية، ولكن السودان لم يصبح فرعا لتنظيم الاخوان المسلمين كما حصل في بلاد اخرى، كالاردن أو سوريا أو فلسطين. وبالتالي نشأت الحركة الاسلامية في السودان بروافد ثلاث احدهما الداخلي وكان تأثيره قويا.
    # متى تشكل المشروع السياسي للحركة الاسلامية في السودان؟
    بعد ثورة إكتوبر وفترة منتصف الستينات ظهرت لأول مرة مساهمة الحركة الاسلامية السودانية الأصلية في مشروع الاحياء الاسلامي في العالم العربي، وظهرت جبهة الميثاق، ففي مصر ترشح حسن البنا للانتخابات مرتين، ولكن لم يحصل عمل جبهوي حول برنامج، وما حدث في السودان كان بتأثير مباشر من نظام عبود العسكري، ويقول الرواد انه عندما قامت ثورة إكتوبر كانو قد قطعوا شوطا كبير في التفكير بشان التطور النوعي، والتواثق حول برنامج للدستور الاسلامي.
    # هل أنتج هذا التفكير في هذه المرحلة مشروع إسلامي سياسي؟
    صحيح في عهد عبود لم تك الحركة الاسلامية معارضة سياسية كبيرة تهدد النظام، كانت لديهم جريدة إسمها الاخوان المسلمون واوقفت، ولكن في بعد ثورة إكتوبر كان للحركة مشروع إسلامي سياسي ظهر بشكل كبير في فكرة جبهة الميثاق، وإبتدروا فكرة العمل السياسي وإن كان دستور الحركة لم يعدل الا في الثمانينات، وطبعا هي كلها تجارب بالغة الجدة، فكان الهم هو إنشاء تحالف إسلامي متعدد من كافة التيارات، وهو تحالف مركب نوعا ما وفيه ما يشبه التناقضات، لذا نشأ كانت فكرة جبهة الميثاق نواة لعمل سياسي كبير.ونتيجة مباشرة لذلك نشأ الصراع بين الظاهر والباطن، فالحركة أصلا كانت تقوم بنشاطها سريا وداخلي واضطرت لإنشاء كيان علني مثل بقية الاحزاب وكان هو جبهة الميثاق.
    # ما هو تأثير الصراع بين الباطن والظاهر في الحركة؟
    بدأ هذا الصراع بعد عودة الدكتور جعفر شيخ إدريس من الدراسة بالخارج، ومن قبل كان هنالك صراع منذ الخمسينات بين مدرسة العام ومدرسة التربية، كان بعض الناس يؤمن بان تتفاعل الحركة مع المجتمع ونعطي كثير من طاقة الحركة للمجتمع لكن كان اخرين يرون بضرورة تربية العضو تربية خاصة وهو اثر من تاثيرات الجماعات الاسلامية في باكستان، مثل حفظ القران كاملا ومجلدات الحديث لذلك ظلت عضوية الجماعات الاسلامية في نطاق محدودة جدا تسكن حي واحد في اسلام أباد، وعندما جاء الدكتور جعفر شيخ ادريس وكان أستاذ فلسفة بخلفية سلفية، لكنه بعد ان سافر للدراسة في بريطانيا أصبحت فيه عناصر كثيرة من الفكر المنفتح، ولكنه عندما جاء الى السودان كان قد فاتته ثورة إكتوبر وهو طبعا تاريخيا متقدم على حسن الترابي، وبعد عودته وجد الترابي نجم قومي على مستوى السودان وحاز على اعلى اصوات الخريجين يناطح المحجوب والأزهري وأصبح ظاهرة سودانية، وكانت هذه مسألة كبيرة على شخص جعفر شيخ إدريس كان يعتقد أنه يجب أن يكون الترابي خلفه، فأثار قضية انه يجب أن لا يكون رئيس جبهة الميثاق والأمين العام للأخوان المسلمين شخص واحد، ويذكر الناس في ذاك الوقت أنه كان يصرح للصحفيين في الجمعية التأسيسية ولا يترك كل الامور للترابي، وكانت هذه بداية الصراع بين الباطن والظاهر.
    # هل هو نفسه الصراع بين التقليديين في الحركة وما يمكن أن نصفهم بالحداثيين أو الذين درسوا في الخارج من أعضاء الحركة؟
    الصراع بدا بين مدرسة العمل العام والتربية، وكان هنالك صراع مجموعة بابكر كرار وبقية الحركة ولم يكن إسم الترابي ظاهرا بشكل بارز في هذا الصراع، ولكن إسم الترابي ظهر في صراع منتصف الستينات ولم يكن صراع ذو تعبيراته فكرية تقديمية واخرى تقليدية، ولكن كانت هناك عناصر مثل على عبد الله يعقوب الذي أسس منظمة الشباب الوطني في مقابل إتحاد الشباب السوداني، وجاءت هذه المنظمة بمواهب كبيرة احدثت ظاهرة داخل جبهة الميثاق احدثت إنزعاجا داخل الحركة التي اعتادت العمل المغلق والتقليدي، ولكن التجديد الذي احدثه الترابي بدأ في السبعينات، ولكن قضية المرأة بدأها الترابي في الخمسينات في محاضرة قدمها في الابيض وأصلها بعد ذلك في رسالة المرأة، وقامت المؤتمرات التنظيمية نتيجة للصراع بين مجموعة العمل العام والتربية، وحسمت الحركة الصراع لصالح الترابي ووحدت له الحركة وأصبح قائدا للاخوان وقائدا للجبهة، وبعده مباشرة خرجت مجموعة جعفر شيخ ادريس وكونت تنظيم سري خاص بها ولكن جاء انقلاب 1969 وأعتقلوا جميعا، وصوب الشيوعيين وفرضوا الحصار والاضطهاد على الحركة الاسلامية، وحينئذ كانت القضايا اكبر من عمل عام وقضية تربية.
    وبالتالي لم يك هنالك صراع بين الذين درسوا في الخارج أو التقدميين وبين ما يسمون بالتقليديين، لذا أنا ضربت مثالا بالدكتور جعفر شيخ ادريس الذي درس بالخارج. ولكن الصراع الشخصي مع الترابي دفعه للبحث عن أردية فكرية تقليدية أخرى.
    # إذن متى بدأ هذا الصراع؟
    الصراع كان موجود، ولكنه نضج بعد رسالة المراة للترابي في 1975م، وبرزت أصوات كبيرة وكثيرة تكفر الدكتور الترابي، وعندما خرج الترابي في المصالحة جاءت بقية اراء الترابي، وفي هذه الفترة سادت (بحبوحة في الفكر) بالحركة الاسلامية غير معهودة في حركات الاسلام الأخرى، وجاءت عناصر للحركة تعمل في مجال الفنون والاداب والاقتصاد والسياسة، كلها كانت عناصر تجديد تثير أسئلة واعتراضات، وعندما خرج السيد صادق عبد الله عبد الماجد كان هنالك بيان فكري تحدث عن فتاوي الترابي واخذوا فروعا من اصل من محاضرة القاها الترابي، مثل حديث الترابي وزواج الكتابي من المسلمة والردة، المناخ الفكري نفسه كان خصب اثيرت كثيرة من الاسئلة والاجوبة واحدثت زلزلة في أصحاب التفيكر التقليدي.
    ولكن تبلور صراع داخل المعتقلات، تبنته العناصر الأصغر في الحركة الذين اعتقلوا من جامعة الخرطوم وام درمان الاسلامية وجامعة القاهرة، وتأسس فكر جديد كان من رواده أمين حسن عمر وحافظ جمعه سهل رحمه الله وأسماء اخرى مثل سيد الخطيب مثلوا تيار منفتح جدا لا يشبه صورة الاخ المسلم التقليدي، وهذا المظهر التجيدي بدأ في المعتقل، وتصدوا لهذا الفكر عناصر تقليدية جاؤوا من خلفيات دينية تقليدية من المعهد العملي ودرسوا في الجامعة الاسلامية ولكن هذا لا يعني ان كل من تخرج من الجامعة الاسلامية تصدى لهذا الفكر فمنهم من دعم تيار التجديد، كذلك تصدى لهذا الفكر التجديدي من جاؤوا من السعودية مثل عصام احمد البشير الذي كان كثيرا ما يثير هذه المساءل بشدة لاراء الترابي التجديدية، ويقول ان الترابي يريد ان يشكك في السنة وغيرها، وقاد ذلك لانشقاق تنظيمي، وأستفاد المنشقون من ألق صادق عبد الله عبد الماجد داخل الحركة رغم أنه شخص لا يشبه المدرسة التقليدية في تفكيره وسلوكه، وكانت له اراء حادة ضد النميري، ثم جاء من الكويت بعد المصالحة لكنه كان يضمر موقفا حادا من النميري ضد النميري ويرى ان لا تكون الحركة جزء من النميري، كما كان له شديد الإخلاص للحركة الام في مصر فهو درس هناك والتقى الشيخ سيد قطب وتأثر به كثيرا.
    # متى تبلور مشروع الحركة السلامية بشكل واضح؟
    تبلور في فترة السبعينات كمشروع مؤسس على فكر استراتيجي ينظم مسيرة الحركة استراتيجيا وهذا الذي ادي للتغيير في إنقلاب 1969م، فهم درسوا الواقع السوداني ورأوا فيه كثير من الفراغ وأن الحركة يمكن ان تنجح لملأ هذا الفراغ وإستلام السلطة، وأصلا الفكرة كتبت متكاملة في المعتقل في منتصف السبعينات وحدثت فيها مراجعة شاملة، مثلا بعد إكتوبر كان الترابي ان المناخ غير ملاءم لإستلام السلطة ولكن اخرين كانوا يظنوا ان الموضة في العالم من حولنا هو الانقلابات وتتقدم المؤسسة العسكرية ولابد من التهيأ لها بتنظيم خلايا عسكرية، الترابي كان يرفض ذلك ويذكر لك أنه دخل المعتقل عام 1969 قبل رئيس الوزراء وقبل وزير الدفاع وكأنما كان الانقلاب ذو الصبغة القومية يصوب أسهمه نحو الاسلاميين بشكل اساسي في برنامجه ومنذ ذاك الحين بدأ التفكير يتجه نحو أن الاسلام لن يأتي بالطوع اي بالانتخابات أو الاقتراع، قد يأتي بثورة شعبية ولكن يجب أن يكون مسنودا بالمؤسسة العسكرية، وتطورت الحركة في مجال العمل العسكري الاستخباراتي، وبالطبع يتذكر الناس اننا كنا في الجبهة الوطنية التي حاربت النميري، في يوليو 1976 واعطانا ذلك خبرة عملية في العمل العسكري والأمني.
    # ما الذي جاء بمشروع الحركة في 89 أهو التيار التجديدي أم تيار التقليديين؟
    أي حركة تتأثر وفق ظروف نشأتها، فالحركة نشأت في الجامعات والمعاهد والمدارس والموظفين، بمعنى إنها كانت حركة نخبوية وصفوية، لكن كان لابد ان تتحول الحركة الى جذور المجتمع أي تحويل الحركة الى حركة جماهيرية في القطاعات الرعوية والزراعية والصناعية، وظهر ذلك في الجبهة القومية الاسلامية، ويبدو أن ذلك سارع في أن تفكر الحركة في تنفيذ مشروعها الاستراتيجي، لكن التفكير المتسق مع نظم الحركة واجراءاتها وتفكيرها كان هو الوصول الى السلطة عبر الانتخابات، لكن كما قلت لك إذا حدث فراغ يملأه التنظيم الأقوى وهو الجيش، وفي ظل حكومة الصادق المهدي كانت هنالك فراغات كثيرة، ونحن اصبحنا التنظيم الاقوى من الدولة، وقويت عندنا أجهزة الامن والمعلومات، وهذه أجهزة سلطوية بحكم تربيتها وتفكيرها، وكانت هذه الأجهزة تريد المسارعة لإستلام السلطة.
    لذلك كان تيار مكاتب المعلومات والمكاتب الخاصة هو الاعلى في قيادة الحركة نحو الوصول الى السلطة.
    # الان بعد 17 عاما من حكم الاسلاميين، هل تعتقد ان الحركة الاسلامية كانت لديها مبررات كافية للانقضاض على نظام ديموقراطي؟
    المبرر الاكبر كان هو أن الاسلام لن يصل للسلطة عبر صناديق الاقتراع، لكن اخر ما حدث في الظاهر هو مذكرة للجيش تتحدث عن مطالب، وباطنا كانوا يتحدوث عن ضرورة إبعاد الجبهة الاسلامية من الحكومة حتى ينصلح حال البلاد الاقتصادي وتحسين علاقات السودان الخارجية، خاصة وأن الجيش كان يتعرض لهزائم متتالية. لذلك ثاروا ضد الجبهة وكانت هذه اخر عبرة في أن الاسلام لن يصل الى السلطة عبر صندوق الاقتراع.
    لكن الان وبعد 17 عاما، نقول أن أستعمال القوات المسلحة في السياسة مضر جدا لمشروع الحركة الأسلامية في المجال الفكري قبل المجال السياسي.
    # هل كان قرار الإنقلاب العسكري قرار سياسي أم قرار العسكرييين في الحركة؟
    كل الحركة كانت تخطط وتقود وتنفذ مشروع الانقلاب العسكري في عام 1969م.
    # هل إكتمل المشروع السياسي بعد الوصول الى السلطة؟
    بل بدأ منذ ذلك الحين، لكن صحيح ان أصوله وملامحه كانت موجودة، فالشورى كانت تمارس بشكل واسع في التنظيم الاسلامي، كان تنظيم لا مركزيا حقيقيا منذ منتصف السبعينات، كان لأمناء التنظيم في الولايات سلطات أصيلة غير مفوضة، كنا نريد لهذا أن يحدث في حكمنا السودان، كنا نريد أن نقيم حكم إتحادي فيدرالي حقيقي في السودان، كان ذلك خطوة كبيرة جدا، ولكن فشلنا بالطبع في مسألة الحريات والشورى.
    # لماذا فشلتم؟
    لان الدولة لا تشبه الحركة، الدولة تحدياتها كبيرة أكبر من قدرات الحركة، فالحركة أصبحت كشخص يريد أن يبسط يديه ليحيط بالجدار ويظل الجدار أكبر منه، ونحن نقول انه عندما جئنا للسلطة كان لدينا في الحركة عشرات الخبراء والمختصين والخريجين ومد شعبي ضخم، ما من حزب وصل للسلطة كان لديه مثل هذا التاييد الشهبي مثل ما حصل مع الحركة الاسلامية بعد 1989م، هذا السند الشعبي أمام مشكلات السودان كان يحتاج منا لعودة سريعه للشعب وأشراك واسع للشعب، وبدل من أعتقاله وتكميمه كان يجب أن ن نبسط اليه الحريات والسلطات، هذه عبرتنا الان في المؤتمر الشعبي، فنحن إذا قدر لنا الفوز في انتخابات سنعطي اغلب المقاعد لأحزاب اخرى حتى وإن كانت معارضة أو أوزانها صغيرة، وان نشترك جميعا في حكم السودان.
    بالطبع المعارضة من جانبها كانت لها معنا قصة، فمنذ الحكومة الانتقالية كان هنالك نزاع شديد بيننا وكانوا يسموننا السدنة، وعندما جئنا في الإنقاذ هم في نظرهم نحن عدونا على حكمهم، وهم في نظرنا كانوا الذين منعونا من المشاركة العادلة في السلطة، فكان بيننا حدة شديدية، كانوا يريدون إسقاط الانقاذ في خمسة عشر يوما وكنا نحن نريد أن نقمعهم نهائيا ونخرجهم من الساحة، وهو للاسف ما حدث.
    # هل ساهمت كل الحركة في هذا الاتجاه؟
    تقريبا كل الحركة، فعندما طرح موضوع الانقلاب للتصويت صوت كل أعضاء هيئة الشورى ما عدا صوت أو صوتين من اربعين صوت.
