آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-10-2007, 07:18 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي)

    لا أريد أن اكتب عنه عليه رحمة الله لاني لست في مستوي من يكتب عنه فهو استاذي ووالدي وشيخي واحبه في الله حبا لا مثيل له ..لاني شربت من معينه ما يكفيني لاؤدي واجبي تجاه وطني واهلي..واسال الله ان يجزيه خيرا ويسكنه فسيح جناته:
    فهذا كتابه (اخر الكلم ) لمن فاتهم قرائته...سوف انزل منه كل يوم جزء بسيط...

    إهـــــداء






    إلى……......................

    الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا
    وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر........
    وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

    زين العابدين الشريف الهندي.

    (عدل بواسطة مهاجر on 03-11-2007, 01:17 AM)
    (عدل بواسطة مهاجر on 03-11-2007, 01:59 AM)

                  

03-10-2007, 07:20 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    مقدمة الطبعة الثانية

    من أصعب الأشياء كتابة مقدمة للكتب تخرج بكاتبها عن النمط التقليدى للمقدمات وتعطى القارئ صوره عما يريد أن يقرأه دون مبالغة أو تعقيد لكننى وجدت نفسى فى موقف صعب وخاصة اذا كان الكتاب هو آخـر الكلم والكاتب هو الشريف زين العابدين الهندى
    ذلك أن الكاتب صناجة الأدب الأديب النحرير هزاز المنابر والقلوب وآسرها وهو يقود حاليا حزب الحركة الوطنية الحزب الاتحادى الديمقراطى فى هذه المرحلة الدقيقة من عمر الوطن الى المشاركة الفاعلة فى ارساء قواعد جديده للعمل السياسى فيها:-
    حرية الفرد وديمقراطية التنظيم وحكم المؤسسة واحترام الشورى الاتحاديه

    (لقد استغرق هذا الكتاب منى ثمانية أشهر
    فقدت فيها خمس وعشرين كيلا من وزنى )
    ولكأنى به قد أزاح عن صدره عبئا ثقيلا وهو بالحق قد فعل !
    ووضع لمساته ولمحاته وتعابيره الرائعة التى ترى فيها بعض الأحيان الهزج والمرح والسؤال والقصيدة بين السطور الجادة فتشدك شدا الى أن تواصل التحليق عبر فضاءاته الرحبة دون ملل أو صعوبة فهم .
    وجاء الكتاب حاويا وجامعا لكثير من المشاكل والمعضلات الاتحادية وللتاريخ الاتحادى بشكل خاص وللتاريخ الوطنى بصورة عامة ممتلئا بحسن السبك ورصانة العبارة وجزالتها وعذوبتها قد يضطرك الأمر أحيانا الى اعادة قراءة بعض الفصول متكاملة مع فصل متأخر لتمسك بمجامع الأمر بنفس ما أراده له الشريف فقراءة واحدة لا تكفى .
    وفى هذا الكتاب ينتقل بالفكر الاتحادى عموما من مرحلة الشفاهة والتلقى السماعى الى مرحلة التأصيل الفكرى الحقيقى لحركة الوسط العريضة بكل أطيافها وجماعاتها حتى يكون انتماءها للحزب مبنيا على رؤية واضحة المعالم والرؤى وتكون لديها البرامج المدعومة بالتاريخ الناصع لآباء الحركة الاتحادية الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وكانوا قدوة فى الالتزام الوطنى حتى حققوا فى ظرف وجيز عبر التراضي الوطنى ملاحم الاستقلال والجلاء والسودنة وبدأوا فى رسم ملامح التحول الاجتماعى الذى لم تتركه غيلان المجتمع ليكمل التقاط أنفاسه اللاهثة فأقاموا له ثلاث حواجز وفواصل عسكرية مسلحة فى حرب طويلة لها سجلها وشهدائها ووثائقها وهىالفاروق الازلى بين الذين دعموا القهر والتسلط والجهل المسلح والجبروت الأعمى وألقموه مبادئهم وظللوه بشعاراتهم وبين من التزموا بالقضية الوطنية يعضون عليها بالنواجذ عبر زمهرير الأيام الصدئه لم ينحنوا للريح ولم ينكسوا العلم ولم يضعوا أيديهم فى يد الآخر عونا على بلادهم ومواطنيهم وأهلهم والذين يقف السيد الشريف زين العابدين على رأس كتيبتهم الوطنية بأختلاف أحزابهم وجمعياتهم وبشهادة اعدائه قبل مؤيديه.
    والكتاب بداية لطريق طويل حتى ننتقل اتحاديا من مرحلة الحديث المكرور عن الانجازات التاريخيه التى لم ولن يتوقف عندها التاريخ ولا الأجيال الشابة التى داست عقولها ومهجها ونفسياتها نزاعات النخب السياسية وعدم استقرار التراضي الوطنى بينها فأصبحت النخب والى يومنا هذا تقدم لها طبق التاريخ الوطنى حسب ماتريد وتشتهى وتطمس لها الحقائق وتحاول اخماد نار الجذوة الوطنية الحقة التى لن تصل اليها باذن الله لأنها ضاربة فى الجذور عميقة فى النفوس بعيدة فى مكنونات الصدور تحرسها يد الله الحانية التى تنير بصائر الأجيال الشابة وعقول كل من ألقى السمع وهو شهيد.
    يبدأ الكتاب بمقدمة جامعة لقصور الفهم العالمى والأقليمى عن فهم ازمة الحكم فى السودان وعدم الغوص داخلها وتحليل أسبابها ذلك أن العالم نفسه متخم بالمشاكل التى نشأت بعد انتقاله فى مرحلة التحول الحرج من سياسات الحروب والصراعات الى سياسات الأحزاب أو بمعنى أدق سيادة المجتمعات المدنية العالمية وانتفاء امكانية الاحتفاظ بالاسرار بعيدا عن الآخرين وعلو كعب الرأى العام للشعوب وانتقال الاحزاب الى مرحلة التاثيرات فوق الوطنية .؛ ذلك أن الشعوب تمر بمراحل تحولها بهذه المنعطفات الحرجة التى تتصارع فيها النخب حول سدة الحكم وهى المؤسسات الرئيسية الثلاث
    العسكرية والتمثيلية والحزبية فكلما تقدمت المؤسسة العسكرية لاحتلال موقع الصدارة فان الدور الثانوى للممثلين النيابيين يكون صوريا ولا يسمع للاحزاب صوتا ويكون المجتمع بعيدا عن مراتب التعبير الحقيقى عن تطلعات الأمة وكلما علا صوت المؤسسة الحزبية واحتلت الصدارة بدعم قوى ومراقبة لصيقة وحره من ممثلين نيابيين كدور ثانوى وتراجعت المؤسسة العسكرية الى المرتبة الثالثة لحفظ هذا النظام والدفاع عنه فان المجتمع يقترب من اللحاق بالقطار الذى لايقف فى المحطات الصغيرة ولا مكان فيه للعجزة والمتخلفين .
    وصراع النخب فى المجتمعات هو الحالة المستمرة المحتومة لن يتوقف الا اذا توقف التاريخ نفسه وقد يقودها النزاع احيانا الى الحروب والعنف والقتال وفقدان الثقة ببعضها البعض وكلما ارتقى المجتمع ونخبته السياسية فى سلم التحول واقتربوا من التراضي على صيغ للحكم والادارة تكفل للمجتمع عدالته الاجتماعية فان المجتمع يبدأ حينها فى ادراك ذاته والاعتماد عليها ويسمو انسانه ويبدع وتعود اليه ثقته بنفسه تماما مثلما فعل ديجول وأديناور وتشرشل وقادة اليابان بشعوبهم فنهض أديناور بألمانيا المعتديه والمهزومه يرمم عزائمها المترنحة وهممها المحبطه الى أن تكون ثالث ثلاثة يقودون العالم اقتصاديا الآن واستطاع ديجول أن يلم شعث المهج الفرنسية المبعثره ويشيد بها على ضفاف السين قوة أوروبية رائده تقود مع حليفاتها أوروبا لتكون أوروبا واحده فى أمنها ودفاعها وسياساتها واقتصادها واستطاعت اليابان التى لم يصدق أحد استسلام الهاركارى البواسل أن تصنع من كتلة جنوب شرق آسيا نمورا آسيوية تدير دولاب الاقتصاد العالمى بأكمله وتتحكم فى أسعار الدولار وصناديق الاقراض والتنمية الدولية وكل ذلك حدث لهم لأنهم توحدوا وتراضوا واتخذوا العمل عبادة ومضاعفة الانتاج صلاة والاستقرار تبتل وتصوف فتحقق لهم ما أرادوا فبالوحدة وبالتراضي تسود الشعوب وتتحقق العدالة والسلام.
                  

03-10-2007, 07:23 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    والديمقراطية عند الشريف أصيلة فى طبع الشعب السودانى الذى حقوق الانسان لديه كرامة ومرؤة وشرف يشكل بها وجوده قبل أن يجهر بها العالم ويقاتل من أجلها وهو شعب يعرف امكانياته جيدا وحقائق الأشياء لديه ثابتة يعلم أن مجتمعه المتباين اللغات واللهجات والقبائل والثقافات قام على التراضي والحوار فهو شعب :-
    (ليس فى قلوب أهله غل ؛ ولا فى عيونهم غلظة ؛ ولا فى طبعهم جفوة ؛ ولا فى مجتمعهم قسوة وجبروت بل السماحة والبشرى والبراهين )
    والكتاب يقسم المراحل الوطنية للتحولات الحرجة الى ثلاث فواصل وحواجز عسكرية مسلحة كان أولها الحكم النوفمبرى (1958-1964) ومنذ البداية يؤكد الشريف رايه القاطع ( ان الحكم العسكرى لن يجدى فى السودان لمناقضته طبيعة الفرد السودانى وان أقام له مصانع ومشاريع وان تودد اليه بمجالس ونيابات فكل دسم الديكتاتوريات لديه سم وكل عسلها عنده علقم ) لكن الحكم النوفمبرى لم يكن فظا ولم يعامل معارضيه بالعنف الشديد القسوة الذى شهدته الحياة السياسية لاحقا ماعدا قتله لعلى حامد وشنان ورفاقهم الذين حاولوا الانقلاب عليه فى 1959م

    ويبدو الشريف شديد الفرح وهو يبحر بنا بمقدم اكتوبر :-
    ( كان اكتوبر عرسا لشباب يثلجون الصدر للأم الرؤوم
    كان عرضــا لبنيـها فى التحــام مسـتقيم وحميم
    ثلة من نخبة الاعجــاز فى دنيا الوظائف والعــلـوم
    دخل التاريخ فى لجته مستعيداً عز أيام خوال قد خلــت
    فجدد شبابه وانتشى بالعنفوان
    من رأى شعبا وجيشا فى عناق يسبحان ؟
    من رأى الحاكم والمحكوم فى فرح عميق يبكيان ويضحكان ؟)
    ويربأ باكتوبر ان تكون من صنع أحـــد مثاما تطالعنا بين الفينة والأخرى ادعاءات اليمين واليسار لأن اكتوبر كانت مثل الروح وهى من أمر الله ومضة مقدسة مست أمة فقامت على قلب واحد فلايدعيها أحد انها تحفة الشعوب تتحف بها مرة فى عمرها ومبلغ جهد الشعوب أن تحافظ على تحفتها بقوة العدل !!!
    وسيمر القارئ الحصيف بين الفينة والأخرى بإسماء سياسين وزعماء ووزراء جاء بعضهم صريحاً والبعض بين السطور لاتخطئه العين ولا البصيرة لكنهم في كتاب التاريخ الوطني ولوحه المحفوظ كانوا مثل قشرة تطايرت من جسم وطني سليم يستبدل من جسده خلايا تموت ‍…وسيجد القارئ الجناس والطباق والقصائد والامثال وافانين من ضروب الادب فلا يمل رحلته مع آخر الكلم ولا يصحبه الضجر وانظر الى تعبير( ثبج يتقافز كاليعاليل ) لتصوير ماجرى بعد اكتوبر ولماذا لم تستقر جبهة الهيئات فى الحكم رغم انها أمسكت بالعصا ولكن أهلها الجدد كانوا صفوة ونخبة فصلها عن الشعب وقواعد الأهل بون شاسع وأغفلوا مكونات حياتهم الطبيعية التى عاشوا بها وهى التأمل – الحوار- التجربة والتطبيق. وسارت الديمقراطية اليافعة عبر التيارات رغم المشاكل والمعوقات وقامت ائتلافات وسقطت اخريات لكن الائتلاف الثالث كانت له قدرة الحسم والتنفيذ ولذا استطاع أن يحقق بداية الثورة الاجتماعية بنجاحه فى تشخيص علة الاستعمار وهى الافقار المتعمد والاستجهال المتعمد والاعلال المتعمد ولذا فقد وضعوا لها العلاج الناجع فى برامج ومنهاج التحول الاجتماعى بالالزام والالتزام والدستور الأهلى واهتدوا الى ضم المعادلات الصعبة فى حياة الشعوب والأوطان وهى :-المعنى السياسى والمطابق الاقتصادى والمناسب الادارى ووضعوا لبنة الاصلاح الزراعى الذى تحقق بالتراضي التام بين الحكومة والمزارعين وملاك الأراضى وسار آباء الحركة الوطنية بالوطن جميعه يرممون العزائم المنهارة ويرتقون جراح الأمة العربية وينطلقون فى فتح علاقات واسعه مع العالم أكسبت الانسان السودانى ما يفاخر به حاليا .
    ويمضى الشريف لمناقشة مشكلة الجنوب والتى تعتبر أم المشاكل الجهوية فى السودان ويربطها بمؤتمر برلين 1885م الذى قسم افريقيا لمناطق نفوذ استعمارية للوقوف أمام المد الاسلامى والعربى وللسيطرة على منابع النيل أكبر انهار الأرض ولوضع اليد على المواد الخام فتسهل مهمة استعباد الانسان ولم يقف أمام المخطط أحد الا داسته الخيول بحوافرها مثلما فعلوا بحامد بن جمعة المرجبى حاكم الكونغو المسلم ‍ وهو الدرس الذى استفاد منه الكباكا مويتسا فاعاد النظر وانحنى للريح فى سبيل الحفاظ على عرشه وبلاده واستمر التناوش بقانون المناطق المغلقة والمجلس الاستشارى لشمال السودان ونفنق ووليم دينق ولاقو وكاربينو ومشار وقرنق لكنها كلها حلقات فى برنامج بدأت صياغته منذ1885م
    وقد بدأ آباء الاستقلال فى محاولة جادة لحل المشكلة بمؤتمر المائدة المستديرة وبدأوا فى تسليح الجيش وتنفيذ الضمان الاجتماعى وتعلية خزان الروصيرص وانشاء شبكة الطرق واقرار الدستور الدائم للبلاد وهى خطوات برنامج التراضي الذى طرحوه وفازوا به
    ثم فجأة تم اغتيال كل هذا اذ جاء الخامس والعشرين من مايو 1969 عبوسا قمطريرا وبدأت البلاد عهد انحدارات وانهيارات قتل في حقولها البشرية منابت الشورى وأحرق النسيج الاجتماعى والسياسى وأفرغ الانسان من دوافعه الذاتية وكانت مايو حقبة من الظلام الأسود جللت الوطن السودانى بليل لئيم !
    ( أجدب من القحط وأحرق من المحل واظلم من الظلم وأعتم من الظلام )
    وامتد تأثيرها الى المرحلة الانتقالية التى كانت هى هى مايو تغييرا للظاهر بينما بقى الجوهر سدانة الأمس الغابر فى زعامة اليوم الجائر ولذا أفرزت ديمقراطية عدم ثالثة كسيحة ملأت البلاد بطولها بالسدنة والعجزة والمضللين ورموز فشل سياسى ولايزال العرض مستمرا .
    وجاءت هراوة الجبهة الاسلامية لتكمل السيناريو بنفس العقلية وان تغيرت الشخوص ويرى الشريف أن الأزمة هنا ثلاثية تكمن فى التسييس الدينى والاطاحة بالممارسة الديمقراطية ومحاولة حل مشكلةالجنوب بالقهر والعنف والاكراه
    ولذا فان ما مارسه التجمع كان امتدادا طبيعيا لما خرج به من السودان فنفس الشراذم التى لاتمثل جماع رأى الأمة ولا حقيقة تياراتها الوطنية ولا نخبها ولا مثقفيها هى التى تحارب الان للزحف الى مستقبلها تحارب حربها الأخيرة تارة عندما احتموا بالبندقية التى تحملها حركة التمرد فى الجنوب بنظرية الاستظلال والالتصاق وتارة بالسقوط الشنيع المخزى عندما اجتمعوا بالبارونة كوكس ثم المواجهة الغير مدروسه والغير مجهزه والتى تنفذ مخططات لاعلاقة لها بشعب السودان ولا وحدة أراضيه وهو يواجه خطر التقسيم والتجزئة ومهددات وجوده وحياته وقوته وانسانه. ولذا كان التجمع دائما يحمل بذور فنائه داخله لان العمل المعارض الحقيقى هو العمل الجبهوى الذى يحدد الأهداف ويخلع القمصان الحزبية ويلتحف عباءة الوطن وحده دون أن يتربص أحد بأحد او يخفى عصا مغمدة وطموحات سالبة وبنود مؤجلة أما الحل فانه يكمن فى الازالة والاحلال والهندسة الادارية مكونات الاعتماد على الذات
    والازالة هى ازاله لأى نظام قهر وشمول سابق أو حالى أو قادم فنحن لانزال نعانى من آثار السابقين الذين يحاولون القفز بجدية لرسم مستقبل هم أبعد الناس عن فهمه أو ادراك أن الأرض التى مادت تحتهم لن تعود متماسكة والناس من حولهم جوع وفقر ومرض
    والاحلال يأتى بفهم أصل الحركة الوطنية وروحها الخالد واستجماع ذخيرة رجالها دون تمييز واحياء ذكرى آباء الاستقلال فما كان بينهم صراع شخوص ولا كان بينهم أطماع كراسى حكم مثلما يروج أدعياء أنظمة الشمول فذلك القاء جزاف على عواهن القول لايلقى له بال ولايعول عليه المحللون . أما الهندسة الادارية فهى صناعة انشاء مجتمع الذى لابد له أولا من دستور يمنح سلطات الحكومة لادارة مركزية واحدة تحقق بتوزيع عادل لهذه السلطات مبدأ الرجل المناسب فى المكان المناسب وتمتص التظلمات الجهوية بعدلها فى توزيع الثروة القومية وشمولية التنمية وبدء المجتمع المدنى الحقيقى .
    ويختتم الشريف حديثه الثر بايمانه المتصل أن الشعب السودانى يجيد الحوار ويعرفه وهو تاريخه وتيلاده وهو لايزال خياره الأول ولايمانه العميق بالتحرير فى خطابه للبلد :-
    ( وانتى كبيره أكبر من صغارة العسكر
    وانتى عظيمه ما بذلك سلاح البقهر
    وانتى قــويه لا بتلين ولا بتتكسر
    وانتى أنوف أشم من ديلا ما بتتعفر )
    وأن الانسان السوداني يلتقي بالتطور راغباً فيه لاراغباً عنه وهو لايؤخذ بالعصا فلا يحزم حزم السلمة ولا يضرب ضرب غرائب الابل والا ارتد جباراً عصيا.
    وبعد
    فان آخر الكلم كتاب لا استغناء لأى باحث وطنى عن الجذوة الحقيقية عنه وهو اضافة حقيقية للمكتبة السودانية السياسية خرج بها من سيل المذكرات الى حيز الاطروحات والبرامج التى تؤصل لماضيها بعيون مفتوحة وتعيش حاضرها بعقول منفتحه و تستشرف المستقبل بعقول أكثر انفتاحا وفيه من النبوءات ما تحقق بعضه وماهو جار تحت التنفيـــذ باذن الله.

    د.منصور عبدالقادر بشير
                  

03-10-2007, 07:27 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الفصل الاول
    القرن القادم والمعادلة الجديدة للاستقطاب

    مقدمة لابد منها
    قبيل انعقاد المؤتمر الثالث للحزب والمحدد له صيف هذا العام تتضح تماماً رؤيا الأحداث التي أوشكت على إكتمال أعوامها الخمسة في جانب المعارضة السودانية لنظام الانقلاب القائم في السودان في كافة ممارساتها ، بالاضافة الى ردود الفعل العالمية والاقليمية فيما يختص بأزمة الحكم في السودان وقصور الفهم العالمي والاقليمي عن الحقائق الجوهرية والموضوعية اللازمة ضرورة الاسهام في إعادة الاستقرار إلى بلد شاسع يؤثر ويتأثر بحدود متخمة بالمشاكل ، إحدى عشر دولة مجاورة ومحيطة بالاضافة إلى امتداد هذا التاثير والتأثر عبر البحر الأحمر وأمنه والقرن الافريقي وعب الممرات المائية الحساسة التي يوصل بينها الأخدود الأفريقي .
    وواضح لدينا تماماً أن العالم ممثل في الرؤيا الآحادية التي أنتهت إليها الحرب الباردة بين قطبيها وتفتت الكتلة الشرقية وتداعيها إلى عواملها الطبيعية قبل الحرب العالمية الثانية وما تكشف عنه باطن الستار الحديدي من أوضاع مذهلة كان يضمها بقسوة كل هذا جعل آحادية العالم تغرق في المشاكل وتلهث جاهرة لملاحقتها عبر الأمم المتحدة وكامل أجهزتها ومجلس الأمن بأختلاف أوزانه مما جعلها لا تسمع الا الضجيج المنبعث من أسطح المشاكل لا عمقها ومنشأها ، ولا صرعات تطفو كالبثور ، تحاول مداوتها دون تقصي أسبابها ومسبباتها في الخلفيات التاريخية ودونما تحليلها وإرجاعها إلى مناشئ الانفعال الذي خلف تراكمها وانتشارها بهذا الشكل المختلط .
    وبهذا تعجز آحادية العالم عن الوصول إلى حالة استقرار كونى بانطماس رؤياها وتعتيم منظورتها وتعمد إلى القوة الآحادية المتاحة لها وبهذا تسهم أيضاً في إزدياد الصراعات دون تطبيبها وعلاجها وتكن هي نفسها إحدى معوقات الوجود الجديد بل من أكبر العوائق التي توضع أمام الركب الانساني وهو يمضي نحو الاخاء والعدالة والمساواة والسلام .
    والشواهد أكثر ......
    إلى الحد الذي يجعل المراقبين عن إحصائها وعدها من أفغانستان إلى البوسنة ...
    إلى الصومال ...إلى السلام في الشرق الاوسط وإلى غيرها من النزاعات الحدودية والاقليمية في كل أنحاء العالم الموروث لهذه الآحادية قوة واعتباراً والوارث لتفاعلات إرتدادية منذ محاولات النازية السيطرة على العالم والرعب الذي صاحب إجتياحها السريع لاوروبا والوجود المتنافر الذي حل بعد هزيمتها واندحارها مما شكل بدخول العالم الجديد الذي وفد لحماية العالم القديم من تنازع القطبين في مظاهر الحرب الباردة وعوامل الاستقطاب قرابة نصف قرن من الزمن ، حيث كانت الدول المختلفة والمهزومة ميادين هذه الحرب ومجال تمزقها بين الشرق والغرب .
    وما ينطبق على الامم المتحدة ومجلس أمنها يرفد ضرورة وتبعاً ليصب في محيط جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الافريقية واخفاق كليهما عن ايجاد أى حل للمشاكل والصراعات التي تشغل حيز كل منهما منفردة أو مجالهما المشترك في حقل التعاون العربي الافريقي والشواهد تعجز الحد والعد .
    بطرس غالى يجلس على قمة العالم
    ولو كان الامين العام للامم المتحدة غير الدكتور
    (بطرس غالى )
    لما لزم التنويه ولكن يضاعف من إصرارنا على
    أن الامل في الامم المتحدة لايزال كبيراً وان كان هذا
    الامل معقود بشخصه ... صوره

    لوجوده في هذا الموقع الذي يليه لأول مرة عربي افريقي
    عاصر التفاعلات السياسية كلها منذ شغله لمناصب الدبلوماسية
    وقرأ وكتب ونظر في كل ماإعترى العالم عموماً وافريقيا خصوصاً وفي كل ما إعترى العالمين من تعاقب الوان النظريات وانواع الحكم شمولاً وتعدداً ديكتاتورياً وديمقراطياً ..
    ويدير في السياسة ممارسات الأديب العارف بالجذور والفروع والثمار الحلوة والمرة .... حسكها وحصرمها ... فضلاً عن تواجده في مراكز القرار المختلفة في الشرق الاوسط نشوءاً وانتهاءاً . علاوة على إسهامه الشخصي في العلاقات الافريقية وعنايته بانعقادها واثرائه لها .
    وهو من شواهد العصر العارفين ببواطن الأمور وهي فرصة نادرة لن تتكرر .
    وأن لم يستفد منها العالم الآن ... وإن لم يهتبلها المعينون بحقائق المشاكل بكل من العالمين العربي والافريقي فسيصرف التصرف العالمي إلى التعامل مع سطوح المشاكل وبثورها تبعاً للرؤيا الآحادية باعتبارها الوريث الاعظم للكون وستغرق هي في ردود الأفعال وممارسة الانفعال والدخول في الصومال الخروج من الصومال بلا تحقيق أى قدر من الآمال ... غير الصرعى واكثار القبور واشتعال الانفعال .

    عصمت عبد المجيد الأمين المؤتمن

    وفي الجامعة العربية .....
    الدكتور ( عصــــمت عبد المجيد )
    أمين عام لخير أمة أخرجت للناس كما قال
    الكتاب . وهو من أميز السياسيين العرب
    والافارقة . واكب الخارجية المصــرية
    متدرجاً فيها حتى أعلى مناصـــبها
    ومعاصراً أحداثها معاصرة الخبير المتمرس .
    لا تقل عنايته بالعالم العربي عن العالم الافريقي .. ولم تشغله الممارسات في كل هذا عما يدور في العالم باعتباره وزيراً لخارجية أكبر الدول العربية واكثرها تأثيراً في الاحداث مما أهله بالاجماع ليكون أميناً للامة العربية في جامعتها بحق .
    ولكن الجامعة العربية لم تستطع اداء دورها المنوط بهما ولم تحقق الآمال المعقودة عليها .
    لا في العالم العربي ولا في افريقيا .
    ومقر الجامعة الدائم في القاهرة على أرض الافارقة السود والبيض ونصف اعضائها عرب افارقة وكلهم يجلسون على كراسي متخمة بمشاكل بلدانهم أو مشاكلها مع إخوة الجوار أو مع صعوبة النسيج العربي الافريقي الذي لم يستطع حتى الآن أن يشكل له تماسكاً بين لحمته وسداه ...
    علاوة على مايترتب عليهم آحاداً وجماعات مما تدخله وتدخل به القوة الآحادية فى هذه المرحلة من تاريخ العالم . دنما تبصير أو تبصر منهم ونظرة عاجلةإلى :-
    * سجل الجامعة من قبل حرب الخليج واثنائها مع ايران .
    * وقبل اجتياح العراق للكويت واثنائها وما تخلف عنها .
    * وما جرى في لبنان وما تخلف عنه .
    * وما يجري في اليمن وما يتخلف عنه .
    * وما اعترى الصومال إلى أن انفلت أمره من بنيه واستعصى العلاج ...لان ما اصابه مثلما أصاب غيره لم يجد كما لم يجد غيره عناية البحث والتقصي والتحليل .

    لابد من جرعة شافية

    والجامعة العربية في حقيقة أمرها تحتاج الى أكثر من جرعة علاج شاف ... يداوي سقمها العضال ... ويشفي قوانينها ويعقل ميثاقها لتتمكن من مواجهة المشاكل المتفشية في عالمها العربي المترهل .
    بالصراحة المطلوبة .
    والوضوح اللازم .
    والحسم القادم .
    بحيث تصبح كياناً دولياً نافذاً ووحدةمتماسكة قوية تحفظ لرقعتها الأمن الزماني والمكاني بدلاً من اللجوء إلى الآخرين للقيام بهذا الدور وبحيث تكون مؤثراً كونياً مهيباً كثيراً ما أمسك العالم كله أنفاسه تهيبا منه وخوفاً عليه وطمعاً فيه ..
    - فهو القادر على إصابة شرايين العالم كله قاطبة بالجفاف .
    - وهو الادرى والاحرى بتوجيه الاقتصاد العالمي الذي لا يستطيع السير رخاءاً بدونه.
    - وهو الأحق والاجدر بتكوين سوقه العربي وشعبة الاقتصادى وتبادله التجارى تمهيداً لوحدته الكامله
    1- فانه موعود بالحرب الحضارية التي بدأت بلاعتراف بالكيان الصهيوني وهي أشد قوة واجتياحاً من خراب الجيوش .
    2- وهو موعود بحرب المياه الوشيكة .
    3- وهو موعود بالحرب الاقتصادية باعتباره مستهلكاً لانتاج المنتجين .
    4- وهو موعود بتزاحم المناكب بين الكتل العالمية الموحدة والمنسقة وهي تتسارع لتوسيع أماكنها في الصفوف الأمامية عند صدارة القرنالحادى والعشرين الجديد .
    وهو القرن المؤذن بذهاب العجزه والمتخلفين والذي سيشهد مصارع المستهلكين المتنافرين الضعاف ومحوهم من خريطة العالم الجديد القوى باسرار الدمار الشامل ... الغني بالانتاج المتطور .. المهيمين بالتقنيات الرهيبة ... المستعمر بالاقتصاد الحديث .

    ولايزال الامل معقوداً فيهما.

    لولا ... وجود هذين الرجلين في هذين الموقعين الدوليين لما جاز العتب ولا لزم التنويه
    فان معظم ما ذكر يخصهما مباشرة . ويقع تحت دائرة اختصاصهما .. وفى قلب أوطانهما وتحت مسئوليتهما المباشرة بحكم منصبيهما.
    ولازال الامل فيهما لو خلصا من التيارات المتضاربة حولهما واستهدفاً حواراً حقيقياً لانتهياء الى مواطن الزلل وادركا حقائق ظلت تمضي في بعدها حتى تغيبها عشوائيات الحلول المرتجلة .. ولا تشفي غليلها المسكنات الوقتية .

    منظمة الوحدة الافريقية والتحدي

    وآخر ما يعنينا منظمة الوحدة الافريقية ...
    و التي تفوض كل يوم في شبر من محيطها المتعارك .. ليبريا وانجولا .. وقبلها تشاد .. وبعدها نيجيريا وزائير واوغند وكينيا والصومال واثيوبيا وجيبوتي والسودان وروانـدا
    حرب في كل مكان .. وتمرد هنا وهناك ورئئيسها السابق (بابا نجيدا ) يحتكم الى الديمقراطية ويجرى اقتراعاً على السلطة ثم يتنكر له ويلغيه وهو رئيس المنظمة التي لم يبق منها غير غير االصور التذكارية المعلقة في دارها بأديس ابابا وهي تجسم وجود الآباء الافارقة ثم اصبحوا ذكرى عطرة ....
    وان كان هناك ما يدعوا للتفاؤل فتولى الرئيس ( حسني مبارك ) مسئولية الرئاسة لهذه المنظمة ومن بعده الرئيس التونسي ( زين العابدين بن على ) وتأثر جمهوريتي مصر وتونس المباشر بكل مايعتري االقارة من فقدان الامن واتساع دائرة التطرف ... والجفوة المفتعلة وعدم الاستقرار والبطالة وتوقف مشاريع التنمية وبراكين الانفصالات المتفجرة في كل مكان ، والتربص بالانظمة الحاكمة وعجزها عن التراضي والاتفاق والحوار .
    يجعله في وضع يحتم عليه البحث عن العلاجات الناجعة لهذه المزمنات العضال التي تهدد السلام كله تهديداً مباشراً ونافذاً . وتعكر صفو المناخ الاقليمي في القارة البكر وتجر العالم إلى خلق شرطي في كل مكان ليحاول عبثاً حفظ الأمن والسلام ومع استحالة هذا وعدم جدواه فان آليات القوة لا تكفي وحدها لصنع الاستقرار .
    بل تشارك فى اتساع رقعة الحريق وامتداد الاندلاع إلى مناطق جديدة لم تحط بنظرة تأمل فاحصة قبل أن تكون بركة من الدماء وجحيماً من الاقتتال تنداح على الجوار لجوءاً مكرهاً ناقلاً معه عدوى صراعاته والتي لا يحول دون استشرائها شئ .
    كل هذا يحتم على الشعوب أن تؤدى واجبها في مواجهة وحسم كثير من المشاكل والصراعات التي تتعرض لها أو تصدر اليها قبل اللجوء إلى المنظمات الدولية وانتظار الحل المطلق على يديها ...وأياً من هذه التنظيمات لم ولن تستطيع تنفيذ ما طلب منها ...لاسباب كثيرة تعترى هذه المنظمات من حيث تكوينها ..فقد تكون أحدى مكوناتها طرف في مشاكل بلد آخر . وقد لاتكون احداهن عنت يوماً بدراسة المشكلة دراسة قويمة قبل ان تندفع الى اسماع العالم وابصاره .
    وقبل أن تكون موضوع شكوى ونزاع وقتال ....
    وقد لا يكون هذا البلد أو ذاك إحدى أولويات الاهتمام العالمي أو من ضمن الموضوعات التي تدفعها الآحادية إلى اسماع وأنف العالم. هذا اذا لم يكن البلد نفسه (موضوع المشكلة ) عظمة نزاع تمثيل مناورة لبعض التسويات التي لم يفرق عالم المنظمات منها الى الآن .
    لذا .. يتعين على كثير من البلدان .. التي تعاني من مشاكل داخلية أن تبذل جهداً مضاعفاً لحل هذه المشاكل من العاجزين عن حل مشاكلهم .
    والذي يعجز عن حل مشكلته ..لن يجد لها حلاً وفق مايرجو ويشتهى لسبب بسيط ...
    هو أن العاجز القاصر ..الذي يستدر العطف ويتسول من الآخرين الحلول لا يستحق الحياة
    والمنظمات الدولية نفسها معذورة
    لانه ليس بوسعها أن تصنع حياة لمن لا يستحق الحياة ....
                  

03-10-2007, 09:55 PM

Ahmed Yousif Abu Harira
<aAhmed Yousif Abu Harira
تاريخ التسجيل: 10-19-2005
مجموع المشاركات: 2030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الأخ الكريم/مهاجر

    قبل أن أقرأ كلمة مما كتبت أود أن أحييك على هذه البادرة وأشاركك الحب والتقدير والإحترام والإجلال لشخص الراحل المقيم الشريف زين العابدين

    وسأكون معك من المتابعين لهذا السفر العظيم الذي يضج بالوطنية الحقة ويعج بالمعاني السامية والبلاغة والوضاءة والودادة المفلقة ...


    رحم الله الشريف زين العابدين يوسف الهندي وأحسن إليه فلا زال فقده يوجع القلب ويدمي الفؤاد

    وأعانك الله في هذا المشوار
                  

03-11-2007, 02:35 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: Ahmed Yousif Abu Harira)

    Quote: الأخ الكريم/مهاجر

    قبل أن أقرأ كلمة مما كتبت أود أن أحييك على هذه البادرة وأشاركك الحب والتقدير والإحترام والإجلال لشخص الراحل المقيم الشريف زين العابدين

    وسأكون معك من المتابعين لهذا السفر العظيم الذي يضج بالوطنية الحقة ويعج بالمعاني السامية والبلاغة والوضاءة والودادة المفلقة ...


    رحم الله الشريف زين العابدين يوسف الهندي وأحسن إليه فلا زال فقده يوجع القلب ويدمي الفؤاد

    وأعانك الله في هذا المشوار


    الشقيق الغالي ابو حريرة

    شكرا لك اخي ....وجعلنا الله من ورثة علمه وحبه للسودان
    وان يجعل حياته مثالا يحتذي به ...لقادتنا الكرماء في الزهد وعدم الركض خلف الكراسي او المال
                  

03-13-2007, 01:16 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الفصل الثاني
    الخصـائـــص
    الحـزب الشعـب الـدين











    خصائص الحزب الاتحادي الديمقراطي

    الحزب الاتحادي الديمقراطي المؤسس منذ الثلاثينات
    * لبنة وطنية خاصة .
    * ديمقراطية الهيكل .
    * مؤسسية الاداء .
    * وجدانية التكوين .
    * واقعية الفلسفة .
    * انسانية الفكر والاتجاه .
    * علمية النمط والاداء .
    تستنبط الأماني الوطنية بالتلاحم الحميم والايمان الصادق بالمواطنة التي تكفل حرية العقيدة وحق الحياة بكل مناشط العمل والانتماء والتنظيم والمساواة ولا تفرق الناس ألواناً وأعراقاً ودياناتا.
    رسالتها رسالة الانسان المؤمن بدستور تراض يؤمن كل الحقوق ويشرع المساواة الكاملة وينفذ عدالة التوزيع وتكافؤ الفرص على أساس الحق الطبيعي والواجب المقرر وصولاً الى المجتمع الانساني الذي يهتم في دعم عالم السلام والتنمية والاستقرار والتطور .
    1- حارب ويحارب أنظمة القهر والتسلط عسكرية كانت أو مدنية .
    2- يحرر الانسان من قيود : التخلف والتبعية والانقياد الطفولي .
    3- يرفض الاستكراه في الدين .
    4- يرفض الافكار الوافدة الدخيلة المتناقضة مع المكونات الحضارية والتاريخية للوطن والمواطنيين .
    5- أنجز مرحلة التحرر الوطني في الديمقراطية الاولى 56 -1958م ببراعة الاقتدار التي مكنته من تحقيق إستقلال المعافى من الاشتراط والانحياز .
    6- تعامل مع العالم كله كوحدة حضارية ومجال للتعاون الانساني وتبادل المصالح واثراء الحياة .
    7- أبرز قسمات المجتمع السوداني في الديمقراطية الثانية 65 -1969م ذلك المجتمع المعاصر بتأسيس المناشط الحياتية المختلفة كالاصلاح الزراعي .......الخ .
    8- علم الجماهير المشاركة في اتخاذ القرار الرشيد بالتعلم منها والحوار معها .
    9- ملكها حقها في التنظيم النقابي واتحادات المهن والقطاعات الفئوية .
    10- زرعها في بنيته الاساسية فنمت مكونة لرؤيته الشاملة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفن حاضنة المجتمع الحديث كله ومهندسة لقوة العمل والانتاج والتوزيع والضمان الاجتماعي ... النابع من دستور التراضي على هدى من قانون الوسط الذي يستقر عليه الطبيعي الاعلى ويرتبط به الناس الادنى .
    11- مشكلاً بذلك قوام المجتمع السوداني الاشتراكي طبعاً التعاوني أصلاً المتحد مصلحة وضرراً .
    12- فحرر بذلك قيمة العمل من التنازع والاستغلال والاحتكار .
    13- وأخضع التداول السلعي لمصلحة المستهلكين بتحديد الحد الأدنى للأجور حيث يموت السوق الاسود والاحتكار والتخزين ويتجه التنافس للوفرة والجودة على منظور القوة الشرائية ومستوى الدخول ويرشد الاستهلاك وتذهب ظاهرة اختفاء السلع أو حمى الاسعار
    14- فمزج بذلك مزجاً دقيقاً بين مكونات المجتمع الاقتصادي انتاجاً واستيراداً وتوزيعاً واستهلاكاً قاطعاًْ الطريق على نشوء الطبقات المتناحرة ونافياً لصراع الفئات ومذيباً للعصبيات بانواعها .
    15- واضعاً الراسمالية الوطنية العريقة في مكانها الطبيعي كاحدى دعامات المجتمع المتساوي حيث يصير الوطن كله حكومة ويمضي التاريخ كله صيرورة متطورة متنافسة ويصير الشعب كله سلطة حاكمة بنفسه وحكومة بدستورها ومتساوية بقانونها .

    دولة لا تفرقها الجهويات .ولا تهترئ فيها الاقاليم . ولا تنبت فيها النعرات .
    ينمو فيها المواطن صحيحاً حراً . يقبل على واجبه حيوياً محباً . لينعم بحقه آمناً مطمئناً . ويزدهر هذا الوطن المترامي الشاسع طارحاً كنوزه المعطلة منذ ربع قرن مشاركاً للعالم في الاخذ والعطاء لخير الانسانية جمعاء .
    هذا هو الحزب الاتحادي الديمقراطي .
    في أوج تخلقـــــه التكوينى
    إنه نواة هذه الأمة ... وجنينها البكر
    وكما حلمت به أجيال سحيقة
    عمرت هذه الأرض منذ الآف السنين ...
    وكما فسره منشئوه الخالدون ...
    قبل مؤتمر الخرجين وأثناءه وبعده . صوره
    وكما إستوى تكويناً عند بدء التعدديه الحزبية وهو يتدرج في تكامله ويصهر شوائئب النفايات النظرية في بوتقة النضال الوطني للاحداث المختلفة مبقياً جوهرة الفرد غير قابل للانشطار أو الانقسام ...
    وعند إنتصب أمامه جدار الدكتاتورية الثانية كان أول السجناء من قادته .. وأول القتلى من حلفائه المؤتلفين معه .
    فاشترعا لتوهما معاً : -
    اسلوب الكفاح المسلح والثورة الشعبية من أجل الديمقراطية وقانون التراضي الوطني ودفاعاً عن تحرير تم وحماية لتعمير بدأ وصوناً لنهضة ذاتية التطور والنماء تؤتى اكلها بعد حين .

    الحــرب الطويلة
    ومن هنا بدأت الحرب الطويلة ... ومازالت تستعر لها سجلها ووثائقها وشهداؤها وكشوف حساباتها ومعالمها التى لم يطمسها التاريخ ولم ينسها ولم يأت بخير منها ...
    * وهى السجل الصادق الأمين والمرجع الحقيقي لأوزان وأهداف ومعايير الاحزاب والمنظمات والهيئات ... والاشخاص وقدرتها ونواياها .
    * وهي الفاروق الازلى الذي فرق والى الابد بين الذين دعموا القهر والتسلط والجهل المسلح والجبروت الأعمى وألقموه مبادئهم وظللوه بشعاراتهم واستنوا به شرعه القتل والقصف والمصادرة والاعتقال وكل صنوف الارهاب .وراءهم رهط الخانعين والمصالحين
    وكفرة أمسه ومستسلمى يومه وغده
    والغي دماء أهليهم ……
    طلقاء ديمقراطية العدم الثالثة
    وبين الذين رفضوه وقاتلوه واستشهدوا في ميادين حربه المختلفة ومازالوا يقاتلون أحجار هرمه حتى قمة الإنقاذ الحاكمة الآن كآخر ما انتهى إليه بعد أن أنهى البلاد والعباد وأوردها مهالك الديون المثقلة... وحطم بنينها وروحها وانتهى بها إلى صفوف المعوزين متسولي الإغاثة وواكلى الصدقات وشاربي أدران الؤسرين وناشدى الخلاص باستجداء الآخرين والقرع على الأبواب الموصدة ومن هنا تتضح المعادلة جلية وواضحة تحت سمع العالم الأصم وأمام بصره الأعشى وخطل رأيه السقم وجهله بحقائق التاريخ .

    خصائص الشعب السوداني
    ( أ ) إن الشعب السودني ليس حديثاً يفترى .
    ولا تمثيلاً مزعوماً ولا ملهاةً يتفافز حول نعشها قاتلوه ويزرفون دموع الزيف في اللقاءت المبتسرة التي تمتن بها بعض الدول بالحاح .
    ( ب ) ليس الشعب السوداني بالذي يعترض تمسكه بالديمقراطية وحقوق الانسان في الصحائف الصفر من الاعلام الاعلاني كتشاف مستجد له ومستجد عليه .
    ( ج ) الشعب السوداني لا يعرض قيود ضعفه وعجزه طالباً من أحدى إطلاق سراحه وكفكفة دموعه وابراء جراحه فان الديمقراطية فيه طبع وليس تطبع . وحقوق الانسان لديه كرامة ومرءة وشرف .
    يشكل به وجوده قبل أن يجهر بها العالم وتعلمها منظماته ، حرسها وقاتل من أجلها باعتبارها حق إلهى يتحلى به الانسان الذي كرمه الله وحمله في البر والبحر وجعله خليفته في الارض وبالتالى فهو ليس سلعة لاستدارا عطف أحد أو مناورة لاستمالة كل من حمل السلاح .
    ( د ) والشعب السوداني ليس فقيراً معدوماً خاوى الوفاض وما يبدو عليه من مظاهر هو الافقار الذي تعرض له قبل شيوع هذه الظاهرة وما يتزامن معها من كوارث طبيعية من الجفاف والتصحر وتعثر التنمية والاستدانة المتراكمة بحكم الطيش الذي لازم الديكتاتورية العسكرية التي استمرت وملحقاتها ربع قرن من الزمان .. طوف بها شرقا ثمم قذفها غربا حتى تداعت تحت اقدام الملاعب الاقليمية .
    ( هـ ) والشعب السوداني يؤمن بوحدته وهي وجدانه واعراقه المندمجة منذ أزله البعيد .. المتمازجة عرباً وافارقة ونوبة وبجة حيث تخلق منه السودان ... شعبه وحدوده .. وتستخف بأى عبث يدور حولها .
    أو همس ينال منها في أوراقه وزارات الدول الكبرى ويعتبر ذلك من التخريب الدولى أن تتولى دولة عظمى رعاية حركة إنفصالية في بلد ما .
    كم من المغرضين والمقامرين في العالم يستجيبون لهذا العقوق الذي يسعى لتفتيت الاوطان .
    وماذا يترتب على ذلك من الاشتعالات المدمره
    ( و ) والشعب السوداني يعلم يقينا أن دعاوى الاصولية والارهاب ليست أصلاً في عقائده التي عرفها يسراً وآمن بها إقتناعاٌ وطوعاً ولم تمارس في أرضه حروب الاديان ولا صراع الاعراف والسوالف ولا قسر العقائد واكراه الانتماء .
    (ز ) الشعب السودانىيحيا المواطنة النابعة من الاستيطان المرتبط بالارض مراعي وصحاري وغابات وجبالاً وودياناً وأنهاراً... سكنها وعاشها بحقها عليه وحقه عليها . وأمن سلامة الاجتماعي وأمنه الوطني باحترامها ومراعتها ..صارع صعوباتها واحتمل قسوتها وعمرها واستأنسها حتى صارت رمزا له وصار إسمه عليها .
    (ح ) والشعب السوداني يؤمن بتكافؤ الفرص ولان إمكاناته لاتضيق بالمنافسة ولا يحتويها الاحتكار ومعياره الطبيعي للاسهام هو الكفاءة والقدرة وليسة حكراً لأحد ولا مقصورة على فئة دون أخرى .
    (ط ) أخضع الشعب السوداني ثروته الطبيعية للتملك العرقي تبعاً للاستيطان الجهوى منذ فجر تاريخه ...فحل الرعاه في مواقع الرعى اختياراً .... وحل المزارعون في مواطن الانهار وكثافة الامطار استثماراً واستقرت أنواع المهن الأخرى وصناعها حيثما يجدون الرواج والتبادل ....
    حيث نشأت الجهات والمدن والاسواق والادارة ولم تتعرض هذه التقاسيم الا إلى قلة من النزاع والصراعات وكانت تنتهى بمجالس العرف التى يعقدها الحكماء وينهون فيها المشاكل بالصلح الذي يعد سابقة من الثوابت ، وعلاج ما يطرأ من بعده من المشاكل مستقبلاً .
    كانت المساحات الزراعية مروية أو مطرية ترسم بحدود مرعية ... وكانت الماشية توسم بما يميزها وتثبت ملكيتها لأهلها حتى لو ضلت الطريق .
    ولم يؤد هذا إلى تراكم الثروة في مكان دون آخر ... لتشكل ميداناً للصراع والنزاع لذا لم يعرف الشعب السوداني النظام الاقطاعي كنظام اقتصادي مثل ماعداه من الشعوب .
    ( ي) يدرك الشعب السوداني أن القصور الاقتصادي الذي طرأ عليه وأستمر طويلاً ناشئ من توقف التنمية وقلة الاستثمارات الكبرى التي يحتاجها بالاضافة إلى الارتباك الذي صاحب الفترة الطويلة من الحكم العسكري 69 -1985 م . علاوة على ما تراكم من الديون والتأميم والمصادرة وهى الفترة التى مازالت تؤثر تأثير ماحقاً يلاحق البنى الاساسية بالدمار في كل مرفق وكلها تحتاج إلى التقويم واعادة التأهيل ... وزاد من كل ذلك ظواهر :-
    * الجفاف .
    * التصحر .
    * النزوح الاضطراري والعشوائ للالتصاق بالعواصم .
    * البطالة .
    * الهجرة المستمرة .
    مما أبرز ظاهرة الافقار ... وأشاع مرض العوز والعجز والفقر وتسيب الادارات .... وزاد من كل ذلك عزلة النظام الحاكم الآن واخفاقه في الحكم وغربته في المجتمع وعجزه في الاقتصاد وفشله في العلاقات الدولية وتبادل المنافع ... مع العالمين .

    الشعب السوداني يعرف امكانياته .

    ورغما عن هذا فالشعب السوداني يعرف إمكانياته جيداً .
    ويعي عظم الثروة الباهظة التي تتمدد فوقها مساحته القارية ويعلم يقيناً بما في باطن أرضه وما فوقها .... زراعة وصناعة وتعدين ...
    وفي إمكانه إعداد المناخ الملائم لقوى الاستثمار الكبرى لتسهم في استخراج هذه الكنوز بأيسر الشروط واضمن القوانين في أكبر دولة افريقية تزخر بكل مايحتاجه العالم من مقومات الحياة ... في أروع مظهر من تبادل المصالح وحسن العلاقات وتنمية الوجود ومشاركته في أقامة الامن والسلام والتقدم والاستقرار .
    والسودان قبل استقلاله وفي عهوده الغابرة السحيقة يعمر هذه المساحة من الارض بحدودها الحالية ماوى لوافديها وساكنيها الذين أختلطت دماؤهم وأعراقهم وتمازجوا شيئاً فشيئاً حيث تكون من أمشاجهم هذا النسيج المنسجم من أوشاج الظهور والارحام .
    وعندما أمهر الاستقلال الثالث "بعد السلطة السنارية والثورة المهدية " استقلال 1956م وجوده المعروف دولياً واقليمياً .... وربط بين ماضيه ومستقبله الى الابد ...
    وأد بذلك أي إفتعال ناشئ عن عصبية أو انفعال خاص بعنصرية وعلت هموم الوطن كوحدة متماسكة وارتفعت مشاكل المواطن الى تنمية عادلة واستقرار شامل .....


    كيف انساب الإسلام في السودان

    انساب الدين الإسلامي في السودان إنسياب الروح ... متخذاً طريقة للقلوب والعقول قبولاً وإعتناقاً وإعتقاداً محتفظاً بميزة التفرد والزهو بين اقطار الأرض جميعاً ....
    بأنه لم تضرج طريقه دماء .
    ولم تشق مساره حرب .
    ولم يصاحبه قهر ولا قسر ولا أكراه .
    لذا كتب له خلود الانس والاستئناس وأخذ يتنقل بين الصدور قرآناً واذكاراً ومدائح وأناشيد ، نوراً بلا نار ويسراً بلا إقسار .
    ورأت المسيحية الحقة في " علوة " و"نبتة " و " المقرة النوبية " مارآه فيه " نجاشي الحبشة " المسيحي البصير عندما وفد إليه أول وفد من المسلمين في هجرتهم الأولى فآواهم وأكرمهم وحماهم بعد أن اطمأن قلبه لما سمع منهم وعند وفاته صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله صلاة الغائب في المدينة ..ومن هنا إتضح سبيل التكافل بين المسيحية الحقة والاسلام المكمل ... وبين بشارة عيسى ونبوة محمد . واكمال الانجيل الحقيقي للزبور والتوراة وصحف إبراهيم أبي الحنفاء .. والقرآن للكتب والرسالات .
    ووضح جلياً أنه لا حرب ولا صراع ولا تناقض بين الرسالات . ولا اختلاف بين الكتب المنزلة التى تضم الذكر المحفوظ وأن خلافة الانسانية في الارض تتكافل في تنسيق ألهى رائع مع تكامل العقل ونمو ادراكه شيئاً فشيئاً ... كتاباً كتابا .. رسولاً رسولا ..حتى آخر الرسل وخاتم الأنبياء وآخر الكتب برسالة النبيين عند كمال العقل بوعى الادراك واكتمال الخلافة الانسانية بتأهيل العلم وحمل الآمانة لاعمار الأرض رزقاً وعدلاً وزينةً وزخرفا مسرةً وسلاما ..
    لاينال من هذه السلسة المتصلة منذ النفس الواحدة - آدم - ابى البشر .....
    إلا جهول عقيم ...
    أو طامع مفرض...
    أو متعصب مخبول ...
    ولا يفتعل الاقتتال بين حلقاتها ، ويقطع الطريق على تواصلها ووصولها الا أعداء الانسانية واعداء السلام ... تجار الحروب المولعين بالخراب والدمار . وكلها كيانات تفتقد التطبيب والتهذيب والاصلاح والردع .

    خصائص الدين الاسلامي

    *إن الاسلام في قلوب عارفية رحمة وهدى واخلاق وفي سلوك معتقدية عدالة وبِرٌّ وحُسْنَىَ .
    وانسانه حر كريم سوى لا ينقصه طلاء اللون ولا تعليه بلازما الدم ... ولا يزدهى بأنابيب العروق .والناس فيه سواسية لا تميزهم أنسابهم إذا انقطعت أعمالهم ولا ترفعهم أحسابهم إذا تدنت أخلااقهم وهبط سلوكهم ....
    *ومكونات الشر كله تتناقض مع روح الاسلام :-
    - الاذى والاضرار .
    - الظلم والاستئثار.
    - الغرور والكبرياء .
    * وهو مجتمع العدالة الانسانية الباكر في التاريخ رمزه بيت المال والذي لكل حى منه حسب حاجته حتى الرسول صلى الله عليه وسلم ..
    * اركانه رموز طاقم الانسانية :-
    صهيب الرومي وبلال الافريقي وسلمان الفارسي ومحمد بن عبد الله العربي
    * جوهرة دولة المدينة ودستوره ما عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مجتمع التراضي بين المسلمين واليهود والمسيحيين وقتها وأسلوبه هو الأصل
    هذه هي الرؤيا وهذا هو منهج الشورى والحوار .
    * علاجه الصدع والاعراض أن نكث الناكثون . شفافية الحق فيه تنزهه عن الارهاب . وحجته البالغة تغنيه عن الاحتراب . وسموه يعليه عن المناورة . وكفاءته تكفله عن التنازلات
    * ليس في قلوب أهله غل . ولا في عيونهم غلظة . ولا في طبعهم جفوة . ولا في مجتمعهم قسوة وجبروت . بل السماحة والبشرى والبراهين .
    حقـائق الأشـياء ثـابتة

    حقائق الاشياء في الاسلام ثابتة .
    حيث أن الارض مخلوقة للأنام ليمشوا في مناكبها إستكشافاً ويعمروها حضارة ويتفكروا في خلقها والسموات . ويستنبطوا من فكرهم علماً وعملاً وحياة . والعلم هو أساس التفكير . والأمر به أول مانزل من السماء وهو بدء التحول الكوني من غياهب الجهل إلى هدى المعرفة وادراك اليقين من الخوف والرعب من مظاهر الطبيعة إلى إستئناسها وتطويعها وتركيب عناصرها ومعادلادتها من الحيرة إلى الفهم . من الجهل إلى العلم والمعرفة . وهذه أسس التكليف لحمل الأمانة وتقلد مسئولية الخلافة على الارض وصنع الحياة فيها وتسخيرها للانسان .
    ولما كان هو علماً بالمجهول ولإستكشافاً للمخبوء . وتحليلاً للمحسوس واستثماراً للمعرفة فقد تنزه عن التناقض الذي وقعت فيه الكنيسة في عصورها القديمة مع العلم . بل هضم بيسر وسهولة كل ما سبقه من أنواع المعارف والعلوم فأستوعب فلسفات اليونان وتأملات الهند ونمطية الروم والفرس . وأعاد صياغتها في شكل جديد مستوعباً لكل الابعاد الدالة على وحدانية الخالق وشاهداً على تراث الانسانية المستمر بما ينفع الناس ويبقي في للارض وفوق أقطارها .
    وليس في الاسلام رهبانية تحتكر أسرار الغيب في الصوامع ولا كهنوتاً يزعم أنه ظل الله في الارض ولا محاكم تمنع من تشاء الغفران وتشوى من تشاء على جحيم النيران وليس فيه من سمى العلم هرطقةً والاكتشافات هرطقة ... وليس فيه من صارع العلم حتى صرعه العلم وقضت عليه المعرفة فلا مجال إلى زج صراعات دارت في غير ساحته إليه ولا مجال لإلصاق صفات ماعداه به .إنه علم محض يوظف لخدمة الانسان على هدى العدالة الشاملة والحق المتساوي بواسطة الكفاءة العالمة والقادرة على تنفيذ هذه القوانين بالرضى والاقبال .
    والناس ، كل الناس شركاء متساوون
    في امتلاك ما استخلفوا فيه إدارة وانتفاعاً لخير الناس جميعاً......وهم مسئولون عن إقامة سلطتهم التى تنوب عنهم في توظيف القدرة لمحاربة العجز . والتنسيق بين الأخذ والعطاء لمنع التواكل وكفالة الحد الطبيعي في العلم والعمل والعلاج ، ودفع الكفاءات لتقويم بريادة المجتمع كله على ضوء هندسة الخالق للجسم الحى كله لازم للوازم بعضه له . وخلاياه الصغرى هي مكونات هيكله الكبير وعافيته وأمنه في توزيعه الطبيعي لمقومات حياته وعناصر تكوينه بلا حرمان ولا افتئات ولا إغفال ولا إحتكار .
    بالتوزيع اللازم .. لقوام المجتمع المتماسك . يشد بعضه بعضاً . وينعم بتحقيق الذات عقلاً وروحاً وجسدا .
    يدبر مصالحه باقتدار الآخذ في استحقاق . والباذل في إقتناع ...
    هذا هو المجتمع الانساني الخالى من الامراض النفسية والعصبية والعقلية . وهذه هي دولة الانسان الحر لاسلطة عبوديته خادمته وليس سيدته ...
    مجال قدراته وابدعاته لا سجنه وقيده .
    مراح مناجاته وابتكاراته لا قهره وتعذيبه .
    حضنه الرءوم ومأواه الطيب لا أذاه وتشريده .
    كرامته وعزته لا ذله ومهانته ...
    وأنه لا دين يدعوا لغير هذا ولا كتاب نزل مخالفاً هذا ...
    وقد اعتاد بعض البشر على تخريب بيوتهم بأيديهم وتحطيم أوطانهم بادعاءاتهم ودعواهم وغلوائهم . وتكبيل إنسانهم وحجر عقله لقوالب حديدية من صنعهم وحبسه في حظائر من النار والرصاص والحديد واحتكار تفسير التاريخ والدين والاقتصاد .
    ساد ذلك وباد في مساحات الالحاد كلها كما يسود الآن ويبيد في ساحات المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله بذات القدر وذات الاسلوب .وذات القسوة وذات الشناعة .
    وأن كانت الاولى وهماً حالماً تكشف عن صبح وبيل
    فأن الثانية غلو طارد من رحاب الله .
    أنها ذات الغصة تجرعها الحلوق غصصاً فتذهب بها العقول بدداًُ وينتهي ليلها الدامس على مرآىأنسان مهيض فقد دنياه وتاريخه في الأولى . ويفقد دينه وجوهرة في الثانية .
    وأن كان الانبتات في الأولى لم يبق ظهراً ولم يقطع أرضاًُ .
    فأن الاستحقاق في الثانية ... لن يبقي زرعاً
    ولا ضرعاً ... ولاحياةً ... ولا نشورا .
                  

03-13-2007, 01:33 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الفصل الثـالث

    العالم يدخـل
    مرحـلة جديـدة





    مـرآى العالم اليوم

    * إن الصورة الواضحة لمرآى العالم اليوم
    هو أنه كيان مثقل بالمشاكل المتفجرة في كل مكان بلا إستثناء وواضح أن الأنظمة المعنية بترتيب وعلاج هذه المشاكل تبذل جهداً ملحوظاً في متابعتها وملاحقتها ولكن مجهودها دائماً يكن أقل من القدرة الشافية .
    نظراً لكثرة هذه المشاكل وتعددها وتنوعها واختلاف دوافعها مما بدا معها وكان الوجود كله يهتز اهتزازاً عنيفاً كأنما هو في حالة مخاض جديد الأجنة فهى تتعدد من صراعات قبلية إلى نزاعات حدودية إلى نزاعات انفصالية إلى منافسة اقتصادية إلى حروب مائية إلى تداعيات متنوعة .
    أحدثها تفكك الكتلة الشرقية وانتثارها في بعثرة تبحث عن عواملها الأولية القديمة لتعيد نفسها كدولة بعد سبعين عاماً . وحرية تجارية سوق مفتوح يحاول ايجاد معادلة له بين دول مكتملة النمو في العالم غنى ومتقدم جداً ودول عاجزة النمو في عالم متخلف وفقير جداً يتخلل ذلك:-
    - تعصب شرس وارهاب دموى بالغ الخراب والتدمير .
    - أمتهان للحقوق الانسانية .
    - هروب من أوطان طاردة ولجوء رسمي إلى غيرها ولجوء غير رسمي إلى كل مكان حيثما إتفق .
    - مجاعات ... إغاثات ... ومصالحات ... تسويات .
    - نشر قوات تدخل سريع كمفرزة إطفائية للاشتعال لا تلبث أن تضطر للدفاع عن نفسها فتتحول إلى طرف طارئ في القتال ثم تنسحب مخلفة وراءها تفاقماً جديداً للاقتتال القديم .
    * هكذا يبدوا العالم ... متعباً ، مجهداً ، مثقلاً بالجراح وعاجزاً عن التطبيب . أفتقد حتى التوازن القديم بين قطبية الشرقي والغربي اللذين جمدهما الرعب النووى في حالة الحرب الباردة .
    - والذي كان يتيح للدول المتخلفة عنهما مجالاً للمناورة بينهما .
    - أو تحرفاً لعدم الانحياز لكليهما .
    - أو وقوفاً لعدم الحياد عن إعتراكهما .
    * أن العالم اليوم يبدو كرتق إنفتق عن الآلف الكواكب والنجوم والمجرات ... إنتثر على سطح البسيطة يغلى ويتقافز بالدوار .
    ويلهث القطب الآحادى الذي تبقى بعد مشوارر الخمسين عاماً خلا له فيها المضمار فهو يمهد لها بمحاولة المداواة من لمزمنات عاتية هي أساساً من صنع الاستعمارات المختلفة قبل إنتشار وتساوق مرحلة التحرر الوطني واثناءها في كل مكان ...
    فهو أحياناً يمارس دور الاطفائى…..
    واحياناً يزاول مهنة الشرطي……
    وتارة يمارس دور الوسيط بين الفرقاء فيزداد تعبه وارهاقه . …..
    فهو لا يملك الا القوة .
    وهي تغلظ في مكان كالصومال .
    وتتراخى في مكان كالبوسنة .
    وتحتار في مكان كافغانستان .
    وتتجاهل في مكان كايرلندا .
    وتعنى بمكان كجنوب السودان لا كل السودان
    ويثبت لديه يقيناً . - أن القوة وحدها لا تكفي بل وليست هي المعادلة المتفردة لصناعة الاستقرار واحداث السلام وممارسة التنمية وحرية الانسان وسعادته وتقدمه . بل لازدهار - التجارة الحرة - التى يسعى إليها ...
    * أن العالم اليوم
    يغير كثيراً من أوضاعه المو منذ مائة عام ليستقبل قرناً جديداً يكن فيه أكثر راحة وهدوءاً وعافية ومما يبعث على التفاؤل أن هذا التغيير يدار بواسطة الشعوب التى استفادت حصيلة وافرة من دروس وتجارب القرن المنصرم وارتقت بفضل ما حصلت عليه من علوم ومعارف واكتشاف إلى حيثما تتمكن من المشاركة الفعالة في استقرار الوجود وتقدمه .
    وتأكد لديها ماهية الدور الذي يتعين عليها القيام به داخلياً وفي نطاقها في استثمار ثرواتها واحياء إمكاناتها وتنمية إنسانيتها في اقتصادها واجتماعها وسياستها لتكتمل هياكل الحرية جميعها .
    فالقرن الجديد هو قرن الانتاج بالمشاركة ... والاقتصاد بالتبادل والاستقرار بالحضارة والمدنية .. والاسهام بالأخذ والعطاء ..
    والذي يسقط في معادلة القرن الجديد لن يتسنى له النهوض .
    لأن الكرة الارضية ستدور بسرعة الضوء وتتصل باجزء الثانية .وتنتج بالكومبيوتر والهندسة الوراثية .وتعيش بالتكنولوجيا . وتسافر بالصواريخ . وتلد بالانابيب . وتتعارك بالنجوم . وتقتل بالاشعاع . وكلها حسابات دقيقة ليس عصر العلم والعلماء والانتاج والمنتجين حيث ينفتح العالم مستخفاً بالمسافة ومستهيناً بالزمن .
    لامكان فيه للذين يموتون في بيوتهم ويريقون دماءهم بأيديهم ويتعاركون على لقمة لم ينتجوها ويتواثبون على حكم لم يهندسوا مقياسه حكامه ومحكوميه . وسيلفظون من مراكب التاريخ وذلك تبعاً لقوانين السلوك الحياتي الجديد ، وهي واجهة التطبيق على كل حى ومتحرك وموجود في عصر العاملين لا وجود فيه للتواكل والتنصل .
    لأن العطالة محمولة على أكتاف المجتمع بقانون ولأن الدولة مسئولة عن توفير العمل وكل من فيها يتصف بصفة العامل ... أداءً وإنضباطاً كل في موقعه من راس الدولة إلى - راعى الأبل - في بادية الشكرية أو الكبابيش .
    إعماراً للاستثمار الاقتصادي المسلح بقوة الانتاج ..
    وتحرراً من قيد الاستيراد الاستهلاكى الذي يدمر ميزان المدفوعات ويقلص قيمة الصادرات ويصعد أرقام المديونات .. ويستنزف القوة المستدينة للضمانات البنكية زَهْن الادخار . ويعرقل المسار التنموي ويقضي عليه .

    حريـة التجارة ستقضي على العاجزين
    إن حرية التجارة ، وقوانين السوق هي ميدان المنافسة في القرن الجديد والحرب الخفية التى ستدور رحاها بين ملوك الإنتاج المتطور من العالمين .
    وهي أشد صرامةً ونكالاً من حرب السلاح .
    لأنها ستقضي على العاجزين من إرغاُم الاستهلاك القديم وتستعمر سوقهم بغزو البضائع لهم من غير تصدير لهم فينقلبون أسرى بلا معسكرات
    ومثقلين بلا قيود .
    ومستعمرين بلا إجتياح .
    فيظلون في ديارهم ... حالمين .
    الرعب النووي
    عندما بلغ الرعب النووي مداه
    ضاقت به الأرض فاتخذ السماء قواعد يصب منها دماره ... وابتغى من النجوم مخابئَ واوكاراً وتسابق طرفاه لاحتلال الأفلاك والآفاق فانقلب عاملاً وقائياً يردع كليهما عن استعماله وأدركا أن لا بقاء لأحد منهما حتى لو سبق بالضربة الأولى فأن كلاً من عليهما فان !! وجالوا بأبصارهم إلى أعلى الأفق واستووا إلى السماء ، فاتخذوا منها مواقع للرجوم ،ومراصد للسمع والرؤيا والاستشعار ،وسنكاً آمناً إذا دُكت الأرض وصارت هباءً منبثاً واتّعظاً بما نال وشاح الاوزان من تجاربهما ... وإهترأ جانب منه . فرجعا يلتمسان مصادراً أخرى للقوة يحسمان بها معركة السيطرة على العالم ...
    ولكن أحد الفرقاء خرج من حلبة الروؤس النووية مفلساً ومتداعى الأوصال أضناه السفر في الفضاء وعبر الكواكب والإنفاق على عابرات القارات .
    فهبت من عراه شعوب من مراقدها وأوجدت نفسها من أتون العدم . وإختفى من الوجود ماكان يعرف بالاتحاد السوفيتي ..
    وكان تلاشيه .... ملهاة داوية تمثل عبث الانسان وحيرته وانفعاله وعصبيته وتحطيمه أصناماً وتماثيل ظل عاكفاً على عبادتها وتوقيرها - سبعين عاماً -
    وأنتشرت (مع حطامات التماثيل )أوروبا الشرقية كلها وهي تحبو كليلة حزينة خارج الستار الحديدي الذي أخفاها خلف أستاره الشائكة ...
    وناء كاهل العالم بعبء اوروبى وعبء آسيوى .
    وخلا الجو لطرف المعادلة النووية الأول فى (( هيروشيما ))
    فقرر اْن يبيض على الوجود ويفرخ !!
    فهو مالك الثروة .. وسيد منابع النفط فى العالم وحارس الممرات فىالبحر والاْرض والسما ء وحامى حمى الدول .. وشرطى العالم ..
    اْينما اْشار فكل الكون جند واينما يمضى فكل الناس عبد !!



    اليابـان خسـرت حربـا وكسـبت أنسـانا

    ولكن ....
    " الليالي حبالى الزمان ....
    يلدن العجائب .. في كل آن ...
    ما فترن من حمل ... ومازال الزمان ... فحلاً خصيبا "
    فعندما إستسلمت اليابان ، كآخر المقاتلين في الحرب العالمية الثانية وأصدر " هيرو هيتو " امره بالقاء السلاح وخرج " إبن الشمس " تتصفحه لأول مرة . عيون البرايا من قومه .. وتعب " الهارى كيرى " من أزهاق أرواح الذين رفضوا الهزيمة ..
    ولم يصدقوا " تيلى يموشنك " وهو يرى :-
    - جزراً بأهلها في السماء تطير .
    - وشاهد سبعين الف من البشر يذوبون كالقصدير المصهور .
    - وكيف تنصهر الأرض في ناجازاكي وهيروشيما ... وما لها من قرار .
    عند كل هذا .... ظن الناس أن أمة اليابان قد ركعت إلى الابد . وأستلبت منها أقوى روح قتالية في الوجود ..- روح المستميت الانتحاري -
    الذي يركب الطوربيد نحو الهدف ويسقط طائرته في مدافن السفن .
    بل ذهب الناس في ظنهم أنها صارت أرضاً محروقة عقيماً وأول محروقاتها - إنسانها - الذي سيحيا درن روحه القديم .
    أين ظن الناس من اليابان اليوم .. بعد نصف قرن من هزيمتها !!؛
    وماهو حجم الجزر الصغيرة العائمة في المحيط . وإنسانها الرقيق الرشيق .. وهي .. وهو "بخطوات القرن الجديد" جزر بعيدة تستورد كل شئ . من الاسماك والاعشاب البحرية ... جاءت في الطليعة - للحمالقة السبع - وهي تملك أكثر منهم مقاليد التكنولوجيا .وتصدر أكثر منهم كل ما يستهلكه العالم القديم والجديد وتشترى عملتها كل عملات الوجود بأرخص الأسعار .
    ولم ينحنى الدولار الامريكي .. يوماً
    كما يركع الآن تحت أقدام الين ... اليابانى !!
    وانداحت دوائر النفع منها حتى شملت " كوريا " و" تايوان " واغرقت بضائعها " هونج كونج " حتى ألحف في رجائها السوق الامريكي والاوربي وطفقا يخطبان ودها .. ويناشدانها تخفبف السيل المنهمر من إنتاجها حتى أغرق ما بين الخليج والمحيط وغزا .. عقر داريهما !!
    لم تمت في اليابان ... روحها ...
    فأنها أرض تراث خالد تليد . وأخلاق ممعنة في الاصالة مرعية السلوك ، محترمة الممارسة . لم يمت تاريخها ولم يحترق دينها .
    وسبق إنسانها العالم عندما إكتشف :-
    - المصدر الاثرى للقوة التي تسيطر على العالم -
    الروح الأصيل ...
    والانتاج الوفير ...
    واتخاذ العمل عبادة ...
    ومضاعفة الانتاج صلاة ...
    والاستقرار تبتلاً وتصوفاً ورهبنةً .



    ديـجول ينهـض بفرنسـا من كـوة الـهزيمة

    تلاحق هذا المنوال . أمم كلها من العالم القديم الذي حطمته الحرب ...
    وكلها بحسب مانكتب لها من عمر جديد بالنصف قرن ...
    المانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وهولندا وبلجيكا .... الخ
    كلها بعثتت من قبور النازية ومدافن الفاشيست .. من ركام العصف والنسف والهدم وكانت كلها ميادين الحطام والجراح والافلاس والياس المرير
    وكان " ديجول " لفرنسا مثلما كان لألمانيا " أديناور" أعاد .. الرجلان لقطريهما صياغة التاريخ ليلائم تاريخها المجيد فاستروحت " باريس " رياح الثورة الفرنسية العنيفه واستدفأت " برلين " بالروح "البروسى " القديم
    أنهض " ديجول " الإنسان الفرنسي من كوة الهزيمة .. وأهله للمقاومة ...
    وحاز احترام الدول الاخرى المتحالفة ضد النازية . وأكتسب ثقتها كممثل لأمته ... حتى صارت رأس الجسر التاريخي الذي بدأ تحرير أوروبا بعد أطول يوم في التاريخ . على شواطئ - نورماندى - كيف إستعادت فرنسا مكانتها المرموقة ذات التأثير العالمي النافذ وعمرها الثاني نصف قرن ؟!
    خمسون عاماً إستعادت .. فيها عافيتها وبنيانها … وأصبحت حجر زاوية في البنيان الأوروبي وثقلاً دولياً له أثره ومغزاه
    وعندما تقاعد " شارل ديجول " بأختياره ذهب إلى قريته الصغيرة هانئاً سعيداً .فقد ربط فرنسا بتاريخها الزاخر وأرسى حاضرها المستقر وفتح أمامها الطريق للمستقبل معبداً وميسوراً ينساب بعيداً إلى آفاق الحلم بأوروبا المتحدة .
    واغمض عينيه على مقولته الخالده :-
    " إن فرنسا ليست مدينة لأحد "
    وأخذ يسترجع ... المايسليز .



    أديناور ألمانيا ينجح في ترميم العزائم المترنحة

    لكن موقف " كونراد اديناور "كان أشد تعقيداً وصعوبة
    فهو المانيا المعتدية التي أجتاحت الدول ... وحطمت الجيوش وحدودها .. وهو المانيا المهزومة المدمرة التي أنقلب طموحها كابوساً .
    وهو المانيا المقسمة مقطعة الأوصال وهو برلين التي أرعبت الوجود كله مشطورة شطرين يسبحان في دموع الأهل والأقارب والصحاب ... ولا يلتقيان .
    وهو الغزو الآرى مطاطأ الرأس تطأه في كل شبر من أرضه .. قدم للغزاة غلظة الحذاء ...
    وهو المانيا فوق الجميع ... تمثل الآن في قفص الاتهام في - نور نمبرج -
    مدانةً ... من البشرية قبل القضاة يعوزها حتى الدفاع !!
    ترقبها عيون في شماتة وتشفَِّي .مصانع محطمة ، وطرق منحورة
    أرامل وأيتام ، جرحى ومعاقون ...
    بقايا شعب حلق بأجنحة النازي كنسر جارح يفقأ الكرة الأرضية بخناجره ثم يهوي من حالق ... فيندق عنقه وتتحطم أوصاله ...
    ومن بين الأنقاض ... وذرات التراب ... وحشاشات النفوس بجمع أديناور شظايا الإدارة المتناثرة ويجوس في حنايا أمته الممزقة يلم شملها ويقيم عزائمها المترنحة ... وينفخ روح الأصالة في عزمها فيتولد من جديد ذلك الاقتدار الذي لم يهزم ... إنما هزم فيه العدوان وإندحر فيه التعدي ومات فيه التجاوز ...
    فكيف كانت المانيا قبل خمسين عاماً ؟!
    وكيف صارت بعدها ..في عالم اليوم موحدة ... أكبر قوة صناعية أقوى دول الاتحاد الأوروبي أغنى الدول الأوروبية قاطبة ...
    خمسون عاماً فقط ملايين الاطنان ... من الانقاض وطمرت فيها ملايين الحفر . وعبدت فيها الآلف الكيلو مترات من الطرق . وأديرت فيها المصانع العملاقة . وارتفعت فيها البنايات النواطح للسحاب .
    وزادها أنسانها وهو يحطم حائط التقسيم الرهيب عند بوابة - هيدلبيرج - عزاً ومجداً وفخاراً ..

    الصورة الدامية للخراب

    كم كان عمر هذا الخراب ... الذي شمل العالم كله منذ وثب " الفوهرر" لتحطيم معاهدة فرساى ...وإلى أن انتحر في قبو قيادته المقصوف بناسفات الربوع والغرور والجنون !!
    إنه عمر لا يحسب بمقاييس الزمن ولا بوحدة الأيام والشهور والسنين ولا يحسب بالكم العددي ولا بالكيف النوعي ولانه تجاوزها جميعاً في معادلات الحصر والاحصاء والحساب وطغى طوفانه على الأبعاد والأعماق سقوف الأحداث .
    إنه غوص بلا عمق ...
    وارتفاع بلا أفق .
    لم يقف عند تحطيم الأوطان واجتياح البلدان واحراق الحياة فحسب بل تجاوزها إلى إستلاب الإنسانية ذاتها من الآدميين ...
    وقد جن أول قاذف للذرة فوق اليابان من هول تصوره لنتيجة عمله !! اختلفت فيه طبائع البشر وأنفجرت فيه أخلاقيات الأنسان وتلاشى كيانه في غيبوبة الجنون ، إختبل الذي كان يعلو مسرح الجريمة بالآلف الاقدام ... فكيف بضحايا النزف والقصف والاحراق؟ !!
    وما تبقى منهم بلا دور ولا لقمة عيش ولا مأوى !!
    وكيف بمن تبقى لهم بعض الاطراف وفقدوا البعض الآخر ؟!
    وكيف بعقولهم وقلوبهم وايمانهم بأى شيء وقد إفتقدوا كل شيء ؟!
    حتى ارواحاً كان خيراً لها أن تموت أو تجن
    بل شردت بلا شيء... وإلى لا شيء !! ولم يكن لها مشيئتها شيء !!
    أنه طوفان حديث يفرق الانسانية في الانسان ويبقي على حياته دونها وليس له من سفينة تحمل من كل زوجين اثنين ... ولا جبل يعصمه من الماء!!
    خلفت الحرب عالماً غريباً في اوروبا وآسيا
    ومقابر الجيوش والعتاد في افريقيا
    وافرغت الخزائن في امريكا ...
    التي هبت لانقاذ خط دفاعها الأول بعد " بيرل هاربر " إنها صورة ضبابية تقرب بعض الملامح ذلك الهول ولا تحده فأنه أهول من أن يُحدَّ ... بل ليس له حدود ومعالم على الاطلاق .
    إذن كيف صنع هؤلاء الرجال ...
    من هذا الكوم المفتت السحيق هذا الكيان الحضاري المهيب ؟! الرئع ؟! وهو يحتفل بيوبيله الذهبي بهذا الرونق ... العبقري الآسر ؟! .
    كيف إهتدوا إلى عصا الساحر ومفتاح الاقتدار ...
    الذي ربط بين السالب الشعبي إلى مابعد العدم ...
    بالموجب القيادي إلى حد عودة الروح ونشوء الزعامة
    التي ترود الطريق كرمز إلهي … إنبعث مشبعاً بجراح أمته . متخماً بالآمها وآمالها البائد . يرتاد لها دروب الشفاء والبرء والأمل .
    كيف إنتصبوا من خلال الركام ... عراة المناكب ، ترسم على أجسادهم خرائط المعارك الدامية التي خاضوها جنباً إلى جنب مع أممهم ؟! خرائط هن أوسمة القدرة والارادة والقدر تكرس الزعامة وتشير إلى القيادة وتدل على " الكارمزوما " مناط القلوب والتقاء الافئدة ومنبع القوة ومجمع الآمال التي هي أوسع من دائرة البيان ... وتعلم الثقة بالغة النقاء والصفاء بلا ريب ولا ظنون ولا تردد :
    نشوء القيادة من الجموع
    وريها من الجماهير ...
    وإنبعاثها ايماناً من الجذور إلى الفروع !!


    كيـف فعلـوا ذلك ؟ ؟

    تتعثر الأجابة ... لعدم القدرة على الاحاطة بالمعجزات ومبلغ العلم في إدراك كنه لمجملها يعجز عن التفصيل إنهم فعلوا كل ذلك بصدق الانتماء ...
    واتخاذ الصدق منهاجاً ... ليكون الفرد أمة ...
    وتكون الأمة حكومة ...وتكون الحكومة قائداً ...
    ويكون القائد قدوة ومثالاً وتفانياً لا ينال منه الفناء .
    كانت كل واحد منهم أمته ...أو كانت هي هو .
    فصنعت له وصنع بها ما نرى وما نتطلع إليه في حيرة وذهول !!
    وانتماؤنا يقضي على نفسه باليتم والاهمال ونحن عن معاناته ... لاهون ...
    صحيح أنهم إستعانوا بالمساعدات الامريكية . واستندوا عليها واستثمروها بالأمانة وصدق الانتماء ووعي التلاحم المخلص وعناية المشارك الحميم في مراحل الهزيمة والنصر والبناء والاستشفاء والازدهار ... والانطلاق اللامحدود ...
    إنهم لكل هذا ... قد أضفوا على المساعدات معنى ذاتهم ولون نضالهم وطعم انتصارهم وجليل ثباتهم واصرارهم وإنتمائهم فاعادت بناء الذات كأن لم تلاقِ ما لاقت ... وكان لم تقبر وإنبعثت ، وكأن تسجن وتتحرر ...
    وهي هي ذات الذات القديمة . بلا صليب معقوف وبلا تعال في الأرض ولا غرور فأن الانسانية تداوي ... جراحها ... بدمائها . وتطيب رشدها بأخطائها . عندما يأسى القاتل للمقتول ... ويعلم أنه قتل نفسه بأخطائها وهو ظالم‘ لها .


    تشرشـل يبشـر بالـحرب الـجديدة

    عندما تقارب التماس بين مناطق الاحتلال في أوروبا ... أحس " ونستون تشرشل " رئيس وزراء بريطانيا .. " أن الروس بدأو في خلق ماسمي بالكتلة الشرقية . وأنهم يدفعون بحدودهم ...غرباً عبر أوروبا الشرقية خلفاً للاجتياح النازي . فازداد التصاقه بامريكا .وأبدى قلقه بأن الروس يتقاسمون أوروبا مع الحلفاء . وأن هذا نذير بمستقبل واعد ... بحرب جديدة ...
    وكان الأسد البريطاني قد خرج من الحرب .. ضامراً مهترئ الانياب ، مقصوص الأظافر ، يطالع في أسى عميق ...انحسار نفوذه عن إمبراطوريته التي لم تغيب شمسها يوماً وكانت جزيرته الصغيرة تنوء بحمل الآلف الجنود حتى تكاد تغرق تحت وطأتهم ... جنود في كل مكان ... بيض ... وسمر ...وسود ... شاركوا في المصير .. وتتأهب أوطانهم للحرية التي ضحوا في سبيلها وشاركوا في نصرها ...
    ولم يكن الأسد العجوز بقادر وحده على إحتمال كل هذا ... وهو يعيش في عرينه المتناثر من القنابل المدمرة ... وليس بقادر على تلقي لطمة تنبعث من خطوط التماس القريبة الجوار والالتصاق ... ولن يتيسر له عون سريع عبر الاطلسي كما تم في بداية الحرب ...

    كيـف نشـأ الحلـف الأطلـسي ؟

    من هنا .. نشأ التفكير في الحلف الاطلسي وتجاوبت ضرورة من نظرية الفرغ الامريكية في الشرق الأدنى والشرق الاوسط . والتقت مع رغبة واشنطون في ملء هذا الفراغ وحراسة الممرات المائية وضمان منابع النفط .
    ونهض في الجهة المقابلة .. حلف وارسو ...وبدأ الدب الروسي يوسع من مساقط الجليد ليتمكن من التهام مافاته في مأدبة التقسيم العتيقة ...
    وبدأ ينفث صقيعاً أعلن به - بدء الحرب الباردة -
    وسارعت يوغسلافيا واندونسيا والهند ومصر والسودان وغيرها ... إلى انشاء كتلة الحياد الايجابي ... لا إلى هؤلاء ولا إلى اولئك .
    نجاة بنفسها من صقيع الدب الروسي ومن جحيم الذرة الهلوك لدى العم سام .
    وبدأت الحرب الخفية بين " الكى جي بي " و " السي آي ايه "
    بيد أن الناشطين في اوروبا مع امتنانهم للعون الاطلسي وتقديرهم له لم يكونوا غافلين عن مسارات التحول الكوني الجديد .
    وكان أطولهم قامة تطلعاً للمرئيات والتحركات وأكثرهم إستيعاباً لتجارب ما قبل الحرب واثناء الغزو وبعد التحرير ... هو " شارل ديجول " الذي زأر في الاذاعة البريطاني فسرى زئيره في شرايين فرنسا ؛فتعملقت كلها بعد التقزم والاستكانة . وانتصبت لقامة ذلك الرجل الصلب المتفرد .
    ومدت أنفها كأنفه الحساس الذي يختبر الروائح ويفرق بينها ...
    ويعرف أنواع الهبوط والرياح والاعاصير وامكان انبعاثها ومسبباتها ...
    كان يعزز ساقه في فرنسا ويستشرف اوروبا ويحلم بها موحدة قوية
    ويتحقق الحلم ... بعد دراسات عميقة ومتأنية مستفيضة وشاملة .
    تأخذ حظها من الفحص والتمحيص والحساب الدقيق واعادة النظر واعتبار ردود الفعل والامزجة والمشاعر المختلفة والعواطف والعقل والعناصر والكيانات والموارد والاحتياجات والتخلف والتقدم والفقر والغنى والتنوع والتعدد واللغات واللهجات والنقائض والفرائض والعملات واوزان النقد والحقول والمصانع والمزارع والعامل والتاجر والموظف ونوعية الادارة والجيوش وقوات الأمن والسجون والجرائم والعادات والتقاليد والسلوكيات والممارسات والطرق والاجواء وحجم الثروات والعمر الافتراضي لها والابعاد والمسافات ..
    وحجم هذه الكتلة وموقعهامن العالم .. وتأثيرها عليه وتاثيره عليها وبلورة التقاطها للكيانات الأخرى وانجذابها إليها وتوازنها معها ومدى قدرة الاتحاد على المنافسة في الميدانيين الأسيوي والافريقي .. ومدى ثباته في الشرق الأدنى والأوسط والأقصى واحتمال الانحياز الياباني له أو عليه ....
    وغموض الثقل الصيني الرهيب !!



    كتـلة الكثـافة الغالبـة ستـولد حتـما

    في سباق علمي خاطف ... يختم القرن العشرين حياته واضعاً في فجر القرن الجديد مولوداً جديداً لنوع متطور من الحرب ... حرب المنافسة والصراع والاستعمار باسلحة الاقتصاد العلمي والانتاج التقني ميادينها الدول المتخلفة ... وصراعها جمهرة المستهلكين في قناعة وخنوع ... ستدور رحاها عبر المتئة سنة القادمة ... وهي حرب حضارية . لا تراق فيها الأ الدماء التي تعترض طريقها في بداوة . ولا يمارس فيها أسلوب الاحتلال العضوي القديم . وإنما تهيمن عن طريق الاسواق : بقوات فاتنة من البضائع والاحتياجات في العلم والعمل والتنمية والاستهلاك .
    * حيث تبطل في القرن الحادي والعشرين نظرية الحروب البربرية التي نشأت مع نشوء الانسان ... الا بين الدول التخخلفة والشعوب المتأخرة حتى يستنفذ قدرتها في شراء الاسلحة المخزونة .
    * وتختفي إلى الابد نظرية تدمير أي جزء من العالم بالأسلحة القاتلة التي سيتوقف إنتاجها وتتتوقف صناعتها وتتحول مصانعها إلى الانتاج المدني الجديد .
    الا ما تخفية دواعى التوازن الدولي تحسباً لأى مفاجأة لم تكن في الحسبان ...
    كأن يتحرك التنين الاصفر أو أى خطر ملون أو أسود لم يأخذ حظه من قبل في تكدير صفو الصفوة في العالم الجديد : بل إن بعض الدول التي تخفى في حوزتها بعض أسلحة الدمار الشامل تخشى ان ينحاز بعضها إلى احدى بؤر الصراع في العوالم الثالثة ... مما يقربها من حيز الخطر ويضطرها إلى تجاوز الخطوط الحمراء .
    ولذا فهي تركز على رفع شعار السلام والمصالحات والتسويات السلمية وكثير منها لا ينضج طعاماً .. فيعمد كثير من آكليه إلى إزدراده شيئاً مما يفاقم من حدة النزلات العراكية .... ويتم استمرارها !!
    لم يبلغ العالم رشده تماماً ... ولكنه يضع خطوة في هذا الاتجاه . وخطاه تحسب بسرعة الاتصال والتواصل التي تجعل منه مدينة هائلة واحده ... تكتسي بخيمة شاملة من عشرات الاقمار والمحطات الفضائية ...ترصد السطوح وتجس الاعماق وتنقل الاحداث ساعة وقوعها وتستشعر الحركة والأحاسيس .
    ويتقاسم عمادة المدينة قبطان :-
    يتربع أحدهما في صدارة العالم القديم لصيق الجوار بالسهوبب الآسيويه عميق الصلات بالقارة السوداء التي تسبح في مياه المحيطين .
    وينتصب الآخر في المدخل المهيب للعالم الجديد رافعاً ذراعه العملاقة يحي مطلع الشمس ويبتسم ابتسامة لا تخلو من القلق !!
    كُتلتا حضارة ومنعة وثراء .... يوشكان على بدء المعادلة الجديدة ..في الاستقطاب .... وإستحواذ ...الآخرين بغزو علمي متطور ... يلائم العصر ويوثق المتخلفين ...بقيود من حرير في سجون بلا جدران ولا سجان ...
    حراسها من السجناء ... أنفسهم بدويلات العبودية والتخلف ...
    ويتعين الآن .. على دول عدم الانحياز أن تتدارس موقفها من دنيا القرن الجديد .... فقد بطلت معادلة الحياد الايجابي باختفاء أحد القطبين ... ونشوء قطب جديد آخر ... كان إلى عهد قريب يجوس خلال ديارهم ويجر ذيله تيهاً ... بل ويتعين عليها هي أيضاً أن تكون لها وحدة تنسيقية خاصة بها لتنظم جهودها ....وتختط لنفسها طريقاً بين المستحدثات ... فلربما يسعدها الحظ وتخلق وزناً له رأى يحميها من التأرجح بين القوى ...
    وهي التي كان مجيداً عصرها
    وكان حكيماً أداؤها
    وكان محترماً قرارها
    عليها أن تصنع من ماضى عصرها المجيد أداءً أكثر حكمة وقراراً أكثر احتراماً ووزناً أكثر ثقلاً يمكنه أن يحدث التوازن العقلي والمنطقي في مسار الاحداث المقبلة .
    ولتبدأ منذ الآن الدراسة المشتركة والتقصي الواعي والبحث المستفيض .....
    وليس بعيداً ولا مستبعداً ان تولد كتلة الكثافة الغالبة من الدول النامية ....
    وتمارس حواراً جاداً ومثمراً بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب ، وهو سيكون أكثر حرارة وأرفع صوتاً وأنجح قصداً من الهمس الخافت الخجول الذي كان يدور منذ أعوام خلت.
    فأن كتلة الدول النامية وهي أكبر مستهلك للواردات المصنعة وأكبر مصدر للخام بكل أنواعه ستجد آذان الكبار صاغية أكثر مما هي الآن وتولى الحوار عناية أعمق مما هي الآن . وتجلس في مائدة مستديرة مع ممثلي الكثرة الغالبة من سكان العالم ولتكن الشعارات الجديدة تحية للقرن الجديد ...
    ولتكن المصلحة المشتركة ... والمنافع المتبادلة والمشاركة في تنمية الموارد والثروات بمناصفة الربح العائد ... وتامين الاستثمار وضمان رأس االمال ... المستثمر ... لكي يعم الرخاء ويدوم السلام .. وتأخذ الأرض زخرفها وتتزين إلى حين ويستيقن البشر أن التخمة المادية والابتزاز بالعقل وإمتلاك القدرة على تطويع الكائنات .. لا تغنى عن الروح ... التي لو إفتقدها الانسان يصبح فريسة لغيبوبة الخدر بعقارات السموم ... ويفسد في الارض ويسفك الدماء ويذهب ضحية للعلم الشرير ... ومن العلم ماقتل ... ويكون ظلوماً جهولا....






















    الوحـدة العـربية ...الحلـم و الأمانـي

    بدأ القرن العشرون في إعداد مستمسكاته وترتيب عمره المنصرم لتسليمها للقرن الواحد والعشرين ويتولى تنظيمها باولويات الأهم والمهم .. وما يحوّل إلى ذاكرة التاريخ فحسب ... وما يسقطه لعدم الأهمية وما يرحله إلى مستقبل القرون بأعتباره " قضايا لم تحل " وما يندرج تحت عنوان مهملات " أحلام لم تتحقق " أو مشاورات لم تتم وحوادث لم تنته وغير ذلك كثير من قضايا الدوائر المفرغة التي تبع من ذاتها وتعبرها ثم تعود لتصب فيها من جديد .
    ويلقى في محرقة هائلة أحداث مقيدة ضد مجهولين .
    ومنظورات لم يصدر فيها حكم الزمن لعدم حضو الاطراف السادرة في غيبوبة التخلف والبداوة السحيقة .
    • من أكبر الأحمال التي ينوء بحملها ولم يدرجها تحت عنوان لأنها تصحبه منذ يفاعته وهو في المهد صبيا ... وظلت تلازمه عبر أعوامه المائة قصة الوحدة العربية ...وهو يعرضها على تاليه الوليد بلا تعليق فهي لم تتم ليقدمها ضمن منجزاته . ولم تنفض ليعلق عليها بصرف النظرولم تصمت ليلقيها في سلال مهملاته .
    زكائب من الشعر والنثر وينابيع من الحب والوله وصيحات من العواطف المشبوبه ... تلال من أمان وأمنيات وتمنيات ... ونظريات وأطروحات ... ورثاء وموت وبعث ... ونوم وصحوة ... وجمود ونهضة ... واغلاق وانفتاح ... هلال خصيب ، وحدة حرية ، اشتراكية قومية عربية ، مؤتمر اسلامي ، ناصرية ، انقلاب ... مجلس تعاون ، إعلان دمشق ، فلسطين ، أريحا ... اسلام ... إرهاب جامعة إسلامية ، نفط ... فقر ... تطرف ... حروب ... غزو ... رئيس قائد ... زعيم أوحد مهيب ... عقيد ... ملوك ... رؤسا امراء ... عاصفة صحراء !!!
    إن القرن الجديد سيرفض عملية التسليم والتسلم لهذا الكم الهائل من المخلفات الهالكة ذات الاحجام الفادحة والتناقض الأبدي ...
    إنه قرن العلم وقرن المقاييس الدقيقة والحاسوب .
    لا تتسع معداته لادخال مرتدات العصور الغابرة ولن يتسنى لأهل الكهف أن يحصلوا على طعام بورقهم هذا وسيظل كلبهم باسطاً ذراعيه بالوصيد .
    إذا ترك العمران له وصيداً وهم نائمون !! وستتأخر عملية الوفاة والميلاد بين القرنيين يلحف القديم في الرجاء . ويمعن الجديد في الرفض والاعتذار المنطقي المؤدب فلم يعد في خريطة العصر مناطق معتمة .
    حتى القمر لم يعد ذلك العرجون القديم .
    " ارجع إلى قومك " ....
    ليغيروا ما بأنفسهم ...
    وليلحقوا بك قبل مغيبك ...
    وقبل رحيل القافلة لعلهم يفلحون
    و دَعْ البكاء ...فلا مدامع بعد اليوم تنسكب .....
    منابع الثراء الكوني . والرباط العرقي والارتباط السكني والدين الواحد والضاد الواحد ... والنفط والزرع والضرع والجبال والسهول والوديان والأنهار ...والمعادن والغابات ... والمحيطات والخلجان ...
    همزة وصل العالم ومعابر الاتصال بين شرقية وغربية شماله وجنوبيه ...
    ومالك محروقات الحركة الحركة الآليه وشريان حياتها ...
    وشرطي المرور المسيطر على أبواب العالم .
    تطلع الشمس على خليجه وتغرب في محيطه
    مسيرة عرسها عبر ديارهم المتصلة ...
    وهي تغسل يمنى يديها في البحر الابيض المتوسط وتدفئ اليسرى على خط الاستواء تسحب ذيلها من المحيط الهندي لتلقى باطرافه في المحيط الأطلسي أوثق بقاع الأرض تجانساً والارتباطاً وأرحبها ترامياً واتساعاً وأوسطها أمة وأعرقها تاريخاً وأفخرها مجداً
    رشت باجنحة الملائكة .
    وشرفت برسالات السماء .
    وطهرت بالرسل والأنبياء .
    وسمت بالكتب المقدسة .
    وانتشت " بمزامير داود " عليه السلام وتوحدت فيها قبلة صلاتهم وهفت لها قلوبهم وغنت لها وجوههم وعرفوا أنهم خير أمة أخرجت للناس ... وجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم من كل حدب وصوب . كيف يعتري الخلاف والتفكك كياناً مثل هذا ؟!
    كيف بعجز عن إثبات وجوده الفاعل المؤثر منقطع النظير ؟!
    كيف تختلف رؤياه وتتناقض مواقفه ... ويكون صدى لردود الافعال ؟!
    كيف تتعارض مصالحه وتتقاطع توجهاته حتى يغدو فريسة يلتهم بعضه بعضاً ؟!
    ويجتاح بعضه بعضاً ويدمر بعضه بعضاً حتى يكف أذاه الغريب ؟!!!
    ماتسنت إمكانات الوحدة ولا تجمعت ضرورات الاتحاد ولا توفرت عناصر التكامل مثلما فأضت لديه وفاءت على أهله بالحاح يؤذن في مسامعهم مئات السنين ولكنها حيرة القرن المنصرم … مثلما هي حيرة القرن الجديد مثلما هي حيرات قرون كثر خلون في الماضي السحيق
    وليس ثمة ناسٍ ليُذكر .ولا غافل لينبه ولا جاهل ليتعلم ....
    فلنكتفِ ولنكف فلن نأتي بجديد .
    فالانسان في الأرض يقارب أن يكون في أحسن تقويم إلا
    استوفرت الفلسفات صنعها ... وطرحت مافي حوزتها ...
    كالمعلبات في سوق " السوبر ماركت "
    واجتازت النظريات كلها مراحل التطبيق فساد بعضها وباد ووضع بعضها في أرفف المتاحف متعة للناظرين واعتباراً للاجيال ... وأُحيل بعضها على كوم النفايات ليصنع سماداً يمنح الارض مزيداً من القوة والعنفوان .
    ونلوذ بكرامة الصمت … مستغفرين الله لنا ... ولكم ...
    ولقوم " عيسى وموسى " وللروم الذين غلبوا في أدنى الأرض التى هي لله يورثها من يشاء !!









    نـذر الحـرب الجـديدة تلـوح في الافـق

    مائة عام إهتزت خلالها الأرض وربت وأخرجت أثقالها وزلزلت زلزلاً ...
    كانت ميداناً ملتهباُ لمعارك الخير والشر حتى أختلط جسماهما وهما في صرعة البقاء والفناء الآف الحروب ... وملايين الضحايا . وبحار من الدماء وطوفان من الدموع . حروب طاحنة شملت كل الموجودات والتى لم توجد . إستعملت فيها كل أنواع الاسلحة والمبيدات
    دارت رحاها بين الأمم وبين الشعوب
    وبين العصابات وبين الافراد .
    وبين الأديان وبين المعتقدات .
    وبين الفلسفات وبين النظريات .
    وبين العقول وبين الأفكار .
    وإستخدمت العلم في الهجوم والدفاع في الحياة والموت في النصر والهزيمة ... واتخذوا منها مقاعد للسمع ومباصر للرؤيا وقلاعاً للرجوم وملاذاً للهروب إذا دكت دكا ...
    عند هذا إنتهى أولو القوة والبأس وقد افتقروا من تسخير مواردهم لعلم الدمار إنتهيا علمياً أيضاً إلى أنهما هالكان كليهما ... وأن النصر والهزيمة في مقارهم صنوان ..إفناءٌٌ… وفناءُُ ... وعدم !!فأستسلما للرعب ولم يجنحا للسلم ولم يعمدا للسلام فأن السلام على الأرض ... يصنعه الذين بهم المسرة ... والذين يؤمنون بأن المجد لله وأنه خالق كل صانع وصنعته .
    وباستسلام القطبين للرعب ..تساقطت بينهما دول وأمم كانت تلوذ بهذا أو ذاك وأخذت في تناثرها تمارس الحروب الصغيرة بما يتاح لها من مخلفات المعسكرين ... مما يدفئ قليلاً من زمهرير الحرب الباردة .
    وعندما ذاب الجليد تبين أن أحد المعسكرين ليس كما كان يدعّى ... وأنه معوز ، معدم. إستنفد قدراته وقدرات غيره في السلاح وغزو الخواء وأنه مفكك الأوصال موهن القوى ويحتاج إلى حفنة قمح مثلنا ...وسقط المعسكر الآخر من دهشة الاكتشاف المثير . فلو كان يعلم بعضه لما لبث ينفق في أنتاج الدمار اللعين وأصبح يقلب كفية على ما أنفق فيها .
    " ورنا بعينيه متأملاً دولاً لم تدخل مسابقة التسلح المحمومة وإستثمرت إمكاناتها في البناء في بنيتها واقتصادها ... وإنسانها ... دولاً هزم بعضها يوماً ... وأنقذ أخريات من الهزيمة وساعدها مطمئناً الى أنه حامى حمى العالم القوى والغني ..!!!
    سرح طرفه بعيداً فارتدا إليه ...
    وارجعه مرتين حيث رأى اليابان تحجب مرآى الشمس وتستأثر بضياءها ...
    ورأى رابطه جنوب شرقي آسيا وقربها من اليابان ... وإحتمال التكامل معها
    ورأى التنين الأصفر وهو يلتصق بكوريا الشمالية في حب ووله ...
    ورأى أوروبا موحدة تشمر أكمامها عن ذراعين عبلين ألمانيا وفرنسا ...!!
    فعرف أن نُذر حرب جديدة تلوح في الأفق ... حرب جديدة لم يتعارف الناس على تسميتها حرباً من قبل ... فهي بلا سلاح ولا جيوش ...
    جندها الانتاج ... وقيادتها الوفره ... وميدانها السوق ... وضحاياها المستهلكين ...
    وأن اصدقاء الأمس يتهيأون للمنافسة ... وسيدخل العلم معتركاً قشيباً ناعماً ...
    يحكم مسيرة الكواكب للمائة عام القادمة ...الكم والنوع ... العرض والطلب ... وبشرىللقادمين ... التفت العم سام إلى أقرب مشاركيه في الدنيا الجديدة فدخل في إتفاق مع كندا ... وتلاه بآخر مع المكسيك وتتهيا مجموعة امريكا اللاتينية ضرورة ...
    وتبقى " كوبا " المسكينة على صعيد من الأرض ليس ببعيد وجاءت " القات " لتلقى حجراً يحرك المياه الساكنة إيذاناً بتعامل دولى جديد ..

    أوسعنـاهم شتـما ... وفـازوا بالـعير

    بعقد صفقات السلام في الشرق الأوسط ... تستقر إسرائيل ... وجوداً شرعياً ... كسب أطول رهان في التاريخ ... وأضاف بعداً جديداً لمعانى الكم والكيف .
    ولا أحسب أن الحديث عن كيف ولماذا ... وسوف وينبقي يفيد شيئاً في محصلة الرهان بل إنه يكن فاقد المعنى إن لم يكون ممجوجاً وكريهاً إلى النفس وموجعاً إلى القلب ، وربما يفصح عما هو أكره وأوجع وأمضّ … ..لأنه سيعِّري مساحات فاضحة من جسم الكم والمترهل في حين يصنع قاعدة عملاقة يتسنمها السيف ليصافح تمثال الحرية في نيويورك !!
    وسنكتفي بمقولة المفغور له ...
    - محمد احمد المحجوب -
    رئيس وزراء السودان ...
    في أحدى مؤتمرات القمة العربية ...
    " أوسعناهم شتماً .... وفازوا بالعير " ...
    ومنذ مبادرة " رودجرز " في مطلع السبعينات ...
    وما سبقها من لقاءت جس النبض ومقابلات الكواليس وما أعقبها مما سمي بالرحلات " الماكوكية " كانت امريكا تسابق مغيب شمس القرن ... لتثبت قبل الغروب ... موقعها الحصين في الشرق الأوسط وهاهي لا تكل ولا تمل من ترقيع السلام المجزأ ... لتصنع منه جبة لوليدها يتدثر بها ... باعتباره أحد متغيرات العصر ... وأحدى ثوابت سنة 2000م .
    وواقع خطير مدعوم ... نشأ في احضان التعاطف الدولى وترعرع برعايته وتدليله ...وعليه الاعتماد القوى الذي يتجاوز الألفينيات العجاب !1
    اسرائيل ليست وليدة الادارة الامريكية ...
    ولا يشكل اعتراف " هاري ترومان " بشهادة ميلادها سنة 1947م أنها باكورة انتاجه الشرق أوسطى مثلما أن وعد " بلفور " لا يسلك في عروقها الدماء الساكسونية !!
    ولو كانت نتاجاً مقسماً بين وعد بلفور وإقرار " ترومان " لامكن إحكام الخناق بمقرها الذي لا يتجاوز حجم معصم رقيق يحيط به سوار محكم عريض ... ولدى بريطانيا في محيط السوار أكثر مما لديها في اسرائيل التى كانت حلما مزعوما لليهود في حين كان السوار المحيط بالمعصم الرقيق دولاً وممالك سابقة لاعتراف ترومان بربع قرن ولترمان علائق واستثمارات في محيط السوار لايمكن استبدالها بكيان قلق يتوسط مساحة متحفزة تكاد تفور تميز من الغيظ !!
    إنما اسرائيل تجمع الشتات اليهودي العائد من التيه الى أرض الميعاد ...
    ليس ذلك التيه الغائط في الصحارى الظمأ التي اشتهوا فيها الثوم والبصل والقثاء حين استبدلوا الذى هو خير بالذي هو أدنى …وليس هو الذي قالوا فيه لموسى : { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون } ….ولا اللائي قالوا : { لن ندخلها فأن فيها قوماً جبارين } .
    بل أنه لم يكن تيهاً ولم يكن شتاتاً إلا بأعتبار الرمز .. كما يجيء في تفسيرهم للتوراة . …..
    كانوا منبثين في منابت الحضارات في كل مكان كانوا وراء أى قوة اقتصادية وخلف كل اختراع ومع أى إكتشاف .
    كانوا كذلك في أوروبا وظلوا يهوداً
    وفي أمريكا فظلوا كما هم ...
    في أفريقيا وآسيا ... وفي كل الدنيا ...
    يديرون المصارف ... وينشئون الشركات والمصانع ... ومعامل البحث والاختراع ويمتلكون الصحف والإذاعات ومحطات البث التلفزيوني وشركات الإنتاج السينمائي الكبرى ... وشركات التأمين ... ومراكز الدراسات ... وخطوط الطيران والملاحة ... ويدخلون المجالس النيابية والبرلمانات ... ويشكلون الحكومات ويسقطونها .
    ويعملون في أجهزة المخابرات ويراسلونها هنا وهناك وفي أى جهاز لهم وجود ...
    يرتدون بزات البلدان االتي يتواجدون فيها ولكن قلوبهم في ارض الميعاد !!
    وعندما يقال " اللوبى اليهودى " فأن هذا القول لا يطابق حقيقة الواقع تماماً وماهو لوبى ولكنه مدير الإدارة وأركانها . سيعود بعضه ويبقى الآخرون نيابة عنهم يخططوا لحكم العالم بحكماء صهيون .
    هذا هو الكيان الذي اكتسب شرعية الوجود . وفك قيد السوار المحيط بعصمة الذي كان رقيقاً بالسلام وتطبيع العلاقات وتطويع اللاجئين وتبادل التمثيل والتعامل الكامل .
    وسيبدا فوراً في الحرب الحضارية .مستخلصاً تجارب الدول التي كان يشت فيها مستثمراً علاقته معها ... مستخدماً قدراتها ... ينعم بمعوناتها ومساعداتها ... مستجلباً مصانعها ليديرها في أرض الميعاد . لانخفاض الأجور وتفشي البطالة ورخص تكاليف الإنتاج ويمثل في أرضه كل دول العالم من غير أن يتأثر بالتناقض بينها ... بل يرفض بعض توجهاتها ...
    فهو لايوقع على معاهدة عدم الانتشار لأسلحة الدمار الشامل
    ولا يخضع مفاعلاته للتفتيش ...في الوقت الذي تزرع أرض العراق شبراً شبرا ..فهو يخبئ في مستودعاته عشرون راسٍ نوويٍّ أو تزيد .
    وهو لا ينسحب من المرتفعات السورية ولا من جنوب لبنان ولا من الضفة .
    ولا يعطى المقاومة الفلسطينية الا جزءاً من بلدية .
    ولا يأبه لعودة العائدين .
    ولا يطلق سراح المساجين .
    ولا يتحدث عن القدس أو حفريات الهيكل تحت مسجد الصخرة ويفتح أبواب غزة ليأخذ حاجته من الايدي العاملة ويغلقها إليكترونياً ... تحيط بها الأسلاك المكهربة !!
    وواهمٌ من يظن أنه محصور في حجمه الصغير ...الذي يفتقد مقومات البعد والعمق .
    فهو لم يعتمد على تلك المساحة في حروبه التي خاضها قبلاً وإنما أخضعها لمقارعة الكم بالكم ...
    وهي وإن تحطمت في حسابات بارليف الاّ أنها ستكون في مأمن بدروع السلام وابتسامات التطبيع و " أدوناى ... أدوناى ... آيل شداى "
    * إن استجابة العرب لدعوة السلام .. تتم بلا إكراه . وتتم بروح التؤدة والتأني المعروفة عن العالم العربي وتوخت في استجابتها ما إرتضته منظمة التحرير الفلسطينية وباعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وصاحبة القرار في قضية العرب الأولى ...
    ثم تردف بإعطاء الخط الثاني المكون من دول الطوق الوقت الكافي لاجراء الحوار ... وتحديد النقاط ... وتواريخ الانسحاب من الأراضي المحتلة ... وترسيم الحدود واعادة البناء والاعمار ... وعودة الشتات الفلسطيني أيضاً إلى أرضه ودياره ...
    واطلاق سراح المساجين من أجل الحرية والعودة . فهم طلائع الحق الذي نرجوا أن يتحقق السلام الآن فأنه لاسلام بلا حق ...
    ولا سجون بلا ظلم .
    ولا أمن بلا عدل .
    ولا سلام بلا أرض .
    ولا لاجئ بلا طرد .
    عندها تطوى صفحة من التاريخ ...
    ما أروعها وما أشقها وأعسرها وما أشقها وأمرّها . وما أعمق دروسها وعبرها ... وما أبشع ذكرياتها وصورها وما أقس ذكرها وأوجع خبرها ...
    ولكن تطوى الصحائف ولا تنسى العبر ... فأن الاعتبار نبراس الحكمة ...
    هذه الصفحة أيضاً عمرها خمسون عاماً ...ولكن ليست أعواماً يعُدُّ الناس باحصاء السنين بتقويم الميلاد المجيد أو الهجرة النبوية المباركة أو السنين القمرية ولا تحسب شهورها بثبوت رؤيا الهلال ... الذي يحدث عن الدنيا أو الدين حديثاً شجناً شجيا .
    وينتهي بمحاق !! كاخلاق الليالي التي صيرت أسودها في وثاق !!
    ولا يبدأ يومها بشروق شمس " ذي القرنين " التي تطلع على قومٍ لا يكادون يفقهون قولا يتضرعون إليه في يأس من " يأجوج وماجوج " الذي هم مفسدون في الأرض ...
    وتغرب في " عين حمئة " في بحر الظلمات ... حيث غابت اقدام الفرس الذي امتطاه " عقبة بن نافع " وهو يخاطب الله شاهراً سيفه ومعتذرا :" إني أغرق ... إني أغرق ..."
    ولعل ذلك العبوس القمطرير من أيام شهور الأعوام الخمسين هو ذلك الذي مقداره خمسون ألف سنة مما تعدون ...
    إذا كان الحسبان ... بتقدير الأثر ... عمقه وشرخه وجروحه ونزفه ..
    لا بكَرَّ الليالي ومر العشىّ ... لن يطابق الحقل البيدر هكذا لأن هذا الشيخ الذي يعود مفتقداً ناعورته وهو يدب دبيباً ...
    ولد وشب وشاب في المخيم ... ورقمه التسعون .
    بيته خيمة تعصف الرياح فيها وتتدثر بذرات الرمال ... ومطعمه كسرة من خبز شائطة الأديم وحبات زيتون عجاف ...
    سيستعصى على التاريخ أن يطوى هذا كثيراً كثير وسيكون ليله طويلاً طويلا .
    رفضها في أن تكون أوراقاً صفرا حائلات في سجل يطوى فهل ترى تمت روايتها فصولا

    السـلام صناعـة الأقويـاء القادريـن
    إن السلام دعوة المؤمنين بالله و المبادئ المستمدة من عدله ... كما أن السلام صناعة الأقوياء القادرين . قال أبو عمار " سلام الشجعان أو الفرسان " أو كما قال .
    ونحن في السودان أيضاً نشارك رغماً عن وجودنا في المنافي ... وعنواننا للسائل: -
    المخيم الثمانمائة بعد الألف . بحسبان أيام إخراجنا من ديارنا أيضاً ...
    فأن السودان يحكمه قوم آخرون ونشارك على الأقل ..
    بقضم لاءات الخرطوم اليتيمات الثلاث ...
    ونزدردها كطعام ذي غصة أو من ضريع
    لايسمن ولا يغني من جوع ...
    بشربٍ من يحموم ... لابارد ولا كريم ..
    وانما هو كالمهل تغلي منه البطون .
    وبلحاق " تركيا الفتاة " أختنا في الإسلام وجارتنا في الاسكندرونة وخلافتنا في الأعصر الأول " مركزية الآستانة " ... وفرمانات الباب العالي من مولى النعم ...
    بلحاقها بركب الاتحاد الأوروبي محققة حلم " أتاتورك " وهو يرتدي القبعة طارحاً عمامة الصدر الأعظم وقلنسوته .يتعين على الجسم العربي أن يتكامل في وحدة تشد عراه تقيم صلبه ليضيف إلى وحدته الروحية التي أمدته بالقوى المعنوية الوحدة الاقتصادية ...
    ويخرج من سجن الانتاج الآحادي إلى ساحة الانتاج المتنوع المتناثر في ربوعه المديدة ليبدأ بالتنسيق وليدرس السوق المشترك لعل الله يجئيها ب " قات " خاصة بها تقودها لتجانس ويهديها إلى إستثمار موجوداتها التي لم تتوافر لغيرها في العالم قاطبة ... والتي يحتاجها العالم بالضرورة ويخشى عليها ويخاف منها ... فأنها تشبه وتكسوه وتستر آلياته ... وتخنق أنفاسه وتصيبه بالعجز والشل والموت ...
    والجسم العربي زاخرٌ بالعلماء المتخصصين في كل أفرع الحياة وفنون الإادارة والتسيير والإنتاج والتوزيع والتسويق .وهو أغنى بقاع الأرض ولن يستطيع المعنى قدماً في القرن الحادى والعشرين بمثل ما كان يتهادى في القرن العشرين فأن المستحلب من باطن الأرض عرضة للنضوب ... والمتغيرات في العالم تقتضي التجمع بدل الانفراد ...
    والكليات عوضاً عن الجزئيات ... والمنافسة العلمية الحضارية في دنيا الألفين ممارسة سجالاً بين الإمكانات الموحدة والكيانات المتكاملة المتحدة ...وسينهزم في ميدانها من يأتيها فرداً ... حتى ولو كانت ... مفاتيح كنوزه ... تنوء بها العصبة أولو القوة الشداد ... ومبشراً بالخير ما أعترى شعوب هذه الديار المباركة وما حولها من مجريات الأحداث في أرضهم خارجها ... وما اختزنوه من حكمة وتجارب .وما أوردهم من أفكار . وما زاولوه من أنواع الحكم وما اعتنقوه من نظريات وما تعاقب على الدنيا سيادة واباده
    مما يكون حصيلة وافرة من الخبرة والفهم والإدراك ... يهدى إلى الرشد ولينير العتمات ويمهد الطريق أمام مسيرة الإنسانية ... فقد بدأ عصر الإنسان الإنساني
    وانتهى عهد الفردية المستحوذة . والسلطة المستحوذة . والدولة المنفردة ...
    فأن جريان الحياة كرؤي أعضاء الأمم في تناسق ...
    مثبتاً إن العالم جسد واحد يتماسك ببعضه ... ويقوى ويتعافى ببعضه مثلما مرض وتداعى بشقوة بعضه .فشقى كله وغرق في بحور التعاسة والتوتر ألف شهر ومائتين .
    إنه من الجلّى الواضح أن الإنسانية قد برأت من كثير مما كان يعتريها قبلاً من العلل التي كانت تثير فيها عراكاً دموياً يبيدها بأسلحة متطورة من صنعها .. وأنها تعاني حالة من الاشمئزاز لتسخير العلم للقتل .. وأنها خجلى من أسلحة الدمار التي ابتكرتها لفناء الحياة .. وأن العلماء يأنفون من إستعمال العلم للموت ولن يحتملوا وخز الضمير الذي يدفع لاستحداث جوائز .. تخفف جرم صنيعهم حتى بعد ما يموتون كما فعل " نوبل " ولكن الديناميت ظل إلى اليوم. يبعثر حتى أشلاء الأطفال في رياض الأطفال .
    كلها مؤشرات إلى برهة يلتقط فيها العالم أنفاسه وليستجم قليلاً من سباق التسلح الخفى ويرتاح من حيرة التخلص من الروؤس النووية . والنواسف العنقودية . والمهالك الجرثومية وما يخفى على أمثالنا من السواد الإنساني الأعظم الذي يحيا ببساطة ويموت ببساطة وهو لا يدري أن عالماً صعقه تيار مميت من شعاع مجهول .. لايُرى
    وفي هذه البرهة ... يرتفع أكثر شعار تقدمي" العلم من أجل الحياة " .
    وترتفع بأرتفاعه قيمة الحياة وقامتها .
    وتخبو كثيراً هوجات الغضب العشوائي . وتتقلص ردود الفعل لقلة الفعل الضار .
    وتخضع القضايا " للحوار " ويعرض الخلاف على " التحكيم العادل " المنزه عن الغرض .
    كل هذا يميل إلى القول بأن : -
    مكاسب الإنسانية أكثر من خسائرها في القرن المنصرم ولكن هذا القول يغفل عن تحديد الأماكن التي نعمت بالمكاسب والجهات التي منيت بالخسائر .
    هل الذي ترتب عليه الخسائر كان ظالماً لنفسه ؟!
    أم ظلمة من صعيد المكاسب ظلم مقتدر ؟!
    أم أنه لم يُحسن التقدير ؟!
    هل سيكون على الأرض السلام ؟!
    ذلك الشامل الكامل لتكون بالناس المسرّة !!


    السلام هو الممثل الشرعي والوحيد للعدل

    إن السلام إحساس غامر ... ينشأ من الشعور بالعدل والرضى بالعدالة ...
    وما يتبعهما من الأمن والاستقرار النفسي والاطمئنان والسعادة ، والتمتع بالنسيج الإنساني بلا رعب ولا توجس ولاتضاريس ... والمضاء إلى اللإنسانية بلا فوارق أو حواجز ... والاندماج معها لديمومة كل هذا ...
    وستظل هذه رؤيا حبيبة ومبتغاة ونشيد كل العاملين على الشفاة ... ولكن طالما كانت مرتبطة بمقاييس العدل المجّرد لا ما يدعيه الأقوياء فستظل هدفاً نبيلاً ودعوة خير لا يسهل الوصول إليها سريعاً ...
    لأن العدالة جزئيات دقيقة تجوس شرائحها في نفوس الأفراد والشعوب والبلدان كرقائق الاشعاع وخيوط الضياء ... وتلتحم في معارك دائمة مع الغرائز والرغبات والميول والأطماع والتعلات .
    والعدالة ليست عنصراً قابلاً للهزيمة ...ولكن قلَّ أن يكتب لها النصر ...
    لذا فكان لها في كل زمان دولة ورجال ...ولها في كل مكان حربٌ سجال...
    إلى أن تلتقي الجزئيات بالكل وتستحيل رقائق الاشعاع فجراً وتنسج خيوط الضياء اشراقاً زاخراً ... لا يكون للعتمة في غمرته من فلول . أما كيف ومتى ؟!ذاك مالا يحتقبه الساعون في زادهم فعليهم السعى حتى الموت وليس مشروطاً بادراك النجاح !!
    ليس هذه رؤيا طوباوية ….وليس نظرية بلا ساقين ؛ تشاهد بلاعيون . وهي تقف على حافة العالم الأثيرىوليست غيبوبة انصرافية تتراقص في غيبة الجهاد المغيَّب
    إنها رؤية الحق لمعنى السلام في مفهمومه .
    فأن صدقت الرؤية مع النفس وطهرت النفس من علائق النفاق... فأن العدل هو السلام ولا سلام بلا عدل ... الاّ إذا كان السلام يعنى المصافحة أو العناق الغير حميم ويختزل الحياة كلها في " سلام عليكم وعليكم السلام " . ثم يتضح أن الحياة أكبر من أن تختصر أى اختصار .. أما إذا كان السلام هو المظهر العام للعدل ... والوجه الجميل جمالاً هادئاً منعشاً للعدالة ... فهنا يمكن القطع باجابة جازمة لتساؤل البشرية العتيق ..
    هل يعم السلام يوماً ؟!
    لأن السلام عندما يكون هو الممثل الشرعي والوحيد للعدل . ينفذ ركائزه الثلاث بهندسة العدالة كلجنة تنفيذية لتحقيق العدل : -
    - العدالة الاجتماعية .
    - العدالة الاقتصادية .
    - العدالة السياسية .
    وينتفى الظلم ممحوقاً تماماً . وتختفي وحدة التوازن التقليدى . بكفتي العدل والظلم ...
    ويقطع لسان الظلم المتارجح بينهما . بلا ثبات حيث لا تربو إحداهما مستخفة بالآخرى. ولا تستضيف الآخرى ثقلاً عفوياً تبادل فيه أختها استخفافاً باثنين بتنفيذ مرتكزات العدل الثلاث . يتحول الميزان إلى جهاز استشعار حساس ودقيق . له مؤشرضوئ خاطف .. وكفته واحده مصوغة من معدن الرضى .
    ووحدة القياس مزدوجة الهيكلة من عنصرى الحق والواجب .
    هنا فقط يكون المجد لله وحده ... وبالناس المسرة ... وعلى الارض السلام .
    بعيد المنال . عصّىي الطريق .شاق المسيرة .
    ولكنه الهدف الإنساني لكل ذاتٍ حيّة ... تسلك إليه الآف الطرق ..، وتحاول شرحه وتفسير أحلامه ملايين الفلسفات وتختلف في توضيحه النظريات ... وتحاول القفز إليه الثورات والانقلابات ...فتدق أعناقها أو تهوي بها الريح في مكانٍ سحيق .
    وتتجه إليه قوافل الديمقراطيات . فتجري الرياح بما لا تشتهي سفنها . فتجنح حيناً ...
    وتغرق حيناً . وقد تذور بها عواصف عاتية ... تقودها إلى مرافئ غريبة وجزر مجهولة ...
    تموت فيها الرياح فتنسكب أشرعتها في قنوط ...
    ولكن الإنسان لا يكل ولا يمل ... بحثاً عن كنزه المفقود وتتسع كل يومٍ دائرة البحث .
    ويتكاثر الكشافة والرواد والطلائع ... وتنمو القواعد وينبع زئيرها من أصل ذاتها . ويصبح العدل ضرورة الناس أجمعين . وتنشط العدالة في إعطاء كل ذي حق حقه كاملاً وتتقاضى منه واجبه كاملاً . فينتجان بازدواجهما صفة العدل ... مرئية ... مسموعة ... معيشة ...
    ويلبسانها ثوب السلام .
    أن العدل لا يتسول عارياً ...
    وإنما هو ينتظر في صمت أصحابه الحقوق ؛ ليؤدوا واجبهم فيجدوه بينهم يرتدي عباءة السلام شاملة وسابغة وكاملة قشيبة تزهو بألوان الحياة .
    إنه يأنف من إرتداء الخرق الممزقة ... ويعف عن لبس المرقعات ...
    حتى لو جهد مصموا الأزياء في تزويقها ويظل في صمته مسبحاً ...
    اللهم أنت السلام ... ومنك السلام .... وإليك يعود السلام ..









                  

03-13-2007, 07:55 AM

Ahmed Yousif Abu Harira
<aAhmed Yousif Abu Harira
تاريخ التسجيل: 10-19-2005
مجموع المشاركات: 2030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    *****UP******
                  

03-13-2007, 10:09 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: Ahmed Yousif Abu Harira)

    الفصــل الـرابـع


    بـدايـة الفـواصل والـحواجز المسلحـة العسكريـة
    الحكم النوفمبرى والعهد الديمقراطى الثانى وآخر العهد بآباء الاستقلال



    الشـعب السـوداني يعـرف المبـاعث والأسبـاب

    إن كثيراً من شعوب العالم تعرف أسباب معاناتهاوتدرك أبعاد مشاكلها ... ومن هذه الشعوب يأتي الشعب السوداني في مقدمة الذين يعرفون مباعث هذه المشاكل .. بل هو يدري يقيناً محركاتها ؛ وغاياتها وعناصر إفتعالها ؛ بل وكثير منها لازمته قبل الاستقلال . كثير منها بقى بعده يتفجر بين آونة وأخرى ...
    مرةً في صورة تمرد لاحدى فصائل الجيش منذ ما قبل الاستقلال .
    ومرات في صورة انقلابات عسكرية تقتصر أو تطول حيناً من الدهر .
    وآونه أخرى في صيغة إستنزاف طويل يحمل ملامح حرب إهلية ...
    وما هو ... هي ... ولكنه يشكل مظهرياً منظور البيت المتقسم والأسرة المتحاربة فيجد له من خارجه معيناً ومحّرضاً وداعماً ... فلا هو ينتصر لاستحالة النصر عليه ؛ ولا هو بمنهزم لأن جيوب تظهر هنا وتختفي هناك تبعاً لظروف مددها الخارجي ومدى استمالاته لها ..ولا هو مستقر يشارك في السلام والأمن ويفتح الطريق للتنمية .
    وجاء العسكر ...
    تعرض تواصل الاجيال في السودان ... إلى ثلاث فواصل عسكرية ومدنية...
    كان لكل واحدٍ منها أثر سلبي وضرر مقيم على المسيرة الديمقراطية ...
    ففي 17نوفمبر 1958م أبطل انقلاب الفريق " ابراهيم عبود " ... رحمه الله .
    مشروعية الصراع الوطني الديمقراطي وحلّ الأجهزة المنتخبة ومنعها بالقوة من اصدار قراراتها الناشئة بين حكومة السيدين ... السيد عبد الرحمن المهدى والسيد "علي الميرغني "
    .... برئاسة الامير الاى ... عبد الله بك خليل " رحمه الله .
    والمعارضة الحزبية ... التي كان يقودها الحزب الوطني الاتحادي برئاسة الرئيس " اسماعيل الأزهري " . كان عمر الممارسة الديمقراطية أربعة سنوات . وعمر الاستقلال ثلاث سنوات تنقص شهراً واحداً . وقد تمكن هذا الفاصل الذي عّمر ستة أعوام . من أن يوقف النبتة الديمقراطية ...وهي لم تزل غضة طرية وحرمت الاجيال المعاصرة من تعليم وتعلم وممارسة الشورى واتقان العمل المؤسسى وفنون المزاولة الديمقراطية وتمليكها للجماهير بالتوعية والتعبئة . وقبعت التجربة اليافعة في سجن النظام العسكري الأول ليطويها النسيان وتتخلخل قواعدها في البنية السودانية تضفي الحماية والسلامة لخصومها وتحول بينهم وبين الهزيمة التى أوشكت أن تحيق بهم .
    فلولا الجدار العسكري الذي أحيط بهم لقطع دابر التدخل الطائفي في السياسة السودانية
    ولسقط إلى الأبد ظاهرة - النفاق السياسي - الذي صحب التجربة الديقراطية معكراً صفاءها ومقيداً خطوها .. ومثقلاً ظهرها كوزرٍ وبيل .
    إكتهل خلال سنى الانقلاب الأول صناع الاستقلال وشاخ بعضهم ...
    وفوجئت القواعد الشعبية برجال الجيش يمارسون مخاطبة الجماهير بنبرات عسكرية ويصدرون قرارات فورية . ويأمرون بقيام
    . ويعقدون هيئات تشريعية
    وينصبون من أنفسهم حكاماً عسكريين على المديريات .
    يأمرون وينهون ويقيمون ويقعدون صورة ابراهيم عبود
    بأوامر شفهية ومراسيم فردية تنهال في مدٍ غامر
    يتجزر معه العمل الجماعي وتضمحل المشاركة
    ويتلاشى شيئاً فشيئاً المظهر الديمقراطي الوليد !!
    ويشاهد رواده في السجون والمعتقلات ...
    ويتعرض آباء الحركة الوطنية للنقد الجارح والاهمال المميت ويتحطم كل شئ في نفوس الذين صارعوا الاستعمار وأخرجوه وينفصهم شئ في عقولهم وتختلط أشياء في أفكارهم
    ويتمزقون بين حاضرهم وماضيها فتعمى الرؤية لمستقبلهم ويسدل عليها ستار كثيف
    هاهي الطرق التي سلكوهاوالتضحيات التي بذلوها والمعادلة التي ألفوها تختفى كلها من بين أيديهم ولا يبقى الا الصمت والطاعة ... صفتان لاتتلاءمان مع حيز الحرية التي إكتسبوه الجهر بالرأى الذي تعودوه ... ويبذل المجتمع وتشاركه الذبول نبتة الديمقراطية ولكنها لا تموت ....


    الحكـم النوفمـبري لـم يـكن فظـا

    وبما أن عهد الفريق عبود ... كان فترة تسليم وتسلم فانه لم يكن ديكتاتورياً فظاً ، ولا قاسياً غليظاً ... الا في قتلة لخمسة ضباط حاولوا الاطاحة به وأخفقوا واستسلموا بلا مقاومة ... فليس إلى قتلهم من سبيل ... وضرب الانصار بالنار في أحداث المولد .
    كما أن مجلس حركته كله من أجيال الاستقلال التي سعدت به ، وافتخرت بسودنة الجيش السوداني وهي من قياداته ..ومع ذلك فقد عانت الحركة من عدة محاولات انقلابية ضدها ، وأعفى أحد أكفأ رجالها وزج بآخرين في السجون لمحاولتهم قبلها مرتين ...
    وكانت عرضة لهبوب من رياح التفاعلات في المجتمع السوداني وخارجه لتحقيق أمنيات لهم عن طريق الحركة ولحسم صراع لم ولن يتسنى لهم حسمه ديمقرطياً ولم يفلح من في الداخل ولا من في الخارج من تحقيق أطماعه ... فقد كان في الحركة رجالٌ من المدنيين لهم ثقلهم الوطني ولهم رؤياهم الثاقبة .. وكانوا هم أول من وضعوا اللبنات الأولى للحركة الوطنية السودانية .. ولتصوفهم الوطني المشبوب لم يحتملوا المرونة السياسية ولصدق ايمانهم بما يعتقدون لم يطيقوا المداولة . ولكنهم كانوا قلة في الحركة والرجال قليل . فلم يفعلوا بها ما يريدون ولم تستطع هي المكث طويلا فلم تدافع عن نفسها .
    عندما اندلعت مظاهرات الجامعة في اكتوبر 1964م وحلّ الفريق " عبود " رحمه الله مجلسه الأعلى بهدوء ، واسلم الحكم للمدنيين بهدوء ...
    هدوء لم تعكر صفوة الا مصارع شهداء الجامعة ... وأحداث القصر الدامية .
    شكلّ انقلاب 17 نوفمبر سداً مفاجئاً ومانعاً للاندفاع الديمقراطي حبس خلفه طبائع الممارسات الاختيارية التي كان يتعاطاها الشعب السوداني في مقارعة الاستعمار ؛ أو في المنافسات التنظيمية التي كانت تمارس نشوءها وارتقائها آنذاك في مجالات الانتماءات الحزبية والتكوينات النقابية وكانت كلها فيما عدا الاحتكاكات العضوية في المواقع المختلفة تتجه إلى ممالاءت الاستعمار …
    لذا كان الحجم النامي من مجموعها يترعرع في رحاب مفعمة بالحرية التي يتمتع بها كل تنظيم ..ولا ترهبه الخشية من مواطنيه في الاحزاب والتنظيمات الأخرى كانت المجالات تحتشد بزخم ديمقراطي سلمى يحتد في الحوار السياسي والنقد ... ولكنه لا يلحق الضرر بالروابط الاجتماعية ولا يخلخل الصداقات ولا يقطع علاقات الود بين المتنافسين في الوزارات والمعارضات والصحافة ومجالس النيابية ...
    كانت البنية الاجتماعية سليمة ومرعية . ومهيبة مقدرة الجانب ... سامية ...
    لم تتنزل إلى درك الصراعات الشرسة والمشاكسات الهابطة والعراك الصدامي . وكانت قوانينها هذه تحكم الممارسة الديمقراطية وتتحكم فيها لأنها تملك حق الحكم عليها فإذا ماصدر ... بطل كل جدل لأنها مصدر الرضى الذي يسعى إلى الفوز به المتنافسون هذا الاعتبار للبنية الاجتماعية والعلم برموزها ومكوناتها هو الذي أطفأ النار الدموية التي اشتعلت في أول مارس كأول ظاهرة لهتك معادلات المجتمع السياسي . التي درج عليها وأول التحام بالسلاح لغرض رأى مضمخ بالدم ...
    وتحد لسلطة شرعية بالانقلاب العشوائي والهياج الغريزي ...
    ولكن المحاكمات فيها جرت كما تقتضي قوانين البنية الاجتماعية كلها ... ولم تتح لردود الفعل أن تخرج من قسطاس إستقامته أو تميل مع الهوى ...
    فسلمت البنية الاجتماعية ... ولم تسقط الممارسة السياسية ولم تشوه مباريات المنافسة .
    كان فاصل 17 نوفمبر مانعاً للحوار مبطلاً للشورى ، محرماً للانتماء الاختياري الحر ...
    وبذا رسب خلف سده كل مكونات الشعب المولع بالمشاركة المحب للاستماع والاستماع الحر ، الاختيار ، والتروي ، والعزوف ...
    حتى الاستعمار نفسه كان يتحايل على هذه المكونات ويحاذر من الاحتدام بها احتداماً مباشراً ..وهو منذ : كرري " و " الشكابة " و " ود حبوبة " خلف قوانين العقوبات .
    حتى وهو يقمع المظاهرات التي سقط فيها الشهداء . ولكن نوفمبر إبتنى سداً دعمه السيدان ... ووقف في معارضته الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الزعيم اسماعيل الازهرى ..ثم تلاه حزب الامة بقيادة الامام الصديق حيث تكونت الجبهة الوطنية في مطلع الستينات .
    الأثـر النفسـي على مرعـيات التعامـل

    أحدث هذا الفاصل العسكري أثراً نفسياً على مرعيات التعامل العتبرة في لبمجتمع السوداني ... وعلى أعرافه الطبيعية النابعة من ذاته ... وأحداث شروخاً في هيبة الكيان الديمقراطي ... ونالت من وحدة الاجماع عليه وزرعت حيرة في صفوف معتنقيه .
    كيف لهذا السد من التراب والرصاص أن يحد من ذلك التيار الكاسح الهدير ؟!
    وكيف يمضي من إعتاد الخطى طوعاً واختياراً واقتناعاً ورضى وهو يسير في طريق وطرائق لم يألفها بالأوامر والزجر ؟! وهي أبجديات المنكرات للأمة وافراد الأمة ؟!
    هل تحسم القضايا بالقوة ؟ وهل تكمم الافوه وتصلب العقول وتغلب الحركة بالقهر ؟!
    هل يكون الدين وتكون الدنيا لمن ينتهض فجراً يسرق قناع الآخرين بالسلاح الذي زودوه به وائتمنوه على حمله واستاجروه ليحمي أمنهم ؟!
    هل هو منهم أو أنه من غيرهم فأخطأوا في إئتمانه ؟!
    هل غفلوا عنه فشذ ؟! أم أفرطوا في الثقة به فأغتر ؟!
    هل تركوا له الحبل على غاربه فارتعى مرتعاً خارجاً وخيماً فجُنّ ؟!
    كل هذا كان في المخزون خلف السد يعتكر !!
    وظل السد يرسل من أمامه ماءاً مقطراً خلواً من طمي الحياة .....
    ما كان لغيره أن يُغرق " حلفا " على كرةٍ من أهلها !!
    ولو درى خبيئات الانقضاض عليه من داخله .. لعلم أنه جسر يتسارع على عبوره متربصان . ومع ذلك رحم الله الرئيس " عبود " فقد مضى إلى ربه طاهر اليد نقي الضمير
    وسمع من باحة الشعب بعد تقاعدة هتافاً أثلج صدره وتقبله بحيائه الجم :-
    ( ضيعناك ياعبود ... وضعنا معاك ياعبود )



    لماذا حتمية الفشل ؟!

    ولكن الحكم العسكري لن يجدى نفعاً في السودان وأن طال مداه لأنه يخالف في مناقضة حادة طبيعة الفرد السوداني ... فهو يحس به قيداً ؛ ويراه سجناً وقفصاً ضيقاً وجهلاً مسلحاً … وأن أقام له مصانع ومشاريع وأن تودد إليه بمجالس ونيابات .
    أنه يجدها فاقدة الطعم مرسومة الخطى .. يحس فيها بالانقباض إذ يرى نفسه مسيراً وليس مخيراً كما هو .... وأنه مقيد وليس طليقاً كما هو ... وأنه عبد وليس سيداً كما هو ..
    وكل صُناعة قردة ضارية تتواثب على الدرجات .
    فكل دسم الديكتاتوريات عنده سم ... وكل عسلها عنده علقم .
    ينطلقون من خيانة العهد وافتئات الأمانة ... ويزاولون ما لا يعلمون ... ويفعلون ما يجهلون ... ويلتصق بهم من لم تصل به دابته السقيمة إلى سطح الأحداث فيطوعون لهم العلم للجهل ... والنظرية للقوة .. والكرامة للسطوة ..والعدالة للظلم ..والحرية إلى السجن ….ويصنعون الخراب العلمي والدمار المنظم برهط سدنة العقوق والنكران فتذبل الحياة ويعتريها الشحوب . ولكنها لا تموت وإنما يصحبها رهق يعتريها بين الفينة والفينة كلما ضعفت أجهزة المناعة فيها ، عندما تتكالب عليها وافدات بعينها عميلٌ مقيم .
    * عدة عوامل تضافرت على إنهيار سد نوفمبر أو الحركة المباركة كما أسماها الفريق عبود فقد إستنفذت أغراضها المختلفة في داخل البلاد وخارجها :
    ( أ ) إستترت خلفها الطائفية السياسية فكتبت لها النجاة .
    ( ب) أكملت إتفاقية مياه النيل مما أمكن من قيام سد أسوان وترحيل أهالي حلفا وخلق مسطح مائي سيكون له أثره في خلق مناخ جديد .
    ( ج ) وافقت على المعونة الأمريكية .
    * ولها أيضاً حسناتها التي لا تنكر عليها : -
    1- قدرتها على كبت الحركات التي حاولت الإطاحة بها بما فوت الفرصة على الذين كانوا ينتظرون جنى الغنائم من نجاح هذه الحركات ولذلك حديث آخر سيأتي في حينه .
    2- انشاء خزان الروصيرص والكهرباء القومية ومدينة الدمازين .
    3- انشاء خزان خشم القربة ومشروع التوطين بالقربةومشروعها الزراعي ومصنعالسكربهاا
    4- مشروع سكر الجنيد .
    5- مصنع بابنوسة للألبان .
    6- عدة مصانع في كسلا .
    7- مشاريع تعليب الفاكهة .
    8- الأرسال التلفزيوني .
    9- تسليح الجيش السوداني .
    10- توسيع رقعة الزراعة الآلية " سمسم وهبيلة "
    11- طريق الخرطوم سنار والخرطوم الكباشي .
    12- وما علقت بسيرتهم علائق تؤخذ عليهم قضايا من تهم الفسادأو الافساد التى كانت تتطاير مع الاشاعات ضدهم وعندما وقف الرئيس عبود أمام المحكمة مدليا بشهادته للتاريخ قال في ثبات الواثق المنضبط أنه " أمر باستلام الحكم فاطاع الأمر كما تقتضي واجبات وظيفته " فبرئت ساحته وذهب رضياً مرضياً .
    هذا مالهم ولا يحسب ماعلى غيرهم ‘دانة لهم فاعتراض المسيرة الديمقراطية كان ممن هزم في إجراءاتها فلاذ بحيلة تنجيه من الاطاحة خارج مضمارها وهي إطاحة لا يتسنى له القيام بعدها أبداً .وما فكر الجيش يوماً في الحكم . وقد رفض الرئيس اسماعيل الأزهري أول عرض بالانقلاب لصالحه وحرّمه ... ورجال الجيش أولئك
    (1)كانوا من أصول الوسط السوداني التي وضعت سودنة الجيش بعد الجلاء .
    (2)تلمع على أكتافهم أشارات المعارك الخصيبة التي أبلوا فيها بلاء من أحب الموت فوهبت له الحياة !!
    (3) وهم شركاء النصر في المعارك الديمقراطية ضد النازى الفاشيست في الحرب العالمية الثانية ... وسيرهم الخارقة في صحراء الكفرة ومرتفعات كرن وأسمره وسهول الروصيرص خلقت نسيجاً من الزهو والفخار غرس في قلب كل مواطن علماً من الاعتزاز لهذا الجهاز المرموق ... واعتبره درعه وأمانه واطمئنانه الوثيق .
    (4)كانوا يألفون الصحاري ومناطق الشدة في بلادهم ويملأون قلوبهم منها بالحب والقوة والجسارة واستهانة الموت
    (5)ويرفعون لياقتهم القتالية إلى أعلى مستويات الجيوش في العالم كل عام في المناورات الشاقة التي يمارسونها وقوة الاحتمال وبراعة الاداء في سمتٍ مهيب يبدو في قاماتهم وهاماتهم التي توحى بقوة الاقتدار والعزم وشجاعة المستميت الجسور .
    (6)يشد كل هذا الكون من العزائم سياج منيع مرعى ومحترم ومراد لذاته له من قوانين الضبط المحكم والربط المطاع.
    كانت قوة دفاع السودان مثلاً تتمناه ليكون حارسها الأمين وحاميها المقدام رحمهم الله جميعاً . فقد خلف من بعدهم خلفً مغاير في كل صفةٍ من صفاتهم :
    * أفسح المجال لمحاولة تسييس جيش الأمة :وخلق خلايا الاستقطاب الحزبي داخله .
    * بدأ مسابقة الصحو فجراً والعدو نحو الأداعة . وأصيب الجسم القوي بعدوى الانقلاب الشائعة في الستينات .
    *استشرى نوع المغامرين الذين يظنون أن الحكم خيلاء ومرحٌ ونزهة ممتعة ونبش يقلب سافل الأرض عاليها ثم يسويها بالتراب ويجلس على تلها حائراً مخبولاً .
    كانت هذه ظاهرة الستينات ... وهي من افرازات الحرب الباردة وراحت ضحية لهذه الظاهرة شعوبً وبلدان باسررها في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية حيث لم تجد طريقها السوى إلى الآن...
    فأن الانقلاب في أى أمة يفقدها عناصر النشوء الذاتي من أرض واقعها وعناصر تكوينها .ويصعب عليها كثيراً أن تعود إلى الجذور وستسير في مهمة التيه أزماناً تبعثر أجيالها ثم تلتمس العودة فلا تجده … لقد بعثرت أجيالها واغتالت زمانهم واحلامهم وغيرت سلوكهم وحرمت عليهم القول والفعل والمشاركة في القرار ...صارت أرضا طاردة
    فلاذوا منها بالفرار ...صارت أرضا تعمرها الكراهية….ويحكمها الترصد والخوف .




                  

03-13-2007, 10:21 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    آبـاء الـحركة الـوطنية يتسـألون

    ما كان يخطر على ببال الذي ناجز الأجنبي إلى أن أخرجه ونام غرير العين مجلو الخاطر .
    أن بفاجأ بأبنه يوقظه بعنف ويشهر في وجهه السلاح الذي أعطاه له ، ويسوقه للسجن مرفوع اليدين حافي القدمين حاسر الرأس ذليلاً !!
    ماكان يخطر على بال الملايين من جمهور السودان ومواطينه كلهم أن يطبق عليهم أبناؤهم مما طبق على غيرهم من الشعوب صمتاً لا يتكلمون ، قيوداً لايتحركون ، سجوناً لايخرجون ، حكما لايشاركون ، ولا يفكرون ، ولا يتفكرون ، ويؤمرون فيطيعون .. يعتقلون ويعذبون كان الساخر الوحيد آنذاك - سجن كوبر-
    فرك عينيه الف مرة ولم يصدق .
    ففي كل طوبة من جداره نقش مخلد لأحد ابطال الاستقلال عادوا إليه سجنى !!
    وقف الجدار برهة يحدق ... ثم انطوى في نفسه وهو لا يصدق ..
    صناع الاستقلال سجناوءه !!!!!
    لو لم يكن لبناً محروقاً لانفجر ، ولو لم يكن طابوقاً لانتحر وحمداً لله أنه ظل طيناً ولم يتحول إلى بشر!!
    ماهو حجم الضرر النفسي والدمار العاطفي الذي تزاوج على مشاعر الأمة التي إعتادت على ممارسة حريتها بلا رقيب أو حسيب الا تقاليدها ؟
    وما نوع المرض الذي إنتاب إحساسها الطبيعي العارم وهي ترى زعماءها يساقون إلى السجون سوق المجرمين ؟!
    وأين هوت الآمال المعقودة عليهم ؟!
    وماهو دور الوفاء لهم مقروناً بالاصرار على الديمقراطية ؟!
    كلها أسئلة ... يعقبها الفتور والتراخي والارتباط والانفصام بين الأمس الديمقراطي المدني واليوم العسكري الديكتاتوري .
    وبين التحفز والتردد تتجدد رقعة من الصبر والانتظاروالأمل.. تأخذ في الاتساع يوماً بعد يوم حتى يعظم المجهود ويقل الساعد ويسيطر الاعتياد فيدور الجميع في حلقة المشاكل اليومية .. ولايبقى الا قلة من أهل العزم تأتي العزائم على قدر قلتهم .. ويمضى ركاب الزمن ويمضى النظام الذي لم يكنفي حساب الزمن .. وتشرق شمس لعهد جديد تتجدد فيه المنى والعهود .... ويرجع كل حزب إلى القهقرى ليبحث عن أهله في الوجود وينثر فيهم زهور الوعود . ويحيا فيهم الزمان القديم . ولكن عودة الوعي يعيبها عنت السنين الطالحات ثقل ظهورها ردود الفعل العديدة التي انطبعت في ذاكرة نصف العقد المنصرم .
    وأوجدت مالم يكن موجوداً في ممارسات الحكم وشرعية القرار ومصادرة الادارة وتسفيه الثوابت . وسينال كل هذا أو بعض هذا من سماحة الديمقراطية وبهاء مرآها ...
    وسيتخذ منه خصوم الديمقراطية بذوراً ينثرونها على ساحة الديمقراطية العذراء .
    فتنبت بعد حين حسكاً واشواكاً وزقوماً !!

    وإلتقيـنا في طريـق الجامعـة

    تستطيع الديمقراطية حمل أعبائها ومسئولياتها فوق كل هذا الجراح النازف منها والمحتقن وهي تباشر رسالة التعليم والتعلم من الناس وإليهم ولم يكن سيرها هذه المرة رخاءاً ولا طريقها معبداً وواضح مانال بناءها النفسي من إدماء .
    وواضح مااعترى الذات السودانية من رهق وكلال .. وواضح نذر الانوار والعواصف مما يتنبأ به خبراء الاجواء عن تحركات الرياح البعيدة وقراءة السحب التي لم تتجمع بعد .. وعندما إلتقى الناس ... في طريق الجامعة......بذلك المشهد الذى ما أروعه
    كان في جموعهم من يحمل مطرقة ومن يحتقب سيفاً ومن تابط شراً ومن يدبر أمراً ... حصائل كن هواجع في هدأة النزاع الأخير أهاجها الفاصل العسكري وحرك فيها شهوات الوثوب .وديمقراطيون درجوا على الصراع الحبى الذي لا يفسد للود قضية ولا يخرج من نطاق الموضوعية السياسية أثناء نهارها .... ويفكرون بصوت مسموع في لياليهم السياسية الحاشدة ولا يعقبها نصب ولا صخب ولا تورث حقداً يكدر وجودهم وهم يتبادرونإلى المناسبات الاجتماعية المختلفة فيأنسون ويتآنسون ... وهي رابطة العقد الحقيقي والأساسي في المجتمع السوداني حضراً وريفاً وبادية .

    كـان اكتوبر عرسـا

    فطن الديمقراطيون إلى أن :-
    الرياح الطيبات اللواقح يخالط مسها نفث كما تريح السموم وأن أكماتاً تقاوم وخلفها سر يخفى ولا يرى !! وهذا يخالف طبيعة عهدهم وما يألفون.
    أترى يعود الجند ثانية وما أفضى الشهيق إلى الزفير ؟!
    هل يستعين بهم من أقعدته قواه عن نيل المرام ؟!
    هل ننسج النسيج الرقيق ليمزقه قريب أو بعيد ؟!
    هل كف ذياك البعيد تحرك الساعين في جنح الظلام ؟!
    هل هناك مغامرون سيقفرون ويمارسون البطش مثل الآخرين ؟!
    هل أبطلت قوانين التعامل وسقطت الأعراف والسوالف لترتدي العلاقات مسوحاً جدداً لا عهد بها ؟!
    وهل يتدعر الأدب السياسي فجوراً وتحل المهاترة محل الاحتشام قصوداً ؟!
    هل ترى سنكمل مشواراً طيباً !!
    أم أنا نعد نأمل طوارق الليل والنهار....
    كل هذا بعض من كل وقليل من كثير ....
    ترسب في سد نوفمبر ، وانطلق مع الانفجار الاكتوبري ينصب في الأرض العطيش فتعب من ظماء بملء شقوقها الفاغرة ... فارتوت واهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ، وقدراً من الحسك والاشواك والزقوم ...
    " كان اكتوبر عرساً لشباب يثلجون الصدر للام الرؤوم
    كان عرضاً لبنيها في التحام مســــــتقيم وحميم ....
    ثلة من نخبة الاعجاب والاعجاز في دنيا الوظائف والعلوم "
    نادي الاساتذة ... مجمع الاطباء ... غرفة المحامين وركن القضاء ... نادي العمال ... قبة الأمام ... ساحة القصر ... قطار الموت من كسلا ... رتل الحافلات والسيارات من مدني مر سيل الجماهير في كباري الابيض والازرق ...
    ظلال أشجار اللبخ الشهيرة في المقرن وشارع النيل وكل الشوارع ....
    موكب ثلة من أولاد البلد يفترشون شارع المعونة حتى مدني والهدير انطلق يجتاز المدى ويطبق الآفاق يعلوها طبقاً طبقا ... دموع وزغاريد ... وأناشيد عذارى ... حبور الامهات ... وثلة في الاقاليم البعيدة أقامت في كل اقليم اكتوبر يشبه اكتوبر العاصمة المثلثة وضواحيها كان اقليم اكتوبر فرحة قلب …. ونشوة روح … وذراعاً مشرعاً نحو السماء ..
    وصدراً مكيناً …. وعزماً أميناً ….. وسيلاً من القدر العاتي على مد البصر ....
    دخل التاريخ في لجته مستعيداً عز أيام خوال قد خلت فجدد شبابه وانتشى بالعنفون ...
    من رأى شـــــعباً وجيشاً في عناق يسبحــــان ؟!
    ومن رأى الحاكم والمحكوم في فرحٍ عميق يبكيان ويضحكان ؟!
    ويلوحان بمدفعٍ وعمامةٍ ويحيّيان ؟!
    كل أقداس الحياة تجمعت في لحظة في ذا المكان !!
    لايحتويها الوصف مهما افتن في تصويرها رب البيان !!
    فهي أكبر من المعجزات .....
    جيشٌ وشعب ... ورجالٌ ونساء ... أطفالٌ وصبايا ... أرض وسماء ونيل ... ونيل وروافد ... شجر وحيوان وطير ... غابات وجبال ...
    وجودُُ كامل في حالة بعث ذاتي ... وانبعاث عقلي رسولي ...
    إحدى تجليات الحق الأكثر ندرةً وأبعد منالاً . استجابة التوفيق لحبل الاعتصام .
    وحدة العقل والقلب واليد واللسان . وحدة الوجود الانساني في أحسن تقويمه ...
    ثبل أن ينزل أسفل سافلين !!
    من صنع اكتوبر ؟!
    حزب !! تنظيم !! كيان ؟! جبهة ؟! من ؟!
    من صنع هذه الوحدة ؟! ومن خلق هذا الاجماع ؟!
    من بث هذه الروح ؟! من أذاب في ذلك اليوم المشهود كل العصبيات ... وأزال الفوارق وأزاح الحواجز وفجر محيطاً من الارادة والقدرة ؟!
    من إنتزع من النفوس حباً واشبعها وداً ؟!
    حببوا كل أخ مرآة لاخيه واحتراماً لأبيه ووفاءاً لأمة وعطفاً لصغيره والتصاقاً بأرضه وتحقيقاً لذاته ؟! من ؟!
    إن اكتوبر مثل الروح وهي من أمر الله ... تسري ولا ترى ... تحس ولا تعرف
    كان كل سوداني اكتوبري ...
    وكانت النساء كلهن اكتوبريات ....
    ومضةٌ مقدسة .... مست أمة ... فقامت على قلبٍ واحد !!
    كانت عينه التي يرى بها ...
    وأذنه التي يسمع بها ....
    وقدمه التي يسعى بها ...
    ويده التي يبطش بها ....
    وعقله الذي لايلتاث ولايلتبس ....
    فلا يدعيها أحد . فهي كون أكبر من الاحتواء والادعاء . وكل الناس فيها سواسية .
    لانها بهم كلهم ولهم أجمعين ..
    إن هدايا الله لا يستاثر بها أحد ولا يستطيع .
    فهي مرموقة بالطابع الشخصي والدافع الذاتي والأداء الجماعي .
    أنها الروح المعنوى والنفير الالهي الذي يبعث حتى من القبور ...
    يدوى في الاعماق قبل الآذان ...
    ويقود قبل الطريق ... ويسعى قبل الاقدام ... ولو اقترع بعض الناس على ميعاده لأخفقوا ولو تربص بعضهم بوعده لفشلوا . ولو إدعاه بعضهم لكذبوا....
    أنه تحفة الشعوب ، تتحف بها مرة في عمرها !!
    ومبلغ جهد الشعوب أن تحافظ على تحفتها بقوة العدل والحب ولتصون وحدتها من لصوص التحف .
    وليكن شهداؤها يقينها وتاج عزها وفخرها يحيون في حناياها منعة ووعياً ... يطلعون الشمس يوماً بعد يوم ... لتحيا بها الأمة جمعاء ... لا فصيل من روافدها صغير ... هل رأى الدهر أناساً يسرقون الشمس من كبد السماء ؟!

    ثبـج يتقـافز كاليعاليـل

    * ومعلومُ من جر الجيش من علياء قوميته منحدراً به إلى غير ميادينه ... واتخذه درعاً يقيه هزيمة ماحقه .ومعروفٌ من دخل المؤسسات العسكرية الكسيحة وانسل بعد إخفاقها ثم رماها بدائه ...وجاء في اكتوبر مهللاً مكبراً ...
    ومرصودون اقزام الشمول الكافرون بالديمقراطية منذ أن جاء بالبيان فادموا جبينها فور اشراقه .هتكوا قداسة الجيش الوطني ... وعلموه التجني وتسللوا إلى بنيته ... ومزقوا في أديمه حصانة الانتماء ... ولطخوا إزاره الطاهر بالوسوسة والاستقطاب .
    ولو خلقت قلوبٌ من حديد لما لقيت كما لقى من العذاب !!
    ولو أشبع التاريخ موتاً ونسياناً وكفراً ... لظل يشير ببنان من نورٍ أبدي إلى الذين ظلوا يحمون الديمقراطية بأنفسهم ونفيسهم ضد غوائل الداخل والخارج المتربصة بها ...
    حتى انجلت في عرسها الاكتوبري .وكانت تعرفهم بسيماهم .. وحشودهم جزلى ... تضفر من خيوط الشمس أصداء الأناشيد القديمة وتدبج الغفران إحساناً وتسامحاً لمن ضلوا وعادوا وهم لايستغفرون ... وربما أخذتهم العزة بالاثم فتمادوا فيما كانوا فيه يعمهون !!
    * بأنهيار السد النوفمبري انهال المخزن الطامي المترسب منذ ستة أعوام ... يحمل اشتاتاً من قديم لم يحسم وجديد لم يخطر على البال ويطفوا على سطح عبابه ... ثبجً يتقافز كاليعاليل ..وهو يتصايح على استحياء مردداً :
    " لا زعامة للقدامى ... لا أحزاب بعد اليوم"
    ولم تتم فرحة الحرية الخارجة من السجن لتوها ...
    وتضرج وجه الديمقراطية اليافعة بصفعة الاستقبال المستفز ثم إصفر خجلاً ... فلم يحسن استقبالها بما يليق فها هي تبتدر إهلالها معركة ... وتشرق على ميدان من صراعٍ جديد وتنقلب الموائد على روؤس المدعوين من أهل الدار ... ويتخاطفون القصاع في إستئثار يحفزه الادعاء فتقلب المكاسب إلى غنائم ...
    حرائرها سبايا ... وأربابها قراصنة ... وميدانها فتنة ...
    لا تصيب الذين ظلموا منهم خاصة ... ولا تسلم منها حرية أرادوها جميعاً .
    ولا تنجوا منها وبالها ديمقراطية يلوكون اسمها ولا يطيقون تفاعل مسماها فيدركون عيشها ويحولون بينها وبين نموها الطبيعي ... ويحاولون انضاج ثمارها صناعياً ولا يفلحون فالمتسرع لايتقن الانضاج ... والنظرى يهزم بردود فعل التطبيق ... والتجريبي ينفق جهده في صنع القيود والاقفاص لحيوانات التجارب ... ريثما يقضى عليها أو يقضى عليه الزمان !!
    خمس سنوات سبقن نوفمبر ...
    كن ميداناً تساجلت فيه المكونات ذات الوجود في البلاد في منازله للفرز ... وتحديد الاتجاه ... وابراز المنظور الوطني ... المواطنون يحسونه عياناً بياناً ...
    وليستدركوا معانيه مصيراً ودستوراً وأسلوباً ومنتهجاً للتطور وادراكاً لحوجة التنمية والاستقرار وضوابط الاستمرارية .
    كن ميقاتاً حاسماً لاسقاط متعلقات تلتصق بمسيرة التاريخ ولابد من طرحها جانباً ليخلو وجه الحياة ليمشي في مناكبها ... طليقاً من عقابيل الرجوع ... خفيفاً من متعلقات نفد زادها وحان إسقاطها من كاهل لولا أنها هدمت الهيكل الديممقراطي كله على راس البلاد جميعها فأحدثت بذلك سوءاً سيكون عليه وزر من عمل ويعمل به إلى الأبد .
    مثلما يكون هو الفيصل الذي يفرق بين :-
    الذين يؤمنون بالديمقراطية ... والذين يكفرون بها .
    فيكن لكلٍ دينه ولا يعبد ما يعبدون ... ولاهم عابدون ما يعبد .
    كان هذا هو طعم التغير بعد اكتوبر ولونه وريحه وقد عادت الديمقراطية بهذا الاجماع العفوي الذي انتظم الأمة كلها ... وأعطى الدليل القطعي على أن مفهوم الحريةلدى الناس هاهنا ... هو المعبر عنه بالديمقراطية ...
    فما جزاء الذين كانوا حرباً عليها ... واقاموا في طريقها مسداً شاكىالسلاح ...
    وغرسوا بذلك بذور التمرد وانتهاك قدسية ووحدة الجيش الوطني .
    كان هذا هو طعم التغيير ولونه وريحه بعد اكتوبر
    - الثار للديمقراطية ...
    - الانتصار لنتائج الصراع فيما قبل نوفبر ...
    - ترشيد الممارسة وتعميقها لتطوير الاداء باسهام البرره من المثقفين وهم خلو من عناصر العقوق والنكران ...
    - اعطاء كل الاعتبار للجموع التي أعادت الروح الديمقراطي في زفاف قل مثيله في العالمين
    لا انتحالها ولا تمثيلها بغير تفويض منها ولاالتصرف بأسمها فى حضورها .. أن ذلك يهيج فيها حفيظة الاستفزاز ويوقظ فيها ضيم الأهمال فترد الصاع صاعين كما فعلت ...
    وتنسى أسية الأمس لانها تتحلى بالعفو عند المقدرة ... فيلوذ بها من لاذ بالأمس ضدها
    وتعامله بمن عفى وأصلح فأجره على الله وعفا الله عما سلف ...
    ليت الذين يرودون الطريق للجماهير لايذهبون بعيداً عنها محلقين بأجنحة النظريات .
    ليتهم يغوصون في أعماقها ولا يغوصون تحت الأرض شان نملة سليمان التي وصفته وجنده بأنهم لا يعلمون !!!
                  

03-13-2007, 10:33 AM

خالد المحرب
<aخالد المحرب
تاريخ التسجيل: 01-14-2007
مجموع المشاركات: 5705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    من اجل هولاء القوم نسجل حضور
    من سيرتهم العطره تعلمنا الكثير
    تركوا لنا المبادى فى كل شى
                  

03-13-2007, 10:46 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: خالد المحرب)

    Quote: من اجل هولاء القوم نسجل حضور
    من سيرتهم العطره تعلمنا الكثير
    تركوا لنا المبادى فى كل شى



    نعم اخي خالد
    تركوا لنا ارثا عظيما
    سنحاول ان نربي اجيال الحزب القادمة عليها باذن الله

    لك خالص مودتي وتقديري


    الشقيق ابو حريرة شكرا لك
                  

03-13-2007, 11:13 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    شـئ مـن الحسـك والشـوك في الطريـق

    حمل المختزن الطامي من بعض ماحمل شوكة وحسكة محولة ً لإماتة التاريخ ذلك الذي لايموت ... فانبرت شعارات التقليل من شأن آباء الاستقلال وصُناعه كبادرة هي الأولى من نوعها في العالم فلم يحدث أن إستهان أمة بابطال استقلالها أو السخرية من راية اعلانه بأعتباره خرقة لاتعني شيئاً ...
    في حين أن علم بلاد ... ونشيدها الوطني ... وصناع الاستقلال فيها ...
    تشكل الجرعة الثلاثية التي تدعم القوام الوطني ... وتسرى فيها عروقه لرىّ عزته واعتداده ووحدته ... وترفع روحه المعنوي لينهض باعباء الوطنية .
    وثلاثتهم معنى الشرف والكرامة وسجل الخلود الذي لن يطاله النسيان أو النسخ ..
    وهو المجد الذي يقابل بالتقديس ويحاط بالرعاية والتكريم والاعتبار فوق العادة وقبل كل شئ ... ولن يلوح في وجهه شائ له ... الا كان عاقاً أبتراً .
    لا يزرع الا قاحلاً ولا ينتج الا نكداً يقضي به طول عمره ...


    الـجلجـلة المـزلـزلة التي أخـفيت

    كانت الخدمة المدنية تحاول حمل الاعباء الثقيلة التي أثقلت كاهلها بعد السودنة ... فالذين حملوا في المراكز الادارية الكبرى كان بعضهمم بعيداً عنها نوعاً أو كان بعضهم بعيداً عنها بعداً ظاهراً . وكان قلة منهم قريب منها في بعد . ولكنهم جميعاً حملوا مسئولية الادارة المقررة بعزم وطنى زاخر وبذلوا جهداً مضاعفاً يسهمون به في التضحية والفداء ولم يحدث أن إنهار أى ركنٍ يعيق استمرارية الاداء ولم يهتز أى من مرافق الدولة . ولم يخف وزن الدواوين الحكومية في تلك الفترة الحرجة التي أخليت فيها كل المواقع من الأجانب وحتى في سن الحكم العسكري .
    ولكن تطاير في افق حكومة الانتقال بعد اكتوبر شعارٌ جديد لفّ كالاعصار مابين المكاتب الادارات ماسحاً طول البلاد وعرضها ...
    " التطهير واجب وطني "
    واتخذ في تنفيذه نهجاً متسرعاً عجلاً .. يطيح بالقامات الادارية العالية التي تعرضت لتياره ... فتنزاح من مواقعها بغير الاسلوب الذي تعارفت عليه قوانين الخدمة ... كالتحقيق واللجان ومجالس التأديب .وهي النظم التي تعالج بها شئون الادارة في الخدمة المدنية وحدثت من جراء ذلك فجوة واسعة . قفز لملئها شباب تنقصهم الخبرة والتجربة ويعوزهم الخوف وعدم الاطمئنان وعدم الثقة في القوانين التي تحكم سير الادارة ..
    وحل محلها نوع من البطش العشوائي أضر بالادارة وأحدث فيها خللاً لازمها بقية عمرها حتى استجابت لنظرية القفز بالعمود فقضي على البقية الباقية منها .
    إن كان قد تبقى فيها شئ ... غير الذكريات !!
    ثم انبرى الصراع المؤجل بين المدنيين ... في احزابهم وجماعاتهم فعندما أجريت الانتخابات ... عادت الاحزاب إلى ساحة الديمقراطية كأن شيئاً لم يكن ... كأن لم تستتر بالجدار العسكري .
    وكأن لم ترحب به في افتتاحية استيلاءه على الحكم...
    وكأن لم تدعوه لذبح الديممقراطية الوليدة ...
    فدعا " حزب الشعب " إلى مقاطعة الانتخابات !!
    وهو تكتيك بارع . يخفى خلو وفاضه من أى معنى ً لوجوده في الساحة السياسية
    ويعفيه من الأجابة على سؤال عام يملا أذنيه في دوى ً مجلجل :
    لماذا أنشق عشية الاستقلال ؟!
    ولماذا إنتقلت مع خصمه التاريخي اللدود ؟!
    وضد من ؟! صورة الشريف الهندي
    ولم أخفقا حتى هرولا يلوذان بالعسكر ؟!
    وكيف يؤمن اليوم بديمقراطية
    كفر بها بالامس وحاول قتلها ؟!
    وماهو دوره في حركات الانقضاض التي اعتورت
    حياة الحكم العسكري ؟!
    وماالذي يقدمه الآن بين يدى نجواه
    من برامج واهداف واساليب ؟!
    أخفى " حزب الشعب " هذه الجلجلة المزلزلة في عباءة :
    - المقاطعة للانتخابات -
    وأخفى معها وزنه الحقيقي وحسناً فعل ...
    وجاء حزب الأمة يحمل في بعض روافده نوازع للتجديد ودفعه شبابه تتواءم كثيراً مع منطوق الشعار الغريب القاضي بحجب " الزعامة عن القدامى " ولكن بمحاذير وتعلات تحاذر من سرعة الانفجار في كتلته ذات العقيدة الصلبة ... وهي مرتكزة السياسي الوحيد ولو تعرضت للاهتزاز لفسدت صوامع وبيع وصلوات .
    وجاء الخريجون .... بمقتضى التعديل الدستوري الذي أتاح لهم اقتراعاً خاصاً بالصفوة أو النخبة أو التقدميين . مميز لهم عن الكيانات الرجعية كما أسموها أخيراً وكما يطلقون على أنفسهم القوى الحديثة حالياً .
    وجاءت " جبهة الميثاق الاسلامي " وهي تنظر شذراً وتوجساً إلى ماتخفيه نخبة الخرجين تحت دثارها الجديد وما افصحت عنه وهي تشكيل جبهة الهيئات وحكومتي سر الختم الخليفة الانتقاليتين ؟!
    وعلى رأسها زعامة جديدة فيتكامل علىسطح الساحة السياسية عراك حزبي متحفز بين " الميثاقيين " و "الماركسيين " . علىهوامش الحرب الباردة بين القطبين العالميين !! وتجرى الانتخابات وفي نفوس المقترعين كلومُُ من اغتيال العسكر .. لطريق الديمقراطية السوي وقلق يشوب الثبات الذي ألفوه في اقتراعهم قبل العسكر وخيط من الشك يتخلل يقينهم بأنهم مصدر السلطات . وفقدٌ لضمانات الحصانة من ثوب الواثبين .
    لم تكن الاجوء كلها كما كانت قبلا .
    وبدا كما لو كانت الآف القوى الشريرة تتربص بالنسيج الديمقراطي وتتجاذبه من حيث يدرون ولايدرون .. من داخل بلادهم ومن خارجها .
    وأن أياد خفية تهز مهد الاستقلال الوليد بعد أن سلم من إختناق الديكتاتورية ...
    وأن الممارسة الديمقراطية تعتريها الوان من الغلظة وتفد عليها ألوان من الشراسة لم تكن مألوفة بين المتنافسين ...
    وأن سلوك المباراة تخلو تماماً من ذلك الطابع الودي الذي يؤدي إلى قبول النتائج دون أن يهلهل الكيان الاجتماعي بل كان الاستقطاب منفعلاً تخلط ألوانه على عجل فتبدو الصور قاتمة لامعالم لها ...
    وأن حدة الهجوم تزحم الآفاق في صراخٍ مشروخ يطلقه من يعجز عن الدفاع ...
    وأن الايدي الملطخة بالنزيف الديمقراطي تدعي بأنه خضاب الفرح الاكتوبري في عرس الديمقراطية ... والناس بين مصدق ومكذب ومتحير !!!
    بين اختلاط المعالم والاصوات والمقولات والاصطلاحات والمعادلات والتبريرات والتعلات
    واثبت الحطام المتفجرمن سد نوفمبر المنهار ..
    أنه يحتاج إلى مصفاة هائلة لعزل الشوائب التي إستجدت وهوالك القضايا القديمة التي لم تلفظ أنفاسها بعد ... وجاءت تترنح في زىّ مدني بعد إنسلالها من ستار الجاكي الذي إستترت به بأعتبارها من كرام المواطنين!!
    وآخرون أضمروا ثقتهم في الذراع العسكري كعامل حسم يفرض لهم وجوداً منفرداً ووحيداً بلا منازع باعتبارهم ثوار اكتوبر بلا منازع أيضاً .. وسيلدون بها يوماً ما ...
    وثبتت القناعات الوطنية في ثوابتها . تراقب هذا الافق وهو يتلون بالوان السحب ... مشكلاً تصاوير متعاقبة ... لا تتماسك أمام قصف الرياح وهبوب الزوابع فتذروها شمالاً وجنوباً وهي تغدو وتروح من وراء النجوم ...


    وسـارت الديمقراطيـة اليافعـة عـبر التيـارات

    كان للفاصل العسكري أثره ومعناه ...
    وللمخزون خلفه تفاعله ومبناه ...
    وللطوفان الاكتوبري أساليبه ودعواه ...
    وللصعيد الديمقراطي المغترب ذكرياته وجدواه ...
    شب في العهد العسكري جيل وشاخ بعض جيل وغاب ذكرٌ وولد فكر ...
    وتغير المناخ السلس للتطور . وسيطرت روح المغامرة…. على الجيوش في الشرق الاوسط وافريقيا وامريكا اللاتنية ... وتبارى فرسانها في السباق مع الفجر لاقتناص آليات الحكم اليتمتين " دبابة .. ومذياع " ونشر سحابات الرعب والزئير ...
    هذا نفث الحرب الباردة تتلظى بنيرانه شعوب أخرى تتقاذفها جيوشها مثل الصوالج والأكر
    كانت كل الاجواء خانقة للاسترواح الديمقراطي طاردة للحرية ...
    تعيش ما قدر لها غريبةٌ في بلادها ..الا ما يتحلق حولها من الوصوليين والانتهازيين وتذهب ريحها في غربة الا ماتخلفه من دمار الانفس والثمرات ...
    فاجأ الشعب السوداني العالم كله برفضها وأزاحها ... وانشغل بما انهال من وراء كونها من تناقضات لم يسلم من ثلمها البناء المدني تماماً ...
    وصرف من عمره ثلاث سنوات وهو يمسك بمصفاته الهائلة تصطخب في جوفها تيارات القديم والجديد وتدور في دوامتها كتل اقليمية تفصح عن بوادر تشقق في البنية القومية ...
    ونشوء كفران جهوى أو عرقي بالثقة في المركز يوحى بعدم إطمئنان بشمول الحكم الديمقراطي للرقعة الوطنية كلها وينسون أنهم المنتدبون من قبل هذه الاصقاع ...
    ليمثلوا حضورها في التشريع والتنفيذ ....
    ويجئ أحد الحزبين الكبيرين وقد فارق بعضاً منه فراقاً لالقاء بعده ويجئ الآخر وهو يحمل بذور اشتقاق ونزاع سيكون له أثره البعيد الغور في مستقبل السياسة السودانية .
    هذا هو المحيط الذي يتعين على الديمقراطية أن تمضي عبر مضايقه وتيارته وهي الحادية عشرة من عمرها ... قضت منها ستاً رهينة المحبسين بسجن العسكر وعمر الطفولة تنقل خطوها اليافع خلال هذه المعوقات يثينها يأس ويدفعها يقين .
    وهي موزعة الفؤاد مشتتة الفكر ... لاتدري هل يريد أهلها قتلها بهذا المسير ؟! أم أن الجند سيودعونها السجن والاغلال ؟!
    ملء جيدها ويديها قبل أن تشب عن طوقها ويقوي عودها وتاتي بالبنين ؟!
    مال قومها مولعون بتعذيبها ؟!
    يسجنونها عسكرياً ويعذبونها مدنياً بعد عامٍ واحد ....
    من تشكيل حكومة الائتلاف بين " الوطني الاتحادي " و" حزب الأمة " سقطت بضربة قاضية من صوت ثقة تقدم به أحد أعضاء حزب الأمة بحجة أن رئيس الوزراء من حزب الأمة فشل في ترجمة مبادئ اكتوبر عملياً !!
    وهنا سفر الشقاق في حزب الامة ... وشوهد يحلق بجناحين
    - جناح الأمام – وجناح الصادق -
    وأظهرت نتيجة التصويت عدة تصدعات لحقت بالكيان التشريعي يمكن ملاحظتها في عدد الاصوات التي حصل عليها الرئيس الجديد السيد الصادق المهدي من حزب الأمة =138 . والاصوات التي نالها منافسه السيد محمد احمد محجوب = 29 .
    والتي نالها المرشح الثالث الدكتور حسن الترابي = 7 أصوات . بالنسبة لعددية المجلس 223 منها 165للحزبين المؤتلفين و58 لثمانية كيانات سياسية أخرى .
    بمعنى أن التصويت دار في حصيلة الحزبين المؤتلفين فقط بمعزل عن بقية الحضور ..!
    وتكتسب القناعات الوطنية حيرة أضافية من واقع الممارسة تفضي بها إلى رؤيا أكثر إتساعاً وتقودها إلى التأمل المنطقي :
    لِمَ لَم تستقر جبهة الهيئات في الحكم وهي التي انتزعت لنفسها مقعد الطليعة في اكتوبر ! ولِمَ اختفى تكوينها بعد الانتخابات ؟!
    ولماذا تستهل الاحزاب وجودها المنتخب في أمر الحكم وتنقسم على نفسها ؟!
    ولماذا تنتقل سجلات الصراع الشخصي والطموحات المكانية إلى معبد أقداس التشريع !
    وما علاقة كل ذلك بالنمو الديمقراطي ؟!
    وما خلفية الصراع بين هؤلاء ؟! ماهي منابت الخلف والاختلاف أساساً ؟!
    ومن هم خلفاء ماضيه البعيد ؟! ومن هم شخوص استحضاره الجديد ؟!
    وسرت جرعة من الرشد مدتها يد الله الباره سرت في الكيان الديمقراطي الضامر فاكتسى شبعاً وريا واهتدى إلى مكونات حياته ...
    التأمل .... الحوار .... التجربة .... التطبيق .
    يسائل نفسه سراً ويحاور الناس جهراً ويغوص في أعماقهم فهماً ووعياً وادراكاً وعلما ...
    إنهم منبع الحكمة وقواعد البناء ... وهم التاريخ حياً ماثلاً يجوس خلال الديار ...
    تنافقه النفوس حيناً فيتواثب الجند من خلف القلاع ويرهقونه عنتاً وغياً ويشبعونه جرحاً وكيا ... وعندما تصدق معه النفوس طارحة نفاق الضعف جانباً تنهار السدود وتتحطم القيود ... ويرى الانسان في أحسن تقويم يبصر واقعه بباصرته وبصره ...
    ويستمد قواه من قناعات الكل ... فيمضي ربحه رخاء وصعبه سهل ... ويرى يد الله في الجمع والجماعة ... مثلما خرجت كلها في اكتوبر وكأنها تلبى نداءاً خفيا ...
    ولم تعمر الوزارة الائتلافية الثانية إلا عشرة أشهر ....
    حيث إهتزت الأرض من تحتها وأذنت لربها وحقت ... وسقطت ولم ينعم وليدها بالرضاع منذ صرخة ميلاده وبين اسقاطها لسابقتها وميلادها وسقوطها عبرة لأولى الألباب :-
    هل ساحة التشريع ملك خاص للمتصارعين وحدهم ؟!
    وهل أوفد الناخبون ممثليهم ليتمتعوا برؤيا الصراع بين ملاك الحلبة الذين يحتكرون البقاء فيها حتى بعد السقوط ليعاودوا المباراة من جديد ؟!
    ويموت الزمن بين انتصار هذا وهزيمة ذاك ؟!
    ماشان الذين بالخارج بهذا الخناق ؟!وماهو الموضوع ؟!
    إقترعوا ... وأوفدوا .... وانتظروا .... لا يسمعون إلا أصوات الركل والكلم ...
    ثم يقرأون الوصف التفصيلي للمباراة في صبيحة اليوم التالى مع " جبنة " القهوة يهلل بعضهم لمنتصر اليوم .. ويأسى بعضهم لمهزوم الأمس .
    ولكن الكيان الديمقراطي وسط القناعات الوطنية يثرى بأستيعاب جديد يزيد قوة ويكسبه هدى ورشداً إضافياً جديداً ... أن مصفاته الهائلة تؤدى عملاً جيداً الآن ...
    وهذه طبخات لم تنضج تأخذ طريقها إلى النار من جديد ... وهناك أخلاط منن بقايا السد الطامى تتحلل وتذوب ومنها زبد يذهب جفاء .... وسيمكث في الأرض ماينفعها وينفع الناس …وهم يتعلمونه بالممارسة ويتقنونه بالتجريب . حيث تشتد عرى الديمقراطية وأمشاجها وتمد جذورها على مليون ميل من الأرض وملايين من البشر .
    وجاءت وزارة ائتلافية ثالثة ...
    اتسمت بارتفاع منسوب الخلاف وحدة الاستقطاب وكان الرهان على سقوطها اكبر منه على بقائها ... ولما اشتد غليان مراجل الشد والجذب داخل الجمعية ووضح للكافة أنه تجاذب بين جناحي حزب الأمة وأن الوطني الاتحادي تنقل بين الجناحين في ائتلافات لم تستمر ولم تستقر .. تعين أن يطرح الأمر برمته على مصدر السلطات ... وحلت الجمعية بقرار من مجلس السيادة ... إثر إستقاله نواب يفقدونها النصاب !!
    وكان عمر حكومة الائتلاف الثالثة كسابقتها وكان عمر الجمعية ثلاث سنوات اعقبت ثورة اكتوبر ولازال زهو مجلس النواب الحكم الذاتي "53- 1956 م "
    يتطاول عبر السماء متجاوزا سنى العسكر الست ليتدارك اختلال الاداء في حكومات مابعد اكتوبر الثلاث . وليتخذ من مرائرها بلسماً شافياً يبرئ الجسم الديمقراطي ويحصنه من هوامش الانصراف التي تفوق الرؤية الثاقبة لمسئولية الانتداب الانتخابي ... وتحجب حجم مسئولية التمثيل نيابة عن الآخرين ...ولو لم يعترض الفاصل العسكري طريق الديمقراطية الناشئة لكان حظها أوفر في تذويب الهوامش الانصرافية وهضمها ...
    ولو لم تنفرد جبهة الهيئات بأعتبارها نخبة أو صفوة يعضلها عن قواعد الأهل بون شاسع لمضى تيار اكتوبر بجموعه تلك المباركة ... وأرسى دعائم لاتطيح بها هوامش الانصراف وقلل كثيراً من خسائر البيان النوفمبري .
    إلقاء جزافى على عواهن القول

    ومع ذلك فكل هذه تجارب تفيد الديمقراطية أكثر من أن تضرها ... لها مس اللهيب ولكنها تزيل الشوائب وتحرق القشور وتدعو مصدر السلطات لتبيان كنهه وحمل مسئوليته النابعة من واقعه الحقيقي الذي ظل مصلوباً تسعة أعوام وماقتل بل رفعه الله وسيعود ليملأ الأرض حقاً وواجباً وعدلاً بعد أن ملئت سجناً وهرجاً وانصرافاً !!!
    كثير من المعلقين على هذه الحقبة من الممارسة الديمقراطية يدفعونها بالفشل ....
    ويتهمون النظام الحزبي التعددي في مجموعة بالفساد والمحسوبية ويقصرون مهمته برمتها في مناورات الوصول إلى الحكم .. ثم الدفاع والهجوم بغرض الحفاظ عليه أو انتزاعه من آخر وكلا الحكمين على الديمقراطية وعلى الاحزاب لايعدو إلقاء جزافى على عواهن القول على الديمقراطية وعلى الاحزاب .
    فهو أما أن يكون صادراً ممن يجهلون محتويات الماعون السوداني أو من الذين أسفرت حساباتهم الخفيفة . أن الديمقراطية ليست سبيلاً يؤدي بهم إلى الحكم يوماً .... فيلصقون بها شتى المناقض والعيوب .
    وينتقصون من شأن التعددية الحزبية وهي آلية الديمقراطية الوحيدة .
    فحينما تكون ديمقراطية حكم تكن هناك احزاب وهيئات وجماعات ....
    يكتمل بنضحها المكون الديمقراطي ... وترشد بوعيها مداولة الحوار ....
    وتتجلى جوانبه الحقيقية وهي تتنزل في متناول الجماهير فيرتقون باضوائها إلى تحسين اقتراعهم .. وضمان تمثيلهم ونوعية من ينوب عنهم ... وتتسع رؤياهم إلى خارج حدود الجهه فتشمل الوطن ... وتذيب عصبية القبيلية في المحيط القومي وتفرق بين الطائفه السياسية والطريقة الصوفية .
    ويتسع فهمها لمعنى انتمائها للوطن عن طريق مبادئ الحزب .
    أى حزب منطلقاته وأساليبه وممارساته ومسلكه لاهدافها وغاياتها كأمة واثراء تعايشها كوطن ... وترتبط بالمعنى لا بالشخص ... وتمارس المؤسسة بعد أن أكملت تعليمها وتعلمها على يد الزعيم المربي والرمز القائد ... حيث تشب عن الطوق وتكون هي .... هو
    ويصعد القرار من قواعدها بعد أن كان ينزل من قيادتها الأمنية ووسطييها المخلصين .
    وتصنع جهازها التنفيذي المستخدم لديها لتنفيذ قرارها ويدير ماكينة تعاملها وعملها طبقاً لتوصياتها وشرعها وتشريعها ....
    مشوارً طويل وعريض ...
    وأعمق من طوله وعرضه شاق وعسير ...
    لا ينجح فيه إلا من كان ذخيرة صبره أكبر من المشقة وجهود مصابرته أقوى من العسر .
    ولا يقاس بعشر سنوات فصلت بينها صحراء الشمول العسكري واحتكار القرار في حين أن أبجديات القرار تكفر بالاحتكار لأن القرار وليد شرعي لحرية الفكر والقول والانتماء والحوار والاجماع الاختياري الحر ..... وكلها مفردات مقدسة لايحتويها الاحتكار ... لأنه نقيضها وعدوها اللدود ...
    فهو نوع من الاسترقاق وفصل من القهر والاستعباد لا يعيش إلا في مناخات الرق النفسي وعبودية الاستكانة ... واغلال التواكل والاستسلام .
    ولما كانت الحياة نمو دائب وصيرورة مستمرة فأن مصادره اشتراطاتها بالاحتكار الشمولي هو حكم بالاعدام لوجودها تماماً

    قانون الرفض والتناقض

    إن ما دار ويدور خلال الفترات الديمقراطية منذ عشية الحادي عشر من نوفمبر 1954م وحتى السابع من مايو سنة 1968م هو التفاعل الطبيعي لمكونات الوجود السوداني وهو تفاعل مشروع ومنتظر ولابد منه .
    فعن طريقه يظهر الجسم الوطني وهو خارج من سجن الاستعمار يحمل ما ظهر وما بطن قبل الاستعمار واثناءه وبعده .... وهو باب تجتازه كل الشعوب وهي تتهيأ لاحياء ذاتها وحياة حريتها لتدخل في بوتقة النقاء المفاعل الضخم بحجم البلاد ... يستوعب في داخله كل مافيه ويشعل لهيب التطهير المقدس ويتطاير البعض بخاراً ودخاناً
    ويذوب البعض تلاشياً . وتتزاوج عناصر الانتماء الحقيقي ملتحمة ببعضها ويزيدها اللهيب صلابة وحسناً وبهاء .
    وتنعم بنيرانه لأنها تزيدها جلاء وإئتلاف ...
    أنها الحقيقة التى لاتغنى لأنها الحق أو كأنها هو . أن الذين يضيقون بحجم المفاعل يقفزون خارجه . ويحاولون تحطيمه أو إلغاء دوره ... أو اغلاق الباب المؤدي إليه لأنه يذيبهم ويحيلهم عدماً .
    وتفاعل المكونات الاساسية في الدار السودانية هو تحرك لازم ومنشود للنسيج القومي .
    وهو يفرض ذاته الاعتباريه ... لأنه الوجود الذي لو خليت منه رقعة الأرض هذه لكانت خواءاً وفراغاً ... وهو ما لم تكنه طيلة إستيطانها واستقرارها ... منذ بدء الخليقة ...
    حيث كانت دائمة التفاعل والتمازج والتكوين المستمر وصولاً إلى اندماجها الكامل ..
    وكانت تمارس في تساوقها نحو الهدف عديداً من الاعراف التلقائية ... التي تستنبطها من ضرورة التعايش والانسجام وضرورة البقاء ... ولم يحدث إلا قليل من المشاكل بالنسبة لتعددها وتواصل الانصهار بينها .
    والذين يضيقون بهذه المكونات الاساسية ويشبعونها نقداً وتجريحاً ولوما ... خصوصاً ذلك الذي ينصب دون هوادة ... على القبيلة والقبائل والاداراة الاهلية ...
    وهم بذلك كأنما كانوا يريدون ثمرة بلا زهرة ... أو زهور بلا براعم ...
    أو براعم بلا أغصان ....
    أو غصاناً بلا سوق ...
    أو سوقاً بلا جذور ...
    هذا قانون الرفض والتناقض الذي يقود إلى رفض الرفض والتناقض الدئب !!
    إنهم يريدون أرضاً خالية يبتسون منا فردوساً كما يشتهون ولكن لكل أرض طبيعة طرحها الملائم لتربتها ومناخها ...
    يحتاج فقط إلى بعض تشذيب واصلاح ليجود عطاؤه واثماره ويؤتى أكله ... فهو زاد مرحلة في حسبان التطور لاتقطع بغيره وقد ترك بعض الحكومات التى حاولت الاحتدام به تدور في مهمة قفز لاتدري مخارجه ولا مداخله ولا كيفية التعامل في محيط أعلم الناس به مبعدون معزولون عنه !! وهم أكثر الناس رغبة في التطور والتقدم وأحوجهم إلى التنمية وأكثرهم إدراكاً بمقوماتها وانجاحها في دوائر إشرفهم .
    ويضيق الضائقون ببعض الوجود الطائفي في بعض الاحزاب ويتخذون من تصورهم ذلك تعلة للهجوم على الاحزاب والديمقراطية ولا ينقصهم الادراك في ماهية حجمها الطبيعي وقلة تأثيرها السياسي ويجافون بذلك قدرتهم على التحليل ويتفاوضون عن براهين الواقع التي تثبت عكس مايقولون وهم يعلمون .
    القبيلة هي خامة الوجود الطبيعي في مناحي المعمورة
    فهي مستودع الاعراف والتقاليد
    ومنبع السلوك وشعائر الفنون وشرائع الدين .
    والوان الاحتفال بالافراح وانماط الأسى في الاحزان.
    وهي مناشئ الفروسيةالتى تنمو على غرار الطبيعة
    فتستمد صلابته وتعاليه من الجبال وتأخذ من الصحراء حرها وسكونها ولفح زوابعها وتشرب من الغابة عمقها ورزانتها وغموضها ومن الوحوش عنفاً وضراوة وصراعا ...
    ومن الامطار الخير والبر وايلاف رعودها ونبض صواقعها وخواطف بروقها
    ومن الاطيار وخفيف أوراق الشجر الفناء والاشعار والنجوى .
    ومن النجوم والاقمار هديها وهدأتها وهداها ...
    ومن الأنهار أشواقها وحنينها ورقدها وصفاء إعتكارها .
    * القبيلة هي التاريخ نابضاً حياً سارياً نحو الوجود الانساني ملء نفسه كنوز الطبيعة برسوخ لثباتها وزهو اعتدادها ليلتقي بالتطور راغباً فيه لا راغباً عنه ... ولا رافضاً مشيحاً ولا متردداً واجفاً ... ولكنه لايؤخذ بالعصا فلا يحزم حزم السلمه ولا يضرب ضرب غرائب الابل . والا إرتد جباراً عصيا.
    يضن بكنوزه عن أيدى اللامسين من يراهم يحطمون الطبيعة ولايشذبونها . ويفتنونها ولا يصقلونها فاستعصم عنهم بما لديه حيث كان مكينا قويا في حساب ظروفه وفي مقتضيات حالة وطاقة امكانياته ...
    لقد صنع إستقراراً وامناً وأرسى قناعة واطمئناناً وارتجى مشوقاً أن تمتد له يد الأم الرؤوم فيوشح في كلتي يديها رواجبه .
    فأتاه من يحمل منجلاً ومطرقة يريد هدم البناء بلا سؤال أو جواب .
    إن الدور ولو كانت آيله للسقوط لاينبغي أن تحطم فوق رؤوس ساكنيها ولو لم يجدوا بدلاً جاهزاً أو مقنعاً لدافعوا عنها أو شردوا في الأرض عنوه ولا يدعوا لمن يحل مكانهم من قرار ولا أمن ولاسلام ..وتنفرط في الأرض عقود من الزمن يصعب بعد ذلك جمعها وانتظامها .
    * وعندما تمازجت القبائل داخل المحتوى الديمقراطي كان ذلك إيذاناً ببناء مرحلة البناء القومي والتوجه نحو الوحدة الوطنية وتكامل الأمة . وانعكس ذلك على تقسيم الدوائر الانتخابية وارتقت نوعية الناخب واحتفظ لنفسه بحق ترشيح النائب وارتقى معنى التكليف وصار مسئولية الناخبين ..يحملها النائب وكيلاً عنهم لا أصيلاً بذاته .
    وعمرت الساحة السياسية ضرورات التعمير ؛ مدفوعة دفعاً قوياً من باطن القطر وقواعد الآهلين فتمثلت في الالحاح على إقامة المدارس ونقاط الغيار . ومياه الشرب وامتدت الكهرباء وشكلت هذا برنامجاً مرحلياً يحاسب به النائب نجاحاً وفشلا ويتبلور معه معنى الانتماء لآى حزب ...
    فظهر مقياس جديد لاوزان الانخراط في هيئة أو اتحاد أو حزب واتسعت بذلك الرؤية الحياتيه للجماهير ..وتطور الاداء السياسي واخذ يمد ظلاله ومفاهيمه إلى الجماعة فتخلصت شيئاً من أنانية الفرد وخرجت من نطاق اليتم المزاجي .. واستشرفت آفاقاً فسيحة .
    واشتمل سمر القرية على الحديث عن المواصلات والمشاريع والعمل والمركز والمدينة ...
    ووضح قدرة هذه الدائرة من الوعى والمشاركة ... على الاتساع والتمدد ... وسرعة الوصول إلى أطراف بعيدة ونائية ...واتخذت المقارنة بين الاحزاب والمفاضلة بينها إسلوباً علمياً ؛ يتناول الاعمال والجدية ونوعية التعامل والاتصال .
    وفاضت معاني هذه المعلومه مكونه رمزاً يخرج بالانتماء عبر القيادة إلى مهام وطنية كبرى .
    تشكل رمزاً كبيراً ... تتجاوز الدوائر وموسم الانتخابات إلى حوار يومي دائم .
    يحلق معيناً من المعرفة ...واصطياداً للملاحظة ... وملاحقة للبناء ... ومتابعة للاخبار ... وولعاً بها .
    حتى انتشرت الراديوهات الصغيرة على اكتاف الرعاة بعد أن ملأت القرى التي تتحدث عن أمكانية أيصال البث التلفزيوني في ترقب وشيك !!
    وشمرت القيادات الوسيطة عن ساعد جدّها ... تلاحق هذا السيل المنهر من التساؤل والاستفهام والحوار بما ألقى عليها مداومة الاتصال بمركزياتها لتتزود بما يحافظ على مركزها الوسيط ودلّ هذا على أن الشخصيات القيادية ... لم تعد وليدة الوجاهة أو الارث أو الادعاء أو العادة ... بل هي نتاج للالتحام الدائم مع القواعد ...
    والتعلم منها ... ومتابعة نشاطها والتواصل الدوؤب مع المركزية وملء مفصليات الوصول بالصادر من القواعد والوارد من القيادة ... بدأ بالفعل عهداً جديداً للتعاطي الديمقراطي والاداء الحزبي ينبع من ارادة أصحاب المصلحة العامة مشكلاً قراراً يتصعد من مجموعهم إلى أعلى قياداته .... منهياً عهد تنزل الخط من عل بانتهاء عمره الزمني وانهاء مهمته على أكمل وجه ...
    لقد أوصل بواكير اليقظة إلى الجذور فاستوت على سوقها وآن لها أن تطرح من باطن الأرض صعداً ثمراً جنياً . أكتسبت الديمقراطية في عودها منعة وإقتداراً من تعاقب الصعاب عليها ومن صمودها في عديد من الجبهات التي اشتعلت لحربها ... وقصف عمودها الحميد ... وضاعف من ثباتها وهي تواجه اندفاع محتجزات السد النوفمبري متزامنا مع مستجدات مابعد اكتوبر وتدمى أناملها الأحساك والأشواك فى الزبد الجفاء… استعانت بروح اكتوبر وهى خريدته الفريدة والتقت فى عزماه الميقات فى حسم القدر واستراحت برهة ترقب فيض السد فى تلك الفجاج يضمر الأرض لتنهل زروعا وانسانا جديدا واحتوى الميدان صرعاه سمادا ً للحياة .
    أربعة أعوام لم تفرق بين صبح ومساء كل أهل الدار فى كر وفر يعجلون
    تطرح الأرض قديماً يتلظى ببراكين الصخور
    وجديداً ينتوى لّى أعناق الحقائق وهويغلى ويفور
    وزارتان ..وثلاث ائتلافات فى بضع سنين بكى الراووق فيهن ولم يسلم من الرتق كثيراً
    جبهة الهئيات نسق كياناً لم يقاوم لسعة الشمس طويلاً
    خاطرًٌجال برأس البعض ثم مضى مُضىّ الخاطر وثبة لم يحسن التقدير فيها الواثبون .
    ان الطلائع لا تمضى بعيداً عن عيون رعيلها وتمتطى متن الشهاب فقصير ٌ عمر هاتيك النيازك والمذنب والشهاب.
    .
    وإلتقى النقيض مع النقيض لماذا ؟؟؟؟؟
    لم يكن نوفمبر العسكر حلماً للجنود ...
    ولا وحياً يحث القائد الأعلى ليحترم البلاد ويكون مبعوث العناية مثلما فعل الآخرين
    كان نوفمبر حاجزاً مسلحاً إستنجد به المنهزمون ... في معركة المصير الديمقراطي ... ومصير الاستقلال معركة ضارية ذات مراحل كنزل الجحيم .
    * واردفت بالثانية في أغسطس 1955م .
    وانتضى الاستقلال ذاته من كليهما كسيف الله !!
    * ثم جاء الثالثة في يوليو 1956م . حيث أسقطت حكومة الاستقلال ....
    ثم عادت ثم عاودها السقوط ... ممزقاً ستر الغموض ومسفراً عن وجه أقطاب العراك :
    1- انفصلت من الحزب الوطني الاتحادي مجموعة أسمت نفسها " الشعب الديمقراطي " يقودها شقيق مؤسس في حزب الاشقاء !! الرافد الأكبر للاتحاديين !!
    وتمتعت برعاية ومباركة مولانا السيد على الميرغني ساحباً رعايته من "الوطني الاتحادي "
    2- عز على حزب الأمة وهو داعية الاستقلال الأول أن يترك ممارسته لغيره وهو رافع شعاره وله فيه مآرب أخرى !!
    3- التقت شريحة " حزب الشعب " مع حزب الأمة العملاق وكونا اول حكومة للسيدين برئاسة الاميرالاى عبد الله بك خليل -رحمه الله -
    خمسون عاماً وتزيد لم يطف يوماً بوهم الواهمين أن يلتقى هذا النقيض مع النقيض فهو تضاد موضوعي .
    قبل فتح الخرطوم على يد الأمام المهدي عام 1885م ولكنهما التقيا .
    لم تعلل الشريحة المنشقة بأسم "حزب الشعب " انسلاخها من " الوطني الاتحادي " ...
    لا لأنها تجهل ضرورة الانسلاخ ودوافعه ولكن لأنها تعجز عن الافصاح ولا تستطيع !!
    فهي لم تزد عن كونها تعمل من أجل الوحدة العربية على مبادئ القومية العربية ...
    ولم يكن أحد في السودان ضد هذا الشعار !!
    كما أن اعلان الاستقلال ليس اعلاناً للحزب ضد هذا التوجه !!
    كما وأن المنسلخين لم يسبقوا انشقاقهم بحوارمع اشقاء عمرهم النضالى والسياسي يبرر أوجه خلاف لاسبيل إلى تسويتها الا بالخروج من قيمتهم التاريخية وإنشاء تنظيم آخر لايحمل أى سمة سياسية مميزة أو اهداف وطنية أو مبادئ تعرضت للاختلال !!
    ولكن حقيقة الواقع الانسلاخي لم يكن ممكناً التصريح بها أو إعلانها جهراً لأن ذلك يكن بمثاية الانتحار .
    من ذا الذي كان يقف أمام هيئة الاستقلال وحيداً ..كورقة سقطت من غصنها فتولاها إعصار فيه نار ورعدٌ وريحٌ صرصر عاتية الا ويصبح كالصريم ؟!
    كما وأن الانسلاخ يتكون من إزدواج مكتوم .. فاذا كان اعلان الاستقلال مظهره الذي ينكره بلا افصاح فله جوهره الباطن . الذي ظل يعاني من الضيق والتبرم .. منذ أن إتضحت معالم الكيان الوطني في الحزب .
    ذلك الكيان الذي رفض التدخل الطائفي في شئون مؤتمر الخريجين وقد اتضحت معالمه الآن وهو يباشر المسئولية الوطنية التي تتنافى مع الانحياز لطائفة أو قبيلة أو فئة ...
    هذا هو الجزء الباكر القديم من الازدواج المكتوم الذي أدى إلى انسلاخ شريحة لاتخلف جرحاً ولا تنزف نجيعاً !!
    فهي قشرة تطايرت من جسم وطني سليم يستبدل من جسده خلايا تموت .
    ولم يكن راعى الحزب الجديد عدواً للاستقلال أو رافضاً له الا بالقدر الذي لايمكن رصيفه راعى الاستقلال . من السيطرة على ادارة الاستقلال حيث يكون الوجود السوداني كله طارداً لاحدى الطائفتين ويعيد التاريخ نفسه مستحضراً أمر الذكريات !!
    وقد حفلت مراشقات الصحف في تلك الآونة ...
    بما يعتبر غسيلاً سياسياً يزيل العوائق الملتصقة بالديمقراطية .. ويحدد احجام الكيانات التي تزحم الوجود السياسي ... ويضع حدوداً قطعية وفاصلة بين مصحوبات الحركة الوطنية التي اشرفت بالضرورة على تحديد المكون الوطني وازالة اللبس وسوء الفهم من عناصره ومسمياته ومرتكزاته ليتلاءم مع الاستقلال معنى وانسان ووطناً ... مما اقتضى بعض التشريح والتوضيح وكان بعضه أليماً وماساً ولكن لا معدى عنه للشفاء القومي كما يغوص الغطاس الماهر المتمرس بمبضعه مستأصلاً جذور العلل التي تعوق النمو السليم وتحجب العقل السليم
    ولم تخل بعض التحليلات من الخلط بين المفاهيم مما أوجد تثاؤباً ... في اليقظة والادراك .
    أنتج حيرة في التشخيص أصاب خطى العلاج بالنعاس وعتم عيون المجاهر الفاحصة فلم تفرق بين منظور الطرق الصوفية ... وإصطلاح الطائفة ...
    لشمول التعريف العفوي لكليهما وتداوله التلقائى زمناً طويلاً ولكن الاصرار على تنقية المجتمع في تلك الفترة الحرجة المتخمة بغلى الاحداث وتداعيات التواجد ... ألزم نفسه بقانون صارم لا يتيح فروجاً لتسللات الغموض أو معممات الابهام التي ترفضها بنية الاستقلال التي تنتقى الانسجة الملائمة والمتجانسة مع هيكلهاالنقي الذي يلزمه أكبر قدرر من القوة وأعظم قدر من الطاقة لاداء دوره المرتقب ومجابهة المشاكل التي تحيط به الآن ومايعترض طريقه في المستقبل .


    في البـدء كـانت الطـرق الصوفيـة

    ومثلما كان في البدء الكلمة ...
    كان في البدء الطرق الصوفية ....
    لافي السودان فحسب ... ولكن في خلايا المجتمع الاسلامي في جميع انحاء العالم ...
    وهي التي إستأنست الانسان بالاسلام وزودته بالغذاء الروحي من وجبات القرآن والاذكار
    وأثارت فيه الاشواق للذات المحمدية بالامداح ...
    وامتصت منه عصبيات العنصر وعنجهية العرق ...
    حتى تمازجت القبائل في أحضانها الروحية وشكلت بذلك لبنة أساسية في البناء القومي لم يكن مستطاعاً في غير ساحاتها العامرة بالحب والمفعمة بالوداد فصاروا كما كانت صفاء ولاماء ... ونور ولا نار ... وروح ولا جسم ...
    هذا هو عالم الارواح ... وآفاق التسامي
    والخطى المتصاعدة دوماً حيث لا جبريل يخطو ولا يسمع أذناه النداء .. يقابل عالم الارواح في الصياغة الالهية للانسان عالم الاشباح ماء ونار وجسم ... عناصر الانتاج مشروعها البناء والاعمار وطريقتها السياسية والاقتصاد ..
    والمجتمع في محسوساته عالمين في واحد ...
    ولكن لكل شرعة منهاجا الخلط بينهما موصل والجمع بينهما مستحيل لكل رجالها ودولتها ومواقتها والله اعلم ...
    * أما الطائفة في الاصطلاح المحلى ...
    فهي ظاهرة وافدة غير حقيقية . لاتدل على أى معنى ذى أثر واقعي كأثر الطائفة في لبنان مثلاً أو كالطائفة في الهند .
    " طوف من الناس له منحى في معتقده يميزه عن الآخرين ويعزله عنهم في خاصة سلوكه العام يمارسه سياسياً واجتماعياً ... يهاجم بأسمه ويدافع عنه حتى يموت "
    فاندياح مسمى الطوائف الدينية على الطرق الصوفية اصطلاح خاطئ لايدل عليها تماماً ولا ينعتها مطابقة .وقد علق هذا المسمى الخاطئ بفئتين في السودان ويجد السودانيون في ظلالها راحة وروحاً واطمئنان :-
    1- يطلقونه فيما يطلقون على كيان الانصار وفي حين أن ماثورات " الأمام عبد الرحمن المهدى " أمام الانصار قوله الخالد " لاشيع ولا طوائف ولا احزاب ديننا الاسلام ... ووطننا السودان " ..
    2- ثانية الاطلاق الخاطى على الطريقة الختمية ولم يقل بذلك مؤسسها في السودان السيد محمد عثمان الميرغني الختم ... مؤسس الطريقة الذي زخرت مؤلفاته العديدة بما أثرى العالم الصوفي بحصيلة وافرة من المعارف والعلوم ... من تفسير القرآن وعلم التوحيد والفقه .. والسيرة النبوية وراتب الأسس التربوية في الاذكار والسلوك الصوفي ....
    متواكياً مع الطرق الصوفية سابقة الوجود في السودان كالادريسية والقادرية والسمانية والشاذلية والاحمدية والتجانية والرفاعية والعزمية .
    وما تفرع من منابعها من روافد الاجتهاد الصوفي ... وأمزجة المشارب الروحية والسياحات المختلفة في علم الباطن والاسرار الكونية التي تعمر الوجود الاثيري في ماوراء الطبيعة ..
    * استهلت أول حلقاتها في مارس 1954م.
    ولم ينسحب تعريف الطائفة على أى من هذه الطرق الصوفية المهيبة ولم يتنزل تساميها من سماوات الارواح وتربية الاعلاء والشفافية في النفوس والقلوب .
    وظلت مثابة للخير ... وراحة للضمائر ... وينابيع للحب ... ومصابيح للهدى .. ومجاميع للمهابة والاحترام والتوقير ...
    وواحات خضر يأوى إليها الناس فينعمون بظلها ... وزلالها وقطوفها ... فتستروح أرواحهم من عناء الهجير الحياتي ويغسلون أدرانهم ويزلون رانهم ... ويعودون إلى ممارسة الحياة وهم أكثر خفة واعمق إلفة وأقرب اداءاً لعمل الصالحات
    فأن تسنت لنا هذه القطرة من ذاك الخضم اللامتناهي واننا من المستروحين الذين يفشون الواحات لماماً وتشغلهم تصاريف الحياة الدنيا وعجزنا عن درك الادراك ادراك يمكننا بأن نعرف الطائفة بين ظهرانينا في حياتنا الدنيا وما تقتضيه ضرورات الأشباح في وعيها وتطورها الانساني في ظاهر حياتها الدنيا أما الباقيات الصالحات التي هي خير عند ربك وأبقى ...
    فذلك عالم آخر تقصر دون مبلغه .. قوانا ..!!
    فلو هدأ التأمل من الانفعال وتحلى بحيدة النظر المجرد سليماً من علل الاعراض والاطماع لوضحت الرؤيا أمامه مستبينة المعالم ومحددة الابعاد ناطقة بصوت الحق قائلة :-
    " إن مايسمى بالطائفة هو محاولة عقيمة لاستبطان التصوف وافراغه حقيقة من معناه والانحراف به إلى غير مقاصده وغاياته واستعماله أداة سياسية "
    وحتمية العقيم في هذه المحاولة ناتج من هيكليتها المصوغة صياغة نظرية تآمرية مركبة من عدة جرائم كل واحده منهل مضره ومضيره ومناقضه لحقوق الانسان ومهينة لكرامته الانسانية وتلحق أذى بليغا بجوهر التصوف وتلصق بالتصوف ظلماً ..
    صفات الدجل والشعوذة والكهنتة والضلال والتضليل فضلاً عما تثيره من حروب بين المتطرق ونفسه في فجأته المفاجاة ....
    وبين كله ويد تحاول قلع جذوره وغرسها في تربة غريبة وحرب بين طبيعة العمل السياسي الصاخب المتقلب وبين التوكل الصوفي الهادئ المستيقن وبكل هذا ...
    يمتد بعد من العماء يفقأ بصائر العمل الوطنى ويحيله ضريراً متخبطاً !!!
    ولكن حصانة السودان جاءت من ارتفاع منسوب التوازن النفسي ودقة التمييز بين الوجود والوجدان ...
    فلم ينفصم بين هدأته الروحية في رحاب التصوف وبين عناءه في صناعة حياته التي هو ادرى بشئون دنياها وأتاحت له هذه المناعة العقلية حرية الاختيار وحرية الانتماء .
    فلم يتعرض كثيراً لاهتزازات العراك بين الروح والنفس والعقل فظل يزرع بساتين الغيب بثمار الايمان ويزرع حقول الارض ببذور الطعام ويجلى من كليهما سعادته التي لم يكدرها خلط العذب الزلال بالملح والاجاج ضرورته ووضعه دون اخلال يكدر صفوة تنسيق الحياة ... روح الحياة وجسمها ونهاها وطعومها ...


    الأنصـار … أنصـار الديـن

    أنصار الدين هم جمهرة من اتم البيعة لله ورسوله على يد " الأمام محمد احمد المهدي " وبذلوا نفوسهم ونفيسهم في شأن الله ةوإتخذوا الجهاد مبدأ والاستشهاد وسيلة والقتال أسلوباً لتصحيح مسار الدين وحرية المواطنين فأتا بهم الله فتح الخرطوم واعادة الاستقلال مجمع ثالوث المطالب الانسانية ...
    حيث لبى الثورة المهدية أهل العقيدة وعشاق الحرية وطلاب الاستقلال ...
    فانتصرت بقوة ايمانها هزمت أعتى الجيوش وأمضى الاسلحة في ذلك الزمان ... وتسارع الناس كلهم في الاستجابة للثورة وطاروا إليها زرافاتٍ ووحدانا رجالاً وعلى كل ضامرٍ يطبقون آفاق السموات والأرض بشعار الثورة ...
    " الله أكبر ولله الحمد "
    ويرددون أهازيج النضال بعصماوات الاناشيد
    الحرب صبر واللقاء وثبات والموت في شأن الاله حياة .
    وعند انتصار الدعوة بثورتها .. وبلوغ اهدافها وغايتها ...
    إستشهد باعثها وقائد نصرها ورمز معناها ... الأمام " محمد احمد المهدي "
    ولم يمضي على الفتح الا ستة اشهر حيث قامت الدولة المهدية بعده بقيادة الخليفة عبد الله التعايشي " الذي ادارها ثلاثة عشر عاماً
    رغم تربصات الخارج ... وردود فعل الداخل !!
    مما يحدق بدولة ناشئة في أخريات القرن التاسع عشر قرن الهياج الاستعماري...
    واقتدار القوى المستهينة بضعاف العالم ومتخلفيه .. ولم تكن الدولة المهدية المحاطة بسوار خانق من المستعمرات الاستيطانية ماعدا فرجة الحبشه المحتجزة بالصوماليات لم تكن تمثل حرية فحسب ... ولا الاستقلال فحسب .
    ولكنها كانت تمثل بالاضافة إلى المواطن واستقلالية القرار عقيدة ذات مضاء يتجاوب مع أصداءها ملايين البشر في الجوار والملة الاسلامية عموماً . خطر على الاستعمار يغري الجوار بالتحرر ويولعه بالاستقلال وينعش أمة الاسلام في كل مكان في العالم وفي اعماقها يعيش الانتظار الطويل ...
    انتظار المهدي ... انتظار المجدد ... انتظار المجتهد الموعود ليملأ الأرض كلها عدلاً بعد أن ملئت جوراً وكل هذا أخوف مايخشاه الاستعمار واسرع ما يوقظ في ذاكرته صور الماضى التليد ... الامبراطورية الاسلامية وهي تشرق من جبال " البرانس " و" صلاح الدين "
    والقدس الميعاد !!
    " إن هذا الروح لايعرف موتاً فهو يبتاع خلوداُ من ميادين الممات " !!
    ليس معنى موت رجل اوروبا المريض في الاستانة هو موت لما كانت تمثله الخلافة العثمانية وها هو ينبعث من مكان أكثر حساسية وأسرع استجابة ويشكل بديلاً فتياً لما اعترته الشيخوخة في ضفاف " الدردنيل "
    وفي موقعة " كرري " ... الفاصلة
    قضى السلاح المتطور على الانسان ولم يقضي على الايمان ...
    وخجلت النيران من شجاعة الشجعان
    وسالت أودية بقدرها من نزيف عشرين ألفاً تروى الأرض بما يشبعها إلى الابد ... بالحرية والاستقلال والعقيدة ... ماتت الدولة ولم تمت الدعوة ...
    فظل الاستعمار يتوجس منها خيفة طول مكثه في أرضها وخرج منها وهو خائف يترقب وصدق الأمام عبد الرحمن المهدي ... فما كان لهذا التراث أن يضمه حزب ... وما كان لدعوة الجموع أن تشملها طائفة وماكان لها أن تستاثر بها قبيلة أو تختص بها أسرة أو يرثها بيت أو تتمذهب لها شيعة دون الناس أجمعين .
    فالخلافة الأولى نافية لقواعد الارث ... منزهة الدعوة عن حياة الميراث ومفرزات الصراع بين الخلافة والاشراف ونتائجه تؤصل ماهية التراث ... وقادتها ومجاهدوها وشهداؤها
    بين الجبلين جبل " ماسة " وجبل " سرغام " بكرري في كل ملاحم نضالها ومواقع انتصارها شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً ...كلها آيات دالة على أن الثورة المهدية تراث للسودان وطناً وللسودانيين حرية واستقلالاً وتاريخاً .
    وما اعترى الدولة المهدية مما يحسب عليها من ردود الافعال والافعال الداخلية والخارجية مما ينطلى على أى دولة ناشئة في ذلك الزمان من ذلك القرن ... لاينتقص من جوهر الدعوة ولا يقلل من قيمة الثورة المهدية فهي ثورة السودان كله ...
    ومفجرها صوفي عبقري مزج بين التوكل والجهاد فحقق معجزة ادارت رأس العالم أجمع وأربكت تفكيره . وأرسى بناء الاستقلال الثاني ...
    على قواعد الاستقلال الأول في دولة سنار الفيدرالية وأسس مركزية قوية في " بقعة امدرمان " المباركة وطهر البلاد من رجس الاستعمار التركي المختلط .
    وكان الأمام الشهيد ...
    مثلاً للفقه والزهد والورع والتقوى جمع بين الحقيقة والشريعة ...
    غاص في بحور التصوف حتى وهبت له قدرة التوفيق بين التوكل على الله في السلوك الصوفي وبين الجهاد في سبيل الله . على سلوك انصار الدين فتمازجا في قلبه واصطفيا للامامة ... برع في القيادة والتخطيط الحربي ونبع من فيض علمه بحر من الاعلام والاتصال . تفرعت منه سيول غامرة ...
    فطفت كل الانحاء بمنشورات متتابعة سرعان ماتجد الاستجابة والترحيب والقبول .برزت قوته في استراتيجية الموقع والاشخاص والقوات ونجح في حركات التكتيك المنسجم مع الاستراتيجية ..
    كما تجلى ذلك في فاتحة المعارك في " الجزيرة ابا " قبل الهجرة وفي موقعة " شيكان " وفي حصار " الخرطوم " حتى سقوطها .
    وبعد نظره في أحداث الثورة العرابية
    وحرصه على الابقاء على حياة " غردون " ليفادى به " احمد عرابي " .
    خمس أعوام هزم فيهن امبراطورية الشمس الدائمة وخلافة الاستانه وخديوية مصر التركية كان يرتدى الجبة المرقعة ... ويتمنطق بالكرابه ... ويقضى ليله في الصلاة تالياً أو ساجداً يتعبد .
    كان مركزاً للاستقطاب الجاذب بالحب ... الآمر بالطاعة ... المنتصر بسيف العود .
    كان آخر مناظر الانطباع في ذهن الأمام عبد الرحمن المهدي وهو يغادر " بالشكابة " ثاني خلفاء المهدي وقائد ثورة الاشراف التصحيحية ... منظر بيوت القرية وهي تحترق واهلها يسقطون صرعى بهجمة مفاجئة من كتيبة بريطانية .. حرصت على ابادة الحياة والاحياء لكى لاتترك للانصار فرصة التجمع حول " الخليفة شريف "
    كان الأمام عبد الرحمن في سن الطفولة .. ولكن مجزرة الشكابة انطبقت في ذاكرته بعمق الأثر الذي لايمحى ... النار والدمار والابادة ... وصفوف الشهداء مقبلين لا يعرفون الادبار ... تتهاوى صفوفهم وهم يطاردون الموت المذعور وهو يستتر خلف ستار كثيف من مدافع " مكسيم " الحاصدة !!
    وكان لله في هذه المواقع اعلان شانه ... واجلال جلاله من جموع الانصار والعزل تحترق أجسامهم ولايحترق إيمانهم .... ويقرضون الله قرضا حسناً يضاعفه لهم كوعده الحق بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون ...
    وكان للامام عبد الرحمن أيضاً نصيب من الشأن من هذا الموقع .. ومن هذا الانطباع شأن يكبر معه وهو يدرج في مراحل صباه وشبابه ... شأن ينمو ويتضح في داخل قلبه وذاكرته ذات القوة التي كانت تكسوه مهابة مهيبة .. وهيبة آسره .. وشخصية مؤثرة وصبراً جميلاً تغالبه الابتسامة الودوده التي يستقبل بها كل الناس ويودعهم بها ...
    كان مرآه كوناً تتلاقح فيه أحداث الماضي واوضاع الحاضر وأماني المستقبل .
    كان يمشي وخطوه كهصورٍ ذى لبد !!
    يطأ الثرى مترفقاً وكأنه ركب من الفرسان .
    أو جحفل من فيالق التاريخ وأساريره المطمئنة المطمئنة
    لاتفصح عن عظيم المسئوليات التي يحملها في جلد !!
    لا يضيق به ... ولا ينوء تحت ثقله ..
    مسئولية الاسرة ومسئولية الدعوة ومسئولية الدولة ومسئولية الاحتلال ...
    عظائم ذات اثقال ... تميد بحملها أهل العزائم حمل الأمام عبد الرحمن بعزمه .
    مجموعة أكبر من من الحزب ، واوسع من الطائفة ... مثل سيرته العامرة وشخصيته الآسرة التي هي أكبر من كل شئ ...
    وعندما اقتضت الحركة الوطنية قيام الاحزاب ونشأ حزب الأمة داعياً " السودان للسودانيين " كانت قيادته من الاستقلاليين بمختلف أنواعهم وليس غريباً أن يحظى برعاية الانصار ودعمهم فممن أخذ الاستقلال ... ؟
    وليس غريباً ان ينعم برضى الأمام عبد الرحمن وغبطته فهو يخفف عنه حمل إثنين من مسئوليات أربع ظل يحملها بجدارة الاقوياء الواثقين ... نصف قرن من زمان الحاسبين .. مسئولية الدولة .... ومسئولية الاحتلال !!!
    واحتفظ الأمام بمسئولية الدعوة التي صار رمزاً لها بما بذله ومالاقاه وما صبر عليه وسار أبناؤه الائمة من بعده الأمام الصديق والأمام الهادي على منوال ما اختطه الراحل العظيم الأمام عبد الرحمن .... وسار حزب الأمة يدار بقيادة سياسية يمارس الديمقراطية بمقتضى ما تسفر عنه اقتراعاتها يأتلف حيناً ويختلف حيناُ ويعارض أحياناً .
    وظل الارتباط بينه وبين الانصار حميماً وقوياً برابطة الاستقلال وهو أحد مرتكزات دعوتهم وثورة إمامهم ...ويحفظ التاريخ بالتجلة والفخار للأمام الصديق موقفه الرافض للانقلاب 17نوفمبر 1958م ...
    وقيادته " للجبهة الوطنية المتحدة " حتى لقى ربه راضياً مرضيا ...
    ثم حمل الراية من بعده الأمام الهادى ... متوليا شرف قيادته الجبهة الوطنية .
    حتى ثورة اكتوبر ثم خلى السياسة للسياسين في الحزب فادارها محمد احمد محجوب بوافر الحنكة وعظيم الاقتدار ...
    وعندما دهم البلاد الوباء المايوي كان الأمام الهادي في ذات البقعة المباركة من جزيرة التاريخ " أبا " .وهي تعود للأبصار والاسماع مجدداً كمثابة الثورة ومنطلق للتعبير ... تضرب فيها مواعيد القدر ويأوى إليها الثوار من كل حدب وصوب واتخذ الأمام الهادي مقعده كدوحة الخلد يستظل بظلها البررة من أحفاد الشهداء تتعاقب على انوفهم الشم الوان ريح النزيف ... الذي لازال ندياً ومعطراً يهب من سفح كرري وأصقاع الثغور .
    وتأسست " الجبهة الوطنية الثانية " برئاسة الأمام الهادي ...
    آخذه بطبيعة البيئة ... وثورية المقر …وروح التاريخ ...
    حيث أعلن الأمام " الجهاد المسلح رائداً للمقاومة الشعبية " ..
    وافتتح الامام رحاب الاستشهاد بنفسه ليكون معلماً ومعلماً للصدق والاخلاص والتضحية واستن الهجرة موصيا بها للاعداد العودة الحميدة ووضع بذلك والى الابد المقاييس الفاصلة بين الرجال واشباه الرجال .....
    وحدد الى الابد الفروق الشاسعة بين شرف الافعال وسقط المقال ... وعبثية الافتعال .
    ولازال هذا القانون الصارم فارضاً " نوعية " القبل من عمر الزمان ...
    وهكذا يتنزل الائمة من عالم الروح إلى دنيا الحياة كم لما ألمت بأمتهم داهية ... أو أصابت بلادهم مصيبة يشاركون مواطنيهم دفع الاذى ... واقصا البلوى ثم يعودون إلى عليائهم ... أو شهداء عند ربهم .. تاركين دنيا السياسة للسياسين ليهندسوا تصاريف الحياة مع رصائفهم من الاحزاب والجماعات .
    معالم لا يحيد الحق عنها ... ولا يمضى بغير منارها أبداً سبيل ...
    ترك آخر الأئمة مرتقى صعباً .. وقمة منيعة للامامة ... في الدولة والقيادة وفي الجهاد ...
    كأنما يُحصنها بعد استشهاده لتكن العزائم على قدر عزمها ولتكن التضحية على قدر رسوخها ..
    " و تكن أمة عندما تلم الملمات بالأمم .
    وتكن شعباً عندما يحار الافراد وتخبط الهمم .
    وتكن روحاُ عندما يصبح الأحياء كالرمم .
    وتكن مثالاً ساطعاً عندما تحدق بالناس الظلم .
    وتكن عفة عندما تهتك الاخلاق والقيم "
    هذه مواقف التاريخ العصيبة الصعبة التى تقتضى ضرورة الجمع لها والتجمع لصرعها بمقاييس الوحدة الوطنية وليس من مفرداتها ما يسمى طائفه ولا وجود لها فى النسيج السودانى .
    وسيظل أنصــــار الدين بخير
    طالما أن الدين الحــــق بخير
    وطالما ان الاســـتقلال بخير
    وستظل الأحزاب السياسية بخير
    طالما اشتملت بالكيان السودانى الذى لحمته القبائل وسداه الطرق الصوفية الحقيقية وحافظت على تطوير قوامه بالتعمق فى فهمه والإدراك الواعى لمكوناته ومكنوناته وطاقاته ..لكى لاتمزقه فتصبح عارية ولكى لا تفقده فتصبح كحصاد الهشيم .
    إن إلصاق تهمة الطائفية ببعض الأحزاب السياسية
    قذيفة صوتية يطلقها أعداء الديمقراطية والتعددية….
    على شاكلة القذيفة الصوتية التى يطلقها من يزعمون أن العلم مناقض للدين وان العلمانية كفر بالأيمان .وأن الحضارة رجس من عمل الشيطان .
    ولم تعد قذائف الصوت والدخان .. يخيفان الأنسان فى السودان ولا غير السودان فهو يبتلى بصواريخ الأضواء الملونة ويتخذ من أشكالها مهرجاناًسماوياً فى أعياده الوطنية ومناسباته الدينية وعلى الأحزاب كلها أن ترتقى إلى حيث الإنسان متجاوزةًالفوال العسكرية والمدنية التى ذهبت به بعيداً وقذفت بها أبعد منه فأخذت تزحف بما تبقى لها من قوةِ الإندفاع القديم وتبتلع لقيماتٍ بقين من زادها العتيق وتجتر خليطاً من أمجادها التاريخية!
                  

03-13-2007, 06:02 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    أكتوبر الرياح الديمقراطية تهب

    وعودٌ بعد هذا السياق التعريفى الى حكومات الإئتلاف بعد اكتوبر ..والديمقراطية تسرح طرفها فى ماضى عمرها وما إكتنف نشاتها من صعاب.. وما تراكم أمام طريقها من عقبات وتقلب ناظريها فيما بين يديها من حكومات الإئتلاف بعد أكتوبر وما لازم عمرها من القِصر وما كان يعترى قِصره من القلق والتسرع والتحول من جانبٍ إلى جانب.
    فيصبح النائب على غير ما بات عليه .ويمسى إئتلاف فى الحكومة .. ليصبح فى المعارضة ويموت جانبٌ من تآلفٍ لحياً كان بالأمس ميتاً
    إنه غلى المراجل الديمقراطى لإذابة الشوائب والمستنفذات بينها ثبجٌ من سد نوفمبر يمتطى شوكاً يخالطه شئٌ من الحسكِ القليل …. وتدور النار فى هذا المزيج لا تشتفى إلا بنيل الإنصهار وبلوغ الأوج فى هام الإذابة
    ويهز الكون عنف الإنفلاق وهديرٌ كالصواعق .. مؤذنٌ بالأنشطار
    ويكاد المرجل المختوم فى الأفق يطير ثم يهدأ ويتداعى فى سكون..
    واللهيب العارم المخضوب ينداح رويداً ثم يخبو فى إئتاد.
    لحظة الميلاد وافت وإرتدى المرجلُ ثوباً
    مثل قطرات الندى يتجمعن كالحُلة برداً وسلاما
    وتسارعت الجماهير تفض اختام المفاعل
    فألتقت في قلبه الطاهر فجراً مشرق البسمة يرنو فوق مهد من ضياء .
    ما إسم هذا القادم الموعود بعد الانتظار ؟!
    وهو مولود من الرحم الطهور ... طهرته النار في قلب المفاعل ... فأستوى روحاً إلهياً ونورا
    أترى كان المفاعل قلب هذا الشعب ينبض بين جدران الوطن ؟!
    هل كانت النيران قدرة والجماهير ارادة ... وانبثاق الفجر .. احلام السنين ؟!
    اذن فليكن اعلان مولده ...
    محافل تحتوى كل البلاد ...
    عند جمع الناس يوم الزينة الكبرى غداة الانتخابات !!
    الطـمأنينة الديمقـراطية تصـنع الاستقـرار

    إستشعرت الديمقراطية نوعاً من الراحة وسعة الصدر وأسبغ عليها شعور من الطمأنينة لم تضق بهدير المراجل ولم ترتعب من هزيم الرعود .. وتعلمت مؤمنة أن هذه طبيعة تكوينها ... أن عليها أن تكون ميداناً رحباً للمساجلة لا يضيق بشاغليها ... فضلاً عن أنها الحكم الذي ترجى حكومته وأنها الفصل وإن نابوا وإن غدروا ...
    وزادها الاحساس الغامر بالهدوء والسكينة فضمت إلى عمرها سنى سجنها لتقلل من فاصل الفراق ولتستوعب في عذابه عذوبة الصبر عليه ... ولتتخذ من الانتصار عليه معلماً ثابتاً يدل على معالم الطريق ومؤشراته في المفترقات ومصابيحه في ظلمات الانفاق .. وهداه في المنعرجات والمطبات ...وآمنت في يقين أن هذه طبيعة تكوينها المرحلي وصولاً إلى نقاء الممارسة ...
    ومر عيد الاستقلال الثاني عشر ... وحكومة الائتلاف الثالثة برئاسة المحجوب الثانية يقتضيها الأمر الرجوع إلى صاحب الأمر ليقول كلمته فيما دار ويدور منذ اكتوبر وما قبله .. واجريت الانتخابات الثالثة في جو مشبع بالتوقعات ... مزحوم بالاحتمالات بما يؤكد أن معركة فاصلة ليس من طبيعة أعتراكها هدنه ولاتوقف بل مضى محتوم إلى الصدر أو القبر
    واستبسال مستميت إلى النصر أو الهزيمة ... أحرقت فيها فيها خطوط التواصل التي تؤدى إلى انصاف الحلول المؤقته والتنازلات المميتة والائتلافات النيئة التي تلتصق لتسقط وتحيا لتموت ... غامرت فيها الاطراف كلها بآخر ماتملك من عدة وعتاد وهي تدرك أن هذا هو آخر السهام في جعبتها وآخر مستملكاتها بل وانفاسها وحياتها ... وتنزل الحكم برمته إلى الشعب ... صاحب السلطات الذي إذا حكم فقد بطل كل جدل وجلست الديمقراطية في علياءها وهي تحضن وليدها الفجر مخبوءةة في قلوب المواطنيين ومتدثرةُ بشغافهم وهي تتغنى في حبور :
    " أيها المدثر ... قم فانذر ... وربك فكبر ... وثيابك فطهر والرجز فاهجر ... ولاتمنن تستكثر ... ولربك فاصبر .. فاذا نقر في الناقور ... فذلك يومٌ عسير "
    وصدق الله العظيم ...
    ثم أعطيت أشارة البدء ... فاندفع إلى ميدان الاقتراع أفراس الرهان تحمل في ظهورها اثنين وعشرين حزباً وتكتلاً قبلياً جهويا !! تحرّق بعضها لاتفاقات خفيفة وانحاز بعضها لبعض على عجل .. وهو في ساحة الوغى…
    وصاحب السلطة .. سيد الميدان .. يبرم أمراً .. يديره في صمت ... وينفذه في هدوء وهو لايلقي بالاً للضجيج والعجيج ولايأبه لصرعى على الهوامش ولا مصارع الادعاء ...
    فهو منوط بقرار نابع من ذاته بعد أن تعاقبت عليه صور القرارات من ذوات الآخرين ...
    وانجلى في الصبح نقع المعركة ... اسفر الميدان عن عشر جثث
    كل جثمان تسمى بأسم حزب .. او تكتل .. " مات مشنوقاً بحبل الادعاء !!
    غاله الزيف ولم ينل شرف اللقاء ...
    وصار ممحوقاً يعيد الانصهار "
    ووقفت في الساحة ست أحزاب ومستقلون وتكتليين قبليين ....
    كل حزب قر في صندوق الإقتراع …
    هاهنا الاحجام والاوزان والتعويض من رب القرار إنه يوم البداية والنهاية ..
    نهاية مشوار طويل وعصيب ... انقضى بين هجوم ودفاع هجوم على الاستقلال من عدة جبهات في الداخل والخارج وما حولهما ... زخات مهمولة من محاولات إسقاطه وافشاله والقضاء عليه .. وبداية لمسيرة أطول وأشق وأصعب ل أنها السير بالأمة جمعاء .
    توحيدها .. وتبيان اهدافها و أسلوب تواصلها ووصولها ... ثم لف الصمت أجواء المدينة وأحتوى القطر هدوء وسكون ووقار . أنه موعد اعلان النتيجة !!لم يعد يسمع غير خفقات القلوب .. قلوب إحدى عشر مليوناً من السكان منهم ثلاث ملايين مسجلون للتصويت .. منهم مليون وثمانمائة ثلاث وسبعون ناخباً لمائتين وثمانية عشر دائرة إنتخابية
    تشخص الابصار في الساعة ثم ترنو نحو تلفاز المدينة والقرى تختار وضع القرفصاء متحلقات حول المذياع وللنساء مقاعد للسمع ... فقد أبلين ... كن نصف اعداد المصوتين من الرجال !! ويدوم الصمت حتى يشفه نداء من الارسال .... طال إنتظاره " هنا ام درمان "
    ثم يتولى اعلان النتائج ... تباعاً ..بلحونٍ يتموسق المذيع في ابرازها ....
    ثلاثية المقاطع .. " الدائرة .. الفائز ... الحزب "
    ويعمد المستمعون إلى أوراق بيض سطروها فيسجلون ويقارنون مع توقعاتهم فيثور الحماس أو يطبق الصمت ....يفرح البعض ... ويحزن البعض ... يفرح البعض إلى درجة الصياح والتصفيق والزغاريد . وييأس البعض إلى درجة الخروج من دائرة السماع وينتبذ مكاناً قصيا راهن على حصان خاسر يمتطيهآخر الفرسان .
    ويتكامل اعلان النتائج ...وتتضح الرؤيا تماماً ويلوح في الافق مدى الائتلاف الجديد أو الحكم المنفرد ... ويتهيأ الناجحون لطواف الشكر لمن دعمهم ويعلنون أنهم ينوبون عن أهل الدائرة جميعاً ثم يتوافدون الى العاصمة .
    وبحسبان النتائج النهائية وتبويبها وتنويعها وضح طرح المراجل في جلاء الكونات السياسية والتنظيمات المختلفة ... فقد ثبتت الثوابت في لهيب الاختبار واستبانت أحجامها ...
    وتاكد رسوخها وأصالة معدنها ..
    وتراوحت أحجام غيرها بين المتوسط والصغير والأصغر مما يوحى بمرحلة من التذويب الهادئ خلال الممارسة الديمقراطية . بما لها من قدرة الحوار ..وتقريب وجهات النظر المشروعة وبادت مع السنة اللهيب ... تماثيل الشمع .. وهياكل الفخار ... وبالونات الاختبار ...!! وعاد الخريجون إلى ذويهم .. بعد أن تأكد لهم أن التحليق لايكون إلا بالانطلاق من “ قاعدة الأهل " ودفعهم !!
    وأوغل الانشقاق في حزب الأمة محدثاً أثراُ تاريخياُ في ذلك الكيان الموحد الصلب لم يكن يخطر على بال أحد من الساسة والمراقبين .
    ورجع مولانا الشيخ " على عبد الرحمن " إلى رعيله القديم
    فقد ثبت الاستقلال . وأخفقت حكومة السيدين . وأطيح بالجدار العسكري .
    وفشلت محاولة انشاء حزب بلا مقومات . وتبين أن حجم الاعتماد الشعبي على القيام بهذه المغامرة لايفى بالغرض . ولاذ العائدون ... والمستقبلون بكرامة الصمت حفاظاُ على ماء الوجوه .. واحتراماً لزمالة الأشقاء !!
    * وتخلّق الحزب الوطني الاتحادي.. في مرحلة المسمى الجديد " الاتحادي الديمقراطي " وتحلى جوهره الفرد ببريق الأصالة وثبلت القيمة والقدرة على التفاعل والانفعال .. وادراك النتائج قبل خوض الخائضين .* وأقبلت الديمقراطية ... تحصى نتائج عمرها وسجنها وصراعها ومراجلها ... لتعد من منظومها ضرورات المراحل المقبلة مسلحة بكل ما مرّ بها من تجارب وما استفادته من خبرات ... وتنظر في حنو إلى الاحزاب الست والكيانات الأخرى كلهم أبناؤها بعضهم قاصدٌ للخيرات وبعضهم مقتصدٌ وبعضهم مغاضبٌ أوناشزٌ إلتقمه المرجل فنبذ بالعراء وهو مليم .
    ستلقى عليه ظلاً من رعايتها ... حتى يثوب إلى الرشد كما ثاب إلى الرشد قبله عائدون ... وسلطت مجهرها تفحص العقد المنظوم بحباته متعددة الالوان والاوزان والقيم ...
    جاء بها الشعب كأعلان إرادة .. ونثرها بين يديها لتصنع منها عقده الاجتماعي ..
    وتقيم بها المحراب الديمقراطي الذي يضم الشعب قصداً بلا عوائق وهدفاً بلا عراقيل .
    * كان في المحراب بعد الانتخابات من إنتدابات الدوائر :-
    الحزب الاتحادي الديمقراطي 101
    حزب الأمة جناح الأمام الهادى 38
    حزب الأمة جناح الصادق 34
    حزب سانو 15
    مستقلون 10
    جبهة الميثاق الاسلامي 03
    حزب جبهة الجنوب 10
    مؤتمر البجه 03
    اتحاد جبال النوبة 02
    قوى العاملين 01
    حزب النيل 01
    ـــ
    المجموع 218

    تصدر الحزب الاتحادي الديمقراطي أغلبية المقاعد ولكنها أغلبية لا تمكنه من إقامة الحكم منفرداً وحزب الأمة حزبين ... ولايستطيع أى منهم كذلك . وتتسع المناورة بين مقاعد الاقليات .
    ولكن ضرورة المرحلة وطبيعة التصويت ومكونات حزب الاغلبية كلها تتطلب كياناً موضوعيا يتولى الحكم بثبات ولا يتعرض للتسول طلباً للترجيح الذي لا يستقر !!!
    فضلاً عن أن هذا النوع من الحكم سيكون مستهجناً لدى المرحلة الرهنة ... العامرة بالوعى بالنسبة للكثير من المسئوليات التي توجب الحلول والمشاكل التي تلزم الحسم ...
    لم يعط الشعب السوداني تفويضاً كاملاً لأى من الاحزاب كأنما يضعها أمام امتحان التقارب ومزاولة الحوار تحقيقاً للوحدة الوطنية وضماناً للديمقراطية وتوسيعاً لقاعدة الشورى والمشاركة ...
    كان الوضع كله يحتم العودة للبحث عن إئتلاف جديد وتؤكد هذا نتيجة الانتخابات التي أظهرت بوضوح أنه لايمكن لحزب واحد من احزاب البلاد أن يحرز الاغلبية المطلقة التي تتيح له فرصة الحكم منفرداً مهما بلغت قوة التأثير التي يلقاها والاقبال الذي يقابل به وأن معادلات الاستقرار ومعدلاته..لازالت تتطلب الاسهام والمشاركة من اكثر من حزب واحد .... ثم أن قوة التنظيم والانضباط داخل الاحزاب نفسها لم تكن إلى ماقبل حكومة المحجوب الثانية ، لم تكن بالمستوى الذي يتيح للحزب حياة الوحدة داخله وفي أجهزته .. دعك من أن يدعم إئتلاف من آخر...
    بل إن التيارات المتناقضة نشأت داخل الاحزاب الكبيرة وفي مستوى قياداتها قبل الاستقلال ... بل إن بذور الخلاف غرست منذ قيام مؤتمر الخرجين ولكنها كانت بطيئة النمو فتأخر إنباتها لعدم ملاءمتها للمناخ العام الغالب ...
    فأخذت تظهر وتختفي تبعاُ لتقلبات الطقس السياسي وبعد تكوين الاحزاب .. كانت مظاهر التناقض .. تربك اداء الأجهزة وتعرقل سيرها ....
    وأعلن أول انقسام في الوطنى الاتحادي بعد اجراء إنتخابات 1953 م في اول سنة 1955م بخروج ثلاث وزراء قياديين ينتمون اصلاً إلى الطريقة " الختمية " وكوّنوا حزب " الاستقلال الجمهوري " وأيدهم في ذلك السيد على الميرغني ببيان نشر في صحيفة " صوت السودان " .
    ثم أردف هذا التناقض بأنفصال " حزب الشعب الديمقراطي " بعد الاستقلال بستة أشهر في شهر يونيو من عام الاستقلال حيث كوّن ثاني الائتلاف في يوليو سنة 1956م حزب الأمة برئاسة السيد عبد الله خليل في حكومة " السيدين " التي إستمرت مبعثرة حتى أسلمت نفسها إلى انقلاب نوفمبر 1958م .
    ثم تصاعد الخلاف داخل حزب الأمة اكتوبر ونما حتى أدى إلى الانقسام لجناحين ظلا يتناوبان الائتلاف مع الوطنى الاتحادي إلى أن أجريت الانتخابات في فبرير 1968م .
    وكانت فصائل الانقسامات تسارع دائماً إلى الدخول في إئتلاف مع أى قوة متاحة حتى لو كانت تختلف معها في المبادئ أو الاهداف أو طبيعة التكوين .. ثم لاتحقق نجاحاً ...
    لأن غرضها من الائتلاف هو إخفاء حجمها الحقيقي الذي لايمكنها من الاعتماد على نفسها وعدم قدرتها على الافصاح عن أى سبب وجيه أو مقبول أو خلاف موضوعي يجبرها على إنقسامها أو بالاحرى تفتتها وإفتقارها إلى المبرر المقبول ...
    نظراً إلى أنها لاتمثل شيئاً . بقدر ما تنفذ إيحاء يضمن لها الاستمرار في المسرح السياسي بلا ضرورة .
    ودائماً ماتعود شراذم الانقسام بعد إخفاقها ويأسها من تحقيق أقل قدر من اثبات الوجود لتجلس في صمت بين من غادرهم ... وسكتوا على عودتها لحاجة في أنفسهم وليس لها علاقة بالعائدين أنفسهم ... كثيراً ...
    * حدث هذا من حزب الشعب وهو يعود في الاتحادي الديمقراطي !!
    * وحدث في حزب الأمة وهو يوحد كيانه بعد إنشقاقه نصفين !!
    لابد أن يوضع هذا في الاعتبار في هذه الظروف التي تدعوا للائتلاف ولابد أن يقارن كل هذا بتوقعات المرحلة المقبلة بما فيها من مهام جسام :
    الدستور الدائم
    ورئاسة الجمهورية ...
    وقبل ذلك وأهم منه ... ارساء قواعد للاستقرار ... تمكن من انجاز هذه الاساسيات وصانع الاستقرار الوحيد هو الشعب كله ..!!
    وإن حماسه اقباله على التصويت بنسبة 61% من تعداد المسجلين وتوعية المرشحين وتغلغل الخريجين في صفوف الاحزاب بعد عودتهم ... وكثافة القاعدة العمالية ووعيها ...
    وتطلع المزارعين إلى تحسين اوضاعهم ... ومضاعفة أعداد حملة الشهادات المختلفة ...
    كل هذا خلف وجوداً واعياً وحاضراً يعلن عن طبيعة الاستقرار المنشود ، ويوحى بمواصفات الائتلاف القادر على التجاوب مع هذه الارادة والمنقذ لها طبقاً لمواصفاتها النابعة من وضع القاعدة الشعبية الحقيقي ....
    لم يعد الحكم في إختلافه وائتلافه يمارس من عل في معازل الصوامع والابراج العاجية لقد آن له أن يصعد من قواعد الحقول والورش والمصانع والمتاجر .. ومسارح الرعاة ودواوين الادارة لكل هذا ...
    من هنا تصعد فلسفة الحكم ويصعد معها الاستقرار ويتسع وينكمش ... يتمدد ويتقلص ويهدأ وينفجر ... تبعاً لآمانة المندوبين وصدقهم وقدرتهم على انتداب الحكم القادر على هندسة هذه الادارة بمواصفاتها فأن القواعد الشعبية هي التي تصنع الحكم وتوجد الاستقرار أو تطيح بكليهما وليس ذلك عليها بعزيز ...
    فهو يدرك الآن أن هذه هي طبيعة التكوين المرحلى للديمقراطية ... أن يقول فيسمع قوله وأن يريد فتتحقق ارادته ... وأن يأمرر فيطاع ... إنه مصدر السلطات !!
    وعكف المعنيون في محراب الديمقراطية على اجتماع مستمر نثروا فيه كنانة الائتلافات السابقة للانتخابات .. ويراجعون تفاصيل المسيرة الديمقراطية منذ اكتوبر ويستحضرون المواقف في فترة الحكم الذاتي ... ويتأملون جيداً ملامح ماقبل الاستقلال .. واثناءه .. وبعده ..ويغوصون في البحث والتقصى والتحليل والاستنتاج والاستقراء ..
    قلوبهم في القواعد وعقولهم في المسئولية .... وعزائمهم تخشى المزالق والسقوط . من أين يبدأون ؟! وكيف يسيرون ؟!
    وتقضى الليل إلا أقلة .. ليل طويل منذ اشراق الاستقلال ... ومنذ " شهاب الفرحة " في اكتوبر إئتلفت نجوم في السماء الفارغة وفي الهزيع الأخير من الليل ... إستشعر العكوف نسيمات السحر تبشر بالسطوع طلع الفجر على أيدى الجماهير مليئا بالحياة ...
    ولد العلم والادراك في وجدانها .. ثمم صاغته نصوصاً أودعت اوراقها في الاقتراع أصبح الشعب مع الفجر معلماً ... والجماهير دروس وعبر ... وهي بالحق كتاب فيه وعد ووعيد ونذر ...
    من ترى يأخذ ذى الحكمة من فيها ؟!
    ومن يستلم السفر من بين يديها ؟!
    ومن الذي يستطيع تفسير الكتاب ؟!
    ويحل الطلسم المسجور في صفحاته ...
    ويحوله شموساً ونجوماً وقمر ؟!
    من يبيع النفس والروح ويشري كل أثقال الأمانة ؟!
    من سيسمو فوق أطماع الحياة ؟!
    من يرتقى أعلى من الشكر ولذات الجزاء ؟!
    من سيفنى في الجماهير وآيات الكتاب ؟!
                  

03-14-2007, 06:06 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    المحـجوب كـون الابـداع والقـدرات

    كانت دار الاستاذ " محمد احمد المحجوب " منتدى وطنياً شاملاً وجامعاً .. ويؤمها الكُتاب والشعراء والادباء والسياسيون ... واولاد البلد من العاصمة والاقاليم والفنانون وعشاق السمر ... وهواة الجدل والمناظرة والنقد والتعليق وتقليب وجهات النظر المختلفة ... وكانت " برلماناً قومياً " ينطلق أعضاؤه على سجيتهم ويفكرون بصوت مسموع صاف ... يتحللون فيه من حواجزهم الحزبية ... ويتجردون من سجون العقائدية السياسية ... ويلتقون في رحاب مواطنه عذبة ... تفصح عننقاء الجوهر السوداني ... وتبرز محياه الطيب النبيل ..
    وكان المحجوب يدير الحوار حيناً ويشترك فيه أحياناً .
    ويأخذ الحديث شجونه طلقاً يتجولون بين الشعر
    والادب والفن والتاريخ والاقتصاد والسياسة والصحافة ..
    وظلال الانباء العالمية وانعكاساتها على السودان .
    ويتكئ الحوار على الساحة الداخلية مستحوذاً على بقية الزمن ومستأثراً به ...
    والسياسيون فى المنتدى باقة تضم الوان الطيف السياسي كلها بلا إستثناء .
    مما جعل منتدى المحجوب في داره مختبراً يفحص الاراء المختلفة ومقياساً لقراءة الرأى العام واستشعاراً لاتجاهاته ونقداً للاداء الحكومي بلا تحفظ سواء كان المحجوب رئيساً للوزراء أو زعيماً للمعارضة ... !!
    كلهم أصدقاء .
    ويعرفون فيه صناجة الأدب ... وتحرير الشعر ... ورب القلم والهندسة ... والقانون الجالس والواقف ... وعضو جمعية " الهاشماب الأدبية " .... ومحرر " صحيفة الفجر "
    والاستقلالى العريق والسياسي الضليع ... والخطيب الأفوه هزاز المنابر !!
    لذا كان منتدى المحجوب في داره ثروة قومية ولقاءت وطنية وتداول للاراء مما يشبع النزعة القومية التي يتحلى بها المحجوب وتلهب حماسه الدافق لتقديم العمل العام ... وهو الرجل ثرى الصداقات في السودان والعالم ...
    عديد المعارف في كليهما تعرفه حلقات الشعر ومجالس الأدب ...
    واجتماعات الساسة الذين تربطهم بهم أومر صلات شخصية ... منهم ملوك ورؤساء جمهوريات ورؤساء وزارات وأصحاب دور صحف ونشر وإعلان ...
    من هنا تركز المؤشر الديمقراطي على حقبة تولى الوزارة الائتلافية الأولى بعد اكتوبر وما تقارب فيها من الانسجام بين وزراء المؤتلفين " الأمة " و" الوطنى الاتحادي " وكلهم من اصدقاء المحجوب ورواد منتداه …بل وكانوا كثيراً مايناقشون هموم الوزارات في داره حتى يكاد مجلس وزراءه أن يكون في اجتماع مستمر !!! وحتى لاتكن الوزارة إجتهاد منفرد يحزم في مجلس الوزراء بل كان كثيراً مايتناسق ويترابط خارج المجلس ويعود إليه كماً متكاملاً مما وسع دائرة التفاهم بين الوزراء وساهم في خلق " تيم " موحد يتقن جماعية العمل الوزاري ويحررها من الاجتهاد الشخصي المنفرد .
    * ثم تحرك المؤشر الديمقراطي نحو فترة سقوط الحكومة إثر إنقسام حزب الأمة وائتلاف جناح السيد الصادق مع الوطني الاتحادي ... مما جعل الوزراء الاتحاديين يفتقدون الروح الجماعية التي ألفوها ... وأعوزتهم فعالية " التيم المتجانس " فبداء كما لو كان يعومون ضد التيار ووجدوا عواطفهم كلها مع جناح الأمام ودوافعهم كلها مع المعارضة بزعامة المحجوب ..ولم يلبثوا أن أسقطوا الحكومة وقادوا حزبهم للائتلاف مع جناح الأمام ... وشكلوا حكومة المحجوب الثانية ..
    * وإنتقل المؤشر الديمقرا طي مسلطاً الضوء على هذه الفترة وأخذ يغوص في أعماقها متجاهلاً حدة الصراعات التي إشتد أوارها وهي ترج السفين الديمقراطي رجاً شديداً وفي وسطها . متين يعينها على الثبات من تراشق الامواج في صفحاتها .
    كان الأمام " الهادي " يترك للسياسين تسير الحزب ولرئيس الوزراء من حزبه تسيير مرافق الدولة بما تقتضيه المصلحة العامة وبهذا اتيحت للمحجوب :-
    1- قوة السند الشعبي من حزب الأمة والوطني الاتحادي .
    2- قوة التيم المتجانس من الوزراء في الحزبين والوزراء الجنوبيين .
    وهيأ هذا الوجود آفاقاً من التفكير والتنفيذ حطم نطاق المحاصرات الحزبية وصراعات المطامع نافذاً الى ساحات العمل العام الرحبة ... وبدأ نوع أوثق من التلاحم بين الحاكمين والمحكوميين وبدأ كثير من الاحلام يغادر مرقده ويفتح جفنيه على دائرة أوسع من الواقع تتجاوز في رقعتها أعداد الذين سجلوا في الانتخاب.
    وتتجاوز أرقام الذين أدلوا بأصواتهم لهذا الحزب أو ذاك التنظيم .. وتفتح ذراعين للاحاطة بمليون ميل مربع واثنى عشر مليوناً ممن المواطنين . وتضمهم جميعاً إلى صدر أوسع ... وقلوب أوكع ... وجهود أوقع ... وتقدم أسرع وممارسة أنفع !!
    وبأ السير نحو منابع القوة حيث مصدر السلطات !!
    *واكتفى المؤشر الديمقراطي شبعاً وريا ورفع تقريره للعاكفين في المحراب الديمقراطي ... يقتلون الليل سهراً ويمعنون سراً وجهراً فتطابق الفكر مع الواقع ... واستبانت الرؤيا ... وتلألأت معاني الآى ناطقة بالحكمة من الكتاب الجماهير - ائتلاف ثان مع جناح الأمام -
    وتكوين حكومة ... برئاسة " محمد احمد المحجوب " .
    ومهما كان ويكون قبل اكتوبر وبعده وما هو كائن مصاحب لكينونه تضعف رويداً رويدا .. وتموت شيئاً فشيئا بلا محدودية لعمرها ومداها ...
    فأنه طبيعة النشوء الديمقراطي .... وجلاؤه نحو النقاء ... لاتضف بها إلا الكيانات الرخوة ولا تفكر بها إلا هلاميات التنظيم .
    أما الذين يؤمنون بضرورة تفاعل الموجود الوطني ومشروعية إصطراعه فهم الذين يثبتون لصهر الاحتراق وعلى المفاعلات المحلية !! ليبقى ماينفع الناس وتذوب القشور والاصداف وتبقى لآلى الحقيقة وهو إثبات الوجود الوطني.

    الحساب الراجح

    وإلقاء نظرة جادة وسليمة إلى ما قبل إنتخابات سنة 1968م تكشف مادار في مدى خمسة عشر عاماً من محاولات البناء التكميلى للديمقراطية ...
    ( أ ) وبمقياس نسبة الكمال الديمقراطي إلى نسبة المكون الطبيعي الاجتماعي في سنة 1953م تحتسب النتيجة لمصلحة الديمقراطية .
    ( ب) وبأحتساب حجم العناء وتعدد المحاولات خلال أربع إنتخابات برلمانية ... وعشر حكومات إئتلافية وحركة التمرد المستمرة في الجنوب قبل الاستقلال وتصحبه إلى الآن . وانقلاب عسكري فاصل بين محاولات التكميل الديمقراطي وقيام ثورة شاملة لاستعادة محاولات التكميل الديمقراطى تحتسب النتيجة أيضاً لمصلحة الديمقراطية .
    وتعتبر المساحة الزمنية من سنة 1953 م إلى سنة 1958م
    - انطباعات نصر ديمقراطي .
    - وآثار جراح مندملة
    - وصراعات مشروعة لصناعة الاستقرار السياسي .
    ( ج) وبأحتساب ماعانته الأمة من مشاق ، ومالاقته من صعاب فأنه يغدو ضئيلاً لايحسب ولايعد إلى جانب حفاظها على الاستقلال وايمانها بالديمقراطية ...
    فأنه نصر رابح في هذا الزمن الوجيز .

    ووضع الكتـاب…

    وعندما وضع الكتاب وجئ بالوزراء ...
    كانت أول الكلمات ماجاء في أول الصفحات ....
    وما سطر منطوق رئيس وزراء أول حكومة ...
    في أول برلمان منتخب في أول أعوام الديمقراطية سنة 1954م .
    هذه الكلمات الوهاجة ، بأحرفها المضيئة كن عزماً وقسماً ودستوراً وحكما .
    قال أول الرؤساء الزعيم اسماعيل الازهري في أول جلسة للبرلمان مجتمعاً :
    " إدراكاً من هذه الحكومة بمسئولياتها قطعت على نفسها عهداً بالعمل على ررفاهية الشعب بمختلف طبقاته وفئاته والعمل على تحسين ورفع مستوى المعيشة للمواطنين عامة وتعهدت بأن تعمل على توزيع الدخل بصورة تنصف الفئات الضعيفة التي عانت مرارة العيش في عهد ارستعمار .. وذلك بتعديل الضرائب لايجاد نوع من التوازن في الاعباء للأمة ... وتنسيق مصالح المنتجين والمستهلكين تنسيقاً محكماً يحقق لجميع السكان كفايتهم من الغذاء والكساء والمأوى باثمان معقولة ... وضمان حسن العلاقات بين المخدم والعامل بالاجور الحسنة وبشروط الخدمة الحسنة والمعاملة الحسنة والمعاملة العادلة للمزارعين "
    وجاوبه زعيم المعارضة في ذات الجلسة السيد محمد احمد المحجوب مؤيداً وداعماً ومضيفاً
    " تطبيق نظام الضمان الاجتماعي وتأميم المشاريع الزراعية لمصلحة صغار المزارعين "
    وباندماج المنطوقين المتطابقين من رئيس الوزراء وزعيم المعارضة يدوى صوت الأمة في تلك اللحظة المقدسة المباركة .... واضعاً أسس المسيرة واتجاه السير وتحديد الهدف .....
    ولن يأبه بعدها لما يلقاه من صعاب ولغوب ....
    ثم وضعت الاقلام وجفت الصحف ...
    كان كتاب الجماهير يحمل هذا الالزام
    فاخذته بيمينها حكومة الالتزام في 27مايو 1968م ...

    الحكومة الثالثة وقدرة الحسم والتنفيذ

    إمتازت الحكومة الثالثة المؤلفة بضمان الثيات وتمتعت باكبر قدر من الحصانة منذ السقوط والاسقاط مما أتاح لها قدرتين نادرتين كانت تفتقد أيا منها الحكومات الائتلافية السابقة :
    1- قدرة الحسم .
    2- قدرة التنفيذ .
    مصحوبا ب:-
    3- دقة المراجعة .
    4- الملاحظة الميدانية للمنجزات .
    5- الخروج من مرابض الديوانات المكتبية إلى حقول المزاولات العملية التطبيقية .
    وكان منظراً مالوفاً تواجد الوزير بمكتبه حتى ساعة متأخرة من الليل ... وكان التلاحم بين الالزام ممثلاً في جمهور الناس وبين الالتزام ممثلاً في تواجد وزير في إحدى مواقع العمل التابعة له حميماً وطيباً ... خلق نوعاً مميزاً من الالفة والاعتياد واوجد برلمانا شعبياً أو حكومة جماهيرية يلتقى فيها المواطنين مع المسئوليهم وجهاً لوجه .
    ويجلسون معهم جنباً إلى جنب ويشاركونهم تناول الطعام في قصعة واحدة ...
    يعلمونهم ويتعلمون منهم ... ويزودونهم بملاحظات مباشرة أقوى تطابقاُ مع الواقع من كل التقارير التي تأتيهم من طريق الروتين ...
    وكان للوزراء من قوة الاعتماد والثقة فيما بينهم ما أتاح لهم إصدار القرارات الموقعية وتنفيذها قبل عودتهم الى دواوين الوزارات . واكتشف الوزير أنه يحصل ذخيرة من المعرفة التجريبية تفوق كثيراً ماكانوا يجدونه في الكتب والمجلات .
    واكتشف المواطنون أنهم يمارسون الحكم بتولى تنفيذ ملاحاظاتهم ومداومة لقاءاتهم مع الوزراء الذين يستمعون إلى نقدهم الصادق وتوجيههم السليم ويستجيبون لاحتياجاتهم مما فجر في قدراتهم طاقات هائلة ...
    وأسبغ عليهم روحاً من الاطمئنان والسكينة والتفاؤل .
    * وكثيراً ما كانت تصحو قرية من نومها لتجد عربة أحد الوزراء واقفة أمام بيت يأوى إليه الوزير ليلاً !!
    * وكثيراً مايبكر الاطباء في ذهابهم للمستشفيات فيجدوا وزير الصحة قد سبقهم في البكور
    * وكثيراً مايفاجأ العمال في أحد مواقع العمل بزيارة وزير الاشغال بلا انذار ولا احتفال!!
    * وكان القصر الجمهوري مفتوحاً أمام الوفود والزائرين ومكتب الرئيس لايفرغ إلا ليمتلئ . ومكتب رئيس الوزراء ورشة عمل يجهد في متابعتها وزير شئون الرئاسة وبيته ندوة استعراض لاحداث اليوم واستقراء لشئون الغد !!
    * وخلت الجمعية التأسيسة من المماحكات واستعراض العضلات الضامرة وخفتت فيها الصرخات فلا تسمع إلا همسا ...
    واكتسى جناب رئيس الجمعية مهابة ووقارا ولم يلاحق بنقاط النظام وقل الاستجواب والمساءلة ..
    * واتسم الحوار بين الحكومة والمعارضة بموضوعية تخلو من الحدة وذلك لطبيعة أجندة الانعقاد ومضابط الجلسات فأنه منذ يونيو 1967م قبل الانتخابات كان مدار البحث والنقاش داخل الجمعية يتعلق بمهام تعتبر من كبريات القضايا :-
    1- الحرب الاسرائلية العربية على أشدها في كل الجبهات .
    2-اغلاق قناة السويس وصادرات السودان عن طريق راس الرجاء الصالح .
    3- السودان يقف بصلابة مع اشقائه العرب والشقيقة مصر ويشكل عمقاً مريحاً .
    ويعقد في السودان انجح مؤتمر للقمة العربية مؤتمر الخرطوم ... صاحب اللاءات التاريخية الثلاث : * لاصلح . *لا تفاوض . * لا إعتراض .
    وصاحب دعم جبهة الصمود والتصدي
    واصلاح ذات البين المغفور لهما
    الملك " فيصل " عاهل السعودية
    والرئيس " جمال عبد الناصر "
    رئيس الجمهورية العربية المتحدة .
    مما أدى إلى انهاء الحرب في اليمن
    وقد تم لقاء المــلك والرئيس
    في بيت رئيس الوزراء محمد احمد المحجوب .
    وهو الذي اقترح الصلح بينهما وتوسط فيه وقبلت وساطته ... وأثمرت هذه النتائج بما له من عمق الصلات بهما ولعلاقةالسودان الطيبة والوثيقة بالبلدين الشقيقين ولما كان له من عظيمم المكانة والاعتبار في الشرق الاوسط وافريقيا والعالم وعلى الرغم من أن السودان كان يمارس اقتصاديات الحرب الا أنه كان هادئاً هدوء أبطال الصعاب ومستقراً كان كل فرد فيه يمارس الصمود والتصدي مع اخوته وأشقائه .
    ولم يلهيه عن ذلك شئونه الداخلية التي كان يعد فيما دراسات الثورة الاجتماعية ويبدأ تنفيذ بعض جوانبها في ظروف وأوضاع لا تخلو من الصعوبه ...لايستسهلها الا :
    - صدق الانتماء
    و-ثقة القاعدة المؤتلفة .
    و- طاقم التنفيذ المتجانس
    و- إخلاص وحمية وكلاء الوزارات الدائمين .
    و- خدمة مدينة جادة ومعطاءه ومتجاوبة .
    ( أ ) لم تكن الثورة الاجتماعية حلماً طاف بذهن سادر في حالة تأمل عميق .
    ( ب ) كما لم تكن اجتهاداً فردياً إنكب مجتهدٌ متفانٍ لاستخراجه من نصوص متفرقة في متون الكتب التي تعنى بشئون الانسان نظرياً أو تطبيقياً .. خلال تجارب يحسن فيها القصد ولكن تفتقد ضمان الوسيلة وتلافي الاضراروالتغلب على ردود الافعال المفاجئة المختلفة وتأمين النجاح .
    ( ج) كما لم تكن زجاً بالبلاد في مغامرة غير محسسوبة الخطوات ولا معبدة الطريق .
    ( د) كما لمم تكن مهرجاناً أجوفاً للزهو ولفت الانظار او استجلاباً موقوتاً لهتاف لايلبث أن يجف في الحناجر أو تصفيق يتيم لايعمر إلا ريثما يموت في الايادي ..
    ( هـ) كما لم تكن جديداً ناصح الاستحداث أو خاطرة من سوانح فكر ألمعى .
    كان تحقيق الثورة الاجتماعية إستجابة حقيقية لنداء واقع قاعدي صادق وموضوعي ...
    أتاحتها برهة الاستقرار المتاحة وفرضتها قوة التلاحم المتصاعدة بين الأمة والحاكمين باسمها
    لذا جاءت مرتكزاتها راسخة وثابتة وعميقة .
    لأنها ناتج لحوار بعيد المدى وطويل العمر ووليد ليقين موثوق آمن الرواد بتحقيقه بعد جلاء الاستعمار .كانوا يشخصون علة الاستعمار بأنها :-
    الفقر ..... والجهل ....... والمرض .
    ويقارنون بين علة الاستعمار وبين إمكانية بلادهم وثراءها الخام وينتهون الى ناتج المقارنة بأن :-
    ( أ ) الفقر هو إفقارٌ متعمد لأن الثروة الطبيعية تفتقد الاستثمار الذي يهمله المستعمر إلا ماينهبه من المنافع .
    ( ب ) الجهل هو إستجهالٌ متعمد ايضاً بالتكاسل في افتتاح المدارس . على الرغم من ولع الشعب السوداني بالتعليم الذي يتجلى في مئات الخلاوي المنبثة عبر البلاد والتى تفيض بمئات القراء والمقرئين ... وهم يحفظون كتاب الله ويذاكرون على نيران "التقاقيب "
    ( ج ) المرض إعلالٌ متعمد أيضاً فالمستشفيات لاتوجد إلا في عواصم المديريات . لذا كان المنطق لعلاج علة الاستعمار هو تقائضها الثلاث ايضاً :
    التنمية ضد الفقر
    العلم ضد الجهل
    العلاج ضد المرض .
    وبالطبع هذه علل مصاحبة للاستعمار لاتختلف فيها مستعمرة عن أخرى . ولكن الذي يعطى للمقارنة وزناً في السودان ويوضع البديل المناقض لها والشافي لآثارها هو شواهد الامكانيات المماثلة والمخبوءة والتى لاتحتاج الى عناء كبير ليجعل من هذه لبلاد مستودعاً للثراء واثراء الاخرين .وأولى الخطوات لتحقيق ذلك طرد الاستعمار .
                  

03-20-2007, 10:59 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    عصـاميو الراسمـالية الوطنيـة

    وكان هذا مناط الحديث والتعليق والزيادة في الجمعيات الأدبية وندواتها ... وما ينشر عن أعضاءها في الصحف عندما يتاح لهم النشر أو ينفلت مقال من عين الرقيب أو يتمكن منشوره من اتخاذ سبيله إلى الناس سرياً . ثم إنتقل الحديث بشئونه وشجونه إلى أندية الخرجين في كل مكان وارتفع صوته ومنسوبه عندما تزايدت اعداد الخريجين وكونوا مؤتمرهم العام تدعمهم القوى الخيرة من عصاميات الرأسمالية الوطنية برموزها التاريخية التى لاتنسى طالما كان هذا البلد خارج دائرة النسيان ولم تلحق بذاكرته الوطنية أضرار الصدأ . ولم يعتريها سعار أكل التراث أكلاً لماّ .
    إفتتح مؤتمر الخريجين ... وعصاميو رأس المال الوطني الثورة الاجتماعية مليئة بالعزم و وثقى العزائم استهلالاً بيوم التعليم عيداً للعلم وحرباً على الجهل ومن وراءه .. وأقاموا مدارس المؤتمر والمدارس الأهلية .. ودور السينما الوطنية ... وملجأ القرش لإحتضان وتأهيل من يحتاجون للاحتضان والتأهيل ثم صارت ثورة التحول الاجتماعي شرفاً تتنازعه الأحزاب المنبثقة عن المؤتمر ... ومع إختلاف أهدافها وبرامجها وخلف أساليبها إلا أنها جميعاً كانت تتفق على أساسيات التحول نظرياً وتخشاها عملياً . ولذا عمرت الساحة السياسية بمظاهر الصراع الحزبي والتي بدورها لم تستطيع تحقيق التحول : -
    ( أ ) لعوزها الشعبي .
    ( ب ) فقرها الجماهيري .
    ولم تستطيع أن تعمر في البقاء لما كانت تعانيه من الغربة والعزلة من جمهرة الوطنيين وهم مفاتيح التحول !! ولم يغن الحكم العسكري إستخدامه للعلماء والتقنيين وتفرده بالصرف من المال العام ..
    لم يغنه كل ذلك . ولم يتمكن من أحداث التغيير المنشود ... رغماً مما قام به من مشاريع التنمية .
    لأنه كان بدوره بعيداً عن جماع قوة التحول الحقيقية وهي الانسان .فظلت العسكريات معلقة في أفقها القصى .وظلت قوة العمل في قواعدها تعاني من القهر والسجن والاعتقال .. لذا كان كثير من مشاريع التنمية العسكرية يولد ليموت من :-
    * عشوائية الحماس . * وعشوائية التخطيط .
    ويكفن بديون القروض والاستدانة من البنوك وتتناثر جثث المشاريع الخاسرة وهياكل المصانع المتوقفة في مدافن الاقتصاد الوطني ... بلا قبور .

