مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 12:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ناذر محمد الخليفة(ناذر محمد الخليفة)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-22-2007, 11:08 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير ..


    فى أثر السودانيين المتسللين عبر الحدود المصرية ...
    مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! «1 »

    غير ما تتناقله وكالات الانباء بكثافة عن السودانيين المتسللين عبر الحدود المصرية الى اسرائيل ، كانت هذه القضية مثار جدل محموم فى مجالس السودانيين و اصدقائهم المصريين فى القاهرة ، وكذا محط اهتمام الصحافة المصرية و العربية وقبلهم لدى الرأي العام السودانى ، سوى ان هذا الاهتمام فى مجمله كان ينصب على الجانب الامنى من القضية فقط بالتركيز على ان مؤامرة ما وراء حالات التسلل الكثيفة الى اسرائيل و كذا الحالات التى تم ضبطها من قبل حرس الحدود المصرى و تمت محاكمتها واودعت السجون المصرية ومحاولة ربط هذا بتطورات الأزمة فى دارفور ، لذا فقد كانت اغلب التغطيات نقلا عن مصادر امنية مصرية ، ولم تهتم اجهزة الاعلام المختلفة بالجوانب الانسانية لأزمة اللاجئين و لا بسقوط ضحايا او جرحى بينهم برصاص السلطات المصرية او عن طريق عصابات البدو التى تهربهم الى داخل اسرائيل ، او تكترث لاستنطاق اى من المحكومين باسرائيل ، بعد ان سدت مفوضية الامم المتحدة للاجئين فى وجوههم باب الامل بتوطينهم فى بلدان العالم الجديد امريكا ، كندا ، استراليا !! او بالوقوف ميدانيا على ملابسات تلك المخاطرة بالحياة و الحياء من اجل الحياة !! .
    البحث عن ثغرة !
    ولان هذه اول زيارة لى الى مصر فقد كنت حريصا على التدقيق فى سبيل امن بعض الشئ يجعلنى على المام دقيق بتفاصيل قضية السودانيين المتسللين عبر الحدود المصرية ، لكن كانت معظم الاجابات تأتينى بان هذا الملف فى يد سلطات امن الدولة و هى جهة يصيب ذكرها السامعين بالرعب فى مصر ، وان الوصول اليها محفوف بتعقيدات كثيرة ، ولم تحدث نفس احد من الصحافيين هناك بالذهاب الى منطقة الحدود لاستجلاء الحقيقة من مظانها سوى صحافية سودانية ناشئة اسمها رفيدة تعمل فى صحيفة «24 ساعة» و هى صحيفة حديثة الصدور و توزع مجانا يرأس تحريرها سمير رجب ، رئيس التحرير السابق لصحيفة الجمهورية ، قالت لى انها فكرت فى ابعد من ذلك، و لكنها كانت تصطدم بحاجز الخوف و انعدام الرفقة المأمونة . التقيت باثنين من مسؤولى المنظمات التى تعمل فى خدمة اللاجئين السودانيين بمصر هما تاور وبطرس ، احدهما «تاور» لديه دراسة مقدمة الى الجامعة الاميريكية بالقاهرة تتناول قضية المتسللين الى اسرائيل ، ورغم كم المعلومات التى بحوزتهما الا انهما لم يصلا الى منطقة الحدود مع اسرائيل او يلتقيا بالمتسللين ، ولكنهما اخبرانى ان الجهة الوحيدة التى استطاعت الوصول الى المتسللين المسجونين هى مكتب الحركة الشعبية بمصر ، وتصادف ان كان ذلك اليوم يصادف الا حتفال بالذكرى الثانية لرحيل زعيم الحركة التاريخى و النائب الاول لرئيس الجمهورية السابق الدكتور جون قرنق ، بدار حزب الوفد بالدقى ، فذهبت برفقتهما الى هناك ، وتعرفت الى اسامة احد الشباب النشطين بالمكتب و نقلت اليه رغبتى فى الذهاب الى سيناء و مقابلة السودانيين المعتقلين ، وعدنى خيرا و اتفقنا على اللقاء بمكتب الحركة بعد ايام .
    اختراق !!
    فى مكتب الحركة عرفنى اسامة بالامين العام للحركة الشعبية بمصر ، نصر الدين كشيب ، و الذى تجاذب معى اطراف الحديث حول القضية و وعدنى خيرا بتسهيل مهمتى الى سيناء و قام بدوره بتعريفى الى مضال اقوير وهو قانونى شاب يشغل موقع سكرتير المنظمات الفئوية و الجماهيرية للحركة بمصر و مكلف فى الوقت نفسه بملف اللاجئين السودانيين، الامر الذى جعله يقوم بعدة رحلات الى سيناء قصد فيها بلدتى رفح و العريش على الحدود مع اسرائيل و التقى بالمتسللين القابعين فى الحراسات المصرية . و تعرفت ايضا الى بولس لوال ، وهو مساعد مضال فى ملف اللاجئين السودانيين ذهب ايضا عدة مرات الى سيناء ، ابدى الرجلان استعدادا عاليا للتعاون معى فى مبتغاى و بعد تنوير لمدة ساعة تبادلنا ارقام الهواتف النقالة و وعدانى بالاتصال بى قبل يوم من موعد سفرنا الى سيناء ريثما تكتمل الترتيبات الخاصة بالاذن من امن الدولة فى مصر . بعد اربعة ايام اتصل بى اسامة ليخبرنى انه استخرج الخطاب من المكتب بأسماء ثلاثة اشخاص انا رابعهم وانه ذاهب الى امن الدولة لتصديقه و سيكون سفرنا غدا صباحا . و عصر ذات اليوم اتصل بى بولس لوال ليخبرنى ان الخطاب بحوزته الان و ان تحركنا سيكون فى السادسة صباح الغد لان الرحلة الى العريش بشمال سيناء تستغرق ما بين ست الى سبع ساعات حسب نوع الدابة التى سنستقلها ، و اتفقنا على ان نتوافى فى محطة المرج الجديدة و هى اخر محطات مترو الانفاق باتجاه المرج . التقيت سمارى من المثقفين و الصحافيين السودانيين و المصريين حيث اعتدنا على السهر بأحد مقاهى القاهرة الهادئة نسبيا و اخبرتهم باننى مسافر «الدغش» الى العريش على الحدود المصرية الاسرائيلية فى اثر السودانيين المتسللين ، ابدى معظمهم قلقلا تجاه العواقب المحتملة و سألونى اذا ما كانت كل اوراقنا مكتملة و ان نكون اخطرنا الجهات الا منية المصرية ، فأومأت اليهم بالايجاب ، و تمنوا لى التوفيق .
    فى الطريق الى سيناء
    وصلت فى الموعد المحدد الى المرج الجديدة ، طلب منى بولس البقاء داخل اسوار المحطة وو صل بعدى بنحو ربع الساعة ، خرجنا لنجد السلطان اواو ارياط فى انتظارنا ، وهو سلطان منطقة اويل بولاية شمال بحر الغزال بجنوب السودان ، و اخبرنى انه يقصد العريش لتفقد بعض من ابناء منطقته ممن وقعوا فى اسر السلطات المصرية للاستماع الى مطالبهم و تقديم ما تيسر من عون و اخطار اهاليهم بما حل بهم ، اخذنى السلطان لتناول شاى الصباح فى المقهى المطل على موقف العربات ، وطلب منا بولس البقاء به ريثما يذهب الى داخل محطة المترو ليأتى برابعنا فى الرحلة . بعد ربع الساعة عاد بولس برفقة فاولينو ، و هو من ابناء قبيلة الشلك قال لى انه يود الذهاب الى هناك لزيارة زوج شقيقته المحكوم بالعريش .
    وقفنا امام مكتب الترحيلات ، كان كلما تأتى عربة اجرة و نسأله يعتذر بأنه غير ذاهب الى العريش .. و ما ان نتركه حتى يتفق مع مصريين او فلسطينيين و يرحل بهم ، تضايقنا جدا من ذلك ، و فسرت الامر بينى وبين نفسى على ان سائقى العربات ربما ظنوا من خلال ما نما الى علمهم عن السودانيين اللاجئين بمصر و ظروفهم القاسية اننا لا نمتلك قيمة الاجرة من القاهرة الى سيناء و البالغة 17 جنيها للراكب الواحد ، بينما ارجع بولس ذلك الى سلوك عنصرى تجاه السودانيين بصورة عامة . ذهبنا الى سائق عربة اجرة آخر و سألناه فأجابنا انه ذاهب و لكن بعد تحرك العربتين اللتين تقفان فى النمرة قبله و كانت الاولى تحتاج لراكب واحد و الثانية لراكبين ، و لم يمض سوى وقت وجيز حتى شحنتا و خرجتا من الموقف وعندما هممنا بالركوب اخبرنا انه غير ذاهب لانه مرهق و يريد ان يرتاح ، تركناه بغضب و لكنا رأيناه يخرج من عربته و يذهب لمفاوضة مجموعة من النساء !! . بقينا على حالنا تلك حتى الساعة الثامنة و النصف عندما و صلت عربة مرسيدس حمراء من طراز قديم و لكنها بحالة جيدة تتسع لتسعة ركاب بما في ذلك السائق ، وهى من نوع السيارات الاجرة التى يشيع استخدامها على خط القاهرة شمال سيناء ، وافق سائقها «عم احمد» على الذهاب و على حملنا ضمن الركاب و لكنه اشترط لذلك ان ندفع عشرين جنيها لكل راكب و عندما سألناه لماذا قال لانه لا توجد عربات ذاهبة الى هناك هذه الايام . قبلنا و ركبنا نحن الاربعة و كان معنا اثنان من المصريين الصعايدة و بعد دقيقتين جاء اثنان اخران واكتمل العدد ، و عندما عاد من التوقيع لدى سلطات ادارة النقل العام فى الموقف سألنا نحن السودانيين ان كانت جوازاتنا معنا و كل اوراقنا مكتملة فأجبناه بأنها كذلك فأنطلق بنا الى حيث نقصد .
    اعتراض على مدخل القناة !!
    لان الطريق طويل و رتيب فقد نام من نام و صمت عن الكلام المباح من صمت ، وكنت احضرت معى رواية «ملائكة و شياطين» لدان براون صاحب رائعة «شيفرة دافينشى» لتبديد رتابة الرحلة الطويلة . توقفنا بعد مسيرة قرابة الثلاث ساعات فى كافتيريا عند نهاية الاسماعيلية لمدة ربع ساعة ثم عاودنا المسير مجددا و بعد نصف الساعة توقفنا عند نقطة تفتيش على كوبرى السلام «مبارك» الذى يعبر فوق قناة السويس ، وكانت تلك نقطة التفتيش الثالثة منذ ان غادرنا القاهرة . جاء الينا احد افراد الشرطة بالزى الرسمى و سأل السائق ان كان يحمل معه اجانب و تحديدا فلسطينيين او سودانيين ، فأجابه انه يحمل سودانيين . طلب منا اوراقنا فتصدى له بولس و اخرج له الخطاب الموقع من الامين العام للحركة الشعبية بمصر الى الجهات الامنية طالبا منهم فيه تسهيل مهمتنا القاصدة الى تفقد اوضاع اللاجئين السودانيين المحتجزين لدى السلطات المصرية بالعريش . استلم العسكرى الخطاب واطلع عليه ثم رجع فيما يبدو الى عسكرى آخر اعلى رتبة منه و ذهب الاثنان الى ضابط شرطة برتبة ملازم اول كان يجلس على كرسى تحت الكبرى فاطلع على فحوى الخطاب و طلب منهما احضار اوراقنا الثبوتية ، عاد الينا العسكرى فسلمته انا جواز سفرى و كذا السلطان اواو بينما سلمه بولس بطاقة عضويته فى الحركة الشعبية معتذرا بأنه ترك جواز سفره حيث يقيم بشقته ، فيما سلمه فاولينو وثيقة زرقاء صادرة عن مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة . ذهب العسكرى و عاد بعد نحو عشر دقائق طالبا منا النزول من العربة و امر السائق ان يجنب فى اتجاه لا تمر منه حركة السير ، و طلب منا ان ندخل الى الظل تحت الكبرى .
    وجدنا هناك مجموعة من الفلسطينيين يبدو انهم محتجزون ايضا يجلسون على رصيف الكبرى ، و عدد من عناصر الشرطة بالزى الابيض و يضعون مسدسات على وسطهم ، وآخرين بالقرب من عربة بوكس مكتوب عليها الامن المركزى يرتدون الزى الاسود و يحملون البنادق الآلية . كنا جميعا مطمئنين ان الامور ستنتهى سريعا على ما يرام و خاصة بولس الذى مر من هذا الطريق اكثر من مرة قاصدا الى العريش ، لكن مرت نصف ساعة و لم يحدث شئ ، وبدأ سائق العربة فى التذمر من التأخير لكن احد عناصر الشرطة زجره بلهجة آمرة فكف عن الاحتجاج . عاد الملازم اول من مبانى نقطة التفتيش على الجانب الايمن للكبرى بدون اوراقنا الثبوتية ، وطلب من العساكر ان يجلسوننا على الرصيف مثل الفلسطينيين و يبدو انه كان يقصد اراحتنا من عناء الوقوف لوقت طويل ، ولكنى رفضت الجلوس لانى احسست بشئ من الاهانة فى الطريقة التى نفذ بها العسكرى امر الضابط وفضلت الاتكاء على علبة الكبرى الضخمة متظاهرا بأننى مشغول بقراءة الرواية و غير مكترث للامر . ، و عندما اخذ الوقت فى التسرب ، بدأ القلق يساور بولس ، فاتصل بنصر الدين ، الامين العام للحركة بمصر و اطلعه على الموقف طالبا منه التصرف ، كما بدأ الضجر والغضب ينتابنا جميعا ، فذهبت الى الملازم و قلت له ما الامر فقال لى ان بيننا من لا يحمل جوازا و من معه وثيقة اممية مدتها منتهية و كذا من يحمل جوازا ايضا منتهى الصلاحية ، فقلت له اننى احمل جواز سفر سارى المفعول و دخلت الى مصر قريبا و بطريقة شرعية و هناك اتفاق بين بلدينا يسمح لى بحرية التنقل فى كافة انحاء الجمهورية ، فأين المخالفة هنا ؟ . نظر الى مليا و سألنى ماذا اعمل فقلت له اننى صحفى . فقال لى انه ليس هناك اى شئ فى مواجهتى و بعد قليل يمكننى ان استلم جوازى و انصرف ان شئت ، فقلت له اننى لن اترك رفاقى لانهم ايضا يمثلون جهة اعتبارية و لديهم ردود وجيهة على ما تعتبره انت مخالفات ، كنت متيقنا انه يقول لى هذا الحديث لمجرد الاستهلاك و انه لن يسلمنى جوازى و يدعنى انصرف انا تحديدا . !!
    نواصل
    فى الحلقة القادمة :
    خمس ساعات فى ضيافة امن الدولة !!

                  

08-22-2007, 11:10 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    مهمة صحفية على مشارف إسرائيل (2)!!
    قلت فى الحلقة الاولى انه تم احتجازنا نحن الاربعة بولس لوال، ممثل الحركة الشعبية، والسلطان اواو ارياط، سلطان اويل ببحر الغزال، وفاولينو، قريب احد السودانيين المحتجزين فى السجون المصرية بتهمة التسلل غير المشروع الى اسرائيل، من قبل الشرطة المصرية عند مدخل كبرى السلام الذى يعبر قناة السويس، ونحن فى طريقنا الى مدينة العريش بشمال سيناء على الحدود المصرية الاسرائيلية، لتفقد اوضاع السودانيين المحتجزين هناك، تم اخذ وثائقنا وانزلنا عن عربة الاجرة التى كانت تقلنا مع مواطنين مصريين الى حيث نقصد، واشرت الى اننا لبثنا تحت ظل الكوبرى قرابة الساعة فى انتظار ان يقضى فى امرنا.
    شكوك مصرية !!
    بدا بولس مستغربا من تطاول مدة الاحتجاز، وقال لى انه فى كل المرات التى كان يعبر فيها الى سيناء برفقة بعض افراد مكتب الحركة او اقارب سودانيين محتجزين فى السجون المصرية، يكتفي العسكري الواقف على نقطة التفتيش بالقاء نظرة على الخطاب الرسمي الصادر عن الامين العام للحركة والمعنون الى الجهات الامنية المصرية، ومن ثم القاء نظرة على اوراقهم الثبوتية، واطلاع الضابط «النبطشي» عليهم ثم السماح لهم بمواصلة المسير الى مقصدهم ، مضيفا ان مدة الاجراء لا تتجاوز ربع الساعة. كان السلطان أواو يعبر عن ضجره وتوتره بالاكثار من التدخين، فيما كنت احاول تبديد سأم الانتظار والقلق من المجهول بمحاولة الانشغال بوقائع رواية «ملائكة وشياطين» الشيقة. و بينما الحال كذلك جاء من داخل المباني احد عناصر الشرطة ولكنه يرتدى الملابس المدنية، بنطلون جينز ازرق، وقميص بني، ويضع نظارة سوداء على رأسه، ورغم ان سلوكه ولغته تشى بأنه ليس ضابطا، الا انه كان يتصرف بثقة زائدة ويتحدث بصوت عال الى زملائه بما يشير الى انه اكثرهم نفوذا ان لم يكن اعلاهم رتبة !! وقف قبالتنا على الجانب الآخر من الشارع، وطلب منا ان نأتى اليه، قطعنا شارع الاسفلت، سألنا عن وجهتنا فاخبرناه، حاول ان يبدو ودودا معنا ولكن طريقته البوليسية افسدت محاولته تماما، سألنى عن الكتاب الذى بيدى فقلت له انها رواية. و بصوت عال: قلت ايه ؟! .. اجبته اقصد انها قصة. انصرف الى موضوع آخر وسألني عن عدد نقاط فريق الهلال وفرص تأهله بعد هزيمته من الاهلي فى مباراتهما الاولى بالقاهرة، و لأننى افتقدت الود فى حديثه وكذا السخرية، فقد ابديت عدم المامي بشأن الكرة عموما ورددت عليه باقتضاب دون ان ارفع رأسى عن الرواية: لا اعرف، بدا مندهشا من اجابتى، وقال باستنكار كيف لا تعرف؟ فأجبت ببرود: لست من المتابعين لمجريات كرة القدم. أشاح عنى باستصغار وقال: يا عم خليك مع روايتك يا بتاع الروايات انت، وتوجه بنفس السؤال الى فاولينو، الذى جادله بأن الهلال سيكسب الاهلى حتما بالخرطوم وسيصعد. تركنا بعدها وانصرف الى الداخل.
    فى مكتب العميد!
    عاود بولس اتصاله مرة اخرى بالامين العام للحركة الشعبية بمصر، نصر الدين كشيب، ليعرف منه الخطوات التى قام بها وليطلعه على آخر التطورات فى موقفنا ، وعاد ليقول لنا ان نصر الدين ذهب بنفسه الى امن الدولة بالقاهرة. بعد نحو عشر دقائق جاء الينا الشرطي ذي الملابس المدنية من داخل مباني نقطة التفتيش المجاورة للكبري، وطلب منا التوجه الى داخل النقطة لمقابلة معالي الباشا، على حد تعبيره وحاولت ان اسأله عن اسباب توقيفنا، فقاطعنى بأنه لا يعرف شيئا وانه «عبد المأمور» واذا كان لدي اي سؤال ان اتوجه به الى «معالي الباشا». تقدم امامنا لنعبر الفناء الواسع لنقطة التفتيش قبل ان ندخل صالة طويلة تفضي الى مكتب يضم بداخله عددا من افراد الشرطه بزيهم الرسمى. اوقفنا على مشارف بوابة دخل منها الشرطي ذي الملابس المدنية وعاد ليدخلنا بالصف من تلك البوابة. وجدنا انفسنا داخل مكتب واسع يجلس خلفه ضابط شرطة برتبة عميد، اصلع الرأس وغزير الشارب، نظر الينا سريعا نظرة محايدة لا تعبر ملامحه عن الخير او الشر ولم يدعنا الى الجلوس على الكراسي الوثيرة التي تحيط بمكتبه. نظرت سريعا الى مكتبه المتخم بالاوراق، فوجدت وثائقنا امامه. بدأ يتصفح فيها، امسك بأحد الجوازين الاخضرين، ورفع رأسه الينا ونادى: «فين الصحفي علاء الدين بشير»؟ فاجبته بنعم . عاود مرة اخرى: «فين أواو؟» ونطقها بلغة مكسرة وحاول تصحيح نطقه عبثا ولم يستطع ان ينطقها بصورة صحيحة، وكرر ذات الشئ مع فاولينو، ولكنه نطق اسم بولس بصورة صحيحة. امسك جميع الوثائق بين يديه، وقال لنا انتم الاربعة متوجهين فى مهمة صحفية لتفقد اوضاع اللاجئين السودانيين المحتجزين بالعريش؟ فنفيت له ذلك وحاولت مباشرة الاستدراك على النفي لاوضح له اننى الوحيد الصحفي بينما بولس مفوض من مكتب الحركة الشعبية بمصر، وأواو هو سلطان ولديه مسؤولية اجتماعية تجاه مواطنيه، وان فاولينو ذاهب لزيارة احد اقربائه المحتجزين، ولكن سيادة العميد لم يعطني الفرصة فقاطعنى بعد النفي مباشرة، بصوت عال : «كيف؟ ما هو الجواب اللي مكتوب بيقول انكم في مهمة صحفية» ، ولم يكن خطابنا يقول اننا فى مهمة «صحفية» ولم تدخل هذه الصفة فى الجدل الا بعد الاطلاع على جوازي الذى يبين ان مهنتي صحفي!! . ظننا اربعتنا حينما نظرنا الى العميد وهو يمسك بوثائقنا بين يديه انه سيقول لنا اذهبوا فأنتم الطلقاء، ولكن خاب ظننا حينما سلم الوثائق الى احد ضباط الصف آمرا اياه بصرامة: «حولهم على امن الدولة بالقنطرة بالعربية الاجرة اللى كانوا راكبنها!!» . ران علينا الصمت برهة حتى قطعه صوت الشرطى آمرا «يلا ياعم منك لوه»!!.
    فى الطريق الى امن الدولة !!
    خرجنا من نقطة التفتيش يحيط بنا اربعة من رجال الشرطة، امر اعلاهم رتبة سائق عربتنا بأن يأتي بها من حيث اوقفها جانبا في الاتجاه الآخر. عاد السائق بالعربة، فأخبره العسكرى: حنطلع على امن الدولة بالقنطرة يا أسطى. و ما ان سمع سائق العربة المسكين ومعه الركاب المصريون الاربعة ذلك حتى انفجروا صائحين : والله يا بيه احنا ما لناش دعوة !! .... واردف السائق : انا سألتهم من القاهرة عن اوراقهم فقالوا لى انها مظبوطة ... احنا ذنبنا ايه ... واستمر ذلك النواح وتلك الهمهمات برهة من الزمن حتى طمأنهم العسكرى انهم غير معنيين بذلك المشوار الا من جانب توصيلنا فحسب . أمرنا العسكرى بان «ننعصر» نحن اربعتنا فى المقعد الاخير للسيارة والذى يسع بالكاد لثلاثة ركاب ، كما انه لا توجد نوافذ فيه فى وقت يتميز فيه الجو قيظا. تضايقت جدا من ذلك ورفضت ان اجلس بالخلف بحجة ان المكان لا يتسع لاربعة ركاب ، اذ اننى احسست بان التعامل معنا يتم على اعتبار اننا مجرمون ويخشون من هروب احدنا اذا ركبنا جوار الباب او النافذة . لكن تجمع حولنا رجال الشرطة و تحدثوا الى بلهجة آمرة ان اركب دون نقاش كثير ، ساورنى ان اواصل رفضى لكن بولس والسلطان طلبا منى الركوب دون مشاكل. ركب المصريون الاربعة فى المقاعد التى امامنا رغم انها تسع ثلاثة ركاب ايضا، بينما ركب شرطيين احدهما يحمل سلاحا فى المقعد الامامى جوار السائق ، والتفت اليهم احد الشرطيين وقال لهم : خلوا بالكم !! .
    عبرنا فوق الكبرى فى تلك الاثناء التفت الى احد المصريين الصعايدة وتحدث الى بصوت هامس وباشفاق، مستغلا نقاش الشرطيين مع السائق : اتصل بالسفارة السودانية يا ابنى .. بتوع امن الدولة دول ناس صعبين أوى . اسرتنى طريقته الابوية . قلت له لن نحتاج الى ذلك فنحن لسنا مجرمين وانما مواطنون صالحون لم نرتكب اى مخالفة وبالتالى انا واثق انه سيتضح ذلك سريعا وسيتم اطلاق سراحنا . نظر إلي بإشفاق لكنه مشوب بالسخرية قائلا : و الله انت مش عارف حاجة خالص !! . فى تلك الاثناء اتصل بولس بنصر الدين منزعجا هذه المرة ليخبره بأننا حولنا على امن الدولة بالقنطرة ، واتصل بمسؤول سوداني آخر متحدثا معه بلغة الشلك حول نفس الموقف . و الامر كذلك بدت من الشرطى الاعلى رتبة مودة و صراحة مع الجميع فاخذ يتحدث عن الاوضاع الصعبة التى يعيش فيها المواطن المصري وتحول النقاش تلقائيا الى الاوضاع الحياتية ، لكن قبل ان ندلف الى عقد مقارنة مع الاوضاع فى السودان كنا قد وصلنا الى المنطقة التى يوجد فيها مقر امن الدولة ، فأدرك جمعنا حرج الموقف فصمتنا عن الكلام المباح !! .
    نواصل
    فى الحلقة القادمة :
    تحقيق مع رجال امن الدولة !!
                  

08-22-2007, 11:11 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)
                  

08-22-2007, 11:19 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)
                  

08-23-2007, 10:14 PM

عبد الغفار عبد الله المهدى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    الاخ/ ناذر
    للحقيقه والتاريخ ما قام به الاخ علاء الدين بشير رغم الصعوبات لهو عمل جليل وقيم بامتياز هذا العمل حتى سفارتنا الهمامه لم تستطيع ان تتعرف على اسبابه ومسبباته وعن عدد قتله اللهم الا تحرك خجول فى الايام الماضيه واعتقد انه لايرقى لمستوى الامر
    فالتحيه لعلاء الدين بشير وامثاله من الصحفيين وكم كنت اتمنى وجوده بننا فى هذا البورد
    وواصل يا عزيزنا كلنا اذان صاغيه
                  

08-25-2007, 02:29 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! (3 )

    قلت فى الحلقة الثانية من قصة رحلتنا الى الحدود المصرية الاسرائيلية فى سيناء سعيا وراء قضية السودانيين المحتجزين بتهمة التسلل الى اسرائيل ، ان العميد شرطة المسؤول عن نقطة التفتيش الواقعة عند مدخل كوبرى السلام (مبارك) الذى يعبر فوق قناة السويس ، امر بعد ايقافنا لمدة تزيد على الساعة بتحويلنا على امن الدولة بمحافظة القنطرة احدى محافظات القنال بأعتباره اقرب مكتب اليه ، و اوضحت انه تم (حشرنا) نحن الاربعة بولس لوال ، مندوب مكتب الحركة الشعبية بمصر ، و السلطان اواو ارياط ، سلطان منطقة اويل ببحر الغزال ، و فاولينو ، قريب احد السودانيين المحتجزين بالسجون المصرية فى العريش و شخصى ، فى عربة الاجرة التى قدمنا بها من القاهرة ، يحرسنا اثنان من عناصر الشرطة ، وانتهيت عند وصولنا الى المنطقة التى يقع فيها مقر امن الدولة بالقنطرة .
    مساومة !
    لم يكن السائق و لا اى من الشرطيين يعلمون اين يقع مبنى امن الدولة بالتحديد فى محافظة القنطرة . سألوا احد افراد الشرطة الجالسين على الشارع فى حراسة احدى المنشآت عن المقر فطلب منا الرجوع الى الخلف مرة اخرى و الوقوف امام (الباب الاخضر) فى ناصية المربع الذى تقع فيه منشأته . رجعنا و وقفنا كما قال لنا لكن لم تكن هيئة المكان تشى بانه مبنى لامن الدولة . تردد الشرطى المسؤول فى اقتحام المبنى ، و انتظر حتى اقترب رهط من الرجال كانوا مارين على اقدامهم فى الشارع الرئيسى و سألهم عن مقر امن الدولة ، بدا عليهم الرعب و لكنهم تطوعوا بحماس منقطع النظير و بدقة متناهية لتوصيف المكان ، خصونا نحن الاربعة المحشورين بالخلف بنظرة مشفقة من وراء زجاج العربة ، من المصير الذى توقعوا انه ينتظرنا هناك ، ملأتنى نظرتهم المشفقة و المتهكمة فى الوقت نفسه حنقا ، اذ كيف علموا اننا المقصودون بأمن الدولة رغم ان معنا اربعة ركاب من المصريين ؟ .
    حأنزلكم فى امن الدولة و اقبض حسابى منهم و اروح أنا فى مشوارى يا جناب الباشا .. هكذا قال سائق العربة (عم احمد) للشرطى الشاب المسؤول عن حراستنا . فرد عليه بالايجاب . عاود السائق مرة اخرى ليسأل بصيغة المطالبة ان حسابنا غير قيمة المشوار الاصلية للعريش مضافا اليه ايضا زمن التأخير لاكثر من ساعة عند مدخل كوبرى قناة السويس ، بجانب قيمة المشوار الى القنطرة ، اومأ اليه الشرطى بالايجاب و قال (حيدولك حسابك كلو يا اسطى) . صحت من أقصى العربة اننا سندفع قيمة المشوار من القاهرة الى العريش فقط رغم اننا لم نصلها ، اما قيمة التأخير و مشوار القنطرة فهو ليس خيارنا و لا مشوارنا و تسأل عنه الشرطة و يمكنك ان تحاسب به الشرطى الذى برفقتنا يا اسطى . التفت الينا الشرطى ضاحكا و لم ينبس ببنت شفه . لم أكن اريد السائق ان ينصرف اذ أننى كنت اتوقع ان يتفهم المسؤولون بامن الدولة موقفنا الواضح اصلا و يسمحوا لنا بالمواصلة ، و ان ذلك لن يستغرق اكثر من عشر دقائق الى ربع الساعة على اسوأ الاحتمالات ، و بالتالى اذا انصرف السائق سندخل فى مأزق البحث عن دابة جديدة تقلنا الى حيث نقصد ، لكن السائق لم يكن لديه اى استعداد للانتظار اكثر من ذلك و اين ؟ امام مبنى أمن الدولة كمان !! .
    بولس ينتفض !
    وصلنا امام المقر ، نزلنا جميعا و نزل السائق و فتح خزانة العربة ليخرج امتعة كانت برفقتنا تخص السلطان و فاولينو عبارة عن اغطية و ملابس و طعام و اغراض اخرى لبعض الاشخاص المحتجزين هناك . طالب السائق بأن ندفع له خمسين جنيها اضافة للمبلغ الاساسى و هو ثمانون جنيها ، عبارة قيمتى التأخير و المشوار الاضافى . استهجنا سلوكه فهو يعلم الا يد لنا فى ذلك ، كما يفترض انه يرانا فى كرب شديد و يكتفى بأخذ حسابه و ينصرف لا ان يزيد علينا (البلاوى) ، و لكنه اصر . أخرج السلطان محفظة نقوده و اقسم الا يدخل ايا منا يده داخل جيبه ، و اخرج مائة جنيه نفحها للسائق ، و اذا بالرجل يطالب ببقية المبلغ قلنا له بهدوء انه حقه علينا فقط ثمانون جنيها و لكنه اصر على طلبه و اكثر فى الملاححة ، و ازاء تشددنا قال انه يقبل بمبلغ المائة جنيه ، هنا انفجر بولس غاضبا فى و جهه و امسك بالمائة جنيه و اخرج ثمانين جنيها و سلمها له و قال : اسمع يا حاج انت رفعت لنا سعر الراكب من القاهرة من سبعة عشر جنيها الى عشرين جنيها وقبلنا على مضض ، و سوف لن نرضى تكرار ذلك مرة اخرى ، اذا كانت لديك اى مطالبة اسأل ناس الشرطة او أمن الدولة . تدخل الشرطى طالبا من السائق ان يقبل المبلغ و ينصرف ، وحاولت انا ان اطيب خاطره رغم غيظى من جشعه ومن عدم حساسيته فقبلها و انصرف وهو يلعننا بصوت عال و ربما يتمنى لنا فى دخيلته الا نرى الشمس مرة اخرى بعد دخولنا الى امن الدولة !! .
    داخل عش الدبابير !
    مثل أغلب المبانى التى صادفناها فى القنطرة ، كان مبنى أمن الدولة متواضعا و مكوناً من طابق ارضى عبارة عن (حوش) واسع و داخله عدة مكاتب ، و مطلى باللون البنى و البيج ، يشبه الى حد كبير المبانى العسكرية و الامنية لدينا فى السودان . كان الهدوء المثير هو السمة السائدة داخل المبنى ، وربما كان ذلك الى جانب صحة موقفنا هو ما جعلنا نحن الاربعة متماسكين و رابطى الجأش .. ما ان و ضعنا اولى خطواتنا داخل المبنى و نحن نمسك بأمتعتنا حتى حانت من المتواجدين بفنائه التفاتة الينا ممزوجة بالدهشة و الشفقة لدى المستدعين و المجلوبين مثلنا الا واحدة !!, و التحفز لدى افراد امن الدولة .. كان عدد الموجودين ممن يمكن رؤيتهم من فناء المبنى قليلا . كانت هناك فتاة تجلس مطرقة كسيرة على مسطبة عالية وراء احد المكاتب ... لم تكن تبالى بأشعة الشمس اللاهبة و انشغلت عنها بأحزانها الخاصة ، ولم ترفع رأسها لترى القادمين الجدد .. عباءتها الطويلة الصفراء و خمارها البنى زادا من قدرتها على دفن ملامحها ، و ظلت على حالها ذاك حتى توارينا نحن .
    ذهب بنا الشرطى الى صالة تتوسط ثلاثة مكاتب فى واجهة المبنى ، عليها تربيزة مكتب قديمة يجلس وراءها أحد افراد امن الدولة و يقف بجواره آخر وعليها دفتر مثل دفاتر مخافر الشرطة ، بينما وضع كرسيان امامها جلس عليهما اشخاص يبدو انهما يخضعان للتحقيق ، فيما و ضعت كنبة طويلة على الجانب الايسر للمكتب جلس عليها بعض الشباب يبدو انهم من افراد امن الدولة . و على اليمين مباشرة كان هناك شخص مفتول العضلات يجلس على كرسى جوار باب احد المكاتب مثل حاجب المحكمة ، عرفت لاحقا انه مكتب الضابط مدير وحدة امن الدولة بالقنطرة .
    و بعد ان سلمنا الشرطيان الى أفراد امن الدولة ، طلب منا أحد عناصرهم ان نأتى معه ، خرجنا من الصالة فى اثره الى مبنى يقع جوار البوابة التى دخلنا منها و كنت طوال الثلاث دقائق التى عبرنا فيها الفناء اجوس بعينى علنى أرى زنزانات او كلبشات او ايا من تلك الادوات المرعبة التى قرأنا عنها فى الروايات المصرية و فى مذكرات (اعتماد خورشيد شاهدة على انحرافات صلاح نصر) ، و استرق السمع فربما نبا الى اذنى اصوات أنين صادرة عن بعض من أوقعهم حظهم العاثر مثلى فى أيدى (جلاوزة) أمن الدولة ، ولكن كان يرتد الى بصرى خاسئا من رؤية أى شئ من الذى تصورته ، و لا تلتقط اذنى الا عزيف الرياح و هى تصطدم بالاجسام التى تعترضها . دخلنا الى استراحة عبارة عن صالة و غرفة ، تراصت فيهما عدة كراسى ، كانت كراسى الصالة الخمسة مشغولة برجال تبدو على سيماهم الطيبة و الهدوء ، و اغلب الظن انهم لم يأتوا كمستدعين او مقبوض عليهم , وانما جاءوا فى اثر احد ابنائهم ربما كان معتقلا او استدعى للتو , او انهم حضروا لتخليص معاملة او امر يقضى لدى امن الدولة , اذ كانت الثقة تشع من محياهم و تبين من خلال حديثهم . عبرنا الصالة بعد ان القينا عليهم السلام الى الغرفة التى كان عليها كرسيان واريكة تسع شخصين ، وفى احد اركانها قبع دولاب خشبى متهالك مغلق بطبلة ، كانت الغرفة حارة جدا و لم نرَ فيها نافذة او ربما توارت نافذتها الوحيدة خلف الستارة التى غطت الحائط ، و لا توجد بها مروحة عكس الصالة التى كانت جيدة التهوية و بها مروحة سقف قديمة و لكنها تعمل بصورة جيدة . طلب منا فرد امن الدولة البقاء بها الى حين اشعار آخر . جلست انا و السلطان على الاريكة ، بينما جلس بولس و فاولينو متجاورين على الكرسيين ، نظرنا الى بعضنا بصمت لنرى الى مدى نحن متمسكون بهدوئنا و اطمأنينا الى اننا لا زلنا عاديين . اخرج بولس هاتفه الجوال و عاود الاتصال بنصر الدين و لكن و جد هاتفه مغلقا ، فاتصل بشخص آخر و أخبره بتطورات موقفنا حتى تلك اللحظة متحدثا بلغة الشلك ، فى نفس الوقت اتصل السلطان أيضا ببعض من يعرفهم ليخبرهم بما آل اليه امرنا متحدثا بلغة الدينكا ، فيما بقينا أنا و فاولينو على صمتنا ، و لم اكترث للاتصال بأى شخص من السودانيين او المصريين الذين أعرفهم و لا حتى الاستاذة الفاضلة و الهميمة بكل ما هو سودانى ، اسماء الحسينى ، الصحافية بالاهرام ، و مراسلة صحيفتنا بالقاهرة ، اذ بينى و بين نفسى كنت مقتنعا ان الامر سينتهى سريعا حالما تتضح للمسؤولين حقيقتنا .
    اجراءات أمنية !
    جاء أحد عناصر أمن الدولة و طلب منا بتهذيب أن نسلمه هواتفنا الجوالة بعد اغلاقها و قال لنا انها سترد الينا حال انتهاء التحقيق معنا . سلمه رفاقى الثلاثة هواتفهم و اخرجت انا هاتفى لامسح بعض الرسائل بينى و بين زميلى و صديقى سيف الدين عبد الحميد ، مترجم صحيفتنا العروبى القح وكنت أداعبه عبرها من القاهرة اننى ذاهب الى تل ابيب ، و يرد على اننى ان ذهبت سيلاحقنى الخزى و العار مدى الحياة ، فاقول له ان السادات ذهب الى هناك و خلده التأريخ كبطل للحرب و للسلام ايضا ، و يرد على غير مقتنع ان التأريخ و ضع السادات مع رفاقه هتلر و هولاكو و آخرين من جبابرة زمانهم ، و مداخلة بعض الزملاء و الزميلات ، فقد خشيت ان تؤخذ تلك الرسائل على ما فيها من دعابة كدليل ادانة . و بينما احاول مسحها طمأننى رجل أمن الدولة اننى اذا اغلقت الموبايل و سلمته له لن يقوم احد بفتحه او استخدامه ، ففعلت ذلك .
    عاد الينا بعد ربع ساعة احد الافراد و وقف بباب الغرفة بدأ يتلو اسماءنا بصوت عال ، ووقع فى نفس مطب عميد الشرطة بنطق أسماء السلطان اواو و فاولينو و بولس كذلك بشكل خاطئ ، و يبدو ان حديث بولس و السلطان بلغتى الشلك و الدينكا فى هواتفهما الجوالة ، و صعوبة نطق الاسماء بجانب سحناتنا الداكنة شكلت لدى من كانوا يجلسون بالصالة يقينا لنقاش كان دائرا بينهما حول جنسيتنا ، فسمعناهم يقولون و نحن نعبر الصالة الى الخارج : (دول مش سودانيين) !! .
    وقفنا امام مكتب افراد الامن الذى جئناه أول مرة ، وجدنا الشرطيين اللذين كانا فى حراستنا لا يزالان جالسين فى الصالة التى تتوسط الثلاثة مكاتب ، وكان مر اكثر من ساعة منذ مجيئنا الى امن الدولة بالقنطرة ، قال لنا احد الافراد ستدخلوا على معالى الباشا ، وعبر الهاتف الداخلى سمعت العسكرى الجالس على المكتب يقول (تمام يا سعادة الباشا ، المضبوطين بانتظار جنابك) !! , استفزتنى جدا عبارته و لكنى كدت أضحك من وصفنا بالمضبوطين ، وجالت بخاطرى سريعا و قائع الاعتقال السياسى ، وكيف تتحول ما بين عشية و ضحاها من شخص عزيز فى مجتمعه الى سجين او هارب او مجرم سعى لتقويض النظام الدستورى او القيام بمحاولة تخريبية !! .
    نواصل
    فى الحلقة القادمة :
    - وجها لوجه مع ضابط أمن الدولة !!



    حديث ذو شجون مع سوداني مسجون!!
                  

08-27-2007, 01:26 AM

Abdelmuhsin Said
<aAbdelmuhsin Said
تاريخ التسجيل: 10-10-2006
مجموع المشاركات: 2678

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    ++
                  

08-29-2007, 04:20 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    العزيز/ ناذر
    بعد قليل مدعو للحضور والمشاركه فى ندوه عن هذه القضيه بنفس دار نقابة الأطباء التى حضرنا فيها من قبل ندوه عن دارفور .. ربك يستر !!
    تحياتى للعزيز الصحفى المثابر / علاء بشير، وكل شلة الجمال فى السودان.
                  

08-29-2007, 11:44 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    سلامات يا عبد الغفار ...

    Quote: للحقيقه والتاريخ ما قام به الاخ علاء الدين بشير رغم الصعوبات لهو عمل جليل وقيم بامتياز هذا العمل حتى سفارتنا الهمامه لم تستطيع ان تتعرف على اسبابه ومسبباته وعن عدد قتله اللهم الا تحرك خجول فى الايام الماضيه واعتقد انه لايرقى لمستوى الامر
    فالتحيه لعلاء الدين بشير وامثاله من الصحفيين وكم كنت اتمنى وجوده بننا فى هذا البورد


    ما قام به علاء الدين عمل شجاع كأول صحفي سوداني من صحفيي الداخل يصل هذه البقاع ويكشف الضوء عما يجري هنالك وما يحدث للسودانيين المغلوب علي أمرهم في تلك البقاع ..

    وكم هالني وأفزعني ما حكى عنه وما شاهده بأم عينه من مآسي يشيب لها الولدان ..

    التحية له على هذا العمل الجسور ..
                  

08-29-2007, 11:45 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    عبد المحسن ....

    Quote: ++


    شكراً لرفع البوست (لو) 3!!
                  

08-29-2007, 11:49 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    العمدة تاج السر ...

    Quote: العزيز/ ناذر
    بعد قليل مدعو للحضور والمشاركه فى ندوه عن هذه القضيه بنفس دار نقابة الأطباء التى حضرنا فيها من قبل ندوه عن دارفور .. ربك يستر !!


    أرجو أن تنورنا بما دار بطرفكم ..
    رئيس وأعضاء نقابة الأطباء المصريين من المتفهمين جدا لقضايا السودان وكما سمعت من رئيسها أنهم سبق لهم وزاروا دارفور ووقفو على حجم المشكلة وتفهموا مآلاتها جيداً ..

    من يدري !!

    صنفرة :

    أرجو ألا يكونو قد قدمو دعوة لمسئول مكتب ذلك التنظيم دو الأفكار غير المرتبة والذي لم يفهم الحاضرين من تنويره ذاك شيئاً في المرة السابقة مما دعا نقيب الأطباء لمقاطعته وإنزاله من المنصة !!
                  

08-30-2007, 00:15 AM

عبد الغفار عبد الله المهدى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: ناذر محمد الخليفة)

    ناذر سلامات
    اليوم تم بدار الحكمه بقاردن سيتى مقر اتحاد الاطباء العرب
    ندوه
    وكان عنوانها
    السودانيين المتسللين لاسرائيل...لبدوافع والاسباب
    وبجيك صاد
                  

09-01-2007, 03:52 PM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! / علاء الدين بشير .. (Re: عبد الغفار عبد الله المهدى)

    يا عبد الغفار ....


    يا ريت لو أديتنا تلخيص للندوة ..


    لحدي ما تجي هاك الجزء الجديد من مهمة علاء الدين بشير ...





    فى اثر السودانيين المتسللين عبر الحدود المصرية ...
    مهمة صحفية على مشارف اسرائيل !! «5 »
    علاء الدين بشير
    وقفت فى الحلقة الرابعة من قصة رحلتنا الى العريش فى أثر السودانيين المحتجزين فى العريش بتهمة التسلل الى اسرائيل عبر الحدود المصرية ، انا و بولس لوال ، المفوض من مكتب الحركة الشعبية بمصر لهذا الملف ، و السلطان اواو ارياط ، سلطان اويل ببحر الغزال ، و فاولينو ، قريب احد السودانيين المحتجزين هناك ، وقفت لحظة خروجنا من مقر أمن الدولة بمحافظة القنطرة بعد ان تأكد للضابط المسؤول عبر الاتصالات و فحص الاوراق طبيعة المهمة التى نحن وراءها ، و قلت انه اعطانا رقم هاتف مكتبه الخاص و طلب منا مواصلة مهمتنا و احالة اية جهة تعترضنا فى الطريق الى العريش للاتصال بهم على ذلك الرقم ، و قد كان كل ذلك بعد احتجازنا لاكثر من ساعة من قبل الشرطة فى نقطة تفتيش كوبرى السلام الذى يعبر فوق قناة السويس اولا ، ثم اربع ساعات بمقر أمن الدولة بالقنطرة .
    * فى الطريق الى العريش !
    طلب ضابط أمن الدولة من احد الافراد ان يخرج معنا ويدلنا على موقف العربات المسافرة الى العريش . كانت الساعة قد بلغت الرابعة عصرا ، ورقم غبطتنا بانفراج ازمتنا الا اننا الاربعة كنا حانقين على الأمن المهدر و على العيش متهما لمدة خمس ساعات . و جدنا انفسنا متفقين على مواصلة الرحلة رغم التأخير ، سار معنا فرد أمن الدولة و نحن نحمل امتعتنا ، كان منظرنا فى الشارع مثل المساجين الذين تم الافراج عنهم للتو بعد سنين من العيش وراء القضبان . وجد فرد أمن الدولة سائق ركشة و طلب منه ان يوصلنا حتى موقف مواصلات العريش . ركبنا نحن الاربعة داخل الركشة التى تتسع لثلاثة اشخاص و اخترت انا ان اكون الى جوار السائق .
    و جدنا عربة مرسيدس حمراء مثل تلك التى اقلتنا من القاهرة و تتسع لتسعة ركاب بمن فيهم السائق و كان بداخلها ثلاثة اشخاص ، ركبنا نحن الاربعة ، اختار بولس و السلطان وفاولينو المقعد الاخير ، و كان هناك شخصان اختارا المقعد الذى يجاور السائق ، طلب السلطان من سائق العربة ان يتحرك على ان نتكفل نحن بقيمة الراكب الثامن الذى لم يأت بعد . وجد ذلك العرض استحسانا لدى السائق ، فترجى احد الشخصين الجالسين الى جواره و كانا ضخمى الجثة ان يجلس بالمقعد الخلفى على ان اجلس انا اماما ، و لانه كان واضحا ان الاثنين كانا اقارب و يفضلان الجلوس متجاورين ، طلبت منه ان يدعهما يجلسان فى المقعد الخلفى لكابينة القيادة ، ففعلا ، وجلست انا الى جوار السائق . و قبل ان ينطلق الى العريش سألنا «حسن» سائق العربة بلهجة جادة و لكنها مشوبة بالود ان كانت جوازاتنا و كل اوراقنا على ما يرام ، فأجبته بانها كذلك و اننا نحمل تفويضا من سلطات أمن الدولة بالذهاب الى هناك ، و حكيت له طبيعة مهمتنا و ما تعرضنا له فى سبيلها .
    و عطفا على عتاب رقيق تلقيته قبل يومين عبر بريدى الالكترونى من الاستاذ هانى رسلان ، الباحث بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية ، و المهتم بالشأن السودانى ، اخذاً على فيه الوقوف طويلا فى قصة اصطدامي بأمن الدولة و رؤيتى له كوجه «متجهم» دون الوقوف امام وجوه مصر المشرقة المتعددة ، اقول ان سائقنا «حسن» كان وجها مشرقا و صبوحا «حسيا و معنويا» من تلك الوجوه التى عناها هانى . لم تكن مودته تكلفا و تزلفا من صاحب سلعة مع البائع ، فبعد سماعه قصتنا كأنه احس بان عليه انابة عن شعب و حكومة مصر الاعتذار الينا ، ولم يفعل ذلك بطريقة ساذجة تؤذينا ، فقد كان لبقا و متفهما ، و ينم سلوكه الراقى ووعيه العميق بأن ظروفا ما هى التى حملته للعمل سائقا على الطريق السريع ، و اغلب ظنى المستند الى سحنته البيضاء نوعا ما و لكنته انه ينحدر من الاقاليم المصرية . سألته ان كان التشدد و التضييق على القادمين الى سيناء حصرا على السودانيين فقط ام يطال الجنسيات الاخرى غير المصرية ، فأجابنى بصراحة انه محصور فى السودانيين منذ ان كثرت عمليات التسلل الى اسرائيل ، و يشمل كذلك الفلسطينيين عندما تكون هناك أزمات محددة كما هو موجود هذه الايام . قلت له ان بين السودان و مصر اتفاقا يبيح للسودانيين حق الاقامة و التنقل فى كل انحاء الجمهورية و بالتالى فان ذلك التشدد يعد خرقا للاتفاق من جانب الحكومة المصرية ، وافقنى على ذلك و لكنه برر ذلك بالمسؤولية الأمنية الضاغطة و ان هذا لا يتم الا للقادمين الى سيناء و فيما عدا ذلك لا يوجد تضييق «فيما يعلم» على تحركات السودانيين فى اى اتجاه ، و ابدى استغرابه من اقدام سودانيين «مسلمين و عرب» من وجهة نظره فى اختيار اسرائيل موطنا لهم بمحض ارادتهم بل و المخاطرة بحياتهم من اجل ذلك . قلت له ان الرأي العام السودانى ايضا مصدوم لذلك ، و انه حتى اليوم يكتب على جواز السفر السودانى «صالح لكل الاقطار عدا اسرائيل» ، و لكن لا بد ان هناك تبريرا لكل شخص اختار القيام بهذه المغامرة ، وانه لحظة تفكيره فى هذا الخيار فى ظل ظروفه الضاغطة لم يجد أية حكمة او رأي اخر يثنيه عن الاقدام على هكذا مغامرة ، واوضحت له ان اغلب المتسللين عاشوا اوضاعا قاسية فى السودان و مصر على السواء ، و اغلقت امامهم بوابات اللجوء الى بلدان العالم الاول كما كانوا يمنون النفس عندما قدموا الى مصر . قال لى انه مهما يكن لا يمكن لشخص يرى ما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين ان يختار العيش بينهم ، و انه عندما يرى فى شاشات التلفزة «قلة ادبهم تجاه الاطفال و النساء و الشيوخ» تغلى الدماء فى عروقه و اكاد اذا رأيت اسرائيليا فى شرم الشيخ او الغردقة او غيرها «ان انهش كبده بسنانى» . احسست بصدق مشاعره و بساطة رؤيته لقضية لا تحتمل النظر من جانب واحد ، لذا لم اتعمق معه فى النقاش حتى لا اصدمه .
    *إيقاف عند بوابة سيناء !
    ران الصمت بيننا طويلا و السيارة تغز بنا السير باتجاه سيناء ، ادار السائق كاسيت بداخل مسجل العربة لاحد المطربين المصريين الجدد ، فرجوته ان يغلق المسجل ، ففعل و قال لى انه اراد ان يكسر رتابة الصمت المخيم داخل العربة ، فقلت له نكسره بالانس بيننا ، فعاودنا الحديث مجددا عن انطباعاتى عن مصر وأنا ازورها لاول مرة ، فقلت له اننى مثل كثير من السودانيين لا يشعرون بان مصر بلد جديد عليهم ، لانهم عرفوا كثيرا من جوانبها عبر المسلسلات و المجلات و الروايات المصرية ، وان الزيارة تتيح لك فقط فرصة الاحتكاك الحسى بالحياة المصرية . من أسئلته عرفت انه يرغب فى معرفة الكثير عن السودان الذى لا تتعدى معرفته به حدود ان «النيل جاى من عندكم» فحدثته قليلا عن الحياة و المجتمع و الدولة فى السودان و التطورات السياسية و الاقتصادية فى السودان ، ووجدت انه من بين كل ذلك يعرف فقط ان «الجنيه السودانى بقى جامد اوى» !! . و بينما نحن فى «دردشتنا» تلك كان رفاقى الثلاثة بولس ، والسلطان اواو و فاولينو مستغرقين فى «تعسيلة» جراء ارهاق اليوم العجيب هذا ، و بينما الحال كذلك لاحت من بعيد لافتة عريضة فوق الطريق السفرى ، صارت تتضح شيئا فشيئا حتى اضحت على مرمى البصر فقرأت «محافظة شمال سيناء» . وقفنا عند نقطة التفتيش اسفل اللافتة جاء شاويش من الشرطة و سأل السائق ان كان يحمل اجانب ، فرد عليه بالايجاب و هم سودانيون ، فأقبل الشاويش على الناحية الثانية حيث اركب و قال لى سودانيين ؟ فأومات عليه بالايجاب ، فقال «اجدع ناس» شكرته على اطرائه باقتضاب و طلب أوراقى فسلمته جوازى و الخطاب الصادر عن مكتب الحركة الشعبية بمصر الذى ناولنى له بولس ، قرأ الخطاب و تفحص الجواز و يبدو انه استعصى عليه اتخاذ قرار لوحده ، فقلت له اننا كنا فى أمن الدولة بالقنطرة و طلب منا الضابط ان نحيل اية جهة تعترضنا فى الطريق للاتصال بهم على الرقم المبين فى ظهر الخطاب . طلب منى النزول و ان اتى معه الى «معالى الباشا» ، فى تلك اللحظة هم بولس بالنزول ، فقال الشاويس أن الامر بسيط و يكفى شخص واحد فقط . و لم اكد أترجل من عربتنا و أخطو خلف الشاويش خطوتين الى بوابة نقطة التفتيش التى يجلس الضابط فى ظلها حتى رأيته ينهض و هو يتحدث عبر جهاز اللاسلكى و يقول : «أمر سعادتك يا معالى الباشا» ، و ينظر الى الشاويش مخاطبا «خليهم يواصلوا» . سلمنى الشاويش اوراقى و عدت ادراجي الى العربة و قلت للسائق ان يطلع على طول .
    عبرنا البوابة منطلقين نحو العريش ، كانت تطالعنا فى الطريق تلال رمال صحراء سيناء العالية ، و ما ان نعبر بعضها حتى تصافح اعيننا زرقة مياه احد ألسنة البحر الاحمر الصغيرة ليتوارى ثم تظهر التلال الرملية مرة أخرى و تنبسط بينها مساحات مسطحة عليها خيام للبدو تجلس امامها نسوة متشحات بالسواد يتدلى «البرقع» على وجوههن فلا ترى من بشرتهن الا بياض أيديهن وهن مشمرات أثناء خدمتهن ، و جمال منتشرة هنا وهناك ثم شجيرات نخيل كثيفة . و بين كل هذا كان طريق الاسفلت الاسود يتلوى بين تلال الصحراء مثل افعى الكوبرا لدى سحرة الهند وهى تخرج راقصة من داخل جراب الخيش لدى سماعها مزمار سيدها .
    دخلت بنا السيارة الى حيز من العمران الفاخر ... هذه جامعة سيناء للتكنلوجيا بكل فخامتها و ثرائها ، وبعدها أطلت علينا عشرات الفلل الانيقة و التى شيدتها البنوك و صناديق الجمعيات الاجتماعية المصرية كاستثمارات لها ، كما حدثنى سائقنا حسن . و فى كل هذا كانت اللافتات المرورية تطالعنا .. العريش 10 كيلو مترات .. رفح 40 كيلومتر .
    * في زنازين العريش !
    واجهتنا لافتة كبيرة تقول «مرحبا بكم فى مدينة العريش» .. وجدنا عشرات الفلسطينيين من النساء و الرجال و الاطفال يتكدسون فوق امتعتهم عند مدخل المدينة ، علمنا انهم موجودون هنا منذ ايام بسبب الأزمة بين اسرائيل و السلطة الفلسطينية و هم امتداد للعالقين على معبر رفح الحدودى ، قال لى حسن : ان الفلسطينيين اثرياء جدا و ان كميات الامتعة التى اراها هى بضاعة اشتروها من مصر لتسويقها داخل الاراضى الفلسطينية . عبرنا مدخل المدينة الى داخلها . كانت المدينة فى السادسة مساء هادئة رغم ان الشمس لم تغب بعد ، وبدت لى أليفة فمساكنها مثل بيوت السودانيين طابق واحد و الحوش ذو الاسوار العالية و بعض الرجال الذين يجلسون تحت ظلال الاسوار يلعبون الطاولة و الدومينو و الكوتشينة . كانت شوارعها فى غاية النظافة و الحشمة معا . كان الجوع و العطش و الارهاق قد بلغ بنا مبلغا صعبا و لكننا اثرنا لضيق الوقت ان نصل الحراسات اولا ثم نفكر فى امرنا لاحقا . نزل الركاب الثلاثة الذين كانوا برفقتنا عند مدخل المدينة ، و قبل أن ينزلنا السائق فى الموقف سألنا عن مقصدنا أولا هل نريد زيارة قسم أول العريش أولا أم قسم ثاني العريش ؟ . فرد عليه بولس بأننا نريد الاثنين معا ، فقال إن قسم ثانى العريش يقع فى أول المدينة و يمكننا زيارته أولا . فقال بولس إن هناك اثنين من السودانيين فقط بقسم ثاني العريش و يحمل لأحدهما بعض الاغراض من ذويه بالقاهرة وبالتالى يمكننا أن نغشاه سريعا ثم نواصل الى قسم اول العريش الممتلئ بالسودانيين . ورغم ان السائق كان متعجلا الا انه وافق ان ينتظرنا حتى ننتهى من الزيارة الاولى.
    وصلنا الى مبنى بدا جديدا و أنيقا فى الوقت نفسه من الخارج ، رفعنا رأسنا لنقرأ «قسم شرطة ثانى العريش» . طلب منا بولس البقاء قليلا ريثما يدخل و يأتى ليأخذنا الى الداخل . نزلنا حتى «نطلق» رجلينا التى اعياها الجلوس لاكثر من ساعتين ، كانت بوابة القسم محروسة بشرطى يمتشق بندقية آلية ، القينا عليه التحية ، فردها علينا ، لم تمض دقيقتان حتى رأينا بولس أتياً الينا من الداخل ، و قال لنا إن السودانيين الاثنين المحتجزين هنا تم ترحيلهما الى أمن بورسعيد بعد صدور الحكم ضدهما . ركبنا العربة و كان يفترض أن ينزلنا السائق فى موقف المواصلات لنأخذ تأكسيا من هناك بثلاثة جنيهات الى قسم اول العريش ، و لكنا طلبنا منه ان يوصلنا اليه و سندفع قيمة المشوار ، فقبل رغم ان ذلك لا يناسبه لان عربته مرخصة سفرى ، فقط طلب منا أن نغشى الموقف حتى يحجز نمرته سريعا ثم نواصل ، و بالفعل دخل الى الموقف و عاد الينا لنواصل مشوارنا .
    وقف بنا السائق بعد نحو عشر دقائق أمام مبنى جديد ايضا مطليا باللون البيج وقرأنا على اللافتة المثبته فى أعلى بوابته «قسم شرطة ثانى العريش» . نزلنا و قبل ان ادخل يدى فى جيبى باعتبارى من أجاور السائق كان السلطان أسرع منا جميعا و سلم السائق أجرة مشواره ، و شكرناه على حسن الرفقة و انصرف . دخلنا الى القسم و دخل بولس الى مكتب الضابط النبطشى و كان أغلب افراد الشرطة يعرفونه ، خرج بعدها و قال لهم سمح لنا بالزيارة رغم ان وقتها انتهى تقديرا لظروفنا و اننا قطعنا كل هذه المسافة من القاهرة و حتى العريش و لا يمكننا العودة خائبين ، و لكنه اشترط ان ننجز مهمتنا فى اقل وقت ممكن .
    ذهب معنا اربعة من افراد الشرطة احدهما بالزى المدنى ، ترددت كثيرا فى اخراج جهاز التسجيل الذى يقبع فى جيبى و لكنى امسكت بالنوتة و القلم فى يدى ، فقد شاورت بولس قبل يوم من رحلتنا عن امكانية التصوير فقال لى ان ذلك ممنوع . عبرنا الممرات و الدهاليز حتى وجدنا انفسنا أمام الزنزانة ، و ما ان برزنا امامها حتى تدافع عشرات الاشخاص من السودانيين من كل الالوان و السحنات كل يريد ان يحتل حيزا امام القضبان ليحدثنا !! .
    نواصل
    فى الحلقة القادمة :
    حوارات من وراء القضبان !!

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de