    # هل أخطأت الحركة في بداية مشروعها السياسي في السلطة بتصويب أسهم العداء للغرب؟
    فيما يتعلق بالسياسة الخارجية نجحت الانقاذ في إخفاء هوية الانقلاب الحقيقية وهي الهوية الإسلامية، وكسبوا تأييد مصر التي جلبت تأييد كل العالم العربي، وأما بقية العالم فقد كان قد تطور الى كره الانقلابات وتحفظ ازاء الانقلاب في السودان، وبعد حوالي عام إنكشف أمر طبيعة الانقلاب عقب إعلان التشريعات الاسلامية والدعوة للدفاع الشعبي، إذن فالعالم الغربي أصبح لا يحتاج لمبادرته العداء فهو الذي بادر الانقاذ بالعداء، رغم أن الانقاذ بذلت مجهود كبير جدا - سرا وجهرا- لتلطيف علاقتها مع العالم الخارجي، لكن العالم كان يعرف أن هذا مشروع اسلامي وخطر عليه في المنطقة.
    # ما صحة زعم بعض الاسلاميين بأن مشروع الحركة السياسي أختطف من قبل بعض اعضاءا بعد الوصول الى السلطة؟
    انا لا أستعمل كلمة إختطاف، الذي حدث هو ان كثير من الاخوة التي تبوأت مناصب عليا في الدولة لم يك لها وعي بالبرنامج الاسلامي، وكان هؤلاء يتعتقدون أن المشروع الاسلامي هو فقط أن تحكم الشخصيات التي تنتمي للحركة السلامية، أما أن يكون هنالك برنامج حريات عامة وفيدرالية حقيقية وقسمة موارد وسلطات بين الشمال والجنوب وسياسة خارجية، كل هذه المساءل لم يكونوا على وعي بها، ولذلك عندما شعروا ان موضوع الحريات سيجلب تحدي اليموقراطية، حينئذ ستتعرض مواقع العسكريين والذين تخرجوا من مكاتب المعلومات الخاصة بالحركة، الى خلخلة. وكانوا يقولون(الدنيا بألف خير) لماذا نعرض هذا النظام المستقر والمحبوب شعبيا الى كل هذه الخلخلة، وكان واضحا أن هؤلاء لم يقرأوا جيدا مسيرة العالم والاطراف كانت تنضج، والترابي عندما دعاهم الى الحكم الاتحادي قال لهم حتى لا يتفجر السودان، فمظالم الهامش بدات منذ الخمسينات وبدأت تنظج خلال حكم الانقاذ، فكان لابد من تحقيق مطالب الهامش والاطراف، والعالم الخارجي نفسه كان يدعو الى الديموقراطية والحريات وحماية حقوق الانسان.
    # هل الحريات كانت تمثل فكرة مركزية في مشروع الحركة الاسلامية؟
    بل هي فكرة مركزية، بمعني أنه عندما قام الترابي بتجديد أصول الفقه كان العمق في ذلك هو موضوع التوحيد، والإنسان إذا لم يكن حرا لا يمكن أن يعبد الله سبحانه وتعالى، فإذا خير الانسان بين الحرية والوحدة سيختار الإنسان الحرية، فكانت هذه فكرة مركزية، ولكن السؤال هو لماذا تعطلت فكرة الحريات في الحركة السلامية، هذا هو السؤال المشروع، فالتنظيم نفسه كانت به حريات ضخمة، أولا فالترابي أخذ إسم المرشد العام والقى به جانبا وأسماه الامين العام وعمل مكتب تنفيذي وشورى، لكن عندما إنتقلنا الى السلطة لم تنقل بكل هذه المفاهيم.
    # كيف يمكن توصيف ما حدث للحركة وهي في السلطة، هل هو إنشقاق سياسي ام هو فكري؟
    هو إنشقاق حول قضايا فكرية سياسية، مثل قضية الحريات العامة، فعندما جئنا لدستور 1998م، كان الشهيد الزبير ومعه ثلة كبيرة في الهيئة القيادية بما فيها الرئيس صوتت بأن يكتب في الدستور أن هنالك حزب واحد هو المؤتمر الوطني، الترابي كان يقول: لا يمكن بعد ألف عام نكتب دستور إسلامي دستور نحتكر فيه الجرية لحزب واحد، ماذا نقول لأعضاء الحركات الاسلامية الموجودة في السجون والمضطهدة من الأنظمة الديكتاتورية، لكن الترابي هزم في الهيئة القيادية، وابلغ اعضاء الهيئة القيادية انه أذا أختارت الشورى العامة خياركم فإنه سيستقيل من الامانة العامة.وقال لهم مكثتم في السلطة عشرة سنين الان يجب ان تختبروا أنفسكم، فإذا لم ياتيكم شيطان من الخارج، سيجئكم الشيطان من الداخل يشتتكم.
