الخرطوم (رويترز) - اجتمع الرئيس السوداني عمر حسن البشير مع متمردين جنوبيين سابقين يوم الثلاثاء بعد أيام من سحبهم وزراء من الحكومة مما اثار أسوأ أزمة سياسية في البلاد منذ توقيع اتفاق سلام في عام 2005.
وفي الاسبوع الماضي انسحب اعضاء بالحركة الشعبية لتحرير السودان من الحكومة الائتلافية مطالبين باحراز تقدم بشأن بنود أساسية في اتفاق السلام الذي وقع عام 2005 من بينها تلك الخاصة باعادة نشر قوات وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب.
وصرح ياسر عرمان نائب الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان لرويترز قبل الاجتماع بقوله "هذه الازمة أخطر قضية.. واكبر أزمة في البلاد في الوقت الحالي."
واضاف "لم نكن وحدنا من حمل على الانتظار لمدة يومين بل البلد باسره كان ينتظر.. كان يمكن استغلال هذا الوقت لحل القضايا."
ويصر الجانبان على انهما لا يرغبان في العودة للحرب وعازمان على التفاوض للخروج من حالة الجمود ولكن العلاقات بين العدوين السابقين اللذين اضحيا شريكين في السلام وصفت بانها "مسممة".
واجتمع الرئيس مع ريك مشار نائب رئيس الحركة لمدة 30 دقيقة بعد ظهر يوم الثلاثاء بعد ان انتظر مشار وهو ايضا نائب رئيس جنوب السودان يومين في الخرطوم لمقابلة البشير.
ورفض الامن في منزل الرئيس في البداية السماح للوفد بأكمله بالدخول وطلب منهم الانتقال من اربع سيارات الى سيارتين قائلا ان اسم عرمان ليس في القائمة.
وقال وزير شؤون الرئاسة السوداني بكري حسن صالح ان البشير سيجتمع مع سلفا كير رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عندما يأتي الى الخرطوم ليبدأ محادثات بشأن القضايا العالقة.
ولم يرد تعقيب فوري من الحركة الشعبية لتحرير السودان على الاجتماع.
وأنهى اتفاق السلام بين الشمال والجنوب حربا أهلية دامت عشرين عاما ونص على تشكيل حكومة وطنية ائتلافية وادارة في الجنوب تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي وضمان اجراء انتخابات ديمقراطية ومنح الجنوبيين حق الاقتراع على الانفصال في عام 2011.
وينظر الى الاتفاق أيضا كنموذج لتسوية الصراعات الاخرى في السودان وبشكل خاص في دارفور ويقول محللون ان فشله يهدد باحباط التقدم نحو السلام في أماكن أخرى.
وقال مصدر بالحركة انها سلمت الى صالح يوم الاحد الماضي خطابا مع قائمة مطالب تشمل تعديل مناصب وزارية لوزراء من الحركة وهو الاجراء الذي اجله البشير لمدة ثلاثة أشهر وقائمة بانتهاكات دستورية ينبغي تسويتها.
وذكر عرمان أن مسألة التعديل الوزاري التي ركزت عليها معظم الصحف ليست القضية الرئيسية.
وقال عرمان "سنحدد موعدا لحضور سلفا كير (رئيس الحركة) ومناقشة محتوى الخطاب وسنستمع لما سيقوله الرئيس."
وأضاف "نطالب بتوجه جديد وروح جديدة لتنفيذ الاتفاق."
والتزمت البعثات الدبلوماسية في الخرطوم الصمت خلال عطلة عيد الفطر التي انتهت يوم الثلاثاء ولكن الكثير منها ابدى في مناقشات خاصة قلقا شديدا ازاء انسحاب الحركة من الحكومة الذي يعد أكبر تحد للاتفاق الذي انهى أطول حرب أهلية في افريقيا.
وقال دبلوماسي بارز "نحن في غاية القلق ولا ندري ما سوف يحدث."
وقتل نحو مليوني شخص ونزح اكثر من أربعة ملايين من ديارهم جراء الحرب بين الشمال والجنوب التي اشتعلت من ان لاخر على مدار خمسة عقود.
وتشكو الحركة ومراقبون اخرون من أن المجتمع الدولي وبصفة خاصة الولايات المتحدة التي شاركت في مفاوضات اتفاق السلام اهملت تنفيذه وتخصص وقتا اطول للمشاكل في منطقة دارفور حيث قتل 200 ألف شخص في التمرد الذي اندلع قبل اربعة اعوام ونصف العام.
ويقول اريك ريفز الاكاديمي الامريكي وخبير الشؤون السودانية "القائمة الطويلة والقهرية من الشكاوي التي اوردتها الحركة الشعبية لتحرير السودان ... في بيانها معلومة جيدا للاطراف الدولية منذ فترة طويلة ورغم ذلك لم يمارس فعليا اي ضغط على الخرطوم لاحترام التزاماتها."
ومنذ استقلاله في عام 1956 شهد السودان العديد من المنازعات المحلية نظرا لاتهام مناطق نائية في السودان الحكومة المركزية بانها جعلت السلطة حكرا على القبائل التي تقطن منطقة حوض النيل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة