توقف النشاط الاقتصادي للأهالي في منطقة كجبار بقرار الحكومة بتشييد السد في التسعينات من القرن الماضي في الفترة ما بين ١٩٩٤ م وحتى ١٩٩٨ م وامتنعوا عن البناء والزراعة خاصة زراعة أشجار الفواكه والنخيل، ثم أطلت المشكلة من جديد وبطريقة اقتحامية غامضة تصدى لها الأهالي وانتظموا في لجان، وقد استفزتهم الإجراءات التعسفية التي بدأت بها إدارة السد عملها بتكوين لجنة نزع سواقي كويين ( ٢،٣،٤ ) إذ قامت هذه اللجنة باصدار اعلان عام لكل الملاك للحضور إلى مقرها وتسلم التعويضات وإلا سوف تودعها البنك مع العلم أن سلطة النزع والتعويض حسب قوانين السودان تتبع لرئاسة الجمهورية مباشرة مما استفز الاهالي خاصة وإن اللجنة لم ترد على المذكرة التي رفعوها عن عدم أهلية هذه اللجنة للقيام بهذا الاجراء واتصلوا بأبنائهم في الخرطوم للمساعدة في مواجهة الصلف والعنترية التي مارستها إدارة السد.
علم الدين عبد الغني المحامي كان ضمن الوفد الذي توجه إلى المنطقة - وتم اعتقالهم على مشارف مدينة دنقلا - يروي ل(الميدان) تفاصيل الاعتقال وما تعرضوا له من سلطات الأمن واﻟﻤﺨابرات بتلك المنطقة، يقول علم الدين: علمنا بما جرى في المنطقة من أحداث وقررنا الوقوف مع أهلنا ومتابعة الأحداث المؤسفة التي حدثت وغادرنا الخرطوم في ٢٠٠٧ م وكان معي في /٦/ الرابعة عصراً يوم ١٣ الوفد الاستاذ عماد ميرغني والصحفيون أبو عبيدة عوض (رأي الشعب) عبد الله (السوداني) أبو القاسم فرضا(ألوان) وصلنا مشارف دنقلا حوالي الساعة الحادية عشرة ليلاً لنجد في استقبالنا ملازم في سلاح المدفعية ليتم اعتقالنا وترحيلنا لمكاتب جهاز الأمن بالمحافظة بعد التحري تمت مصادرة كل أجهزة الموبايل وتركونا جلوساً حتى الثامنة والنصف صباح اليوم التالي وقضينا الليلة تحت رحمة البعوض والحشرات والتعرض للاستفزاز والتهديد بالقتل من قبل أحد الضباط، المهم في الأمر اننا قضينا ثلاثة أيام بين الاستجواب والاستفزاز حتى تم ترحيلنا للخرطوم بحري القطاع السياسي ومن ثم المكتب التنفيذي ٢٠٠٧ م. /٦/ لجهاز الأمن في صباح ١٦
بين كوبر ودبك: ------------------- داخل كوبر تم تقسيمنا إلى مجموعات وكنت أنا والصحفي أبو عبيدة عوض داخل زنزانة واحدة مع ستة آخرين، وأخذ العدد يزداد تدريجياً حتى وصل إلى خمسة عشر معتقلاً في مساحة لا تكفي لخمسة أفراد، وكنا نستلقى على مراتب ردئية وضعت أرضاً لا يتعدى سمكها بوصة واحدة مما سبب لنا حساسية في الصدر، وكنا نتعرض للشتائم والسباب وبعض الأحيان للضرب، وأذكر أن الصحفي أبو عبيدة قام بنحت اسمه على الجدار فتعرض للضرب والاهانة من قبل ضابط أمن، ويواصل علم الدين حديثه قائلاً: قضينا في كوبر حوالي شهر كامل تعرضنا لكل انواع الإذلال والاهانة منها الوقوف في الشمس لساعات طويلة، وبعدها تم ترحيلنا بعربات كبيرة مظللة ونحن منحنيون وواضعون رؤوسنا « بصات » بين الركبتين لمدة أكثر من ساعتين حتى وصلنا سجن دبك، وهو عبارة عن عنابر من المباني الجاهزة والتي تشتد حرارتها عند انقطاع التيار الكهربائي وهو في حالة انقطاع دائم، والغذاء ردئ وشحيح مما سبب لنا مشاكل في المعدة ورفضوا شراء الدواء الذي استخدمه، علماً بأن السجن لا يوجد به طبيب، وأصبت أيضاً ٦٠ ) والطبيعي أن - بانخفاض في ضغط الدم ( ٩٠ يتم حجزي بالمستشفى واعطائي محاليل وريدية على الأقل لمدة ٢٤ ساعة ولكن الضابط المسؤول رفض ذلك واكتفى باعطائي ملحاً في ماء وكان على عجلة.
وعن أساليبهم الاستفزازية يواصل الأستاذ علم الدين حديثه قائلاً: أخذ أفراد الأمن كان يضرب الكرفانات بخرطوش مياه أسود طوال الليل وهو حتى يمنع المعتقلين من النوم لذلك لم « بله » يصيح نكن نرتاح أيام مناوبته.
« اختلاس النظر لمعرفة أخبار العالم » ------------------------------------- منعنا من الصحف والمذياع والتلفاز فكنا نختلس النظر عندما يطلع أحدهم على صحيفة لمعرفة أخبار العالم لقراءة المنشتات الكبيرة والاستعانة بالأخ عيسى القرعاني وقد كان حاد البصر لدرجة أنه يتسطيع قراءة أصغر عمود في الصحيفة ولذلك أستطعنا الاطلاع على أخبار العالم من حولنا، ومن ثم كنا نعمل على نقل الأخبار إلى بقية المعتقلين عن طريق استخدام الاشارة لغة الصم والبكم، وقد اكتسبنا مهارة بالغة في التعامل مع الاخرين حتى أننا أصبحنا نعلم بعضنا بعض هذه الاشارات وان كان الكثير منها صعب الفهم.
بعد قضائنا مدة شهر بدبك تم ترحيلنا مرة أخرى إلى سجن كوبر حيث بقينا هناك لمدة ٩ أيام ومن ثم أطلق سراحنا.
قذافي عبد المطلب صحفي بالأيام من أبناء منطقة اردوان وهي من المناطق المتأثرة بالسد، تحدث عن تجربته مع الاعتقال ومعه ثلاثة صحفيون اخرون وقد كان « وألوان « رأي الشعب « و « السوداني » من أحد الذين لبوا نداء أسرهم قائلاً: ككل أبناء المنطقة كنت اتابع تطورات أحداث سد كجبار باهتمام بالغ عبر الهاتف مع أبناء المنطقة وقد تلقيت اتصالاً يوم ٢٠٠٧ م الساعة الثانية عشرة ظهراً /٦/ الأربعاء ١٣ بوجود مسيرة سلمية رافضة لإنشاء السد تحركت تجوب الحقول حتى الطريق الذي يربط بين دنقلا ووادي حلفا، لاهمية هذا الحدث كنت في اتصال مستمر مع أبناء المنطقة ولكن ولفترة وجيزة انشغلت بأحداث عملي الصحفي حتى نهاية اليوم بالأحداث التي جرت في المنطقة في هذه المسيرة وقد تمت دعوة لبعض الصحف للحضور لتغطية هذه الأحداث ولمعرفة رؤسائي في العمل باهتمامي بهذه الأحداث فقد تم تكليفي من قبل الصحيفة لتغطيتها خاصة باعتباري من أحد أبناء المنطقة وهذا ما يسهل العمل، وقد علمت بأن أهالي المنطقة قد ناشدوا أبناءهم المقيمين بالخرطوم من صحفيين ومحامين ومهندسين الحضور لمشاركتهم الأحداث وإن هناك عربة قد تم استئجارها متحركة في انتظارهم، تحركنا من الخرطوم حوالي الساعة الرابعة مساء من نفس اليوم وكان معي ثلاثة محاميين ومهندس وثلاثة صحفيين بالإضافة لسائق العربة المؤجرة من وعند وصولنا لمشارف « الليموزين » أحدى شركات دنقلا وجدنا مجموعة من الشرطة بانتظارنا وقد تم تفتيش العربة وبطاقات الهوية التي نحملها وصادروا الكاميرات وكانوا قد استدعوا قوة أخرى للدعم وأخذونا جميعاً إلى مقر الأمن واﻟﻤﺨابرات الوطني وتم استجوابنا عن أسباب حضورنا وغير ذلك الكثير من الأسئلة التي استمرت حتى مشارف الفجر.
وكنا قد وصلنا حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف مساء ومن ثم تركونا جالسين على مقاعد حتى صباح اليوم الثاني في منطقة تجمع بعوض وحشرات وقد كنا في حالة مزرية من شدة الارهاق من جراء السفر طوال اليوم ثم الجلوس على كراسي طوال الليل واحتججنا على هذا الوضع باعتبار اننا صحفيون في مهمة رسمية ولا يجب أن تتم معاملتنا بهذا الشكل وقد استجابوا لنا بأن تم نقلنا إلى مسجد مشيد داخل الجهاز وبقينا فيه حتى الرابعة من صباح اليوم الثاني ومن ثم تم نقلنا إلى الخرطوم.
في دنقلا المباني غير مجهزة للاعتقال. ---------------------------------- يواصل الاستاذ قذافي حديثه عن تجربته مع الاعتقال قائلاً في دنقلا كانت المعاملة جيدة نوعاً بالمقارنة مع الخرطوم خاصة وان مباني الجهاز هناك غير مجهزة للاعتقال ولا توجد زنازين بالمعنى المعروف هنا في الخرطوم بل لم تكن أبوابها حتى مغلقة، كنا ندخل ونخرج منها كما نشاء، كما انهم كانوا يحاولون تلبية بعض رغباتنا وكأنهم لا علم لهم بسبب اعتقالنا ولا يعيب تلك الفترة الا اليومين الذين قضيناهما ونحن جلوس على الكراسي عرضة للبعوض والحشرات وإن كان هذا لا يبرر اعتقالهم لنا لأنهم ليس وبالطبع كان هناك من سبب للاعتقال أساساً. وفي صباح الجمعة تم ترحيلنا إلى الخرطوم بحري في رئاسة الأمن ومن ثم المكتب التنفيذي وهناك بدأوا في استجوابنا حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً ومنه حولنا إلى سجن كوبر وقد مكثنا هناك لمدة أسبوع دون أن يتم استجوابنا خلال هذه الفترة مما يدل على أن هذا نوعاً من العقاب أو الاذلال لأنه وعند اعتقال الأمن لاي شخص يكون الغرض استخراج معلومة منه.
لماذا لم يتم استخراج أو حتى محاولة لاستخراج المعلومة منك؟ كان القصد الاذلال بالحبس فهم لا يريدون المعلومة وهذا ما قصده هؤلاء، حيث بقينا بكوبر مدة أسبوع وقد تم فتح ملف سياسي يتضمن كل المعلومات عنا حتى إذا حدثت أي مشكلة خاصة بكجبار يتم اعتقالنا، وقد كنا أكثر حظاً نحن الصحفيين من زملائنا الاخرين الذين اعتقلوا هنا فقد استجابوا لنداءات الصحف وتم اطلاق سراحنا ولكن الاخرين قضوا أكثر من شهرين متنقلين بين كوبر ودبك.
كلفته الشركة بمهمة قضاها في السجون: --------------------------------------- استأجر « ليموزين » عثمان عثمان شمت سائق شركة أبناء المنطقة منهم سيارة للذهاب تلبية لنداء أسرهم وكان لسوء حظه السائق الذي تم تكليفه من قبل الشركة لقيادة تلك العربة، ولندعه يسرد تجربته مع الاعتقال: أعمل بشركة ليموزين وأنا من أبناء منطقة ومن سياسة عملنا بالشركة أن العربات « اردوان » التي تستأجر لجهة محددة يكلف السائق الذي من تلك الجهة لتسهيل عملهم وهذا ما حدث، كلفت من قبل الإدارة لقيادة هذه العربة. والمفارقة هنا أنه وقبل هذا بأربعة أيام فقط عدت من المنطقة وقد رافقت وفداً من المستشارين الفرنسيين الذين أتوا لتقديم دراسة حول الوضع في السد وقد كنت وسيلة حماية لهم لأن أبناء المنطقة حاولوا التعرض لهم باعتبارهم منفذين للسد ولكني أفهمتهم وضعهم ووفرت لهم السكن والاقامة وسط الاهالي وقد أشادوا بذلك وكنت منذ بداية المشروع ارافق الكثير من الوفود حتى أصبحت صاحب خبرة في مجال الدراسات التي قدمت لهذا المشروع ولكل تلك الأسباب تم اختياري من قبل الشركة لمرافقة هؤلاء. طلبوا مني الحضور لتسليم المعتقلين أغراضهم وبدلاً عن ذلك اعتقلوني: عند بداية الرحلة تعرفت على اثنين من الركاب وهم قذافي وعماد بحكم أنهم من نفس الحي ولكن الاخرين لم أكن أعرفهم وعند وصولنا إلى مشارف دنقلا وجدنا عربة من أفراد الأمن في انتظارنا وأخذونا إلى مباني الأمن هناك، وتم استجوابي فأخبرتهم بأني سائق العربة التي استأجروها فأطلق الضابط سراحي على أن أحضر في صباح اليوم الثاني لتسليم المعتقلين أغراضهم وتسلم بقية الحساب والعودة بالعربة إلى الشركة وما حدث هو اني أتيتهم فتركوني في الانتظار لأكثر من ثلاث ساعات، طلب مني الضابط أن أسلمه رخصة القيادة ومفتاح العربة، وضمن اﻟﻤﺠموعة تم ترحيلنا صباح اليوم الثاني إلى الخرطوم بعد أن تم استجوابنا بمباني الأمن، على الرغم من أني اخبرتهم بأني مجرد سائق العربة المستأجرة ولكن رحلنا إلى كوبر ومكثنا لأكثر من شهر. أصبت بالسكر من جراء الصدمة: ---------------------------- في كوبر أصبت بحالة من الاعياء التام حيث تم عرضي على طبيب أجرى لي الفحوصات الطبية التي أظهرت داء السكر ولم أكن أعاني منه من قبل ولكن شدة القهر والظلم والذل الذي أحسست به من جراء حكمهم الجائر أدخلني في هذه الحالة والتي صارت للأسف مرضاً مزمناً سوف يلازمني العمر كله، وعلى الرغم من علمهم بما يتطلبه هذا المرض من عناية طبية خاصة وأنواع محددة من الطعام الا أن ذلك لم يحدث فقد كان يتم تقديم الطعام المعتاد لكل المعتقلين، لذلك رفضت تناوله وفضلت الصوم حتى استطيع التعافي من المرض لمدة ثلاثة أيام لم أذق طعاماً حتى استطيع أن انظم السكر في دمي، وبعد أكثر من شهر بسجن كوبر وأنا لا علم بسبب الاعتقال، تم ترحيلنا إلى سجن دبك وقد كانت زنزاناته عبارة عن كرفانات ليس بها حمامات حتى إذا احتجت إليها لا بد من طلب ذلك وقد يستمر الانتظار طوال اليوم إلى أن يلئر طلبك. وقد كانت تقدم لنا اردأ أنواع الطعام حتى اننا قررنا الدخول في اضراب عن الطعام لتحسينه وبعد تهديدنا بهذا الاضراب وبعد أكثر من شهر بسجن دبك أعادونا إلى كوبر مرة أخرى ومن ثم اطلق سراحنا.
« رأي الشعب » أبو عبيدة عوض صحفي بصحيفة كلف من قبل صحيفته لتغطية أحداث كجبار وكان ضمن الوفد الذي تم اعتقال افراده على مشارف مدينة دنقلا، يقول أبو عبيدة كلفت من إدارة التحرير بتغطية أحداث المتأثرين بقيام سد كجبار وحضرت عربة بها بعض الصحفيين تعرفت منهم على قذافي وتحركت بنا حتى مشارف « الايام » عبد المطلب من مدينة دنقلا حيث اعتقلنا، لا أريد إعادة ما تم سرده قبل الزملاء ولكن أحب أن أوضح أن ما حدث كان عبارة عن استنساخ للنموذج المصري الذي هدف إلى بسط سلطة الدولة البوليسية ابان حكم أنور السادات، ولكن السؤال هل يمكن أن ينتج هذا النموذج في السودان، ويواصل أبو عبيدة حديثه قائلاً إن المكونات الثقافية عندنا تختلف عن المكونات الثقافية للشعب المصري وهذا النموذج فاشل تطبيقه في البلاد.
يقول أبو عبيدة إن القصد من اعتقالنا هوارهابنا وإشاعة الخوف بدواخلنا من أي تفاصيل يجب ذكرها للمواطن واعتقد أنه من أبشع أنواع العذاب الذي تعرضنا له تعذيب نفسي وليس جسدي حقيقية لم يتم تعذيبنا جسدياً، لقد ذهبنا لتغطية أحداث حقيقية بحيادية تامة التي يجب أن يتحلى بها الصحفي لنقل حدث بعينه ولكن للأسف لقد تعرضنا للاعتقال دون مراعاة لأهمية عملنا.
القصد من وراء الاعتقال واضح، إنه عبارة عن رسالة موجهة لكل الصحفيين والمواطنين وكل أبناء منطقة كجبار لنكف عن نقل الحقائق للرأي العام، لا يوجد من هو معصوم من الاعتقال إذا كنت صحفياً أو مواطناً عادياً يتم اعتقالي دون أي أسباب واضحة أو تحقيق، إذن ما نتحدث عنه من حريات وديمقراطية مجرد ألفاظ نطلقها لتضليل الرأي العام المحلي والعالمي، رغم إن الدستور كفل الحريات ولكن القوانين ما زالت مقيدة للحريات ولا تتماشى مع نصوص الدستور وأخشى أن تستمر هذه القوانين المقيدة للحريات لأن البرلمان يسيطر عليه المؤتمر الوطني بالاغلبية والتي سوف تحرص على نفس القوانين حرصها على سيطرة الدولة البوليسية.
نحن أسرى لعقلية أمنية وتضامن الصحفيين ساهم في اطلاق سراحنا: وعن تجربته على المستوى الشخصي يقول أبو عبيدة هذه بالنسبة لي تجربة غير حميدة. كنت اعتقد أنني سوف أنقل معاناة أهلي في كجبار وأقدم مادة للرأي العام تساهم في التغيير والديمقراطية ولكن اتضح لي اننا نتحدث عن ديمقراطية مزيفة وإننا اسرى لعقلية أمنية كما، خرجت من هذه التجربة بأن الضغوط بعض الأحيان تأتي ثمارها فذلك واضح من أن ضغط تضامن الصحفيين وما قاموا به كان له نتائج فالضغط على الحكومة وجهاز الأمن أسرع باطلاق سراحنا، ليس ذلك فحسب بل أن معاملة رجال الأمن داخل المعتقل قد اختلفت، مثلاً أسرد حادثة وقعت لي داخل السجن حاولت نحت اسمي على الحائط داخل سجن كوبر حيث وجدت الكثير من الأسماء، فإذا بأحد الجنود يقوم بصفعي بشدة على وجهي ولكن في اليوم التالي اعتذر الضابط عن سلوكه البذئ فالمعاملة وإن كانت بها بعض الفظاظات صارت اخف وهذا يوضح ان الضغوط الشعبية تأتي بنتائج.
نحن محتاجون لمزيد من الضغوط حتى يتم بسط الديمقراطية وهذا ما نصبو إليه.
ما من طبقة واحدة في التاريخ استطاعت » الوصول إلى السلطة من دون تقديمها لقادتها السياسيين وممثليها البارزين القادرين على لينين « تنظيم حركتها وقيادتهالينين".
الثورة الروسـية 1917. ----------------------------
تعتبر الثورة، التي قادها لينين، العام ١٩١٧ ، و التي لم تتمكن من بسط سلطانها، إلا بعد ثلاث سنوات من الفتنة (الحرب الأهلية)، واحدة من أعظم الثورات الاجتماعية، لا في روسيا وحسب، ولكن على الصعيد العالمي كذلك. و دونما مغالاة، فإن ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، تركت أثرها على جميع مناحي الحياة، من اقتصادٍ، و اجتماعٍ، و ثقافةٍ، و تطورٍ صناعيٍ، و فوق ذلك، أثرها العميق في تشكيل حال العلاقات الدولية؛ متجاوزةً الحدود الوطنية للامبراطورية الروسية البائدة. لقد نقلت ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، السلطة، في روسيا، من كونها جهاز تتحكم فيه، باطلاق، الطبقة الارستقراطية، تعبيراً عن و حمايةً لمصالحها، إلى جهازٍ تتحكم فيه طبقة المثقفين الثوريين، و الجماهير الكادحة، و لو إلى حين. و إن كان ثمة أثرٍ عظيمٍ يذكر، فإن الثورة، التي قادها لينين، فتحت الباب واسعاً، لدخول روسيا عصر التصنيع، و هي المجتمع الزراعي المتخلف، في محيط أوربي، كان قد شق طريقه نحو التصنيع، و التقدم التكنولوجي، منذ نصف قرنٍ من الزمان، أو يزيد. أما أثرها على صعيد العلاقات الدولية، فقد بدأ آن اعلان لينين خروج روسيا من الحرب العالمية ، الأولى، الدائرة رحاها في أوربا، منذ العام ١٩١٤ محدثاً، بذلك، تغييراً كبيراً في توازن القوى فيما بين الأطراف المتحاربة. في تلك الأثناء، كانت العديد من الدول، على رأسها الولايات المتحدة الامريكية، قد ارسلت جيوشها إلى روسيا الثورية، بغية تطويق الثورة، و منعها من الاندلاق خارج حدودها الوطنية. أما فيما تلا من أعوام، فإن ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، لم تدخر جهداً، في دعم الحركات الشيوعية، و اليسارية، و حركات التحرر الوطني، على نطاق العالم، و إن كان ثمة من يرى قصور ذلك الدعم عن تبني منظور أممي، يخدم، بحق، أهداف الثورة الشيوعية العالمية، لا أهداف السياسة الخارجية لروسيا الستالينية. أياً كان الأمر، فإن أعظم ما قدمته روسيا الستالينية للبشرية، تمثل في هزيمتها للنازية، التي بدأت بتقهقهر جيوشها، أمام الجيش هجمته المضادة الأخيرة، و التي لم تتوقف إلا بفتح مدينة برلين، و قفل الفصل النهائي من محنة الحرب العالمية الثانية.
يجب النظر إلى ثورة ١٩١٧ على فترتين: الأولى، ثورة فبراير، والتي اندلعت بشكلٍ عفوي، و قادت، في نهاية الأمر، إلى تنحي القيصر، نيكولاس الثاني، و من ثم تشكيل الحكومة الانتقالية، برئاسة كرينسكي. و الثانية، ثورة أكتوبر، التي اندلعت عمداً، و وفق خطة كان قد أعدها البلاشفة، سلفاً، و من ثم وصول حزبهم إلى السلطة، تحت قيادة لينين. تكمن الأهمية التاريخية للينين، كفرد مؤثر في التاريخ، بشكلٍ استثنائي، في الفترة التي أعقبت ثورة فبراير، و تحديداً منذ لحظة وصوله إلى روسيا، أبريل العام ١٩١٧ ، إلى لحظة استيلاء البلاشفة على السلطة، أكتوبر ذات العام. شهدت الفترة الممتدة ما بين هذين التاريخين، نشاطاً فكرياً و عملياً مكثفاً للينين، و الذي لم يعد يرى، في الأفق القريب، سوى ارهاصات الثورة. إن ظهور لينين في روسيا، في تلك الفترة، إنما يمثل الرابط الموضوعي ما بين ثورتي فبراير، وأكتوبر. فلولا وجود لينين، بروحه و جسده، ما كان لثورة أكتوبر أن تحدث أصلاً.
أطروحات ابريل- كل السلطة للسـوفيـتات. ---------------------------------------
في مارس العام ١٩١٧ ، و بعد سماعه نبأ ثورة فبراير، غادر لينين منفاه الاختياري في سويسرا، متجهاً إلى ألمانيا، التي وفرت له قطارا ذو حراسة، ربما بهدف زعزعة الاستقرار في روسيا، لينقله إلى ساحل بحر البلطيق، والذي عبره بمركب، انزلته على شاطيء السويد، ومنها، بالقطار، إلى روسيا، التي وصلها بدايات شهر أبريل. وآن وصوله إلى محطة قطارات بيتروغراد الروسية، و من على ظهر عربةٍ مدرعةٍ، خاطب لينين الجموع التي جاءت لاستقباله، والتي سرعان ما اصابها الذهول، عندما صب لينين جام غضبه، على الحكومة الانتقاليية و سوفيت بيتروغراد، داعياً إلى اسقاط الحكومة، ومنح السلطة للشعب، و التي اجملها في شعار: كل السلطة للسوفيتات. كما أن لينين كان شرع في حملةٍ تطالب بالخروج الفوري لروسيا من الحرب، ما اكسبه تأييد أقسام واسعة في الجيش الروسي، الذي انهكته سنوات الحرب الطويلة. ثم ما انفك لينين يخاطب المنتديات، و التجمعات الجماهيرية، مروجاً لاطروحاته، و التي جُمعت، و نُشرت، فيما بعد، في صحيفة البرافدا، تحت عنوان: اطروحات أبريل. كانت تلك هي اللحظة التي غرست لينين عميقاً في مجرى التاريخ الاجتماعي، على الصعيدين الوطني و العالمي، على حدٍ سواء. إن مهمة انجاز الثورة الاشتراكية، كانت هي الهاجس الأوحد، عند لينين، في تلك الفترة. و في سبيل تحقيق اطروحاته تلك، ما فتيء لينين ينخرط في صراع داخليٍ شرس، بغية اقناع اعضاء اللجنة المركزية، للحزب البلشفي، بضرورة الثورة المسلحة. بيد أنه ظل في أقليةٍ، الى أن تمكن، بعد صراعٍ متطاول، من كسب الغالبية إلى صفه، قبل أن تصدر اللجنة المركزية، في العاشر من سبتمبر، ١٩١٧ ، قرارها القاضي بالاستيلاء على السلطة، عبر انجاز الثورة المسلحة. و مع اندلاع الثورة، و تصاعد وتيرتها، هبط لينين إلى الخفاء، فيما اوكل أمر قيادة عملية تنفيذ الثورة، إلى ليون تروتسكي، العائد توه إلى صفوف الحزب البلشفي. و من مخبئه، ما انفك لينين يبعث اسئلةٍ تفصيلية، حول مسار الاحداث، مصدراً، في الوقت يجب أن » ذاته، توجيهاته الحازمة الناجزة إن » : يقول تروتسكي . .« لا ننتظر، يجب أن لا نتأخر الاسئلة و المقترحات التي طرحها لينين، و التي لا تحصى، كانت تبدو، ظاهرياً، غير مترابطة، لكنها، في حقيقة الأمر، كانت تجد اصلها الواحد في ذات الادراك الداخلي الكثيف، الذي خبر، في الحال، و يمكننا أن نقول: إن لينين .« النطاق الكامل للثورة قد يكون هو الثوري الوحيد، في القرن العشرين، الذي ادرك، بجدارة، المعنى الحقيقي لكلمة: ثورة.
دمـاغ لـينيـن. ----------------- ومما لا شك فيه، أن انجاز التحولات الاجتماعية الكبرى، يحتاج، أكثر من أي شيء آخر، إلى وجود أدمغةٍ متفردة، تتحلى بالقدرة الفائقة، على الربط الجدلي، بين النظرية و الممارسة. عدا ذلك، فإن النشاط الثوري يصبح مجرد كابوساً. و إذ يقول إن العمل من دون رؤية يكون مجرد «: المثل الياباني فإن لينين، فيما يبدو، كان يسعى، بكل ما ،« كابوس امتلك من طاقةٍ روحيةٍ و ذهنية، إلى تحاشي هكذا لا » : كابوس، و ذلك من خلال سكه لقولته المأثورة و ربما يمكن .« حركة ثورية من دون نظريةٍ ثورية أن نعتبر لينين، كذلك، واحداً من قلة تشبعت بقولة لقد فسر الفلاسفة العالم بطرقٍ » : ماركس الشهيرة فكرس ما تبقى من ،« شتى، لكن المهم هو تغييره حياته لما اعتقد أنه واجب تغيير العالم، حتى و إن كان ذلك على صعيد روسيا، على أقل تقدير. وقد تكون كلمات بافيل ايكسيلرود، وهو أحد الاشتراكيين الذين صاحبوا لينين، وصار من المناشفة، فيما بعد، أكثر تعبيراً في وصف ما شكلته الثورة من أهمية ما من » : مركزية في حياة لينين. يقول ايكسيلرود رجل آخر كان ماخوذاً بالثورة على مدار الساعة، و لا يحمل أفكاراً إلا عن الثورة، والذي حتى في منامه غير أن ما يثير .« لا يحلم إلا عن الثورة، سوى لينين الدهشة، أيضاً، أن لينين ما كتب من شيءٍ إلا و كان عن الثورة! فعند وفاته، العام ١٩٢٤ ، ولم يكمل الرابعة و الخمسين بعد، بلغ عدد المجلدات التي حوت كتاباته، ما بين رسائلٍ، و خطبٍ، و مخطوطاتٍ، و كراساتٍ، و كتبٍ، كرسها جميعاً لحل المعضلات العملية التي تواجه قوى الثورة الاشتراكية، ما جملته ٥٥ مجلداً. رقم أعجازي بكل المقاييس، تفوق فيه لينين، المفكر، و الناسك السياسي، حتى على كبار المفكريين و الأكاديميين، من مجايليه، الذين ما كان لهم في الحياة من شيء سوى التفكير و الكتابة، بعيداً عن معمعان النشاط السياسي و مماطلاته! و ليس من وصفٍ للعبقرية الثورية التي تحلى بها لينين، يضاهي ما قاله المهندس التنفيذي للثورة البلشفية، و مؤسس جيشها الأحمر، و مؤرخ الثورة الروسية الأعظم، ليون تروتسكي؛ إذ قال، فيما معناه، في الوقت الذي كان البلاشفة يعدون فيه كتائبهم، و يندفعون أفواجاً في الشوارع، و يحتلون المرافق الحكومية، كان للثورة معمل آخر، إنه: دماغ لينين.
اوضحنا في الحلقة الماضية من التقرير، ان كلا طرفي النزاع لم يقدما دليلاً قاطعاً، من شأنه ان يحسم النزاع لصالح أي منهما، وفي ظل غياب خريطة تبين الحدود للمنطقة ، وشح الوثائق والمستندات ، لم يكن أمام لجنة الخبراء سوي اتباع استراتيجية تعتمد علي آلية مقارنة الروايات الشفهية التي قدمها كل طرف ، مع ما وقع تحت يد اللجنة من معلومات موثقة، ومسترشدة في ذات الوقت بالمبادئ القانونية التي تحكم ملكية الاراضي في المستعمرات البريطانية السابقة في افريقيا وقد نجحت اللجنة في استخدام تلك الاستراتيجية باحكام في فحص الادعاءات التي دفع بها كل طرف ، علي نحو ما نراه في هذا الجزء من التقرير الذي كرس في أغلبه للفحص المذكور.
حـديث الشـواهـد. -----------------
وبناءاً علي ما تقدم فإن رواية أهالي دينكا نوك الشفهية التي ادعوا فيها بأن مناطق عمودياتهم، وبالتالي فإن الحدود الفاصلة ، « الاضية » تمتد الي ينبغي أن تمتد من « الدينكا والمسيرية » بين القبيلتين بحيرة كيلك الي المجلد. وباخضاع هذا الادعاء الي الشواهد القليلة المتمثلة في خط الرحلة الذي سجله و-ح. براون الذي أقام في دارفور في حيث دون في مذكراته « ١٧٩٥ م -١٧٩٤» الفترة من ، ان موضع اقامة المسيرية في البركة بالقرب من المجلد ، اما الدينكا فمكان اقامتهم يبعد مسيرة خمسة أيام الي الجنوب الشرقي من البركة. وقد أكد مأمور النهود الاسبق رد.د.هندرسون ما جاء في تلك المذكرات. وأعتقد ان البقارة استوطنوا -١٧٦٥« المجلد في الفترة الواقعة بين عامي . « ١٧٧٥ م وبالرجوع الي كتاب العرب البقارة الذي الفه عالم عاش حيناً من الوقت » الانثروبولوجي ايان كينسون وجدت اشارة في ذلك « في مجتمع البقارة ١٩٥٠ م المؤلف تفيد ان المجلد مكان حل الحمر عقب عودة رحلتهم من بحر العرب. وعليه فإن اللجنة رأت بناءاً علي الشواهد الواردة ، ان مطالبة الدينكا بأن الحدود التي تفصلهم من المسيرية تقع بين المجلد وكيلك غير مؤكد وبالتالي يسقط حقهم في المطالبة بأن تكون حدودهم حتي الاضية.
إخـتلاف سلالات. -----------------
ان مطالبة المسيرية بالمنطقة المبني علي اعتبار ان حدودهم تقع الي الجنوب من بحر العرب وهي الحدود الحالية التي تفصل بين الولايتين ، بحر الغزال وغرب كردفان، رأت فيه اللجنة بأنه ادعاء غير صحيح، اذا ما قورن بأن مراعي الحمر « نجول » في فترة الجفاف، تتمركز بالقرب من نهر استناداً علي التقرير المقدم من مدير مديرية كردفان الاسبق واتكيس لويد عام ١٩٠٥ م اشار فيه ان الحمر قد نزحوا بقطعانهم الي نجول في موسم الجفاف . كذلك أن عملية النزوح هذه تأكدت في وقت لاحق من خلال تقرير آخر كتبه مأمور المنطقة ر.ب.بينس عام ١٩١٦ م مبيناً أن الحمر العجايرة درجوا مع تقلص المراعي وانحسار الذباب علي السعي بعيداً بمواشيهم صوب بحر العرب ، بحثاً عن موارد جديدة ، مما يعني للجنة ان توسعه مراعيهم حتي تخوم بحر العرب لم يكن الا قريباً، وذلك بالنظر الي تقرير الرائد تبيشر نجتون بصفته مسؤولاً حكومياً يشكو فيه من ورود العرب بمواشيهم الي مناطق بحر الغزال. وقالت اللجنة انه بالنظر الي هجرة المسيرية الي السودان والتي استقرت فيما يعرف بحزام السافنا ، ففي الوقت ذاته كانت اقامة دينكا نوك علي الاراضي حول ضفاف الانهار والمستنقعات مما انعكس الاختلاف البيئي واضحاً وجلياً في سلالات الابقار التي تعود الي كل من القبيلتين ، وبالتالي فإن الدلالات البيئية تؤكد عدم احتلال الحمر لفترة طويلة حوض النهر . علاوة علي أن المسيرية لم يطالبوا رسمياً طوال فترة الحكم الثنائي ، يضم اي منطقة جنوب بحر العرب متنازع عليها ، كما فعل الرزيقات عام ١٩٢٤ م عندما استطاعوا انتزاع حد يمتد الي مسافة ١٢ ميلاً جنوب بحر العرب من اراضي بحر الغزال وضمها الي دارفور.
أسـانيـد ضـعيـفة. ------------------
كذلك رأت اللجنة ضعف السند في مقال المسيرية ، بتأييد من الحكومة ان دينكا نوك قدموا من جزيرة الزراف بأعالي النيل لاجئين معدمين منحوا حق التوطن والاستقرار بناء علي طلب تقدموا به الي ناظر الحمر. لأن الدراسة التي أجراها العالم هندرسون عن نزوح المسيرية تبين ان تحرك دينكا نوك غرباً تحت امرة كوال دينق زعيم فرع ايبور قد تمت قبل جيل كامل من نزوح البقارة جنوب الي .« ١٧٥٥ م -٧٤٥» التردة، وذلك في الفترة الواقعة بين وقد اثبت الابحاث التاريخية عدم وجود رابط بين نزوح دينكا نوك الي كردفان والحملة التي شنتها قبيلة النوير للتوسع شرقاً الي جزيرة الزراف في القرن التاسع عشر . عليه رأت اللجنة في الاسانيد التي تشير الي ان دينكا نوك نازحون جدد ضعيفة جداً، كما انه ليس هناك ما يؤكد انهم طلبوا حق اللجوء من ابو قرون او علي جله الذين كانا دائماً ما يشنان غارات علي دينكا نوك ودينكا توج اوائل القرن العشرين،وقد اشير الي أنه حتي وقت قريب كان المسيرية يتلقون مساعدات من دينكا نوك . كما اثبت هندرسون في دراساته (الناطر اروب بيونج) قد آوي اليه بعض الحمر الذين لم يكونوا علي وفاق مع المهدية التي بعثت فرقاً لتعقب خطوات المخالفين لها. وقد لاحظ الحاكم ما هون اثناء رحلته من الابيض الي دار السلطان دوب عام ١٩٠٢ م ، مدي الثراء والنعيم الذي يعيشه النوك في تلك الفترة مقارنة بشظف العيش الذي يكتنف حياة الحمر في ذلك الوقت ، مما عني للجنة ان الدينكا لم ينزلوا معدمين وفق الادعاء السابق.
أصـول مـحافظـة. -------------------
استندت لجنة الخبراء علي رواية مايكل تيبس آخر مأمور بريطاني لدار المسيرية التي ورد فيها علي الرغم من مظاهر التأثير المشترك بين القبيلتين ، ظل الدينكا محافظون فقط علي السمات العامة لثقافتهم وكانت لهم ادارتهم الخاصة ومحاكمهم ، لضحد ادعاء المسيرية بأن ادراج منطقة ابيي في دار المسيرية فيه اعتراف بأن المنطقة تعود اصلاً للمسيرية ، بينما التفسير الطبيعي للقرار الذي اتخذ عام ١٩٠٥ م باتباع ابيي الي كردفان كان القصد منه وضع حداً لشكوي دينكا نوك المتكررة من غارات ظلت تشنها عليهم جماعات من الحمر، وبذلك تكون الادارة قد وضعت كلا الطرفين تحت اشراف حاكم مديرية واحد، وقد اثبتت كلٌ من الحركة الشعبية والحكومة السودانية حادثة الضم المشار اليها . من غير ان يتحدثا عن اندماج القبيلتين أو ذوبان احداهما في الاخري. واذا كان المسيرية وحكومة السودان ادعيا مطالبتهما التي جاءت علي خلفية ان الدينكا كانوا جزءاً من المسيرية ، فإن السجلات أثبتت ان دينكا نوك كانوا يديرون مناطقهم بشكل منفصل ، وتأكيداً لذلك فقد ادرج الدينكا عام ١٩٠٨ م منفصلين عن العرب في قائمة الجزية التي تدفع الي مديرية كردفان . بالاضافة الي القيود المستقلة للدينكا في ميزانية كردفان لعام ١٩٣٢ م مما يوضح بشكل جلي ان الدينكا يدفعون ما عليهم من التزامات ضريبية مباشرة الي حكومة كردفان وليس عبر ناظر الحمر. كما أنه لم تشمل قوائم الضرائب الخاصة بالمسيرية منذ عام ١٩٤٠ م اياً من دينكا نوك. وبالرجوع الي سجلات الحكم الثنائي وجد ان نظام محاكم النوك كانت منفصلة عن المسيرية وتدار بشكل غير رسمي حتي عام ١٩٣٦ م حيث خصصت لهم المحكمة التي ظلت تعمل حتي بعد نهاية فترة الحكم الثنائي عام ١٩٥٤ حسب رواية مايكل تييس.
حـقوق ثانـويـة. ------------------
فيما عدا ملاحظة الرائد ويلكنسون التي ابداها عام ١٩٠٢ م عن ملاحظته وجود اكواخ خاصة الحمر مما يمكن اخذه كسبب للاعتقاد بأن للمسيرية الحمر مناطق استيطان دائمة، لم تجد اللجنة دليلاً غير ذلك يدعم مطلب المسيرية الذي بني علي ملكيتهم مناطق محددة شمال ابيي، وهذا ما ينافي طبيعتهم كعرب رحل ، يقطنون مع ابقارهم معظم أيام السنة. فيما عدا الحقوق الثانوية لم يفلح كلا طرفي النزاع في اثبات مطالبتهم بحقوق سيطرة التي تمتاز بخصوبة ارضها الطينية « تاما » علي الحابسة للماء ، ففي الوقت الذي يمارس فيه الدينكا حرفة صيد الاسماك قام المسيرية بزراعة القطن فيها كواحدة من المشاريع المدعوة من الحكومة اوائل عام ١٩٥٠ م. مـابنـي علي بـاطل فـهـو..... وباخضاع اطروحة الحكومة في المطالبة القائمة علي ان المنطقة التي ضمت الي كردفان في التاريخ المذكور شريط ضيق يقع في الاصل جنوب بحر العرب . وأن الدينكا لم يستوطنوا شمال النهر الا بعد ذلك القرار، علي قرينة ان نظارة اروب بيونغ تقع جنوب بحر العرب باعتباره الحد الشمالي لادارة الناظر المذكور باعتراف الحكم الثنائي نفسه معضدين موقفهم بوثيقتين احداها من ادارة الاستخبارات السودانية يعود تاريخها الي ١٩٠٤ م والثانية تقرير الرائد ولنكسون الذي قدمه اثناء رحلته ١٩٠٢ م من الابيض الي دار .« جانقي » وبالرجوع الي المعلومات التي وردت في تلك الخريطة، وإخضاعها الي تطبيقات الرسم البياني علي الخريطة حسب الاميال التي ذكرها ، تبين انه كان مخطئاً، وان النهر الذي اسماه بحر العرب كان في الواقع رقية الزرقاء، تبعاً لذلك ظهر للخبراء من خلال بحثهم ان ثمة خلط جغرافي كبير بين اقليمي بحر العرب وبحر الغزال ابان العقدين الاولين للحكم الثنائي مما كان سبباً للمزيد من الاخطاء، وعدم الدقة في تحديد معالم السودان خلال تلك الحقبة الزمنية المحددة . اما انتقال الاهالي الي المنطقة في الفترة التي تلت عام ١٩٠٥ م فكانت نتاجاً طبيعياً لسياسة الادارة البريطانية الحديثة الرامية الي تشجيع الاهالي علي الاستقرار في مناطقهم عقب اندحار المهدية بغرض تنميتها واعمارها .