    # هل كان للحركة الاسلامية رؤية واضحة حول وحدة السودان؟
    نجن وقعنا ميثاق السودان 1987م وهو تأسيس العلاقة في السودان على المواطنة وليس على الدين ولم نكتب في الدستور أن من السودان دولة إسلامية او رئيس الجمهورية يجب ان يدين بالاسلام، والفكرة تطورت في إتفاقية فرانكفورت مع الحركة الشعبية وهي أن المواطنة تقوم بالحرية والطوع، فإذا كان هنالك إقليم يرى انه ليس بعض من السودان ويريد حق تقرير مصيره لا احد يستطيع منعه منذ لك، وهو تطور سياسي وفكري ولكنه مكلف نفسيا، لأن الوطن الذي تسلمناه واحدا من الأجداد نريد تعريضه للتقسيم بالاستفتاء، طبعا اول الانقاذ لم يكن تحدي وحدة السودان مطروح بشدة، لكن الان حتى في دارفور ترتفع اصوات تنادي بالاستقلال، كنا نظن اننا في دارفور أغلبية من العضوية ومن المؤيدين من خارج العضوية، كنا نظن قطعا سنكسب وحدة الجنوب، والاقاليم الاخرى مطمئنين من جهتها، ولكن وعينا لم يك كافي بأن وحدة السودان لا تتم الا بالاستماع الى مظالم الاطراف، مثلا مأساة جبال النوبة، كنا نظن أن دعاية معادية من الغرب، ولكن الحقيقة كانت هنالك مظالم، حتى داخل الحركة الاسلامية كانت هنالك تفرقة عنصرية اخرجت شخص مثل بولاد، وكان ينبغي ان نقرأ الدروس، لكن حتى الان يعتقد الناس في الوسط ومنهم المثقفين ان الحديث عن ماسي دارفور هو من تصوير العداء الغربي.
    في الجزء الثاني من الحوار الذي ينشر الاسبوع المقبل:
    المحبوب عبد السلام يتحدث عن: بديل الترابي و(أولاد امدرمان) في الحركة الإسلامية !!
    ويقول: أهل الغرب جاؤوا للمؤتمر الشعبي بسبب قضية الحكم الاتحادي
    ويراهن: جميع أعضاء الحركة في الحكومة يؤيدون الشعبي فقط تمنعهم المصالح الاقتصادية والاجتماعية

    في الجزء الثاني من حوار المحبوب عبد السلام
    لست محبطا ولكن أخشى على السودان من سيناريو الفوضى!!
    الإسلاميون أخطأوا في تأسيس الحركة على شخصية الترابي
    كلنا في الحركة الاسلامية نتحمل مسؤلية أزمة دارفور
    (أولاد أمدرمان) قادوا تيار التجديد وأنحاز غالبيتهم للمؤتمر الشعبي!!
    الخرطوم: خالد سعد
    تحاول إيلاف في في الجزء الثاني من الحوار المطول مع الاستاذ المحبوب عبد السلام، التعرف أكثر الى رؤيته حول عدد من قضايا السودان السياسية والفكرية، وتقرأ معه رؤية حزب المرتمر الشعبي للقضايا الانية، ومشكلات الحزب، كما تتحدث اليه عن القضية المثيرة للجدل والمتعلقة ببديل الترابي في المرحلة المقبلة، ورغم أن المحبوب نأى من الحديث عن شخصيات بعينها تستعد لخلافة الدكتور الترابي في زعامته لحزب المؤتمر الشعبي، الا انه كشف ان الترابي راغب بشدة في مغادرة موقعه في قيادة الحزب من اجل التفرغ لاعماله الفكرية، ولكنه قال ان قيادات كثيرة في الحزب ترى ان يتسمر الترابي الى حين إجراء الانتخابات المرتقبة لأهمية رمزية الرجل في هذه المرحلة.
    وتحدث المحبوب هذه المرة عن قراءته لمستقبل السودان، وعبرعن خشيته من وقوع السودان في فوضى كبيرة، داعيا القوى السياسية كافة الى ما أسماها منصة التأسيس لأنقاذ البلاد من التقسيم وإبعاد حزب المؤتمر الوطني من الانفراد بالسلطة.
    واعترف المحبوب بأن حزبه يواجه مشاكل تنظيمية ومالية، ولكنه أرجع كل ذلك للظروف التي أنشأ فيها الحزب، موضحا أن إبتعاده عن القيام بأعباء تنظيمية محددة داخل الحزب ليس إحباطا من أوضاع حزبه ولكن لظروف عملية متعلقة ببقاء خارج السودان للدراسة.
    وتاليا نص الحوار:
    # أنتم الان في المؤتمر الشعبي كأنكم تعيدون أخطاء الماضي، فهنالك حديث عن سيطرة جهوية محددة على حزبكم؟
    أصلا الحزب إنشق لسببين الاول حول الحريات العامة، والثاني قضية الحكم الاتحادي، فكان طبيعيا أن يخرج الذين كان سينصفهم الحكم الاتحادي الى المؤتمر الشعبي، فجاء كثير من أهل الغرب وأصلا كانوا كثيرين في الحركة الإسلامية، كذلك كل أهل الشرق من الإسلاميين الى الحزب.
    # ولكن البعض يرى أن من جاؤوا اليكم يريدون إستخدام الحزب كأداة لتنفيذ أجندتهم الجهوية؟
    بالضرورة أن يعوا أن الحزب يدعو للحريات والحكم اللامركزي في الثروة والسلطة، كذلك فإن الحزب لم تتاح له فرصة لينمو ككيان طبيعي، بل تعرض أعضاءه للسجن ودوره وصحفه للمصادرة، والحقيقة أن كافة أعضاء الحركة الاسلامية مع برنامج حزب المؤتمر الشعبي فقط تمنعهم علاقات سياسية ومناصب ومصالح إقتصادية ومصالح إجتماعية.لكن الطلاب مثلا ليس لديهم مثل هذه المصالح وكذلك قطاع النساء، لذلك هؤلاء هم جاؤوا الى المؤتمر الشعبي.
    # هل لدى المؤتمر الشعبي برنامج سياسي واضح الان، وما هي أبرز ملامحه؟
    نعم، لدينا البرنامج العام للحزب وفيه كافة التفاصيل، ولكننا منذ اليوم الاول واجهتنا قضية عدم القبول من القوى السياسية المعارضة التي حملتنا مسؤولية العشر سنوات الماضية، ولم يصدقونا وأعتبرونا جزء من النظام مهما ادعينا اننا أنشققنا عن النظام لأهداف ومبادئ، ولكنهم في الواقع صدقونا بعد أن دخلنا معهم السجون وعندما أكدنا على برنامجنا الذي يدعو الى المشاركة واحترام الاخر وليس إستئصاله كما كان في السابق، كما أننا نؤمن بقضايا الحريات وقضاياه الفكرية، وقد حصل تغيير في قضايا تجديد الفقه السلامي والتعامل مع التراث الاسلامي.
    طبعا الحزب أيضا لديه مشاكله التنظيمية ولديه مشاكل المال في بلد اصبحت أنشطة الحياة مكلفة للغاية.
    # ما هي رؤية حزبكم لقضية الوجود الاجنبي الجديد بدارفور وإنفصال الجنوب وغيرها من القضايا التي تشغل الساحة الان؟
    طبعا كل هذه الاحداث أعراض للمرض وهو إحتكار السلطة لحزب واحد والانفراد بالسلطة، نحن دعونا منذ مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية عام 2001 الى العودة لمنصة التاسيس بمشاركة كل القوى السياسية لتقرر في مستقبل السودان، فإذا أردنا تقسيم السلطة وتقسيم الثروة نقوم بذلك في وقت واحد لكل أهل السودان، وبعد نيفاشا كان الرئيس يقول ان الحكومة ستطبق نيفاشا على كل السودان، ولكن ما هو المعيار السكان ام مساحة الاقليم؟ دارفور مثلا اكبر من الجنوب مساحة، وسكانها اكثر من سكان الجنوب، إذن نمنحها اكثر من 28% في السلطة واكثر من 51% من البترول، ولكن وقعنا في مأزق ان الكيكية لا تقسم مرتين، للأسف بعد كل هذه التجربة لابد ان نعود الى منصة تأسيس السودان بالمشاركة، فعندما ذهب غازي ووقع ميشاكوس لم يفوضه اهل السودان جميعا، كذلك عندما ذهب علي عثمان لتوقيع نيفاشا لم يكن معه يستطيع أن يواجه رئيس الوفد برأي أو بنقاش حول موضوع، فهم بحكم موقعهم السياسي او الفكري صغار، رغم ان كانت بالمؤتمر الوطني عناصر أخرى يمكن أن تصوغ إتفاقية افضل من تلك التي وقعت في نيفاشا، ونائب الرئيس كان حريصا على ان يأخذ الملف من غازي صلاح الدين حتى يستعمل هذا الملف في تجيير علاقته مع العالم وهذه كلها أعراض لمرض التمسك بالسلطة.
    # الم تكن ازمة دارفور نتيجة مباشرة لإنشقاق الاسلاميين؟
    لم يكن من الضروري أن تحدث مأساة فقد كان تمرد محدود، صحيح دارفور هي جزء من أزمة نتحمل مسؤوليتها جميعا، فالحركة الاسلامية كانت قوية في دارفور، وقوة الحركة كانت تساعد على ان تظل دارفور متماسكة، لكن الفوضى ارتدت الينا والظلم إرتد الينا، وعندما كانت الحركة الاسلامية واحدة كنا متماسكين، خليل إبراهيم نفسه كان وزير صحة وقال ان اهله يموتون بالامراض وهو يدافع عن الحكومة لأنها حكومة الحركة الاسلامية، ولكن الحقيقة ان حركة العدل والمساواة لم تكن هي المشكلة الوحيدة فقد قامت حركة عبد الواحد ومني قبل حركة العدل، وساهم في تفاقم الازمة رد الفعل العنيف للحكومة لانهم ظنوا ان حركة العدل هي المؤتمر الشعبي، وظن ت الحكومة ان ما حدث في رواندا لم يعلم العالم درس المسأة الانسانية.
    # ما هي قراءتك لمستقبل السودان القريب بعد إجراء الانتخابات؟
    أولا لأول مرة المس لدى المواطن العادي توجس من ان السودان مقبل على الفوضى كثير من الناس لديهم هذا الشعوور، يمكن ان يحدث ذلك، لا ادري بالضبط ما الذي سيحدث بعد نزول 26 الف جندي في دارفور، هل سيحصل كما حدث في جنوب العراق بأن تكون دارفور منطقة مغلقة لمدة عشر سنوات؟ طبعا هم اذا دخلوا لن يخرجوا، وقد كان مطلب أحزاب المعارضة الرئيسي عندما التقوا اعضاء مجلس الامن في الخرطوم هي تحديد موعد رئيسي لخروج القوات الدولية. لكن في القرار 1769 سكت الغرب عن ذلك.
    ثانيا، لا ادرى .. هل ستجرى إنتخابات في دارفور أم انها لن تجرى؟، إذا قامت إنتخابات والحكومة بهذه الحالة فإن الحكومة يحتمل أن تزور الانتخابات، والغرب لن يرضى بذلك فقد صدم الغرب من ابوسانجو لانه زور الانتخابات، لكن ايضا الموجدوين الان في الحكومة يخشون أن يقدموا الى المحاكم الدولية ويعتقدون أن التامين الوحيد هو السلطة لذلك لن يتخلوا عنها في الانتخابات.
    # وماهو السيناريو المقابل لذلك؟
    أن تتوحد القوى السياسية لاسقاط المؤتمر الوطني، نحن جبهتنا الداخلية مفككة، الدول الكبار كلها ترى أنه لابد من انتخابات، كذلك إذا ركزت قوى دارفور على اجراء الانتخابات فأن العالم سيتجاوب معها وإذا تمسكت القوى السياسية خاصة الحركة الشعبية بوجود مراقبين دوليين لأن الحكومة لا تخاف الا من العالم الخارجي.
    # معروف ان لديك علاقاتك مميزة بقيادات الحركة الشعبية، كيف يبدو المزاج الجنوبي بشأن نظرته نحو قضية الوحدة والانفصال؟
    هم يتحدثوا أن للشمال دور كبير للوحدة، ولابد من دعم عربي لتنمية الجنوب، وللاسف هذا الوعي غير موجدود في المؤتمر الوطني او الدول العربية، وموجدود بشكل اكبر لدى القوى السياسية الاخرى، الحركة ايضا تتحدث عن وحدة واصرت عليها، الوحدويون اغلبهم هجر البلاد، لكن لحسن الحظ الامين العام للحركة فاقان أموم وحدوي صميم رغم كل شئ، وهنالك عناصر وحدوية اخرى في الحركة مثل الهادي الرشيد، مالك عقار ياسر عرمان عبد العزيز الحلو ومنصور خالد ، وهذا التيار إنسحب، فقد بعثر ذهاب الزعيم جون قرنق الحركة الشعبية، ولكن عندي أمل في عودة هذه العناصر لكي تعيد تحالفها مع الوحدويين.
    # لماذا فشلت الحركة الإسلامية في ايجاد بديل لزعامة الترابي؟
    بسبب البيئة السودانية نفسها، فالترابي شخصية غير طبيعية في التاريخ الانساني، فهو شخصية تأتي مرة واحدة كل ألف عام أو كل مائة عام، بأفكار جديدة وأصياة، الترابي شخصية إستثنائية بكل المعايير، ولديه كاريزما غير عادية، وأصبحت اراءه سياسة عليا للحركة، لكن البيئة في السودان لا تساعد في ظهور مدارس فكرية تحدث حركة نشطة في أفكار الترابي، للأسف نحن لم نطور افكار الترابي ولكننا ظللنا نكررها، وهي لكي تتطور تحتاج الى نقاش.
    # غياب مثل الترابي.. الا يؤثر على الحركة خاصة وأن الترابي يعتبر رمز لكافة الاسلاميين؟
    لدينا عبرة قريبة هي تأثيرات وفاة زعيم الحركة الشعبية جون قرنق على الحركة الشعبية مثلا، إذن بالتأكيد يؤثر غياب شخصية مثل الترابي ولكن الخطأ هو تأسيس حركة على شخصية حتى وإن كان هذا الشخص لديه افكار رئيسية وأصيلة لا تتكرر، لكن لابد للحركة من أن تتفاعل معها، والامر كله متعلق كما قلت بالبيئة السودانية الغير خصبة لانتاج مفكرين وعلماء، مثلا بعد وفاة عبد الله من تحسب في السودان عالم في اللغة العربية.رغم ان فرص البحث ووسائله متاحة وفعالة.
    ما يتعلق بالمستقبل القريب والبعيد انا أرى انه سيحدث تفاعل كبير مع أفكار الترابي وستخرج مدارس جديدة.وهذه نتيجة دائما تترتب على الحكم العسكري منذ سقوط الخلافة الراشدة، لأن الديكتاتورية العسكرية تعتمد تيار في الفكر أشد التيارات محافظة وتقليدية وتحاصر التيارات الاخرى التي فيها خصوبة فكرية، أنظر الى التاريخ الاسلامي مفكر كالجاحظ لم يتقدم كثيرا ومفكر مثل بن خلدون ليس في التيار الرئيسي مثل الشافعي او مالك بن حنبل.
    فيما يتعلق بخلافة الترابي فإن رأيه الشخصي هو أن يذهب ويترك الامانة العام لشخص اخر ولكن كثير من قيادات الحركة يقولون أن تستمر هذه القيادة على الاقل حتى الانتخابات القادمة لرمزية الترابي واهمية زعامته في هذه الفترة، ولكن بشكل عام فإن قضية القيادات ذات الكاريزما الشخصية اصبحت غير موجودة في العالم، مثلا الان ما هو الفرق بين توني بلير وغوردن براون، حتى ساركوزي فاز في تيار اليمين على حساب دوفيلبان ذو الشخصية الكاريزما.
    # لماذا يبقى المحبوب خارج السودان؟
    لأسباب عملية، فلدي دراسة اعمل عليها فإذا اكتملت اعود الى السودان.
