التجمع الوطني.. حصان طروادة .. وتاكتيكات الحركة الشعبية

Quote: كتبت : صباح احمد بعد ان وقَّع التجمع الوطني الديمقراطي المعارض مع الحكومة علي اتفاق القاهرة في العام 2005م والذي انخرطت بموجبه فصائل التجمع في أجهزة الحكومة المختلفة وأخذ نصيبه من (كيكة) السلطة, أصبح يمضي كل أيامه في صراع مستمر من اجل الحفاظ علي وحدته وتماسكه بل وبدأ في العد التنازلي في اتجاه التلاشي ككيان معارض للحكومة ومواجه لها.. وعندما انقلب عليه قبل أيام عراب المصالحة ومهندس اتفاق القاهرة ومن قبله اتفاق(جدة) في العام 2003م علي عثمان محمد طه خسر تلك المعركة.. فأمام عشرات الصحفيين تساءل نائب رئيس الجمهورية متهكماً عن حقيقة وجود ودور التجمع في أعقاب الهزة العنيفة التي ضربت علاقة شريكي اتفاق نيفاشا وباختصار(التجمع غير موجود إلى حين اشعار آخر).. وبدا واضحاً للعيان إن ما أثاره نائب رئيس الجمهورية في مؤتمره الصحفي الاحد الماضي بخصوص التجمع المعارض سيعيد للأذهان تساؤلات عديدة بشأن دور التجمع وطبيعة علاقته بالحركة الشعبية والتي يصعب توصيفها أو تحديدها بسبب ما اكتنفها من غموض خاصة بعد انفراد الحركة الشعبية بمفاوضة المؤتمر الوطني وتغييبها لبقية فصائل التجمع في مباحثات نيفاشا الثنائية, دونما استصحاب رؤى وأطروحات التجمع المعارض والذي كانت الحركة الشعبية تمثل واحدة من فصائله الرئيسة.. وبالرغم من أن مياهاً كثيرة مرت من تحت جسر العلاقة بين الحركة والتجمع المعارض تجدد العشق القديم مرة ثانية وتبادل الطرفان المذكرات والاتصالات وها هو د.الشفيع خضر عضو هيئة قيادة التجمع يتحدث لـ(آخر لحظة) عن مذكرة رفعها التجمع للحركة الشعبية عقب تفجر الأزمة الأخيرة بين شريكي اتفاق نيفاشا, وتشير الأنباء كذلك إلى عقد اجتماع للتنسيق بين الطرفين في جوبا في موعد لم يحدد بعد, من أجل البحث في الأزمة السياسية الناتجة عن تعليق الحركة الشعبية مشاركتها في الحكومة المركزية. وفيما ناقشت الحركة الشعبية خلال اجتماع مكتبها السياسي الأخير بجوبا _الذي افرز التداعيات السياسية الراهنة_ ملف العلاقة مع التجمع وكيفية تطويرها هاهو التجمع يرد التحية بأحسن منها حينما يقول عضو سكرتارية التجمع بالداخل محمد وداعة لـ(آخر لحظة) أن الحركة ناقشت وطرحت في اجتماع مكتبها السياسي قضايا يعتبرها التجمع من صميم أفكاره وبرامجه كمسألة التحول الديمقراطي وتنفيذ اتفاقيات السلام المختلفة وقضايا الحريات.. ويشير وداعة إلى أن تيرمومتر العمل السياسي دائما ما يمر بحالتي الصعود والهبوط حتي داخل الحزب الواحد ناهيك عن أحزاب وقوي سياسية متعددة.. ولتفسير حالة(الغموض) التي اكتنفت علاقة التجمع والحركة الشعبية يقدم د.الشفيع خضر مبررات يحسب انها موضوعية ومنطقية, من بينها الرحيل المفاجئ لزعيم الحركة الشعبية د.جون قرنق وما تلي هذا الرحيل من هزة لصفوف الحركة بجانب الأعباء والمهام الجديدة التي ألقيت علي عاتق قيادات الحركة الشعبية عبر مشاركتهم في الحكومة الاتحادية وحكم الولايات الجنوبية.. ويوضح قائلا: بأن كل هذه الملفات لم توضع في الحسبان و لم يتم النقاش حولها ولم يتواضع الطرفان_التجمع والحركة الشعبية_ علي استحداث صيغة جديدة تحكم علاقاتهما ولم يتم الجلوس لطرح أفكار من شأنها تدعيم اتفاقيات السلام دون مشاركة التجمع الكاملة في أجهزة الحكم والسلطة.. ومع اعتراف الشفيع بعد وضوح العلاقة بين الحلفاء السابقين وقوله أن ما يربط الحركة مع كل القوي السياسية هو تنفيذ اتفاقية نيفاشا التي أيدها التجمع رغم تحفظاته عليها إلا أنه في ذات الوقت يدعو للنأي بالقضية عن مسألة البيع والشراء والمساومات والصفقات.. ربما..لكن دعونا نضم صوتنا إلي صوت نائب رئيس الجمهورية الذي بدا مندهشاً من عودة(الروح) لجسد التجمع الذي يعتبر كثيراً من العالمين ببواطن السياسة انه(مات وشبع موتاً) وذلك عقب مسارعته إلي دار الحركة الشعبية ليعلن تضامنه مع توصيات المكتب السياسي للحركة وتأييده لقرارات تعليق المشاركة في السلطة,ونتساءل عن وجود وفاعلية وتأثير التجمع في الحياة السياسية في الوقت الراهن.. ويبدو السؤال علي بداهته منطقيا ومحتاجا لإجابة في أعقاب الشعور بأن التجمع أضحي غير موجود في الساحة السياسية, لكن الشفيع خضر يجيب علي السؤال المطروح بقوله إن التجمع كمكونات وأطر هيكلية وإدارية موجودة, ولم يعلن انفضاضه حتى الآن ويشير في ذات الوقت لبروز الكثير من الخلافات التي أدت لحدوث شرخ داخل التجمع بشأن طبيعة المشاركة في السلطة. ويقول منذ نوفمبر 2005م وتحديداً في آخر اجتماع للتجمع بالخارج حدث شرخ كبير متعلق بقضية المشاركة ووقع الخلاف لأن هناك من كان يري الاكتفاء بالمشاركة في الأجهزة التشريعية بينما رأي آخرون المشاركة في الأجهزة التنفيذية إضافة للتشريعية وفي النهاية لم يحسم الجدل وترك لفصائل التجمع تقرير ماتراه مناسبا بشأن المشاركة) ويأخذ الشفيع علي التجمع عدم جلوس أطرافه لتقييم التجربة الماضية والتوافق علي إعادة هيكلته من جديد ليواكب متطلبات المرحلة الجديدة لا سيما وأن غالبية فصائله أصبحت جزءً من الحكومة ويكشف عن لقاءات عديدة_غير رسمية_ بين بعض فصائل التجمع من أجل ضخ الدماء وإعادة الحياة للتجمع, لكنه يقول إن هذه المهمة لن تنجح إلا بعد تقييم التجربة الماضية والبحث عن توليفة جديدة لمقابلة المستجدات.. ويقول إن الحزب الاتحادي والحزب الشيوعي تقدما بمذكرتين لإحياء نشاط التجمع وإنه تم الاتفاق علي تكوين آلية انتقالية مؤقتة للعمل علي تقييم نشاط التجمع في الفترة الماضية والتحضير للاجتماعات وتحديد مصيره وكانت ازمة الشريكين أول اختبار حقيقي لما طرحه التجمع من قرارات ويلفت نظري إلي مذكرة رفعها التجمع للحركة الشعبية إبان الأزمة.. ولأن كثيراً من المتابعين للشأن السياسي قد يرون ان الحركة الشعبية تحاول استغلال التجمع لتقوية مواقفها في مواجهة أزماتها مع المؤتمر الوطني, فإن محمد وداعة يؤكد أن العلاقة بين التجمع والحركة علاقة تفاهمات وحوارات وتناغم حول القضايا الوطنية والهم العام وليست علاقة استغلال كما يشيع البعض.. ربما..لكن وفي اتجاه مغاير تماماً يتهم مصطفي محمود العضو السابق بسكرتارية تجمع الداخل الحركة الشعبية بالسعي المبكر لإضعاف التجمع كمطلب خارجي تقف وراءه الولايات المتحدة الأمريكية التي يقول إنها كانت تعمل جاهدة لتصفية وجود التجمع أو توجيهه واستخدامه لتمرير اجندتها ومطامعها.. ويذهب محمود أكثر من ذلك حينما يقول لـ(آخر لحظة):إن الحركة كانت بمثابة (حصان طروادة) بالنسبة للأمريكان داخل التجمع ومنذ اجتماع مصوع عام 2000م استولت أمريكا تماماً علي التجمع عن طريق الحركة الشعبية التي قامت بالتخطيط لابعاد حزب الأمة القومي ليسهل لها ابتلاع التجمع وهو ما حدث فعلا.. ويخلص إلى أن التجمع اختصر في شخص مولانا محمد عثمان الميرغني ولا شئ سواه ويشير إلى بعض الشخصيات التي تتعالي اصواتها متحدثة باسم التجمع ويقول انهم افراد قلائل يدركون في قرارة انفسهم أن التجمع حررت له شهادة الوفاة ومنذ زمن بعيد.. وقريباً من هذا يتهم التجاني مصطفي القيادي السابق بسكرتارية تجمع الداخل بعض الاشخاص بمحاولة استغلال اسم التجمع لمصالح خاصة ويقول: إن التجمع في اسوأ حالاته الآن ولا أمل يرجي منه بعد أن دخل غرفة (العناية المكثفة) لأنه في حالة(موت سريري).