دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: عبد الله عقيد)
|
من تحرير المرأة للنسوية
لقد ظن البعض أن مصطلح "فيمينزم" هذا مجرد تنويع على مصطلح "ويمنز ليبيرشن موفمنت "Women's Liberation Movement" الذي يُترجم عادةً إلى "حركة تحرير المرأة والدفاع عن حقوقها"؛ ولذا حل المصطلح الجديد تدريجيًّا محل المصطلح القديم، وكأنهما مترادفان أو متقاربان في المعنى. وكأن المصطلح الجديد لا يختلف عن القديم إلا في أنه أكثر شمولاً أو أكثر راديكالية. ولكننا لو دققنا النظر لوجدنا أن المصطلح الجديد مختلف تمام الاختلاف عن مدلولات حركة تحرير المرأة. كان الإنسان من منظور حركة تحرير المرأة كيانًا حضاريًّا مستقلا عن عالم الطبيعة/ المادة، لا يمكنه أن يوجد إلا داخل المجتمع؛ ولذا لا يمكن تسويته بالظواهر الطبيعية/ المادية. ولذا فهي حركة تهدف إلى تحقيق قدر من العدالة الحقيقية داخل المجتمع (لا تحقيق مساواة مستحيلة خارجه) بحيث تنال المرأة ما يطمح إليه أي إنسان (رجلاً كان أم امرأة) من تحقيق لذاته إلى الحصول على مكافآت عادلة (مادية أو معنوية) لما يقدم من عمل. وعادة ما تطالب حركات تحرير المرأة بأن تحصل على حقوقها كاملة: سياسية كانت (حق المرأة في الانتخابات والمشاركة في السلطة)، أم اجتماعية (حق المرأة في الطلاق وفي حضانة الأطفال)، أم اقتصادية (مساواة المرأة في الأجور مع الرجل). وبرغم أن دعاة حركة تحرير المرأة قد يستخدمون أحيانًا خطابًا تعاقديًّا، وقد ينظرون أحيانًا للمرأة باعتبارها فردًا مستقلاً بذاته عن المجتمع لا باعتبارها أمًّا وعضوًا في أسرة، أو قد ينظرون إليها باعتبارها إنسانًا اقتصاديًّا أو جسمانيًّا (أي إنسانًا طبيعيًّا ماديًّا) لا إنسانًا إنسانًا، إلا أن الإطار المرجعي النهائي هو الرؤية الإنسانية التي تضع حدودًا بين الإنسان والطبيعة، وتفترض وجود مركزية إنسانية ومعيارية إنسانية ومرجعية إنسانية وطبيعة إنسانية مشتركة؛ ولذا تأخذ حركة تحرير المرأة بكثير من المفاهيم الإنسانية المستقرة الخاصة بأدوار المرأة في المجتمع، وأهمها، بطبيعة الحال، دورها كأم؛ ولذا يتحرك برنامج حركة تحرير المرأة داخل إطار من المفاهيم الإنسانية المشتركة، التي صاحبت الإنسان عبر تاريخه الإنساني، مثل مفهوم الأسرة باعتبارها أهم المؤسسات الإنسانية التي يحتمي بها الإنسان ويحقق من خلالها جوهره الإنساني ويكتسب داخل إطارها هويته الحضارية والأخلاقية، ومثل مفهوم المرأة باعتبارها العمود الفقري لهذه المؤسسة، ولا تطرح أفكارًا مستحيلة ولا تنزلق في التجريب اللانهائي المستمر الذي لا يستند إلى نقطة بدء إنسانية مشتركة ولا تحده أية حدود أو قيود إنسانية أو تاريخية أو أخلاقية. هذا هو الإطار الحضاري والمعرفي لحركة تحرير المرأة وهذه هي بعض ثوابتها، وقد كان هذا هو أيضًا الإطار الأساسي لحركات التحرر في الغرب حتى منتصف الستينيات.
ولكن الحضارة الغربية دخلت عليها تطورات غيرت من توجهها وبنيتها، إذ تصاعدت معدلات الترشيد والعلمنة المادية للمجتمع، أي إعادة صياغته وصياغة الإنسان ذاته في ضوء معايير المنفعة المادية والجدوى الاقتصادية. الأمر الذي أدى إلى تزايد هيمنة القيم البرانية المادية مثل: الكفاءة في العمل وفي الحياة العامة مع إهمال الحياة الخاصة - والاهتمام بدور المرأة العاملة (البرانية) مع إهمال دور المرأة الأم (الجوانية) - والاهتمام بالإنتاجية على حساب القيم الأخلاقية والاجتماعية الأساسية (مثل تماسك الأسرة وضرورة توفير الطمأنينة للأطفال) - واقتحام الدولة ووسائل الإعلام وقطاع اللذة لمجال الحياة الخاصة - وإسقاط أهمية الإحساس بالأمن النفسي الداخلي - وإسقاط أهمية فكرة المعنى باعتبارها فكرة ليست كمية أو مادية.
وقد بلغ الترشيد (في الإطار المادي) درجة عالية من الشمول وتغلغل في كل جوانب الحياة العامة والخاصة حتى أصبح العمل الإنساني labour هو العمل الذي يقوم به المرء نظير أجر نقدي محسوب (كم محدد) خاضع لقوانين العرض والطلب، على أن يؤديه في رقعة الحياة العامة أو يصب فيه في نهاية الأمر، وهذا التعريف يستبعد بطبيعة الحال الأمومة وتنشئة الأطفال وغيرها من الأعمال المنزلية، فمثل هذه الأعمال لا يمكن حسابها بدقة، ولا يمكن أن تنال عليها الأنثى أجرًا نقديًّا رغم أنها تستوعب جل حياتها واهتمامها إن أرادت أن تؤديها بأمانة، ولا يمكن لأحد مراقبتها أثناء أدائها؛ فهي تؤديها في رقعة الحياة الخاصة، وكان من تطرف المادية محاولة تقويم هذا العمل والمطالبة له بأجر مادي بدلاً من سحب قيم العطاء والأمومة والرعاية على العام وجعله أكثر إنسانية.
وهكذا تغلغلت المرجعية المادية (بتركيزها على الكمي والبراني) وتراجعت المرجعية الإنسانية (بتركيزها على الكيفي والجواني) وتراجع البُعد الإنساني الاجتماعي الذي يفترض مركزية إنسانية وطبيعة إنسانية متفردة تتمتع بقدر عالٍ من الثبات يميزها عن قوانين الطبيعة المادية المتغيرة، وتم إدراك الإنسان خارج أي سياق اجتماعي إنساني بحيث أصبح الإنسان كائنًا طبيعيًّا ماديًّا كميًّا لا يشغل أية مركزية في الكون، وليس له مكانة خاصة فيه، يسري عليه ما يسري على الأشياء الطبيعية المادية الأخرى، أي أنه تم تفكيك الإنسان تمامًا وتحويله من الإنسان المنفصل عن الطبيعة إلى الإنسان الطبيعي المادي، الذي يتحد بها ويذوب فيها ويستمد معياريته منها، فيفقد الدال "إنسان" مدلوله الحقيقي، ويحل الكم محل الكيف والثمن محل القيمة.
ونحن نذهب إلى أن حركة الفيمينزم (التي نترجمها "بحركة التمركز حول الأنثى") هي تعبير عن هذا التحول ذاته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: عبد الله عقيد)
|
التمركز حول الأنثى
تؤكد حركة التمركز حول الأنثى في إحدى جوانبها الفوارق العميقة بين الرجل والمرأة، وتصدر عن رؤية واحدية إمبريالية وثنائية الأنا والآخر الصلبة، كأنه لا توجد مرجعية مشتركة بينهما، وكأنه لا توجد إنسانية جوهرية مشتركة تجمع بينهما؛ ولذا فدور المرأة كأم ليس أمرًا مهمًّا، ومؤسسة الأسرة عبئًا لا يُطاق. فالمرأة متمركزة حول ذاتها تشير إلى ذاتها، مكتفية بذاتها، تود "اكتشاف" ذاتها و "تحقيقها" خارج أي إطار اجتماعي، في حالة صراع كوني أزلي مع الرجل المتمركز حول ذاته، وكأنها الشعب المختار في مواجهة الأغيار، أي أنه بدأت عملية تفكيك تدريجية لمقولة المرأة كما تم تعريفها عبر التاريخ الإنساني وفي إطار المرجعية الإنسانية، لتحل محلها مقولة جديدة تمامًا تسمى "المرأة" أيضًا، ولكنها مختلفة في جوهرها عن سابقتها؛ ومن ثم تتحول حركة التمركز حول الأنثى من حركة تدور حول فكرة الحقوق الاجتماعية والإنسانية للمرأة إلى حركة تدور حول فكرة الهوية، ومن رؤية خاصة بحقوق المرأة في المجتمع الإنساني إلى رؤية معرفية أنثروبولوجية اجتماعية شاملة تختص بقضايا مثل دور المرأة في التاريخ والدلالة الأنثوية للرموز التي يستخدمها الإنسان.
وإذا كانت حركة تحرير المرأة قد دارت حول قضية تحقيق العدالة للمرأة داخل المجتمع، فإن حركة التمركز حول الأنثى تقف على النقيض من ذلك. فهي تصدر عن مفهوم صراعي للعالم؛ حيث تتمركز الأنثى على ذاتها، ويتمركز الذكر هو الآخر على ذاته، ويصبح تاريخ الحضارة البشرية هو تاريخ الصراع بين الرجل والمرأة وهيمنة الذكر على الأنثى ومحاولتها التحرر من هذه الهيمنة.
ينادي دعاة التمركز حول الأنثى بالتجريب الدائم والمستمر، ويطرحون برنامجًا ثوريًّا يدعو إلى إعادة صياغة كل شيء: التاريخ واللغة والرموز، بل الطبيعة البشرية ذاتها كما تحققت عبر التاريخ، وكما تبدت في مؤسسات تاريخية، وكما تجلت في أعمال فنية، فهذا التحقق والتجلي إن هو إلا انحراف عن مسار التاريخ الحقيقي.
بل أعيد تسمية التاريخ، فهو بالإنجليزية History التي وجد بعض الأذكياء أنها تعني "قصته his story فتقرر تغيير اسم التاريخ ليصبح Her story قصتها! فلا حب ولا تراحم ولا إنسانية مشتركة، بل صراع شرس لا يختلف إلا من ناحية التفاصيل عن الصراع بين الطبقات عند ماركس، أو الصراع بين الأنواع والأجناس عند داروين، أو الصراع بين الجنس الأبيض والأجناس "المتخلفة" الأخرى حسب التصور العنصري الإمبريالي الغربي.
وتصل هذه الرؤية قمتها (أو هويتها) حينما تقرر الأنثى أن تدير ظهرها للآخر/ الذكر تمامًا، فهي مرجعية ذاتها وموضع الحلول ولا تشير إلا إلى ذاتها، فهي سوبرومان superwoman؛ ولذا تعلن استقلالها الكامل عنه، وحينئذ يصبح السحاق التعبير النهائي عن الواحدية الصلبة ونصل إلى حالة من الواحدية الأنثوية الصلبة والتمركز اللاإنساني حول الذات الأنثوية، وإلى نهاية التاريخ المتمركزة حول الأنثى، وتسود الواحدية السائلة التي لا تعرف الفرق بين الرجل والمرأة أو بين الإنسان والأشياء. ويتم الإشارة إلى الإله في مرحلة الواحدية السائلة هذه لا باعتباره "هو أو هي" إذ يصل الحياد قمته والسيولة منتهاها، فيشار إليه، كما ورد في إحدى ترجمات الإنجيل الأخيرة، باعتباره ذكرًا أو أنثى أو شيئًا. فالإله هو he/she/it !
ومن الصعب على المرء أن يقرر عما إذا كانت هذه هي نهاية السيولة، أم أن هناك المزيد؟ فالتجريب المنفتح في اللغة والتاريخ والعلاقات بين البشر مسألة لا سقف ولا حدود ولا نهاية لها. وليس الهدف من كل هذا هو" توسيع آفاقنا وتحطيم القوالب الذهنية التقليدية أو الدينية الجامدة التي يتعامل كل جنس مع الآخر من خلالها وسجنه فيها" كما يقال وإنما هو ضرب فكرة المعيارية والإنسانية المشتركة في الصميم حتى يتم تسوية الجميع.. وليس مساواتهم!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: عبد الله عقيد)
|
الأسرة قبل الفرد
وإذا كانت الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع، فإن الأم هي اللبنة الأساسية في الأسرة (بما لا ينفي دور الرجل الأسري بالطبع) ومن هنا كان تركيز النظام العالمي الجديد على قضايا الأنثى. فالخطاب المتمركز حول الأنثى هو خطاب تفكيكي يعلن حتمية الصراع بين الذكر والأنثى، وضرورة وضع نهاية للتاريخ الذكوري الأبوي، وبداية التجريب بلا ذاكرة تاريخية، وهو خطاب يهدف إلى توليد القلق والضيق والملل وعدم الطمأنينة في نفس المرأة عن طريق إعادة تعريفها، بحيث لا يمكن أن تتحقق هويتها إلا خارج إطار الأسرة. وإذا انسحبت المرأة من الأسرة تآكلت الأسرة وتهاوت، وتهاوى معها أهم الحصون ضد التغلغل الاستعماري والهيمنة الغربية، وأهم المؤسسات التي يحتفظ الإنسان من خلالها بذاكرته التاريخية وهويته القومية ومنظومته القيمية. وبذلك يكون قد نجح النظام العالمي الجديد من خلال التفكيك في تحقيق الأهداف التي أخفق في تحقيقها النظام الاستعماري القديم من خلال المواجهة المباشرة. وتتحول المجتمعات إلى أفراد مستهلكين.
ومن الأجدر بنا أن ندرس قضية المرأة داخل إطارها التاريخي والإنساني، فندرك أن مشكلة المرأة مشكلة إنسانية لها سماتها الخاصة، كما يجب أن ننفض عن أنفسنا غبار التبعية الإدراكية ونبحث عن حلول لمشاكلنا نولدها من نماذجنا المعرفية ومنظوماتنا القيمية والأخلاقية ومن إيماننا بإنسانيتنا المشتركة. وهي منظومات تؤكد أن المجتمع الإنساني يسبق الفرد (تمامًا كما يسبق الإنسان الطبيعة/ المادة). مما يضطرنا إلى أن نتحدث عن "حقوق الأسرة" كنقطة بدء ثم يتفرع عنها وبعدها "حقوق الأفراد" الذين يكوِّنون هذه الأسرة، أي أننا سنبدأ بالكل (الإنساني الاجتماعي) ثم نتبعه بالأجزاء (الفردية).
لو اتبعنا هذا النموذج، واتخذنا الأسرة نقطة بدء ووحدة تحليلية، فإن الحديث عن "تحقيق الذات بشكل مطلق" يصبح أمرًا ممجوجًا ومرفوضًا –سواء للرجل أم المرأة-ولا بد أن يحل محله الحديث عن "تحقيق الذات داخل إطار الأسرة" وبدلاً من الحديث عن "تحرير المرأة" كي تحقق ذاتها" ولذتها ومتعتها، قد يكون من المفيد أن ندرس ما حولنا لنكتشف أن أزمة المرأة هي في واقع الأمر جزء من أزمة الإنسان في العصر الحديث التي تنبع من هذه الحركية الهائلة المرتبطة بتزايد معدلات الاستهلاك، التي تسم إيقاع حياتنا الحديثة، ومن وجود هذه الاختيارات الاستهلاكية التي لا حصر لها ولا عدد، والتي تحاصرنا وتحد من حركتنا.