    # مالذي يستفيده الحزب من وجود كوادر مهمة في الخارج مثل المحبوب والدكتور علي الحاج؟
    لابد لأي حزب أن يكون لديه عناصر في الخارج، لتقوية إتصالاته الحزب الخارجية، كل هؤلاء الموجودين في المؤتمر الوطني الان لن يجدوا سبيل لاستثمار علاقاتهم بعد خروجهم من السلطة.. انا كنت صحفي اكتب في مجلات خارجية اوصلتني الى اوساط كثيرة مع اهل البلد الاصليين من الاوربيين واستثمرت هذه العلاقات الان، لكن التحدي امامي كبير لأننهم يعتقدون ان الحزب يطرح رؤى أصولية، لابد ان ابزل جهود اكبر أن القيم الاسلامية هي القيم الفطرية التي يتجه اليها العالم الان، اما الدكتور علي الحاج فلديه اسباب موضوعية شخصية حيث يعتقد أن كان هنالك مشروع اسلامي اقسم عليه هالناس ولكن القسم حنث به وهو لايريد ان يكون يقسم ويحنث مثل بني اسرائيل وهذا موقف موضوعي كما ان بقاءه في الخارج يفيد حزب المؤتمر الشعبي.
    # لماذا ترفض القيام بأعباء تنظيمية؟
    فقط لأني غير مقيم في السودان.
    # يبدو انك محبط؟
    هذا غير صحيح، أنا عندما أعود الى السودان أكون لدي نشاط يومي، ولكن اعرف جيدا انه ليس محبذا ان تظهر كل يوم في وسائل الاعلام كما يفعل البعض في المؤتمر الوطني، فهذا يبغض الناس ولا يحببهم، ولكن بحكم تجربتي الطويلة في العمل السياسي لا اتشاءم ولا اركن للكسل.
    # هل مايزال المحبوب صدى للدكتور حسن الترابي؟
    الناس يعرفونني كإعلامي أكتب بشخصية مختلفة ولغة مختلفة، لكن كثير من العناصر التي كانت بالقرب من الترابي انحازت للجانب الاخر وكثير منهم الان يتبنون أفكار الترابي حتى عصام أحمد البشير الان يتحدث عن الوسطية ويدعو الى جواز زواج المسلمة من كتابي.
    # لماذا لجأ الترابي مؤخرا الى إصدار الفتاوي الاسلامية بدلا من تقديم الافكار السياسية التي عرفت بجرأتها؟
    الترابي فيه شخصية المفكر والسياسي، الذين يكرهونه في السياسة يقولون أنه أسوأ سياسي واحسن مفكر إسلامي، وفيه جانب فكر كبيرة ولديه نظرية متكاملة تظهر منها فروع في الاراء وهو لايحب ان يسميها فتاوي، وهذه الاراء لابد ان تقدم الان لانها نضجت في نصف قرن، لكن الجديد أن هذه الافكار لاول مرة تتبلور حولها مدرسة حقيقية.
    # (اولاد امدرمان) من الاسلاميين من هم؟ وهل يشكلون تيار لوحدهم داخل الحركة الاسلامية؟
    هو لم يكن تيارا، كانوا مجموعة من الاصدقاء(الشلة) جمعتهم العلاقات الاجتماعية في الاساس قبل العلاقة التنظيمية او السياسية، وعندما حدث الانشقاق غالبهم كان مبدأي في مواقفه وانحاز للمؤتمر الشعبي.
    أعتقد فيما يتعلق بالسياسة فأولاد امدرمان لم تكن لديهم مخاوف فقد كان لديهم تأمين ضد مظاهر السلطة ومظاهر الثراء فهذه امور لا تدهشهم ليس مثل اخرين. وبالمناسبة فقد قرأت دراسة طريفة لتركيبة نظام صدام حسين، حيث قالت الدراسة ان أهم أسباب الفساد في نظام صدام السابق كان هو التفكير في هم المنزل هذا الهم ليس عندنا غالبهم ليس لديهم هذا الهم.
    فيما يتعلق بالتجديد فإن غالب ابناء امدرمان من اعضاء الحركة الاسلامية مثلو التجديد سالبا أم موجبا ، كما أن لديهم شفرة يتعاملون بها.ولديهم زيهم المختلف وجودهم مع بعض داخل الحركة أثار عديد من الاشياء.
    وأم درمان وجودها مركزي ليس لانها افضل مدينة ولكنها مدينة حضرية من قبل خمسين عاما ونشانا في بيئة افضل من بقية السودان وكنا محظوظين أن نشأنا في هذه البيئة.
    # هل صحيح أن امدرمان مدينة مصنوعة؟
    انا درست علم الاجتماع ولم اجد هذا المصطلح، وكلمة مصنوعة هي ليست اساءة، الجامعة مثلا مصنوعة لانه تنشأ بطريقة منظمة، يدخلها الناس ويخرجون منها، ولكني اظن أن الاخ عبد الله حمدنالله الذي قال هذا الحديث يقصد أن دور الثورة المهدية في إنشاء مدينة أم درمان، ولكن مصطلح مدينة غير مصنوعة غير معروف ولا يعني انها مدينة مزيفة وعبد الله حمدنالله نفسه يقول أنه يحب امدرمان.
    # أين أنت الان من أبناء جيلك؟
    إذا كنت قد ظللت في المؤتمر الوطني كان سيكون لدي المناصب، ولكني لم اكن حريصا على ذلك، كنت حريص على دور فكري، أنا أتفق مع المفكر الالماني ماكس فيبر أن الانسان لا استرزق من السياسة، إذا استرزقنا من السياسة سنخلق طبقة من المتعطلين والمتبطلين كما حدث من عدد في الدول، فإذا استرزقت من السياسة سيكون ذلك على حساب مواقفي ومبادئ، انا بعيدا عن المناصب لا تخيفني التهديدات التي تخص الرزق والحياة والمعيشة.

    *هذا حوار اجرته جريدة ايلاف السودانيه

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de