|
عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟
|
معزوفة البطل التراجيدي "عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟ عبد الجبار عبد الله [email protected] رؤوس أفكار وخيوط شتى تولف ما بين الخاص والعام والسياسي وغير السياسي , هي التي تنسج مادة الحوارات الحميمة التي تدور في جلسات أنس السودانيين أينما كانوا. وبعض هذه الخيوط أحاديث وملاحظات عميقة حول ظواهر الحياة الثقافية والأدبية والفنية, هي جزء من تقاليد ثقافة المشافهة التي تذرو نسمات الليل الرخوة اللذيذة معظمها. وفي أكثر من جلسة أنس احتل الحديث عن تجربة مصطفى سيد احمد حيزا كبيرا من الأخذ والرد والمساجلة. من بين ما استوقفتني من ملاحظات على هذه التجربة آراء تقول بلا موسيقية أغنية " عم عبد الرحيم" ومحاولة نفيها عن تراثه الموسيقي أو التقليل من شأنها من هذا الباب. هكذا يبرز أمامنا حكم نقدي – يصدر بعضه عن متخصصين موسيقيين- يقوم على ملاحظة تتعلق بضعف العناصر الميلودية في الأغنية وانتفاء صفة الغنائية والتطريب عنها. مباشرة أقول إن هذه الملاحظات قد أصابت وأخطأت مكانها في آن. فنحن ندرك أن أحد أهم أسباب تعلق قطاعات واسعة من السودانيين بمختلف أعمارهم وأذواقهم الفنية وتجاربهم الحياتية بأغنيات مصطفى سيد احمد وحبهم لها, يكمن في تلك الموهبة الموسيقية الخلاقة التي فجرت شلالات من أعذب وأجمل الغناء الذي سمعه السودانيون منذ منتصف عقد الثمانينيات وحتى لحظة رحيل مصطفى. كان مصدر تلك العذوبة الثراء والتنوع الموسيقي اللحني والقدرة المدهشة على التطريب لحنا وعزفا وأداءا. من هنا تكون الملاحظة سليمة وفي مكانها قياسا إلى أغنيات مصطفى ذات اللونية المغايرة لتجربة " عم عبد الرحيم". غير أنها ولهذا السبب بالذات تخطئ خطأ فادحا من حيث إصدارها حكما على عمل ليس موسيقيا بالدرجة الأولى! تقريبا للصورة فإنه ليس صحيحا أن نحاكم المسرح بعيون ورؤى سينمائية أو أن نبحث عن الغناء وقيمته الجمالية الأساسية في الذكر والمديح والإنشاد الديني. فمع اختلاف الوسيط واللغة الفنية الجمالية, يختلف الفن نفسه ويتحول من جنس لآخر. لأي لونية موسيقية تنتمي أغنية " عم عبد الرحيم" إذن؟ إنها ليست من بنات الغنائية والتطريب أصلا. ولذا فإن البحث فيها عن الغنائية هو بحث أحول وضال لهدفه من الأساس. عم عبد الرحيم ليست أغنية بالمعنى التقليدي الدارج للأغنية, بل هي لون من ألوان الدراما الموسيقية, تؤدي فيها الموسيقى وظيفة فنية أقرب إلى الموسيقى التصويرية incidental music. بهذا المعنى تكون الحبكة الدرامية هي العنصر الغالب والمسيطر على الشكل الفني, بينما تؤدي الميلودية والموسيقى دورا ثانويا داعما ومعبرا عن " الثيمة" الدرامية. " عم عبد الرحيم" يتعذر تذوقها موسيقيا وجماليا بدون إقامة مسرح افتراضي متخيل في الذهن يعطي الشعور بالزمان والمكان والأحداث والشخصيات وهي تتحرك بلحمها ودمها أمام ناظرينا. إستعارة لمقولة "وما العالم كله سوى منصة مسرحية" يرسم الشاعر محمد الحسن سالم حميد صورة متكاملة لمسرح الهواء الطلق, أبعاده المكانية والزمانية هي فناء القرية كلها وامتداداتها الشاسعة الرحبة بفضاءاتها وجروفها ونخيلها ومزارعها وبامتداد قضيب السكة الحديد على حافتها أو عبرها. فهناك طلة الفجر, صياح الديك, ثغاء الأغنام و" نقة" الصباح حول حلة الملاح وغيرها من تفاصيل الحياة اليومية المتعثرة في حوش منزل عم عبد الرحيم. ومن الشخصيات الدرامية هناك عم عبد الرحيم, حاجة آمنة وأم الحسن و" زملان الشقا" وعمال المزارع الذين يبتاعون سلعة العرق والضراع ويقتاتون الإملاق والصبر اليوماتي الما ليه حدود. وبين هذا وذاك علينا ألا ننسى الكجر وعربية الكجر والحمار. تبدأ تراجيديا الأغنية بإشراق شمس يوم جديد, صلاة الصبح, ثغاء الأغنام, الهم وهمهمات الصلاة والذكر والتسابيح وتحديات الحياة اليومية وعنتها. يغادر عم عبد الرحيم جراحاته ومآسيه العائلية الصغيرة ليندغم في المأساة الأوسع نطاقا على امتداد القرية كلها ويحدد موقعه من العلاقات الاجتماعية السائدة التي تحكم عليه وعلى أمثاله بلعنة الفقر مقابل تمايز طبقي آخر لا تستشعر فيه الفئات الاجتماعية المحظية وطأة الفقر ولا الجوع ولا المعاناة. فهؤلاء "ناسا حالها زين" كما قال عنهم حميد. ربما لم يراجع الشاعر يوما كلاسيكيات العقدة الدرامية التراجيدية كما جاءت في نسختها الأولى لدى الفيلسوف اليوناني أرسطو وصولا إلى دعاة ومنظري الكلاسيكية المحدثة اللاحقين. إلا أنه كتب بقريحته الشعرية – التي لا تخلو من وعي وحس درامي مذهل في معظم ما كتب- لونا من ألوان المأساة في مواصفاتها الكلاسيكية بوحدة فعلها وزمانها ومكانها, وبإيقاعية حدثها وتناميه وتصاعده التدريجي باتجاه ذروته الدرامية المصاغة على نمط هرم أرسطو الشهير الذي يبين قوانين تطور الحدث الدرامي المأساوي. ودونك النهاية التراجيدية المرعبة لحياة البطل المأساوي. فما بين مأساوية الصبح الحزين والهموم البيتية العائلية الصغيرة والطريق إلى عناق مأساة الحياة كلها بهمومها وظلمها وخوائها وفقرها, يتنامى الحدث, يتوتر, يحتشد ويتصاعد إيقاعه باتجاه الذروة المفضية حتما إلى النهاية المأساوية المفجعة تحت لفح هجير شمس الظهيرة الحارقة : السكة الحديد يا عمو القطر... يا عم عبد الرحيم قدامك قطر.... السكة الحديد يا عموالقطر... وسال الدم مطر وطارت دمعتين وانشايح وتر ... وطار الخبر لأطفال القرى وعمال الحضر, أدوه الطيور وشالو البحر " دورية الكجر عربية الكجر جفلت الحماروطوح زي حجر" .... إلى آخر تفاصيل المأساة. غير أن البطل التراجيدي هنا ليس بطلا فرديا مثل أوديب وهاملت وماكبث في الأدب الكلاسيكي وما بعد الكلاسيكي. فعم عبد الرحيم هو " كمين بشر" هو محصلة الجمع والتاريخ, إبن طبقته الإجتماعية وسليل فقراء السودان ورمزهم المطلق حيا وميتا. وفي موت عم عبد الرحيم أسطورة تضفي على الموت بعدا وجوديا آخر وامتدادا للحياة في عالم " هاديس" أو عالم الموتى, شأنها في ذلك شأن أسطورة " كان كان العوام الذي غرق مرتين" في تراث أدب أمريكا اللاتينية المعاصر. "عم عبد الرحيم يا كمين بشر صحي النوم سلام ما يغشاك شر.. صحي النوم سلام ..." فالبطولة الجماعية لا تؤول إلى الموت والفناء الجماعي تحت كل الأحوال ويذهب الفرد وتبقى الجماعة. موسيقيا كان مصطفى على وعي تام بطبيعة ولونية الألحان التي اختارها للأغنية. ولمصطفى نفسه مساهمات سابقة في الموسيقى التصويرية والألحان المصاحبة للدراما. لذلك لم يكن غريبا أن ينأى عن التطريب والغنائية في أغنية لا يجوز فيها الرقص على أشلاء الموتى, ولا الصخب والطرب على إيقاع المأساة. أستثني من ذلك مقطعا واحدا في الأغنية كلها هو: ناسا حالها زين مصنع مصنعين ناسا حالها زين... وهو لم يعمد إلى التطريب والغنائية في هذا المقطع بالذات بدافع التلوين اللحني فحسب, وإنما لأن التطريب والموسيقية الراقصة يخدمان الفكرة الدرامية نفسها ويدعمانها ويؤكدانها. فبلغة الموسيقى ولا شيء غيرها استطاع مصطفى أن يقول إن علاقاتنا الإجتماعية متمايزة ومنقسمة بين أولئك الذين يتلوون فقرا وحزنا وألما, وبين أولئك الذين يرقصون ويبتهجون بملذات الحياة الرغدة السهلة التي لا يحسون فيها بوطأة الحرمان ولا المعاناة. التطريب هنا أملته ضرورة التباين الموسيقي musical contrast التي حتمتها ضرورة درامية الواقع الإجتماعي ودرامية الفن. ليس غريبا إذن ألا يكتفي مصطفى بالموسيقى التصويرية وحدها, وأن يدعمها بعناصر درامية واضحة في اللحن من حيث الإيقاع والتصوير الموسيقي اللحني للحدث, بل وبالمؤثرات الصوتية sound effects في أكثر من موضع أحس أنه لا تكفي الموسيقى وحدها لتكثيفه دراميا. راجع مثلا مقطع: حكومات تجي وحكومات تغور تحكم بالحجا وبالدجل الكجور ومرة العسكري كسار الجبور .... ما أود تأكيده في نهاية هذا المقال المقتضب هو أننا لن ننصف " عم عبد الرحيم" فنيا وجماليا إلا حين ننظر إليها من جنسها ولونها ونضعها في مكانتها الموسيقية الصحيحة. الأمر الثاني هو أن مصطفى قطع شوطا كبيرا باتجاه ما يمكن الاصطلاح عليه بأغنية السرد أو الأغنية المحكية the narrative song وهو فتح موسيقي جديد تخلفت فيه أغنية المدينة عن تراث الأغاني المنتمية للثقافات الإفريقية السودانية على وجه التحديد. ثم إنه اتجاه تمضي نحوه الأغنية العالمية كلها. هي مجرد بذرة بذرها مصطفى سيد احمد, تحمل ما تحمل من ملامح ضعفها ومكامن قوتها الموسيقية, غير أنها تمثل طاقة إلهام موسيقي كبير ومشروعا عملاقا نأمل أن نرى زهيراته ووروده وهي تتفتق وتكسو حدائق موسيقانا الجميلة. عبد الجبار عبد الله [email protected] ======================= نقلا عن سودانايل
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟ (Re: nadus2000)
|
اسمح لى بمداخلة اخى عبد الجبار وهى فيما يخص جانب توظيف الادب فى خدمة الايدلوجيا تتجلى عبقرية حميد فى تخطي الشعاراتية والمباشرة والتقريرية التى يتسم بها المنفستو السياسي وقدرته الخلاقة لتوظيف التفاصيل المشحونة بالعواطف فى حياة الطبقة الكادحة الى برنامج عقلانى للتغيير الاجتماعى عبر مؤسسات حداثوية مثل تجمعات المصانع التى تجسر من جسر بنية الوعي للريفي البسيط الى بنية تنحاز الى علاقات انتاج تفرز مضامينها الجديده عبر لغة تتسم بالدينميكية والحساسية العالية
ولى عودة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟ (Re: nadus2000)
|
شكرا يا حبيب على الايضاح الشافي ... وبالمناسبة كشر "بضم الكاف" دي حقتنا ملك حر، وترجمتها العربية بالحرف تعني مفتاح، والظاهر انو، وبحكم الجوار كما هي العادات السودانية الحميمة، انتو ما كان عندكم "كشر"، قمتو استلفتو مننا "كشرنا".
واظن ان ما بيننا من "نفافيج" ،هي كدة صاح؟؟، مفتوحة دائما يغنينا من كل "كشر ". وشكرا مرة اخرى .
وبالمناسبة تاني، انتو ليه ما بتكلمونا عن اللغات واللهجات المحلية، ومصطلحات الترابلة، "والترابلة دي ذاتا حقتنا"، والثقافات الشعبية بين قبائل السودان المختلفة . اعتقد ان بها الكثير الكثير المشترك، وهي بمثابة الحبل السري الذي يرضع جنين التوحد وهو بعد في صدور البسطاء، قبل ان يخرج ويلفحه سموم الاستثقاف وتنتاشه فيروسات التسايس.
ولك الود
ود الجيران.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟ (Re: nadus2000)
|
اولا التحيات الطيبات اخي عبد الجبار لك التهنئه وهكذا عهدناك بجراة التناول وحسن المعالجه خصوصاتلك المواضيع التي تدور حول المفاهيم التي يكرسها الفكر اليومي تماما مثل هذه المفاهيم مثل تلك القائله بلا موسيقية اغنية عم عبد الرحيم وانتفاء صقة اللحن والغنائيه فيها . ولقد اعجبني كثيرا.تحليلك التذوقي للحن عبر التعريف بمناطق التذوق المهمله لدي المستمع المهمل( بضم الميم) ربمابقصد او بدونه اطالما المهم هو استعجال الاحكام واطلاق الكلام علي عواهنه. فمن ذا الذي يستطيع ان يحدد ان هذا لحنا وذاك غيره دون ان يلتفت للتراث الانساني ونسبيته المطلقه حتي وان كان متخصصا وهذا انكاء فان الدارس للموسيقي يعرف من السنه الاولي ما هو ببساطه الانتقال اللحني وما هو الانتقال الهارموني وما هو اللحن الايقاعي. المهم ما اريد قوله هو ان الركون لمثل هذه الفكره ومن ثم اعتبارها حقيقه هو مكمن الخطر اعني ان القبول من حيث المبدا بالفكرهومن ثم محاولة البحث عن عناصر اخري في الاغنيه وابرازها كمعوض عن المفقود اي اللحن او الغنائيه. مثل الدراميه او محكامة العمل خارج اطره الموضوعيه او كون ان العمل لبس موسيقيا بالدرجه الاولي فالقول بعدم وجود لحن في العمل مبديئا خطا فادح ولا يمت للوافع بشى. فما هو اللحن اذن؟ ساحاول هنا ايجاد تعريفا تقنيا للحن دون الركون الي المصطلح العلمي ومن ثم نقارن ذلك مع اغنية عم عبد الرحيم.كثيرا ما يتحدث البعض عن عبارة التطريب بوصفها المعبر الوحيد عن الغنائيه اواللحن هذا خطاء اساسي فالطرب يمثل حاله نفسيه انفعاليه قد تصيب المؤدي والمستمع معا وفيها يشترك تاثير النص الشعري مع اللحن في اللحظه المحدده والظروف المتوفره لكل العناصر المشاركه في عملية الطرب تلك كان يكون المؤدي في تلك اللحظه مزاجه رايق اوصوته في الفورمه او ان يكون المتلقيي مهياء لسبب ما اي بمعني اخر انها حاله متحوله وليست ثابته كما ذكرت انها حاله انفعاليه فمُثلا يمكن ان تستمع لهذا اللحن اليوم وتنطرب له اشد الانطراب ولكن في ظرف اخر لا. مع ملاحظة ان تجربة الفنان مصطفي سيد احمد لاتعتمد هذا الاسلوب في التذوق بل بالاضافة الي ذلك ذلك طرح اسئله حياتيه اساسيه. فما هو المقصود من كلمة تطريب اذن اعتقد ان المعني هو تنغيم والتنغيم يعني الانتقال من نغمه الي اخري وفق الترتيب السليم اعني غير المنشذ للنظام النغمي المحدد فهنالك انظمه نغميه كثيره في هذه الدنيا.فلنتناول مثلا مطلع اغنية عم عبد الرحيم لندلل علي هذا القول. يبدا المغني الاغنيه بانتفالات نغميه واضحه تتالف من خمسة انتقالات ميلوديه كامله وشامله اي بمعني اخر تتالف من كل النظام النغمي الذي علي نهجهه يتالف العمل اعني النظام الخماسي هذا غير التحولات التصعيديه القصوي التي يترجمها المؤدي عبر سفره مع النص وتحولاته الدراميه والتقاطاته للهم اليومي الاعتيادي غير العادي ولا انسي هنا التقنيه التي استخدمها الفنان للتدليل علي وشوك وقوع الخطر لشخصية عبد الرحيم وما فيها من انتقال ميلودي درامي تصعيدي يخرج بالمستمع من الرتابه المفتعله لصالح الخطاب السردي المتميز بالشجن الذي هو ابلغ من الحزن واعتقد ان اصحاب الراي القائل بعدم وجود لحن يقصودون ان اللحن غير متطورفي نظامه الداخلي وهذا شى ضروري كما ذكرت لصالح بنية النص السرديه ودون ان نفكر من خلال مفهوم الاغنيه السودانبه التقليديه. هذا دون ان اذكر الاشكال الابقاعيه وتحولاتها في الانتقالات الميلوديه وللمعلوميه هناك كما ذكرت عدة انتقالات منها علي سبيل المثال الانتقالات الهارمونيه وهذه تقريبا تحددها ابعاد رياضيه تتفق والنظام النغمي المحدد وهنالك انتقالات ميلوديه وهذه التي تهمنا وتاتي هذه غالبا متجاوره اي بمعني ان ينتقل المغني اوالعازف من صوت الي الاخر انتقالات قريبة الابعاد ليحدد بذلك كثافة الجمله اللحنيه. فكلما تقاربت الابعاد الانتقاليه كلما زادت الكثافه اللحنيه وكلما ابتعدت قلت الكثافه اللحنيه ولكن في كل الاحوال لايمكن ان ينتفي اللحن ولهذا تاتي التصنيفات بان هذا لحن ذو طبيعه ايقاعيه بمعني انتقالاته النغميه قليله ولكن تركيزه علي الانتقالات الايقاعيه اكثر . كان يقوم العازف او المغني بالتركيز علي اصوات محدده ويشكلها ايقاعيا وهذا ما يميز الموسيفي الافريقيه. ومعكوسها الجذري تعبر عنه الموسيقي الشرقيه من فارسيه وعربيه وتركيه وكرديه وغيره وهذه تركز علي الانتفالات النغميه الي حد بعيد وفي بعض الاحيان تكون حتي انتفالات غير كامله لدرجة ربع النغمه. وفيها يستقل الايقاع او الضرب كما يسمي في التراث الموسيقي العربي عن الميلودي استقلالا كاملا والموسيقي الغربيه او الاوربيه تتميز بالطبع بالاسلوب التوافوقي الهارموني.. لااريد الاسهاب في التعريفات النظريه الموسيقية لدرجة الخروج عن الموضوع. لكن هنالك شيئا هاما لابد من قوله .وهو ان العمل الشعري لعم عبد الرحيم نفسه يحتوي علي الغنائيه وهي بالضروره ليست النغميه بمعني اخر ان كاتب النص الشعري او النص الشعري نفسه يفترض مناطق من المجال النوعي للمعني تلك التي تحدد الكيفيه اللحنيه او الصياغه التي تشكل المناخ العام للحن ومن خلالها نستطيع القول ان هذا لحن ذو طابع حزين وهذا ثوري وذاك متمرد ....الخ ومجموع تلك المعاني واشتغالها في الذاكره هو الذي يرسم الطريق للملحن الذي يقترح نصا معادلاللغنائيه الكامنه في النص الشعري نفسه اي بمعني انه لا ينفيه بل يوسعهه حسب التاريخ الاستعمالي للمفاهيم الوارده في النص الشعري ولكن عندما يتاثر المستمع بقوالب تاليف وتلحين تقليديه ويتعود عليها يقوم بعد ذلك بجعلها مقياسا. فانا اعتقد ان المصدر الوحيد لهذه الادعاءات هو سيطرة النمط الامدرماني للاغنيه ان جاز التعبير اواغنية الحقيبه لذلك يهمل المستمع الاشكال التاليفيه الاخري والموجوده في التراث الانساني والسوداني علي السواء فمن منا لا يعرف القاص او الحكاي الذي يجوب البلاد طولا وعرضا حاملا ربابه ويحكي للناس ماثر الابطال والرواد الاوائل. والطبعه السودانيه لهذاالجوال وهذا ليس الموبايل بل المغني الذي يحمل الة ام كيكي. وما اريد قوله ان اغنية عم عبد الرحيم اؤلفت علي هذا النهج من الموسيقي الشعبيه. خاصة وان النص في المقام الاول نص سردي ويحتوي في تركيبته الصياغيه علي قصه او حكوه.وهذا ما حاول الفنان مصطفي سيد احمد ان يعكسه في ما اعتقد عبرقريحته اللماحه الذكيه. وبها احيا عم عبد الرحيم الذي مات في النص مرتين وعاش في لحن مصطقي الي الابد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟ (Re: nadus2000)
|
فى يوم ما من العام 1990 كما اعتقد,عندما كان الاستاذ مصطفى سيد احمد متواجدا بعاصمة الاتحاد السوفيتى سابقا موسكو للعلاج سافر الاستاذ مصطفى سيد احمد من موسكو الى كييف استجابه لدعوة الطلاب السودانيين بمدينه كييف كان الراحل المقيم الاستاذ مصطفى سيد احمدقد انتهى فى ذلك الوقت من تلحين قصيدة الشاعر محمد الحسن سالم حميد (عم عبد الرحيم) ,ولم يكن الاصدقاء فى كييف قد استمعوا لها بعد.وفى احدى الامسيات, التف الجميع حول الاستاذ مصطفى سيد احمد رغبة فى الاستماع.عندماشرع الاستاذ مصطفى سيد احمد فى غناء العمل الجديد(عم عبدالرحيم)كان الجميع فى اقصى حالات الانتباه.هكذا شرع مصطفى يروى احداث تتوالى ذات مكان وزمان ثم ان الشخصيات بداءت تتحرك فى فضاءتها وتوالت الدراما الموسيقيه فى صعودها نحو ذروه التراجيديا السكه الحديد ياعم القطر ياعم عبدالرحيم قدامك قطر وسال الدم مطر فى هذه اللحظه بالضبط تهاوت سميه (بت البلد) كما كنا نناديها,هى والكرسى الذى كانت تجلس عليه,سقطا على الارض, وانفجرت (بت البلد)فى نوبه حاره وحارقه وحاده من البكاء المر. توقف الاستاذ مصطفى سيد احمد عن الغناء’وبداء الجميع يحاول تهدئتها.....ولما لم يستطيعوا انخرط الذين يملكون شجاعه كافيه فى البكاء......استغرق الامر وقتا حتى هداءت (بت البلد)ومن ثم الجميع .ا ماحدث فى ذلك اليوم اكد لى اهمية مثل هذه الدراماالموسيقيه(عم عبدالرحيم).وقرب هذا العمل من وجدان الناس الخلود للاستاذ مصطفى سيد احمد فى قلوب وعقول محبيه التحايا والتجله للشاعر محمد الحسن سالم حميد والاشواق للصديقه سميه (بت البلد) تلك السناريه الرائعه,ياترى اين هى الان؟ شكرا للاستاذ عبدالجبار عبدالله على هذا التحليل الجميل والشكر للاخ نادوس عاى اختيار هذا المقال المهم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟ (Re: abdelgafar.saeed)
|
للجميع الإخوة شكرا لإضافاتكم لهذا الحديث حول الأغنية القضية
Quote:
¨ في (عم عبدالرحيم) .. القصيدة الميلودرامية تفتح لدى المتلقي كل النوافذ وتلغيها في آنٍ واحد، وذلك لإشارتها لزمن تتعدد سماته بتعدد رؤية المستمع ووفقاً لإسقاطاته، فما هي سمات الزمن فيها وأطراف إطاره العام، وإلى أي مدى أنت متفائل؟
حكاية (عم عبدالرحيم والموت مرتين) ، الحق يقال أن الشاعر الصديق (عوض فضيل) وأنا مديون له بالكثير من الصور والأخيلة والأفكار الشعرية في عم عبدالرحيم بالذات مقابل إعتزازي به كرائد أول من رواد الرحيل باللغة العامية إلى مُدى وآفاق أرحب مستنداً على إرثه التراثي العميق وثقافته وإطلاعه الواسع على أدب الدنيا، وأعده فتحاً من الفتوحات الشعرية والتي تحتاج إلى مساحات واسعة للدراسة وتقصي أثرها وبعدها التاريخي في حياتنا الثقافية ، أعتقد وآمل أن لا أكون مخطئاً أن رائعة عوض فضيل (حماد ود سعيد) هي الشجرة الأم الباسقة التي طرحت ذلك الفرع (عم عبدالرحيم) الذي أضفى عليه مصطفى الكثير من رحيقه الصافي، وعموماً الشاعر الحقيقي لا يكتب موضوعاً محدداً وإنما يرسم حياة بكاملها ويشكل نهجاً لمعايشتها، ولا تكتمل هذه المعايشة أحياناً إلا بوجود الناقد الممتلك لأدواته ويولد الأسئلة ويقترب منها..، ويسمي لنا من هو عم عبدالرحيم مثلاً ..، وهل أغتيل ومن الذي فعل به ذلك، وهل مات موتاً عادياً كموت (حماد ود سعيد) في حادثه المروري، أم أنه الشعب يقتل ولا يموت ، فالشاعر ليس لديه القول الفصل لأنه بمجرد الإنتهاء من كتابة النص يبقى مجرد متلقٍ عادٍ .. وربما يبله عن بعض جوانب نصه.
وأما ما تسميه تفاؤلاً فأراه إيماناً وإرتكازاً على هذا الشعب الذكي الطيب والذي يتقن فن ممارسة الحياة مثلما يتقن دفن موتاه والنهوض بصبر جميل.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟ (Re: nadus2000)
|
عم عبد الرحيم يا كمين بشر
صحي الموت سلام
ما يغشاك شر
أولا أشكر الأخوين الحبيبين نادوس وشيبة.. هذه أغنية الدموع والحزن، ولذلك أنا أحبها وأتحاشاها.. وأهدي هذه الأغنية في هذا الصباح الحزين إلى إخواني الجمهوريين، وإلى جميع مواطني مدني، الذين فقدوا مساء البارحة المهندس عز الدين ميرغني إثر حادث حركة في منطقة الفاو.. حار العزاء للإبن محمد عز الدين في أمريكا وأسرة الفقيد العزيز.. القصيدة تعبر عن عز الدين المهندس الطيب القلب، المنطرح الأسارير، المحبوب من كل من عرفه أو التقاه.. أنا أعرف أن عز الدين عاش مهموما بأهله وبأصدقائه وبالفقراء وبالوطن..
وداعا أخي العزيز عز الدين، وصح في الموت سلام، ما يغشاك شر
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عم عبد الرحيم" .. كيف نتذوقها موسيقيا وجماليا؟ (Re: nadus2000)
|
الاخ الوليد عثمان لك التحية نحن نعرف الاغنيه فى معناها التقليدى او الشعبى او الحديث يا ريت تورينا عم عبد الرحيم تابعه لى ياتو معنى الاغنيه الرستاتيفيه او الالغائيه التى يسترسل فيها المؤدى لها ضوابطها وقوانينها حتى ظهور شعبان عبد الرحيم فى اغنياته هذه يتبع اسلوب متراصى منساب يستطيع المستمع ان ينفعل مع كليات الاغنيه لا الكلام فقط الاغنيه لم تتجاوز حدود المدى الصوتى لاله العود واقصد المدى الصودتى التقليدى من نغمه دو الى مى فى كلمه القطر لذلك من اولها نبتت محصوره مصطفى الله يرحمه اعتمد غلى تثبيت اللونيه الشعريه اكثر من الالحان لذلك حتى اذا قارناها مع معطيات الحاضر وقلنا انها اغنيه راب نجدها غير منسجمه مع فكره الراب وشكرا للحوار
| |
|
|
|
|
|
|
|