|
اسحق أحمد فضل الله / حصان موسى ود جلى فوق ضهره السرج مقلوب
|
o الأخ رئيس التحرير o معذرة لعدم الكتابة اليوم .. فأنا ذاهب لأمشي خلف جنازتي.. o وصلاح عبد الصبور كتب ألف قصيدة لكنك لا يبقى فيك إلا بيت من مرثيته لأبيه بيت صاعق لأنه ساذج.. يشهق.. "وبكينا يوم عض الكلب زيزنيا فصاحت.. يا أبي" o ولا شئ يعصر قلبك مثل صرخة طفل مفزوع مات أبوه.. o وسر الختم الخليفة جنازته تكشف لنا في آخر العمر أننا نصرخ "يابا" o وعلي المك يملأ المسرح والعيون والناس مرحاً مثقفاً أول التسعين وهو / يوم تكريم عبد الله الطيب/ يقدمه للناس.. وبحلاوة الذوق المثقف ينفض الشهادات الورقية الكثيفة الثقيلة الدم بأطراف أصابعه بعيداً.. ويقدم عبد الله الطيب بأنه: حريف كونكان.. يغلب اتخن واحد!! o ومثلما عمر الحاج موسى يقدم النميري الرئيس بأنه جعفر ود فاطنه بت ست أبوها بت الحاجة السرة بت ... o مثلما المجذوب يقدم نفسه وإفريقيته بأنه هناك " أكرع في المريسة لا أبالي وفي حقوي من عقد نظيم" o والطرب حارق .. والناس تصفق وسيد خليفة يغني .. والكابتن جكسا o ورئيس البلد يومئذ سر الختم الخليفة o وعلي المك الآن تحت التراب.. يسامر جدار القبر.. وعبد الله الطيب والمحينة وعمر الحاج موسى وعبود وعوض دكام.. وحسن بشير نصر والمجذوب.. ونجيلة.. وسر الختم الخليفة .. أمس كان يوم جنازته.. o ومشهد في فيلم ذكي. والمؤرخ هناك يقف على قمة جبل عال وتحته الوادي عميق.. والمؤرخ يفرغ في الهاوية كل الكتب والصحف والأوراق والنوافذ وإطارات السيارات.. وهي تتأرجح في الهواء بالتصوير البطئ.. تهويييي.. وتهويييي.. وتهـ.. o إيجاز بليغ o وفتاة إلى جوارنا تنفجر بالبكاء o وجون أوزبون حين تنحشر طفلته في صدره ذات صباح بارد يهدهدها وهو يقول حزيناً: لماذا جئت إلى هذا العالم.. لماذا؟؟ o وجيل كامل يهوي في الوادي.. (2) o ومجلة تطلب منا ان نكتب عن السودان الزنجي العربي.. o والزنجية كانت رصاصة تطلقها إفريقيا أيام القتال للتحرر.. لكن إفريقيا تكتشف بعد ذلك أنك لن تستطيع أبداً إطلاق الرصاصة ذاتها مرتين. o والإفريقية تخفت وتسكت.. مهما كانت تقضم السودان الآن نصفين.. o والإفريقية أيام سر الختم التي كانت تطلق مصطفى سعيد وسنغور وجيلي وباندونق.. وترسم الزنجي كتلة من العطلات (الكوم) في مقابل الأبيض المسلوع القاتل.. الإفريقية هذه كانت = في السودان بالذات= تشعر أنها تعيش آخر أيامها= وليس أول أيامها كما كان هو الظن.. o وجيل سر الختم كان يشعر بهذا والعرب المتزنجة تبحث عن لغة جديدة.. o دون ان تعلم o وأصدق الشعور ما كان بعيداً عن العقل.. ألا ترى ان العشاق ويجنون.. ولا يكون منهم عبقري أبداً.. o وسر الختم في مجالسة كان يقول هذا.. o وأيام سر الختم الخاطفة رئيساً للوزراء كانت = مثل إشارات الصوفية= لمعة خاطفة تشير إلى هذا.. وفصاحة الإشارة هذه كانت= مثل الضوء= ذرات مبعثرة في كل مكان وليست شيئاً يصدر عن رجل واحد أو جهة.. o وشيئاً مثل جمال الأطفال كان هناك والطفل لا يعرف أبداً أنه جميل حلو.. o والأيام كانت شيئاً مثل سر الختم الخليفة.. إذا اختفى من أمام عيوننا نسيناه. حتى إذا مشينا خلف جنازته عرفنا فجأة أننا نمشي وراء جنازتنا نحن.. * الأخ رئيس التحرير o أنا رجل عاش أيام الإذاعة والتلفزيون والإنترنت والموبايل.. وأيام قاقارين وكاريكا وهيثم مصطفى.. وأيام ود المكي وعبيد ختم.. و.... والمحجوب وزيراً للخارجية ثم منصور خالد ثم أبو صالح ثم مصطفى عثمان.. وصباح وفاة سر الختم الخيفة كان وزير الخارجية الذي نتجه إلى لقائه هو لام أكول.. o كنا نعرف من نبكي عليه أمس الأول ونحن نمشي وراء جنازة سر الختم الخليفة.. المصدر: صحيفة الحياة العدد (101 الاثنين 21محرم 1427هـ الموافق 20 فبراير2006م
|
|
|
|
|
|