|
زنوبة
|
انهن يزغردن .... زينب منصور تشعل موقد النار، تشمر عن ساعدها القوي و الفصل خريف. أبقارها سارحة في المروج البكر، شيعت قلبها ليسكن حقل الصقيع بعد أن طلقت زوجها طلقة بائنة. هاهي تثرثر عن العز الذي سوف يأتي تحمل الهناء غيمة سائبة تودع الفقر والرهاب. صبغت شعرها بالحناء كل شيء على ما يرام مادام أنها ستاكل الدجاج والفاكهة . عندها سياتي الخصب وهي التي دست المحاريث سيرث أبناؤها القادمون مساحات الأرض والأبقار. تودع الظلمة الداكنة . وسرحت بآمالها في الفضاء العريض خبأت حلى الذهب وحملت الأماني وعشب الليالي في طحالبها المشرئبات. وهاهو الزمن الرايق لزينب منصور يطل. لا أثم يلاحقها ...لا تعاني من شظف العيش أو البحث عن الرغيف واللحظات صارت كالأناشيد . تروي لزوجها البدوي عن أيام المحاق ، وكيف أنها بضربة لازب انتصرت على زوجها السابق بعبثيته ، صعب المرأس ناشف الرأس والقاسي. وكيف أنها تجاوزت المصاعب والعقبات أملت رغباتها الدفينة وفتحت ساقيها. الأن في مرحلة الدهشة وكثيراً من التساؤلات تستشرف نبض الايام القادمة. الصورة الشاخصة والصارخة : تقول أنها ابتعدت عن المنقصات تتناول كسرة الخبز الجاف دون فرح ، والملل والضجر تسترجع بحسرة كظيمة تلك الايام. زينب منصور في الجنة ، تسكن قصراً مزخرفاً وتأكل في مائدة عريضة بما لذ وطاب وتشرب الماء الزلال وتعيش في سلام واشباع الفجر دائما يبزغ من الظلام رغم الغيوم السوداء التي لا تستطيع أن تخفي وجه الشمس المنير ، قصص زينب منصور البلهاء وروايتها تشمئز منها ، زينب منصور تحب النظام والتنظيم ودفء الجو البعيد عن الضوضاء ... وفي محاولاتها البائسة لتصحيحه احبطت . رغم أنها صارت لطيفة ومثيرة وتبحث عن الحرارة المفتقدة إلا أن علاقاتهما سرعان ما تتدهور هشاشة مناوراتها إدعائها وعدوانيتها والطريقة التي نالته بها تعامله الحيواني وحسه القليل بالحياة والفاكهة، مكتئبة وشاحبة أو صالها ذلك للملل من جديد وخيبة الأمل والخواء . خطأ زينب منصور القاتل أنها تسمع كلام الآخرين . وما هو إحساسه بالوحدة يتجدد. وللتغلب على الخواء كانت تبحث عن اللذة ، البدوي بنسائه الأربع وتجاهله لجزعها أودى بها إلى أن تبدو في الخمسين ، قرفانة ومشمئزة جسدها ترهل وصار عبئاً عليها ... وجاءت الأوجاع لتكمل الضجر راح فضولها وقهقهاتها العالية ... قاموسه المهترئ من الكلمات لم يجده ، وهو يتأمل وهي تداعب شعر رأسه بأصابعها تنبثق من ذاكرته لحظة أن زجرته ، تؤثر عينيها وتركيزها أثار قلقه ، أبعدها عنه وراح يتقلص وينزاح ، ويهبط الشعور بالهناء ، بعد كل ثورة غضب ذلك ما وصل إله البدوي ومن الضروري أن تستعمل كل حيلك الريفية لإبعاد أكاذيبها ، غرورها وفضولها . يمكن بالمال أن تمتلك مفاتيحها ... القصية .. وعندما تبدو طبيعية ومطيعة استخدم أجندتك وستصل إلي