الـحكم الـملزم. ------------------
وبينما سعت الحركة في الحصول علي حدود للمنطقة تبلغ حتي الخط ١٠ و ٣٠ دقيقة عجزت في إثبات أي سيطرة للدينكا شمال خط ١٠ و ١٠ دقائق. عليه وبناءاً علي كل ما تقدم توصلت لجنة الخبراء في قرارها الملزم لطرفي نيفاشا القبول به، الي أن الحدود الشمالية المثبته لابيي تبلغ خط ١٠ و ١٠ دقائق وبذلك تكون أي بقعه جنوب هذا الخط تقع تلقائياً ضمن حدود الجنوب، اما الاراضي الواقع شمال الخط المذكور وحتي حدود ١٠ و ٣٠ دقيقة، فللدينكا والمسيرية حق الانتفاع بها شراكة لأن كل فريق أثبت لنفسه حقوقاً ثانوية فيها، وتبعاً لذلك فإن العدل يفترض تقسيم هذه المساحة المشتركة بينهما مناصفة، وعليه فإن الحدود الشمالية القصوي لمنطقة ابيي لاتتجاوز خط ١٠ درجات و ٢٢ دقيقة و ٣٠ ثانية زيادة او نقصاناً ، وحدودها الغربية فهي حدود كردفان ودارفور المتعارف عليها قبل ١٩٥٦ والجنوب هو حدود مديريات كردفان بحر الغزال الحالي المعين في التاريخ السابق اما الشرقي يمتد من حدود كردفان الحالي ويتجه شمالا حتي يلتقي مع خط العرض ١٠ ر ٢٢ دقيقة وقد اوضحت اللجنة بأن ترسم الحدود الشمالية والشرقية التي تم تحديدها تحت اشراف فريق مساحة معني يتألف من ٣ خبراء، تسمي الحكومة السودانية بمعرفة الايقاد ، ويعاون الفريق في اداء مهامه ممثل عن كل من دينكا نوك والمسيرية واثنين بخلاف مؤسسة الرئاسة ، شريطة ان يتم ايداع اسميهما لدي الايقاد حتي يجازا من قبل الخبراء . وقد التزم فريق الخبراء بعدم اطلاع احد علي قرارهم قبل عرضه علي مؤسسة الرئاسة التي عهدت اليهم بدراسة النزاع وتقديم رأي نهائي ملزم للطرفين، وقد وافقهم علي التزامهم هذا الجنرال سوميويا الممثل الخاص للايقاد .
قبـل الخـاتمـة. ------------
بقي نشير الي ان السيد ن د .د هندرسون اورد في كتابه مذكرات في تاريخ بقاري غرب كردفان سنة ٩٣٥ عبارة تقول (( لابد من الاشارة هنا الي ان موقع دينكا نوك بوصفها منطقة صديقة بين الحمر وبحر الغزال قد برهنت بأنها ذات قيمة في الحفاظ علي الاحاسيس الطيبة ومنع الاحتكاك . وعلي الرغم من صعوبة تحديد حدودها يكون من الخطأ السياسي ضمهم الي اقليم اخر علي اساس قبلي ، فمثل هذا المقترح يجب ان ينظر نزولاً عند رغبة دينكا نوك او في حالة تغول الحمر عليهم .)) ليت الحركة الشعبية تدرك مغذي حديث هندرسون وليت المؤتمر الوطني يدرك ان منطقة ابي كانت وستظل جسر تواصل بين الشمال والجنوب وان الهدف من الترسيم تقاسم الثروة والسلطة وتقرير المصير . لان عيون اهل السودان ترنو الي الوحدة. ولا يرقي الي يقيننا شك بأن المسيرية والدينكا الذين استطاعوا بحكنة ادراتهم الاهلية في اوقات عديدة تجاوز ازمات كادت ان تعصف بتعايشهم السلمي الذي بنوه بتضحايات عظيمة ، بأمكانهم ان يحافظوا علي ذلك التعايش وتطويره الي حد الاندماج ، اذا ترك لهم الخيار من غير تدخلات خارجية من هذا الطرف او ذاك كأن ميراثنا من الجوديات ومجالس الصلح قد احدب عطاؤها ومع ذلك نقول ان موارد المنطقة من الثروات المخبوءه والظاهرة هي ملك لاهل السودان جميعاً الانتفاع بها بهذا فقط يمكن ان نطمئن الي ان ابيي لغم صديق لاينفجر الا في وجه اعداء السودان الموحد والانفصاليين من الطرفين .
عند اختيار شيح الأمين محمد الأمين وزيرا للصحة في حكومة أكتوبر, تم الاحتفال به في قرية معيجنة مصطفي ‘ مسقط رأسه وكان مشهودا لهذه القرية مواقفها المعادية لحركة الإخوان المسلمين وتم تصنيفها كقرى الحلاوين التي تمت ( بلشفتها) في الجزيرة , في أثناء الاحتفال وعندما كان شيخ الأمين يلقي في كلمته ينبري له احد الشيوخ المسنين مقاطعا ..الحمد لله البقيت وزير صحة عشان تطير لينا د. حسن الترابي علي الأقل تنقلوا الجنوب.. رد عليه شيخ الأمين,د. حسن الترابي ده,, خليه ساكت حرم إلا ارجعوا ليك مساعد طئر.
حـواشة شارع النيل. -----------------------
د. موافي وكيل وزارة الصحة في حكومة أكتوبر حضر إلي مكتبه مبكرا عند السابعة صباحا في اليوم التالي لأداء شيخ ألامين القسم وزيرا للصحة. فوجئ د. موافي بوجود الوزير شيخ الأمين بحضوره الباكر منذ السادسة صباحا . بعد رد السلام سأله شيخ الأمين .. وين موظفينك لحدي هسع ما جو الشغل؟؟ رد عليه د. موافي علي الفور..شغل شنو المن الساعة ستة دة؟؟ انت قايلها حواشة والله شنو؟؟؟؟
سـمسـارجـيـة. ---------------- في انتخابات ١٩٦٧ رشحت القوي الديمقراطية بالجزيرة عضو الحزب الشيوعي وسكرتير اتحاد المزارعين يوسف احمد المصطفي في دائرة الحصاحيصا الغربية , في أثناء الحملة الانتخابية حط بهم الرحال في قرية وادي شعير والتي استقبلهم فيها احد الأعيان و أحسن وفادتهم ( سمسار انتخابات) ممنيا نفسه بأن يخرج ببعض المال نظير تقديم دعمه وعونه..اعتذر له شيخ يوسف بلطف موضحا له إن العربة التي يستغلها ملكا لابنه والمايكروفون تبرع به الزميل حسنين من الأبيض وأما هؤلاء (برقاوي وابوشمة) زملاء شيوعيون .. ولو داير تتبرع لينا مجان مرحب بيك . رد الرجل معتذرا.. والله يا شيخ يوسف يبقن علي اثنين فقر وكمان كفر؟؟؟ [email protected]
11-07-2007, 08:25 PM
خالد العبيد
خالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983
Quote: داخل كوبر تم تقسيمنا إلى مجموعات وكنت أنا والصحفي أبو عبيدة عوض داخل زنزانة واحدة مع ستة آخرين، وأخذ العدد يزداد تدريجياً حتى وصل إلى خمسة عشر معتقلاً في مساحة لا تكفي لخمسة أفراد، وكنا نستلقى على مراتب ردئية وضعت أرضاً لا يتعدى سمكها بوصة واحدة مما سبب لنا حساسية في الصدر، وكنا نتعرض للشتائم والسباب وبعض الأحيان للضرب،
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة