في طرقات المدينة .. كان الضياع !! وجدتُ نفسي وحيدة فسرت في طريق مدجج بالأخطار .. كان سلاحي الإنتظار ... خرجت عند الصباح يقودني الفضول وأصابني الذهول .. في محطة البص أحدهم يمد يده إليً .. يضع نظارة سوداء ويحمل عصا .. ربما أعمى !! وربما بصير .. سوف أضعه في اختبار يسير .. أخرجت كل مامعي وقلت له : ليس معي غير خمسة جنيهات .. رد بسرعة : وتحملي مثلها العشرات !! إبتسمت بمكر : أيها الشاب أأنت تبصر ؟؟!! أم أنه إلهام ؟؟!! أخرج من جيبه بعض الأوراق .. إنها شهادته الجامعية .. لم يتحصل على عمل ومات بداخله الأمل .. إنه الإنكسار في المدينة وكل طرقاتها الحزينة !!
وحدي بالمحطة .. سيارة فارهة تقف بالقرب مني .. يشير صاحبها إليً .. تذكرت حينها عندما كنا أسراب نعيش على هامش المدينة .. خرجنا العشرة نود الذهاب للــ Clinck .. أحد أفراد السرب سوف تجرى لها عملية باللوز .. لم تفلح في الحصول على مقعد في الحافلة .. فالحافلات مكتظة بالمسافرين .. أشرنا لعربة بوكس .. كان السائق ومعه شاب توقفوا دون تردد .. ركبنا نحن العشرة .. توقفت السيارة لتحمل إحدى طالبات المدارس الثانوية .. نزل الشاب من السيارة .. ركبت الطالبة ثم الرجل .. ربما يود أن يبصق تمباك" او سفة " .. لا لم يكن الأمر كذلك .. إالتفت السائق يميناَ مبتسماَ رأيناه من خلال الزجاج يضع يديه على عينيه .. عقدت الدهشة ألسنتنا .. بادرت عواطف بالتعليق .. شاب طيب يقول إنه سيحملنا في حدقات عينيه .. أيها الغبية إنه يقول لنا أغمضوا أعينكم .. ضحكن من كلماتي .. وصدقت توقعاتي ..
صارت البنت بأيدهم كالدمية .. نزلت بالقرب من المدرسة ومضت بنا السيارة حتى مجلس البلدية .. نزلنا هناك لنستقل البص .. انهالت على السائق كلمات الشكر .. شعرت بالدم يغلي في عروقي .. خرجت كلماتي الغاضبة : إن لم نكن نرى فإن الله يرى .. ضحك الشاب بشئ من اللا مبالاة وأجابني عذراَ لاتغضبي .. كان الغضب في عينيً السائق الذي يقف بالقرب مني ويشير إليً .. أهو فضل الظهر .. أم قصمة الظهر ؟؟!! خاطبني بسخف تفضلي فلكل البنات طموحات .. أجبته طموحاتي في حدود إمكانياتي .. أنا إمراءة أفترش الأرض وأتدثر السماء .. أو تدري ما السماء ؟؟!! – متخلفة ، رجعية .. خير من أهب ديني ودنياي لأمثالكم هدية ... استنجدت بالسماء .. وفي السماء رزقكم وماتوعدون .. وقفت الحافلة أمامي .. الكلمات ترن في أذني متخلفة .. رجعية .. تذكرت التخلف ولكنه من نوع آخر .. كنا عندما نشاهد بالتلفاز إعلاناَ عن أماكن مفتوحة نذهب ليس للتسوق ولكن للمشاهدة .. أذكر عندما دخلنا لاركو للأحذية قالت زميلتنا إنصاف إن المكان مكتظاَ وليس هناك موضعاَ لقدم .. السلام عليكم .. ضحكنا جميعا فلا يوجد أحد سوانا سوى المرايا التي تغطي الجدار من كل الإتجاهات .. ذهبنا للمغلق لشراء " الطِبْل " أشرتُ لزجاجة السِنَر وسألته الجلسرين بكم ؟!! ضحكن مني : هذا مغلق !! في هامش المدينة كنا نعيش ببساطة وتلقائية وصدق وواقعية ... لغة المدينة لغة الأرقام .. كُنْ رقماَ تنال الإحترام والإهتمام .. في المدينة لا تأكل الأفواه ولكن الأكمام .. سيان في ذلك أهل المسابح والمذابح !!!
ودي لكم وصال عالم
10-07-2007, 11:02 AM
هاشم أحمد خلف الله
هاشم أحمد خلف الله
تاريخ التسجيل: 01-16-2007
مجموع المشاركات: 6449
كل سنة وانت طيب وربنا يحقق كل الأمنيات المستحيلة يارب !
سعيدة جداَ أن أعجبك النص .. نعم زمان الإنكسار أتى !!
وتعملق الاقزام فيك .. وعربدت فيك التتار لم يبق منك سوى دوى الانهيار!! فتعال ياأختاه نبكى ما تبقى من كرامتنا ونمضى فى انكسار !! ماذا تبقى من زمان الحب والتذكار فى زمن الخوار؟! ماذا تبقى غير قبض الريح فى الزمن البوار؟!
ووأظنها للشاعر الأستاذ نورالدين منان ...
وصال عالم
10-08-2007, 01:41 PM
مجدي عبدالرحيم فضل
مجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882
كل عام وأنتم بخير .. وربنا يحقق كل الأماني الطيبات !
أشكرك للطرح المؤسس .. والوجع الموسوم بالآه لما آل إليه حال المجتمع السوداني من إنهيار شمل كافة مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية .. وأفرز طبقتين وذابت الوسطى إما في الدنيا نتيجة الشرف والأخلاق .. وإما في العليا نتيجة التسلق ...
إن أهم ما تفتقده العولمة هو الجانب الأخلاقي .. بل الأخلاق تحولت إلى مصلحة.. فالأخلاق معتبرة وعاملة عندهم ما دامت تؤدي مصلحة مادية .. وأصبحت مفاهيم الأخلاق متغيرة بسرعة تتواءم مع عصر السرعة .. حيث فقدت الأخلاق المحك المعياري .. وأصبحت تابعة للمصلحة .. ولذا نرى بوضوح سياسة الكيل بمكيالين في عالم السياسة.. ونرى الفوارق الاجتماعية بفعل الاختلال في موازين الاقتصاد .. وفي الناحية السلوكية فقد رميت الأخلاق جانبا لأنها تتعارض مع حركة الفن .. وتتعارض مع تجارة الأعراض .. وتتعارض مع قيم الحداثة التي تطلق للإنسان العنان في كل تجاه!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة