|
قرنق مخاطبا الإحتفال بالخرطوم: أُحيي كل (التعبانين) ولأمهاتنا أقول: انتهى العذاب
|
الصحافة الحركة الشعبية تحتفل بالسلام في الخرطوم أمس
الجماهير لقرنق: وري وشّك .. دارفور.. دارفور يا دكتور
الخرطوم: يوسف سراج الدين ـ قرشي عوض احتشدت الساحة الخضراء بالخرطوم امس بآلاف الجماهير من الحركة الشعبية ومناصريها ، الذين توافدوا منذ الصباح الباكر ليوم امس من مختلف مدن وضواحي العاصمة واطرافها احتفالا بتوقيع اتفاق السلام النهائي ، وتشكلت لوحة استثنائية لتماذج ثقافي وسياسي للشمال و الجنوب، افتقدته الساحات العامة في البلاد لعقد من الزمان. ورددت الجماهير بجانب شعارات رفعتها علي لافتات مختلفة من الورق والقماش ، هتافات تمجد الحركة الشعبية وقادتها .. وهتفت كثيرا لقائدها الدكتور جون قرنق، الذي خاطب الاحتفال عبرالهاتف من نيروبي ، كما رددت هتافات تمجد السلام وضرورة عدالته مثل (دارفور.. دارفور يا دكتور). وهنأ قائد الحركة الشعبية د. جون قرنق في كلمته الجماهير بتوقيع اتفاق السلام بين الحكومة والحركة الشعبية ، ووعد بأن يكون سلاما شاملا للشعب السوداني ، وخص بتحيته من اسماهم (بالتعبانين) وكل الشباب والطلاب. وقال ، سنقوم مباشرة بتنفيذ الاتفاقية على ارض الواقع وبشراكة مع حزب المؤتمر الوطني ، مشيرا ان فترة (21) عاما مضت كانت البلاد تعيش في (مشكلة) الا انها ودعت المشاكل بتوقيع السلام ، لكنه قال انها ستمضي في مواجهة مشكلة جديدة هي التنمية. واضاف قرنق ، ان حركته ستركز في الجنوب ، خلال الفترة الانتقالية المقبلة ، على التنمية في الريف من خلال ترقية الخدمات في التعليم والصحة ببناء المدارس والمستشفيات والطرق ، وستسعى لربط اجزاء البلاد بالجنوب بخطوط للسكك الحديدية مع نيفاشا في كينيا. واكد ان الحركة تستصحب في برامجها التنمية في جبال النوبة وابيي وجنوب النيل الازرق، وقال انها سترسل وفودا في الايام المقبلة الى مدن واو وكادوقلي وجوبا وملكال لشرح اتفاق السلام ودراسة تنفيذه. وتوجه قرنق بالشكر والتحايا لاعضاء الحركة الشعبية بالداخل ، ودعاهم لفتح مكاتب للحركة في كافة بقاع السودان ، مضيفا ان اتفاقية السلام حققت الحريات ، وقال ان الجمهورية الاولي في السودان قد انتهت ، وبدأت الجمهورية الثانية منذ التوقيع على اتفاقية السلام امس الاول في نيفاشا. وتحدث في الاحتفال نائب الامين العام للمؤتمر الوطني مهدي ابراهيم ، والذي اعتبر توقيع الاتفاقية لحظة تاريخية تزامنت مع اعياد الاستقلال لتحقق استقلالا كاملا وغير منقوص. وقال ان السلام ما كان ليتحقق لولا عزم الحكومة والحركة الشعبية ، وان طه وقرنق قررا بارادة قوية وواضحة انهاء سنوات من التخلف والتأخر في السودان ، واضاف ان تحقيق السلام يتيح الفرصة واسعة لابناء السودان للتدافع في الاعمار ليحتل السودان مركزه القيادي بين الدول. واشار نائب الامين العام للمؤمر الوطني ، ان الشراكة التي امضتها الاتفاقية بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لن تقصي احدا ، ولم تأت لتكون ضد احد، وانها شراكة للجميع في سلام عادل وشامل ، واضاف نحن ننتظر عودة قادة الحركة الشعبية برئاسة د. جون قرنق لبناء السودان على اسس من العدالة والمساواة. وقال ان السودان يمتلك من الثروات المادية والبشرية ما يمكنه ان يصبح (الولايات المتحدة الافريقية) ، مبديا تفاؤلا كبيرا في ان يكون السودان مثالا للدولة الرائدة في افريقيا والشرق الاوسط، ويستطيع بتفعيل السلام بناء دولة جديدة وعصرية وديمقراطية . ومن جانبها ، طالبت المتحدثة باسم مؤتمر البجا الدكتورة آمنة ضرار بتحقيق السلام في كافة ارجاء السودان ، وقالت ان تحقيق السلام امانة في اعناق موقعيه ليكون عادلا وشاملا. وقالت: نريد ان يتحقق للبجا في شرق السودان ما تحقق للاخوة في الجنوب ، واعتبرت ان توقيع اتفاقية السلام يعد نصرا لكل المهمشين في السودان. ومن ناحيته ، خاطب ممثل الحركة الشعبية في الخرطوم اقوق ماكور