    الرهـان المضمـون

    كانت حكومة 1967م ثبتة الجنان واثقة الخطى موصولة بالدعم الشعبي .
    وراهنت على الثقة به في انتخابات 1968م .وفازت بقصب السبق في الرهان فمضت هادئة من تناوش المعارضين . آمنة من الاسقاط الذي صاحب الحكومات خلال الأحد عشر عاماً الماضية حيث لم تنعم واحدة منهن بالبقاء اكثر من عام . وأخذت تستقي برامج التحول وتفاصيله وأمنياته وآماله من قواعد العموم الوطني مباشرة ومن تواجد الآهلين في أماكن سكناهم . ومن طبيعة هذه الأماكن ودراسة محتويات الجهات وقابليتها للاستثمار وعلاقة الجهات ببعضها وأسلوب تكاملها التنموي وما انطبع عليه أهلوها في كسب العيش التقليدي الموروث . وتبيان الاحجام والقيم الحالية والمستقبلية لثوابت الاقتصاد وقاعدتي إنطلاقه :-
    (1) الثروة الزراعية .
    (2) الثروة الحيوانية .
    وتفاصيل إعداد قوة العمل المديرة لكليهما من : -
    - ملاك وزراع المشاريع .
    - ومستزرعين بالاكتراء
    - ومستأجرين للاستثمار
    - ومنتجين للمواشي .
    - ورعاة بالمشاركة .
    - ورعاة بالأجر .
    وإعداد العاملين على إدارة حصائل المنتجات وناقلوها والعاملين في مافق القطاع العام ومصانعه والقطاع الخاص ومناشطه المختلفة من مهنيين وحرفيين وعمال مساعدة .... وموظفوا الخدمة المدنية والقوات النظامية الثلاث ... كل هذه كانت دراسة حقلية وميدانية مباشرة من مواقع كل منشط .
    ومقابلة العاملين فيه والاستماع إلى التقرير الواقعي منهم .
    إلى جانب " مؤتمر أركويت " التي زودتهم بالدراسات العلمية المطابقة والتي أسهم فيها خير العلماء والمثقفين والفنيين .
    وأبلوا فيها بلاءً حسناً وقيماً قارب كثيراً بين نواتج الحقول وحصائل البيادر .
    وعندما يعود الوزراء ومساعدوهم من لقاءتهم الميدانية ينثرون حصائل المقابلات والمشاهدات
    ويسترجعون الحوار الذي دار بينهم وبين أصحاب المصلحة الحقيقية يقلبون الآراء ويتبادلون التعليقات ويقارنون بين النظريات العلمية والواقع العملي .. وقدرة الدولة على تحقيق الطموحات .



    الدستـور الأهـلي

    أقامت نتائج كل هذا ... منظوراً واضحاً للحق الصريح والواجب الملحّ لطريقة التحول الاجتماعي الاقتصادي السياسي . أن هذا المنظور القائم على مرتكزات الحق والواجب هو الدستور الأهلي الذي تنبعث منه المعايشة الوطنية والسلام الاجتماعي :-
    1- إنه دثار الأمن الذي تشترك في غزله كل القوى التي تتمتع بشرف المواطنة وتؤمن بالمحافظة على الكيان القومي .
    2- هو الدستور الذي يرفع وإلى الابد مستوي العمل السياسي من قيعان الصراع من أجل السلطة إلى الجهاد من أجل تحقيق المصلحة العليا لارادة الناس الواضحة والمنظورة .
    3- يحرر إلى الأبد الروؤس والعقول والأفكار من قوالب النظريات المعقدة المستمدة من القراءات المختلفة أو تجارب الاخرين المخفقة في إنسانهم الأسير لتلك القوالب المحفورة بالقوة ومفروضة بالقهر ومطبقة بالحرمان والعذاب .
    4- وهو الدستور الذي يطهر الأحزاب السياسية من رق الالتصاق نحو شخص ومن عبودية الانسياق نحو الوعود المنافقة والمعسولة .
    5- وهو الدستور الذي يعصم التعددية من شراذم الخلاف وشلل الاختلاف وينزع من وجهها الاصباغ والالوان الزائفة ويسلكها في سبيل المشاركة نحو الاحسن والمشاركة في مجال الأقيم والأقوم .
    6- وهو الدستور الذي يطلق عقال الانسان السوداني وإلى الابد من التبعية المغرضة والانقياد الأعمى ويعتقه من حظائر الاستغلال ويطلق يديه من قيود النفاق السياسي .
    7- وهو الدستور الذي حددّ مضامين الانضباط في العمل العام وحصرها في الواقع العملي الحقيقي الذي يعيشه الوطن ويتعايش معه المواطنين .
    8- وهو الدستور الذي أبرز معالم الأممة السودانية وأبان قسماتها الصادقة متجاوزةً حيز الجهة ... مذيبة حصار القبلية ... مندمجة في كيان المواطنة الواحدة ... رافعة لواء الالزام بدستورها ليلتزم به تعليماً وعلماً وعملاً من له القدرة على الالتزام به من الاحزاب والهيئات والناس أجمعين .


    أمانـة الالـزام

    وعندما جلس المنتخبون الملتزمون يمعنون النظر في الالزام ويتهيأون لحمل أمانة الاداء نبض الدستور الأهلي ذابت أمام بصيرتهم كل التقاسيم التي كانت تجتزئ الأمة وتفرق شملها .. وتسلخت أمام بصرهم كل القشور العتيقة التي كانت تلتصق بالروح الوطنية .. وتساقطت كل الأوراق الذابلة التي كانت تثقل أغصانها .
    وبدا الانسان السوداني.. عارى المناكب.. خفيف الخطى ..يصنع تفاصيل الالزام مزيحاً الستر الكثيفة التي أسدلت على عام الاستقلال ... وطارحاً جانباً كل العوائق التي أثقلت المجتمع السوداني وجرّته إلى الهوامش الانصرافية حتى أخذ يدور حول نفسه ... ورغماُ عن إفتعالها كان أكبر من فعلها إلا إنه احتمل داخليها وخارجيها وهضم موادها بأعتبارها مخلفات المكون المحلي وبعض أوشابه الخارجية .... وبسط كفية أمام ناظرينهم وضمائرهم مبرزاً حقيقة الوجود السوداني كما تراه وترجوه الاردة الوطنية عنصراً منزهاً عن جواذب الميل والهوى وهي عذرية الصون والحفظ منذ الاستقلال تنتظر موعدها مع القدر والقادرين وهي أمانة الأجيال تعطى لأهلها ممن بلغ الرشد من أهل الجدار الذي كان يريد أن ينقض وتحته كنز لهم فأقامه مقيمة حتى يبلغوا رشدهم وما فعله عن أمره ولكن البعض لم يستطع عليه صبراً !!
    كانت الحقيقة الوطنية كاستواء الانسان في أعلى عليين رائعة الهيكل منسقة التكوين
    لاعوج فيها ولامتا .. منظمة الاداء كالحياة في الأحياء ...
    تستمد وجودها من ملايين الخلايا ومئات الاعضاء والاجزاء تتبادل الأخذ والعطاء بهندسة دقيقة المقادير حساسة التفاعل في اداء واجبها المنوط بها وأخذ حقها اللازم لها كخلق الانسان في أحسن تقويم . تخضع العمل الوطني لقوانينها ...
    وتضطر الفرد من الخروج من نطاق الانتماء المزاجي والعاطفي إلى رحبة الواجب الملزم باداء مايعرف ومايحيد بالمشاركة مع المثل ... واتخاذ ذلك الاداء وصولاً إلى الحق الطبيعي…
    العلم ..... العمل ..... العلاج .
    أنه الضمان الاجتماعي الكامل !!
    * وبما أن العقل في الانسان هو أسمى أجهزته وأكملها فهو الذي يتمركز في قمة هيكله ورأس قوامه ويدير مملكة الحياة .
    وبما أن الوطن كون حي لايختلف عن التكوين الحياتي فأن حكومته هي عقله والمدبرة لصلاحية أعضاءه المختلفة بذات القدر من الدقة والتركيز والتوازن واليقظة والانتباه والتجاوب ... والا فسدت الاوطان والاكوان كما يفسد أى كائن حي يفقد حياته بفقدان توازنه بعد أن يدب في أعضاءه العطب واختلاط العصائر وجنون الخلايا .
    * البلد .... أى بلد ... إنسان :-
    جهوياته أعضاؤه
    وعقله حكومته
    وحواسه وسائطه للمعرفة
    وأعصابه وسائله للشعور والاستشعار .
    وخلاياه عناصر الانتاج في مصانع الطاقة المحركة له
    وشرايينه وأوردته وشعيراته خطوط مواصلاته لنقل الطاقة وتوزيعها بالعدل والقسطاس المستقيم لكل مايكفيه .
    ولا مجال في هذا التنسيق لكيل المطففين . ولا وجود في هذا السمت القويم لعضو مهمش .
    إلا إذا أصاب عقل الانسان أو حكومة البلد -أى بلد - داء وبيل يقتضى العلاج أو البتر .
    ولايمكن لعضو من الجهويات أن يستاثر باكثر من نصيبه المقدر بدقة الكفاية وهندسة الارتباط ببقية الجهات والاعضاء والالتورم وأصابة الانتفاخ والحصر وفقد تكوينه البديع وتناسقه مع الهيكل العام ...
    وأتخم بالسموم أو إجتاحه جنون الخلايا فتحول سرطاناً قاتلاً ومقتولا ..
    * وأضر مايعتري الأجسام والأبدان :-
    إدخال العناصر الكيماوية المصنعة على طعامها وشرابها أو إذكاء حيويتها بأقراص التنشيط .
    وارباك عقلها بنظريات تقسر عليها قسراً ..
    وكذلك الأرض …وكذلك الاوطان والبيئة والحكومات إلا في ضرورات العلاج حين البلاء
    أو عندما تعجز البيئة عن التطبيب فلكل جسم مناخه ولكل ارض نباتها ولكل إدارة عناصرها المحلية ... ويؤخذ من الحضارة ما يلائم المكون الطبيعي ولا يفسده .
    كانت أمانة الالزام تشبه إلى حد بعيد تلك التي أشفقت منها السموات والارض وأبين أن يحمللنها ... ولكن لم يكن من حملها بُد فقد سبق الالتزام ... وتبودلت وثائق تسليم الأمانة واستلامها .. وتأكد استمرار حملها صبيحة الانتخابات في 1968م ... وهي أيضاً ضرورة الفيصل الفاصل بينها وبين لغو البرامج بالكلام وتزويقها بالاحلام وتسويقها بالسيئات وتعتيمها بالغاز المسميات وتعليقها بالمراحل المقبلات ..
    وقف المواطن في حيز المواطنة معلناً ارادته بعد طويل عناء واتخذ قراره بصرامة الواثق المستفيد من التجارب التي مرت به خلال عقد من الزمن ....
                  

03-26-2007, 04:22 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    مكونـات برامـج التـحول الاجتمـاعي

    ومن عظم المسئولية وثقل أوزانها إنفتح أمام الملتزمين مسرح المنافسة الجديدة ...
    لم يكن قاصراً على مجلس الوزراءولا محصوراً بين جدران الجمعية بل كان أكبر ...
    سعته مليوناً من الاميال المربعة وتعداده ثمانية عشر مليوناً من البشر وخمسون مليوناً من الافدنة الصالحة للزراعة والمراعى .
    وغيرها من الجزر والشواطئ ... وعشرات الانهار ومئات الروافد ... وملايين الروؤس من الثروة الحيوانية ... ومئات الجبال التي تحتضن في جوفها كنوز المعادن إلى جانب مايضمه باطن الأرض من النفط واليورانيوم والذهب والفضة وعديد من نفيس المعادن .
    وغابات كثيفات يذخرون بانواع منوعة من الثروة الخشبية النادرة .
    وأمطار غزيرة تسح بهتونها نصف العام وتستنبت الأرض ملايين الاطنان من المحاصيل المختلفة .. ومن الكلأ والفاكهة صنوان وغير صنوان ..
    وثروات الأحياء المائية من الروافد والأنهار وامتداد النيلين وسواحل البحر الاحمر وكنوزه من المعادن والصدف والكوكيان ..
    كل آلاء الإله تجمعت في ساحة الإلزام تعلن عزمها بعث الحياة ...
    " وتقول مرحى للائى يتنافسون على هدى هذا القرار . كانوا كيوم البعث في وقت النشور وتركوا قبور الأمس خلف ظهورهم تنهال فيهن الجراحات القديمة وبعض عصف من بقايا الكلمات .
    لم يثوروا كاهتياج الساخط المغلوب الذي ضاق به المجال .
    ولم يكونوا أضحيات لاجتياح الانفعال .
    كانوا هدوء القوة العظمى تزيح بعزمها أعتى الصعاب .
    كانوا كسيل من طهور يشبع الاصقاع ريّا في انسياب .
    كانوا كتاباً من بليغ الآى في أمم الكتاب "
    وشمرت سواعد الالتزام ....
    وشرعت الاقلام واستحضرت الصحائف البيض لتفسير منطوق الالزام وشرح متون الالتزام وتمليكها لأهلها يسيروا بها قدماً .وينيبوا في إدارتها من يختارون وينتدبون وهم يحسنون الأختيار من اديم الأرض من نسيج الوطن .... ووضعت المعالم لمعنى الاستقلال .
    أسس راسخة في عمق الأرض الأعمق امتدت منها ركائز ثابتة لحمل البناء الحضاري الذي طال إنتظاره لسكنى الوطن . ينفتح على الجهات ..... ويحتضن الجهويات .
    لاصخب بين سكانه فقد بطل الجدل واللجاج وسقطت الفوارق وذابت الفروقات واضمحلت النظريات ... واحتوت المواطنة كل الكيانات المتنازعة واستوت دولة " الحق والواجب " . قوامها القائمون بالواجب للحصول على الحق الطبيعي وهو الكفاية والعدل والكفالة .... نصوص واضحة كالشمس قوية كالحق ... ثقيلة كالواجب ... منيعة في بساطة ... خالية من التعقيد ... طبيعية الاداء والتنفيذ ... تختزن التطوير الذاتي ... وتمتلك مفاتيح التقدم وتشيع الأمن ... وتصنع الاستقرار ... وتنفيذ التنمية .
    إختصر معنى الاستقلال ..كل التقاسيم التي كانت تعج بها رسوم الأحلام المتحركة في المسرح السياسي . وجمّد التكتلات القبيلة ... وأسكت ضجيج التراشق الحزبي الخطابي وأسبغ هدوءأً أتاح للبناء الحضاري أن يبين قسمات المجتمع السوداني مطبوعة بطابع الاداء والاستحقاق وهو تعريف المواطنة المنتجة الذي أذاب القبليات في شموليته وفتح الجهويات على قوميته . وألزم أحزاب الدعة من طلاب السلطة ومنظري العقائد السياسية أن يتنزلوا من أبراج العاج وتهاويم الفكر إلى الواقع الذي إحتشد بالزام ليس مقصوراً على فئة بعينها ولا مختصا بحزب معين إلا من كان أصلاً في القواعد قبل أزمان النضوج وظل يحيا بين أحضان الحشود من زمان ....من قبل تفصيل البراقع للسياسة وقبل كى الياقة البيضاء للمتحذلقين. وبدأت بأسم الله …الهندسة الادارية للبناء الحضاري :
    ( أ ) بتقسيم قاعدة الوجود الطبيعي للأمة لا تقسيم تجزئة لكن تقسيم إلتحام وضم !!
    يربط أجزاء الهيكلة الاقتصادية ومزاولات العمل والانتاج والتبادل ببعضها ربطاً وثيقاً وصولاً إلى تنسيق الناتج القومي وتخطيطه .. ووضع الأسس العادله لعلاقات الانتاج وتحريك مجموع قوة العمل كلها وتحصينها من البطالة والتشرد والهجرة والاغتراب ...
    وتأمينها من اصابات العمل وكفالة حياتها بالضمان الاجتماعي عند الاعتزال .
    (ب) طرح الاحصاء السكاني خريطة المواقع موضحاً :-
    1- تعداد السكان ومواصفاتهم .
    2- احجام المداخيل المختلفة .
    3- تكاليف المعيشة مشيراً إلى -
    4- الحد الادنى للأجور .... موضحاً -
    5- علاقة السوق بالمستهلكين .
    (ج) وقف القطاع الزراعي عموداً فقرياً للاقتصاد السوداني وقاعدة لانطلاقه واسعة الآفاق الممتدة أمامه في :-
    1- الميكنة والتصنيع الزراعي .
    2- مايتبع ذلك من الطرق والمواصلات .
    3- معاهد التعليم الزراعي .
    4- الهندسة الميكانيكية .
    5- دراسة أبحاث الغابات .
    6- الرى .
    7- المشاريع المختلفة للزراعة .
    8- تربية الحيوان والطيور الداجنة .
    (د) تلى القطاع الزراعي مباشرة القطاع العمالى بمستوياته الأربع والقطاع العام رائداً ومرشداً . والمشترك والتعاوني والقطاع الخاص مشكلاً ثلثى قوة العمل الفنى الماهر وغيره في المصانع والحقول والنقل والاتصلات والمرافق العامة وهم الذين يتعهدون الانتاج في مواقفه المختلفة ويبأشرون مراحلة حتى تصل إلى مراكز التسويق وموانئ التصدير وهم الذين يكسبون السلع قدرة التحول إلى نقد ... وقوة شرائيه لواردات ومدخلات الانتاج خصوصاً ... ويرسون ميزان المدفوعات ... أنهم شركاءالقيمة الكلية للدخل القومي .
    (هـ) ثم يأتي قطاع الخريجين في موسم مجيئه السنوي وقد اوفى بالتزامه الدراسي ممهوراً بشهادة الاتمام الاوسط والثانوي والجامعي ... جاء وقد أدى واجبه كاملاً ليأخذ حقه الطبيعي كاملاً في العمل المشاركة ... وعلى الدولة أن تقوم باداء واجبها في توفير العمل
    والمشاركة طبقاً لنصوص الالزام والالتزام وهي اشتراطات التعاقد بين الدولة والمواطن في قيام دولة الحق والواجب وتكتمل دورة العقد بتبادل المواقع عندما يصبح الملتزم ملزماً .
    (و) ثم يأتي في قمة الهرم الاداري جهاز الخدمة المدنية الذي يدير مرافق الدولة ويباشرون تنفيذ نصوص الالزام والالتزام بجناحيه المهني والوظيفي متسللاً من وكلاء الوزارات إلى حجاب المكاتب ومراسلاتها وهو ثاني الأجهزة الحيوية الخطرة …
    ويقوم مقام القلب في جسم الدولة ويتولى مسئولية الدورة الادارية بالدفع من الأوردة والضخ في الشرايين ويباشر تنفيذ معنى الاستقلال …
    ويشرف على التحول الاجتماعي في التخطيط لمرحلة وإحتساب تكاليفه وتوزيع نواتجه وتطويره ومراقبة تسييره وتذليل صعوباته في دواوين الحكومة وحقول الانتاج ومراكز التصنيع ومعاهد العلم .
    (ز) ثم يأتي حصن دستور الأمة وحامي كيان الوطن وسياج الأمن والأمان للتحول الاجتماعي وتطبيقاته ممثلاً في القوات النظامية أحد قطاعات الأمة وساعد قوتها في الهيكل التنظيمي ... وهو حارس الأمن الخارجي …ومقيم النظام الداخلى ومنفذ القانون .
    وجهاز الطمأنينة القومية والسلام الوطني وهو الوحيد الذي أمهر تعاقده بالدم .!! لأن عقدة ينص :-" على الموت دفاعاً عن المثل العليا للوطن وسلامةالمواطنين وأمنهم وإستقرارهم ".إن إلتزامه هو بروحه وحياته كلها .والتزام الآخرين بسنين القدرة من أعمارهم في مرحلة عطائهم الاختيارى .
    * إن القوات النظامية هي جهاز المناعة في الجسم الوطني تحضن صموده تجاه الاجتياح الخارجي وتبيد جراثيمه الناشئة من داخله .
    أن إختلال المناعة جهاز المناعة في الاجسام يؤدى بالقطع إلى فقدانه ...
    وفقدانه يؤدى إلى إندلاع " الهالوك " الذي يستنفذ الحياة حتماً وقطعاً .
    وفي زمن وجيز كان الوطن يقطعه وثباً ..
    لذا لابد أن :-
    1- تتحلى القوات النظامية بأعلى درجات الوعى والايمان برسالة التحول الاجتماعي بحيث تكون جزءً منه لا حارساً يتجول خارج أسوار التفاعل الوطني .
    2- يلتزم بمبادئ الدستور إقتناعاً وتصديقاً ومصادقة .
    3- يقسم ناذراً نفسه للموت هجوماً ودفاعاً عن اقتناعه وتصديقه : لاطاعة عمياء لأمر أو خضوعاً لانضباط آلى ... وكثيراً ماكانت الطاعة العمياء تنفيذاً لتمرد وكثيراً ماكان الانضباط الآلى تحقيقاً لانقلاب مغامرة ويحدث هذا عندما تكون الجيوش لَمّاً والتجنيد إستتجاراً والسلاح دماراً والقائد مغامراً جبارا والوطن كياناً مختارا والسياسة عمالة واتجارا والحكم عنوة واقتدارا والدين تزييفاً وستاراً والاخلاق هبوطاً وانحدارا والمواطن صمتاً ... ورعباً .... وفرارا ...
    وتحسباً لكل هذا .... ومن كل هذا ....
    فأن الاعداد للقوات النظامية الثلاث يقتضي عناية مضاعفة يماثل إعتبارها كجهاز قومي حساس يمثل الوحدة الوطنية . ويتحمل مسئولية صيانتها ويتمتع بثقتها واعتمادها عليه في حماية مصالحها وأمنها .. والعناية المركزة المضاعفة من قبل الأمة لقواتها النظامية تقابلها عناية أكثراً تركيزاً وأجزل مضاعفة من قبل القوات النظامية نفسها ... فان اختيار الفرد حامل السلاح يؤدى دور التضحية المقدس لحماية الحمى يتطلب مواصفات بالغة الدقة ، عميقة الغور لانتخاب من يقوم بهذا الدور المتعاظم دور حارس الوطن ترابه ... أهله .. نظامهم الاختياري للحكم أسلوبهم العادل للتنمية دستورهم المرتضى وقوانينهم المنصفة ... حريتهم المتساوية .... حقهم الطبيعي ... وواجبهم المعين .
    * الفهم العميق لحجم هذه المسئولية الخطرة .
    * والعلم الكافي بجذورها وأصولها وفروعها وطرح ثمرها.
    سابقان لعلم الحرب وفنون القتال والتكتيك والمناورة بل هما اللذان يرشحان هذا المواطن الاعظم لحمل هذه الأمانة العظيمة .. ويأتمنانه على حمل سلاحها وحمايتها .
    * أن علوم الحروب وفنون اجادة القتال واستعمال آليات الفناء لاتتجاوز في حقيقتها غريزة الوحشية الكامنة في طبيعة أى حيوان شرس ، يعيش في غابة موحشة يتعلم من ظلامها خلائق الترصد والغدر والانقضاض وبيئة الدغل لاتتيح خياراً بين القاتل والمقتول لأن دستورها بقاء الاقوى وتعايشها بقانون الموت حسب مقدرات الطبيعة البرية للأحراش. ولكن القوات النظامية مهمتها : -
    ( أ) إخضاع علوم الحرب لمعالم المجتمع الحي .
    (ب) قلب قانون الموت لمصالحة الحياة .
    (ج) تطويع آليات الفناء لانتصار البقاء بالهجوم على الشر حتى النصر ، والدفاع عن الخير حتى الموت ، حيث يسمى الموت تضحية كبرى وفداءاُ عظيماً وفخراً خالدا .
    ويطلق على صرعاه إسم الشهداء الابطال !! ويخلدون بأقامة النصب التذكارية .
    وتمنح لأسماءهم الأوسمة والنياشين . وتطلق في الشوارع الكبيرة والميادين الفساح .
    لذا كان الانتماء إلى عالم القوات النظامية من أعلى مراتب المواطنة وسميت بدرع الوطن مجدولة بالعلم بالوطن والايمان به والوفاء له ... والموت في سبيله .
    لذا كان التجنيد الطوعي شرفٌ يتسابق على نيله الشرفاء الافياء لأنه قريب النسب بالقوات النظامية وشديد الشبه بها ... وليس سهلاً أن يكون المرء جندياً في القوات النظامية أنها صولجان الوطن ... وتاج عزّه ... الذي يأنف من رؤوس الباشبوزق " .
                  

03-26-2007, 04:26 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    منهـاج التحـول الأجتمـاعي

    * أكتمل المنظور ... بأنشاء القرى المنتشرة على تخوم المشاريع الزراعية المروية متوسطة بينها وبين باديه المرعى فأن إنتعاش هذه القرى بعد تطبيق الاصلاح الزراعي بما قام فيها من المدارس للبنين والبنات ،وآبار مياه الشرب والشفخانات ؛أوجدت تقارباً وسيطاً بين مجتمع البادية والمدن والمراكز القريبة ... والتصاقاً يومياً بالاسواق والمستشفيات الريفية والمدارس المتوسطة والثانوية في القرى الكبرى المنتشرة على النيل .. ووثيقة بالمراكز أو المديرية ... مما حقق إنفتاحاً شاسعاً بين مناطق الرعى وكبريات القرى والمدن .كان من آثاره :-
    1- تسويق المنتجات الحيوانية .
    2- تكثيف العناية البيطرية والطبية والتعليمية في البادية .
    * الامر الذي حدا بمنظمة " اليونسكو " أن تسهم في مشاريع التحول الثلاثي المختلط بين البوادي ..... القرى الريفية ...... المدن :
    (أ) بأنشاء الصناعات الريفية المعتمدة على الانتاج المحلى كصناعة السجاد والكليم من أوبار الابل وغيرها .
    (ب) صناعة الأثاث من الغابات .
    ( ج) أنواع الحدادة التي تستهلك في الزراعة .
    (د) تطوير منتجات الألبان.
    * ثم بدات التنمية الريفية في تأهيل قيادتها ..وبدأ واضحاً أن المجتمع ينساب بيسر نحو تكامله وينمى من داخله قوة تطويره وتقدمه نحو إرتياد آفاق أخرى تفتح أمامه تلقائيا كلما أكمل مرحلة .. وأستوعبها أشرف على مرحلة جديدة وثيقة التناسق مع سابقتها واهتدى إلى ضم المعضلات الصعبة في حياة الشعوب والأوطان :-
    1- المعنى السياسي .
    2- المطابق الاقتصادي .
    3- المناسب الاداري .
    لتدمج ثلاثيتها لتكون " منهاج التحول الاجتماعي " الذي يفسر معنى الاستقلال .
    1- فالمعنى السياسي يبلور الانتماء ويحدده لوناً وريحاً وطعماً يخرجه من قبل المزاجية وانعطاف الهوى ويحرره من تبعية الانقياد وعمى الاستقطاب وحظائر التجنيد وسجون الفكر
    أنه يخلق المنتمى الحر الذي يحقق ذاته بممارسة الأخذ والعطاء .
    2- والمطابق الاقتصادي يفسر طبيعة الحق وابعاد الواجب ويشرح ارتباطهما المتعاقب في إكتمال دائرة الأداء الاقتصادي والاجتماعي ويحدد واجب الدولة في اعداد مسرح الحقوق وإشرافها على أداء الواجب وقدرتها على اعطاء كل ذي حق حقه الطبيعي .
    3- والمناسب الأداري يضع قواعد نوعية الحكم مركزياً أو فيدرالياً أو إقليمياً أو محلياُ .. مخرجاً اياه من دائرة الضغط الجهوي ومرتفعاً به عن عصبيات التكتل .... مستجيباً فيه إلى قوانين الجسم الواحد المتناسق في المعادلة الهندسة العضوية لقطاعاته .. مبرءاً من عيوب الورم والانتفاخ والتمدد والضمور محصناً من جنون الخلايا بالتخمة أو العوز وتخثر الاوردة وانسداد الشرايين .... معافياً من تصحر العناية ..... وجفاف التهميش .


    الاصـلاح الـزراعي تحـقق بالـتراضي

    وكان ... بأسم بالله ...
    سير الاصلاح الزراعي في خطى التوفيق يكمل عامة الأول وتكتمل ممعه ثقة انسانه في نفسه ووطنه ويحس معنى الانتماء والاطمئنان للحق والاستمتاع بالواجب ... ويتملى عوالم الاصلاح الزراعي ماظهر منها وما بطن ...
    * لم يكن تنفيذ الاصلاح الزراعي تغييراً لعلاقات الانتاج فحسب ...
    *ولم يكن إحلالاً للدولة بدلاً من أصحاب المشاريع فحسب .
    وأنما كان :- " إنبعاثاً لتنمية الثروة البشرية بمفهوم يحفر طاقتها للانطلاق بقوة هادئة الاتزان موزونة الاداء قيست بموازين العلم والتعلم في تبادليه الحوار الطويل المسترسل بين ملاك المشاريع ... وزراع المشاريع والمختصين والفنيين في الوزارات المختصة " .
    وكان تنفيذه إحدى رائدات التراضى المقرر في جبين مزاولات الحكم ...
    وتعتبر هي نفسها نادرة فذة لاتحسب أن لها مثيلاً!!
    1- فأن المشاريع لم تنتزع من أصحابها عنوة كما فعلت كثير من الدول في مثل هذا الموقف
    2- ولم يُؤمَرُوا بمغادرتها كما ولدتهم أمهاتهم .
    3- ولم يشيعوا باللعنات ويودعوا السجون والمعتقلات .
    4- ولم تمتهن كرامتهم الوطنية .
    5- ولم يدمغوا بذميم الصفات .
    6- ولم يُنتَقص من قدرتهم كمستثمرين في ماضى من مراحل الاستثمار .
    إنما جلسوا مع الادارة الحكومية وهم في روح عال من الاقتناع بفلسفة الاصلاح وضروة تنفيذه ووافقوا عليه في رضى وقبول .وتواصلوا مع المختصين إلى حجم ومقدار التعويض الذي يستحقون. وكانوا وهم يوقعون على القرار رضى كأحدى مرتكزات القرار الوطنية الثلاث :- الحكومة ...والمزارعين ... وهم … يشكلون مظهراً رائعاً للسلام الاجتماعي
    " إنه ليذكر التاريخ في كثير من البلدان وفي أمثال هذه التحولات الخطيرة والمنعطفات الوعرة الشاقة مايصحبها من تشنج واهتياج .... ومايقابلها من قتل وسجن وتعذيب واحتراب .... ومايعقبها من فشل ويأس مقيم "
    * لم يكن الاصلاح الزراعي إستقطاباً لفئةٍ أو إسترضاءاً لجمهرة المزارعين أو مقتصراً على محدودية المشاريع القائمة .. إنما كان " عالماً كاملاً ومتكاملاً لتنمية بشرية زراعية وصناعية " تشمل :-
    (أ) ملايين الافدنة في مثلث الجزيرة بين مجرى النليين "وشرقي الازرق" ومابين رافدي " الدندر والرهد " وشرقية حتى أطراف مشروع "القربة " وغربية حتى مشروع " الجنيد" .
    هذا هو حجمه المأمول .
    (ب) إيجاد الرى لمناطق الرعى .
    (ج) رى الثروة الوحشية في المنطقة المخطوره السياحية عالم شاسع من الخضرة الدائمة وتنوع المحاصيل وتربية الحيوان يحتشد بالآلف القرى المخططة بكل مرافقها .. وتتخلله الطرق المعبدة والمطارات الداخلية ومصانع التعليب والتعبئة ومخازن التبريد وصوامع الغلال ومراكز الأبحاث اللازمة له ... ومعاهد التعليم الزراعي والصاناعي والميكانيكي والبيطري كون من الانتاج المتنوع .
    وكيان من البشر يواكب تطورها هذا الوجود الحديث فاتحاً مرحلة التعمير ومرتكزاً على أقوى قواعد الاقتصاد المزدوج المزامن من زراعة وصناعة وماتقتضيه ادارته من ميكنة واتصالات ومواصلات وورش وحظائر واستراحات .
    وهو المثال الذي يحتذى في غربي " النيل الابيض " وبعض شرقيه حتى " ملوط "
    وهو الامل المرتجى لتمويل الاستثمار في خور " ابو حبل " ومشروع " قصب السكر " ومصنعه شرقي " عطبرة " ومشروع القمح بوادى " الخوى " واستثمار الحياض " بالشمالية " واعادة انشاء السدود في نهر " القاش " وتطوير الزراعة المطرية في الغرب والشرق واقامة خزان " سيتيت" وسد " الحماداب " وتوليد كهربائهما .
    * لم تكن فكرة الاصلاح الزراعي خاصة بجهة لتدل بها دون الجهات ولا مقصوراً على فئة لتتميز بها دون الفئات ولا مختصراً على مهنة لتنعم بها دون الآخريات .
    كان للوطن كله . وماتغله أرضه وما يظله سماؤه .... حتى وحوشه وطيره ....
    كان للعالم نموذجاً حياً للدأب والجديه والتبادل .
    وكان للجهويات نسيجاً ضاماً ووشائج الارتباط .
    وكان للانسان السوداني مسرحاً لعرض مهارته وقدراته وابداعاته ..
    كان للأمة وحدةً .
    وللاستقلال معنىً .
    وللديمقراطية مرأىً .
    وللاحزاب دستوراً وفرقاناً مبيناً .
    وللمواطن الفرد ثقةً ويقينا .
    وللمواطنة تصديقاً وإثباتاً أمينا .
    ولكي يستوى الميزان على تعادلية القسط وعدله إتجهت حكومة الائتلاف نحو عمال القطاع العام وهو الرائد والقائد في دنيا العمل والعمال والذي يرود الطريق أمام القطاعات الأخرى
    1- المشترك .
    2- التعاوني .
    3- الخاص .
    وأخذت تتدارس وضعهم ودخولهم وتكاليف المعيشة عموماً ومستوى الأجور وحدودها الدنيا والقصوى ثم جلست معهم في إجتماع مشترك ... لم تنفرد بالرأى دونهم ولم تلق أمراً من عل ولم تتخذ قراراً منفرداً ... بل جلست معهم في مائدة مستديرة كانوا فيها وطناً ومواطنون .
    إنتفت بينهم شخصية المخدوم وشخصية المستخدم . واندمجوا أمة منخرطة في حوار وطنى متكافئ نسيج الأخذ بمنوال العطاء .وتنافسوا في التضحيات ... ثم إرتقوا كلاً إلى صدق الأصالة ... واستقروا عند محراب الرضى حيث صاغوا كادر العمال ممهوراً بتوقيع التراضى .. واعتدل ميزان العدالة ماحقاً نشوء الطبقة الممحوقة أصلاً ...
    واستوت قوة العمل أهلاً ووطناً .
    وسقطت المناورات بأسم الحركة العمالية .
    وأسقطت في أيدٍ تريد إسارها وقيادها في مهمة قفزٍ عقيم .




    سيمفـونيـة الحيـاة تعـزف بكلها لا ببعضها

    إن قوة العمل هي الجهاز العضلي العصبي ومركز الاحساس والاستشعار في الجسم الوطني .
    وهى التى تحول طاقته إلى منتج نافع وضروري لحياته ..والانهيار العصبي والضمور العضلى يبطلان مفعول الجسم الوطني ويدمرانه بالكساح والشلل ويجعلانه قبل أن ينفق مقعداً يعيش يالصدقات ويتغذى بالهبات الفائضة عن الحاجة المحافل الدولية ... والمتساقطة من فتات موائدها .
    لذا فالعناية لاتقل عن العناية بأى من أجهزة الجسم الوطني .. لأن أدائها وفعاليتها كلها لاتتم إلا عن طريقه وبواسطته .. كما أن سيمفونية الحياة تعزف بكلها لا ببعضها .....
    وأن صحة ولياقة أى جسم تتم وتكتمل بطريقة تلقائية عن طريق التمثيل الطبيعي فهو الذي يصدر نداء إحتياجاته من أوصاله ..... ويتلقى متطلباته بمقادير موزونة لاتفيض فتتلفه ولا تنقص فتقعده ... وأى تدخل صناعي لتيسير هذه الموازنة هو بدء المهلكة تطول أو تقصر لكنها حتماً تؤدى إلى فقدانه وفنائه أو اختلاله وعجزه ولكي يحافظ الجسم الوطني على حياة سعيدة خالية من الألم وسلامة شاملة متعافية من المرض فلا يقسر بعض أعضاءه لبعضها الآخر على حرمان مدقع ولا يغدق على بعضاً فيضاً مغرقاً ولايجعل بعضها حرباً على البعض ولا يضحى ببعضها وهي سليمة ايثاراً للبعض .
    ولكل الذين حاولوا التضحية بجيل أو أجيال إستخلاصاً لجيل أو أجيال معينة بمواصفاتهم النظرية فشلوا وأفنوا مابين يديهم ولم يتوصلوا إلى أفقهم الذهنى المرتقب ...
    لقد خالفوا قانون التمثيل الطبيعي .
    وتدخلوا صناعياً لاحداث تغيير يفترضونه في مقادير التوازن فخلقوا كائنات أرغمت على البحث عن جناحين تحلق بهما ... فرجعت بلا أذنين تسمع بهما !!
    أن كمال الاجسام في تناسقها وكمال الاوطان في انسجامها وتكاملها واكتمال المواطنين في تراضيهم وهندسة مسيرتهم وتوازن سيرهم من أخمص أقدامهم إلى قمة روؤسهم من كلٍ .... ولكلٍ بلا تفرقة ولاشتات ولا إفتئات وإلا فأن فساد كل آخذ في الانتشار ومؤذن بالاشتعال وهو كعادته عندما يدب فأنه لايبقى ولا يذر.
    وعندما إنتهى الجهاز الوظيفي بالاشتراك مع الجهاز التنفيذي الملتزم من مهامه ... منذ اكتوبر في ظل:-
    1- تأميم البنوك والتجارة الخارجية .
    2- إحتكار الدولة لاستيراد السلع الضرورية .
    3- إطمان على تحرير الاقتصاد الوطني .
    4- نفذ قانون الاصلاح الزراعي .
    5- طبق كادر العمال .
    6- استوعب الخريجين في بند الادارة العمومية الممهد للضمان الاجتماعي .
    7- وضع كادر الموظفين على ضوء منظور التحول الاجتماعي واضعاً نصب عينيه أثر الزيادات الطارئة من ميزانيات الكوادر على السوق وانعكاسها على الاسعار .
    8- مزامنة ذلك مع تأميم التجارة الخارجية وتحرير الاقتصاد .
    9- نسبة ذلك إلى الدخل القومي العام .
    10- مردود ذلك على التوسع المقرر في مشاريع التنمية .
    إن الجهاز الوظيفي هو ......إدارة وتنسيق الادارة الوطنية وحفظها .
    إن مشروع الرهد وامتداداته يشكل العمود الفقري للاصلاح الزراعي !!
    بل هو القاعدة الأساسية لانطلاق مستتبعاته كلها وكانت مفاوضات قرضه من البنك الدولى في آخر مراحلها وخرائط المسح للترعتين الشرقية والغربية على وشك الانتهاء وبدأ في رصد المكون المحلي له .بالاضافة إلى " تعلية خزان الروصيرص " وتوسيع بحيرة الخزان .
    وبدأت مشاريع الاصلاح الزراعي في النيل الازرق والابيض تعد للدورة الزراعية الجديدة .
    وقد فرغت من آخر مراحل قلع اشجار القطن السابقة .
    وختمت الجمعية التأسيسية عاماً هادئاً ممن عمرها الافتراضى ولم تخل أجوائها من متاعب
    الاستجوابات والاسئلة والاستفسارات ... ولكنها كانت آمنة من الانقضاض أو الحل
    واكملت حكومة الائتلاف عاماً بعد إلزامها وانتخابها ..
    عاماً سابقاً قبل حل الجمعية واجراء الانتخابات .
    وبلغ التحول عامين من عمره ... هن أيضاً سنى الاصلاح الزراعي ... وكادر العمال
    والموظفين وبند الادارة العمومية . وسافر قادة الجيش إلى الكتلة الشرقية لتنويع الاسلحة وكسر حاجز الاحتكار . وتهيأت الحكومة لمقابلة الالتزامات الضخمة التي تعهدت بها وأشرقت مسودة الدستور الدائم على آخر قراءاتها واجازتها .. وتفاءل الناس بأستشرق مرحلة واضحة المعالم .. يستقبلها كل قطاع في موقعه وقد عرف حقه وادرك واجبه .
    واستقر على - التراضى - وهو يعد للمرحلة الختامية في شكل الدولة بأنتخاب رأس
    واحد للجسم الواحد ...الذي ظل وقتها متعدد الروؤس !!!
    رأس واحد يستوى على الجسم المتكامل الصحيح ليرأس دولة الحق والواجب .
    وينفذ معها وبها مرحلة التحول الاجتماعي ... مرحلة التعمير ... مرحلة معنى الاستقلال
    وأخذوا يتداولون :-
    أهي رئاسة أم برلمانية ؟!
    ماهو الشكل العام لطبيعة الالزام والالتزام ؟!
    وعمرت أمسياتهم بالحوار وبدأو يغوصون في أعماق شعبهم إلتماساً لحكمته وتلقيا لقراره
    وتنفيذاً لأمره وتحقيقاً لارادته ...
                  

03-27-2007, 09:15 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الـفصـل الخـــامــس


    مشكـلة الجـنـوب
    الجـذور النشـأة والتطــور

    الثقل النـوعي للقطــر الســوداني

    * أن إستراتيجية المكان
    * وثراء الإمكان .
    * والاطلال على المعابر المائية .
    تضع السودان في مقدمة الدول الافريقية حيث تتقاطع في مساحته الرحبه خطوط الطول السياسي وخطوط العرض الاقتصادي . وتمتد منه دوائر التأثير والتأثر إلى المحيط الهندي شرقاً والاطلسى غرباً وجنوباُ . وهي تمثل كثيراً دور القلب في افريقيا ..تصب فيه الأوردة من جميع أنحائها مما يكسب المكان ضرورة الاعتبار الذي لايمكن تجاوزه ولا إغفال دوره ولاتهميش تأثيره ...
    ويعطي المكان قدرة الأخذ والعطاء في تبادل المصالح المشتركة في أوسع مداها على مستوى العالم بما لايكفي الاستغناء عنه أو إهماله فضلاً عن أنه موصل جيد للمعارف الحضارية تلقياً وإرسالا.... لاكجسر معلق للمرور ولكن كماعون حي تتفاعل فيه الثقافات والعلوم والمكتشفات ثم تسرى على امتدادته المختلفة مما يوسع دائرة المشاركة ويقوي عرى الترابط الانساني شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً .
    على مستوى مسئوليته الجسيمة التي تمليها إستراتيجية مكانه الفذ... وثروات إمكانه الوفره .
    هذا التعريف للثقل النوعي للقطر السوداني هو الذي جعله عرضة لدوامات العواصف
    وملتقى الاعاصير الوافدة من قديم المطامع وجديدها .
    وخلقت منه ميداناً يتعارك فيه أقطاب العالم علناً حيناً وخفيةً أحيانا ..
    كما وإن ذات التعريف أكسبه حصانة ومنعة أعانتاه على الصمود والاحتمال
    فلم يتهاوى ولم يتداعى ولم يتمزق ولم يسقط ...
    ولايزال يحتفظ بكل خصائصه التى أضيفت عليها التحارب التى مر بها ولم تنل منه كثيراً من الخبرة ومزيداً من الحكمة مما يمكنه من اداء دوره المرتقب بمزيد من الدراية والحنكة ...
    فهو لايبحث عن الذات لأنه لم يفتقدها إنما يسعى لتحقيقها ...



    مخلفـات الحـكم الثنـائى كثيـرة ومتنـوعة

    هناك توائم سبقت الاستقلال السوداني في الميلاد وعندما رأى النور في بداية النصف الثاني
    من القرن العشرين كانت التوائم تدرج في الساحة السودانية تشب عن الطوق .
    وتتخذ لها موقفاً يجعل الاستقلال في موقف المدافع عن نفسه ، الساعي لاثبات وجوده
    وأحقيته وأهليته للحرية والاستقلال .
    موقف صعب وامتحان عسير تعين فيه على الوليد الجديد أن يخرج من رحمة شاهراً سلاحه
    مئتزراً بدرعه .... ومنخرطاً لتوه في ميدان حرب مفاجئة ...
    لم يعد نفسه لخوضها ...ولم يسعفه الوقت للاعداد لها أومزاولتها فضلاً عن معرفة منشأها وصانعيها وعندما إنتصر عليها بمعجزة خارقة تخضب بنزيف دموى صار وشاحاً له ... اربعين عاماً هي عمره .كلها إستنفاذ لقدراته ... وإستهلاك لفتونه وشبابه ...
    مع توائم الانقلاب العسكرية ... التى إستعملت كقواطع فاصلة للمسيرة الديمقراطية خلقت منها ثلاث جزر منعزلة لازال وصلها واتصالها يشكل عنتاً وأرهاقاً للاجيال الشابة ويضاعف من حجم المسئوليات المنوطة بها الآن وهي تباشر آخر الحلقات والاطواق !!
    كانت مخلفات الحكم الثنائى كثيرة ومتنوعة ..
    لازالت تواكب بآخر أنفاس الدفع الذاتى ... وكانت صعوبات الارساء الديمقراطي .
    وتثبيت قواعد الشورى والمشاركة أكثر صعوبة وأزخر تنويعاً ..
    ولو لم تتغلب فترة الطبع على مشقات التطبع في ممارستها المجزاة ، لما أمكنها وهي في شرخ
    شبابها وحداثة سنها أن تظل صامدة إزاء كل مااعتراها من صعاب وماواجهت من حروب
    وما وضع في طريقها من عقبات ... ولاتنئ تثبت في كل حالتى تغيبها بعقوق ابنائها تسللاً وليلاً وجحوداً في رائعة النهار . بوفاء كل ابنائها ثورة .. وإصرارا .
    تثبت أنها أصالة الخليقة الدالة على الذات السودانية والتي تشكل كل دوافعها ونوازعها .
    وتكسبها توازن العقل والروح . وهو التوازن الوحيد لبناء الأمم وعمارة البلدان وقوام الانسان وصناعة التقدم ونعمة الاستقرار
    الـجوع الديمقـراطي

    الجوع الديمقراطي ...
    حاجة ماسة مسعرة ..
    تطال بسعارها الاجسام والارواح والعقول ...
    ولايتم اشباعها إلا بممارسة الجرعة العبقرية .
    ثلاثية المقادير :-
    التلاقي ...
    الحوار ..
    التراضى !!
    هذا الجوع يعاني منه شمال السودان مثل جنوبه ويعانيه شرقه كما يألم له غربه ...
    وكلهم في هّمة سواء ... وأن تفاوتت درجات الواقع ، وتلونت أساليب الافصاح بمكونات كل جهة على حده ونوعية التفاعلات في محيطها ... ومدى تعرضها للمداخلات الأجنبية الوافدة عليها .ومزكيات الصراع التى تحاول الانحراف بماهية الجوع الديمقراطي فتصبغ عليه أسماء من صنعها وتقوده في مسارب تجنح به بعيداً عن مبتغاه وتصيبه بالآلف العلل ... الانقياد فيقاتل نفسه ويحرق أرضه ويأكل بنية وماوله وينتحر !!
    من أطول ماعاشته هذه الظاهرة الصناعية وأكتسبت به زخماً إعلامياً أسدل ستراً كثيفة على حقيقة حجمها وطبيعة تكوينها ومنشأها التاريخي وإستعصائها على العلاج وهو :-
    تلك الظاهرة المحيرة التي إندلعت فجأة صبيحة الثامن من أغسطس عام 1955م أتخذت لها
    موقعاً من مدينة "توريت " في الجنوب ..وأخذت لها شكلاً في تمرد الحامية العسكرية هناك
    وأخذت لها أسلوباً في ابادة الشماليين ضباطاً وعساكر ومدنيين ..
    وأتخذت لها منطلقاً من الاستوائية . وأتخذت لها قاعدة من بطون قبيلة الفرتيت .
    ورفضتها بحر الغزال وأعالى النيل . واستهجنها العقل السكاني ممثلاً في النليين قاطبة :- الدينكا ..... الشلك ....... النوير
    بل وحافظوا على الأمن والنظام في كلتا المديرتين توجساً وخفية ولم يكن ثمة مايدعوهم
    لذلك حسب رواية الاخ " قوردون موردات" الذي كان يشغل وظيفة في السلك الاداري
    وكان له دوره الوطني المرموق آنذاك .
    لايعنينا الآن تعداد ضحاياها ، وتكاليف إخمادها وماأعقب ذلك من استجوابات واعترافات
    ومحاكمات ولجوء شارتها إلى الادغال للابقاء على جذوتها ونزيفها المتقطع .
    لايعنينا كل ذلك هنا الآن .
    فهو محفوظ بكامل هيئة وتفاصيله في الوثائق المدونة لتلك الفترة ولذلك الحدث المباغت الخطير
    كل الذي يستدعى الاهتمام والامعان .
    هو هذا التوقيت الجهنمي في الفترة الحرجة والفاصلة من تاريخ البلاد والذي كان من الممكن
    أن يؤدي إلى أوخم العواقب ... أقلها .. الانهيار الدستوري .. والفراغ وملء الفراغ ..
    فكلتا دولتي الحكم الثنائى تحسان بالقلق إبان فترة الحكم الذاتي وسرعة إكمال السودنة ولديهما إحساس مشترك بأن هناك مايخرج عن طوعهما معاً !!
    ولا ينتمى لارادة أحدهما دون الآخر بل يفرض وجوده بقوة .
    ويعد لاستقبال جنين مجهول لكليهما .... وقد آذنت لحظة مخاضه بالاشراق ..
    ويتحلى مستقبلوا ذلك الجنين أهله وذووه باليقظة والثبات والثقة مما أذهل الاطراف الثنائية المنسقة حيناً المتجاذبة أحياناً ..وهم يشهدون أهل الحل والعقد يقودون سفينتهم عبر العواصف والانواء باقتدار الربان الحكيم…
    وكان بأسم الله مجراها ومرساها واستقرت على التاسع عشر من ديسمبر 1955م .
    واستقبل الوليد المنتظر وعلى بشرته الغضة انطباعات من جراح مارس 1954 م.
    ومعالم من طريق هدف . وخضاب من دماء الثامن عشر من أغسطس 1955م .
    وعندما دوت صرخة إهلاله في العام الجديد كان مزيجاً من بشير ونذير وظلت الجذوة المختبئة بالغاب تزكوا أوله وتخبوء تبعاً لجرعات وقودها ومحاولات مموليها من الخارج .



    الكـباكا مويتســـا

    ولو خلصت العناية لقادت خطى البحث والتقصي إلى أبعد من قانون المناطق المغلقة عام 1922م وأعمق من دالة على عبد اللطيف " و" عبد الفضيل الماظ " في اللواء الابيض عام 1924م .ولساقها الوشم التاريخي إلى حضرة " الكباكا موتيسا" في أوغندا وهو يأنس بالوافدين إلى بلاده من زنجبار وبالزائرين لبلاطه من الخرطوم ويتأمل في ارتياح عناقهم في اللقاء وسلوكهم في البقاء ويكاد يغسل إحدى يديه في مياه المحيط الهندى ويمسك بأحاهما حفنة من رمال الصحراء الكبرى ويحس في اعماق ذلك الروح الذي يعمر القادمين عبر البحيرات ... واولئك الآتين عبر المستنقعات والسدود وهم ينسجون نسيجاً رقيقاً من المحبة والسلام ويتمنى أن يضم هذا النسيج مملكته تقتل فيه الزمن وتبدد له المجهود فيطرح خارج مركز القرار إلى هامش الحيرة والضياع وبذات الرقة والمحبة والسلام .....
    وما كان الكباكا يدرى ...
    وماكان حاضراً مؤتمر برلين الذي عقد لتقسيم افريقيا بين الدول الاوربية عام 1885م وماكان يدرى أن نشر المسيحية والحضارة الاوربية من أهم مقررات ذلك المؤتمر..
    وما كان يدرى بالقرار القاضى بايقاف التوغل العربي الاسلامي عند حاجز يخترق القارة من شرقها إلى غربها موازياً لخط العرض 10 شمال خط الاستواء .
    ولم يلحظ الكباكا الا أخيراً كيف تنعم الارساليات المسيحية بحماية الدول الاوروبية ودعمها
    وتأييدها وتمعن في المضايقة والتضييق على الوافديين عبر طريقي الشرق والشمال فلملم
    الرجل إنسيال عواطفه وقلص ميوله التي كادت تصل به إلى إعتناق الاسلام..
    وترامت على مسامعه مالحق ب " حامد بن جمعة المرجبي " في الكونغو ..بعد أن نجح تجارياُ وإستقر سياسياً وأثرى أجتماعياً وآمن نفوذ سلطان زنجبار بين 1870م -1886م . حيث طرد مجرداً من كل ما يملك . وساعد البريطانيون البلجيك في تملك الكونغو جميعاً وسمع هدم المساجد وإضهاد من أسلم من أهل البلاد ورأى بعينيه حدة الصراع بين بعثات التبشير المدعومة والتجار المسلمين العزّل ..وحاصره " غردون " و "بيكر " حتى إستلامنه آخر لرغبات والميول في الدين الذي إستهواه والشعوب التى وفدت إليه والطرق التي أدت مملكته
    وهكذا كان عزل المساحة بما عليها جنوب خط العرض " 10 " سابقاً لقرار المناطق المغلقة
    في السودان بما يقرب من الأربعين عاماً . وقد بدأ بتشكيل قوة عسكرية بأسم " الفرقة الاستوائية " لتحل محل الحامية الشمالية 1917م وتشجيع البعثات التبشرية المسيحية ورعايتها والتعاون معها . وفي عام 1918م إعتبر السلطات الغازية أن يوم الاحد هو العطلة الرسمية في كل إنحاء الجنوب وإعتبار اللغة الانجليزية لغة رسمية لأهل الجنوب بدلاً عن اللغة العربية !!!

    على عبد اللطيف وبـدايـة التنبيـه

    وبأندلاع ثورة 1919م في مصر إتضحت مساحة التجاوب الكبير معها في السودان وأصبح إسم سعد زغلول رمزاً لضمير يعمّر الآف القلوب في السودان للحرّية .
    وكتب على عبد اللطيف مقالاً بعنون ((مطالب الأمة السودانية )) منعت نشرة في " صحيفة الحضارة " وببحث السلطات وتقصيها إتضح لها ماأفرغها وأثار رعبها وأربك بعد ذلك أداءها ودمغة بالعجلة والتسرع فقد أكتشف أن على عبد اللطيف عضو في تنظيم ثورى يسمي " جمعية الاتحاد " بل أنه عضو مؤثر ومرموق وأنه يتحدث بأسم الأمة السودانية كلها . وأن معه فحول كثر من شمال السودان وجنوب السودان يتحدثون ويعملون بأسم الأمة السودانية كلها .
    وعندما أودع على عبد اللطيف السجن لأن مقاله يثير الكراهية ضد الحكومة زاده ذلك بريقاً ولمعاناً ودعم مكانته في قلوب زملائه وإخوانه وحطم نظرية العزل ، بل وأثبت فشلها
    وعدم جدواها .. وهنا إستسلمت السلطة لنزعى التسرع والارتباك !!
    فقررت بناء الحائط الوهمى الذي :-
    1- يحاول الانفصال .
    2- يمنع الاتصال .
    3- يحقق قدراً من الغربة بين الأهلين بوسائل مدروسة وبرامج مركزة .
    4- وارساليات معانه تنتهج نهجاً سلطوياً مطلقاً لانجاز أوسع مساحة من الاغتراب تزرع
    بزقوم الكراهية والحقد تغذي بها أجيال بأسرها .
    5- يصفى خلالها الجيل الوسيط .
    6- وتهتك أوامر الهوية والاصالة .
    7- وتموت حياة لتحيا أخرى جديدة وغريبة تطبخ في قيزان الزمن على نيران الفتن والاحن
    وقام الجدار بأصدار قانون المناطق المغلقة الذي جعل من جنوب السودان منطقة محرمة على من هم في شمال السودان !!! سواءاً بقصد السفر أو التجارة ثم ألحقته بقانون آخر سنة 1930م قامت بموجبه بترحيل كل الشماليين من الجنوب وحالت دون اتصال القبائل الجنوبية بالقبائل العربية المجاورة لها في كردفان ودارفور .
    وألغت الاسماء العربية وحرمت لبس " الجلابية والسروال والعمة " .
    وابعدت الإداريين والموظفين والشماليين من الجنوب وضربت نطاقاً قهرياً أخذت تبذر فيه بذور الانفصال !!هذا هو الاستعمار ....
    هذا هو الاحتلال الذي يندى له الجبين الانساني ......
    هذا هو القهر والتسلط والطغيان ......
    وهذه هي عنجهية القدرة عندما يملكها الطغاة .
    وكانت تحمل عناصر فنائها وذعرها من صدى ثورة 1919م في مصر ومدى التجاوب معها
    في السودان ورعبها من مرأى الملازم " على عبد اللطيف "
    في كوكبة من :-
    عبيد حاج الامين .
    وعلى البنا .
    وحسن محمد شريف .
    ومحمد الخليفة عبد الله التعايشي .
    وتسرعها في أقامة جدار يريد أن ينقض وارتباكها في قطع ما امر الله به أن يوصل .
    ويأسها من محاولة العزل والفصل وهي ترى الأمة السودانية ماثلة أمامها رغم مؤتمر
    برلين ، ورغم مدارس التبشير ، ورغم التحوير والترحيل والمحاكمات والتقتيل .
    لم يكن الجنوب أثناء الغزو الاستعماري كياناً هامداً ولا لقمة سائقة ولم يستسلم للفاتحين
    طائعاً مختاراً ولم يستقبلهم فاتحاً أذرع الترحيب والقبول بل قامت فيه عشرات الحركات
    الرافضة والمقاومة راح من جرّتها مئات الضحايا من فرسان الدينكا والشلك والنوير
    بل إن " النوير " عزفوا طبول النصر في إحدى معاركهم بأذرع أحد المفتشين الانجليز .
    ولم ينهزم الجنوبيون قط ولكن غلبتهم الاسلحة النارية ولم تتحدث الرويات التاريخية إلا
    لماماً عن هذه الاحداث لحرص الغزاة على إخفائها أولاً .....
    وبعد الشقة وبيعة المساحة وقدرة الأدغال على أخفاء الاسرار ثانياً
    وهيمنة الغزاة على مايذاع ومايشرع ومايدفن في باطن تلك الأرض العذراء التي وصفها بيكر بأنها من أجمل بقاع الارض وأطيبها سكناً واستثماراً للبريطانيين ..
    لذا فأن التحليل لمشكلة الجنوب يتجاوز :-
    * " كاربينو "
    * " حامية بور "
    * وقرنق وحركته .
    *ولاقو و" الانانيا " خاصته .
    * وتفنق " والفرقة الاستوائية وتمردها .
    ويمضى في أنابيب الاختبار وصولاً إلى مؤتمر برلين ويستقر على قرار خط العرض العاشر
    في منتصف القرن التاسع عشر .خمسون عاماً قبل سقوط " سنار " عاصمة مملكة الفونج .!!
    وعندما يصدق التحليل فأنه سيكشف تماماً أصل هذه العلة العياء ويساعد في إكتشاف والترياق الشافي لها فليست هي أصلاً هذه الحركات الخمس المسلحة وليست هي حزب " سانو " ولا رجع صدها في " سونى " هذه مظاهرها الخارجية ، قد تختفي بامراهم والمسوح لكنها لاتشفى ولا تقارب البرء ، فهي تكمن عندما يتعافى الجسد الوطنى العام ، وتنشط وتستشرى عندما يضعف ويتهالك !!
    وبين كمونها وإستشرائها تتضح الايدى وتنكشف القوى الخارجية المحركة لها والموصل الجيد
    لاستمرارها وخطوط إمدادها متعرجة العلو والهبوط تبعاً لظروف الأصلاء.
    ومظاهرها تتراوح بين الحزب السياسي والتمرد المسلح وتجاربها تبدأ بالفرقتين وصولاً إلى
    النيليين وتمارس التسرب إلى جبال الانقسنا وجبال النوبة وتلال البحر الاحمر .
    ومهندسوها الاصلاء خلفها يمدونها بالتعلات والذرائع :-
    فهذه مناطق مهشمة .
    وتلك حكومة دينية
    وذاك كيان عربي .
    وذلك إحتكار للثروة .
    وذياك فقدان عدالة وإمتهان لحقوق الانسان .
    وأكثر مايكسبها الشخصية الاعتبارية هو الركون إلى مقولاتها المختلفة ... والحوار معها على اجندة هذه المقولات !! والرحيل إليها أسبغ عليها اعترافاً دولياً فصارت تكثر من التواجد في المحافل الدولية والمنظمات وأروقه الوزارات ... ومراكز الدراسات والمعاهد السياسية ... أضافة إلى ملاحقة " التجمع " للالتقاء معها والتنازلات التى قدمت لها قبلاً من أحزاب كانت اكمة ومستقلين يهرولون نحوها .... كل هذا خلق لها زخماً إعلامياً ضخم من حجمها وخلق لها وزناً .. ساعدت في حجمه القوى والشخصيات السياسية والشمالية مما مكن " أصلاؤها " أن يفتحوا لها أبوابهم ويحتضنونها علانية ...
    ورغماً عن هذا فقد تداعت لعواملها الأولية ... وكان لابد لها فحص ذلك عندما فقدت
    الدعم الاسرائيلى بأنهيار نظام " منقستو " واعتمدت على العطف الامريكى ورعاية
    وتعاطف الجوار !!! ولما تقوت الجيوب البريطانية داخلها وقع الانشقاق وتم التداعي حيث تحولت كل الفصائل إلى عادة النزاعات القبلية القديمة بأسلحة حديثة ...
    وأصبح الوتر مشدوداً بين الاستعمار الامريكي الجديد والبريطاني القديم عضو مؤتمر برلين العتيق !!
    تشد أحدى طرفيه آحادية العالم ومحركة الأمم المتحدة الوافدة ...
    ويشد أحدى طرفيه " تاينى رولاند " ممثلاً للامبراطورية البريطانية البائدة .
    وبين البائدة والوافدة تهرق دماء السودانيين عامة وبأيديهم يد تدفعها عصبة قبيلة هوجاء
    في الجنوب ويد تثيرها سلطة غاشمة أكثر عصبية وأعتى هياجاً في الشمال !!
    ولكل يد مضرجةٌ مدد ...
    ووراء كل مددٍ غرض !!
    وأعجب العجب ... أن السلطة الغاشمة في الخرطوم أعطت الحركة اليائسة في الجنوب
    أقوى تعلاتها وذرائعها بدءاً من قوانين سبتمير ... وانتهاءاً بوثوب الجبهة على الحكم
    أعطتها أعظم الهدايا وأكبر المساعدات وأثرى أنواع الدعم الذي لم تجده طوال عمرها
    ولم تحكم به .. وهبتها المبرر الشرعي والقانوني والدستوري الذي تقدمه للعالم بأسره
    إنها ضحية القهر الاجتماعي والقسر الديني والتمييز العنصري والابادة العرقية !!!!
    وأغراض العالم تغشى إحدى باصرتيه وتبصر بالأخرى ....
    ويصم أحدى أذنيه ويسمع بالأخرى .... كأنما الشمال كله لايعاني مثلها يعاني الجنوب
    وأكثر وما بعيون العالم من عمى وما بأذنيه من صمم ...
    ولكنه يستعمل ورقة رابحة ويلتقي هدية مضاعفة فأن جماعات من الشماليين تدعم علناً
    ما تقوله الحركة وتثبت دعواها في كل محفل وكل لقاء ...
    بل وتلتمس لها العون وتشترك معها في تنظيم سياسي واحد !!
    والذين يقفون وراء الحركة منذ نشأتها ... يفركون أكفهم فرحاً وسروراً
                  

03-28-2007, 06:19 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الحـركة تـواصل القفـز للهـدف النهائى

    لذا قفزت الحركة من تمردها على التقسيم 1983م متجاوزاة الحكم الاقليمي واتخذت
    طريقها بين تصفيق التجمع وهتافه وزغاريده إلى الفيدرالية ثم إلى الكونفدرالية ..
    وعندما حملت على أكف التجمع إلى ندوة واشنطن الأولى ووضح جلياً أن التجمع قد
    إستنفذ أغراضه ... وانتهى عمره الزمنى بالنسبة للحركة وأقصى من الاجتماع وخرجت
    والحركة بشعارها الجديد تقرير المصير !!
    كان الربحان الوحيدان :-
    (1)من هم وراء الحركة في كل مكان من تل أبيب ، بون ، وروما ، ولندن ، واوسلو ، واشنطون !!
    (2) ومن هم يتولون السلطة في الخرطوم !!
    والضحية الوحيدة لكل هذا ... هو الشعب السوداني كله ...
    وعليه وجوباً أن يكف السكين عن عنقه لعل الله يفديه بذبح عظيم .. وهو ماتبدت مظاهره في تفتت الحركة وانشطارها ..قرنقاً .... ولاماً ... ومشاراً .... ونوناً ...
    وما تتجلى بشائره في هبات الشعب السوداني التجريبية الاختبارية التى تضئ الآن كمشاعل
    إلهية ومنارات هدى يشرف بعضها في " الاوسط "
    ويلمع بعضها في " كردفان "
    ويحس ببعضها في " الشمالية " .
    ويشرق بعضها في " تلال البحر الاحمر "
    وعندما يتلاحم ساعد الادارة مع ساعد القدرة يؤذن مؤذن في الناس .. فيأتون رجالاً وعلى
    كل ضامر ويتعانق عقربا ساعة القدر .
    وتولد المقدسة المنتظرة للمرة الثالثة ... لتملأ السودان عدلاً بعد أن ملي جورا .
    وهذا حديث آخر يحيا بالكتمان ويموت بالافصاح والاعلان يهمس بلا صوت ويمضى
    بلا ضجيج ويرى بلا شخوص .... وهو الرهان الأخير الذى سيخسره رماه القدح إذ
    يختصمون أيهم يكفل " عازة " ....
    ولا يدرون أن رب عازة قد كفلها عبد الصمد فقد شغفته حباً طاهراً
    وتدله في هواها من زمانٍ سحيق !!!

