|
|
 الفشل يتهدَّد مفاوضات طرابلس!!
|
حنان بدوي
رغم ان اجتماع نيويورك الذي عقد مؤخراً بمقر الأمم المتحدة هدف إلى انجاح مباحثات طرابلس التي ستنعقد في اكتوبر القادم بين الحكومة وحركات دارفور المسلحة الرافضة لاتفاق ابوجا، الا ان بعض المراقبين ابدوا مخاوفهم من فشل اجتماع نيويورك في تهيئة الأجواء ومعالجة التحديات والخلافات التي برزت. ويقول المراقبون ان تهديد المشاركين في المؤتمر بفرض عقوبات على الحركات الرافضة للمشاركة في المحادثات المرتقبة قد يؤدي لنتائج سالبة، وأنه يجب إرسال وسطاء لإيجاد حل ومعالجة الخلافات قبل بدء موعد المفاوضات القادمة.
وفي هذا السياق تعتبر تصريحات الرئيس المشير عمر البشير والتي ابدى فيها مخاوفه من فشل مفاوضات طرابلس بمثابة تحذير عملي للمجتمع الدولي بضرورة معالجة كافة التحديات وتوفير الأجواء المناسبة لإنجاح المفاوضات. وكان البشير قد اشار إلى ان المفاوضات التي ستجرى الشهر القادم بطرابلس ستواجه مشكلات بسبب عدم تمثيل كل المجموعات المسلحة فيها، وأضاف انها قد تواجه معضلات لأن الفصائل التي ستحضر محادثات طرابلس لا تمثل جميع من يحملون السلاح، وفي هذا الصدد اتهم البشير الدول الأوروبية خاصة فرنسا بالتساهل مع عبدالواحد محمد نور.
وفي السياق نفسه أكد زعيم حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور مقاطعته لمفاوضات طرابلس ووضع شروطاً صعبة للمشاركة فيها. ولوح خليل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، بعدم حضور المحادثات احتجاجاً على استمرار العنف في دارفور. ويضيف المراقبون ان نجاح مفاوضات طرابلس مرهون بموافقة كل الأطراف على اجندة المفاوضات، مع ضرورة اذابة الخلافات وتقريب وجهات النظر قبل بدء وقت كافٍ من بدء المحادثات.
ويقع عبء كبير على عاتق الوسطاء لإنجاح آلية الوفاق والتراضي بدلاً عن آلية العقوبات، والتي اشار إليها جون نغربونتي، نائب وزيرة الخارجية الأمريكي، مشيراً إلى نتائج اجتماع مجموعة الاتصال الدولية حول دارفور والذي عقد مؤخراً برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي حيث اعلن نغروبونتي ان المجتمعين مستعدون لفرض عقوبات على المجموعات المتمردة التي ترفض الذهاب للمفاوضات، وشدد بقوله على ان اي مجموعة لا تشارك في المحادثات أو تحاول عرقلتها ستواجه بتدابير تأديبية حازمة وفعالة، وأضاف انه في حال قرر فصيل كبير من المتمردين عدم المشاركة أو عدم ارسال ممثل له إلى محادثات طرابلس "فلن يمر هذا دون ثمن.. ونحن مستعدون لفرض عقوبات، وإذا اختارت مجموعة متمردة مهمة عدم الحضور فيجب ان لا يكون هذا خياراً مجانياً وفكرة العقوبة ليست قاصرة على الحكومة وحدها بل تطال زعماء التمرد ايضاً".
وقال السفير عبدالمحمود عبدالحليم، مندوب السودان الدائم للأمم المتحدة، بأن اجتماع نيويورك خرج برسالة مهمة تتمثل في تقرير العملية السلمية بدارفور وجعل اجتماعات طرابلس حاسمة ونهائية، وطالب الدول الكبرى بالضغط على الرافضين ودفعهم للمشاركة في المفاوضات المرتقبة. كما استبعد علي كرتي، وزير الدولة بالخارجية، في مؤتمر صحفي ان يكون رفض عبدالواحد للمشاركة في مفاوضات طرابلس نهائياً.
وفي ذات السياق دعا الاتحاد الأريقي والأمم المتحدة الحركات التي لم توقع على المشاركة في المفاوضات. وكان المشاركون في الاجتماع الدولي التشاوري حول دارفور قد قدموا نداء لكل فصائل المتمردين للمشاركة في مفاوضات طرابلس المقرر عقدها في 27 اكتوبر بليبيا وإلا تعرضت للعقوبات. وكان وزير الخارجية لام كول قد شدد على ان اي فصيل لا يشارك في المحادثات أو يحاول عرقلتها سيواجه اجراءات عقابية حازمة.
وفي ذات السياق تمنى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير مشاركة نور في المحادثات مستبعداً الضغط عليه عبر التهديد لبطرده من فرنسا. ومن جهته قال الفا عمر كوناري رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي "لا أظن ان اشخاصاً يريدون السعادة لشعوبهم يمكن ان يرفضوا الجلوس لطاولة المفاوضات"، وتساءل كوناري: "هل رفض المشاركة يعني انهم يعتبرون ان بإمكانهم كسب (المعركة) بقوة السلاح؟".
وكان أحمد عبدالشافي، القيادي بفصيل حركة تحرير السودان، قد طالب بتأجيل موعد مفاوضات طرابلس المقررة 27 اكتوبر القادم إلى ان يتم التوصل إلى هدنة حقيقية على الأرض وتقدم فصيل عبدالشافي بهذا الطلب في رسالة ووجهها إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، واعتبر عبدالشافي في رسالته ان الأطراف المعنية بالنزاع ليسوا مستعدين بعد لبدء مناوشات سياسية حقيقية.
د.صفوت صبحي فانوس قال ان الاجتماع لم يخرج بجديد بل كان في اطار تجميع الجهود الدولية في اطار التنمية والتحضير لمفاوضات طرابلس القادمة بين الحكومة والحركات المتمردة. وأوضح في حديث لـ(السوداني) ان حجم المشاركة الكبيرة في الاجتماع يعكس إلى حد كبير اهمية ازمة دارفور بالنسبة للمجتمع الدولي، وبالرغم من أن الاجتماع خرج بقرارات الا ان المشكلة تمثلت في مدى الجدية في تنفيذ هذه القرارات ومدى التزام المانحين بما وعدوا به لحل أزمة دارفور، مشيراً إلى ان تأمين الاجتماع على ضرورة وأهمية مؤتمر طرابلس فيه اشارة واضحة للحركات بضرورة المشاركة الجادة في المفاوضات القادمة بغرض انهاء الأزمة، اما عن تنفيذ العقوبات في حالة عدم مشاركة الحركات فقال "ننتظر لنرى"!!
عبدالله آدم خاطر، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، قال في حديث لـ(السوداني) ان اجتماعات نيويورك جاءت متطابقة مع الجهود التي بدأت في نوفمبر 2006م بأديس ابابا وأن الاجتماع يعكس انطباعا اقليميا ودوليا في قبول مبدأ السلام في دارفور بشكل جاد عبر المفاوضات القادمة وتأكيد حماية المدنيين عبر القوات الهجين ودفع اطراف دارفور للتفاهم والتراضي وتسريع العملية السلمية، اما بالنسبة للتهديد بالعقوبات للحركات التي ترفض التفاوض في طرابلس فهي مسألة طبيعية تحدث للأفراد الذين يرفضون السلام، وحتى الآن لم يظهر اي طرف بأنه ضد السلام، لكن يحق لكل طرف المزايدة، الا انه بعد تقديم المجتمع الدولي والأطراف المعنية الدعم لسلام عادل وقابل للاستدامة فإن الذي يخرج عن السلام هو يستحق العقوبات، ولكن وسط هذا الدفع الدولي والإقليمي والدولي ما تزال الأجواء في السودان تتباين بين التفاؤل والتشاؤم والترقب والانتظار، وهذا ما ستكشفه الأيام القادمة.
ويبدو ان رياح الفشل تهدد وتطارد مفاوضات طرابلس المرتقبة بين الحكومة والحركات المتمردة، وهذا ما تشير له المعطيات والمؤشرات الآنفة الذكر وتصريحات الرئيس البشير وعبدالواحد محمد نور وأحمد عبدالشافي، اضافة إلى وجود اختلافات في الرؤى بين الأطراف التي من المفترض مشاركتها في المحادثات.
|
|
 
|
|
|
|
محمد الامين محمد
د. بشار صقر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست