|
شوف كم زمن ما شلنا ( محمد ميرغنى )
|
قبل دقائق ، وقد شعرت بشى من الارهاق خرجت من مقر عملى قاصدا الشفاء من صداع يلم بى تارة واخرى وتحاشيت او اتحاشى معه عادة نيل اقراص (المسكنات ) فقصدت مقهى بالخرطوم ، مقهى شعبى ، لم تفلح تيارات الهواء البارد فى طرد رواده ، خليط من كل السحنات ، والالسن تبتبل بشتى المواضعيع ومثلما يحضر (قوديون ) فهناك حديث عن طرائف النشالين وتطورات الوضع فى العراق كما حضرت الانتخابات الامريكية واما الشان الخاص للحضور فقد كان ماثلا فى سرحان بعض الزبائن ، وقلق يتبدى فى وجوه اخرى لاسيما ان الغد عطلة ولابد لبعض المواطنين من العودة الى الصغار بقوت و(مصاريف )و لمحت شخصا وسمعته وقدرت انه (سمسار ) لقدرته العظيمة على الحكى وتجميل صفقة ما لم اشك فى انها مضروبة ! دخلت المقهى اتلمس خطاى بحثا عن الشاى والجبنة (ابوتكة ) وهو تعبير يلحق بالرجال العاملون فى صناعة وبيع الشاى والقهوة ! ، دخلت واتخذت مجلسى ، ضايقتنى سحائب من الدخان المشكل فوق الجميع غيمة من الانهاك والضرر العام ، ولم ابالى ، جسلت الضجيج شديد يزيد ولا ينقص ثم رويدا بدات الاحاديث فى التراخى والانحسار وطار السرحان عن (الساهمين ) ، ولمحت فى جنب ركن قصى بالمقهى جهاز استريو موضوع فى موجته القصيرة على اذاعة سودانية جديدة لم ادقق فى اسمها ، صمت الصمت نفسه مفسحا المجال للاستاذ محمد ميرغنى ينثر الابداع والشجن شوف كم زمن ما شلنا .. الجميع من اقصى الشمال الى حواف الجنوب الجنوبية ممن تواجدوا بالمقهى لزموا الصمت ، تيار من الراحة ، احساس طاغ بالمتعة يتنزل على الناس ... فجاة قاطعا الطرق على الثرثرات ومحمد ميرغنى بصوته الرخيم المصحوب بجشة ناعمة يتسلل ويغوص بنا فى محيط من طرب ، الجميع يركن الى ذكرى قديمة او صديق بعيد او حبيبة غائبة او اخرى اطارتها (القسمة ) وصوت من مواطن يقطع السكينة (الله يجازيك يا محمد ميرغنى مالك علينا ) ومحمد ميرغنى لا يابه لكنه يمضى فى شغبه الجميل ( ما قلنا ليك ) وتاتى الموسيقى لتلبس النص روحا جديدة .. انتهت الاغنية لينهض الجميع متسارعين للخروج الرابح و(القمحان ) والفضولى مثلى تفرقنا جميعا بشكل اثار دهشة - ثم حنق - صاحب المقهى فبعد ما سمعنا قلت فى نفسى لابد ان (الاستاذ ) قد مثل اليوم صيد لبعض العائدين الى ديارهم لم يعودوا بمال ومغنم لكنهم عادوا بلحن جميل وخاتمة حركت فينا جميعا مشاعر نبيلة . نسيت .. ان اقول اننى اكتفيت من خروجى بــ( شوف كم زمن ما شلنا هم ) وتركت القهوة لم ارتشف منا قطرة ! ونسيت ان اقول اننى بمناسبة هذا النص ادعو تمبس لان يعود الينا فنانا مبدعا ( وان ظلم ) كما اهديها للوغد (خدر ) وكل الرائعون الذين افتقدهم واهديها للعزيزة البتسال عن ظروفنا ونشدتكم الله لمن يملك قدرات ومكتبة وتجسيلا للاغنية ان يبرنا بها هنا .. عليكم الله يا جماعة .. شفتو بكية العميد دى
|
|
|
|
|
|