|
في ذِكْراكِ يا أَمَلِي To Emily Brontë, on her death محمد جلال أحمد هاشم
|
To Emily Brontë, on her death anniversary إنّي عَرَفتُكِ في الهَوَى ... مُنْذُ القِدَمْ واليَوْمَ في ذِكْراكِ ... يَطْويني الأَلَمْ وَلَقَدْ رَأيتُكِ في الصَّباحِ ... وفي الدُّجَى ... وعَلَى الهِضابِ ... وبيْنَ هاتِيكَ القِمَم وَمَعَ الفُصُولِ ... إذا تَوالَى رَكْبُها ومع الرَّبيعِ ... إذا تَفَتّحَ وابْتَسَم ومع الرِّياحِ ... تَئِزُّ في بَرْدِ الشِّتاءِ ... تميدُ بالذِّكرَى ... وأطيافِ الأُمَم ومع الخَريفِ ... إذا دَنَا ... وَتَساقَطَتْ أوراقُهُ ... صُفْراً كألْوانِ العَدَم ومع الظَّلامِ ... إذا غَفَا ... وَاسْتَيْقَظَتْ أرواحُ أشباحٍ ... تُنَاديها الرِّمَم فَأَنَا خِضَمٌّ من حنينٍ ... يَبْعَثُ الذِّكْرَى ... إذا ما المَوْجُ أرغَى واضْطَرَم فَتَهُبُّ رِيحُ المَوْتِ ... تَعْصِفُ رَكْبَنا ... نَحْوَ الرَّدَى وهُناك يضْطَرِبُ الخِضَم وهُناكَ يا أَمَلِي ... تَتُوهُ مشاعري ... لا تهْتَدي وهُناكَ تَخْتَلِفُ القِيَم: ويعودُ حاضِرُنا ... يُعَذِّبُ وَعْيَنا ونَعُودُ لِلْماضِي وَمَا قَبْلَ الأزَلْ في الأَمْسِ ... قَدْ كُنّا ... وكان زمانُنَا واليَوْمُ إيذانٌ بميقاتِ الأَجَلْ ولِذا أحِنُّ إلَيْكِ ... يا أَمَلِي ... هُنا وأَحِنُّ في الدُّنْيا لأيَّامٍ أُوَل: أيَّامِ فجْرٍ باسمٍ عَبَثَت بِهِ غِيَرُ الزّمانِ ... وَحَطَّمَت فِيهِ الأَمَل واسْتَبْقَتِ الذِّكْرَى ... تجوسُ رِحابَهُ كَيْ تَنْكَأِ الجُرْحَ القديمَ ... إذا انْدَمَل *** بِالوَحْيِ من عَيْنَيْكِ ... أَهْجُرُ حاضِري وأَعودُ أحْيا ... في تَهاويلِ الجُنونْ وأطوفُ بالِذِّكْرَى ... غِياباتِ الرَّدَى وأراكِ في رُوحي ... وفي طَيْفِ الشُّجون وأعودُ ... أحْيا ... بَيْنَ أزمانٍ مَضَت ... خَلْفَ اللَيالي ... مُنْذُ تَكرارِ القُرون وأعيشُ في قَلْبِ الوُجودِ ... مَعَ الرّدَى وأُمارِسُ التَّقوَى ... بِمِحْرابِ المَنُون فأَنا عَبَدْتُكِ عاشِقاً ... لكِنَّنَا قد فَرَّقَتْنا في الهَوَى هَذِي السِّنون *** هَذي الطُّيورُ ... مَعَ الصَّباحِ ... تُغَرِّدُ والشَّمْسُ ... تَرْقَى في الضَّبابِ ... وتَصْعُدُ والسَّهْلُ ... في الأُفْقِ البَعيدِ حُدُودُهُ والرِّيحُ ... مِنْ حَوْلِ المَدَى ... تَتَوَعَّد والثَّلْجُ ... مِنْ فَوْقِ الحشائشِ قد بَدَا والطَّيْرُ ... ما زالَتْ هُناكَ ... تُعَرْبِدُ والسُّحْبُ ... مِنْ فَوْقِ السَّماءِ ... تَراكَمَت والقَطْرُ ... أَسْبَلَ في الأَديمِ يُخَدِّدُ وهُناكَ قبْرُكِ ... في العَراءِ مَحَلُّهُ زُغْبُ الحشائشِ فَوْقَهِ ... تَتَمَدّدُ وأَنا وَقَفْتُ بِجَنْبِهِ ... أبْكِي الهَوَى إذْ أنّ قَبْرَكِ ... في العواصفِ ... مَعْبَدُ *** في الليْلِ ... تجتاحُ الهواجسُ عالَمي وتعودُني الأشباحُ ... تبكي في أنينْ صُوَرُ التَّعاسةِ ... والنَّدامةِ ... والأَسَى تَعْتادُني ... في ذلِكَ الصَّوْتِ الحَزين "والقَلْبُ ... بالحُزْنِ العميقِ ... مُفَعَّمٌ والعَيْنُ ... بِالْعَبَرات ... والدَّمْعِ السَّخين والحُزْنُ ... في قَلْبي وروحي ... باجْتِراري ... قد أنابَ الفِعْلَ عن هذي السِّنين" *** بَيْنَ البَراري ... ... والسحائبُ في المَدَى ... تجتاحُ مُرْتَفَعاتِها هُوجُ الرِّياحْ قد عِشْتِ ... يا أَمَلِي ... وعِشْتُ صَبابتي: رُوحَيْنِ فَرَّقَ بَيْنَهُم ... قَيْدُ السَّراحْ وعَلَى القِفارِ ... إذا السَّحائبُ أمْطَرَت وعَلَى الهِضابِ ... وفي البَوادي ... والبِطاح ما زِلْتُ أَلْقَى ... طَيْفَ رُوحِكِ يَنْثَنِي وَهُناكَ أَبْكِي ... مِلْءَ رُوحي بارْتِياح ومع النُّجُومِ ... تُضِيئُ في ظُلَمِ الدُّجَى ومع الفُؤادِ ... يَئِنُّ من أَلَمِ الجِراح قد عِشْتِ ... في رُوحي وذاتي ... هاهُنا نَغَمَاً ... تُغَنِّيهِ الحَياةُ ... مع الصَّباح *** فإذا التَقَيْنا مَرَّةً ... بَعْدَ النَّوَى ... في الدَّهْرِ، أوْ في المَوْتِ ... والأَبَدِ البَعيدْ فَتَذَكَّريني ثَمَّ يا أَمَلِي ... بِأَنّي عِشْتُ في دُنْياكِ ... في الزَّمَنِ التَّليد وبِأَنَّني اسْتَلْهَمْتُ ... من عَيْنَيْكِ مَعْنَىً ... للبَراءةِ ... والطُّفولةِ كالحديد وبِأنَّني اسْتَشْعَرْتُ دِفْئاً ... من حنانِكِ ... في الحياةِ ... ضِرامُهُ قِطَعُ الجليد وبِأنَّني اسْتَحْمَلْتُ آلامي ... لأنَّكِ قد حَسَوْتِ المَوْتَ ... في صَبْرِ مَجيد
محمد جلال أحمد هاشم تعليقات
- أَمَلِي: هو تعريب للاسم "إميلي Emily" ويحمل في نفس الوقت دلالة ومعنى الأمل. ومن الواضح أن مجمل الصور والأخيلة في هذه القصيدة مستوحاة من قصة مرتفعات وذرنغ (Wuthering Heights)، الرواية الوحيدة التي كتبتها إميلي برونتي.
- هذه الأبيات مقتبسة من قصيدة كنت قد ترجمتها لإميلي برونتي وتقول فيها:
My heart is not enraptured now My eyes are full of tears And constant sorrow on my brow Has done the work of years أما الترجمة التي تمّ منها الإقتباس فقد جاءت كما يلي: ليسَ قَلبي الآن عندي بسعيد وعيوني ملؤها الدّمعُ السّخين ودوامُ الحزن في رسم الخدود قد أناب الفعلَ عن هذي السنين
- البراري: هي تعريب للكلمة الإنكليزية "prairie" وتعني السهول ذات الحشائش؛ وهي ذات البيئة التي عاشت فيها إميلي برونتي، وذات البيئة التي تجري عليها قصة مرتفعات وذرنغ بشمال إنكلترا.
- تحكي هذه الأبيات عن حال هيثكليف بطل قصة مرتفعات وذرنغ وذلك عندما أصبح مهجّساً بروح كاثرين، بطلة القصة.
- إشارةً إلى ما قالته شارلوت برونتي في وصفها لشقيقتها الصغرى إميلي: “… stronger than a man, simpler than a child, her nature stands alone”.
- في قصة مرتفعات وذرنغ تبلغ التراجيديا قمتها في فصل الشتاء، عندما تمرض كاثرين.
محمد جلال أحمد هاشم مروي ـ السودان 19/12/1979
|
|
|
|
|
|