نتائج جديدة وسريعة لاتسأم، إستعمل خبرة السنوات وإنتبه أن لا تقع أسير الأكاذيب وستثبت لك الأيام أيكم اكثر أخلاقاً . العنفوان الأن في أوجه والاشتهاء ... وزينب منصور تربة بعض الصخور أيام كانت فاتنة ممشوقة القوام غامضة ومتحدية ، قبل أن تنجب دسته من السناجب هاهي الآن بأردافها المهولة وخصرها الشاسع صارت الملابس لا تناسبها عاماً بعد عام ، "الوساع" ، ذلك ما تنشده وتضحك ملء اشداقها ضجراً وهي تزدرد طيات اللحم المشوي وتقضم عنب الشام تأخر البدوي عن بيوته الأخرى أحياناً لا تتحمل عجرفته ، وتشاكسه فيذهب غاضباً ور يرجع لبيتها إلا بعد أن تأتيه باكية الوغد دائماً ما تجده دائخاً من العمل وفي اللحظة المواتية يأتيه زواره العديدون وتهرب الاشتهاءات من النافذة .. التفاصل تبدو ضرورية والهواجس ترفع درجة الفانتازيا المناورات التي لا تنتهي تحزن زينب منصور وتبدأ في الاعترافات المتعثرة سرطان الثدي ، ألم المصران والقرحة الشعر الذي بدأ خفيفاً ومتصاقطاً ، أنها لم تعد بحاجة إلى الكلام. تفتح السكك لبدويها الملهوف وتقدم سالقين من المسرات اللازعة. تفتح نافذة مطبخها لتراقب جارتها خودة ، تحدثها وهي تداعب درة الجوهر التي أهداها لها بمناسبة زواجهم . تطل نظراتها لباحة واسعة ملأي بالأبقار والروث والذباب الهائم ، وتعطي دروساً خصوصية لأبناء زوجها ، صورهم النحيفة مليئة بالمخاط والبصاق والذباب ، وعلى الغرف رائحة بول الماعز ، الضان والدجاج والدة زوجها تحيك شالاً من الصوف لموسم الشتاء القادم لأبنائها. الغرف دون ستائر وبنات زوجها يشتغلن بأعمال البيت يسترقن إليها منذ أن حطت علهم كالكارثة . تحاول أن ترسل تأثيراتها الخاصة ما يسيطر على تفكيرها بقدر الامكان التلائم مع هذه البئية ومزاجها المتطرف حير البدوي. في حلمه يراها مهمومة عابسة سريعة الغضب ترتدي زياً مهلهلاً. يأتيه طيف والده المتوفي يسأله لماذا إغترن بها دون مشورته . يصغي إليه ويبتسم جده الشائخ ملامحه التي لا تميز لها يهده من كتفه يراقبه بحذر يعنفه. لحظات صمت مفاجأة في البدء لم يستوعب الدلالات صار يتامل ويسأل يهتم بالمحدد والمحسوب يراقب زينب منصور بحذر تهذيبها مفاجئاتها التي لا تنتهي مع زينب منصور تصعب معرفة الحقيقة. أرادت أن يفهمها ويشركها في قدر من المشاعر وإنهز فرصة سفرها لزيارة أمها العجوز. فتح دولابها وخزانتها الداخلية وجد مبتقاه مخلفات الصندوق تكومت بداخلها رسائل وصور وأحجبة وبخرات تعويزات مهملة أشكالها مختلفة جزء من شعر رأسه منديله الذي لفتقده سن تمساح وجلد غنفس. بدت أيامه صحراوية قاحلة تكشف زيف الثمر الفجة وتكون بجواره وأنت تمارس الصمت أسند راسه على كتفه فحس بخيبة الأمل نظر في كيفية نهايات الحب دائماً ما يترهل تسقط أسنانه وتضمحل قوته وتخبو حرارته ويذوب ويتلاشى ويحطم البناء المتخيل.
|
|
|
|
|
|