|
صناع المعانآة في دولة الباشبزق / الحاج وراق
|
تناول الحاج وراق في عموده بالصحافة( مسارب الضي)
تناول وليومين متتاليين ،، كيف يصنع الأنقاذيون المعاناة وكيف ترهق الأنقاذ كاهل المواطن بالجبايات
من الدولة السيد إلى الدولة الخادم:
* لم تتوفر الموارد التي توفرت للانقاذ لأي نظام سياسي سابق في تاريخ البلاد، فاضافة الى موارد النفط، والتي تتهيأ هذه الايام للاحتفال ببلوغها 500 ألف برميل يوميا، في حين قفزت اسعارها الى اعلى مستوياتها في كل التاريخ، اضافة الى ذلك فهناك تصدير الذهب، وانسياب القروض من البنوك العربية والاسلامية منذ الاطاحة بدكتور الترابي في الرابع من رمضان 1999م والقروض والمنح الغربية خصوصا بعد التوقيع على اتفاقية السلام، وانهمار رؤوس الاموال الخليجية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وهروبها من البنوك الامريكية خوفا من احتمالات التجميد لأسباب سياسية! ولكن رغم كل هذه الموارد غير المسبوقة فإن حياة غالبية اهل السودان لا تزال جحيما يوميا! وجحيمية الحياة اليومية هذه ليست حكما من (اعداء الدين والوطن)! ولا هجاء من (اليساريين ) و (العلمانيين)! انها حقيقة معاشة، قد يغالط في انكارها (لمستفيدون) وقصيرو النظر، وقد لا يلاحظها المعزولون في الابراج السلطوية، ولكن يشهد بها كل مراقب موضوعي نزيه، وادناه شهادة نزيهة ، من مواقع الانقاذ، بل ومن مواقع الاشفاق والحرص عليها!! * كتب عثمان بوب رئيس اللجنة الشعبية بحي المايقوما محذرا الانقاذ (صحيفة الوطن بتاريخ 9/10/2005م): (... نوع آخر من صناع المعاناة هم المتحصلون الذين يقومون بقفل المحلات تحت التهديد بالسلاح واحيانا تصل المسألة لضرب التجار! والغريب ان بعض من اغلقت محلاتهم وتعطلت مصالحهم كانوا قد سددوا ما عليهم حتى نهاية العام 2005م، ورسوم النفايات في الاسواق بدأت تجمع تحت تهديد السلاح فالمتحصل يصطحب معه رجل شرطة يحمل كلاشنكوفا ويحمل اوامر قبض للتجار وقد وقفت على مطالبة لرسوم نفايات ستمائة ألف جنيه لمخزن اربعة امتار في اربعة امتار والتاجر في حضرة الكلاشنكوف دفع مبلغ مائتي وخمسين الفا من الجنيهات حتى اخلي سبيله وهكذا صناعة المعاناة. وفي موقع آخر رجل الشرطة يأخذ آلة دربكين ليعطل عمل الورشة لأنه لم يجد صاحب الورشة لسداد رسم النفايات ولولا تدخلي لذهب الدربكين ضمن المعروضات! والشرطة الشعبية هي الاخرى دخلت ميدان صناعة المعاناة واخذت تجبر التجار لدفع رسوم البطاقة وهي خمسة عشر الف جنيه تحت التهديد والضرب (جملة اعتراضية من الكاتب ، لاحظ (الضرب)! ومع ذلك يطلبون مزيدا من الحصانات!!) وقد وقفت على حالة ضرب لأحد التجار ووصلت لموقع بسط الامن الشامل الذي كاد ان يفاقم المشكلة!. وشرطة الدفاع المدني بدأت في نفس الوقت على المتاجر والمطاعم وتتحصل رسوما تصل الى خمسين الف جنيه، والتجار اصحاب الاعمال يعتبرون ان الزيارة الميدانية هي جزء من طبيعة عمل مقدم الخدمة ولكنها صناعة المعاناة! وفي موقع آخر لصناعة المعاناة قمت بزيارة لمركز صحي المايقوما والذي تتولى محلية الخرطوم امر صيانته بما قيمته مئتان واربعون مليون جنيه ورغم هذا المستوى من التأهيل توقف الجانب العلاجي تماما لأن المسؤول المحترم لم يتكرم بسداد قيمة الكهرباء فتوقف العمل لثلاثة ايام ولا ندري سببا غير انها هواية صناعة المعاناة... ... وفصيل آخر من صناع المعاناة في مجال تربوي هم قلة من مديري المدارس يفرضون الرسوم النقدية والعينية مثل الاسمنت والمراوح وخلافه ويقومون بطرد التلاميذ احيانا). ويختتم رئيس اللجنة الشعبية حديثه قائلا: (ان صناع المعاناة في الولاية اصبحوا يمثلون السلطة الحقيقية التي تباشر المسؤوليات في مواجهة الاهالي