|
|
 حوار مع عرمان
|
شجـــــــــاعة التنــــــــــازلات توقفت مع توقيـــــــــــــــع الاتفاق
حوار: عارف الصاوي
جاء ياسر عرمان من جوبا أمس الاول وقبل أن ينفض غبار السفر عنه أصدر تعميماً صحفياً وصف فيه اجتماع المكتب السياسي الذي سيلتئم اليوم في حاضرة الجنوب جوبا،
بانه مصيري واجتماع قرارات حاسمة،
وهو الاجتماع الذي دعا له رئيس الحركة والنائب الاول الفريق أول سلفاكير ميارديت مما يعني انه اجتماع استثنائي, وامس نهاراً إلتقينا عرمان في مكتبه بدار الحركة الشعبية, إذ بدا لنا مرتاحاً لما يمكن ان يتوصل اليه الاجتماع، منبهاً الى انه حاسم للحركة ولمستقبل الشراكة مع المؤتمر الوطني حتى دون ان يفصح كثيراً عما يمكن ان يحدث إلا ما خرج منه في هذا الحوار, الذي لم يتوقف عند محطة جوبا اليوم فقط بل نفذ الى مستقبل الاتفاقية في قراءة قد تبدو انها متأثرة بأجواء اليوم لكنها عميقة...
*كيف ظلمت حكومة الوحدة لوطنية إتفاقية السلام؟
حكومة الوحدة الوطنية لم تبذل مجهوداً كبيرا بالذات في مسألة المصالحة الوطنية بين أطراف المجتمع السوداني, فلن ترى هناك أي مجهودات كبرى, ولم تهيء المنابر للحوار الوطني ولم تهيء الاجواء وتنقيها لخلق نفسية جديدة, كما انها لم تواكب المرحلة الجديدة ولم تستوعب القلق الذي خلقت فيه الاتفاقية علي عكس كل ذلك هو الذي يجري الآن.
*هل تعني ان الاطراف التي وقعت الاتفاقية لم تكن تستوعب ما سيجري بعدها؟
كل الاطراف السياسية سواءً التي وقعت الاتفاقية أو التي لم توقع عليها كانت تسير نحو مرحلة مجهولة بالنسبة لها, ومجهولة باعتبار انها مرحلة جديدة, لم تختبر في تاريخ السودان من قبل, خذ مثلًا حق تقريرالمصير فقد قبلته كل الاطراف من التجمع الوطني في اسمرا والحكومة في فرانكفورت وايضا في نيفاشا ,بالتالي هو شئ معترف به ولا توجد قوي سياسية فاعلة لم توقع عليه وطالما جميع القوى السياسية كلها مؤمنة بحق تقرير المصير فيجب ان يكونوا مسؤولين عما يمر به المجتمع السوداني الآن
*حديثك يعني انه لا توجد قوى سياسية كانت تدرك مآلات اتفاقية السلام او انها غير متصورة مرحلة ما بعد الاتفاقية؟
توقيع الاتفاقية اتسم بشجاعة كبيرة والتنازلات التي قدمت من كل الاطراف كانت كبيرة وبالذات التي قادها المؤتمر الوطني, لكن الشجاعة توقفت عند تلك النقطة وكان مطلوباً منها ان تخلق واقع جديد, والسودان سمه ما شئت (جديد اوحديث ) كان يجب على الاتفاقية ان تنقله الي واقع جدي.
لماذا توقفت الجرأة في مرحلة التوقيع ولم تتجاوزها ؟
ببساطة توقفت الارادة السياسية في تلك المرحلة, هناك احتفاظ بكروت قديمة في ظل اوضاع جديدة وتلك هي المشكلة الحقيقية فالمليشيات كروت قديمة, ابيي كرت قديم في ظل وضع جديد, القوانين وعدم تغييرها كرت قديم لا يصلح الان, والمؤتمر الوطني يمكن ان يعدد ايضا من جانبه بعض الكروت, واقع الامر أن الاتفاقية تحتاج الى نظرة حكيمة وثاقبة من القيادات السياسية والتركيزعلي قضايا التنمية وبالذات الربط بين الشمال والجنوب وانا مندهش من وجود مؤسسة لبناء السدود مع ان هذا أمر جيد لكن كان يجب ان تكون هناك مؤسسة لمشروعات تنموية تربط بين الشمال والجنوب، فليس هناك وقت لتضيعه في المماحكات وحكومة الوحدة الوطنية حتي الآن لا تستطيع ان تفتح خطوط النقل النهري بين الشمال والجنوب، وهذا امر مدهش ويدعو لاستفهامات كثيرة وكذلك السكة حديد وخطوط المواصلات بهذه المشروعات تنقل البضائع والعواطف المشتركة وحتى الاتصالات لم يتم التوصل فيها الي قدر من التفاهم وانا اخشى ان نشتغل علي طريقة (يوم الوقفة) وتمر السنوات دون ان نكون قد عملنا شيء.
*ملاحظة دائما اعضاء الحركة الشعبية في الحكومة يتحدثون بغربة وكأنهم ليسو جزءاً من الحكومة ؟
انا اقول بصراحة شديدة نحن قمنا بعمل كبير مع المؤتمر الوطني ويجب الا نقلل من هذاا العمل ويجب الا تقلل الانتقادات الكثيرة التي نوجهها للمؤتمر الوطني من هذا العمل منذ وقف الحرب وحتى الان, لكن دوائر قوية وكبيرة داخل المؤتمر الوطني جبلت علي العمل لسنوات طويلة علي العمل لوحدها, حتي في مجال العلاقات العامة والدبلوماسية تشعر الاخرين بان ليس لديهم سلطة وتمسك ايضا بمفاصل الدولة, فهناك مؤسسات رسمية وهناك ايضا مؤسسات غير مرئية، وهناك دستور مكتوب ودستور اخر يعرفه المؤتمر الوطني فقط, وبالتالي فان وزراء الحركة الشعبية واعضائها في مؤسسات الدولة لديهم غربة حقيقة, قد يجوز يضا ان وزراء الحركة الشعبية لم يستخدموا السطة التي بيدهم بشكل تام لمختلف الاسباب , لكن الثابت ان المؤتمر الوطني لديه تراث قوي في عدم التخلي عن الهيمنة وربما احيانا الطبيعة تغلب التطبع.
*الي اي حد حالة الغربة لوزراء الحركة يمكن ان تؤثر علي الوحدة والانفصال ؟
الغربة تصب مباشرة في خانة الانفصال, لكن عموما الشعب السوداني ينزعج كثيراً من التصريحات عن الانفصال وانا اعتقد ان الانفصال هو نتاج لظروف ما وليس من المفيد الحديث عنه الان وما سنزرعه اليوم مؤكد سنحصده غدا وطالما ان هناك فرصة للوحدة فليس ضروري ان نتحدث عن الانفصال، لكن في النهاية الوحدة لا بد ان تقوم علي اسس ديمقراطية وجديدة والاتفاقية اصلا صممت لتعطي الفرصة للوحدة.
*نحن نعرف ان الوحدة تتطلب مشروعات تنميو مشتركة هل حدث ان طرح مشروع وتعطل لاي سبب كان يمكن ان يسهل عملية الوحدة؟
لا يوجد حتي الان لكن لو اجريت دراسة والتقيت فيها بكل الوزراء المختصين وحتى رئاسة الجمهورية ربما تدرك اسباب عدم وجود مشروع تنموي مشترك مرتبط بالجنوب والشمال, لكني لا اعتقد ان هناك شخص يمكن ان يرفض التنمية بل اري هناك غياب نظرة استراتيجية وبالتالي الوحدة لا تاتي بالتصريحات وكذلك الوحدة ويمكن ان تفعل لما تريد ان تصل اليه وطريق الوحدة يحتاج الي عمل سياسي من مصالحة وتهيئة المناخ الجيد، وايضا تحتاج الي عمل تنموي من مشروعات اقتصادية وآليات واستثمار الموارد,وانا لا اري مشروعات سواء في مجلس الوزراء او البرلمان تعمل علي تغيير الواقع
*بينكم والمؤتمر الوطني كثير من المناورات السياسية ...........