    المــحاق الأخـيـر

    الآن تدخل المشكلة في الجنوب محاقها الأخير .... فتتفتت الحركة في الجنوب وتتيبس رفات التجمع بأيدى دافنيه لايتبقى من المحصلة إلا مقولة تقرير المصير وهي الميدان الجزافى العتيق في حوزة من يريدون فصل الجنوب وإستثماره وسيتم على حنوئها اعداد المسرحية الجديدة وهي لاتختلف من حيث المبدأ عن مقررات مؤتمر برلين كثيراً إلا أنها تنتظر المؤلف وكتاب السيناريو والحوار والمخرج المقتدر الذي يجعل منها رائعة المسرح وفاتنة النظارة وذلك نظراً للتطورات التى اعترض العالم وإنكماش بعض الدول وتمدد بعضها ... وغياب الشمس عن إمبراطورية قديمة لتشرق في أخرى جديدة ...
    وقطعٌ من الارض كانت مستعمرات أصبحت دولاً مستقلة ....
    وحركات تحرر شاملة تطارد بعصاها غاصبين في كل مكان ....
    وإنقسام بينها حرب مثلوجة من جليد وتداعى أحد المعسكرين ليخلد في الكون معسكراً
    واحداً فريداً له دون كل العالمين ... النهى والأمر ريثما يسير الأرض فينظر كيف كان
    عاقبة الذين من قبله ....
    وعملاقٌ بأقصى الشرق يفرك عينيه الضيقتين تأهباً وهو يستيغظ من سبات طويل .
    وأقزام مستأنسة في مطلع القرن .. تبدت في سمت النمور وبرعت صناعياً واغتنمت
    اقتصادياً ... وانتاجها التقنى الواسع غزت به إلى أسواق المستهلكين ..
    ودولٌ ذات حضارات ورقى حطمتها الحرب الثانية حتى النخاع نهضت من حطامها
    بأروع الصور وأقوى الامكانات ووحدت مجاميعها وحصلت على ميراثها في العالم القديم
    من اوروبا .
    ولن نحتاج بعد الآن للاستنجاد بقطبى الاطلسي ولا في مشروع " مارشال "
    ولا قانون " الاعارة .... والتأجير " …ولا النقطة الرابعة ..ولا ملء الفراغ .
    بل هو تزاحم لملء فراغات شاسعة في آسيا وافريقيا وشمال شرقي المحيط الهندي ودولة
    عظمى زماناً ومكاناً دامت الشمس على أرجائها لم يعد من عمرها إلا ذكريات !!!
    واسرائيل المزعومة ... التى كان يتهددها الموت غرقاً ويتوعدها الوجود العربي المحيط بها
    إختناقاً وفناءاً تمتعت بخاصية " يونس بن متى " صاحب الحوت ...
    فلم يمسسها ضر ونبتت عليها شجرة من سلام وتمتعت بالاعتراف والشرعية ...
    وغسلت رجليها بأمواج البحر الابيض المتوسط المتقافزة نحوها من الاطلسي عبر ساقي
    " هرقل " في ممر " طارق بن زياد " واضطجعت على الضفة الغربية متخذة من نهر الاردن
    أمناً وإطمئناناً .. وحكماؤها يبحثون عن هيكل سليمان تحت قبة المسجد الأقصى
    وحكامها يسرجون الطرق بين النيل حيث طاف موسى بأرض " كوش "
    يرنون إلى الفرات بعد أن قصفوا أول مفاعل عربي على ضفافه وبعد أن انتحر أكبر الجيوش
    العربية وأقواها على رمال الكويت الشقيق ... كل هذا له علاقة ماسة وحميمة بالمشكلة
    في الجنوب ....وكلها شخوص المسرحية الجديدة التى سيصعب كثيراً تأليفها واخراجها
    لأن الموقع صار مطعماً للكثيرين ... وقد بدأ تنافسهم عليه وإختلافهم على استغلاله يضاف إلى كل هذا وعلاوةً : --
    ذعر الشركات الكبرى التى كانت تملك الأرض وما عليها في جنوب القارة الافريقية
    وتمارس الاستثمارات المهولة في التعدين والصناعة والزراعة والتجارة ..
    أقول ..... ذعرها من يقظة الانسان الافريقي ونضاله من أجل أرضه وحياته .
    وجهاده من أجل الحصول على حقه كاملاً ....
    كل هذا جعل الاحتكارات الرأسمالية الرهيبة تفكر في النـزوح ومعاودة الاستثمارات في مكان جديد فيه الماس والنفط والحديد وأراضى بكر وانسان جديد ...
    وطريق سوف يمتد إلى البحر المحيط هذا الذعر سيشكل تأخيراً على رفع الستار حتى لو تمت الرواية فصولاً وإذا كان العالم سيشكل إثر كل حرب بزّى جديد .
    واذا كان كل قرن من الزمان بفتح ابوابه بحرب ويغلقها بسلم ... أى يخرج من معركة
    ليعد لأخرى يخوضها .
    وإذا كان الرعب النووى مانعاً للاقتتال بين مالكى أسلحة الدمار الشامل لأنها تفنيهم جميعاً
    بما قدمت أيديهم فأن الناظر إلى التكوينات الدولية الجديدة في نهاية القرن يحس بالصقيع المنذر بعدة حروب باردة تنشأ بين أرباب الدمار ولكن في ميادين العالم الثالث حيث يكون وقودها الشعوب الضعيفة الساكنة في أرض الخام المطلوب للدول الكبرى التى تمارس صراعها عبر الآخرين بالاسلحة التقليدية وأرواح المتخلفين ودماءهم بل وزرعهم وضرعهم بالكيماويات وماءهم وهواءهم بالجراثيم .

    مسـاحة الاستهــداف أكــبر

    إين نحن من كل هذا ... إذا صدق التوقيع فيه ؟!!!
    بل إين نحن إذا صدق بعضه لا كله ؟! أو لم يصدق إين نحن الآن ؟!!
    لا أكثر من أحد الميادين التي تدور فيها معارك الآخرين ونحن وقودها وأرض محروقاتها ...
    وحاضرنا ومستقبلنا رمادها وذرو رمادها العاصف !!
    ذلك لأن مساحة الاستهداف فينا أكبر من مساحة الصمود والتصدى والدفاع لدينا ...
    لا لأننا ضعفاء أو جهلاء أوفاقدى رؤيا لما كان ولا يزال يدور في بلادنا ....
    ولكن لأن مناشط الاستهداف متعددة ومختلفة دينية واستعمارية واسترايجية ومائية وشمولية
    وانفصالية أو أحياناً تلتقى فيها مراكز الاطلاق فتتجّمع كل هذه الالوان في قذيفة واحدة
    يمارسها حكم العسكر .... وحيناً يتراوح التراشق بين بعض من مراكز الاطلاق أو كل واحدٍ منها على حده ... ولكلٍ مركز إطلاق ظلال بيننا وممثلون !!
    بعضهم رسميون ... وبعضهم متعاونون مستترون .... وخلف كل مركز قوى حاكمة
    ومنظمات مقتدرة ذات تواصل بينها وثيق ....
    لا أقول أننا كنا وحدنا ... ولكنهم كانوا أكثر وأقوى ممن كان معنا ...
    كانت لديهم المتابعة والمراقبة ومراكز الدراسات وخبراء الخطط وقراء الرأى العام والمنفذون
    لذا لم يخلع إستقلالنا وشاحه الدموى الذي التحفه مع خيوط شمس ميلاده ولم يستقر .
    ولم يواصل أيّاً من مراحل تقدمه ...
    وإلى الآن يمضى مثخناً بالجراح ولكنه واثق الخطو قوى العزمات ...
    وأكثر المعارك والصعوبات التي دارت في أرضنا وأعاقت مضّينا كانت للقضاء على إنتمائنا
    وارتباطاتنا وقطع إمتدداتها ..وكثيراً ماكنا نواجه هذه المعارك وهذه العقبات ونحن هدف أعزل وحيد أمام قصف مستهدفيها بل أن سلوكنا الديمقراطي نفسه كانت تتولى تمزيقه ديكتاتوريات ليست من صنعنا المحلى وأن تصّدر واجهاتها ذوونا ....
    كانت الأذرع الخارجية تمتد من أجسام عملاقه وأنظمة عاتية تفلسف مستقبل الكون وتتعامل مع الدول الصغيرة كما تتعامل بقطع الشطرنج !!!
    خصوصاً إذا لم يكن للدول الصغيرة أجسام عملاقة أخرى تمتد هي بأذرعها أيضاً لتحمى أو تعين الصغار في معاركها البطولية مع العمالقة الكبار ...
    وبذا يختل الميزان الميداني وتحقق أمهات القضايا ولايمكن لفصيل واحد أن يظل العمر محارباً
    من أجل قضايا مشتركة لاتجد شركاءها إلا أساة لبعض جراحها ...
    وإلا مغيثوها عند غرقها أو حرقها أو جفافها أو تصحرها ....
    إن السودان في خضم حرب لاترى .... وقعقعة صراع لاتسمع ...
    من الذي أوقد فيه ناراً وقودها الناس والاديان والحياة منذ أربعين عاماً ؟!
    أهم الجنوبيون …. كــــلا
    فأنهم ضحايا حريقها كالشماليين سواءاً بسواء وهم أبرياء وقودها وضحاياها قبائل وسلاطين وكجور لاذ نصفهم بالشمال وتفرق بعض نصفهم بدول الجوار وتبعثر بعض نصفهم في قرى متناثرة ...والذين يتولون الحرق والاحراق الآن هم الستة الآلف الذين تخرجوا من جزيرة الشباب بكوبا غسلت فيها أدمغتهم ولقنوا فيها مبادئ وافكار وفنون قتال .. ومعايشة حروب وادامة نيران .....!! ولو كان الجنوب كله رافضاً للشمال لما تجاوز الرنك عابر ولما احتاج إلى حرب العصابات ..ولما احتاج الشمال أن يثنيه عن رفضه ولو اعطاه وزن الرجاف ذهباً !!
    هل الجنوب مسيحياً خالصاً يهلك دونه ويقاتل في سبيله مسلمى الشمال ؟!! كــلا
    فأن نسبة المسلمين في الجنوب أكبر من نسبة المسيحيين فيه ..
    هل يقاتل الجنوب من اجل حيفٍ وضرر ومظالم لحقت به من جراء إحتكار الشمال لثروات
    البلاد ؟ كـــــلا
    ففي الشمال أكثر مما في الجنوب .. من مظاهر الفقر فشمال الشمال لايكفي نفسه بين شريط النيل العتيق والصحراء القاحلة المترامية ... وشرقى الشمال جلاميد صخر صماء وأودية ضيقة وجوع وبطالة وانعدام تنمية ... وفي وسط السودان .. " مشروع الجزيرة " الذي أصبح طارداً ولا يقيم ... أود مزارعيه وتجف الاسواق من حوله تباعاً لعدم التداول وقلة الاستهلاك ... أين هي الثروة المتنازع عليها ؟!!
    بل أين هو الشمال الذي إستاثر بها ؟! واحتكرها ومنع رفدها عن الجنوب كما تقول
    أدبيات الحركة ... وكما ينوه " التجمع " بأنه سيوزع الثروة توزيعاً عادلاً ومن هو الغنى الظالم الذي إحتكر الثروة وحال دون هذا العدل ؟!
    وهل الجنوب يدافع عن عنصريته كعرق زنجى خالص ؟! كـــلا
    فليس في الشمال عرب عاربة نقية ... إنه مزيج من الاعراب والافارقة والنوبة والبجة واستعراب الثقافة واللغة والحضارة وهجين التراث العربى الأفريقي ..

    تأثـير قـانـون الـمناطـق الـمغلقة على الجـنوب

    إمتحن سير " جيمس روبرتسون " أعتى السكرتيرين الاداريين والحاكم الفعلى المباشر للسودان أمتحن هذا الداهية هذا القانون بعد ربع قرن من تطبيقه في مؤتمر جوبا 1947م ليستصدر من الجنوبيين رأيهم في السودان واحداً أم متحداً أم منفصلاً ؟!!!
    فجاءه الرد إنه سودان واحد . من إذن يثير مايثار في الجنوب ؟!
    وكيف يندلع عصيان دموى مسلح في حامية " توريت " وهي الوريث المتسلسل عن الفرقة
    الاستوائية ..بعد ثمانى سنوات من مؤتمر جوبا الذي أفشل قانون المناطق المغلقة !!
    وكيف يتسنى لجذوة التمرد أن تكون كامنة في الغاب يشعل منها " جون نفنق" تمرد حكومة النيل ؟!
    وكيف تخبوا رويداً لتهب في حركة " الأنانيا " بقيادة جوزيف لاقو لتواصل الالتهاب
    حتى عام 1972م ؟!
    سبعة عشر عاماً ينزف فيها الاستقلال نزفاً سرمدياً لاينقطع ولا يكف ..
    أحرقت خلالها مصانع " أنزارا " و" كترى " ومزارع التبغ ... وحطمت فيها الكبارى ومعابر الروافد وقطعت فيها الطرق واستعرت فيها حمى القتال ... وعمت فيها الابادات من الجانبين .. وتعثرت خطط التنمية بل أوقف تنفيذ بعضها وأرجىء البعض الآخر ...
    وبدأ تسلل القبائل النيلية إلى حظيرة التمرد ... واتسعت رقعة القتال في ميدان كثيف
    من الادغال لايعرف فيها الغالب من المغلوب ... ولا تفرق بين المخطئ والمصيب
    ويؤخذ فيها البرئ بجريرة المذنب ...
    وأصبحت الغابة الاستوائية جحيماً وقوده الناس والشجر والحيوان والتراب !!
    وتراكمت على حشائش السدود جثث من الشمال والجنوب سال من احشائها دم واحد
    لايفتقد هويته ولا ينكر بعضه .. إنسكب على صفحة النيل الابيض سابحاً على بحيرة "نو"
    ولازالت صفائحه وكروياته تتراقص مع الامواج وهي تمعن في انحدارها نحو " جونقلى "
    فتتقارب وتلتحم ببعضها ويضمها الموت بعد أن فرقتها الحياة ....
    وهي لاتدري بأى ذنب قتلت ؟!!!!
    من الذي أزكى هذا الصراع ؟!! وأراق هذه الدماء طوال هذه الأعوام ؟!!
    ومن الذي جعل السودانيين في جنوبهم موتى بلا قبور ؟!!
    ومن الذي عطل مشاريع تنميتهم وكاد يطيح باستقلالهم ؟!
    من الذي يحاول غرس البغضاء والكراهية بينهم لتتغذى بسماد أجسادهم ؟!!
    من الذي يرى أرض رويت بدمائهم وشبعت باشلائهم هكذا ؟!!
    من الذي قطع ألسنة الحوار بينهم وحال دون لغتهم المشتركة ؟!!
    من هو صاحب المعين الذي لاينضب في تلقيم هذه النار بمحروقاتها ؟!!
    من الذي يمد الغابة بالسلاح والذخيرة والعتاد ؟!!
    بالقطع هو " جون " أو " لاقو " أو " تفنق " ولا يصدق بالعقل كما لم يصدق بالتاريخ أن تمرداً يهزم جيشاً نظامياً مهما كان حجمه !!
    إنه لمن نافلة القول المرير والعزاء الضرير .. أن يرجع الأسباب إلى " مؤتمر برلين " الذي ذهب ولم تذهب آثاره ، وتغير ولم تتغير نواياه ومقاصده ....
    فقط إستتر رعاته خلف منفذين من أهل البلاد بدلاً عن دوقلاس وروبر برتسون وآخرون
    لا نعلمهم الله يعلمهم ... وهو من ورائهم محيط !!
    ولكن كيف يكون كل هذا الكم دعماً لمقررات برلين وتنفيذاً لقانةن المناطق المغلقة ؟!!
    ولا يكون للطرف الآخر الذي يتصدى لمؤتمر برلين ويقف دون اغلاق المغلقات بقانون
    دعم ممن تضيرهم مقررات مؤتمر برلين وممن يشكل غلق المناطق الجنوبية سداً منيعاً أمام السودان من حضارتهم ودينهم واستثمارهم المشترك ؟! كيف وقفوا بمعزل عن قضية مشتركة تمسهم مساً حثيثاً في أمنهم ومعاني حياتهم كلها ؟!
    ولا ينصب السؤال أيام برلين ومؤتمرها ولا تاريخ قانون المناطق وتطبيقه ...
    لأن ميقات العذر العام قبل تقسيم إمبراطورية آل عثمان وبعدها ...
    كان معذوراً كل شلوٍ خرج من تلك الامبراطورية خروجاً إضطرارياً ...
    وكانت الدول صاحبة شأن الكون قبل حربها وأنتصارها تجلس حول مائدة مستديرة
    واضعةً خريطة العالم بدلاً عن صحائف الطعام وتقسيم المشاهي والأطايب وهي ممسكة
    بالشوكة والسكين .ولذلك الزمن حيث كنا وكانوا ... ولا تسل كيف كنا وكانوا ..
    حيث لم يكن أحد يملك من أمر نفسه شيئاً ولا يملك لأحد شيئاً ... وربما كل قائل
    نفسي نفسي .
    أن السؤال والتساؤل بعده بكثير كثير... كثير أجل يحق السؤال .... ويحق التساؤل .
    وصريح القول أمضى من حداد الأسنة أبى السودان للمآذن أن تنحنى أمام الصليب
    فهي معتقده الطيب .... لا تنبعث الا نداء التسامح والاخاء ولا تحث الا على خير العمل.
    وتمجد بلالاً لبنى جلدته هنا .... حيث كان الصليب ناقوس الخطر ويقررع أجراس الحروب
    ويستعين بالغزو والاستعمار والقهر ويحتكر الأرض وما عليها ويطوعهم لما يريد ويطيعهم بما يريد ..
    دفع السودان ولازال ...أجمل سنى حياته وأزهى عصور فتوته وشبابه هذا الثمن الباهظ عبر هذه السنين الطوال كان يدافع عن ذاته تجاه غزاه غرباء ....
    ويدافع عن عقيده لم يهاجم بأسمها قط ولم يقسر عليها أحد ولم يشترطها على من يشاركون المواطنه حتى من تعلم في الارساليات ودانوا بدينها ... لم ينازعهم حرية إختيارهم قط ... مع بالغ علمه أنهم يدعمون من خارجه ويهاجمون نيابه عنه !!
    وهو لايجد لخارجه عوناً ولا ذراعاً .... كأنما العقيدة هذه خاصيته .
    وكأنما المآذن إرثه ...وكأنما الآذان نداءه واستجابته وحده ...
    وكأنما الضاد وثقافته إحدى مخلفات أبيه دون الناس أجمعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم والناطقين بحروف هجائها أجمعين ؟!!!
    دفع السودان وحده.. هذا الثمن الباهظ الذي يرى الآن في تشرده وانتثاره لدى الآخرين دفع بجوعه وعريه ومرضه وبطالته …وهذا لكيلا يفرك إخوان العقيدة أعينهم دهشة وهم يرون سكان أكبر البلدان وأخصبها واوعدها بالخير والنماء يهيمون في طرقاتهم الملساء المضاءة بالثريات يبحثون عن العمل ويحتالون على الاقامة … ويحزمون حزم العصا في الترحيل والابعاد !!
    وللدهشان والمندهش نقول : -
    هولاء قومٌ حملوا دينهم سماحة ، وحافظوا على انتماءهم مروءة ، وكم أودت المروءات بأهل
    المروءات !!!
    وهذه ملاحظة تجحظ فيها حدقتا التاريخ لانوم ولاعتاب فقد مضى زمن كليهما ، مضى
    وأوغل مضيا ... فقد أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا ...
    والا فمن أين جاءنا حكم الجبهة بدكتاتورية الانقلاب الاخير ...
    أين تغذى وشبع وطغى ثم انقض علينا ؟!
    ثم قلب ظهر المجن لما اشتد ساعده فرمى من علمه الرماية كل يوم ؟!
    ندع هذا إلى حينه ، ونرجع لذكريات الجنوب قبل أن تنفذ الذاكرة .. شهر مايو في السودان هو أشد شهور العام حدة في الحرارة وانبعاثاً لريح السموم والصهد اللاهث العطيش تفقد فيه الأرض آخر رطوبات الشتاء .. وتنغلق بواعدها بعد شهر بالرشاش فيهرع الناس لظلال "الرواكيب"لأن سقوف البيوت تكون بؤرة تنصب فيها أشعة الشمس فتكون كالتنور الذي يكاد يفور أو يتميز من الغيظ .. لذا يسافر الاثرياء إلى المصايف وبعض الاوسطين يذهبون صعداً إلى جبل " الأركويت " حيث يروق المناخ ويصفوا الجو .. وتهب الصبا عذراء لم تمسسها أنوف العالمين ... وهو مصيف عالمى لولا ... قلة الحيلة وعثرات الزمان ... وجبل الاركويت يشرق في زهو واعتداد كانه حارس أمين على أرض " البجة " وتدور في أمسياته المقمرة أحاديث الحدق ورماة الحدق ويتقطر الجو بزهو " الاراك " يسمونه " الشاو " يتداوله النسيم الرطيب مع نغمات الربابة ...
    وهي تتأوه وتختنق تبث ألحاناً ذات الوان قزحية تتراوح بين الاشواق المجهولة واللوعات المضنية والذكريات المضيئة وربما بلغ الشجن بأحد الحاضرين وربما بلغ الشجن بأحد الحاضرين فيستل حسامه ويقفز شاهقاً يكاد يخترق الهواء حتى ينثر " الخلال " من شعره الكثيف !!
                  

03-31-2007, 04:19 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    نظـره موضـوعيه لاتفاقيـة الحكـم الذاتي

    1972- 1983م عشر سنوات بين توقيع إتفاقية أديس أبابا " لاقو - نميري " وبين إندلاع تمرد كاربينو في حامية بور حيث تبعة " قرنق " الذي كان يقضى اجازته العادية هناك . وبرؤية موضوعية بالغة الحيطة والحذر في حيدتها ترصد هذه النقاط إلى جانب المكاسب التى منحتها الاتفاقية وقانون الحكم الذاتى :-
    (أ) جغرافياً ألغيت حدود وادارة المديريات الجنوبية الثــلاث " الاستوائية - بحر الغزال
    أعالى النيل " وتوحدت فيما سمي ب " الاقليم الجنوبي " .في حين تركت المديريات الشمالية الست كما هي .
    (ب) قام في هذا الاقليم مجلس تشريعي ينتخب بالاقتراع السرى
    ( ج) قام مجلس تنفيذي عالى يمارس السلطة التنفيذية نيابة عن رئيس الجمهورية وله حق تعيينه وعزله .
    (د) من حق هذا المجلس إدارة كل المرافق الحكومية ويمارس السلطات المتعلقة بأجهزة الحكومة المركزية بموافقة رئيس الجمهورية .
    (هـ) توقفت الحرب في الجنوب وحققت قدراً من الاستقرار .
    ( و) كان أول حوار يصل إلى غاية منذ لجنة الاثنا عشر 1966م .
    وأول توقف لاطلاق النار منذ 1955م .
    وأول سلام يعم القطر منذ إستقلاله وعمت البلاد فرحة بتوقف نزيف الدم والمال والتنمية ووضع الجنوب كله أمام مسئولياته كما أراد أن تكون تلك إرادته حقاً .. وجاء الطموح مطالباً بتحقيقه ... وجاء الادعاء يحاوره ويشتكى " والله يسمع تحاورهما "
    ويعلم أن درساً لايقدر بثمن سيلقى على الشمال والجنوب معاً وسيأكلان طبخة نيئة لم يحسن إنضاجها فتصيبهم بالاعسار والزهاق وقروحٍ لاتبرأ .. ولات حين انضاج لها من جديد ...
    فقد مرض المأكول ولآكل ... وسيعلمان نبأه بعد حين !!


    الطــــاؤوس

    إزدهى الرئيس القائد إذ أضاف لألقابه العديدة لقباً مزدوجاً " بطل السلام ... وقاهر الخصام " وذلك مالم يفعله رئيس قبله .... وإطمان ذهنه من مشاكل الجنوب التى تقص المضاجع وأمن ظهره ليفرغ للشمال وحق له أن يزدهي فما تسنت لقائد ملهم قبله .
    وازدهى " جوزيف لاقو "
    فهو اول رجل من الفرتيت يحكم عشرات القبائل في الجنوب ...
    ثلاث مديريات مترامية الاطراف كان يديرها ثلاث محافظين أكفاء يعاونهم عشرات من
    مفتشى المراكز ... وضباط الحكومة المحلية وتؤمنها ثلاث قيادات عسكرية .
    وتنوف مساحتها على 750 الف كيلومتر من الغابات والأحراش والسدود والروافد
    والمستنقعات ولها من القبائل وبطونها سبعون عشيرة .. لهم عادات مختلفة ولهجات مختلفة
    وأعراف أكثر خلقاً من لهجاتهم وعشائرهم ...
    وحق له أن يزدهي فما تسنى مثلها لمتمرد قبله !!
    حتى المعارضة الوطنية التى كانت تناهض النظام المايوي عسكرياً وشعبياً إعترافت بالاتفاقية
    بأعتبارها تجربة عملية وجريئة لاستخلاص كثير من النتائج المستقبلية المفيدة رغماً عما يحيط
    بها من مخاطر وما يكتنفها من صعاب نظراً للسرعة التى تمت بها وجردت إستيفاءها من الدراسة الوافية والتأنى اللازم لمثل هذه القرارات المصيرية الخطيرة كما لم يعمل حساب لردود الفعل التى ستنشأ بالقطع خلال مراحل التنفيذ ولم يوضع في الاعتبار الحجم التقريبى للمفاجأت غير المتوقعة . وكل هذه التحفظات التى لم تصاحب هذه الاتفاقية تشير في إستحياء حائر إلى أن :-
    (أ) إتفاقية الحكم الذاتى في مديريات الجنوب الثلاث هو ضرب المغامرة المتسرعة المحفوفة
    بالمخاطر والعامرة بالمفأجات .
    ( ب) وتحمل في مجموعها عناصر فناء سالبة وعوامل ارتداء واقعية وصعوبة استمرار متوقعة
    سواءاً ماينشأ بين المركز والاقليم من خلف في الرؤيا واختلاف في التطبيق .. أو ما يصاحب
    إقبال القبائل الكبرى لأخذ مكانها في حكم الذات أو مايحلم به ستة الآلف من المقاتلين في رتبهم وألقابهم والأماكن التى يحتلونها بأعتبارهم الجيش الرسمى !!
    (ج) ماهي إحتمالات النجاح لاتفاق وثقة طرفان كل سعى إليه بنقيض !!
    *الديكتاتور يريد الغاء المشكل على عواهنه جنوباً ليفرغ لما يخيفه حقاً شمالاً !!
    *وقائد التمرد وكان أقرب ما يكون للاستسلام وقتها ... وجد في الاتفاقية خاتمة سعيدة لما إنتدب له !! وكان يوشك أن يضع أوزار حربه كما قال لزعماء الجبهة الوطنية بأديس أبابا بحضور الدكتور " عمر نور الدائم "……
    كانت مهمة " لاقو " إشعال نار الحرب ولم يزود بدور له في السلام !! لأن احتمال السلام كان بعيداً عن أمانى الذين دفعوا بلاقو لاشعال الفتيل . كلٌ أسرع مهرولاً لالتقاط الفرصة ولم يفكر في العواقب ولم يعطى الدراية حقها ولا القرار
    حقه واعتباره ومن ورائهم من دفعهم إلى هذا بمستشاريه لدى كلٍ منهم " وهم لايعلمون "

    لابد من الإجابـة على الأسئلـة الصعـبة
    دعنا نتأمل جيداً ماتلى الاتفاقية من بيان عملى وما حققه من نجاح فعلى وما صعدت إليه وما سقطت فيه ...ومدى اقبال الجنوبيين على توحيد صفوفهم وبناء مؤسساتهم ... وتنمية أقاليمهم واثيات قدراتهم في تحقيق الأمن والنظام واحترام الاجهزة المنتخبة بواسطتهم ومدى قدراتها على الاستمرار وترميم آثار الحرب وبدء مشوار التنمية . وتواصل الانسجام وتناغم التنسيق بين المراكز والاقليم ومانتج عن ذلك من مشاكل يحتذى لبقية المديريات الشمالية لتكون إقليماً ثم ترقى إلى الفيدرالية ومدى مايعترى المناطق المهمشة على حد تعبير الحركة - مدى مايعتريها من تفاؤل وحث خطى لتلحق بركب الفيدرالية أو الانفصالية إنها فعلاً تجربة ثره . سيكون لها أثرها النافع المفيد لكلا الشمال والجنوب ومعين صادق وحقيقي لايمكن
    إغفاله في مناقشة المشكلة في الجنوب أو تحليلها فضلاً عن أنها واقع شديد الوضوح في
    تبيان وكشف الصعوبات الطبيعية الراسخة العمق في كيان الجنوب نفسه !!
    والتى تشير في غير مواربه ..
    إلى أنه يحتاج إلى الوحدة مع نفسه أولاً ... ليتسنى للناطقين بأسمه أن يصدروا ذلك بأجماع
    متحد أو رأى موحد والا يكن للتداعى القبلى ، أو الانحياز العشائرى قدرة النقص لأى قرار
    أو التمرد على أى اجماع ... والا تكن الغابة ملاذاً للغاضبيين المسلحين حتى من وظيفة أو رتبة قررها مقاتل نفسه . فيعتبر حرمانه إنتقاصاً من قدره او نيلاً من كرامته فيطلق النار على الجنوبيين أنفسهم .
    ويتمترس بالغاب ، ويتمرد على مجلسه الانتقالى العالى أو حكومة الاقليم التنفيذية ...
    ويلحق به كل ساخط على وضع إدارى أو مدفوع بتعاطف قبلى أو منحازاً لرفقة سلاح
    سابقة للعودة ...
    أن العناء الذي بذله السيد أبيل ألير لتثبيت الحكم الذاتي للجنوب وتنفيذ الاتفاقية يستحق
    التنويه والتهنئة والاعجاب فهو لم يدخر وسعاً إلا أنفقه في محاولة جمع شمل الجنوب .
    وعلاج التناقض مع المركزية وملاحقة الاحداث حتى الصغير منها ...
    كل ذلك بروح مثالى معتدل وفهم عميق لطبيعة المهمة وما يحيط بها ومايتهددها ووعى كامل للخلفيلت والنواشئ وملايين التناقضات المحلية .. ولكنها كانت كلها عصية على الحل السريع الذي كان ينشده وأعتى من العلاج الهادئ الذي إنتهجه .وأعمق كثيراً جداً كعمق تاريخ الغاب !!
    والحق أن أبيل ألير هو أجدر الذين يستطعون القيام بهذه المهمة لما يتسم به من الادراك لصعوبتها المتعددة والمزدوجة . ولما يتحلى به من الادراك والقدرة على ضبط النفس ومغالبة الانفعال وعدم التجاوب مع ردود الأفعال الخاطئة والمغلوطة ...
    ولكنه كان يعمل في حقل وعر مفزغ في البداوة شديد الالتصاق بتعصبه القبلى ..
    قوى الولع بحريته الفردية ونزوعه الشخصى عصياً على كل قانون غير عشيرته .
    إستقى من الطبيعة كل مقوماتها فعكسها على سلوكه وتطبع بمظاهر عنفها ورخائها وإعتكارها وصفوها . واتخذ من إسلوبها شرعة صراعها . والتعامل معها فصار مثلها حراً بلا قيد وذاتياً محضاً الا في الولاء لقبيلته . مشتعل الحساسية لكرامته واعتداده .
    لذا كانت صعوبات السيد أبيل ألير ومشتقاته في الجنوب أكثر من عدم تجاوب المركز له في الشمال في عديد مما كان يجابهه من القضايا ...
    وعلى الرغم من أنه تجاهل حقيقة أن السلطة في الشمال قهرية وفوقية وليس من العدل أن
    يصف تصرفاتها بأنها تصرف الشمال وإرادته فأنه أيضاً تقاضى عن حقيقة أكثر وضوحاً
    من تلك وهي أن الذين يتصرفون بأسم الجنوب من المثقفين أو المقاتلين العائدين لايمثلون
    حقيقة البنية الاساسية والحقيقية للجنوب إذ أن هذه البنية هي في الواقع عدة بنى
    ظلت تتعايش مع إنقساماتها حتى صارت عرفاً مرعباً ..
    كون سياجات عالية تفصل بين القبائل ...
    وتكرس حبس لغات التخاطب المختلفة في سجون اللهجات العديدة مما بأعد المساحات
    الفاصلة بينها .فضلاً عن حزم المناطق المغلقة الذي منعها من التواصل مع غيرها في الشمال
    وتشريبهم روح العداء نحوه من جرعات المعرفة التى كان يعدها ويزاولها المبشرون ببراعة وانفراد ..إضافة إلى مايقع فيه كثير من المتعلمين في الشمال والجنوب في تشكيل طبقة خاصة بهم . تبحر بهم بعيداً عن القواعد الأساسية .....
    فيعمدون إلى الحديث بأسمها وهم بعيدون عنها ويحاولون حكمها وهم غريبون عنها ..
    فيضطرون إلى مسايرة أعرافها وتقاليدها حيث تخرج الممارسة عن نطاق المعرفة والعلم وتنتهى إلى مثل ما أنتهت إليه محاولة السيد أبيل ألير المضيئة والمقدرة وبأيدى الجنوبيين أنفسهم حيث طالبوا هم بأعادة التقسيم على رأسهم جوزيف لاقو :
    * زعيم التمرد .
    * وقائد الانانيا .
    * وموقع اتفاقية الحكم الذاتي للجنوب .
    الاتفاقية التي بدأت محادثاتها في روما وأوسلو وتحت رعاية ومتابعة وحضور مجلس الكنائس
    الافريقي ومجمع الكنائس السوداني .والتى بدأت مقاومتها من داخل الجنوب بالأنانيا .
    إذن : -
    لابد من دراسة هذه التجربة دراسة واعية واعية ومستفيضة فهي سلسة تحتوى على عدة مفاتيح للمشكلة في الجنوب إذ ليس لها مفتاح واحد فقط .
    ولابد من فتح هذا الباب المرتج بعدة محابس ومكابح بعضها صدئ ، وبعضها مهترئ من
    العدم . وبعضها جديد يلمع في عتمة الليالى الاستوائية !!
    ولا يمكن للمؤتمرالدستوري أن يصادف اى قدر من النجاح إلا بفتح هذا الباب أو تحطيمه
    فخلفه توجد كل الأسرار التى يحاول البعض إخفاءها ، ويجهلها البعض ويتجاهلها البعض
    الآخر في الشمال والجنوب ..وسقطت كل الرهانات وسقط معها كل المتراهنون جميعاً !!!
    (أ) سقطت الانانيا الأولى ومعها جوزيف لاقو عندما إعتقد أن المقاتلين خلفه وحدة متماسكة سيحافظ على وحدتها في السلم مثلما حافظت على وحدتها في التمرد ، فتداعت إلى عواملها الطبيعية وانفرط عقد إنضباطها .
    (ب) راهن مجلس الكنائس العالمى على 17% من سكان الجنوب هم حصيلة التبشير التى
    انتجت مسيحية جديدة لاعلاقة لها بالعهد القديم أو الجديد ، متجاهلاً 18% من المسلمين وثلاث ملايين دون معتقدات أخرى فسقط الرهان .
    ( د) وراهنت السلطة الفوقية الحاكمة في الشمال على تأمين ظهرها في الجنوب لتتفرغ للشمال وتحرس نفسها بكتيبة من الانانيا في الحرس الجمهورى فتفاقمت مشاكل الجنوب وأخذت تحل المجالس وتغير الوزراء إلى أن تعلقت بطرق التقسيم فسقط رهانها فيه وسقطت معه ..!!
    سقطت مساعى السيد أبيل ألير في جعل الجنوب وحدة متماسكة رغم جهده ولم يستطع
    تطبيق النظرية التى عرضها على " بابا ..روما " وباركها وأيدّه فيها مجلس الكنائس العالمى
    وساعده على انجاحها فتداعت أمام التطبيق من داخل الجنوب واتضح أن الجنوب يحتاج
    إلى الوحدة مع نفسه أولاً وليس طريقها الفوقيات وإفتئات مثقفيه عليه ولا تخلص السلطات
    العسكرية في الشمال من مشاكلها بالقتال أو الحرب أو التعامل مع من لايمثلونه حقيقة

    ولندرك حقيقة التعامل الفوقى للقضية يتعين علينا أن نسأل : -

    1- أين السلاطين من هذا والكجور من كل ماجرى وما يجرى وهم القاعدة الحقيقية
    المتماسكة في الجنوب ؟!
    2- ماهي حقيقة النزاع على أكتشاف النفط وهو ثروة قومية بصرف النظر عن
    مكانها في الوطن ؟!
    3- من الذي عرقل عملية الحفر في قناة " جونقلى " وهي أكبر مشاريع التنمية للجنوب
    وماهي حقيقة الطائرة المجهولة التى دمرت آلة الحفر الوحيدة في العالم ؟!
    4- ماهي علاقة " تاينى رولاند " و" عدنان خاشوقجى " بالجنوب ؟!
    5- كيف يحكم قطر واحد أحد شقيه يخضع لحكم عسكرى شمولى وشقه الآخر ينعم بحكم ذاتى يمارس فيه الاقتراع الحر وتكوين المؤسسات المنتخبة ؟! وهو لم يمارس شيئاً من أبسط أنواع الحكم المحلى وليست لديه كوادر لادارة أصغر مركز من مديرية أو اقليم أو فيدرالية ؟!
    6- ماحقيقة تمرد الكتيبة " 105" في بور ؟!
    وماهو دور التاجر الشمالى " عبد الله الياس " الذي حدا به إلى دفع تجاوزات الكتيبة المالية ؟! ولماذا هوجمت من قبل الفرقة الأولى فقاتلت حتى الموت ثم لجأت إلى الاراضى الاثيوبية لتشعل نار التمرد الحالى ؟! بقيادة " قرنق " !!
    7- أين كاربينو الآن ؟!
    كيف نشأت الأنانيا ؟! وماهو الخلاف بينها وبين كاربينو وفريق قرنق ؟!
    وما الذي حدا بها للوقوف إلى جانب السلطة في الشمال .. وماذا يعنى ذلك ؟!
    8- ماهي علاقة أثيوبيا وهي رائدة المسيحية في افريقيا وماهي علاقتها بحركات التمرد المختلفة وأنواعها وتدريبها هل للمعادلة الاريترية فحسب أم هناك دوافع أخرى ؟!
    9- ما علاقة اسرائيل بما يجرى في الجنوب ؟! وإلى أى مدى ولماذا ؟!
    10- ماهي القوى التى تجعل الظهير الافريقي كله متعاطفاً مع دعاوى الجنوب ؟!
    11- ماهو عمق تأثير العزلة التى ضربت على الجنوب طوال سنى الاستعمار ؟!
    وماهي النتائج التى ترتبت على ذلك ؟! وإلى أى مدى ؟!
    12-من الذي أشعل التمرد في الفرقة الاستوائية في أغسطس 1955م منتصف القرن !
    ورعى جذوتها ولايزال في آخر القرن ؟!
    13- ماهي اسهامات الحزب الشيوعى السودانى وتعاطفه مع اطروحات الحركة في الجنوب ؟!
    14- ماهي حقيقة حجم التجاوب مع الحركة في الجنوب ؟! وجبال النوبة والانقسنا ؟!
    15- مامعنى تفتت التمرد إلى أربع حركات تتصارع فيما بينها ؟! مما أدى إلى إنتصار
    الجبهة الحاكمة في الشمال في معارك الجنوب؟!
    16- ماهي ماهية الظلال الاوروبية والامريكية وشركات الاستثمار الكبرى في افريقيا ؟
    17- ماذا كانت تفصح عنه أدبيات الحركة في عهد قرنق منذ صدور المانقستو الأول ومراحل تطورها تحت الشعارات المختلفة : -
    *تحرير الجنوب
    * تحرير الشعب السوداني
    * ثم الى الفيدرالية
    *واخيراً الى الإنفصال !!
    مع الوان أثوابها الثلاث :-
    (أ) ماركسية .
    (ب) تعددية .
    (ج) واخيراً التجمع . ؟!
    18- كم عدد الجنوبيين النازحين شمالاً نزوحاً اختيارياً ؟!
    19- ماهو منطوق الوعدالذي أصدره البرلمان الأول قبل الاستقلال فيما يتعلق بالجنوب ؟!
    20- كم كان عدد النواب والوزراء الجنوبيين في الحكومات المتعاقبة من الاستقلال وإلى الآن ؟!
    21- كم كانت ميزانية المديربات الجنوبية قبل الاتفاقية واثنائها من الخزينة العامة ؟!
    وماهي أوجه صرفها ؟! وعدد مشاريع التنمية ومراحل تنفيذها ؟!

    لكى لا يمتلئ رأس العالم بحسابات الدخان المتصاعد من حرائق الصراع المسلح ولكيلا تتعتم
    أمامه رؤية الحقائق فيضل الطريق إلى حلولها ولكيما تجد بين يديه عناصر الموضوع كلها
    جاهزة ومدعومة بالوثائق والدراسات الموضوعية ... فيتمكن من التأهيل باشترطات الحكم للعدل النزيه المتجرد فأن السودان يستطيع أن يضع بين يديه كل مافي حوزته من هذه البيانات أسهاماً منه في ترشيد الوجود وتعاوناً مع الانسانية في تحقيق السلام والأمن والرفاهية ، وحفاظاً على القوى العالمية أن تضل الطريق ، وصيانة لمقدراتها في أن تنفق في الحلول العشوائية المتسرعة . وحقناً لدماء ها من أن تستنزف في غير ميادين الشرف والحق والخير .
    فأن السودان ليس مكاناً صالحاً للاجتياح ولا مهبطاً سهلاً للانزال .
    ولم يفقد بعض مقومات رشده واتزانه لتحاول إعادتها إليه مياضع الجراحة الخارجية التى
    تجهل كثيراً مضامين العلل وتفشل كثيراً في إستئصالها وتضيف إليها مضاعفات قاتلة ، وتكن
    أخف من عذاب دوائها ذات دائها القديم . فقد تكسب منه مناعة وقد تحتمله كثير لابد منه وقد تعمد إلى إستبطابه باعشابها ونباتاتها البرية .
                  

03-31-2007, 07:23 PM

شكرى سليمان ماطوس
<aشكرى سليمان ماطوس
تاريخ التسجيل: 11-07-2006
مجموع المشاركات: 2621

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)



    رحم الله الشريف زين العابدين يوسف الهندي وأحسن إليه..........

    فلا زال فقده يوجع القلب ويدمي الفؤاد..............











    A
                  

04-01-2007, 05:45 AM

Ahmed Yousif Abu Harira
<aAhmed Yousif Abu Harira
تاريخ التسجيل: 10-19-2005
مجموع المشاركات: 2030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: شكرى سليمان ماطوس)


    نتابع باهتمام بالغ
                  

04-03-2007, 09:41 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: Ahmed Yousif Abu Harira)

    Quote: نتابع باهتمام بالغ


    ونحن في دهشة كلما وجدنا تحليلا وصل اليه قبل اعوام
    والبقيه بدات تستوعب ما حصل
                  

04-03-2007, 09:13 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: شكرى سليمان ماطوس)

    Quote: رحم الله الشريف زين العابدين يوسف الهندي وأحسن إليه..........

    فلا زال فقده يوجع القلب ويدمي الفؤاد..............




    نعم اخي شكري

    لكن نقول اننا تعلمنا منه ومن علمه وما زلنا نتعلم
                  

04-01-2007, 03:53 PM

شكرى سليمان ماطوس
<aشكرى سليمان ماطوس
تاريخ التسجيل: 11-07-2006
مجموع المشاركات: 2621

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)



    إلى……......................

    الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا
    وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر........
    وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

    زين العابدين الشريف الهندي.








    a
                  

06-11-2007, 06:00 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: شكرى سليمان ماطوس)

    الاخ شكري اسف للتاخر في الرد
    لكن ظروف اقوي منا

    نعود والعود احمد
                  

06-11-2007, 06:22 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    نحـن لا نسـعد بعـذابـات شـعبنـا

    والسودان لايسعد بوقف مساعدات الاغاثة لمنكوبيه بالحكم أو بالجفاف والتصحر خصوصاً
    الاغاثة الطبية دواءاً ومعدات واطباء ..
    نحن في المعارضة لانسعد بعذابات شعبنا بل نشقى معه ...
    ولا نستعين بحرمانه ومرضه لإسقاط النظام الذي ضرب عليه التجويع والحرمان من العلاج
    لم ولن تكون هذه المعادلة أحدى مرتكزات النضال لدينا .
    فمن أجل إطعامهم من الجوع وأمنهم من الخوف نحن نعارض النظام .
    فنحن نعرف شعبنا ايماناً بأنه ذلك الصامد الصبور المستضعف لايسأل الناس الحافاً .
    وتحسبه مليارديراً من التعفف ...
    ونعرف فيه يقيناً غضبه الحليم وهو اليقين الذي نستمد منه القوة ونمضى به كما شاءت
    مقادير البلاد .
    نحسب أن في هذا نذيراً وإنذاراً ،يكف تكالب المتساقطين على القوى العالمية لتسقط لهم
    النظام الحاكم بالقوة في الخرطوم ، مما يحرم المناضلين الحقيقيين من ثمرة جهادهم ومن شرف
    نصرهم بلا منٍ ولا أذى ...
    إن كرامة كفاحهم تحتم عليهم الا يستجدوا أحد ليعيد لهم دوراً أو دياراً أخرجوا منها .
    فالمعركة في بينتهم وعليهم ادارتها...
    عندما تخف كفة الحياة وتثقل كفة الموت في ميزان الكرامة الوطنية والمواطنة الصادقة ...
    وفي هذا أيضاً دعوة لكل المعنيين بالاسلام العالمى والاقليمي لامعان النظر بدقة وعناية
    في كل مايعرض عليهم أو يعترض مسار السلام العالمي ...
    وأن يوفروا عمقاً أشمل لدراسة الخلفيات ومراحل تطورها ولا يجتثوا ماظهر عى وجه الأرض
    بالمحاريث السطحية فلابد من إدراك الجذور لاتقان الاجتثاث والتأمين ، وأهل كل أرض يعلمون مدى عمق هذه الجذور .
    وبعد غورها في أرضهم ، ويعرفون أماكن إستنباتها بل ويعرفون الرياح التى تحمل بذور الشر هذه إلى أرضهم الطيبة ،وأهل كل دار أدرى بشعابها ، وأجدر بتطهيرها بأيديهم وجهدهم ،فهذا هو شكرهم لله على نعمة ما إستخلفهم فيه ، وذلك إسهامهم مع العالملتحقيق السلام الكوني ورفاء الانسانية وتقدمها وإستقرارها ، وذلك دعمهم لأمن الشعوب وازدهار تنميتها ، وهو فوق هذا وذاك شرفهم وجدارة مقعدهم مع كل الانسانيين الذين يعملون لخير البشرية ....
    شـروط المـؤتمـر الدسـتورى
    * إن المؤتمر الدستوري المنشود بمشاركة وحضور مراقبيين من المنظمات الدولية والاقليمية ليس عرضاً لنزاع بين طرفين إختلفا على ادعاء مجهول الثوابت . كما وأن طول الاقتتال بينها لا يشكل قرينة دالة على من هو المعتدى ومن هو المعتدى عليه ؟!
    خصوصاً إذا كانت الجهات المحتكم إليها بعيدة عن مسرح الاحداث أثناء وقوعها .
    وغير عالمة تماماً بتواريخ نشوئها والعوامل التى أدت إليها واعانت على تفاقمها قرابة نصف
    قرن من الزمان .
    * وأن يوضع في الاعتبار الغياب الديمقراطي خلال سبعة عشرة عاماً كان يحكم فيها السودان حكما عسكرياً فردياً وأن لايعتمد المؤتمر على سماع البيانات المتعلقة بآخر مجريات الاحداث بعد غياب الديمقراطية في عام 1989م بأعتبارها مظهراً جوهرياً للمشكلة .
    * وأن يتاكد من أهلية وأحقية الممثلين للاطراف المختلفة ويتثبت من نوعية التفويض الممنوح لكل منهم مع مراعاة الآتي :-
    (أ) أن لايكون مجرد ممارسة القتال مندوحة لشرعية حامل السلاح أو أعتباره طرفاً وحيداً
    فهناك أطراف أخرى .
    (ب) أن يطرح المؤتمر كل الوثائق الخاصة بالمشكلة من سنة 1955م إلىتاريخ إنعقاد المؤتمر
    (ج) أن يملك المؤتمر دراسة موضوعية لوضع السودان أثناء الاستعمار الانجليزى .
    بهذا يكون المؤتمر الدستوري توضيحاً أميناً وصادقاً وملماً بأبعاد هذه المشكلة بعيداً عن غيبوبة التعصب وخالياً من عصبية الانفعال ، ناجياً من الادعاءت ومطهراً من التزييف والاكاذيب وانتحال التمثيل .
    وقد يكون منارة هادئة لحل كثير من المشاكل الشبيهة التى تذخر بها افريقيا .وهي متشابهة ، ومعظمها راجع إلى :
    1- التقسيم الاستعماري .
    2- انعدام التنمية وعدم توازنها إن وجدت .
    وحتى حركات التحرير التى كانت تحظى بمساعدة الكتلة الشرقية البائدة كانت إنتزاعاً لبعض المناطق التى فاتتها في تقسيم البلدان الذي لم يحضره وقتها عندما كانت قيصرية !!
    كما أن إختلاف اللغات داخل القطر الواحد وتعدد اللهجات والعادات والتقاليد خلّف
    رسوب التكوين القبلى المتنافر وحبسه في محيط الصراعات القطرية ..
    وابقى حمية العصبيات تتابع نموها الوحشي وكل هذا وأكثر منه مما يرى الآن في افريقيا وفي
    غيرها من قارات العالم هو السفر الأسود الذي يضم بين دفتية مآسى الاستعمار الذى لم يكتف بنهب ثروات الامم بدماء أهلها فحسب ، بل جمده في ذات النطاق الذى اقتحم فيه وأذكى نيران الصراع بينها وحافظ على مقياس التخلف والبدائية ، فلا يخرج عن طوعه الا بما يريد لإنماء مصالحه وطول مكثه بأرضهم .

    مسـئولـية السـلام تقع على الجميـع

    فلا أقل من أن تسهم الدول التى شاركت في صنع هذه الجريمة البشعة في المساعدة الموضوعية
    في حل هذه المشاكل والحروب التى هي من صنعها وحدها .
    فأسهامها يسبغ عليها راحة التفكير عن الذنب ويريحها شيئاً ما ، من عناء الجرم الوبيل الذي
    تتخبط فيه عديد من الشعوب والبلدان بعد استقلالها زمناً طويلاً ولا تعمد إلى الحلول الفوقية وتتجاهل مايدور في الاعماق ، ذلك الذي هو من صنعها وحدها وهي تعرف ذلك جيداً وتتقاضى عنه وتعمد إلى مصالحة السطوح وعلاج الآثار .
    ممن يحملون سلاحاً متطوراً لايقدرون على دفع ثمنه وهو في أيديهم يشير إلى مانحيه من الاغراب عنهم ومن الذين يصدرون ضجيجاً إعلامياً مدفوع القيمة من غير جيوبهم !!
    قضايا الشعوب لن تحل بمثل هذا الاستخفاف
    - ولا برسولٍ يأتى من دولة عظمى ليلقى بشخوص الخوارج والمتصارعين .
    - ولا باستدعاء إلى مراكز الدراسات ومعاهد الاستطلاع وغرف الوزارءت التى يجمع فيها
    حفنة من الناس لايحملون من مؤهلات التفويض مايمكنهم من تنفيذ ماعهدوا عليه .
    - ولا برئيس كبير سابق يحاول اسكات ضجيج أو وقف إطلاق نار من الاحراش .
    ان المسئولية في ارساء السلام أكبر من هذا حجماً وأكثر منه وقعاً وأعمق تاريخاً وأثراً
    فلا أقل من أن تبحث فيه حقائق الاشياء كلها بحضور دولى نافذ يستقصى دقائق الموضوع
    جذوره وفروعه ومؤثراته الخارجية ، عندها فقط تتضح المعالم وتستبين الحلول وتعالج العلل
    وتسعد كثير من الشعوب والأوطان .




                  

06-11-2007, 06:29 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الفــــصل الســـادس
    ثـــانى الـــفواصــل والـــحـواجـــز
    العســــكريـة الـمســـلحة
    الحكم المايوي ومخلفاته الذرية
    العهد الانتقالى وديمقراطية العدم الثالثة





    التـوأم الـذي تـأخر حملـه ومـيلاده وفـصـاله

    أخريات شهر مايو حارقة وشاويه يسكن فيها الهواء الا من بعض لفحات السموم الكاوية وتصلب فيها الاشجارالا من بعض أوراقها المتساقطة ويكف الناس عن الحركة ويتصببون بالعرق ...
    وأتى الخامس والعشرين من مايو عبوساً قمطريرا
    قيل أن الجيش قد هبّ وقد أحدث أمرا لم يصدق أحد ما سمع .
    لم تكمل الجمعية المنتخبة دورتها !!!
    ولن نتساءل عمن يقطع أوصال الديمقراطية هذه المقاطع الهندسية !! ولن نفصح عما نعلم
    الآن مما هو مخجلٍ ومذر ببعض الأحياء وباعترافاتهم مما يرقى إلى درجة الخيانة العظمى
    ولن نعنى بالاشارة إلى المنفذين ولا إلى من وراءهم !!
    فأن التربص القديم قد لحقه بعض الاستحداث والتجديد وتهاوى إليه أعداء الديمقراطية من
    كل صوب وعنصر الاتفاق الوحيد بينهم هو :-
    الاجهاز على الديمقراطية وقطع الطريق عليها !!
    ولكننا نقول إجمالاً :-
    إن مايو إحدى التوائم تأخر حملها وميلادها وفصالها ....
    وهي من بنات النويا القديمة ولكن ببواعث جديدة تبعاً للتحرك الدولى الجديد .
    وأعجب مافيها الخلط الغريب بين شخوص المنفذين لم يصفها رئيسها وإنما صغت به .
    وقد اشبعها معاصروها بحثاً وتحليلاً وتأملاً وإنتهى...لم قامت ...؟! وكيف ذهبت ...؟!
    لا يعرف السر الا المحركين من وراء الكواليس والا مخلفاتها التى تعتبر هي المرحلة المطلوبة
    منها ومخلفاتها أقرب الأشياء مثلاً إلى النفايات الذرية تلك التى تبث الموت الصامت المنبعث
    من الأشعة القاتلة خصوصاً إذا كانت تدفن في أراضى الطيببن الذين يتحول نقاؤهم إلى سذاجة تبلغ حّد البله فأن الموت يسرى في اجسادهم ولا يدرون !!


    المــخلـــفات الــمايوية

    أخطر المخلفات المايوية ليس الديون الباهظة المتراكمة كما يظن البعض .. لأن لها ألف حلٍ وحل والسودان قطر قوى الاحتمال وسيتمكن من الالغاء والجدولة والرد ...
    وهي اجراءات تمارسها كثير من الدول الآن ممن هم أضعف قدرة من السودان وأقل إمكاناً
    ولعل محاولة حصر هذه المخلفات يورث الكلل والاعياء وعسى أن تنجح المحاولة في الاشارة
    إلى أعمقها اثراً وأكثرها ضرراً وأمحقها خراباً وإن كانت تتنافس كلها في هذه الصفات .
    أىّ إنقلاب عسكرى يوقف مسيرة الديمقراطية في أىّ من بلاد العالم المتقلب ثم يمضى لتعاود الديمقراطية سيرها وقد أصيبت ببعض الاضرار ما يستلزم معه اجراء عمليات ترميم واصلاح وتقويم .وهذا طبيعى وعادى ...
    وقد مر على السودان الانقلاب الأول ...
    وجاءت الديمقراطية بعد ست سنوات ولم يمسها سوء كثير بل استعادت عافيتها ومارست
    صراعاتها المشروعة بعد الفترة الانتقالية مباشرة ... لكن انقلاب مايو ولم يوقف المسيرة
    الديمقراطية فحسب ...
    ولم يقطع عليها الطريق فقط .. لكنه : -
    (أ) غاص في البنية الديمقراطية
    في عمقها ولم يكتفى بتمزيقها .
    (ب) لكنه قتل منابت الشورى
    في الحقول البشرية السودانية .
    (ج) وأمات الثقة في نفوس الافراد .
    (د) وأحرق النسيج الاجتماعي والسياسي .
    (هـ) وإمتهن العلم بتسخير العلماء .
    ( و) وأستخدم الكفاءات لخدمة اغراضه وتبرير مايفرزه من لغو وهذر .
    (ز) أباد الروابط المختلفة التى تشد أجزاء الأمة إلى بعضها ليستوى باستواءها شعب واحد متين البنيان .
    (ح) نكلّ بكل المقدسات وعلى رأسها الدين .
    (ط) وأفرغ الانسان من دوافعه الذاتية وأراد أن يخلق منه مستكيناً تابعاً يأتمر بما يصدر إليه كالمسحور والمأخوذ .
    ( ى) مسح تاريخ الأمة وماضيها كله ... واتخذ له تقويماً يبدأ بمولده .
    (ك) أخذ بمنافذ الحياة و " المعايش " يعز من يشاء ويذل من يشاء إلا من رحم الله
    بتفكيك أواصر الأمة وعجنها واعادة صياغتها كهلامٍ مطواع لاحول له ولا قوة .
    (ل) إستسلم للانانيا وهي في أضعف حالاتها ووقع معها إتفاقية الحكم الذاتي دون أن
    تسبقها دراسة شاملة تحول دون ردود الفعل التىى تردّت فيها أخيراً وأسلمتها للتمرد الحالى .
    (م) لذا فشلت كل محاولات الوصول إلى حل المشكلة في الجنوب بل جعلت عدوى التمرد والانشقاق تنتقل إلى أماكن أخرى متخذة رمز المشكلة في الجنوب مثلاً يحتذى ومسلكاً بطولياً ناجحاً ويستحق .
    (ن) أسكره البطر واغراه ... الهلام المطواع ... والهاء الجنوب بأتفاقيته .
    فوضع قوانين وتشريعات اسماها الشريعة الاسلامية وإلحق بصلبها كل مايخطر على بال من القوانين المقيدة للحريات والضوابط التى تصون النظام حتى من الاشارة بالبنان !!
    ولم يبق لمواطنى الشمال والجنوب إلا مساحة ضيقة يتحركون فيها داخل ذواتهم .
    وأنبت للاسلام أظافر ألبسه هيئة غول شوهاء منفرة طار منها غير المسلمين فزعاً وامتدت منها حيرة المسلمين إلى ألف عام ..
    يبحثون عن حقائق دين اعتقدوه رضاً واقتناعاً ويرونه الآن قسراً وارهاباً وبتراً وقتلاً واغتيالاً للمجتهدين ... وإماماً جائراً تشترع له بيعة الانفس والناس والثمرات بسلطة الترغيب والترهيب !!
    *وليبحث الناجون من النار عن جبلٍ يعصمهم من اللهيب !!
    أكبر هدية تقدم لقرار خط العرض العاشر لو تنفع الذكرى وأضخم تحفة يتحف بها مجلس
    الكنائس العالمى واعظم مبرر يمنح للذين يريدون القطع والانفصال ...

    وأروع نتيجة لقانون المناطق المغلقة ...
    ميادين فسيحة للمناورين من كل نوعٍ ووقت ولون يجد كل منهم فيها مبتغاه بلا تحفظ وخجل . فأى فرصة ذهبية نادرة ولن تعوض وكانت بيد الشمال المستكين لا بيد " ملوال " المسكين فالتقفها شاكراً.
    هذه ثلاث قبور لنفايات ذرية سامة ....
    تنفث فناءاً هادئاً بطيئاً يكتسب ديمومة الخلود بالوصول إلى الاولاد والاحفاد وما يلدوا
    وتنتظر الجنين ....
    وعلاجها صعبٌ ..... صعبٌ ...... صعب.
    ولكنه ليس مستحيلاً
    نطسّه الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض ويؤمنون أنها لم تخلق باطلاً وترياقه الاء الله التى لم يكذب بها عباده الذين لم يختلط عليهم حابل الباطل بنابل الحق .
    * إكتفى المراقبون بهذا الانجاز من المرحلة المايوية وتمنوا نهايتها أو قرروها وفي بعض الروايات
    انهم تابعوا بعنايتهم ماتخلف عنها ....
    وتتبع بعض الظواهر يشير إلى ذلك ...
    كان واضحاً أن ضباط الجيش من الرتب المتوسطة والصغيرة يصرون على الثورة المندلعة
    ومواكبة شعاراتها وتحقيقها كاملة لتغيير حقيقي يرقى إلى مستوى الشعور العام ويحقق اغراضه في حين أن الرتب الكبيرة كانت موزعة بين الاستجابة لثورة حقيقية لم تكن تفكر فيها وبين إنتظار ماتسفر عنه الاحداث ...
    عمر الطيب ... نائب الرئيس ورئيس جهاز الأمن يبدو كما لم يكن يفهم شيئاً مما يدور .
    جهاز الأمن الاقوى تسليحاً وأكثر عداءاً للتغيير يقرّ في ثكناته مترقباً .
    نميري يعود إلى القاهرة ويبقى فيها ...!!
    القائد العام يلقى بياناً يعلن فيه إنحياز الجيش لثورة الشعب بتشكيل مجلس الثورة من كبار
    الضباط برئاسة القائد العام ... كأنما مايو كلها محصورة في شخص رئيسها !!
    يبدأ الشد والجذب بين مجلس الوزراء وقادة التغيير الذي لم يُغير ولم يتغير .
    ويتوزع الشارع السودانى ....بين احترامه لشرعية انتقالية ودوافع ثورته التى ارادها !! ومثوله في الانتخابات ...
    ويبدو كل شئ ساكناً فطيراً باهتاً يدل على إن هناك شئ لم ينضج ولابد من إعادته للنار !!
    وادت كل هذه الابواب والمنافذ إلى ما تلاها من مراحل لم يتغير فيها الا أسم مايو
    بقيت كل مسمياتها وشخوصها وفلسفاتها تلتحف بأسماء جديدة تناسب واقع الحال ...
    وتتهيأ للدخول في مهرجان الانتخابات القادمة مع الداخلين بسلام آمنين ..

    مــدافن الاشــعـاع الـذري تنفــث ســمها

    وتبدو مدافن الاشعاع الذري تنفث كلها ببطء يتزامن مع الاحداث إذا فترت ويتسارع معها إذا هرولت تبعاً لهندسة الذين يمسكون بمفاتيح الحركة للمرحلة الحالية ... وهي أحدى المراحل المفصلية التى تربط في مرونة بين الهراوة العسكرية البائدة وما يستجد من إسلوب الديمقراطية المدينة الجديدة ....
    وبينما تخفت اصوات الانتفاضة شيئاً فشيئاً .... وقد بح صوتها ... تتبدى على مجال الرؤيا ... عدة ظواهر محيرة ... يجعلها الاشعاع غائمة ... المرأى معتمة الصور ... لا تعكس الا مزيداً من الحيرة ...

    الظـواهــر الـمحيـرة

    (أ) أولى الظواهر تنعيم الرئيس القائد بالتمتع بحق اللجوء السياسي الفاخر في مصر !!!
    ولعله أول طلب تستجيب له مصر من السودان وهو قبول يخالف رؤياها في طبيعة علاقتها
    مع السودان بأعتباريه الوادى الواحد .. كمن يفر من الخرطوم لاجئاً ومستعصماً بامدرمان
    فيجد قصوراً وحبوراً وملكاً كبيرا .
    (ب) ثانية الظواهر المحيرة الاستئساد على حفنة من أعضاء مجلس الثورة السابقين لايتجاوز
    عددهم أصابع اليد الواحد ...تشكل لهم محكمة مدنية ، وتوجه لهم تهمة باهتة مترددة ... تفتقد الحمية والحماس ... - مخـالفـة الـدسـتور - وعندما تجرى المحاكمة يكن فارسها الممغوار وبطلها بلا منازع أبو القاسم محمد ابراهيم فقد ثبت على موقفة ، وانتزع الكاميرات من منصة القضاء ومثل الدفاع والهجوم حتى اقلعوا عن تلفزة الجلسات ... كان شجاعاً ومتحدياً حيث

    جبن الشهود الذين طلبهم وهربوا من مواجهته .وكانوا آنذاك يشار لهم بالبنان وهم في عليائهم
    لا ئذون ولا يتذكرون فلربما لا يتذكرون ولم يسدل ستار الحيرة تماماً ولكنه ازداد قتامة وإظلام !!
    (ج) ثالثة الظواهر موقف الجمعية المنتخبة من قوانين سبتمبر وهو الموقف الذي تجمد فيه المشهد وظل متشبثاً بالخشبة حتى أتته هراوة تسعى على ساقٍ بلا قدم ...
    تكاثر الحديث والتعليق وكثرت الاطروحات وقدمت البدائل في صيغ متعددة كل حزبٍ
    له زاوية ينظر منها ، وله تفسير يعتمد عليه ولكل زاوية أبعاد ...
    ولكل تفسير دوائر تضيق وتتسع في مطاطية تأباها النصوص ويرفضها التأويل ...
    ولم يكن شرع الله يوماً ساحة للمناورة ...
    ولم يكن عرضة للاهواء السياسية ....
    ولم يكن حدوده تحتمل أوجه التبديل والتأويل ...
    ولم يكن تفسيره اجتذاباً لرضى أحد الناس أو إغراءاً لمحارب أو مصالح ...
    وهو " عقيدة " لايأتيها الاحتمال ولا يتطرف إليها الشك ....
    والناس كل الناس في شرعها فريقان : -
    من شاء فليؤمن ... ومن شاء فليكفر .
    " ولا إكره في الدين فقد تبين الرشد من الغى "
    ولكن قوانين سبتمبر قد إلحقت بها الاذى وجعلت منها سيفاً مشروعاً لايترك للخيار الرشد
    من سبيل ... وكان تطبيق القوانين مثاراً للضحك والبكاء وكان ضحاياها ... خبط عشواء...
    وكان قضاتها كمحاكم التفتيش المسيحية في العصور الاوسطى
    يكفّرون .... ويقطعون .... ويصلبون .... ويقتلون ...
    لذا كان لابد ممن إلغائها فوراً إثر سقوط النظام
    ليؤمن من يشاء على بينة ويكفر من يشاء على بينة .
    وكيف كان الناس في السودان قبل وضعها ؟!
    والمجئ بأمامها؟! وسيفها ونطعها ؟!
    ألم يكونوا على هدىً من ربهم ؟! ألم يكونوا مسلمين ؟!
    ولكن نفث النفايات هاهنا ... كان أشد من فيح جهنم ...
    وكان مهندسوا المرحلة يفتحون أكبر صماماتهم وهي تكاد تميز من الغيظ .
    فأن مرحلة الديمقراطية المدنية تؤذن بالانتهاء وبالرحيل . ويسدل الستار على آخر ما يمكن
    أن تصله نجاحات مؤتمر برلين وتوابعها .
    وستأتى الهراوة العسكرية لتحسم آخر الرواية فصولاً ... ستهوى على خط العرض المعنى مؤذنةً بآخر مراسم الفصل بين شمالٍ عربٍي إرهابيٍ متسلط بالاسلام ..
    وجنوبٍ زنجيٍ مضطهد مهيض الحقوق شقي بالمسيح !!
    أجل ... لن تكون الصورة في إطارها أبشع من هذا المنظور
    ولا يمكن أن يقدم للعالم مبرر أقوى وأوضح إختلاف شمال السودان عن جنوبه ...
    ولا يمكن التفريط في هذه الفرصة النادرة التى لن تتكرر !!
    لقــد أسـمعـت إذ نـاديت حــيا

    * لو إشتدت رواجب السلطة المنتخبة المرتعشة وهي تمسك بهذه القوانين وهي موزعة بين
    - إمساكها على هون .
    - أم تدسها في التراب !!
    لو إشتدت قليلاً بعونٍ من الله رب عيسى وموسى ومحمد .... لو سرى الروح القدس في
    ذراعها لطوحت بها بعيداً ورمتها برمى الله ... ورمت برميها كل ما اعترى العقيدة من تشويه وما مس الايمان ممن إهتزازوما لحق اليقين من تردد وما شاب الانسان ممن حيرة ...
    مسلماً كان أم مسيحياً أو ليس له دين على الاطلاق لو فعلت هذا لأبطلت حجةً كان المتربصون يقولون عليها كآخر سهم يراهنون به على رميةٍ يتعقبونها مائة عام .
    استنفذوا في سبيلها كل الحيل ، وكل التعلات وركبوا إثرها كل صعب .
    كلما إنطفأت لها نار أوقدوها ..وكلما احتاجت ضحية قدموها ...
    ولكن إرادة الله متابعة شئون تتبدى ولا تبتدئ ...
    فسبقت هراوة الفصل ، وقد كانت سابقة للعزل في سابق علمه ليعلم المجاهدين والصابرين
    وهو فوق كل ذى علمٍ عليم .
    * ومازال الشعب السوداني يحظى بقدرٍ من الحظ قليل ...ولكنه كاف وشافٍ إن أحسن استعماله ... وحرص على الاستفادة من تجربتيه المريرتين....
    لقد عوقت الأولى مسيرته الديمقراطية ، وحطمت معدلاتها وعرّتها لريح اليسار...
    ولكن لم تنجل عن غثاءٍ أحوى ... أو عصفٍ مأكول أو أعجاز نخلٍ خاوية !!
    بل وقفت مروءته رغم وهنه وجراحه ....
    يرود طريقه المألوف بحثا عن تراضيه من خلال ديمقراطيته التى لم يعنيه عنها حكم النظرية ولا سلطة الطبقة ولا هيمنة الفرد .. في مراحل مايو الثلاث . وحاول من جديد ... لكن :-
    الخلط كان أكبر من الفرز .
    الاحلال أكبر من العزل .
    والتطهير أعجز من التكدير .
    والتغيير أصعب مما جاء به البديل .
    كان الترياق مصلاً قاتلاً يحمل جراثيمه الحيّة فلم تمكن الجسد الديممقراطي من حصانة التطعيم بقدر مازادت علته وإهتراءه ... كان معيارها ناقصاً ... ودواءها من ذات الداء
    كانت إنتفاضةً وارتعاشا ولم تكن ثورة وكنساً وبناء ولم يكن المولودالضرب ذكراً معداً
    لحمل أكليل النصر ... للحرب الطويلة ... ولا النتاج الحقيقي لعض القضية بالنواجذ ...
    ولكن وضعتها الانتفاضة أنثى وتمخضت على غير ماتشتهى
    " وليس الذكر كا لانثى " ومرّ الغد الموعود ...كالأمس ... والأمس قبله ...- لاشئ -
    فأن الشبه بين يوم الانتفاضة وبارحتها ... كان كبيراً ...
    فقد سممى المبنى الروماني ب " الجمعية التأسيسية " بدلاً من " مجلس الشعب " !!
    وجلس أعضاؤها .....أعضاؤه بمسميات الاحزاب بدلاً من الاتحاد الاشتراكى
    وكان الله يحب المحسنين !! فقد كفى المؤمنين شر القتال ...
    ولم يخفى هذا الثوب الهرئ سنحة النظام المايوي أهلوه ومنظريه ...
    ومعاديه ومصالحيه بعد قتال ... وضم أيضاً قلة من قتلاه ...
    وماكان لمثل هذا أن يجب ماقبله أو يقطع أوصاله فهو كل هذا القبل ...
    قفز على بعضه منقضاً مستحوذاً ومستأثراً وما أعياه القفز ولا الانقضاض ...
    والمنُقَض والمنقض عليه كانا فرسى رهان في زلف الدمار المايوي ثمانية أعوام حسوما ...
    وهما يعرفان بعضهما كماً وكيف ... دعوةً وادعاءا ... صحوةً وبيعة زور !!!











    بداية صفحة 261صوره لمجلس الشعب
    وبهذا تستوى قمة الهرم المايوي على قاعدته المتأكلة شاهدةً على ربع قرن من الزمان
    أجدب من القحط .
    وأحرق من المَحَل‘ .
    وأظلم من الظلم .
    وأعتم من الظلام .
    ربع قرن تداوله ثلاثة عهود لم يحاسب فيها أحدٌ أحد ولم تتضح فيها معالم الاقتراف إلاّ على
    مرفق البلاد . ولم يدفع ثمن التعاقب المميت إلاّ شخوص الأمة وأفراد شعبها فقراً ومرضاً وافزاعاً لروحها المعنوى وسحقاً لإنسانها جسداً وروحاً وعقلا . وسداً هائلاً أمام طريقها الديمقراطي . واسلوبها الجماعي وطمساً لتاريخها وتشويهاً منقصصاً لذكرياتها ... وحيرةً ماحقةً في دينها ودنياها ... ولازال تبادل الوعد والوعيد بين ذات الاطراف المايويه !!
    ولازال التراشق بينها باللغة المشتركة بين الفصائل التى تداولها ذلك النظام في رحلته الوبيلة من اليسار إلى اليمين . ولازالت يراودها الحكم القديم في القفز إلى المستقبل مادامت تتحلى بالقدرة على الانتظار باخفاقات الفصيل الحاكم الآن ... والرجاء في احدى غضبات الشعب المعهوده !!

                  

06-12-2007, 05:13 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الـيسـار ابـتـدأ الـتأمـر

    تعرض السودان كغيره من دول العالم إلى ظاهرة الانقلاب العسكري والتى كانت تشكل مظهراً من صراع الكتلتين في ستينيات هذا القرن ... في ميادين الشرق الاوسط وآسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية .ومُنىَ السودان بإثنين منهما قبل إنتهاء فترة الستينيات ورغماً عن أنهما أزيلا بثورات شعبية كانتا حديث العالم . إلا أنهما تسببا في قطع المسيرة الديممقراطية وعرقلة نموها الطبيعي ...وشكلّ ثانيها بعداً دكتاتورياً غرس بذوراً مُرّة في جسم الممارسة السودانية .... وأوجد أساليباً في الحكم والتسلط غريبة على طبيعة الكيان السوداني ... وجديدة ومفزعة له قلبت كثيراً من مفاهيمه الطبيعية وحولت من مساره الحياتي وخلقّت أضراراً جسيمة في الادارة والاقتصاد والعلاقات الدولية وقبلكل هذا في الاخلاق !!
    أتاحت حرية الفكر والرأى والتنظيم التى كانت مكفولة بطبيعة الشعب السوداني وتعامله
    التلقائى باحترام الرأى ... والرأى الآخر قبل هذه الانقلابات ..أتاحت لكثير من التنظيمات الدولية والاقليمية أن تتمكن من عرض نظرياتها وتكوين تنظيماتها واصدار مطبوعاتها تمشياً مع الروح الديمقراطى الذي يتيح لهذه الحريات أن تتمدد على أوسع مدى تستطيعه في الاعلام والاستقطاب على أن يحتكم للرأى العام في مجموعة بصيغة الانتخابات العامة وإحترام مما تسفر عنه النتيجة رضاً وقبولاً وإعترافاً .
    حتى إحتشد الوجود السياسي بكل أحزاب العالم ونظرياته من أقصى يمينه إلى أقصى يساره
    وكانت نتائج المحصلة الانتخابية دائماً في غير صالح هذه التنظيمات ... بل كان يكشف دوماً عن ضمور متحجر في تكويناتها ، وتراجع مستمر في عضويتها مما حدا ببعضها أن
    تحطم قاعدة التراضي الديمقراطي وتقفز إلى السلطة عن طريق الانقلاب العسكري حيث تفشل في تطبيق نظريتها وتعزلها الأمة ريثما تطيح بها في ثورةٍ شعبية شاملة .


    ودخــل الــيمين أيضــا إلى الـلعبـة

    إستثمر اليسار العالمى في السودان كل طاقاته التى وضعها في سلة إنقلاب 1969م حتى عصف بها الانقلاب بعد إستعمالها ... واستفاد الشعب السوداني من هذا الدرس الصعب بل أدرك ماهية اليسار ... ورأى إسلوبه في الحكم وعرف الفارق الكبير بينن ممارسته وطبيعة الشعب السوداني ... وهضم هذه التجربة رغم فداحتها ... ولم يعد إحدى مستنبتات اليسار في العالم ... ولن يكون !!!
    توصّل اليمين القصىّ إلى نفس قناعة اليسار في أنه لن يحصل على السلطة عن طريق الممارسةالديمقراطية والاقتراع ... فملأ فراغ السلطة العسكرية الشاغرة بتفوق اليسار ...
    وأخذ يقتات بالعسكر ... ويضع المخططات لاستيعاب سلطتهم من داخلها واستعمالهم مرحلياً :
    بشعارات الأمام الجائر ..
    وبيعة الزور
    وقوانين سبتمبر ...
    والاعداد للاحلال مكانه مستعيناً بظلة في تكثيف العضوية وتنظيمها وتوسيع إقتصادياتها وتثبيت بنوكها وتقوية إتصال التنظيم بالخارج والاعداد لتنفيذ الدولة الثانية في عالم الاصوليات الجديده ....
    وهي في السودان تكتسب أهمية ملحّة لمجاورتها لدول التوالى الثالثة والرابعة وغيرهما .
    ولقدرتها على ايواء وتدريب وتسريب فرسان التنظيمات وطلائع الانقضاض ...
    ولكن العلاقات فشلت بين سلطة الانقلاب وأقصى اليمين الذي التصق به وقرر أن يعامله
    معاملة اليسار قبله ولم تنقذه غير الانتفاضة التى أطاحت ستة عشرة عاماً من التخيط والتجول شرقاً وغرباً والشد والجذب والتعويض يساراً ويميناً ... وأطاحت معها آخر الزوايا التى كانت تناوش الوسط السودان يميناً قصيّا !!
    خلص الشعب السوداني إلى جادة الوسط ...
    أساس طبيعة وطبعه وسلوكه .واضعاً نصب عينيه نتائج التجربتين القاسيتين
    بالإضافة إلى المذاق المر المتخلف للديكتاتورية ... وهي تصل بنيانها بالماركسية الداعمة لها والمتعلقة بها في أقصى اليسار حتى تقضى عليها ... ثم تعود لترتدى مسوح الرهبان في نهج إسلامي من صنعها ... معتمدة على دعمٍ جديد في أقصى اليمين تعلّق بها لواذاً ووسيلة حتى
    كادت تقضى عليه .. وتقف عارية أمام الوسط كهراوة من نار حاول كلا الفصيلين ان يحطم بها الكيان الوطنى عبثاً إلى أن كشفهما النظام عملياً وأبادها واحترق بعدها وبقيت مخلفاتهما تحاول التستر والتسلل إلى مواقع التشريع والتنفيذ تحت مسميات مختلفة ... لم تجف دماء ضحاياها ولا مدى ما إعترى البلاد من الانتكاس والكساد والخراب .

    المـرحلة الانتقالـية لـم تنفـذ الـتغيير

    * لم تستطع المرحلة الانتقالية التالية للانتفاضة أن تنفذ أيّا من متطلبات التغيير ولم تحقق شرطاً واحداً من شروطه .. لم تعطى أى معنىً للفارق بين أمسها ويومها كان أداؤها مطابقاً لتركيبتها وأصلها فهي نفس السلطة القديمة من غير رئيسها ونائبه ....
    باعتها ..واشترت سلامتها بالانحياز للانتفاضة وضمنت بسلامتها سلامة العهد المايوي كله وحالت بين الانتفاضةوالتغيير الكامل .وأتاحت الفرصة لكل الذرات والهوامش التى كان يتكون منها النظام السابق أن تتجمع وتغير من جلدها وبعض سحناتها وأزياءها وتقفز إلى حاضر الديمقراطية الآتى من ماضى الديكتاتورية.
    الذاهب وتتقاسم الاحزاب بلا مسمياتها ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍واتسمت الفترة الانتقالية بالسكوت والثبات عند دورها المتجمد ... حاجزةً للانتفاضة فلا تمضى إلى مستوى الثورة والتغيير ومكتفيهً باقصاء نظامها السابق من مركز السلطة فقط ولا شئ أكثر من هذا‍‍ ‍‍‍‍‍‍..
    حتى إنقضى عامها تاركاً كل شئ على ماهو عليه وأجريت الانتخابات في هذا الجو المقلب ... مما مكن لعضوية الاتحاد الاشتراكى المنحل طوعاً أن تمارس فعاليتها التى إنتبتها طوال عمر النظام العسكرى المزال شكلاً لاموضوعاً ... ولماّ لم تتعرض للعزل ولا للتطهير تمكنت من تمزيق شعار السدانة للنظام العسكري .
    والدعوة إلى الحساب والتطهير وغيرت من جلبابها ... وتوزعت على المسميات القديمة ...
    وكان ذلك سهلاً ميسورا ...فهو لا يعدو كونه برقعاً جديداً للذين صالحوا النظام العسكري في 1977م وأعّدوا نفسهم خلال ثمان سنوات من عمره وتحت ظلاله واقتالوا من مغانمه وشاركوا أهله في قسمهم له ولمجلس شعبة وتنظيماته والبيعة له .
    * كان لهذا الخلط المتنوع قدرة الحركة في عملية الانتخاب وموصولية العلاقة بين السلطة العسكرية والجماهير الطيبة ووفرة الامكانية المالية والنجاة من العزل والادانة مما شكل له أغلبية مريحة وغالبة عند فرز الاصوات مكننته من أن يصنع منها درعاً يحصّنه من هجمات
    المعارضة الحقيقية وتضمن له تفريغ الثورة وتفويت إرادة التغيير .
    فكان أن حظى " الخلط المايوي الجديد " بمائة أربعة وستون عضواً وبقى مادون المائة يشمل أحزاباً جنوبية جديدة سميت أخيراً بالمعارضة الافريقية كسقطةٍ تدل على عدم المسئولية والوعى البعض الآخر من تجار وشخصيات الاتحاد الاشتراكي ...
    ولم تمثل المعارضة الحقيقية للنظام المايوي إلا بما دون الثلاثين عضواً !! يحمل كل منهم أثراً
    خالداً من إنطباعاتها النضال ... ورهق المعاناه سنيناً عددا ... ويتوهج بالثبات على المبدأ
    والاصرار على الهدف وتكملة المسيرة ... ويستهين بالحجم المتورم المنتفخ الذي أسفرت عنه الانتخابات ويوقن بأنه ذاهب جفاءاً بعد حين ... وأنه فلول ظلام يطاردها فجرٌ وشيك !!
    * ما كان لمثل هذا التمثيل أن يرقى إلى مستوى الحدث بل ولا يستوى مع مفاجاة الصدفه
    - صدفة الانتفاضة - وليس هو المعّبر الحقيقي لذلك الرفض الطويل ...
    ولا هو كفوء للتضحيات المختلفة في ملاحم الصراع مع ذلك النظام ولا يعادل الاختزال
    الطويل لاوجاع سينه والآمه ... وليس هو جوهر البديل المرتقب
    أنه نقيض كل صرخةٍ أطلقت .
    وكل حركةٍ صرعت .
    أو ضحيةٍ قتلت .
    أو ديمقراطيةٍ وئدت .
    أو مسيرةٍ انتثرت .
    أو سجون عمرت .
    أو نفوس دفنت .
    أو مسيرة إنتكست .
    أو انتفاضةٍ خدعت .

    الــبرزخ الـضبابي الـقاتـم تـمخض حكـومة الـقصر

    إنها سدانة الأمس الغابر في زعامة اليوم الجائر !!
    برزخ ضبابي قاتم تلزج بماضىٍ لم يمت تماماً وغط حاضراً لم يجئ تماماً ..وحنط مستقبلاً تجمد صبحة عند الشروق .. عمّر البرزخ ثلاث أعوام ونصف العام ... تسابق فيه أفراس السودان وقد خلالها الجو وتشكلت فيه خمس حكومات ... وتعاقب فيهن أكثر من مائة وعشرين وزيراً !! تقافز فيه الفرقاء بين كراسى الحكومة وكراسي المعارضة .
    أيهما ينجح في الالتصاق بالقطب الثابت ... " الحزب الغالب " ورئيسه الدائم لكل الوزارات أربعون شهراً ... لم يقطعن أرضاً ولم يبقين ظهراً حين دخل المضمار فارس جديد يمتطىصهواتٍ من حديد ويعدو ... لا كالعاديات صبحاً ولكن كالمجنزرات قدحاً ...
    ترجل الفارس عند أبواب " القصر الجمهوري " وقدّم مذكرة تقريح للحكومة وترقيع للوضع ومن طياتها تلويح وتلميع بانقلاب صريح !!
    هنا وصلت الاستهانة بالوضع الديمقراطي ماجعله يقبل مافرض عليه ويشكل حكومة القصر
    الاخيرة خارج رحم الجمعية " كطفل الأنابيب " !!
    وأخطرت بها الجمعية من باب العلم بالشئ ... فلم تعتب ولم تلم !!
    وبدأ كما لو أن المأزومين تنفسوا الصعداء فانصرفوا فاكهين ... ولم ينتبهوا لهسيس البركان المتفاعل نحو الانفجار الذي كانت المذكرة ستاراً أسدله كبار القادة العسكريين في محاولة هزيلة لصده وإطفائه فانفجر حيث إلتقفه المتربصون تحت مظلة النظام العسكري المباد راقبوا فيها الوسط جيداً وهو يتهاوى تحت ضربات اليسار ودرسوه وهم يؤدون بيعة الزور ويبشروه بشريعتهم وتأملوه وهم يطبقون عليه قوانينهم بقطع يده وصلبه وشنقه وإطمانوا لمعادلتى الافراغ الذاتى اللتين في حوزتهما :-
    1- إمام جائر ينفذ لهم ما يشاءون من ظلمٍ وجور .
    2- و دعوة باطلة إلى كتاب الله يرفعونها في وجه المسلمين ويستسلمون لها كما إستسلموا يوم " صفين " وينهزمون كما إنهزموا يومذاك ... أنها دعوة الحق التى أريد بها باطل .
    وأم المعارك بين الحق والباطل . والتحول الخطير في دولة الاسلام والمسلمين التى شيعتها دموع إمام المتقين الدامية وهو يضم إلى صدره " ذى الفقار " بحمائل سعف النخيل المجدول !! واستقبل بها الطليق بن الطليق دولة الملك العضوض بابتسامة ناعمة ، وهو يترجل من هودجه الحريري ومظلته الذهبية !! ومعانقاً أباطرته المنتصرين بالحيلة والمكر والخبث والدهاء .... قديم كل هذا قدم التاريخ يتعاقب كل يومٍ في صدورٍ شتى وأفانين كثر ... ولا جديد تحت الشمس !!
    الـتاريـخ يـعيد نفســه

    و لا غرابة بين النصف الأول من القرن الأول للهجرة وبين النصف الأول من القرن
    الخامس عشر لها بعددٍ قليل وعدةٍ أقل ...
    استولى المتربصون على البرزخ الهلامى وابتنوا على لزوجته قمة الهرم المايوي ...
    جلس في سنامها أقصى اليمين يطبق تجارب اليسار كلها بعد طلائها بلونه ودعمها بنصوصه
    واجبار العزل على طوعها بالسلاح ... يحاول أن ينجح فيما فشل فيه اليسار خصمه
    العنيد وعدوه التليد .
                  

06-12-2007, 05:18 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الفصل السابع
    ثالث الفواصل والحواجز العسكرية المسلحة
    حكم الجبهة الإسلامية والأزمة الثلاثية
    التجمع ورموز الفشل السياسى







    انقلاب فى ذكرى مؤتمر برلين

    هوت هراوة الجبهة العسكرية على الأيدى المدنية المرتعشة وهى تبدئ وتعيد وانتزعت منها القوانين وحكّمتها فى رقاب الشمال والجنوب …كانت طوقاً محمى تكوى به جُنوب الشــمال فى دينه ودنياه وكانت طوق نجاة لدعوى الانفصال فى دنيا الجنوب ومهرجان الإحتفال بذكرى مؤتمر برلين فى عيده العشرين بعد المائه بعد مرور حربين عالميتين لحقت بالكرة الأرضية قبلهما وأثناءهماوبعدهما الآف التغيرات وتعاقبت فيها حكومات وسادت وبادت نظريات وإتسع إعمار الكون حتى إستعمرت السماء ووطئت الجوزاء وأعلنت حرب النجوم وإنخرق ستار الأوزون ولكن ظل الحكماء الذين يديرون الأحداث يورثون رسالاتهم لمن يليهم فيموتون ولا تموت الرسالات ….
    رسالات من الخير ….ورسالات من الشر…
    لكل منها ناموسها ولكلٍ .... جاسوسها
    ولكلٍ جندها ... وعدتها ... وعتادها وميدانها واحد ..
    وهو ساحة الصراع بين الخير والشر في النفس البشرية منذ أن بدأت هذا المنهج ولم يكن في الارض إلا أسرة آدم المحدودة زوجه وأبناؤه وابنتاه ... والغراب الذي علّم قابيل كيف يوارى سواة أخيه القتيل في التراب ...
    إنه ليس حسناً إجترار المرائر التى تقلبت فيها الديمقراطية الثالثة ...
    وليس جميلاً تثبيت صور الاخفاق والتراخى التى سيطرت على وجودها حتى دمغت عمرها كله بالشلل وعدم القدرة على الحراك الايجابي والتحلى بمبادرة التصدى لمستلزمات التغيير الكامل والشامل . كأى سلطة ديمقراطية تلى الانقلاب الشمولى الماحق الذي قلب تماماً وكلياً موازين التعامل ومسح من الذاكرة السودانية تاريخها القريب والبعيد والأبعد !!
    وأفقدها الطريق إلى ثوابتها أو الربوع إلى منابت أصولها كان واضحاً مايتعين على سلطة تلى الانقلاب المايوي حتى ولو كانت سلطة انقلابية واثبة على سده الحكم ...
    لأن المتعين عليها هو كنس ماكان واحلال البديل المغاير في كل شئ ... كل شئ !! وهذه وحده قانون الصدمة التى تعيد الفرد والافراد والاحزاب والجماعات والأرض والماء والسماء والثقة بالنفس والثقة بالعمل والثقة بالقانون والثقة بالوطن .
    * وماكان يمكن للديمقراطية الثالثة أن تفعل فاختلط نقاؤها النضالى بتلوث الاستسلام والمواكبة لا ذلك ولا بعضاً من ذلك لطبيعة تكوينها الذي تحول من معارضة النظام السابق لها إلى مصالحته . مما أصاب روح الثورة فيها بهتكٍ أطاح بعذرية تلك المجاميع المصالحة والمواكبة حتى غلب عليه فافزعه من شحنة الغضب المقدس .
    وألبسه فروة الحمل الوديع بلا ظفرٍ ولا ناب . فظل مستكيناً حتى وهو في السلطة .
    وظلت قوانين سبتمبر ماثلة حتى بعد ذهاب واضعيها وكأنها على موعدٍ ثان مع القدر .!
    * وما كانت تلوح على الديمقراطية الثالثة معالم التجديد والحيوية وحماس التغيير بقدر ماكان يعتريها من الشحوب والذبول فتغوص افئدة الجماهير في صدورها وهي تقارن في صمتٍ بين :-
    - حماس الديكتاتورية السابقة لباطلها .
    و- فتور الديمقراطية وتخاذلها عن حقها - حق الجماهير -
    وكان كل ذلك مؤذن بأى طارقٍ من طوارق الليل والنهار ... ولما كان الحمى مستباحاُ وحراسة وقف على رؤسائه فما تسوّر واثبٌ حائطا ..
    وما إرتسمت كفٌ مضرجةٌ بباب .
    كانت كل الطرق تؤدى إلى حفلات الزفاف الميمون وإلى الحكم المضمون !!



    الأزمــة الـــثـلاثـية

    يواجه السودان في عصره الحديث
    وتحت مظلة حكم الجبهة أزمة محكمة ثلاثية الأضلاع كمثلث التجمع المزيف ... هذا بالاضافة إلى ما تراكم عليه من سنين الحكم العسكري وملحقاته في الديمقراطية الثالثة .

    (أ) الضلع الأول :-
    يغوص في أعماق المسلمين عموماً كلهم بلا إستثناء شاملاً كل من التصق بعقيدة الاسلام شيخاً كان أو حوارا .
    زعيماً دينياُ أو مريداُ له .
    إماماً أو تابعاُ له .
    مصلياً أو ناطقاً باشهادتين فقط .
    حتى عصاة المسلمين ومرتكبي الكبائر ونسائهم وماولدوا وحفدتهم إلى يوم الدين .
    كل هؤلاء يغوص الضلع في أعماقهم كقضبان من النار تشويهم في سؤالٍ ملتاع أليم :-
    أهذا هو الدين الذى إعتنقناه منذ الف عام ؟!
    أم كنا في ضلالٍ ميبن ؟!
    علام لقى الله موتانا في ملايين االقبور وهم له مسلمون ؟!
    أمتبرٌ ماكانوا فيه وباطلاً ماكانوا يفعلون ؟!
    وزواجنا وطلاقنا وميراثنا وشهادتنا وصلاتنا وزكاتنا وحجنا وما أشهدنا عليه الله ماوسعنا
    هنا تنداح المشكلة في الجنوب جانباً فانها أقل هماً وأضعف شاناً وأقل ألماً وايلاما وأوهى ضرراً وإضرارا ....وأن الاجابة على السؤال المعنى فرضُ عينٍ على كل مسلمٍ ومسلمة .
    إن المعركة هنا في الشمال ، ولا محيص عنها ولا معنى لكل مايدور خارجها ، في كل موجودات الانصراف التى تعمر الساحات في الداخل والخارج
    كلها مناورات بلا ذخيرة وادبارٌ عن المواجهة .
    وستر ممزق لقلة الحيلة . وفرارٌ عن ماينبغى أولاً إلى ماينبغى ثانياً ..!!
    وكل ثانٍ تلاه أول معدوم وكل ساعٍ له موهوم !!
    هذا هو الضلع القائدى الذى يمسك ببقية الاضلاع ويمنحها القوة والثبات ... ويعطى الحركة في الجنوب ماتلوح به في وجه العالم مناشدة ومستنجدة ...
    ويعطى المتربصين مبرر الاستمرار في محاولة الفصل والانفصال والاحلال !!
    ويزيد الاصرار ضرورة مشاعر القلق والتوجس التى تعترى الاستثمارات في الجنوب الافريقي فتتهيأ للمغادرة لتحل في أرض جديدة بكر وواعدة لاستعمارها طوال القرن الجديد ... إنها تحزم حقائبها الآن في زامبيا وتنزانيا وزيمباوى وأرض مانديلا فأن الافق كله هناك يرتدى لون الغاب المطير ألقاً ...
    ومزهواً بأهله يلقاهم بعد غياب وعذاب منذ خمسة قرون ....!!!
    كلا الضلعين الباقيين من اركان الازمة المستحكمة حالياً يرتبطان ارتباطاً عضوياً بالضلع الأول ويقتاتان عليه إستعداداً وتفاقماً ...
    ويتفق كلاهما فور علاج الضلع القائدي ويذهبان بدداً وهما :-
    - الديمقراطية .
    - والمشكلة في الجنوب
    ( ب) فالاطاحة بالممارسة الديمقراطية في 1969م لم يمنع ممارستها أسما وموضوعاً وشكلاً لامحتوى . فصارت علكةً يلوكها أى فم ويتغنى بها أى لسان هنا وهناك ...
    ولكنها لم تستطيع إلهاء المجموع الوطنى عن الاعتقاد الراسخ لديه بأنها ديكتاتورية عسكرية !! وأنها واقعة الحديد والنار فلم تنطلى تنظيماتها على أحد وبمثل ماعمرت طويلاً ذهبت سريعاً كأن لم تغن بالأمس ولم يدافع عنها كيان واحد من مستوظفاتها !
    ولكن الذي تعانيه الديمقراطية في عهد الجبهة الحاكمة الآن هو التسييس الدينى .
    فعندما تتدين السياسة يخرج العمل العام برمته من مساحة الممارسة البشرية ويخضع بالقوة لارادة السلطة التى تحتكر لنفسها حق التفسير والتأويل دون منازع بأعتبارها ظل الله في الأرض .
    وأنه سبحانه وتعالى أوكل إليها ان تزع بالسلطان
    مالم يزعه هو بالقرآن في السودان .
    مثلما مالم يزعه بالانجيل في اسبانيا ... زمان
    فعهد به إلى محاكم التفتيش والكهان !!

    التسييس الدينى السلطوى يعكس قوانين الممارسة البشرية في تلقى العقيدة أى عقيدة ...
    فأنه بدلاً من أن يتركها تأخذ طريقها السوى الميسور لتروى مساحات الايمان باكسير الاقتناع الذي يتجاوز تلاع الشكوك وبقاع الريب .
    بدلاً من ذلك يحاول شق اخدود بالقهر والاكراه في صدور مغلوبة وقلوب وجلة ... تتفلت هولاً وتتطاير شعاعاً ولاتدرى أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم سعيهم رشدا
    ولايمكن لاخاديد القهر والاكراه أن تكون موصلاً جيداً لأى خيرٍ جيّد .
    ولايمكن للقلوب الوجلة المتفلتة المتطايرة من ايلام البشر أن تكون ماعون لأى محتوى في الدين أو الدنيا كما لايمكن لعاملى القهر والاكراه أن ينشأ بشراً واحداً سوياً دعك من مجتمع متماسك متحاب خيّر ...
    قال ربه في وصفه "أنه خير أمةٍ أخرجت للناس "
    وقيل لرسولها " ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ..وتركوك "
    الفظاظة ...والغلظة ... أسارير القهر والاكراه ... والغل
    يصدرون من الصدور الحرجة الضيقة والقلوب ذات الجفوة ...
    وكل هذه الصفات تخلق مناخاً شائكاً محتكراً يقتل الاجتهاد ويغلّ الفكر ويبلّد العواطف النبيلة ... ولا تسلك في أرضه شورى ويموت فيها الحوار قبل أن يولد ...
    وعندما تختل العقائد هكذا تختل معها كل المقاييس ويجد خصومها في اختلالها عوناً لهم .
    يشارك في هدمها والقضاء عليها بل يفصحون بلا حرجٍ عن شكواهم وتضرهم ويصعب الفاع عنها ويضعف عزم الهجوم بأسمها ... ويتكدس في الحلبة صرعى فئتين كل واحدةٍ بغت على الآخرى ولا وجود للثالثة التى تصلح بينهما أو تقاتل التى تبغى ومن ثم فلن يفئ إلى أمر الله أحد !!
    إن قلوب المؤمنين تسع مالم تسعه االسموات والأرض ولا مؤمنين بلا عقيدة خلصت بجلاء الحتم من غياهب الشكوك والريب .ولا عقيدة بلا دين . ولا دين بلا أخلاق .
    وتبنى الرحمة في دين الاسلام من اشتراطات بعثة ... - أن يتتم مكارم الاخلاق -
    وأروع ما مدحَ به مرسله " إنك لعلى خلقٍ عظيم "
    . والاخلاق هي الترياق الوحيد والأحد للاستمرار الحياتى لأى كائن يختص بالنمو :-
    إنساناً ..... أو حيواناً ....... أو نباتاً .
    المادة الصلبة فقط هي التى تجد ترياقها في المعادلات ولا تتجاوز بها حدود الاستخدام لنفع الحياة أو الاضرار بها .. والمادة لا تصنع الانسان ... مثلما أن الخادم لا يصنع مخدومه . المجتمع حياة .
    ودستوره روح .
    وقوانينه سلوك ... سلوك أخلاقى ...
    ودينه هدىً يقوّم خلجات الغرائز في النفس ويرتفقها برفقٍ حان إلى سماحة الخلق ليسمو بها الفكر إلى ساحات الاعلاء والتسامى . حيث يكون الانسان خليفة للخالق في أرضه وخلقه فينتج الانسانية ... حياةً ودستوراً وأخلاقاً وهدى عندها يتحلل الضلع الثاني
    ويعتلى الحوار مقعد صدق الشورى ويرتدى سمته الديمقراطى الحق !!
    ( ج) ثالث الأضلاع واهٍ أصله قبل أن يدعمه التسييس الدينى وقبل أن ترتقه المبادرات التنازلية التى مارست الحج إليه ... والاعتماد لدى ساحته . وقبل أن تلقمه عسكرية مايو طعم مايريد فاثقلت كفته وأخفقّت كفة الشمال فاحتل ميزان القسط الوطنى .
    ولم يتسنى له التوازن إلى الآن .
    كان ضلع المشكلة في الجنوب وظل واهياً ضعيفاً يتغذى بوهن الشمال !!
    وظلت ولازالت حرباً عصابية تعوزها الوحدة …ويتعقبها الاجماع ….وتفتقر إلى وجاهة السبب .. وموضوعية المحاولة ... وتدل دائماً على من وراءها أكثر من أن تفصح عن ذاتها لاتعجزها عن الافصاح فأن مثقفيها برعوا في تضخيم مظاهر المشكلة حتى قاربت نظرية قوة السبب أو كادت ولكنهم قط لم يستطيعوا أن يثبتوا اجماع الجنوب !!
    أو وقوفه وحدة متماسكة خلفهم بكل أهلية وسكانه بل أكدت كل اللقاءات منذ 1947م إلى الميرغنى 1988م .... أن السودان وحدة ... وأن المشاكل قومية ...
    وستظل أتفاقية نميرى / لاقو أكبر معلم تاريخي يكشف طبيعة هذه المشكلة ويحدد ابعادها الداخلية البحتة بجلاءٍ ووضوح ... وتقارن عملياً بين طموحات المتمردين ودعواهم وقدرتهم على تحقيق هذه الطموحات واثبات هذه الادعاءت .
    فحينما جمع النميرى سحابة الظل الشمولى السوداء ودمدم بها على الشمال وحده .
    وأعطى " الجوزيف " في الجنوب حكماً ليبرالياً أو يقاربه…
    لا إيماناً منه بأن الجنوب أحق بالديمقراطية والليبرالية أكثر من الشمال ولكن ليستريح من عناء الصراع مع الأنانيا أولاً
    ويتفرغ للتنكيل بالشمال ثانياً .
    وتستجيب للضغوط التى كانت تدرى عليه من عدة جهات ثالثاً ...
    وقاسَمًةُ الفرح والابتهاج جوزيف لاقو قائد الثعبان السام " الانانيا " وسر بسرورهم أموات مؤتمر برلين وورثتهم من الأحياء ... وابتهجوا بحبورهم دولة اسرائيل التى كانت مزعومة . فهاهو زعم الأمس يصبح حقيقة اليوم .
    وفرك حكماء صهيون أكفهم فرحاً وحبوراً . فهاهو النيل سليل الفراديس بين يديها .
    وها هو العمق المخيف يحلها خلف الظهور . وها هي المنابع دانية قطوفها وذللت تذليلا ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍..
    وهى ذى برتوريا على مرمى النظر ... كيفما وطئت أقدام موسى أرض كوش .
    مثلما عرس سليمان وبلقيس ويهود الفلاشا ...!!‍‍ لن يظمأ اسرائيل بعد اليوم وهذه الانهار تروى أورشليم وتظمئ من تشاء ، حين تشاء .وتميس الغاب سكرى بالمزامير ...
    وداود يقدّر وقد أُلين له الحديد !!
    ياله من زعمٍ يصيرحقيقة … ومن حقيقةٍ تصير زعماً !!
    فقد زعم الرواة بأننا سنبحر أمواج الخليج نسوقها سوقاً نقبل حيث ساخت أقدام مهر عقبة في المحيط بل إننا جئنا نطهر أرضنا ... ونكفن الباغين في عمق البحر !!
    ياربنا ... بل نبلغ ... أن نحرر كل لاءات الوجود .
    لم يبق " لا" لم يدق حلوقنا أترى تشهدنا يتم بغير " لا" !!
    هل نحن أصغر من رسالتك التى أرسلت ؟! ولم نزل نحبو على ظل السقيفة ألف عام !!
    ونصف ألفٍ قد تعاقبها الطغاة وزمرة الملك العضود
    ياربنا … هيئ لنا من حقنا زعماً كزعم الآخرين …
    ها نحن نجثم تحت أقدام الدعاء
    ولا نزيد ندعوك صباحاً ومساء ...
    ونهز أعطاف المنابر بالنداء وبالرجاء

    ويسح من أجفاننا دمع الندم
    ونبلل الأستار في سوح الحرم
    ولا نزيد ونعود نجلس قرفصاء
    ولم يجاوز سمعنا ذاك الدعاء ولم يطر نحو السماء ...
    فلقد أعطانا عدلك كل شئ
    ولكناّ تواكلنا ولكنا جلسنا القرفصاء
    وارتخت فينا المروءة والعزيمة والمضاء
    يموت فينا العزم والاقدام طول العمر
    لكنا لانمل من الدعاء ومن جلوس القرفصاء
    ... الملك لك
    الملك لك
    نستغفرك ونتوب إليك
    فهل إلى مردٍ من سبيل
    ترى أين السقيفة لو تساءل سائلون ؟!
    لابد أنها عفت كابن ساعدةٍ وتبعثرت كامعاء عمار
    وانتصب مكانها ناطحة سحاب تعج بمكيفات الهواء الرطيب
    تبث برداً كالذي قتل أباذر وحولها طنافس قد أعدت لجلوس القرفصاء …
    عفواً ومعذرة فأن الشجون وحدها لها حرية العذاب والألم المرسل فهي
    لاتستجن ولا تعتقل وتنطلق حرةً تجرى لمستقر لها علمه عند من إليه المصير
    ولا يعلم الشجو إلا من يكابده ولا المرارة إلا من يعانيها !!





                  

06-13-2007, 09:03 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    up
                  

06-16-2007, 10:00 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    فوق
    حتي نعود مرة اخري
                  

06-20-2007, 09:21 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    اخي في الله الطيب برير والاخوة المنتظرين بقية الكتاب
    اسف شريتك كتير
    لكن اوعدك اواظب قريب علي انزال بقية الكتاب
                  

07-01-2007, 09:08 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الهرولـة نـحو الـبندقـية تفكـير يسـارى

    وهرول اليسار يستتر بعباءة الاحزاب فاستقبله منها قادة بلا قاعدة .وزعماء بلا زعامة .
    وأغمض كُلّ عينيه عن إفك الطرف الآخر !! وتناسوا ما كان بينهم في غابر الازمان ولم ينسوه وخضعوا لضرورة الرعب المشترك... فاجتمعوا إسماً لاموضوعاً وتجمعوا مظهراً لا جوهراً .وعاشوا إعلاماً اعلانياً بلا بيان عملى بل حين فكروا في بندقية من يحملها لهم ؟! ومن يقودهم في حملها ... لاأحد !!
    فمن نسى التاريخ أو نسى ذكره ... أحَوَجَهُ الله إليه ولا مجيب ...
    ولكن البندقية ... أى بندقية ...
    هي لغة العصر واسلوب التفاهم الناجز وهي قانون الصراع في دنيا الدمويات والابادة
    صوتها يعلو ولا يعلى عليه تلفت اسماع العالم الأمم وتطلق قيود تجاهله فيتسع إعتباره على مالكيها ... صارفاً نظراً عن ماهيتهم فهي قانون الاثبات الوحيد في الكون المذعور ... وجواز المرور العالمى إلى صوب الحكومات وشركات السلاح الكنائس والجوامع والمصلات والعصابات والمافيا والماسونيات وممولى الحركات أى حركات .
    فقط بندقية ... تفتح أبواب الوجود ...!!
    ضحاياها قتلى وجرحى من كل نوع
    رجالٌ عزل ونساءٌ وادعات وأطفالٌ أبرياء
    وسابلةٌ ومصلين يطيلون السجود في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه .
    بندقية ميادينها منازل آمنه وساحاتُ ملاعب ومدارس أبناء ودور ملاهٍ واسواق ومجتمعات سكنية وغابات مديدة .
    قضيتها دمٌ مسفوح ... أى دم ... ما القاتل فيه أعلم من المقتول في أسبابه
    بندقية ً انواعها الغام تدس في الطرقات وشراك ناسفة تنصب في المنعطفات
    وعرباتٌ مفخخة تفجر من على بعد بالاستشعار وصواريخ تصب من النوافذ
    بندقيةٌ هي سمة العصر والأوان وسيدة الزمان والمكان . لا حكم إلا بها ولا معارضة إلا عن طريقها شرعتها الموت ودستورها الفناء وعائدها الهدم والخراب .
    بندقيةٌ أى بندقية ؟!
    من صوت الكون الجديد … ولغة الحوار الأكيد … في دنيا الارهاب وعالم الالتياث الحديث … ارهاب أساليبه القتل والنهب والتخريب وهياكله دولٌ وحكومات … ومعارضات وأحزاب … وعقائد وعصابات … وكيانه رؤسا وعلماء … وجنود وتجار وطلاب من الجنسين . وشعاره لا أمن …. ولا أمان بعد اليوم . مبدأوه لا حياة لمن ليس منا … وغايته مهما صغرت تبرر أى وسيلة مهما كبرت وفجرت .
    وسائله آليات الفناء قنصاً وتدميراً ونهباً وحرقاً وسجناً ونفياً واعتقالاً وتصفية !!!

    نـظـرية الالـتصاق والاسـتظلال

    تداول التجمعيون أمرهم بينهم فهداهم " العَوَز " إلى الاستعانة بظل بندقية والالتصاق بحركة التمرد في الجنوب وصاحب الحاجة أرعن !! وظلٍ ذى ثلاث شعب لاظليل ولا مغنٍ ولكنه خير من الوقوف في العراء ولعل ظل بندقية الغير يوسع من دائرة المناوره فان الطرف الحاكم من البرزخ ليس أوخر ظلاً ولا أحكم غطاءً .
    وما دام المستظلون لم يتساءلوا عّما جَمعَّهُمْ غير رعبهم من الواثب عليهم ... ولم يتواجهوا بما يقتصي المواقف من الصراحة والوضوح ولم يعالجوا ما فرقهم من قبل ... ولم يوجدوا من يوحدهم بعد ... فان الاسم ... فضفاض …التجمع ….ولا تثريـب علي الداخلين .. فـان تواجدهم في التجمع لا يـعني وجــودهم الحقيقي ... واسمهم فيه ليس مسماهم ووضعهم غير موضوعيتهم ...
    فلكل داخل الحق في :-
    - أن يحتفظ بهدفه الخاص .
    و - منطلقة الأخص .
    و - أسلوبه في الوصول .
    ووثيقة الدخول هي ترك الماضي كما هو !!ولك اللحظة التي أنت فبها ..
    الاشتراك الاسمي لا ... الشراكة العملية استعارة الدوي .. واستدائة الصدي ... والتعلل بالسراب !!والقرع المتواصل علي طبول الاعلام الجوفاء ... وطرق أبواب السلاطين ... وخلص الرأي الي هذا القرار العبقري الفذ معجزه الاستظلال المزدوج !!!!!
    فعندما يتمرغ أحد القادة في أسرة الجناح بالدورشيستر بلندن أو يسترخي في كابين خاص ملحق بشاليه في أحد مصايف العالم الكبري أو شواطئ اللازورد النادره يظن الواهمون أنه في إحدي معسكرات القتال في غابة موحشة أو دغلٍ كثيف !!!!!.
    وبما أن الاعلام الاعلاني يتولي صناعة الوهم وتجسيمة وفرضة فليس ذلك علية بعزيز .
    وما دامت الحقائق كلها غائبة فان الوهم القادر هو سيد الموقف وزعيمة وقائده ...
    وما دام الناس يتكونون من كثرةٍ طيبه ، وغلبةٍ صدّيقه ويصفون عما سلف ويتعلقون بالآمال ويمعنون في التخيل والخيال ويحسنون الصبر والانتظار فسيظلي عليهم القرار ويحسنون الظن !!!!وعندما يـهب الشعب أحـدي هباته الاسطورية ويلقي بمزبلة التاريخ بآخر معوقاته يعود (( التجمع )) في ركب الفاتحين ويستقبل بالاناشيد والزغاريد ويتفرق الي مواطنه القديمه !!!وتدور مع الزمان دورة جديدة يدور فيها رأس التاريخ ويروح منه الطريق وتروح حتمياته في الخواء ... ريثما تعرض وجودها من جديد ...
    وهكذا .. عجزت القدرة عن حمل بندقية .. وحق لها العجز !!
    إنها محبّة الحياة المحبوبة مترفة الخلق ... هشة التكوين ... ناعمة الملمس
    تدفع الآخرين للموت لتنفرد بالمفانم لاتشبع ولا تكتفي عَيَّبتها الدعةُ ... وأنهاها الاكتناز ... فلم تفطن الي ما اعتري الناس والاشياء من تغيير ومـا أدركوا من كفه النـفوس ومـا تنطوي علية من غير افصاح وما تظهره غير ما تبطن ... وما تقول غير ما تفعل وما تعد دون أن تفئ .
    تعلّم الناس من الموت ومن الحياة ومن التضحية والفداء ومن البذل والعطاء ... ومن الصدق والوفاء .. تعلموا كل ذلك واكثر من حصيلة المعاصرة ربع قرن من جيل آبائهم وأجيالهم الشابة وانتهوا هم أيضاً الي قرارٍ مكين ... يتخذه ضحايا الضرر الواحد وأصحاب المصلحة الواحدة ... اتخذوا قرارهم في هدوء ولاذوا بكرامة الصمت والصبروالاستعداد !! وعندما أصاخ من في التجمع أذنه لرجع الاجابة لنداءٍه رجع له صدي صوته كاسفاً حسيراً من تبعثر أشلاءه ... الرياح السوافي ... لا مجيب ...
    فـان ظلم ذوي القربــي أوجع وأنكي من نكال الغرباء .. وما الذاهب بأفضل من الحاضر .. وكلاهما باطل ... وقبض الريح .من منشأ الضرورة الماسة تنبثق الحلية العبقرية ... بابتكار نظرية الالتصاق والاستظلال وهي لاتكلف نفساً ولا نفيساً
    فعندما يفلح الاعلام الاعلاني في اخراجها بفرقعةٍ داوية ثم أضفي عليها سحابة من الغموض .. ترعد حيناً وتبرق حيناً وأعدت لها اجتماعات وعقدت لها لقاءات وتمت لها مقابلات وعبرت عنها تصريحات ونشط الحزب الشيوعي الذي كانت تربطه بحركة التمرد في الجنوب صلاتٌ سابـقة وتــواصلً مستمر .. وتـقاربً في الـرؤي ... نـشط في تنفيذ النظريه وطـرب الذيـن يتحدثون بـاسم الاحـزب .. فبـعضهم يـصفـها ب (( كوكادام )) وبعضهم يعزوها لمبادرة (( الميرغني / قرنق))
    ورأت فيها حركة التمرد إذعاناً شمالياً لقوتها يضفي عليها إعتباراً كبيراً ...
    وتم الالتصاق صورياً : - إستظلت خيمة التجمع ببندقية التمرد !!
    ونعمت طويلاً بهذا الاستظلال وأصبحت الاشارة الي عضوية التجمع مؤشراً خطيراً للتحول الكبير من الحرب الكلامية والمعارضة الاعلامية الي النضال المسلح !!
    والرمز الشمالي لهذا المعلم النضالي إنضمام الضباط السابقين من قيادات الجيش التى أَخِذَ منها الحكم وأطيح بها أيضاً واتخذت لها إسماً مهيباً القيادة الشرعية !!
    وبهذا يكتمل هيكل النظرية وتتم المقولة المعلنه أن : -
    التجمع هو الممثل الوحيد للشعب السوداني والمعارضة السودانية أحزاب ونقابات والحركة في الجنوب والقيادة الشرعية للقوات السودانية المسلحة .
    وشمّر الاعلام عن ساعده معلناً هذا الحدث التاريخي الكبير الذي لم يكن مسبوقاً من قبل ولم تشاهد هذه الوحدة الغالية التي تجمع السودانيين كلهم لا في تاريخهم القديم ولا الحديث !!وظـلت الصحف تـلاحق تحرك القيـادة العليا لهذا الـكائن الجليـل وانخذت( أديس أبابا ) مكاناً مختاراً للقاءات المدينة العسكرية .واتخذت ( القاهرة ) سكناً وأمناً للقادة .وتـوزعت المؤتمرات بين (( لندن )) و (( نيروبي )) و (( واشنطن )) و (( اثلانتا )) و (( أبوجا ))ونام الخلّيون علي هذا الحلم الهاني البيعيد عاشوا فية نظرية الحرب (( حرب الاتاري )) عبروا فيها صحاري ... وصعدوا فيها جبال ... واخترقوا فيها سهول وعسكروا في غابات وأدغال .وخندقوا في تخوم ومشارف حتى أنفاس النائمين كانت مشبعه برائحة البارود والاجساد المحترقة ... وملابسهم معفرة بالتراب والدخان وملطخة بالدماء من شرايين الشمال والجنوب .حتى أفاقوا من نوم العوافي علي قعقعة حقيقة كان لها وقع الصاقعة في الروؤس والاسماع ..واقعٌ مدمر إنفجر كالبركان
    ولم تستطع خيمة التجمع أن تسترة أو تخفية واختفت البندقيه آخذةً معها ظلها !!.وتداعي الالتصاق منسلخاً لقد انصدعت حركة التمرد في الجنوب وتحولت الي قتالٍ قبلي تتناحر فيه القبائل بالسلاح فيما بينها ... واستشري هوي العصبية .. وتداعت الفصائل الي عواملها الاولية دينكا ... شلك ... نوير ... فرتيت ... الخ ...
    واشتعلت في الجنوب نارٌ ملتاثة بحمي القتال حتى كاد يقضي علي ذلك الضابط الشاج الذي ذهب ينفذ النظرية عملياً فوقع بين نـارين .... فأنجاه الله والعزم المكين الذي كان يتحلي به ويمارسة وهو مريضٌ بالسكر ... فالتمس طريقة وهو يقتات بالاعشاب ويبتلع بمياه المستنقعات هو وزملاؤه حتى لزموا أسرة المستشفيات في (( نيروبي )) التى وصلوها بعجزةٍ خارقة تعد وحدها ملحمة نضالية خالده في قيمة البذل ... وقمة العطاء .
    فقد كان كـله عطاء بلا أخـذ .. ووفـاء بلا مَنَّ وعهدً بلا نقض ... وعملً بلا ضجيج ... وتضحية بلا زهو ولا اعلان وتجربته هذه إنطباع علمي صادق تلقي ضوءاً باهراً كاشفاً علي حقيقة ما يجري في الجنوب ... ودروساً قيماً يساعد أصحاب المصلحة الحقيقة في الوطن الواحد في بلوغ أهدافهم الخيّرة في الوحدة والاستقرار .
    وهذا الضابط الشهم .. النقي .. الجادمطالبٌ أمام الله والتاريخ والوطن ليكتب نتائج رحلته الخطيره ...وانطباعاته الصادقه الأمنيه ...لتزود المضيين ... ليتداركوا وطنهم قبل أن يتمزق بخناجر الجهل المسلح وقذائف الطمع وصواريخ العمالة واحلام أدعياء السياسة والقيادة والزعامة !!ولا يعني أحداً كثرة المحاولات العقيمة لا خفاء الصدع المتوقع ولا الاستخفاف بحجمه وقلة عدد المنشقين ... ولا ترقيع الخيمة بخرق ذات ألوان ... لأن تعداد هذه الصور مضحكٌ ومبك كالنشيج الهستيري المرير ...

    ندوة واشنطون والتكشير عن الانياب

    وجـاءت (( ندوة واشنطون )) حيث كشر المتحاربون في حركة الجنوب عن انيابهم واعلنوا حقيقة نواياهم التي لم تكن تخفي علي العقلاء واجمعوا علي (( تقرير المصير )) ولم يأبهوا لمن لحق بهم من ممثلي التجمع بل واتخذوا قرارهم بمعزلٍ عنهم بحضور ممثل لوزارة الخارجية الامريكية ... وسافروا الي جنوبهم ... ولم يفتح الله بكلمة احتجاج واحدة علي ممثلي التجمع وعادوا ...
    كـان كلً يحكي المشهد بطريقته !!ولم يعجز بعضهم عن تبريرٍ يحاول به تخفيف الخبر ولم يكن ثمة مجال لاختلاقٍ عبقري جديد فان وكالات الانباء والصحف العالمية تولت الأمرهذه المرة وزينت صفحاتها بصورتي (( قرنق )) و (( مشار )) ولم يبق الاّ ما يقال باسمهما مجرد إفتراء وهراء ولم يكن هذا بالطبع ممكناً
    وعادوا ... وانصرف الشركاء المتشاكسون إلي التراشق فيما بينهم همساً ، وإنعزالاً وتجميدا……. وإنتكأ جرح الهيكله ….فتعملق البعض ...وتقزّم البعض ..وحار البعض
    بين العملقة والتقزيم وفترت العلاقات ... وانقطع التواصل وارتفعت الاصوات بالنقد والاتهام بالتقصير وتفجرت العلل المزمنة ... وتترس كلً بموقفة القديم
    وأخذ يتحدث عن نفسه كأن لم يجمع.. أو يجتمع…. أو يتجمع !!
    شئً واحد إستلفت النظر المراقبين وحاروا في تفسيره : -
    لماذا أخفي ممثل الخارجية الاميريكية الرجلين قرنق ومشار ؟!
    ودسّ مكانهما ؟! الى أن فرغ من إستكتابهما !!
    هل كان ممثل لجنة أفريقيا يعتقد حقاً وهو الآمر بالاجتماع والقرار أنه قد حلّ إشكالاً أفريقياً حقاً ؟!
    وهل بقية الجالسين في مكان الاتنظار ليسوا بأفارقة ؟! ولا عقد ولا حل لهم ؟! ولماذا ذهبوا ؟!وهل هذه بلادهم أم ماذا ؟!!
    لا مجيب ... ولاجواب الاّ الحقيقة التى يجعلها ممثل لجنة أفريقيا التى لا يعرفها إلاّعلي الخريطة
    ان الرجلين إنصرفا الى قتال بعضهما ومارسا مزيداً من الفرقة والشتات في شريط الغابة الحدودي بعيداً عن خط العرض الوهمي الذي يمر بكوستي وينتهي بالدمازين تماماً كما حدده نظرياً ممثل لجنة أفريقيا ... وهو يحدد القرار نظرياً !! حيث تسخر منه عملياً الغابه والصحراء في سودان أفريقيا .
    هل هو يعالج اشكالاً في السودان ؟!
    آم هوه يمارس صلاحيات دولته العظمي في جنوب السودان وحده بمعزلٍ عن شماله ؟!
    وهل هو باخفاء رجلي الحركة عن وفد التجمع المنتظر يكرس نظرياً انفصال جزء من وطنٍ حر ومستقل ويتمسك به أهلة وسيصرون علية .. وسيدافعون عن وحدته أزاء كل النظريات الانطباعية ... والحلول العشوائية في أذهان الذين لا يعرفون !! دولاً كانوا أو أشخاصا من أصغر الصغار الى كبيرة كبراء العالم الجديد والتي تعاني منذ مائتي عام من مشاكل العرق واللون والاستيطان الي الآن .
    تنسي كل هذا ...و (( تقرر مصير )) شعبٍ باكمله ...وتقصم وطناً بأسره في إجتماع خجل تم علي إستحياء في غرفة ضيقة مع رجلين لا يجمع الود ... بقدر ما يفرق بينهما الصراع القبلي الفطري ... وهو المحرك الأساسي لكل ما يدور في بعض الجنوب السوداني وهو المفصل الذي يتسرب عبره المفرضون دولاً وحكومات وجمعيات ومجمعات وتجار سلاح ... فيزكون نيرانه ويؤججون لهيبه تحت مسميات مختلفة وتعلات متباينه ... يبتدعون لها الاقوال الضخمة المهولة التي تصطك لها أسماع العالم بعيده وقريبه وأقربه حرب أهلية ... إبادة ... مجاعة ... حقوق انسان إغاثة ... شريان حياة ...
    ويحددونها قطعاً بخطوط العرض والطول وتحديد العالمين يالأمر ويقصرونها علي جنوب السودان وحده دون غيره كأن لم يكن في شماله مجاعه !!
    وكأنما لا يحتاج الي إغاثه !!
    وكأنما إنسانه آمن ليس مسلوب الحقوق ... وأدناها وكأنما لا يذخر بالسجون والمعتقلات
    وكأنما ليس مكاناً جحيماً طارداً تحتشد مخارجه بالهاربين منه الي كل مكان !!!هكذا قلب الحقائق كلها ... وليّ أعنقه الصواب ..والذي يمتلك القوة المدمرة ... ومال الآخرين المستثمر لديه وخلاّ له ... حتي بامن وأفرخ ... وآمن تصدي الغير يشرع ريشته ويغمسها في مداده ويلّون الكرة الارضية باللون الذي يشاء ...
    وعلي الضعفاء أن يصابوا بعمي الألوان وهو منهج قاصر يسري علي الضعفاء وحدهم !!
    فهل تري السودان واحدٌ منهم !!
    ذلك ما يتكون في رحم الغيب نشوءاً وإكتمالاً وعندما تضع ذات الحمل حملها وتري الناس سكاري وماهم سيعلم وما هم سيعلم الذين أساءوا الفهم في الشمال والجنوب أي مَنْقلبٍ ينقلبون !!
    وسيعلم بعلهم كثيرً من القوي أي متاهةٍ عدمية قاحلة قادتهم اليها مخابراتهم وعيونهم وعملائهم ...
    وسيقلّبون أكف الندم علي ما أنفقوا فيها فعاد وبالاً عليهم تذهب أنفسهم علي أثره حسرات ... إنه لا يعدو أن يكون مد عمر الزمن في إطالة شقاء الانسان أي ؟إنسان من المخندقين في خطوط النارالمنكثين في نواعم السرر إلي الذين مسّهم الضّرُ فارتحلوا ألوذاً ولجأوا ألي دافع الضرائب المسكين الذي لا يدري هل (( للكونترا )) أم (( ساند نيستا)) أم (( خليج الخنازير ))
                  

07-01-2007, 09:16 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    القصة الحقيقية لاجتماع البارونة كوكس

    السيده (( ماري داينز ))
    سيده بريطانية مفعمة بنوازع الخير وتخفيف الآلام ...
    وضـاعف ذلك في إستعدادها الطبيعي فنذرت نفسها للمساعده وتخفيف الآلام بلا حدود … أسست جمعية تزاول من خلالها تقديم المساعده لكل من يحتاجها بآفاق أوسع بدءاً بحقوق الانسان الي الاغاثات المختلفة لكل ملهوف أو طالب غوث أو متضرر منظمة الحقوق العدالة … ومكانها المختار (( لندن )) إنخراط في عضويتها كثيرً من الناشطين ومحبي الخير شأنهاشأن الجمعيات التطوعية ولها كثير من الاتصال بالمنظمات الشبيهة التي تعني بالاغاثات والمساعدة علي صلةٍ أوثق بمجلس الكنائس العالمي الذي يعني بـذات المهمه في مجالٍ عالمي كبير…..
    وفي هذا الفيض المتزايد كانت تلتقي في مكابئها بأعداد وفيره من أصحاب القضايا التي تدور في هذا الشأن ... تحسن إستقبالهم وتستمع اليهم ما أمكنها ولم تكن تدخر وسعاً في ذلك ولا تهاوناً وإعتناقها المسيحي يشكل أمامها منظوراً منسجماً مع مساحة المعذبين في الأرض والمستضعفين .. والأولي بالرعاية والعون فتعمل جاهدة علي توسيع (( مواعين )) الرحمات والتعاطف مع كثير من القضايا الانسانية والاسهام في تذليل ما يعترضها من صعاب حسب وسها وامكانها ومنظورها المسيحي الناشط .
    ولابد أنه قد ترامي الى سمعها صدي اجتماع المعارضة في واشنطن وما انتهي اليه ...
    فقررت أن تسهم من جانبها ... بما في وسعها ... لمساعدة المعارضة السودانية ضد النظام القائم في السودان فهي جمعية تطوعية بريطانية
    وبريطانيا آخر من استعمر السودان ...
    و آخر من جلا عنه ....
    ومعظم المعارضين يقيمون في (( لندن )) ...
    والسيدة (( ماري )) تعرف بعضهم شخصياً .. وكثيراً ما تحاورت مع بعضهم
    فقررت أن توجه الدعوة للمعارضة السودانية كما تعرفها ... هي ... لتشرح مراميها وأهدافها والصعوبات التي تعترض أداءها ...
    ليشكل كل ذلك رسالة حادة موحدة موضوعية الي المجتمع الدولي عامةًوالمقر البريطاني خاصةً منقولةً عبر الجمعية التطوعية بغية خلق رأي عام في أوربا ليلحق بدائرة الرأي العام الأمريكي بحجم المساحة التي شغلتها ندوة واشنطن فأوربا أقرب إلي أفريقيا من أمريكا ولندن أعرف بالسودان من واشنطن .
    ومجرد دعوة زعماء المعارضة والأستماع إليهم يعتبر عملاً من أعمال الخير يندرج تحت برنامج الجمعية التطويعة ... ولا يبعد أختصاصها كثيراً .
    ولم يكن لمجلس اللوردات البريطاني حتي مجرد العلم بدعوة السيده (( ماري )) للمعارضة السودانية وورد إسمه لحجز البارونة (( كوكس )) لاحدي قاعات الاجتماع بمبني مجلس اللوردات ورئاسة الجلسة الأولي للاجتماعات بتكليف من السيدة (( ماري )) رئيسة الجمعية التطوعية ولا شئ غير ذلك !!!!!
    وعندما وزعت رقاع الدعوة تسارع الزعماء من قادة التجمع ملبيّن وشاكرين إلي هنا فالأمر - عادي -وأكثر إعتياداً منه نظرية التناسخ التي بعتنقها التجمع فهو يموت في واشنطن ليبعث في لندن بعتبار أن المادة خالدة لايعبربها الفناء !!!
    وتعوّد المـراقبون علي احتمال هـذه الظاهرة التي تخالف معتقداتهم (( بأن كل من عليها فان )) خصوصاً وأن زعماء التجمع يجئيون كأن واشنطون لم تكن !!
    وبراءة الاطفال في عينيهم وكأن احدي مكوناتها الاساسية (( جون )) و (( مشار ))لم يغادرا السفينة التي شبعت جنوحاً وارتوت غرق قبل أن تبحر !!
    وكأن إصراركل مدعو أن يتحدث باسم الكيان الذي ينتمي إلية هو نوع من وحدة الرأي وآحادية الهدف ... وانسجام الكيان .
    وعلي المستمعين أن يجهدوا أنفسهم ليكونوا من الآراء المختلفه هيكلا متناسقاً كلجنة التنسيق العليا احدي مسميات التجمع .
    والتي إتخذت لنفسها إسماً هو أبعد ما يكون عن مسماها !!
    إعتاد المراقبون علي كل هذا ...
    وكأنهم يتابعون ملهاة صامتة في إحدي مسارح العبث ولكن الذي حدث في القاعة لم يكم يخطر علي بال أيّ منهم قد يكون في حسبان المنصة شئ منه ...
    ولكن قطعاً ليس بالصورة التي تبدي بها ...أن : -
    يقف أحد أعضاء التجمع ، ورئيس لمؤتمراته ، ووزيراً قومياً سابقاً في سلطة الديكتاتورية الثانية في السودان المستقل منذ ما يقارب أربعين عاماً ليعلن : -
    أن إستقلال هذا السودان غير شرعي !!وهو لا يعترف به ؟!
    ويناشد البارونة أن ترفع صوت أعلانه هذا ..
    الي حكومة بريطانيا العظمي التي كـانت تستعمر السودان بـاعتبارها شـريكة في (( فـرية )) الاستقلال السوداني .. لتعيد النظر وتصحح خطأها وتمنح حق (( تقرير المصير )) للمطالبين به ... ممن يمثلهم هو !!.ومن يمثلون المناطق الاخري (( المهمشة )) كما يقول ‍‍‍‍!!
    وحُقَ للوزير السابق ...وعضو التجمع المستقل اللاحق والناطق الآن باسم الحركة في الجنوب حُقَ له توسله لبريطانيا بمبني لورداتها إنها بريطانيا العظمي التي أصدر ممثلها في السودان (( قانون المناطق المغلقة )) بعد فتحها للسودان
    وقد إنتوت تقسيم البيت السوداني .وعزل الأسرة الواحده عن بعضها ستون عاما !!
    انه (( لحن جنائزي )) قد تم وضعه في مطلع القرن العشرين ينوح في سراي الحاكم العام البريطاني في الخرطوم .. يمكن التطريب به في مجلس اللوردات البريطاني في لندن في أخريات القرن العشرين أيضاً !!
    وعضو التجمع (( المستقل ))والناطق (( الآن )) باسم الحركة في الجنوب التفت الي زملائه اعضاء التجمع الحاضرين معلناً وفاة التجمع !!
    بعد انكاره لاستقلال السودان وتركهم بلا وطن ... ولا تجمع !!
    وهم في رأية : - قبل خمس سنوات أو أثنائها أو بعدها ركبً جنائزي يحمل نعشاً ناء كاهله هو بحمله معهم أعواماً واجدري أحدً ما هي قيمة النزاع حول تقرير المصير بين أناس قيل لهم انكم بلا وطن .. ولا مصير .. وانم تحملون تابوت التجمع كصخرة سيزيف تأبي صعوداً ويأبي سيزيف لها انزلاق حتى قضي نحبه بين السفوح !! ..


    أرفعوا أيديكم عن جنوبنا الحبيب

    أعلنت الحركة في الجنوب ...
    عما .. إستبطنتة طول عمرها ... وما لم تستطع إخفاءه مما كشفت عنه أدبياتها واطروحاتها ومواثيقها وااعلاناتها لمن يقرأ أو يتذكر أو يراقب
    وهي هنا تقف عاريـة كانسان الجنوب ملقية أثمال (( كـوكادام )) و (( أمبـو )) و (( مبادرة الميرغني )) متصدية للرياح والامطار والرعود ولم تجد من يرد عليها !!..
    فقد جاء كل منهم يحمل خطابه الخاص في عنقه ممثلاً لرأي حزبه لا تجمعه ...
    وعندها إهترأ الخيط الهزيل الذي كان يضم حبات التجمع وانتثرت في بلاط القاعة ... واختفي بعضها تحت المقاعد الخالية الوثيرة في مجلس اللوردات البريطاني ....
    و لولم يعلن المسئولون عن القاعة انتهاء الوقت المحدد لا جتماع الندوة ... لما وجد الحاضرون منجاةً من الحرج وهول المفاجأة وحيرة البارونة ودهشتها ولم يتأمل الكثيرون عينها وما فيهما من رثاء واشفاق وسخرية ...
    فان الاطراق في مثل هذه المواقف يكن ملجأ أمنياً لمن يذاكر جيداً ثم يأمل في النجاح أمام لجنة الامتحان الشفوي !!
    وهو المجابهة في ميدان صراع الحقائق الموضوعه ومبلغ العلم بها ... والايمان يقطعيتها والقدرة علي إثباتها ... ودحض ما يشويها من افتراء وادعاء وضعف وتشوية فيطرق ...
    حيث تكن عاقبته ...السقوط ... المخجل .. المميت !!
    وعند تحليل المحصلة وما فيها من إستجداء لحل مشكلة السودان في الجنوب
    ومناشدة الآخرين لاسقاط النظام الحاكم بالقوة في الخرطوم تنبلج حقيقةً دامغة من نورها تعشي الابصار ومن نارها تشوي الجلود ... وهي
    أن الغائب الحقيقي عن هذا الاجتماع هو : - - الشعب السوداني -
    الشعب الكريم الذي لم يستجد إغاثة .
    الشعب الحـر الذي لم ولن تعتريه الـريبة في زعمائة آبـاء الاسقلال وصانعوه الأطهار يوم أن كان..الزعيم اسماعيل الازهري أمة في فرد .
    وكان الامام عبدالرحمن المهدي إدارة في أمة .
    وكان الشعب السوداني وحدة متماسكة في برلمانٍ منتخب
    وكان العلم إعلاناً للسماء والأرض والناس أجمعين !!
    هذا السعب الذي لم يكن مدعواص للقاء البارونه .. والتي لم تكن تعرفة .. ولم تدعوه ..سيصون استقلاله .. ويحافظ علي وحدته ... ويسقط وحه النظام الذي لم يرتضيه في الخرطوم ... ويتمدد عبرحدوده المشروعة التي اعترف بها العالم منذ نصف القرن ... ويطهّر بيته من معوقات الحياة والتقدم .. والوحدة ... والاستقرار ..
    الماثلة الآن أمام البارونه في آخر المناورات الفاشلة والممارسات الكاسده والتمثيل الزائف والزعم الباطل والزعامة المنتحلة !!
    ولم أتيح للبارونة أن ترهف السمع خارج جدران مبني اللوردات ...
    لسمعت دوياً منذراً آتياً من بعيد يجأر بالحقيقة التي يتكتمها الجميع الاّ أصحابها ... وهو يصيح في إحدي غضباته المعهوده : -
    إرفعوا أيديكم عن جنوبا الحبيب ...
    فنحن أقدر علي تطهير ما خلّفتم من أنعام قديماً ولن نقيد بخيوط العنكبوت .
    إن قضايانا ليست هنا ولا هناك .. بل في كليهما ما يفاقمها
    إن قضايانا وحلولها في بلادنا
    ونحن وحدنا المنوطون بحلها وعلاجها وشفائها ولا نطلب من أحد أن يكف صب الزيت فوق نيرانها ونرحب بمن يعني معنا بالاطفاء لسلامة العالم ولكن بشرط واحد : -
    أن يعرفنا وجوداً
    ويعلمنا تاريخاً
    ويحترما قدرةً
    ويسمعنا صراحةً
    ويستقبلنا حقيقةً
    ويفهمنا موضوعاً
    من نحن ؟! وماذا نريد ؟!
    ومن لم يكن علي هذا المستوي فقد جانبة الصواب وسيشارك أراد أم لم يرد في المزيد من شقاء العالم ... والمزيد من عذاب الانسان حتى لو أراد تطبيق حقوق الانسان !!
    ذلك أن عليه أن يعرف الانسان أولاً ...ثم يساعده في ممارسة حقوق الانسان ثانياً
    والاّ فانه يصنع العربة أمام الحصان .. ويعوق مسيرة الانسان !! ومع كل هذا ... الذي حدث ... فقد اجتمع هذا النفر ثانيةً في إحدي المقاعات وإستصدر بياناً خاصاً بالجنوب وحده ...يبدأ من خط 12 ....أرضه وسمائه ... ليكون حرماً آمناً .. تجوش فية شرايين الحياة ... وتطلق فية أيدي جمعيات الاغاثة .. وما تنقل من دسم ومن سمٍ في الدسم !! ..كان البيان خاصاً بالحركة في الجنوب وحدها ... وينتزع من الحاضرين إعترافاً رهيباً يحتوي عدة مضامين أكثر رهبة وأفزع هولاً ... فهو : -
    ( أ ) يتضامن مـع الحركة في الاعتراف بالرقعة التي تشير اليها الحركة دوماً بأنها كيان آخر
    (ب) يطلق أصابع المجهول تنسج ما تريد في هذه المساحة .
    (ج) يعزل الشمال تماماً باعتباره جزءاً آخر خارج المشكلة التى يعاني منها الجنوب ومسبباتها
    (د) يكرّس نظريات الانفصال ويدعم نداء الناطق باسم الحركة عن رأية في الاستقلال .
    (هـ) انتصرتالحركة في الجنوب باستعمالها لادارة التجمع مرحلياً وانتزعت منه كل ما تريد وأشهدت العالم علي إعترافه الضمني بحقها فيما تراه ... وألقت بعظم التجمع بعد أن اكلت لحمه حتى النخاع ... واستنفذت أغراضها منه ... وتركت جثته بلا كفن ولا لحد ... ولا ستور !!
    ويتوالي قرع الطبول عبر الأطلس يدعو لاجتماع آخر في معهد السلام في واشنطون في 12 أبريل 1994م بعد ندوة لندن بما يزيد عن الشهر بقليل .ولا شك أن أهم وثائق القاعدية بيان ندوة لندن وسيتوالي دوي الطبول ... وتنهمر الدعوات وتعقد الندوات هنا وهناك ...ورب ضارة نافعة ..فان رأياً عاماً يتكون علي صدي القرع والدوي .. ويتجاوب السودانيون في كل موقع من مهاجرهم المختلفة ويتساءلون : -
    ما هذا ؟! وكيف ؟! ولِـم ...؟! ولماذا ؟! ما هذا الذي يُفْعَل ببلادنا ؟!
    وما الذي يراد بنا ؟!كيف نترك أقدارنا تجري علي علاتها ؟!
    لم لا نتولي تصحيح المسار واصدار القرار ؟!
    لماذا لا تقوي الاتصال بداخل بلادنا مع مواطنينا ؟!
    ومنذ أن صدر هذا الهزيم من ذوي الشأن وأصحاب المصلحة و؟أهل الحل والعقد .. أهل البلد تداعت الفوارق الحزبية والاحتلافات المنهجية واستوي القرار الوطني علي قاعدة القوة والمتانة من جمهرة المواطنين جميعهم بلا إستثناء خلعوا عنهم فوارق التمايز بينهم ..
    حطموا حواجز النظريات .. والتقوا في محيط من الطهور وقرروا أخذ زمام المبادرة وانتهاج الفعل والتحموا ببلادهم كلها كأنهم يلقونها بعد يأس وقد وجدوا بلقيلها الخلود .
    من هنا يكون البدء .ولتكن أضرار خمسٍ عجاف ... مصلاً واقيًا من دائها وعثراتها ... ومعالم تقي الركب الوطني من الإنحراف عن الجادة ... وتنجي سفينة من التضاريس والصخور وتؤمنها من الجنوح والغرق .وجراح الأمة خلالها أوسمة لا نطباعات نصرها وصمودها وذكريات معاركها من أجل الوحدة ولم الشتات وإنجاح القصد ولايمتن عليها أحد ....فانها كل الآحاد..
    يكفي هذا من عمر السنين الخمس ...وهن ينقضين عمراً .. ويحيا الشعب السوداني ...
    وقد إزداد بحصيلتهن منعةً وإقتدارا واتخذ من أجاجهن شراباً سائغا ...
    وحصل من تصاريفهن علي كمٍ وافر من الخبرة والدراية مما سيكونُ له زاد كاف لمشواره الطويل ودواء شاف لكل ما إعتري كيانه وفكره ورحه من عللٍ وأوصاب .
    ودرعٍ واق تتكسر عليه السهام والنصال ...
    وكلها كنوزٌ لا تقدر بثمن وكل مُثَمَّنٍ دونها بخسٍ زهيد !!

    جيلنا لن يكون جيل الفشل

    وفتيان العقود ( 69 - 1994 ) هم جند المرحلة وطليعتها وصناع نصرها ووارثوه حاضراً ومستقبلا يتبادرون الآن زحما بالمناكب وحشداً بالسبل وأخذاً بنواصي المسار ليستلموا الأمانة مـن جيلنا الذي أرجو أن لا يكون جيل الفشل الذي سيحل به غضب اليه … ولعنة التاريخ لأنه لم يترك بلاده وهي أكثر جمالاً وأقوم سبيلاً مما إستلمها من سابقية ….
    إنساناً وحدوداً وتنميةً وإستقرار . وتقدما ... ونضاعف الرجاء والجهد في أن نملكهم بلادهم كمْا خلّفنا فيها حراسها وصانعوها السابقون

    لا مزقاً متناثره ....
    ولا جهويـات منكفئه
    ولا أوصـالاً مقطعـه
    ولا عقائـد متـاخره
    ولا نظريات متصارعه
    ولا إنساناً تقصف به رياح الحيرة والضياع التى تهب الآن من كل الجهات في موسم الهبوب الطويل مستخفةً بالأقل وزناً… والاضعف ثباتاً
    والمعوز مبدأً ووسيلة وهدفا فتتركة عصفاً أو أعجاز نخلٍ خاويات رجاء أن نبقي إن شاءالله وبعونه في مواجهة الدوامات….نعض علي قضايانا بالنواجذ .. وإن اهترأت ونمسكها بأنيابنا وان تساقطت ... ونتحلي بمرونة التاريخ المستفاد فتنزلق الرياح ولا تكسرنا معولة هي في انهزمها وتبددها خلف ظهورنا .
    ونهش في وجه أجيالنا الشابة الفتيه كمنارة المرافئ الأخيره في بر السلام وشاطئ الرجاء الصالح وقد أزحنا من طريقهم كل شخوص وعقابيل الافك والنفاق الديني والسياسي والاجتماعي وطلاب المفانم والاسلاب دون أن يسهموا في القتال ...
    وينعموا بكل تضحيات الآخرين وهضمها ويقولون هل من مزيد ‍‍!؟.
    وهذا عهدٌ مسئولٌ قديم .. وقسمٌ خطيرٌ عظيم ...
    ولكن تعاهده أقدم ومسئوليته أعظم وأخطر إنه عهد ومسئوليه العصر والمعاصرين
    لا ينفرد بها أحدٌ دون أحد
    ولا يمتن بها حزبٌ ولا فرد
    ولا يختص بها والدٌ دون ولد وهو واجب الجماعة ... كل الجماعة ...
    عندما يقف التاريخ ونحبس أنفاس الزمان لينتظرا قراراً معيناً في أخريات قرنٍ يسحب أذياله ذاهبـاً … ومقدم قـرن يهل بطلعته آيباً ليسأل شعبـاً معينــاً في رقعـة معينه من الأرض : -
    هل يريد أن يكون ... أوهو أعجز من أن يكون !!
    ولا مناص من الاجابة ؟!! فان التاريخ يفتح صفحة جديدة ناصعة البياض تطرز حواشيها دماء الشهداء … وتحف بها أروحهم … ولن نخط فيها الاّ إسم وطنٍ يسرمد فيه الإستشهاد فتخلد فيه أرواح الشهداء وتنتصر فيه قضايا الحق … وتزهق فيه أحابيل الباطل كلها مبعثره بخطوات قرن مضي … يفسح الطريق لاطلالة قرن جديد وكونٍ جديد.
    ينطلق القرن الحادي والعشرين من القاعدةٍ ثابته أرسيت فيها خواتيم المعارف والعلوم منذ عهد النهضه والي نهاية القرن العشرين ... وتبدأ أولي خطوات القرن الجديد مدعومةً بمعارف وعلوم قطعية تختزل المسافة وتضفي علي أبعاد الزمن عمقاً جديداً وأفقاً أجد .. وتزود الانساس بقدراتٍ خارقة تمكنه من التعامل مع الكون بهيمنةٍ فائقه تقوده بسرعة الضوء الي نتائج حاتيه كانت تغني فيها الأعمار والأزمان !
    مما تزخر به معارف العالم المهادية والمطوّعه الآن لخدمة الانساس واعمار الأرض وتحقيق الخلافة فيها .. من منطلقات القرن الجديد الذرة ... الكومبيوتر ... الهندسة الوراثية ....اعمار الفضاء ... ويعجز الحصر عن مدي ما يمكن أن تحدثه هذه الامكانات خلال المائه عام الجديدة بعيداً من إتساع المسافة طردياً وبعد البون الشاسع بيننا وما لكي هذه المقدرات ... فمثلما غيبتهم عن أنظارنا سرعة البرق ...أخرتنا نحن بذات السرعة وضاعف من الفاصل بيننا وبينهم حتى لم يعد يصدق علينا مسمي الدول المختلفة أو العالم الثالث ... مما يستلزم تعريفاً جديداً لماهيتنا في عالم ترمن فيه الأجنه في بطون أمهاتها ويستوي من الأنابيب بشراً سويا وترقبنا فيه سفن الفضاء ونحن نقضي حاجتنا مما يثير ضحك رواد الفضاء وتعجبهم وباتساع هذا الفاصل الذي يحسب بسرعة الضوء ستظهر تعاريف جديده لامثالنا ...
    تتراجع فيها التعاريف القديمة التي كانت تطلق علينا كمختلف ونام وثالث ... وسيظهر بوضوح عالمً تاسع وعاشر وعدمي أي يشغل حيزاً بالوجود العدمي وهو مك الفراغ بلا حراك ...بل إننا سنكون أكثر بعداً من الذين يجهدون في الوصول للاستفادة من مخلفات القرن العشرين القديمة في الطاقة .. والاتصال والمواصلات والتنمية والتكنولوجيا .
    وبهذا إن تم ينعدم التواصل .
    ويذهب تعبير المصلحة المشتركة الي متحف التاريخ كقاطرات البخار وسفن الفحم ولمبات الجاز ويصبح اللحاق بركب التقدم البشري صعباً إن لم يكن مستحيلاً .. ويصعب الفكاك من القيود الموضوعية التي تحتم علي كل موقع أن يظهر بحجمه الطبيعي دون إدعاء ... وهي ضرورة يمليها واقعة الحقيقي لا يمكن إنكارها ولا التمويه عليها وتنهي بالاستسلام لمساكين العالم الذين يشغلون هامش الوجود بالصراعات التي مارسها الانساس في طفولته منذ الآف السنين .

    لابد من مجابهة الأحداث بجدية

    تعرض السودان خلال الربع قرن الماضي الي عدة عوامل مدمره .. تكفي كل واحدة منهن الي ازالة دولة كاملة الاستواء مكتملة المرافق مما يفصله بوضوح ذوو الاختصاص الاقتصادي والخبراء .. الذين يرصدون حركة التدني .. الذي أصاب البنية السودانية منذ السبعينيات فى هياكلها الثلاث:
    السياسى
    الإقتصادى
    الإجتماعى
    وأحصوا جيداً ماأصاب المرافق والإدارة خصوصاً مع منظورٍ صادق لعمق التدهور والإختلال الذى إعترى الخدمة المدنية قاطبةوهلهل القطاع الوظيفى والأجهزة النظامية عموماً. وتعد هذه الدراسات بدقة فاحصة تتبع وكيانات مراحل سريان العلة التى إعترت الكيان السودانى بغية تحجيمها وعلاجها جذرياً والإعداد لنقلها من جديد متناسقة مع التأثر الناشئ من رسم الخريطة الجديدة للعالم بكل ما بها من اندياحات وتكوينات وكيانات تستن شرعة القدرة الانتاجية والتنافس الإقتصادى وقانون السوق الحر وفرائض العرض والطلب وترشيد الإستهلاك وتحجيم الواردات بإشباع الإكتفاء الذاتى وإثراء فوائض للتصدير ….
    ومعادلة العالم الجديد نداءٌ ملح يوجب حتمية اللحاق بقافلة التنمية والتقدم بقوانينها الجديدة ..ويعد هذا الواجب الحتمى ثقلٌجديد يضاف إلى الأثقال التى تراكمت على عاتق الكيان السودانى وهو أيضاًدعوة ٌملحة وضرورةٌ ماسةٌ لأخذ زمام المبادرة من التراكم التلقائى للأحداث ومجابهتها بجدية وحزم يتجاوز إيقافها إلى إسقاطها تماماً من على كاهل قطر وشعب لازال يتمتع بالأكثر الأغنى من إرادته وإمكاناته …كل هذه الأثقال لا تمثل من كيانه إلا حروقاً من الدرجة الأولى لم تتجاوز أديمه الخارجى وتتمتع بقدرة إلتئامها الذاتى بكثيرٍ من العناية وقليلٍ من التطبيب.
                  

07-01-2007, 09:30 AM

الصادق صديق سلمان
<aالصادق صديق سلمان
تاريخ التسجيل: 07-11-2006
مجموع المشاركات: 4010

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الشقيق مهاجر
    لك التحية والشوق العارم

    إلى الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً
    وتواصو بالحق وتواصو بالصبر
    وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

    الشريف زين العابدين الهندي (له الرحمة)
    شقيقي
    من هنا ومن هذه الكلمات الطاهرة النقية الصادقة أدعوك وأدعوا
    كل الاتحاديين في الأرض أن يعملوا لوحدة هذا الحزب وأن لا يشعلوا
    نار الفتن بين الأشقاء وخير وطننا في وحدة هذا الحزب وخروجه
    من أزماته في انتصار هذا الحزب وتكوين الحكومة.

    أبوفتحية
                  

07-02-2007, 04:12 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: الصادق صديق سلمان)

    Quote: الشقيق مهاجر
    لك التحية والشوق العارم

    إلى الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً
    وتواصو بالحق وتواصو بالصبر
    وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

    الشريف زين العابدين الهندي (له الرحمة)
    شقيقي
    من هنا ومن هذه الكلمات الطاهرة النقية الصادقة أدعوك وأدعوا
    كل الاتحاديين في الأرض أن يعملوا لوحدة هذا الحزب وأن لا يشعلوا
    نار الفتن بين الأشقاء وخير وطننا في وحدة هذا الحزب وخروجه
    من أزماته في انتصار هذا الحزب وتكوين الحكومة.

    أبوفتحية


    ابو الجاز حبيب الناس

    نتمني ذلك ..ونحن كشباب لدينا محاولات لراب الصدع انشاء الله
    وتحريك كل الشباب نحو الحزب
                  

07-07-2007, 10:20 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    up
                  

09-12-2007, 08:11 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    اعتذر والله لانقطاعي لاتمام الكتاب وذلك لظروف عمل

    ولكن اوعدكم بنشر البقية

    وكل عام وانتم بخير
                  

09-12-2007, 08:31 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الفصل الثامن

    وآخـر الــكلم وأخيــره
    الـــرؤيـــــا والحلـــول

    لا بد من تجاوز المشجب المايوى

    لم يستطع انقلاب مايو أن يحطم معنى الاستقلال رغماً عن كل ما استعان به من مطارق وسنادين ولم يستطع طمس معالم التحول الاجتماعي مع طول سنواته الستة عشرة وكثر محاولاتة المخففة ومشاويرة القانطة عبر الشرق والغرب وأحضان الاقليمات التى تقلب بينها ونعم بحنوها ومؤازرتها حيناً من الدهر طويلا…
    ولا يجدر بنا وليس كريماً أن نصنع كل أثقال عجزنا وتراخينا على المشجب المايوي الذي هوي متحطماً من كثرة ما ألقي علية من المعاذير وحتى مخلفاته بعد الانتفاضة والى الآن ليست تعلة صالحة لتبرير ما لحق بالوطن وأهله .
    ثم الركون الى معارك كلامية يرجي بها عمر الانتظار المتجمد الحائرة أو مزاولة العيش في مذلة الشكوي لغير الله .. أو محاولة إستعداء الآخرين من الأقوياء وجلبهم ليطأوا أرض الوطن وينقذوا شعبة من نكال بعض بنية الذين نكلوا به …
    لم يعد شيئا من هذا القبيل صالحاً ولا مثيراً للاهتمام …
    بل ولا يليق بشرف وطن تملّك أمره وخلص لبنية بكل ماله وما هو علية … وليس هو لائقاً بكرامة شعب لم يهن ولم يضعف ولازال يصنع من صبره المرّ أهبّة إستعداده للاقامة بآخر ما يعترية من معوقات الدين والدينا ..
    وهذا هو الرهان بين عارفية حقيقة وحقا …
    وبين الذين ظلوا راسبين في مستنقع الجهل به طوال هذه السنين والازمان من بعض بنية
    ومن شايعهم من القرب المحيط أو البعد البعيد من الشرق …أو الغرب !!

    إنه قطار لا يتوقف في المحطات الصغيرة

    وبانطواء المساحة غير المحدودة التي انقسمت بعد الحرب العالمية الثانية ومورست فيها أساليب الحرب الباردة بين القطبين الأعظم وعمرت مناوراتها كل الدول النامية والصغيرة متقافذة بين قطبي الشرق والغرب وسحب البساط من أرجل المتافذين وحل مكانها وضع الاعتماد علي الذات ضرورة لامعدي عنها : _
    (I) كان لاختفاء الاتحاد السوفيتي من خريطة العالم كاحدي معادلات الوجود الثانية والتي كانت تمثل وعداً ووعيداً تستثمر الدول النامية في الاستدفاء من زمهرير الحرب الباردة ..
    (II) ولأن تغير النظم الحاكمة في كل من أروبا الشرقية كشف عن واقع مفاجئ لم يكن في حسبان الكثيرين وهي أن مجموع هذه الدول يحتاج الي حل كثير من المشاكل التي تعاني منها الدول النامية …كالتنمية والبطالة وتأسيس البني الأساسية في تكوينها الاقتصادي والاجتماعي .
    (ج) حيث أن كثيراً من الدول المانحة تعاني من نقص خطير في موازاناتها وعجز في مدفوعاتها مما يجعلها عاجز عن الاقراض راغبة في الاقتراض .
    (د) وايضا حرية التجارة وقانون السوق ستقلب موازين التعامل القديمة وتتجة مؤشراتها
    الي مناطق الانتاج وقدرة المنتجين لكسب نتائج الحرب … الاقتصادية المقبلة .
    كل هذه العوامل … وكثـير غيره .. مما يحصية خبراء الاقتصـاد ويتوقعون غيره …ستملي قوانينها .. التي تحكم مسيرة العالم خلال المائـة عام القادمة .. وتفرض علي الامم والدول … بلا إستثناء أن تعمد إلي جرد حصيلتها الذاتية .
    وحصر إمكاناتها الخاصة واستثمار موجوداتها تأهباً للانخراط في الوضع العالمي الجديد .
    وتلحق بقطار الاقتصاد السريع الذي لايتوقف في المحطات الصغيرة ولايمر بها .
    ولقد ظلّ وسيظل أكبر ما أعاق الدول النامية وشتت جهودها في التنمية وأضعف قدرتها علي الاستقرار هو : _ تعاقب الأنظمة المختلفة علي حكمها
    (1) تمزيق مستيقناتها بالشد والجذب بين القهر والديكتاتوري الشمولي .
    (2) التسيب الديمقراطي غير الراشد، الذي يفتقر الي الثبات والاثبات ويفتقد الثبوت علي قاعدة الادارة الوطنية التي تمنحة القدرة علي الرسوخ والاستقرار
                  

09-12-2007, 08:46 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    وفي المحيط الأقرب الي التداول والتبادل المصلحي والتكامل الاقتصادي وهو المحيط العربي الميسور بالثراء النفطي والمشهود بالفوايض التي كانت في الماضي القريب محركاً قوياً ومضمونـاً لعوامل التنمية ومشاريع الاعمار فـي كثير من البلدان العربية والافريقية وغيرها .. عن طريق مداخل التمويل أو المنح والمساعدات والهبات والقروض .
    هذا المحيط المأمول عاني خلال ربع القرن المنصرم ولازال من مضاعفة عدد السكان في داخله وازدياد حجم المدن ومتطلباتها وتضاعف إحتياجة لاستيراد الغذاء والدواء والسلاح من الخارج مع ارتفاع قيمة هذه السلع عدة مرات وانخفاض سعر البترول .. بل وتوقف الضخ في بعض المناطق لعدة شهور .. وحظر التصدير والتسويق في بعضها أثناء وبعد حرب الخليج
    كما زادت مديونية معظم الاقطار العربية ..وتعرض بعضها لمجاعات وحروب اقليمية
    وعاني كثير منها من آثار التضخم والغلاء والبطالة بشكل لم يسبق له مثيل في هذا العالم الذي كان سنداً معتمداً ووعداً ناجزاً للاخذ بيد الكتلة العربية والافريقية في إستكمال هياكل التغير الاجتماعي والاقتصادي بما يخلق منهما وجوداً فاعلاً ومميزاً في التكون العالمي الجديد وبهذا تطرد الاحلام الناعمة من جفون النائمين إثر هذا الكابوس المخيف .
    ولكن المراقبين للاحداث القربية والبعيدة
    ظلوا في يقظتهم الدائمة يعلمون أن هذا ليس نهاية العالم وإنما هو عاصفة صحراوية
    ستتجلي دواماتها عـن الواقفين علي حقائـق الأمـور في هاتين الكتلتين العربية والافريقية .. وهـم أصلب عـوداً … وأحمد عـوداً وأقـوي عمـداً لأنـهم اعتمدوا علي أنفسهم وأعدوا من الاعتماد ما استطاعوا من قوة تمكنهم من التبادل المكمل والمشاركة المجزية المطمئنة .
    وهناك الان بعض التصورات التي وضع خرائط تعريفية جديدة تحدد معالم الشرق الاوسط مرتكزاً علي المشارف الشمالية للصحراء الافريقية مما يعتبر تمهيداً خافتاً للاشارة الي بعض الدول جنوب الصحراء بعزلها من الكيان الشرق أوسطي .
    الاّ أن هذا التصوّر لن يكون مرعاة ً للانكفاء جنوباً بقدر ما يكون حافزاً لاستحداث الوفرة وكثافة الانتاج في أرض الخام التي تنتج الحيويات الضرورية للعالم بتكلفة أقل وتعرضها بأسعار لاتضاهي …
    نظراً لتوفر العوامل الطبيعية المساعدة وضخامة القوي العاملة كثيفة الحضور والتواجد .
    وهذه العلائق في مجملها هن أواصر القربي في عائلة الاقتصاد الجديد في عالم اليوم
    ونحن في السودان لا يضيرنا كثيراً ولايضرنا بالمثل ما تعمد الية التقسيمات النظرية التي توضع في الدواوين الهادئة إثر تباشير السلام وسكون الاحداث العالمية في هذه الآونة التي ينفرد فيها مؤشر وحيد . يحدد للدول والشعوب إتجاهات سيرها واماكن قعودها وحدودها ومآل مستقبلها …وحربها وصلحها ومساحات تحركها وكيفية كما كان يفعل الأنفَةَ … في فصلٍ من فصول المدارس الاولية المحتشدة بصغار التلاميذ ..
    فقد كنا نحن جزء حيوي فاعل عميق التأثير كامل التأثير في منطقة الشرق الاوسط في سنوات الرعب والحرب والبحث المضني عن الملاذ …
    كنا معابر لجيوشها ، وقواعد لانطلاقها .. وحقولاً لغذائها … وشركاء في نصر ديمقراطيتها وأعمدةً داعمة لكفاحها السياسي والاجتماعي …
    يوم كان العالم برمتة وبمقطعية القديم الاوروبي والجديد الامريكي يرتجف فرقاً كأحد فصول الاوليات …وهو يرتعب تحت الصراخ العصبي (( للالفة )) في ذلك الزمان .
    كان الفوهرر النازي هو أيضاً مؤشراً أحداً ووحيداً واذا كان دورنا هذا يعتمة الجهل أو يتعاماه التجاهل فاننا نذكر جيداً ملامح العالم آنذاك ولا نأبة لتصعرها الآن فاننا نذكر أيضاً تصعر خد الفوهرر …ونذكر أيضاً كيف تمرغ هذا التصعر في التراب ونؤمن أننا إحدي الخلايا الحية في ذاكرة التاريخ
    كما وان المؤتمر الاقتصادي والذي ينعقد بالمغرب وهو خاص بالشرق الاوسط ودول شمال أفريقيا وتحضره أسرائيل يعتبر تدشيناً للسلام وفاتحة لعهد التنمية والازدهار في المنطقة شرق أوسطية والشمال الافريقية ومؤتمر السلام الاقتصادي هذا دعوة للفرح يتمني كل من إكتوي بنار الحرب العربية الاسرائيلية ان توجة له .. وان يسارع في تلبيتها مهللاً باهلال سلام إفتقده وعاني من ويلات حربة طويلاً .. ويتساءل بينه وبين نفسة في حسرة وأسي .
    كيف كان شيئاً مذكوراً ماثلاً في ميادين الحرب مع أشقائة ؟!
    ثم تقفل ذكراه في احتفالات السلام حتي لو كان يعاني من غياب المظهر الشرعي لوجودة الدولي .. فان جوهرة المعهود باقٍ كشريك في عذاب طويل وعزاؤه في تجزئة أجزاء السلام
    فبعد ان كان عدواً واحداً مشتركاً أصبح يسالم كل واحد علي حده
    ويحتفل كل واحد بسلامة الخاص وبمعزل عن الاخرين بيد ان هذا المؤتمر الذي يحاول تضميد جراح الشرق أوسطيين … هو في الحقيقة هدنة موقوتة تنمو فيها الاماني وتعشعش فيها الاحلام ريثما يدوي نفير المنافسة الاقتصادية معلناً تطبيق قوانينة الصارمة التي تبدأ بالاعتماد علي النفس لتفجير قدرات الامكان ووضعة أمام تحديات العرض والطلب .
    وهما دستور القضاء الناجز لحرية التجارة وقانون الانكستاد الحديث وجواز المرور الي دنيا النمور والفهود والاسود في مزرعة الانسان الاقتصادية الجديدة
    ليس السودان بخاسر في هذة الاطلالة العالمية التي تخلد ذكري مشروع مارشال مهما كانت أبعاد عزلها له أو إعتزالة لها … شانة في ذلك شأن الدول ذات الموارد الطبيعية اللازمة ضرورة بطبيعة الحياة واستمرارها واستقرارها ومعلومٌ بداهة أن الموارد الطبيعية هي دائماً وأبداً ليس غيرها مثيرات الحروب وواضعات أوزار الحروب إذا أحسن ما كلوها استغلالها وإدارتها واعدادها للطلب العالمي والمبادلة بها أو المشاركة فيها أو الاقتراض عليها .
    وقد تخلص السودان أو كاد من الاختلاط النظري والتطبيق الأعشى
    لاستثمار موارده المتنوعة العديدة وخلص بعد عناء الي إكتشاف قدراتة واعدادها قبـل ربـع قرن ظلت فيهن محتبسة الـهرم المايوي الـذي يتداعي مهترئــاً الآن …كـآخر مـآسي هـذا البـلد الطيب … فـي آخـر قــرن كان العالم فية … بين صارع ومصارع … ومصروع !!
                  

09-12-2007, 05:19 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    up
                  

09-15-2007, 09:51 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    فوق حتي نعود
                  

09-15-2007, 10:18 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    واجبات الاعتماد علي الذات

    وكما جاء في التخلق التكويني الثاني عشر للحزب الاتحادي الديمقراطي فان واجبات الاعتماد علي الذات تنحصر في ثلاث مراحل متزامنة بلا فواصل … ولا مواقيت انتقال تشكل في جملتها فعلاً أحداً سرمدي الدوام يمثل :_

    الإزالة
    و الإحلال
    و الهندسة الإدارية

    ( أ ) الإزالة
    إن قرار إزالة نظام الشمول والقهر قرار قديم ذو جدّةٍ ذاتية دائبة كان قد صدر في منتصف شهر يونيو 1969 م مصحوباً بقرار تكوين الجبهة الوطنية في الجزيرة أبا وظل معمولاً به بواسطتها حتى شهر يوليو 1976م حيث تساقط بعض أفرع الجبهة في تداعي المصالحة والانخراط في نظام الشمول والقهر سنة 1977م.
    وما كان يتسني لهما هذا لولا أن اللّه جلّت قدرته قد إستأثر بشهيدين من مؤسسيها الثلاث :_

    • فقد صدق الشهيد الإمام الهادي المهدي ما عاهد علية اللّه وهو قد عهد للّه وللوطن نائباً صادقاً عن كيان الانصار وحزب الأمة .
    • وصدق سيد شباب الاخوان المسلمين الشهيد محمد صالح عمر وهو يعهد باسمهم بصدق .. وهو يهاجم جيوش الشمول والقهر في معركة (( ربك )) الشهيره لم تمكن رفيقة الأخ (( مهدي إبراهيم )) من لم أشلائة الطاهرة …
    أجل هو نفس مهدي ابراهيم اليوم … وسبحان مقلب القلوب وعالم الأسرار أخفاها .
    مهر سادة الشهداء وجندهم السابقون
    صدقاً وحقاً واللاحقون عهداً ووعداً
    مهروا وثيقة الجبهة الوطنية بدمائهم ،وخلدوها بأرواجهم
    وعبّدوا بأنفسهم طريق التضحية ودروب الفداء الذي سلكة بعدهم حملة الأمانات
    وأوفياء العهود ممن برأت ذممهم وزكت ضمائرهم من الموتي والجرحي والمعذبين سجناً وتشريداً إلي اليوم الثلاثين من أكتوبر
    الرابعة والتسعين بعد الألف وتسعمائة وهو ما يفضّلة تفضيلا دائماً …
    كتاب الحرب الطويلة
    وكتاب الوثائق للمعارضة السودانية 69 – 1985م باجزائة الثلاث
    وكتاب معركة الجزيرة أبا لقائد الدفاع عن الجزيرة
    ويعلم القوم جميعاً..
    أن الحرب الكلامية ، وتراشقات الصحائف والمناشير واشاعات حصار النظام وتعريتة وعرض حالات الشكاوي كلها محض هراء لايغني عن الحق فتيلا والجهاد المدني لغزٌ تحار البرية في تفسيره ومـع غموضة ومعمياتة … فليس هـو المقابل للشمول القهري المدجج بالسلاح العسكري … والتجوال بحثـاً عن التماس العون حقـلٌ محظور عــلي شــرف القصد يـوشــك الــراتـع حـولـة أن يـقع فيه .
    ويكن أخف من الدواء الداء .
    وليس لمحارب مزمع ارتدي لامة حربة نظرياً أن يقبع في قعر دارة أو دار غيره مكتفياً بما أسبغه علي نفسة من وصف مهيب ينتظر من مزارع المجهول حصاد.
    حقول الغيب والصدف وأحاديث المصالحات وهو سمر الانتهازيات القديم
    وهو حبلٌ موصول من نفاق جانبية وتبرير مخادع مبتذل .
    بوصفة الحاكم بأنه توسيع لقاعدة المشاركة .
    ويبرره المعارض بأنه نضال لتقويض النظام من الداخل .
    وينهض في بورصة المصالحة سماسرة ناشطون هم في الواقع عملاء للنظام يتعاملون بالقطعة أو المقطوعية لتسيير مصالحهم فلاهم مع النظام ولاهم مع المعارضة إنهم دائماً .. مع انفسهم
    ويعلم القوم جميعاً ونحن معهم
    وتعلم الدينا بأسرها بما فيها نظام الخرطوم
    أن هذا محيط لجب من الحيرة والضياع والانحباط له أن يسمي نفسة أي إسم من الاسماء التي تعلمها آدم …الاّ المعارضة !!
    إن نظام الجبهة الحاكم في الخرطوم
    قوي ٌ في ضعف … مقيم ٌ في غربة .. موجودٌ في عزلة منتشرٌ في قله … مقدامٌ في تردد … كاسيً في عري شجاعٌ في رعب … ناجحٌ في فشل …
    محصورٌ في مساحة الأجل المحتوم الضيقة إما أن يَقْتُلْ أو يُقْتَلْ إنه يفتقد حتى الأمل الذي تتسع به فسحة العيش الصغيرة وهو لا يقل حيرة وضياعاً من رصيفه المعارض له …
    فقد أمضي سنوات إنتظاره وهو يأمل في توأمه في الجزائر … أو خدنة في تونس أو مُعِينَة في ايران أو رصيفة في الصومال أو حليفة في اريتريا .
    كـان يتماسـك مستميتاً والارض تحتة تهتز وتفور والناس من حوله
    جوعً … وفقر … ومرض …
    وطال به الانتظار … وعلم المؤمل … غيب ‍‍‍‍‍‍‍‍
    والساعة التي هو فيها ذات عقربين قاتلٌ … ومقتول .
    وحار المراقب وهو يقلّب طرفه في المنظور السوداني بجانبية … هل المعارضة تستمد حياتها بضعف النظام الحاكم في الخرطوم ؟!‍‍‍‍‍
    أم أن النظام الحاكم يستمد قوتة من ضعف المعارضة الناعم في عواصم العالمين ؟‍! ‍‍ ‍‍‍‍‍‍
    عندما إشترعت الجبهة الوطنية شرعة الكفاح المسلح ضد نظام القهر والشمول المايوي واستنته طريقاً وحيداً ومنهاجاً فاصلاً بين الحياة والموت ووضعت بذلك قانون البقاء الخالد الذي يفرّق بين الموتي الأحياء ..والأحياء الموتي .
    ووضح الفارق بين الحياة في ذلّ القهر والاستعباد والموت في ظل الفخر والخلود والاستشهاد !! كانت كرامة الفرد ومروءته هي التي تحدد أي الموقعين يختار .
    والآن يدور الزمان دورته لينتهي الي ذات الاشتراع ويحتم الازالة بشرعة الكفاح المسلّح علي من ترقي كراماتهم ومروءاتهم الي مستوي الحياة بهما أو الموت في سبيلهما ولامجال هنا لموتي الاحياء ولانداء لهم ولاانتظار إنها هوامش الاثقال التي هي أضل من الانعام سبيلا !!
    ليست هذه صرخة مبحوحة في وادٍ أصم عديم الصدي ، ولانداءٌ تائةٌ قد ضل من طول المدي ةلا إستغاثةٌ يطلقها مفجوع أشرف على حرف جرفٍ هارٍ يضيق عن موطئ قدميه .
    إنها دعوة واقع الحال الوطني المُلِّحْ منذ ربع القرن الماضي .. ولازال يصيخ سمعة لتلبيتها
    بلا يأسٍ … ولا قنوط !!
    ( ب ) الإحلال
    درج المجتمع السياسي السوداني خلال الستين عاماً الماضية علي السير خلف قيادات الجيل الأبوي ويتعاطي خلال ذلك شيئاً من التوجية من بعض القيادات الدينية التي تزاول العمل السياسي . ذلك ما يشكل لأزمة متدامجة في أحزاب الوسط الكبيره .. وقد تعاصر معهما تنظيمات يشذان عن هذه القاعدة وفد كلاهما من مصر متعاقبين :_
    ( أ ) تنظيم الاخوان المسلمين
    ( ب) خلية التنظيم الماركسي .
    وباشر كلاهما نشاطة منغرسين في جنبات الوسط الكبير .. يتجاذبانة … أحدهما يميناً والاخر في يساره ورغماً عن تدني نسبة التعليم لقلة المدارس والمعاهد في العهد الباكر للحركة الوطنية الاّ أن نسبة الوعي القومي الطبيعي كانت كافية لتعويض الانتشار السهل والسريع لهذين التنظيمين … وظلا في أحجام متعثرة النموء قليلة العدد الاّ أنهما لم يتخليا تماماً من قدرة التأثير علي الساحة السياسية …كما وان اسجلابهما لتكوين الخلايا والاسر والنشاط الاستقطابي والتخطيط الحركي أفضي عليهما لوناً مشوقاً للشباب خصوصاً في الجانب اليساري المبشر بالرفض والثورة … والداعي الي إنشاء لون جديد من الحياة
    متقدماً ومغايراً عن رجعية المجتمع التقليدي وتخلفه كما كانوا يقولوا …
    مما اضفي زهواً مشبعاً لطموحات الشباب أسهم كثيراً في ملء فراغ الاطلاع لديهم بالنشرات الدورية والمجلات .. والكتب الأمر الذي كان مفتقداً في حزبي الوسط اللذين يرتكزان علي وعي المشافهة والاطمئنان علي ثقة القواعد الغالبة وعمق استجابتها للارتباط التاريخي لكل حزب علي حده وسرعة استنفارها لكل داع يصدر من قيادتهما المختلفتين وقد اوجد هذا حالة من اليقين اليائس لدي التنظيمين الي السلطة يوماً بالطريقة التي تعارف عليها الشعب وارتضاها ديمقراطية التكوين التعددي الحر …ومنافسة الاقتراع فأضمر نوايا الاطــاحة والانقلاب والاستيلاء بالقوة واخذا يتحينان الفرص بما يضيفان علي الوجود السياسي من تدافع وتحريض … وظلا يخضخضان مواعين التسامح الديمقراطي حتى حلت فيها بعض التكوينات الأخري التى كانت تطفح في حقبة الستينات منداحةً من مناطق
                  

11-26-2007, 06:09 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    الشرق الأوسط العربية :_ ك
    - حزب البعث .
    - القوميين العرب
    - الناصرين .
    - حزب التحرير الاسلامي .
    وكلها تبشر بالثورات المختلفة والتغييرات المتنوعة أشكالاً وأساليباً ..ولم يثقل كل ذلك من صفحة المائدة السياسية السودانية التى لا ترفض العرض … ولكنها تتخير الطلب ولاتفسر علية بطبيعتها التى لاينقصها الوعي الوعي القومي العام .
    وقد نجح بعض هذه التنظيمات في الأستيلاء علي الحكم اثر انقلاب عسكري الا انه دائما يسقط نتيجة الرفض الطبيعي له من المجتمع السوداني الديمقراطي طبعاً وسلوكاً بعد ان يمر بمراحل قاحله من الفشل التطبيقي للنظريه التي يعتنقها000 وقد تعاقب علي مسرح هذا القحط العقيم مثالان: -
    • كان السابق منهما التنظيم الشيوعي في آخر الستينات
    • وثانيهما تنظيم الجبهة الحاكم الآن في الخرطوم والذي يعطي كل يوم برهاناً ساطعاً علي عدم قدرته علي التماسك والأستمرار والبقاء كسابقه تماماً.
    لذا يتعين الحرص في اختيار وتمحيص البديل الملائم للوطن السوداني بمواصفاته الأساسيه سابقة التكوين علي النظريات الطاقة والمنقولة .والتى تحول تماماً دون تغيير الحقائق التى إنطوت عليها مهما كانت سرعة الاستيلاء على الحكم أو طال عمر الانقلاب …
    ومغامرة الوثوب على الاستيلاء علي الحكم المجرد التحكم المتفرد أو طرد الآخرين والتنكيل بهم لا يعدو أن يكون إقامة سكن عشوائي منفرد بواد غير ذي زرع … يضاعف من جفاف العاطفة الوطنية ويصحو الوجدان الانساني ويشرد متصلي الظلال القليلة المتاحة بالاضافة الى ما يتركة من مخلفات معوقة ومعيقة وعاقة تكدر من طبيعة التعامل السوداني .
    وتضيف له غلظة لا يألفها وقسوة تتنافي مع مروءته وخلقه المتسامح ورغماً عن أن المسيرة الأبوية قد فقدت رموزها وهداتها خلال العهد المايوي .إلاّ أنهم قد أكملوا مراحل التربية الوطنية لناشئة الشباب من بينهم ومّلكوها لقواعد الجمهور بل ووضعوا حجر الأساس للتحول الاجتماعي وشاهدوا القطاعات المختلفة وهي ترفع القواعد من البناء .ولم تكن الرغبة في التحول الاجتماعي قاصرة علي حزب بعينة ولا مقصورة علي واحدٍ من الآباء فرداً ولافكراً تفردتة مجموعة بعينها بل كانت التنمية أمنيةٌ تغمر كل القلوب والصدور .
    وكانت الحرية والتطور أمانياً يتجيش بعزائم العاملين في الحقل الوطني وعمّروا ميادين العمل العام قبل عشرينيات هذا القرن … والى إنتضاء راية الاستقلال .
    ومعظمها جنودٌ مجهولون أفنوا ذواتهم في العمل الوطني في صمت وبذلوا تضحياتهم في ثبات وسكون وكان إثراؤهم للعمل الوطني يغذي كل خلية من خلاياه بأفانين شتي من الاداء النافع المقيم … ويتلقي من كلٍ بحسب قدرته علي العطاء من موقعة المتاح …
    معلماً وأدبياً كاتباً
    أو شاعراً ملهماً ….
    أو صحفياً مقتدراً …
    أو سياسياً مناضلاً
    أو عاملاً صلداً
    أو مزارعاً تقليدياً
    أو فناناً يحدو قوافل النضال بالاناشيد والنميم والدوبيت
    أو مسرحياً يعيد للذاكرة الوطنية سير التاريخ والبطولات
    أو رياضياً مستعرضاً لفنون المنافسة بالرورح الرياضي القويم …
    كل هؤلاء في مجموعهم ومختلف إنتماءاتهم هم أصل الحركة الوطنية وروحها الخالد … الذي تجمّع صانعاًالقيادات التاريخية والزعامات الخالدة ..وجال في نفس الوطن مجال النفس وهو ذخيرة الاجيال المعاصرة وكترها الثمين وإلهامها الصادق وهاديها الواعي الأمين .وجلّ المنافسة كان لفض مكنونات هذا الكنز وتنفيذ هذا الكتاب المسطور … وكـان قصب السبق لتنفيذ أولـي مراحل التحول الاجتماعي ..هو تخليد لذكري أولئك الآباء الخالدين وأبناءهم البررة وكان احتفاظ أحفادهم به …
    بين تراقيهم هو ديمومة العرفان بجمال الصنع وجميل الصنيع واصرارهم علي ازالة الفواصل التى تعترض طريقة بثوراتهم المتعاقبة دليل على إيمانهم به وتعويللهم علية … وإحلالهم له في مطالع القرن الجديد هو يقينهم القوي بأنه البديل الأمثل للتطور والتقدم والاستقرار …
    وهو آخر ما انتهت الية الحركة الوطنيةبعد قطعها لطريقها الشاق قبل إعتراض الفاصل المايوي مُفَضِّلةً به تقاسم المأهول الوطني الحي … وثيق العري … متناسق السمات ليصنع الحكومة المدنية بقوانين الحقوق الكاملة والواجبات المحدده … كلٌ في موقعة الملائم وأدائه الازم … حيث يتزامن مفعول التنمية الشاملة مع حركة التحول الاجتماعي الصاعدة ويحددان باندماجهما:-
    *علاقات الانتاج
    *وتكاليف المعيشه
    *أدني وأقصي مربوط الأجور .
    *أحجام ونوعية الضرائب.
    *تقنين الخدمات .
    *تأهيل القوي العاطلة واستيعابها .
    ويقودان قافلة التطور في طريق التقدم والازدهار.
    إن دولة الحق والواجب هي ميزان العدل المتوازن على سواعد المجتمع كله ..
    ومدعوم بحسام المساواة الذي يمحق عصبيات التخلف ويبيد عنجهيات التفاضل في الجسم الوطني .. ويقبر إلي الأبد دعاوي الانفصال واستكانات التهميش وينتج بالسلطة التى تمكن كل صاحب حق من حقه … وتتقاضى منه أدإ الواجب الذي يحفظ هذا الحق للأجيال المقبله .وهـو أكثر شمولاً وكفايـةً وسخاء لانها سلطة مجتمع كامل ومتكامل الأداء ومتماسك الأجزاء وليست سطلة فرد أو حزبً أو فئة .. أو طبقة أو جهه !!
    ومسار الاقتصاد فيها ترياق يملأ شرايينها بالحياة وقلوبها بالاطمئنان وصدورها بالثقة وفكرها بالابداع ووجودها بالانشراح والحبور يبعثها بالحق ويحييها بالواجب ويقودها البرنامج وتديرها المؤسسة …
    هذا هو الاحلال مدعاة الازالة والتغيير
    وهذا هو البديل انتاج التضحية
    وهذا هو البرنامج .. جنين الحلم التالي الطريف
    إن قلّ .. عن هذا …
    فلا قيمة … لرأسٍ…
    يُحْملُ … يومها
    في كفين ‍‍!!
                  

11-26-2007, 06:28 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    ( ج ) الهندسة الإدارية

    ان القطر السوداني سهلٌ واسع الارجاء …
    ممدود الرحاب … آتاه اللّه بسطةً في الجسم ومنعةً في الحصانة وتنوعاً في المناخ ..
    ومنحة ثراءاً جهودياً ليمشي في مناكبة ، ويأكل من رزقة رغداً ويصنع من إمكانة عجباً …
    وحقاً تقتضي إدارة هذا الكون الشاسع عنايةً فائقة ومضاعفة تتكافأ مع ما يذخر به من طموحات …وما يحتاجة من تنمية وما ينقصه من إتصالٍ وتواصلٍ … بالمراكز
    وظلت هذه العوامل المثبطة تتفاقم وهي تتأرجح بين المدّ والجزر …
    تبعاً لما إعتري ظروف البلاد من عدم الخلود الى وتيرة مستقرة في الحكم … تمكن المركز من حمل إعباء الجهوية كما يليق بها وكما تتطلبه أو صناعها الملحة في صبر وانتظار وأمل وانتظار ..ومع ذلك فلم تحتل في مديرياتها المختلفة رتابة الحياة ولم تشتعل فيها صراعات خارج مألوفها باستثناء المديريات الجنوبية الثلاث وبستثناء محاولات للتكتل القبلي
    أحدهما مؤتمر البجة في شرق البلاد
    وثانيهما جبهة دارفور
    وثالثهما اتحاد جبال النوبة في غربها …
    وكان صيحتي حماس للفت انظار المركز الى منطقيهما أو نواتين لتكوين حزبي ناشئ ولم ينم عنهما علناً كفرانٌ بالمركز أو عزوفٌ عنه بقدر ما كان عدم اقتناع منهما بممثليهما في أجهزة الخكم المختلفة وكانت دعوات الانفصال أو الحكم الذاتي قاصرة علي الجنوب تعلو حيناً وتنخفض أحياناً تبعاً لمستويات الارتفاع والانخفاض في الممارسات القتالية لخوارج الأنانيا.
    وبعد انقلاب مايو 1969 ومسارعتها لعقد اتفاقية أديس أبابا ثم الاتفاق علي تطبيق الحكم الذاتي علي مديريات الجنوب الثلاث ودمجها في إقليم واحد أطلق علية إسم الاقليم الجنوبي
    وبعد إخفاق هذه التجربة وإعادة المديريات الى قواعدها رفعت قيادة التمرد الجديده شعار تحرير السودان كله …ثم تدرجت الى انفصال الجنوب مستقلاً بذاته ثم توســـطت الى نظام كونفدرالي ثم تراجعت الى وضع فيدرالي وهناك حقائق لابد من الوقوف لديها وإمعان النظر فيها وتأملها بعمق دقيق لأنها يمكن إستعمالها في غير موقعها أو تقبلها علي عجل أو أخذها علي علاتها أو التسليم بها

    خضوعاً لضغط أو اسكاتاً لاشكال لم تتوافر عناصر حلّة أو هرباً من علاجة علاجاً ناجحاً أو شافياً لذا لابد من مواجهة الحقائق المطروحة ودراستها جيداً بهدف إستنباط الحلول لها من الواقع الطبيعي أو المطابق المطار أو التجريب الواضح النجاح .
    إن السودان بلدٌ شاسع المساحات ، مترامي الاطراف …متعدد الاطارات والاعراف الاجتماعية والثقافات …الأمر الذي يشكل بعض الصعوبات للادارة المركزية ولكن هذه الصعوبات لاتوضع موضع المستحيلات .
    لا نستطيع تحقيق فوائد حكومة ديمقراطية ما لم تبدأ بقبول حقيقة أن جميع المشكلات التي تواجه أمة ما ليست كلها مركزية … بل يتطلب بعضها اتخاذ القرار في موضع المشكلة بواسطة ذلك الموقع حيث يتضاعف الشعور بالمشكلة ويتواجد كثيرٌ من عناصر فهمها وحلولها ..وهاتان حقيقتان لايمكن اغفالهما ولا تجاوزهما ولابد من تأملهما علي ضوء الظروف الحالية والمعاصرة لا كتلك التى كانت تسود في الماضي البعيد فان المساحات الشاسعة والاطراف المترامية لم تعد تشكل ذات الصعوبات القديمة في الوصول والاتصال بالقياس الي سرعة قطع المسافات ويسر التواصل جواً وبراً وبحراً .وتمام الاتصال بالهواتف السلكية واللاسلكية وغيرها من الوسائل التي تخضع المسافات وتختزل الزمن .
    وصحيح أن الانجاز الاداري والاشراف المباشر وتولي المسئوليات يحتم وجود جهاز متكامل كامل الاهبه ةالاستعداد ينهض بمهام الحكم وتصريف شئون الوحدة الادارية اينما وجدت في حدود تقسيمها بدءاً بالمركز ومروراً بالمديرية وصولاً الي المركزية .
    لقد عرف السودانيون الحكم المحلي ومارسوه منذ مطلع الخمسينيات وأحرزوا في مزاولته نجاحاً باهراً شمل كثيراً من المرافق وأدار ممثلو الحكومة المحلية مع مجالس العضوية (( المجالس الريفية والبلديات بنجاح مضطرد )) حتى إرتقي الي مجالس المديريات خالقاً قاعدة عريضة من الوعي والمشاركة الأمر الذي خفف كثيراً من أعباء الحكومة المركزية البعيدة والتي أنابت المواطنين ليستوالوا عنها إدارة شئونهم وينوبوا عنها في تولي مسئولياتهم المحلية كلها وتكمل بدورها ما ينقصهم وما يترتب عليها من المشاريع القومية والخدمات الكبري حيث تكتمل دائرة المعادلة الادارية بطرفيها :-
    • حكم محلي ناشئ متسع
    • مركزية راشدة ترعاه بعناية كثيفة ومركزه ليحل محلها رويداً رويدا بثبات ومقدرة تنمو وتزداد يوماً بعد يوم …
    آخذة المساحات الادارية التي ينحسر عنها الظل المركزي حتى تتولي المحليات عموم الادارة الداخلية وللحكم المحلي علمة وعلماؤه وخبراؤه ومنفذوه … وهو تطبيق تجريبي يتكامل بالممارسة المباشرة الميدانية بنتاج التفاعل العلمي بين :-
    البيئة الحلية .
    الوحدة الادارية .
    درجات التأهيل .
    إنسانها المتعامل معها .
    الخبير العامل بكليهما .
    المدير المنفذ لتأهيل الانسان ليتولي ادارة شئونة المحلية .

    وتتزاوج هنا عناصر التوعية ، درجات التأهيل والقدرة الادارية ووسائط التصعيد من الوحدة الصغيره الي الوحدة الأكبر ووسائل الربط بينهما عملياً وإدامة التواصل اليومي بالمركز الأم لضمان النجاح لعملية التسليم والتسلم لمسئولية الحكم المحلي وادارة البيئة الأساسية الداخلية للوطن .فالحكم المحلي هو نتيجة التربية الوطنية التي تؤهل المواطن لحمل مسئوليتة ومباشرتها بوعي وادارك وتطبيقة لا يضيف عبئاً مالياً ثقيلا لان خامتة تعتمد علي العنصر البشري المحلي وممارستة لاتخلق عنتاً شاقاً لأنها تطويع للبيئة لادارة إنسانها الذي نشأ عليها .
    والحكم المحلي مباراة شيقة التنافس بين الدوائر ومركزها وكلاهما يحرص علي الفوز في مضمارها … فاذا كان المركز يمثل دور الأب الحاني والواعي لما إنبثق منه من الدوائر التي تحيط به متباعدة بحكم طبيعة وجودها فانه سيجهد في السهر والعناية لاعدادها لتحمل المسئولية عنه .
    وأذا كانت الوحدات المتناثرة علي الدوائر أبناء لمركزية الاب فانهم يجهدون للقيام بأعبائهم المحلية ويوالون الاتصال به اتصالاً جيداً حتى يتفرع الي أداء مهامه الخارجية وادارة مسئولياته الكبري واعتماداً علي قـوة أدائهم وحسن إدارتهم وحـزقهم فـي اشبـاع حيوية الجسم الوطني … الذي هم منه مقام أجزائه السليمة القوية التي يستقر علي مركزها الرأس الذي يستمد حياته منها ويضم العقل الذي يمنح الاجزاء معاني الفعل وينسق بها طبيعة الانفعال .
    وثابتٌ في الوجود أن لكل حكم مقر ولكل حكومة مستقر ولكل ادارة مركز
    تتفرع منه وسائل اتصاله بما تدير وتمنح سلطاتي بقانون الي مديرياتها كلما تأهلت أصقاعها المترامية الي استيعاب تلك السلطات .وعندما يكتمل التنسيق علي هذا النسق …يكن هناك وطن أصقاعة مقر لذلك الحكم ومستقر لتلك الحكومة …وادارة لذياك المركز …هذا اذا أحسن المركز دفق الحياة الي خلاياه بقوة الارتباط ووثاقة الاتصال واسباغ العناية ودوام التواصل اليومي الحار …إنها صناعة انشاء المجتمع …وتربية الوليد البكر للحكم الوطني
                  

11-28-2007, 09:11 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    إن الحكم المحلي هو ولي العهد المعد بأقصي وأعلي درجات التأهيل والجدارة لتحمل مسئولية البنية … الاساسية للحكم .
    هذا عندما تمنح كل سلطات الحكومة بواسطة دستور لادارة مركزية واحدة وتستمد الحكومات المحلية سلطاتها ووجودها من هذه الادارة المركزية …إنها حكومة الوحدة كل أجزائها تكوّن اجزاء متكاملة لآلية واحدة … واذا إختل رأس القطر في إحدي مركزيات الحكم الشمولي المغلق …والاختلال لأزمة مصاحبة له فانه يعمد الي التنصل من المسئوليات الغريبة عليه …ويبدأ إسقاطها علي الجهات بمسميات شتي متخلصاً من أعباء الحكم الذي لا يعرف منه الاّ الوثوب علية . وهنا تصاب البلاد بتلوث البيئة السياسية وتنقطع تبعاً لذلك عري الثقة التي تمسك بالشتات الوطني وتضمه الي بعضه وتضعف الأواصر بين الجهات المختلفة ويتلاشي إحساسها بالمركز وتحس بالغربة والانعزال وتتخبط في مهامه الاهمال وعندها تنتفض الاجزاء الجهودية في حالة إجتجاج .
    وتتداعي لعواملها الأولية في حالة تقوقع قبلي متحفز ينسيه لأنه جزء من كل ويخضعنه لغليان هياجي يقوده الكفران بالمركز أي الي درجة القطيعة والاحتراب ويرفع دونها شعارات الاقليمية .. والفيدرالية والانفصال متناسباً تكاليف كل متجاهلاً إستحالتهن جميعاً .
    هذا التلوث السياسي لم يجد سبيلة الي علن الافصاح الاّ بعد احداث التمرد في الجنوب ولم يجد تحقيقاً له الاّ بعد إتفاق نميري / لاقو في اتفاقية أديس أبابا التي استجابت لنداء الحكم الاقليمي ومنحتة لحركة التمرد في الجنوب .
    وسبق لانقلاب مايو طرح أعباء الحكم واثقاله عن كاهلة المركزي والقائها علي عواتق المديريات وأسمتها أقليماً ونصبّت علي رأس كل واحدةٍ حاكماً فرداً يتمت%D
                  

11-28-2007, 09:12 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخــر الكلــم _ بقلم الراحل المقيم (الشريف زين العابدين الهندي) (Re: مهاجر)

    إن الحكم المحلي هو ولي العهد المعد بأقصي وأعلي درجات التأهيل والجدارة لتحمل مسئولية البنية … الاساسية للحكم .
    هذا عندما تمنح كل سلطات الحكومة بواسطة دستور لادارة مركزية واحدة وتستمد الحكومات المحلية سلطاتها ووجودها من هذه الادارة المركزية …إنها حكومة الوحدة كل أجزائها تكوّن اجزاء متكاملة لآلية واحدة … واذا إختل رأس القطر في إحدي مركزيات الحكم الشمولي المغلق …والاختلال لأزمة مصاحبة له فانه يعمد الي التنصل من المسئوليات الغريبة عليه …ويبدأ إسقاطها علي الجهات بمسميات شتي متخلصاً من أعباء الحكم الذي لا يعرف منه الاّ الوثوب علية . وهنا تصاب البلاد بتلوث البيئة السياسية وتنقطع تبعاً لذلك عري الثقة التي تمسك بالشتات الوطني وتضمه الي بعضه وتضعف الأواصر بين الجهات المختلفة ويتلاشي إحساسها بالمركز وتحس بالغربة والانعزال وتتخبط في مهامه الاهمال وعندها تنتفض الاجزاء الجهودية في حالة إجتجاج .
    وتتداعي لعواملها الأولية في حالة تقوقع قبلي متحفز ينسيه لأنه جزء من كل ويخضعنه لغليان هياجي يقوده الكفران بالمركز أي الي درجة القطيعة والاحتراب ويرفع دونها شعارات الاقليمية .. والفيدرالية والانفصال متناسباً تكاليف كل متجاهلاً إستحالتهن جميعاً .
    هذا التلوث السياسي لم يجد سبيلة الي علن الافصاح الاّ بعد احداث التمرد في الجنوب ولم يجد تحقيقاً له الاّ بعد إتفاق نميري / لاقو في اتفاقية أديس أبابا التي استجابت لنداء الحكم الاقليمي ومنحتة لحركة التمرد في الجنوب .
    وسبق لانقلاب مايو طرح أعباء الحكم واثقاله عن كاهلة المركزي والقائها علي عواتق المديريات وأسمتها أقليماً ونصبّت علي رأس كل واحدةٍ حاكماً فرداً يتمتع بصلاحيات الرئيس القائد يتبعة عدد من الوزراء من خارج المناصب الادارية في المديرية .
    وناءت المديريات المسكينة تحت ثقل تنظيمات تستنفذ كل مواردها ولا تضفي عليها جديداً غير الالقاب والمسميات وازداد ضمور النواة المركزية في الخرطوم وناءت بنفسها عن الجهات والجهويات … وقرّت في خرطومها قريرة العين خالية الفؤاد .
    وحق لها أن تفعل فقد كان يدير السودان في حينها أعدادٌ من الوزارء وعدد من الحكام ممثلين للرئيس القائد غير وزاء الدولة والمستشارين وأجهزة (( الاتحاد الاشتراكي )) وغير ما في الجنوب موحداً في اقليم أو منتثراً في ثلاث أو منطقة عمليات حربية كما انتهي به حكمه الاقليمي … المرتجل ‍‍!!

    الديمقراطية هي الطريق للمجتمع المدني

    في أعقاب التغيرات التاريخية الكبري توجد فجوات التكليف الزماني بين ذهاب القديم والتعامل مع الجديد حتى تستبين ملامحة ومعاملة مؤسساته ويكتمل تنسيق الاستقرار فيما بينهما ويغطي الفاصل الشمولي ومستتبعاته التى لم تتمكن اكثر من ثلاثين عاماً من عمر استقلالنا الذي سنحتفل ببلوغة الاربعين بعد عامين !!
    وقد أكدت أرزاء الفاصل الشمولي بحلقاتة الثلاث عمق الايمان لدينا بأن الديمقراطية هي النظام الوحيد الذي يوفر المجال الاجتماعي الذي يستطيع كل الافراد والجماعات والهياكل المؤسسية أن تتطور داخلها وتتيح الفرصة لظهور المجتمع المدني الذي يتناسق بحرية نابغة ومحددة من روح ونصوص الدستور الكافل لاشتراطات التراضي الموضحة لمعالم المواطنة وحقوقها وواجباتها وضمان حرياتها في الاعتقاد والانتماء والتنظيم والعمل واحترام إنسانيتها والمساواة بينهما بما يحقق العدالة وتكافؤ الفرص في المجتمع القائم علي التكافل الاجتماعي والالتزام بالآداب العامة وسلام المجتمع والتساوي في الحقوق والواجبات والخالي من التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي .
    يأخذ دستور 1956 المعدل 1964م مكان المرجعية للقاعدة الدستورية التي وضعت في باكورة المناخ الديمقراطي المتعافي من جمهرة المشاكل التي تتالت علي البلاد من عدم الاستقرار الذي صاحب المسيرة الديمقراطية وقطع أوصالها وقطع عليها الاستمرار وهو يحتوي بحالة الراهنة مؤشرات الاضافة والاستزادة علي ضوء مخزون التجارب والخبرات والمستجدات مرت بالبلاد منذ الاطاحة الثانية بنظامها الديمقراطي سنة 1969م ولقد كان لتعثر مشاريع التنمية واستغراق النظام العسكري في الدفاع عن نفسه وإهماله للدوائر الواسعه البعيده عن مركزيته الحاده 00
    الأمر الذي أتخم هذه الوحدات بالحرمان والغضب الذي قادها الي الكفران بالمركز وانقطاع الرجاء في عنايته 00 واخذ بعضها يرنو الي ما حصل عليه الجنوب من حكم ذاتي واقليميه نافذه00حصل عليها بعد اقتتاله الطويل وردود الفعل الذي قاده التمرد وكل ذلك ولد لديها إحساساًبالرغبة في تطبيق نوع من الحكم المنعزل عن المركز يتراوح بين الاقليمية والفدرالية كرد للاعتبار ومحاولة لتلافي الاضرار ويفتقر هذا التصرف الي الموضوعيه ويقود الي الطريق الخاطئ والنتيجة الاكثر خطأ وأخطاراً من خطأ المركز وخطورة النتائج لأن الإقليمية هي محصل طبيعي لتطور حكم محلي ناجح اكتملت هياكله الادارية في الريف والمركز والمحافظة … حتى أشرف علي التكامل مع غيره من المحافظات المتماسة ليكون وحدة اقليمية متعاضدة المصالح متناسقة الادارة وصولاً الي تكاملها مع الوحدات الآخر التي أكملت هياكلها بذات المستوي وهذا مشروع تطور الحكم المحلي الذي يخططة علماؤه وينفذه مديروه تحت مظلة الاشراف المباشر والعون اللازم من المركزية القوية الرشيدة … تحفيزاً للواجب الوطني وتعميقاً للخبرة الادارية واشراك المواطنين في توفير وسائل جيدة للتنمية واكتساب القدرة علي التطور الذاتي وتحسين نوعية الحياة.
    والفيدرالية إتحاد طوعي بين وحدات مستقلة يهدف الى تكون دوله جديدة تتنازل فيها الوحدات عن بعض سلطاتها للحكومة الفيدرالية .. مع الاحتفاظ بقدر كبير من استقلالية الوحدات ولا تندمج في حكومة مركزية واحدة وتنفصل من الاتحاد الطوعى وقتما تشاء وهذا لا يطبق في دولة الوحدة التى تختلف عن دولة الاتحاد الطوعي من ولايات كالولايات المتحدة الاميريكية أو الهند أو كانتونات كما في سويسرا أو جمهوريات كما في الاتحاد السوفيتي سابقاً …
    ولهذه الكيانات مزايا متعدده في هذا النوع من الانظمة كما لها أيضاً مساوئها كما يفصله علماء الأنظمة .
    السودان بوضعه الراهن دولة واحده ذات سلطه واحده في أساسها . واحده في تركيبتها . واحده في ممارستها .ذات جهاز حكومي واحد تستميد معيارها الاساسي من وحدة الدستور ووحدة السلطة التشريعية وتمنح سلطاتها بقانون الى وحداتها المختلفة في الاقاليم والمقاطعات لمزاولة واشراك السلطة الوطنية في قواعدها المحلية المختلفة بغية تكاملها وتصعيدها الي مستوي القرار المركزي …فيتحول تلقائياً الي اللامركزية بمواصفاتها المعرفة .
    وواضح من هذا أنه لا يمكن تحقيق فوائد حكومة ديمقراطية ما لم تبدأ بقبول حقيقة أن جميع المشكلات التى تواجه أمة ما ليست مركزية بل تتطلب اتخاذ القرار في موضع المشكلة بواسطة ذلك الموقع حيث يوجد شعور اعمق بفهمها ودراية أكثر بحلها وادارة أقدر علي معالجتها …وهذا هو روح الحكم المحلي ومعناه وتطبيقة الموضوعي الذي يستهدف وينفذ النمو الاجتماعي بقصد التطوير والتقدم .ان القفز فوق معارج التطور المحلي وتجاهل مراحلة بغرض الوصول الى أعلي صيغة فيها لا يعقبة الاّ الفشل المختوم والسقوط الذريع .فهو يورث تفتيت كتلة الوحدة وتحويلها الي شراذم يتناقض وجودها في البنية الوطنية وتداعي مكوناتها الطبيعية الأولية وتتناثر الى تكتلات قبلية ثم تتناهي محدثةً كثيراً من الأزمات القومية التي يصعب تلافيها وتتفشى التصرفات التى تضر بالمجموع وماثل الشواهد لدينا في الجنوب يغني عن ملايين العظات والعبر …
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de