إن الدراسة المتأنية ستبين لنا أن المشكلة تنبع من أن الرجل قد تم "تحديثه" بشكل متطرف، وتم استيعابه في هذه الحركية الاستهلاكية العمياء بحيث أصبحت البدائل المطروحة أمامه تفوق بكثير البدائل المطروحة أمام المرأة. ولكن بما أن هذه الحركية الاستهلاكية المتطرفة هي أحد أسباب أزمة الإنسان الحديث، قد يكون من الأكثر رشدًا وعقلانية ألا نطالب بـ "تحرير المرأة" وألا نحاول أن نقذف بها هي الأخرى في عالم السوق والحركية الاستهلاكية، وأن نطالب بدلاً من ذلك بتقييد الرجل أو وضع قليل من الحدود عليه وعلى حركته، بحيث نبطئ من حركته فينسلخ قليلاً عن عالم السوق والاستهلاك وبذلك يتناسب إيقاعه مع إيقاع المرأة والأسرة وحدود إنسانيتنا المشتركة، وانطلاقًا من هذه الرؤية لا بد أن يُعاد تعليم الرجل بحيث يكتسب بعض خبرات الأبوة والعيش داخل الأسرة والجماعة، وهي خبرات فقدها الإنسان الحديث مع تآكل الأسرة ومع تحركه المتطرف في رقعة الحياة العامة.
بهذه الطريقة سيكون بوسع الرجل أن يشارك في تنشئة الأطفال، وأن يعرف عن قرب الجهد الذي تبذله المرأة/ الأم. ومن ثم يمكن لإنسانيتنا المشتركة أن تؤكد نفسها مرة أخرى، ونعيد صياغة رؤية الناس بحيث يُعاد تعريف العمل فيصبح "العمل الإنساني" ، أي العمل المنتج إنسانيًّا (وبذلك نؤكد أسبقية الإنساني على المادي والطبيعي) .. وهنا تصبح الأمومة أهم "الأعمال المنتجة" (وماذا يمكن أن يكون أكثر أهمية من تحويل الطفل الطبيعي إلى إنسان اجتماعي؟) ومن ثم يقل إحساس المرأة العاملة في المنزل بالغربة وعدم الجدوى، ويزداد احترام الرجل لها، ويكف الجميع عن القول بأن المرأة العاملة في المنزل لا تعمل، وكأن عمل سكرتيرة في إحدى شركات التصدير والاستيراد أو إحدى شركات السياحة أكثر أهمية وجدوى من تنشئة الأطفال!
ولكن ما يهمنا هنا أنه شكل من أشكال علاقات الإنتاج التي لا تقوض الأسرة وتفككها، ويمكن للمرأة أن تشارك فيه دون أن تفقد هويتها كأم وزوجة. ويمكن أيضًا تطوير نظم تعليمية جديدة، بحيث يمكن للمرأة أن تتعلم وتستمر في تعليمها دون أن نولد داخلها التوترات بين الرغبة المحمودة في التعليم والنزعة الكونية نحو الأمومة بمساعدة التكنولوجيا وتحويلها إلى تكنولوجيا مساندة للأسرة.
ويمكن الإشارة هنا إلى جذور ما يُسمى ظاهرة "تأنيث الفقر" (feminization of poverty) التي أصبحت ظاهرة اجتماعية معروفة في الولايات المتحدة؛ إذ يبدو أنه في إطار حرية المرأة وحرية الرجل، يتعايش رجل مع امرأة تنجب منه طفلاً أو طفلين عادة دون أن يرتبطا بعقد زواج. وبعد فترة قصيرة أو طويلة يتملك الرجل الملل؛ وتنشب المعارك بين الطرفين؛ فيقرر الرجل أن يحقق ذاته خارج إطار الأسرة فيحمل متاعه ويذهب، تاركًا الأم المهجورة وحدها، ترعى الطفلين فتزيد أعباؤها النفسية والاجتماعية والاقتصادية (مهما دفع الرجل من نفقة) وازداد الرجال متعة وحركية استهلاكية أي أنه تم تأنيث الفقر، ويمكن أن نضيف أنه تم كذلك تأنيث الجهد النفسي والإرهاق البدني، ولعل هذا من أهم الأسباب السوسيولوجية لزيادة معدلات السحاق في المجتمعات الغربية، فهو يحل في نظرها مشكلة ضرورة تفريغ الطاقة الجنسية للأنثى دون أن يدخلها في دوامة العلاقة مع الرجل التي توردها موارد التهلكة والفقر والألم والهجران.