الجماهير ، مؤكدا ان توقيع السلام سيحقق مباديء الحركة الشعبية وطرحها الاساسي في تحقيق سلام سودان جديد في الممارسة السياسية والعدالة والتنمية. وقال ان فكرة السودان الجديد ترتكز على مبدأين اساسيين هما التنوع الثقافي والتاريخ المعاصر ، واوضح ان التغيير الذي تنشده الحركة هو تغيير في المفاهيم السياسية القديمة ، مشيرا الى انه يتيح ممارسة الحريات في التنقل والتعبير والمشاركة في السلطة دون تمييز عرقي. واضاف ان الحركة ستدشن نشاطها التنظيمي قريبا بفتح مكاتبها بكافة ولايات السودان. ** مشاهدات من الاحتفال: على عكس كل التوقعات الرسمية والشعبية بحدوث انفلات امني في العاصمة السودانية انفضت احتفالات الحركة الشعبية كما بدأت بهدوء تام. ورغم ان شرطة مكافحة الشغب قد انتشرت على طول الشوارع المؤدية لمكان الاحتفال بكامل استعدادها تحسبا لأي طاريء ، إلا أن الاحتفال انفض بهدوء كما بدأ ، وخرجت طوافات الشرطة الصغيرة من داخل الساحة الخضراء وهي تحمل الجنود وهم يهتفون في عجلة وبصوت اجش (عاش السودان الجديد) كشكل من اشكال الدعابة مع الجنوبيين المنتشرين على جانبي الطريق ، مضفين بذلك جوا عائليا على الاحتفال ، وبادلتهم الجماهير الدعابة لدرجة ان احدى نساء الدينكا تجرأت وقالت لضابط صغير (تاني كشات مافي) . وفي داخل مكان الاحتفال انتشرت لجان التنظيم على طول الميدان وهي تتحدث مع الحضور بلغات مختلفة تطالبهم بالتزام النظام ، وكانت تعمل في انسجام تام مع رجال الشرطة. وجلست قيادات القطاعات المختلفة للحركة والاعلاميين وضيوف الحركة من الرسميين والدبلوماسيين علي المساطب الرئيسية خلف المنصة. الاشعار التي ترددت في مقدمة الحفل كانت من الادب اليساري الديمقراطي مثل اغنية مريم الاخرى التي يغنيها فنان الشعب الراحل مصطفى سيد احمد والقصائد الاكتوبرية للشاعر محمد المكي ابراهيم واشعار محجوب شريف، هذا الى جانب ان كل فعاليات الاحتفال كانت باللغة العربية التي تتخللها مفردات لغة الدينكا خصوصا عند الهتافات . اما الشعارات التي حملتها اللافتات القماشية فقد وصفت السودان الجديد الذي شكل لحمة الاحتفال وسداته بانه سودان من اجل اقتصاد قوي وارادة جماهيرية وخيار لمشروع وطني عادل ، واصفة اتفاقية نيفاشا بانها خطوة متقدمة في هذا الطريق. وقال بعض الذين استطلعناهم من ولاية النيل الازرق وجبال النوبة انهم يحلمون بخدمة مدنية قوية في السودان الجديد. وقالت بعض النساء في اتحاد نساء السودان الجديد ان السودان الجديد يعني لهن المساواة . لكن احد الحضور من (اويل) ببحر الغزال بدأ غير متفائل وقال : (اذا كان دائرين يقسموا لينا بلدنا فأهلا) اما بخصوص السلام فإنه يري ان بعض السودانيين لا يوافقون عليه ، وعن الانفلات الامني قال : انا شغال في السوق العربي والبلدية تصادر بضائعنا . واضاف (مشار) من بحر الغزال ان السودانيين يحبون بعضهم لكن في مجال العمل تختفي هذه المحبة في تعاملهم ونحن نتعرض للظلم ، وان نساءنا يتعرضن لحملات الشرطة بسبب بيع الخمور، وهؤلاء النسوة لديهن ابناء في الحركة الشعبية وبعضهم هاجر من السودان فجئن الى الشمال. واضطرتهن الظروف لممارسة هذه المهنة ليواجهن السجن والغرامة ، ويضيف مشار قائلا ان الحكومة تتعامل مع السلاطين ونحن نعتبر السلاطين (باعونا) للحكومة ، واذا جون قرنق اصبح مثل السلاطين فإننا سنعود للغابة مرة اخرى . ومطاردات السلطة في الاسواق يحسبها الجنوبيون علي العرب والسلام يبنيه الشعب لا قرنق ولا السلاطين. وفي خطاب ممثل الحركة الشعبية لخص (اقوك) الحرب في الاقصاء العرقي والتهميش وتكديس السلطة والثروة في يد الاقلية ، وطالب الحضور ان يصمتوا دقيقة حدادا علي ارواح الشهداء من الحكومة والحركة ، وقال ان اسرهم واطفالهم مسؤولية الحكومة. وفي حديث قائد الحركة الشعبية الهاتفي ، الذي استقبل بهتافات عالية ، قال قرنق ان عهد العذاب قد انتهى ، وقال احد الحضور مخاطبا العقيد .. (وري وشّك سريع).
|
|
|
|
|
|