مقاطعة –مناورات ام مغامرات
*انا اقصد مناورات اعطت انطباع للراي العام بعدم الجدية والمسؤولية تجاه قضايا وطنية كبيرة وتلاعب بمصير البلاد؟
هناك مناورات هذه حقيقة, لكن الاخطر هناك نفسية تعطي اشارة كأن الناس في مباراة, لكن الحقيقة الموضوعية ان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بقدر ما يتوصلوا الي تفاهمات بقدر ما يقويان انفسهما لكن النظرة السائدة ان التنازلات من اي طرف تضعفه وهذا خطأ, فإذا توصلنا لاتفاق في ابيي فان هذا سيضعف المؤتمر الوطني, طبعا انا منحاز الي قضايا الحركة الشعبية ورؤيتها باعتبار اني مشارك فيها منذ وقت مبكر لكن اقول ان المؤتمر الوطني سيكسب اكثر وهو الحزب الوحيد الذي خاض الحرب وصنع السلام وبالتالي فهو الكاسب الاكبر والاتفاقية جددت مشروعيته مافي ذلك شك وانا مقتنع بان الموجود الان من جمود اسبابه نفسية صحيح هناك عوامل اخري لكن العامل النفسي اكبر وبالتاكيد اذا توصلنا الى تفاهمات في القضايا الخلافية سيمد هذا من عمر المؤتمر الوطني ويقرب العلافات مع الحركة الشعبية.
في تقديري المؤتمر الوطني مصر ان تتعلم الحركة الشعبية اساليبه في العمل القديمة ونحن متمسكون باساليبنا هذه هي القصة وكاننا في لعبة هذه اللعبة اصبحت بالنسبة لنا غير ممتعة.
*هل سئمتم اللعبة ؟
اعتقد القادة السياسيون قادة مدربين علي الصبر والتحمل ويتعلمون (النفس الطويل) لكن خوفنا ان يسأم الجمهور الذي تعرض عليه المسرحية.
*وماذا اذا سئم الجمهور؟
هذه ستكون كارثة كبيرة ونتائجه معروفة
كيف تري نظرة الجمهور الان للاتفاقية ؟
ليس هناك تريموتر لقياس حالة الجمهور لكن استطيع بالطبع ان اقول هناك عدم رضا, لكن انا حقيقة ما يقلقني هو وحدة السودان والقطار الذي يحمل الوحدة قد تحرك وليس لاحد ان يوقفه مهما تضع من عراقيل, لكن القضية الاساسية هي الي تتجه قيادة القطار به وهو مليء بالناس هذا هو السؤال وانا امضيت جزء قليل من حياتي في الجنوب واعلم تماما ان الجنوبيين لا يمكن ان يتنازلوا مطلقا عن حق تقرير المصير, ولكن يمكن ان تقدم عروض تجعل كل السودانيين يضعوا الغضب جانبا وتبقى المصالح المشتركة بين الشمال والجنوب التي ستؤدي الي وضع جديد.
*هناك تيار نامي يروج بشكل منظم ان الحديث عن الوحدة الجاذبة من الجنوبيين هو ابتزاز سياسي ,هل تعتبر ذلك مؤثراً ؟
انا مقتنع بانه لايوجد ابتزاز سياسي والحقيقة ان الشماليين وليس كل الشماليين بل اقصد مجموعات الوسط النيلي نحن من حكمنا هذه البلاد هذه حقيقة لا تقبل المواربة ولم يكن هناك استقرار طوال هذه الفترة , فهناك عدم رضا باخف العبارات الذي يصل الي حد حمل السلاح في كل اطراف السودان والقيادة الحالية توجد في موقف تاريخي لا تحسد عليه, نحن الان نريد تجديد الدولة السودانية باعتبار ان الحلة التي تلبسها اصبحت قديمة وممزقة وضيقة ليس علي حساب اي احد بل صونا لكرامة الجميع , والمؤتمر الوطني نفسه توصل الي افكار عظيمة في قسمة السلطة والثروة والترتيبات الامنية في نيفاشا وهي كلها افكار تصلح لان تعمم علي كل السودان وانا اذكر جيداً احاديث الرئيس البشير والاستاذ علي عثمان في بداية الاتفاق كانت حول تعميم الاتفاق, والمؤتمر الوطني يجب عليه الا ينتظر ان تطالب الجزيرة بنفس مطالب النيل الازرق والجنوب ودرافور وجبال النوبة , عليه ان ينظر الي الوضع الذي ورثوه وصنعوه لتغييره والدخول الي التاريخ من اوسع ابوابه
*بعض الناس تقول انه كان امام الحركة ان تفعل هذا التعميم ان تفتح ملف التفاوض حول الوطن و بدلا من ذلك تفاوضت حول جنوب السودان؟
بعيداً من السياسة وفي محاكمة فكرية رصينة ستنصف الاجيال القادمة الدكتور جون قرنق باعتباره رائد التغيير الشامل والدكتور قرنق وقفت قوي عديدة ضده كل الحكومات المركزية والمجتمع الدولي. فمعاناة السودان هي لمرض واحد يظهر باعراض مختلفة, فالدكتور قرنق كان يدرك هذا وهو مقاتل فريد منوعه قاتل على اسس فكرية وقناعات راسخة وهو الذي سمي نيفاشا الجمهورية الثانية في ذكاء وانسانية بحيث لم يرد إلغاء الجمهورية الاولي لكن هناك حوجة ملحة لجمهورية ثانية , ولذلك نيفاشا هي مشروع لحل مشكلة الحرب وليس مشروع الحركة الشعبية.