وأرجو ألا يُفهم من حديثي أنني أنكر وجود قضية المرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأنه لا يوجد درجات متفاوتة من التمييز ضدها، بل القمع لها. فأنا أعرف أن ثمة مشكلة، حادة وعميقة، تتطلب حلاً عاجلاً وجذريًّا، كما أرجو ألا يتصور أحد أنني أطالب بمنع المرأة من العمل في رقعة الحياة العامة أو نظير أجر نقدي، أو أنني أطالب بالحجر عليها عقليًّا وعاطفيًّا، كل ما أطالب به أن يتم تناولنا لقضية المرأة من خلال قضية الأسرة وفي إطار إنسانيتنا المشتركة، وأن تكون الأسرة (لا الفرد الباحث عن متعته الفردية ومصلحته الشخصية وحركته الاستهلاكية) هي الوحدة التحليلية ونقطة الانطلاق؛ ومن ثم فأنا أطالب برد الاعتبار للأمومة ولوظيفة المرأة كأم وزوجة، وأرى أن هذه الوظيفة "الإنسانية" و"الخاصة" تسبق أي وظائف "إنتاجية" و"عامة" أخرى، وإن كانت لا تجبها. كما أطالب بالحفاظ على الخلاف بين الجنسين على ألا يتحول هذا إلى أساس للظلم والتفاوت.
والله أعلم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: طلال عفيفي)
|
الأسـتاذ عبـد الله عقيـد...
استمتعت بقـراءة أولية للمقال المنقـول علي الرغـم من أنها لم تكـن كـاملة تماما,,أي قـراءتي.... سـأقـرأه مـرة أخـري....ثـم أقـرأ تعليقكم عليه...ثـم أرجع وأتـداخـل معكـم إن أذنتم لي... فإن فعلتم ...فـإنني أرجـع بإذن الله في النصف الثـاني مـن إبريـل بسبب إلتزامات تمنعني الآن مـن المشاركـة بالصـورة الفعالة... لك التحايا,,
مـني عـوض خـوجـلي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: نادية عثمان)
|
الأستاذة نادية عثمان لك التحية وشكرا على المرور
سأتكئ على رحب متابعتك الشغوفة هذه لأبدأ التعليق على مقال الدكتور المسيري.. بادئا، بسبب إيرادي للمقال ههنا، في هذا التوقيت بالذات. فلا يخفى على جميع قراء المنبر، ما دار في الفترة السابقة قبل (عيد المرأة) وبعده، من حيديث حول المرأة وحقوقها وما يدور من خلافات حول وجوب مناصرة المرأة والوقوف إلى جانبها وما حدث للدكتورة بيان والأختين القلب النابض وصباح احمد. مما جعلهن يبتعدن ولو مؤقتا عن المنبر، وقبلهن توقف عائشة المبارك وعلياء عوض الكريم.. وربما تكون مواقفهن متفقة على نقطة واحدة وهي أنهن لم يجدن ما يكفي من مناصرة. وما أعقب ذلك من نقاش بين بعض الزملاء والزميلات ارتفع فيه صوت المناصرين والمناصرات، كما ارتفع صوت المنادين بتطبيق حق المساواة الذي تطالب به المرأة وعدم التعامل معها ككائن ضعيف في حاجة للمناصرة.
ما يدور، يحمل في جوانبه الكثير من أوجه التناقض، وقد يبدو مبعث هذا التناقض، هو اختلاف الانتماءات الفكرية لهذه أو تلك، ولكن الأمر ربما يكون مرجعه أعمق من ذلك.. وحسب المسيري فإن الخلط الذي تعانيه أذهاننا تجاه قضايا المرأة هو السبب، لأننا نتخذ مواقفنا في هذه الأحوال بناء على ما نستورده من الغرب والغرب ظل يقفز مرحلة إثر مرحلة، بدأ من مرحلة حقوق المرأة ومساواتها بالرجل (وهي المرحلة التي لا زلنا نقف عندها) وانتهاء بمرلحة التمركز حول الأنثى...
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: bashir adam abdalla)
|
الأخ بشير آدم عبد الله لك التحية ولك الشكر على الاهتمام والمتابعة وقد شغلتني متابعة موضوعات متفرعة عن مواصلة التعليق على مقال الدكتور المسيري.. وأعدك والأخوة الكرام بمواصلة التعليق من النقطة التي توقفنا بها سابقا وهي الخلط الذي يقع علينا في عدم المقدرة على التفريق بين ضرورة مناصرة المرأة وبين معاملتها بمساواة، لا تفرق بينها وبين الرجل مما يبيح أمكانية مواجهتها بوقاحة إذا هي سلكت هذا الطريق (حسب وجهة نظر من يتبعون هذا الرأي)..
وسنواصل بإذن الله
لك التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: عبد الله عقيد)
|
معليش يا عبدالله.... صدقني... كلام المسيري دا هنا..كلو كلام خارم بارم.. مافيهو أي ثمرة مافيهو أي زبدة... قصاراه تنطع باللغة العربية والإنجليزية، مختلطه فيه عليه أبجديات المفاهيم والقيم والموازين... ........... أنا قريتو كلو بتدقيق...لكن هو كلام إنشائي منمق أكثر من أي حاجة تانية... يمكن ينفع كنص ادبي راق، هذا قصاراه... أما أن يضع حلولاً ناجعة لمعضلات مثل قضية المرأة، أو أن يسمي أشياء قديمة بأسماء جديدة مقترحة لاتمت للواقع بصلة ولا للقضية بصلة.. فهذا أمر بعيد... بعيد... ............ صحيح قد يكون يا عبدالله أعجبت به أنت.. وهذه رغبة مقدرة من جانبي مهما كان.. لكنه مقال فوضوي اكثر من اي حاجة تانية... .......... بعدين المقال مطوي تحت جناحه وإهابه بصورة غميسة مطوى إعجاب بالذات لامبرر له,, ............ صدقني مافيهو شي يستحق يضاف لقضية المرأة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: عبد الله عقيد)
|
لماذا يضع المسيري احترازات مسبقة ويسعى لتوضيح موقفه بطريقة مباشرة؟
Quote: وأرجو ألا يُفهم من حديثي أنني أنكر وجود قضية المرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأنه لا يوجد درجات متفاوتة من التمييز ضدها، بل القمع لها. فأنا أعرف أن ثمة مشكلة، حادة وعميقة، تتطلب حلاً عاجلاً وجذريًّا، كما أرجو ألا يتصور أحد أنني أطالب بمنع المرأة من العمل في رقعة الحياة العامة أو نظير أجر نقدي، أو أنني أطالب بالحجر عليها عقليًّا وعاطفيًّا |
هل يسعى مثله مثل أي عضو بهذا المنبر تضطره الظروف إلى النقاش أو الحوار أو التخاصم مع إحدى العضوات.. إلى توضيح أنه ليس ضد حقوق المرأة ولا يؤيد قمعها.. و..و إلخ؟
ولماذا يعود في الآخر لتلخيص مطلبه الذي شرحه في متن المقال؟:
Quote: كل ما أطالب به أن يتم تناولنا لقضية المرأة من خلال قضية الأسرة وفي إطار إنسانيتنا المشتركة، وأن تكون الأسرة (لا الفرد الباحث عن متعته الفردية ومصلحته الشخصية وحركته الاستهلاكية) هي الوحدة التحليلية ونقطة الانطلاق؛ ومن ثم فأنا أطالب برد الاعتبار للأمومة ولوظيفة المرأة كأم وزوجة، وأرى أن هذه الوظيفة "الإنسانية" و"الخاصة" تسبق أي وظائف "إنتاجية" و"عامة" أخرى، وإن كانت لا تجبها. كما أطالب بالحفاظ على الخلاف بين الجنسين على ألا يتحول هذا إلى أساس للظلم والتفاوت. |
أم أنه يحاول التفريق بين مناقشة موقف جدلي عالمي هو التمركز حول الأنثى الذي تطور من المواقف السابقة التي ترتكز على تحرير المرأة وإعطاءها حقوقها؟
من تلخيص الدكتور المسيري لما يطلبه في آخر المقال، نجده قد ركز على أن قضية المرأة يجب أن يتم تناولها ضمن قضية الأسرة.. وبعيدا عن الفردية. ولكن التيار ما بعد الحداثي الذي يجتاح العالم بقوة حاليا يركز على (الفردية) ويعادي مبدأ الأسرة والأبوية أو ما يسمونه (البطرياركية) والتمركز حول الأب/الرجل. واجتياح هذا التيار لعقليات المثقفين في العالم أجمع تقريبا، وخصوصا العالم الغربي المستنير.. مهدت لها تيارات سابقة بدأت بالعلمانية، ومطالب تحرير المرأة والمطالبة بمساواتها مع الرجل.. وقد استوت الأرض تماما لهذه المطالب، وأصبحت أمرا لا جدال فيه.. بل أصبح أتباع الفلسفات والتيارات الفكرية التقليدية في الغرب والشرق يستميتون في محاولة تبرئة أفكارهم وموروثاتهم من العداء للمرأة أو قهرها. كما يستميت الدكتور المسيري في المقتبس أعلاه..
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: عبد الله عقيد)
|
عبدالوهاب المسيري وحركة النسوية
الأخ /الأستاذ عبدالله عقيد والمتداخلون الكرام سلام
على الرغم من تعاطفي كشرقي مع إتخاذ الأسرة كمعيار قيمي، وأتمنى في دواخلي أن تبقى الأسرة هي الوحدة الضابطة والباعثة على الأمن والطمأنينة وكواحدة من أهم آليات الأمن الإجتماعي ،إلا أن عقلي ينظر إلى الأمر بصورة مختلفة وأجد نفسي على النقيض من فرضية المسيري التي انطلق منها وسوف أجعل حديثي في شكل نقاط : • أتفق مع د. المسيري على أن الإنساني سابق على الطبيعي/المادي ،لأن الحياة صدرت من الله عز وجل وهو الإنسانية المطلقة ،ولكن عند التنزل بفعل الخلق تم الرد إلي أسفل سافلين وقضى الله أن تبدأ رحلة الصعود عكسياً ليعود البشر مرة أخري إلى الإنسانيّة التي صدروا منها،وسيتم هذا الأمر في مرتبة القدر، بتعبير آخر سيراً في التاريخ، مبتدئةً بالطبيعي وليس الإنساني،فالطفل آدم الذي يخلق كل يوم لا تكون له حاجات إنسانية إبتداءً وإنما حاجات طبيعية يمكن أن يقضيها من الماعز والقرود ثم تبدأ بعدها بمراحل عملية النضج العقلي والوجداني ويبدأ مرحلة الحاجة الفعلية للأنسنة التي هي التمدن بتعبير آخر،كما أن آدم الأول بدأ بممارسة حاجاته الطبيعية قبل وبعد أن أعطي العقل وأصبح مكلفاً من خلال هذه الحاجات ومثلت أول شريعة له، فكانت سبباً في تدهوره المادي والروحي ،ففي الجانب المادي جعلت له معيشة ضنكا ،وفي الثانية أبعدته من المصدر لعدم إستسلامه لأمر الله ،والكلمات التي تلقاها آدم من ربه هي التي ستساعده في العودة لأنها الخطة المرسومة له، أي الناموس ،وتوبة الله عليه هي منحه فرصة أخرى ليستعيد رغد حياته وعيشه ،وقربه ومكانته من المصدر ،وفق الخطة إلى مصير محدد . • يعترض المسيري على أن منظومة القيم والأخلاق هي ثمرة الصراع بين القوى المتوازنة . وأنا أرى عكسه تماماً ،فالواقع يقول أن موازين القوي هي التي تشكل مجموعة القيم المعاشة وليست التي نرغب فيها ونتمنى أن تحكم حياتنا ،فنحن نحب العدل والمساواة وأن نحب للآخرين ما نحبه لآنفسنا ولكننا لا نفعل ذلك إلا بقدر ما يكون لنا حاجة عند الطرف الآخر أوخوف منه ولا تؤثر فينا معرفة ولا مواعظ ،وإنما يؤثر فينا ( ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع -----------الآية) وهذا هو التوازن. • طبيعية الإنسان كسائر المخلوقات و تتحكم به الصيرورة أمر صحيح ولست أدري مالذي جعل الكاتب يعترض عليه خاصة عندما يؤخذ الجانب الذي أراده وهو القيمة العملية لهذا التميز والإختلاف ،وليس حجة إبليس: ( خلقته من طين وخلقتني من نار) فكل الأدلة تشير إلى أن الإنسان لا يختلف في ذلك عن شركائه على هذه الأرض إلا أن تكون له مصادر معرفية لم يطلعنا عليها ،أما القرآن والأحاديث تثبت هذا الأمر ،وما نحن ومصيرنا إلا مشيئة الله النافذة ولكن بصورة التبست على الدكتور فتصور أنه يملك مصيره ومشيئته وهذا في رأيي وهم لا يثبت عند التمحيص ،فالأمانة التي حملناها بظلم وجهل هي الإرادة في مقابل هوي النفس الذي طالبنا الله بمحاربته ولكننا فشلنا وأكلنا من الشجرة ( معطى) ،لأننا تصورنا أننا نملك أرادة مستقلة وهو الظلم لله، ويمكننا أن نفعل بها ما نشاء وهو الجهل بقدراتنا، ونفعل هذا الأمر يومياً وما زلنا نجاري هوى أنفسنا ومن خلاله يحركنا الله في الإتجاه الذي يريده أي إلى صيرورتنا،بعبارة ثانية من خلال لهاثنا خلف حاجاتنا الطبيعية(معطى) والتي لا نستطيع الإمتناع عنها يحقق لنا الله النصر على الهوي وإنما يكون ذلك بسبب الصراع على هذه الحاجات وحشد القوى بالتدبير من عنده أيضاً وعند توازن القوى يجعل القيم والأخلاق واقعاً (وما النصر إلا من عند الله )،ونذكر حديث هيغل عن الأرستقراطي والعبد فعلى الرغم من أن هوى النفس يفضل الإستعلاء ولا يرغب في المساواة بالآخرين نجد أن قيمة المساواة لم تتحقق إلا بعد مبارزة العبد للأرستقراطي وأوجد توازن القوى بينهما وبذلك نصر الله الأرستقراطي على هوى نفسه ولم يفعل ذلك بإرادته الحرة ،( ملاحظة أن الرغبة في الإعتراف بنا، معطي ولم نخلقه وهو بذلك حاجة طبيعية ) وهكذا يسوقنا الله إلى تحقيق النصر الكلي على مستوى قاعدة البشر وتتم المساواة بين الجميع في لحظة تاريخية يتم طبخها على نار هادئة، هي صيرورتنا فهل يستطيع الدكتور أن يوقف ذلك أو يغير قوانينه ؟ لا أعتقد ذلك ،إن الذي يحدث في واقع الحياة هو ما يتوافق مع الصيرورة وطبيعية الأشياء مهما فعلنا والأفكار العملية هي التي تأتي كتتويج للصراع بتوازن، وليست المثالية التي نتمناها ولننظر إلى مدينة أفلاطون الفاضلة وما طرحه القرآن الكريم والسنة في مستوى الأخلاق، كم مضى عليه من الوقت دون أن يصبح ثقافة منتشرة وقيما سائدة على مستوى قاعدة البشرية؟ وأصبح مجرد نماذج طلائعية عرفناها ولا نستطيع تطبيقها لإختلال موازين القوى ،فهل يستطيع المسيري أن يثبِت ويقيم هذا الإختلال ؟. • مما لا شك فيه، على الأقل بمعرفتنا الحالية، أن الإنسان هو مركز الكون لأنه الوحيد الذي يتمتع بدينامية تجعله يتحرك من العدم إلى الوجود تدريجيا ،وسبب ذلك عامل بيولوجي فسيولوجي(معطى) وهو العقل الذي يتم نموه تدريجياً وبنموه التدريجي ندخل الوجود( معطى) تدريجياً وإن كنا موجودين كمادة فنحن عدم لأننا لا نشعر بهذا الوجود وبدخوله يبدأ توهم الإرادة أيضا وتبدأ عملية الصراع بينها وبين هوي النفس ( معطى) ،وهذاالصراع تكون فيه الإرادة هي الطرف الأضعف وهوى النفس الطرف الأقوى لأنه ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ---- ) ويختل التوازن فتتدخل العناية الإلهية بفعل الناموس الموضوع سلفاً لنصرة الإرادة وهو مدها بقوة إضافية تنتج من عملية توازن القوى بيننا وبين اطراف الصراع الأخري على الحاجات الطبيعية، ولكن ليس بالإرادة التي لم تنفع آدم في الإمتناع عن الأكل من الشجرة، ولا إبنه قابيل من قتل أخيه في سبيل ما تهواه نفسه ، وتتقوى الإرادة وتتنزل القيم إلى أرض الواقع بفعل هذا الناموس وهو الصراع على الحاجات الطبيعية وما عبء الوعي التاريخي الذي يحمله الإنسان إلا تراكم وإستقطاب هذا الصراع ونتائجه وكلها تصب في خانة التسيير الذي يحيط بالإنسان وليس له منه فكاك، إلى تلك الصيرورة التي رفضها الدكتور . • أراد الكاتب أن ينتقد توجه الحركة إلى النسوية من خلال منطلقاتها المعرفية والتي في رأيي هي سليمة بغض النظر عن صحة أو خطأ توجهها وما تطالب به . ( أبوحمد )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: عثمان عبدالقادر)
|
الاخ الأستاذ عثمان عبدالقادر لك التحية أشكرك على هذا التناول العميق لطرح الدكتور المسيري والتوضيح المستفيض لرؤيتك لما يطرح في مقاله. ما استنبطه بشكل عام في قراءة أولى لمداخلتك أنك تتفق مع الدكتور المسيري في الخطوط العامة للرؤيا المتمركزة حول دور الأسرة، وضرورة النظر إلى المرأة من خلال الرابط الأسري أو (بمعنى آخر) أن من الخطأ التعامل مع المرأة مع استبعاد الرابط الأسري الذي يمثل أصلا ضابطا للأمن الاجتماعي وحاميا للفرد. كما أنك تتفق معه حول إنسانية الإنسان، وأن التعامل مع الإنسان ككائن طبيعي مادي مثله مثل أي كائن طبيعي آخر أمر خاطئ. كذلك تتفق معه حول مركزية الإنسان في الكون..
وهذه الأمور الثلاث هي أساس الخلاف بين الرؤيا الإسلامية (الشرقية) للمجتمع والأسرة والفرد، والإنسان بشكل عام، وبين الرؤيا الغربية (الحالية) لهذه الأساسيات. فهيغل (الذي تمثلت به) نفسه يعتبر بالنسبة لهم رجعيا في ما يختص بجدلية الإنسان-الكون، وإن كانوا يعتبرونه أستاذا لهم في مسائل أخرى.
آمل أن أعود بقراءة ثانية متأنية لمداخلتك القيمة بعد إكمال قراءة مقال الدكتور المسيري.
لك التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: النسوية، أو النسوانية.. التمركز حول الأنثى.. !! (Re: عبد الله عقيد)
|
حركة تحرير المرأة.. ومظاهر التمركز
كل من تشبع بثقافة الغرب وفلسفاته وقوانينه وحراكه الاجتماعي يتملكه الإعجاب بعبقرية (التفاصيل) في مكونات الإرث الفكري والثقافي الغربي.. قوانين حقوق الإنسان، بتفاصيلها، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق الحيوان وبقية القوانين والقواعد والثوابت الاجتماعية التي تضع لكل مشكلة حل..
ولكن عبقرية الحلول، تخفي وراءها عبقرية اختلاق المشكلات التي تحتاج لحلول. هذه العبقرية تتجلى في سرعة ارتفاع موجات التأييد لكل جديد في المجال الاجتماعي والثقافي والفكري.. وتتجلى في رفض القديم مهما كانت جدته.. ورفض أي فكر غير غربي، واعتبار ما يأتي من الخارج تراثا رجعيا متخلفا أنتجته أمم متخلفة موغلة في الارتكان إلى موروثاتها الخرافية غير المنطقية..
تتولد المشاكل، فيجتهدون في البحث عن حلول لها، جزءا جزءا، حتى الإغراق في أدق التفاصيل.. ولأخذ أمثلة عن عبقرية اختلاق المشاكل، التي أوجدت عبقرية الحلول نبدأ منذ نشوء حركات التحرر الغربي مع بدايات عصر النهضة، حين مارس الغربيون أحكاما مطلقة ضد الدين، وضد القديم، وضد الموروثات، عوضا عن محاولة معالجة أوجه القصور.
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|