وهذه الشريحة الخطيرة تعتقد انها تمتلك كل السلطة ولها الحق في كل الثروة التي تتحصل عليها من المواطنين والتجار واصحاب الحاجات والخدمات! والمواطنون اصبحوا كالايتام لا وجيع لهم... وتنبيه اخير ان صناع المعاناة هؤلاء يمكن ان يكونوا سببا في افشال اتفاقية السلام بحالها ويمكن ان يكونوا مدخلا للتحريض واثارة الاهالي ويمكن ان يشكلوا شراكة ذكية مع حلف المعارضة!). * وغني عن القول ان ما يحدث في المايقوما ،وهي على بعد (فركة كعب)، عن مركز السلطة في الخرطوم، يحدث كذلك وبأضعاف مضاعفة في اقاليم البلاد المختلفة! والسبب في هذا الجحيم اليومي واضح، فالسلطات غير المنتخبة من المواطنين، وغير المراقبة منهم ، والتي لا يتوقف بقاؤها في السلطة على رضا محكوميها، مثل هذه السلطات غير الديمقراطية تتصور علاقتها بمحكوميها كعلاقة (سيد) بأرقائه، يفعل بهم ما يشاء وكيف ومتى شاء! * اذن فالسبب يتعلق بطبيعة نظام الانقاذ، وهي خلافا للنظم العسكرية الاخرى التي تعاقبت على البلاد ، نظام ذي ايدولوجية مغلقة ، ولهذا وبالشطط المصاحب لمثل هذه الايدولوجيات ، وصلت بخصائص النظم العسكرية الى منتهاها، الى تتمتها ونتيجتها المنطقية الصافية، - دون تحفظ، ودون لبس ! واذا كانت النظم العسكرية العادية، والتي يؤرقها غياب الشرعية الانتخابية، تبحث عن شرعيتها في الانجاز، فإنها عادة ما تصلح هذا الجانب او ذاك في حياة الناس اليومية ، بل وكثيرا ما تقيم (اهرامات) دعائية ، خصوصا في مراحلها الاولى، تبرر بها وجودها! وكذلك فإن مثل هذه النظم تقوم على تعاقد ضمني بينها وبين مواطنيها - على مقايضة الخبز بالحرية ، اي انها توفر السلع والخدمات لقاء تنازل المواطنين عن حرياتهم لها! ولهذا تطور هذه النظم حساسية (امنية وسياسية) تجاه مطالب الحياة اليومية للمواطنين ، والهدف من ذلك الا تتطور أزمة في السلع اوالخدمات ، فتتحول الى أزمة سياسية تتعدى المطالب الجزئية الى المطلب الكلي بالحرية! * وتتجلى ازمة النظم العسكرية من جهتين ، فمن جهة فإن المواطنين، عاجلا او آجلا ، لابد وان يزهدوا في مقايضة حريتهم مقابل اي شيء آخر ، حتى ولو في مقابل توفير كل مقومات الرفاه ، وذلك لأن التوق الى الحرية والكرامة يشكل أحد اهم خصائص الكائن الانساني ، بل وفي حدود معينة يشكل احد خصائص الكائنات الحيوانية كذلك، حيث ان الحيوانات تفضل الحرية مع مغامرة العيش في البراري الموحشة ، تفضلها على الوجود في اقفاص حدائق الحيوانات المرفهة حيث تعلف صباحا ومساء!! واما الجهة الثانية فتتعلق بطبيعة النظم العسكرية ، وما يترتب على غياب الشفافية والمراقبة والمساءلة، مما يؤدي الى فشل هذه النظم بعد فترة معينة في توفير السلع والخدمات الاساسيتين، وذلك لأن اداء المؤسسات غير المراقبة يجنح نحو التدهور المستمر ، اضافة الى موارد البلاد، وبدلا من توجيهها نحو التنمية وتوفير الخدمات ، يتم توجيهها وبصورة متعاظمة نحو اولويات الطغم الحاكمة - نحو الصرف على جهاز الدولة، والصرف السياسي وعلى الامن والدعاية، والاهم ان الفساد وهو بالوعة الموارد في العالم الثالث، يستشرى ويزدهر في البيئة غير الديمقراطية وغير الشفافة ، تماما كما يحتاج اللص الفردي الى الظلام، فإن الفساد يحتاج الى ظلام الديكتاتوريات!! * هذا فيما يتعلق بالنظم العسكرية عموما ، اما الانقاذ فقد القمت المدافعين عن النظم العسكرية حجرا ثقيلا، وذلك، لأنها ورغم انجازات معينة الا انها وبصورة عامة لا تعترف بأي علاقة تعاقدية مع مواطنيها ، بما في ذلك علاقة مقايضة الحرية بالخبز! انها تعترف بعلاقة غير تعاقدية - علاقة الاسترقاق اي علاقة الدولة (السيد) بخدمها من المواطنين! وغدا اواصل بإذنه تعالى..
|
|
|
|
|
|