وغاب الدكتور قرنق بعد ان سمع صوته في كجبار وكل اطراف السودان, كانت لحظة اختفائه من المسرح هي اللحظة الصادمة للجمهور.
فمن الانصاف لانفسنا ان نخطط لحياتنا ومستقبلنا والرسالة التي يجب ان يعرفها المؤتمر الوطني ان الحركة الشعبية لا تعمل علي ازالته والغائه من مسرح الحياة السياسية لكن في نفس الوقت نحن لا نرضي بان نكون تابعين للمؤتمر الوطني وبفضل قيادة سلفاكير بعد موت جون قرنق استطيع ان اقول ان الحركة الشعبية تجاوزت ازماتها وهي تتطلع لدور ريادي في مستقبل السودان.
*اتفاقية السلام الآن تواجه خطراً من الذين صنعوها وبدت كأن ليس لديها مرجعيات كبرى ما الذي يخلصها من المؤامرات وظلم ذوي القربي؟
يخلصها العمل المشترك بين الاطراف جميعها والمضي نحو الانتخابات العامة وهذا جوهر الاتفاقية التي لو قرأناها جيدا حلت مشكلتين دعك من بقية التفاصيل, هي حلت مشكلة تداول السلطة سلميا ومسالة تقرير المصير في الجنوب ولذلك يجب ان نحرص علي الانتخابات.
*هل يمكن ان نصل الي الانتخابات في ظل وجود قوانين مقيدة للحريات وفي ظل تصعيد للخلافات السياسية وعدم تهيئة المناخ السياسي؟
لذلك انا قلت العمل المشترك ضروري لتهيئة المناخ السياسي والمناخ العام.
*لكن هناك مشاكل كثيرة تعترض عملية الانتخابات جزء منها اجرائي مثل اختلال الجدول الزمني لاتفاقية السلام نفسها ..
مقاطعة- يجب ان نفرق بين شيئن ان هنالك عقبات موضوعية يجب ان نعمل لازالتها لكن المقلق حقا ان يتم خلق هذه المشكلات بتدبير ومع سبق الاصرار والترصد لكن في كل الاحوال نحن لم نستخدم حتي اليات الاتفاقية نفسها خذ مثلا البرلمان لا نستخدمه بالطريقة الصحيحة ولايوجد وزير تمت محاسبته ولاتوجد قضية تم حسمها في البرلمان, كذلك مجلس الوزراء, هناك كثيرمن المساحات وفرتها الاتفاقية حتي القوي المعارضة لم تملأ هذه المساحات والمؤتمر الوطني لا يتدخل فيها, وانا اعطيك مثلًا لا يوجد سبب يمنع الحركة الشعبية ان تكون لها قناة تلفزيونية او صحيفة او اذاعة لم يمنعها المؤتمر الوطني هذه قضايا مرتبطة بعدم قدرة الحركة الشعبية وعلي الحركة ان تواجه ذلك وعلى القوي السياسية الاخري ان تعترف ايضا بقصورها.
*استاذ ياسر اخيراً لديكم جولات مستمرة في الولايات المتحدة الامريكية ما المطلوب منها بالضبط؟
أقول كلمة واحدة ماحك جلدك مثل ظفرك.
<>
|
|
 
|
|
|
|
معاذ حسن
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست