|
أركـــــان الجـــريـــمــة!/ الحـــاج وراق
|
أركان الجريمة!
الحاج وراق
الصحافة
إلى أن يقضي الله تعالى أمراً كان مفعولاً، فإن الشراكة مع الانقاذ لها قانون حديدي لا يتخلف: كل من صافحها وجد يده وقد نقصت أصبعاً! هذا ما حدث مع شركائها في اتفاقية الخرطوم للسلام (ريك مشار، وكاربينو، ولام أكول)، وحدث مع حزب الأمة بعد اتفاقية نداء الوطن، ومع مبارك الفاضل حين اختار أن يقسم حزبه ليلتحق بها فجرعته ذات الكأس التي جرعها ابن عمه! وكذلك حدث مع الشريف زين العابدين الهندي حين أراد أن يستجير من (القفطان) بالكاكي، والشريف لا يختلف عن الآخرين إلا في استسلامه القدري لانتزاع حزبه من بين أياديه! بل ان الحركة الإسلامية التي دبرت الإنقلاب، قد جرى عليها نفس القانون اللعنة، فوجدت أصابعها تقطع بعضها بعضاً! والكارثة المحدقة بالبلاد أن ذات قانون شراكة الإنقاذ يفعل فعله حالياً في مواجهة الحركة الشعبية، ولكن هذه المرة، فإن يد الحركة الشعبية ليست وحدها التي ستفقد أصبعاً، وانما يد الوطن نفسه! * لماذا يحدث ذلك، وبصورة متكررة؟ ان انجاح أية شراكة يقتضي، ضمن أسباب أخرى، قيما محددة، أهمها الاعتراف بالآخر، وبمشروعية مصالحه، وبالتالي السعي إلى التوفيق بين مصالح الأنا والآخر، ومثل هذا البحث عن القواسم المشتركة يستوجب هو نفسه قيماً معينة، كقيم العقلانية، ونسبية الحقيقة (بمعنى أن الأنا تمتلك حقائق وكذلك الآخر يمتلك حقائق). وقيمة تفضيل الحلول الوسط (أي الحلول التي تحقق مصالح الأنا وفي نفس الوقت مصالح الآخر)، ومثل هذه الحلول الوسط، لابد وأن تتأسس على العقلانية من جانب، ومن الجانب الآخر على القناعة بأن تحقيق مكاسب شاملة ومطلقة على حساب الآخر لابد وأن يؤدي إلى فقدان الآخر، والى فض الشراكة، وفي النهاية الى فقدان شامل ومطلق للمكاسب المستهدفة، بما يعني أن الشراكة لابد وأن تتأسس على حساب (الآجل) أيضاً وليس على حساب (العاجل) وحده! وهذه القيمة الأخيرة، انما تقوم عليها كامل القيم الأخلاقية، فما من مبدأ أخلاقي، إلا خسارة آنية لأجل مكاسب أخرى آجلة وأكثر ديمومة. فمن يمتنع عن السرقة، يتنازل عن مكسب آني يمكن أن يتأتى بالسرقة، لقناعته بأن مكاسب هذا الامتناع على المدى الطويل أفضل وبكثير من المكسب الآني! وبالنسبة لحركة تدعي الانتساب الى الإسلام، فإن تفهم أهمية حساب العاجلة والآجلة معاً، ليشكل مسألة بديهية، فهذا ما تقوم عليه الأديان ومن بينها الإسلام، أي على ضرورة اخضاع السلوك في الحياة الدنيا (العاجلة) لمقتضيات المكاسب الآجلة والأكثر ديمومة (الحياة الأخرى)! ولكن، هل ترى تغرف الحركة الاسلامية الإنقاذية قيمها من نبع الدين؟! لا اعتقد ذلك. * مصادر الإنقاذ القيمية ثلاثة، أولها، الآيديولوجية القائمة على الانغلاق العقائدي، وفيما يتعلق بموضوعنا، أي القيم اللازمة لانجاح أية شراكة، فإن الانغلاق العقائدي لا يعترف بحق الاختلاف، وبالتالي فانه حتى حين يقر بوجود الآخر، فإنه لا يعترف له بمشروعية حقائقه ومصالحه، أي انه لا يعترف بالآخر إلا كإبليس أو شيطان، يقر له بالوجود، ولكن تصحبه اللعنات وحصى الرجم! وحين يضطر الانغلاق العقائدي اضطراراً إلى الاعتراف بالآخر، فإنه اعتراف ينطلق من فقه «التدابير»، أي الاعتراف الموقوت كحيلة تاكتيكية، ريثما يتم اقصاؤه أو اخضاعه اخضاعاً كلياً! ثم ان الانغلاق العقائدي، وحتى حين يكون مخلصاً وصادقاً لدى القواعد، فإنه غير مؤهل لتقديم القيم اللازمة للعيش المشترك في الحياة المعاصرة، ولذا فإن نهايته المنطقية ان يدفع الى «إراقة كل الدماء»، بما في ذلك دم الذات في العمليات الاستشهادية، ذلك ان القيم التي لا يمكن عيشها في الحياة العاجلة، تجعل استعجال الذهاب الى (الآجلة) الخلاص الوحيد! هذا لدى القواعد، وأما القيادات، فإنها توجه انظار قواعدها والآخرين نحو السماء، لتتفرغ هي للغف (المطايب) على الأرض! * وأما المصدر الثاني لقيم الانقاذ، فمن قيم الاجهزة العسكرية والامنية، وهي قيم في تجليها اليومي تركز على الأوامر والطاعة، ولهذا فإنها، وبرغم اهمية قيمها في الحرب، إلا انها تعجز عن رؤية الآخر كشريك وكند، انها تراه رئيساً أو مرؤوساً، مصدراً للأوامر أو متلقياً لها! وأما في جانبها العملياتي، فإنها تقوم على رؤية الآخر كعدو، والذي إما تجري تصفيته، أو اخضاعه اخضاعاً كلياً ب(وش الككو) و(التفسيح)!! * وأما المصدر الثالث لقيم الانقاذ، فهي قيم السوق الطفيلي، قيم (جرادة في الكف ولا ألف طايرة) وقيم (حقنا وينو؟ حقنا بره) و(قطع ناشف)! انها قيم الفئات الطفيلية التي لا تعمل في الصناعة أو الزراعة أو الخدمات الأساسية، وانما (تلغف) مداخيلها من السمسرة والعمولات! وهي فئات لاتعرف التخطيط، ولا العقلانية، ولا الحساب الآجل، كل (صفقة) بالنسبة لها صفقة منتهية في ذاتها، ولهذا فإنها تعتمد الفهلوة والخداع، وتضع الزبون أو المتعامل معها في موضع (الرهينة) التي يتم استغفالها وحلبها إلى أقصى مدى ممكن! ولهذا السبب فإن المصطلح الدقيق لنشاط هذه الفئات الطفيلية هو (اللغف)، فاللغف بما هو متوحش وهمجي، يختلف عن الأكل الطبيعي، فالأكل يتم بالشوكة والسكين أو بالأيادي بعد غسلها، أي يتم بالصبر وتوسط الأدوات، فيشبه بذلك أرباح الرأسمالية المنتجة التي تخطط، وتجهد، وتقيم مشروعاتها لتحقق مكاسبها، وأما الفئات الطفيلية فمكاسبها تنتج عن (الصفقات) و(الخبطات) و(الضربات) و(اللبعات)، إنها عمليات لا يسبقها تخطيط بالمعنى العقلاني، وانما تسبقها «تدابير» للاحتيال، ولا يتوسطها صبر ولا زمن، انها (لغف) مباشر، بالفم، دون أيدٍ ودون شوكة أو سكين! وغنى عن القول إن مثل هذه الفئات الطفيلية لا يمكن ان تتفهم أهمية التخطيط السياسي، كما لا يمكن أن تتفهم ضرورة التنازل في اطار شراكة سياسية ما عن مكاسب آنية لأجل مكاسب آجلة وأكثر ديمومة! وأواصل غداً بإذنه تعالى
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أركـــــان الجـــريـــمــة!/ الحـــاج وراق (Re: ahmed haneen)
|
اركان الجريمة (2)
يصلح التشكيل الوزاري أنموذجاً لذهنية (اللغف) في المجال السياسي، فما الفائدة التي تحققت للبلاد من اصرار المؤتمر الوطني على أخذ وزارتي المالية والطاقة؟! لو كان الأمر أمر عدالة لأكتفى بواحدة منهما، أو امر اعتبارات عملية لأعطى الطاقة للحركة الشعبية، فغالبية النفط من مناطق الجنوب، وله نصف العائدات، التي تشكل أهم موارد ميزانية حكومته، هذا إضافة الى مطلوبات بناء الثقة، لاعطاء اشارة بتجاوز التقاليد القديمة بتوزير الجنوبيين في الوزارات الهامشية، وكذلك لطمأنته بأنه يأخذ نصيبه كاملاً وبصورة شفافة. ولو كان الأمر أمر الحفاظ على تراكم الخبرات لدى الدكتور عوض الجاز، فكان من الممكن تحقيق ذلك بتعيينه كوزير دولة لوزير من الجنوب. ولكنها عقلية (الكنكشة)، كنكشة اختزلت تنظيماً بحاله فيما لا يزيد عن الخمسين شخصاً يتداولون الدولة منذ بداية الإنقاذ وحتى الآن! وبعد أن دخلت البلاد طوراً جديداً باتفاقية السلام، فشلت الإنقاذ، ليس فقط في تغيير سلوكها السياسي، وانما حتى في مجرد تغيير الوجوه! كأنما تحولت القيادات المتنفذة الى ثوابت اضافية من ثوابت الإنقاذ! * وقد أدت عقلية الكنكشة هذه الى تضخيم عدد الوزراء والمستشارين، والى تضخم الصرف السياسي والإداري، ومن المؤكد انها تؤدي الى ركود الأداء السياسي والتنفيذي في الحزب الحاكم وفي الدولة، خصوصاً في بيئة متغيرة، وكذلك تؤدي الى اغلاق أبواب الإصلاح، والأهم، أنها تؤدي وقد أدت فعلاً الى اضعاف احتمال تأسيس شراكة حقيقية مع الحركة الشعبية، فأية شراكة هذه التي لا تعنى مشاركة مقدرة في مظان السلطة الحقيقية؟! وبالطبع فإن مثل هذه الكنكشة قصيرة النظر، تؤدي في النهاية الى نقيضها ـ فالجنوبيون الذين يضجون بالشكوى حالياً من عدم شفافية حسابات النفط، ومن عدم الايفاء بتسديد مستحقاتهم المقررة، سيقررون حين تأتي لحظة الاختيار كامل السيطرة على نفطهم، بما يعني اختيار الانفصال! أي انها تؤدي الى فقدان موارد النفط نهائياً بعد ست سنوات! فأية عقلية سياسية هذه التي توجه مصائر البلاد؟! * ان بناء الاوطان يتطلب التضحية والايثار، وبناة الاوطان الحق يشيعون مثل هذه القيم بارتفاعهم أنفسهم فوق الأنانية الفردية والفئوية والحزبية والقومية، فأي أناس هؤلاء الذين تدفعهم عصبويتهم الحزبية، ليس فقط الى الاضرار بمصالحهم الآجلة، وانما كذلك للاضرار بمصالح بقاء بلادهم موحدة؟! * وأما نتائج هذه الأنانية قصيرة النظر على الحركة الشعبية فواضحة، لقد وضعتها في المصيدة: اما أن تخاطر بالتضحية باتفاقية السلام، وهو ثمن عزيز، او يتنازلوا عن رؤيتهم لبناء سودان جديد فيكظمون غيظهم حتى نهاية السنوات الست ليختاروا الانفصال، او ينزلقوا في قشرة موزة التنازلات المتكررة للمؤتمر الوطني، فيخسروا تأيدهم الشعبي تدريجياً، وتتسع بالتالي مساحة التململ وسط قيادات وكوادر الحركة، مما يؤدي، مع أسباب أخرى، أهمها مممارسات الضرب تحت الحزام، بالاختراق وشراء الذمم والتخريب النفسي ـ يؤدي الى قسم صفوف الحركة الشعبية! وستفضي كل هذه الاحتمالات في النهاية الى تقسيم البلاد، والى اغراق الجنوب في الفوضى، وبالتعدي الى الإضرار بالشمال وبحاكميه، أقله بإضاعة مداخيل النفط، وبدفع اكلاف موجات نزوح جماعية، وأكلاف الأثر المعدي لعدم الاستقرار مما يشير الى أن هذه النتائج لا يمكن أن يدفع باتجاهها سياسي مسؤول تهمه مصائر البلاد! * ولا تقتصر الأنانية الشرهة على طرائق ادارة القضايا الكلية، كتشكيل الحكومة المركزية، ومفوضية النفط، وترسيم الحدود، وانما تتعدى ذلك الى الجزئيات، والى تفاصيل ادارة الشراكة اليومية، وأبلغ انموذج لذلك، ما جرى مؤخراً في قضية تعيين وزير الحركة الشعبية في الولاية الشمالية بحسب الأنصبة المتفق عليها في الاتفاقية، فقد قررت المكاتب السياسية للحركة في كل الولاية ترشيح عثمان كنون لشغل المنصب، واعتمدت الترشيح لجنة الاختيار التابعة للحركة، وثنت عليه لجنة العشرة وهي اللجنة القيادية المختصة باجازة الترشيحات، ثم قدمته للمؤتمر الوطني، ولكن المؤتمر رفض الترشيح، لأسباب واضحة، فالمرشح شريك قوي - له قاعدة شعبية واسعة، وله قدرات ادارية، وقدرات مالية - ولكن المؤتمر يفضل الضعفاء، رفضه في البداية بدعوى انه شيوعي! وحين اتضح تهافت مثل هذه الذريعة، حيث يعرف أهل المنطقة المترابطين اجتماعياً الانتماءات الحقيقية لبعضهم البعض اضافة الى ان مؤسسات الحركة الشعبية هي المؤهلة وحدها لتقرير مرشحها، غض النظر عن رأي الآخرين فيهم، حين اتضح التهافت ،بدأ التخريب: يأتي فجأة مرشح آخر، من خارج مؤسسات الحركة، ولشخص كان الى وقت قريب من المعروفين بانتسابهم للمؤتمر الوطني(!) ويتم تعيينه بسرعة في منصب وزير الحركة الشعبية! شطارة؟ فهلوة؟ احكام (تدابير) فقه التمكين؟ أياً كان ما يدعون فإنه ينم عن قصر نظر بعيد، قصر نظر يجمل الحديث عن بناء الثقة مجرد مضمضة شفاه! * ثم ان الاتفاقية تدعو بنصوص واضحة الى نشر ثقافة السلام، وهي مهمة حاسمة وجوهرية، فالسلام لا يبنى في الاوراق بالنصوص والمراسم وانما يبنى بالأساس في العقول والأفئدة، وقد اكتسبت مهمة نشر ثقافة السلام أهمية اضافية بعد احداث الاثنين والثلاثاء والتي كانت تستوجب تعبئة كل امكانات الدولة الاعلامية والتربوية لغسل المرارات المتراكمة في الماضي والمتراكمة حديثا، ولكن بدلا من ذلك، تمد الانقاذ حبال تواطئها واسنادها السري لمنابر التحريض والكراهية! بدعوى الانتباهة في زمن الغفلة، وهي في الحقيقة تنبيه لمراكز الغرائز والتعصب والتي لن تنتج الا تعصباً مضادا! * وبالنتيجة فإن المؤتمر الوطني، برؤيته الفكرية والسياسية، وبثقافته وقيمه الحاكمة، يتناقض وبقاء الوطن موحدا! بل ان وحدة البلاد تشكل عبئاً فكرياً وسياسياً ونفسياً عليه، لا قبل له به! وللمفارقة، فإنه اذ يستشعر ذلك، لا يدرك حقيقة انه يدفع الى ارتكاب أكبر جريمة في حق الوطن، أي جريمة تمزيقه، لا يدرك فيستدرك، وانما يسدر في غيه، فيتواطأ مع ويدعم منبراً للتحريض الجاهلي، لهدف واضح، ان يصور (الجريمة) باعتبارها (إنجازاً) تاريخياً!!! ألا فليحفظ الله السودان!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أركـــــان الجـــريـــمــة!/ الحـــاج وراق (Re: ahmed haneen)
|
يا سلام علي الحاج وراق منذ زمن ازداد حبا له ولسرعة بديهيته وذكائه
فكان بالنسبة لي انموزج للشفافيىة والعلم والله يزيدو
وهؤلاء القصر كل من يشاركهم ياتي الينا نحن الشعب باكيا حافيا
وعدم البصر والبصيرة مشكلة كبيرة
هسع النظام الجربان ده يحتاج لزينة وتتختا وين هل اصبح له
موضع للتزين كفاية لعب علي الشعب يا حكومة ومعارضة برلمانية
مختارة من قبل الملك والملك غايب في الركايب يفتش له عن
عروس شهيد او جريح بئس المال والال
| |
|
|
|
|
|
|
|