هل هو حالة إنتشاء لحظى ينتهى بزوال السبب، بمعنى أنه أنه إستجابة لفعل خارجى منجز يتجه ليخاطب أحدى الحواس المستقبلة ليتم قبوله ثم التفاعل داخليا بينه وبين ماعون الحس الشعورى، ومن ثم الصدور فى شكل نتيجة نهائية "إحساس" نسميه الطرب، ينقضى ويزول بزوال الفعل المسبب؟ أم هو جزء وجدانى أصيل وثابت يظل قابعا منتظرا لمحفز خارجى، أو داخلى، ليتم التفاعل ثم النتيجة النهائية، وهل ثمة أثر باق يخلف الأثر الرئيسى، بمعنى هل يتبقى جزء، صغير أو كبير، من ذلك الإحساس؟ وإن كانت الإجابة بنعم، فما هى المدة التى يظل فيها ذلك الأثر مستيقظا فى عمق الإحساس بعد إنتهاء المؤثر؟
الطرب معنى شاسع وكبير، وقد إرتبطت المفردة ومعناها القريب، إرتباطا وثيقا بالغناء والموسيقى دون غيرهما، أى بفعل أو أفعال تخاطب حاسة السمع فى المقام الأول، مع إمكانية ربط المسموع مع المرئى فى حالات الفنون الموسيقية الممتزجة بألأداء الجسدى التعبيرى، ويشمل ذلك فن الباليه والأوبرا والعروض الكوريغرافية الأخرى، ومن ثم تتشارك أكثر من حاسة واحدة كممر ومدخل للفعل المنتج الى داخل الشعور، وهما هنا السمع والبصر.
ولكن هل يقتصر معنى الطرب فقط على هذين الفعلين؟
إذا كانت الإجابة بنعم مرة أخرى، ماذا نسمى إذن الحالة الشعورية التى تعترى المرء حين مشاهدة لوحة فنية مدهشة وأخاذة، أو حتى رؤية ومشاهدة منظر طبيعى فاتن، أليس هى ذات النشوة أو نفس الإحساس بإعجاب فوق العادة، بغض النظر عن الفعل المسبب، متحركا كان أو ثابتا وإذا وسعنا دائرة الأفعال المسببة أكثر، لتشمل كل ضروب الإبداع الإنسانى، من رياضة وإبتكارات وأدب ومسرح الخ الصنوف الإبداعية، ألا يدخل كل ذلك فى إطار ما يخلق ويولد الطرب؟ فالألعاب الرياضية بضروبها المتنوعة، تحوى خلقا عبقريا جميلا، ودونكم ألعاب ما يسمى ب "الجمباز" وبقية ألعاب القوى، اليس فيها ما يطرب حقا؟ أو بماذا نسمى تلكم الحالة الشعورية القوية التى تتولد حين الإستماع أو قراءة نص شعرى مذهل، أو حين الإستغراق والإبحار فى قراءة رواية تنبض بالحياة والجمال؟ فإذا تساوى الإحساس المتولد فى فى كل هذه الحالات، فإذن يمكننا الآن تمديد معنى الطرب ليشملها جميعا، طالما أن الإحساس المتولد هو ذاته.
هل يستولد الطرب أم يتوالد تلقائيا؟
بمعنى، هل لبد من محرك مستقل لإحداث الطرب، أم أنه من الممكن له أن يحدث دون الحاجة لوجود ذلك المحرك الشعورى؟
أعتقد أنه من الضرورى بداهة وجود المحرك الخارجى، إذ لبد للحس الوجدانى من محفز أو دافع لإحداث النشوة الممرحلة وصولا الى قمتها، لتسمى بعدئذ طربا، وحتى حين يطرب الشخص نفسه، بأى فعل كان، فهو عندها يكون هو المحرك الخارجى كطرف أول، مع ثبات المتلقى الداخلى فيهن ليمثل الطرف الثانى
هل الطرب يعنى ذروة الإعجاب؟
أظن أن الطرب، كحالة وجدانية تستحوذ فى لحظة ما على كل المخرجات والدفق الشعورى، لا تعنى بالضرورة الإعجاب بشئ ما، فقد تكتمل مقومات الإعجاب بذلك الشئ ويتكامل فعل الإعجاب، دون الوصول الى مرحلة الطرب.
هل يحدث الطرب الناتج من مسبب واحد، بذات الطبيعة والقوة فى حال تكراره بعد مسافات زمنية قد تطول أو تقصر؟
بمعنى هل يكون الإحساس المتولد الآن مثلا من الإستماع الى قطعة موسيقية أحدثت طربا، هو ذاته إذا تم الإستماع لنفس القطعة بعد فترة إنقطاع زمنى؟ أم أن ذلك يتأثر نقصا وزيادة، بتغير الظرف الزمانى والمكانى أو كليهما؟ وهل يخضع ذلك ايضا للمزاج أو الحالة النفيسة للشخص المتلقى؟
والسؤال المهم، هل يمكن أن يكون الطرب حالة فردية أم هناك إمكانية لجماعية الطرب؟ ففى إحدى روائع محمد البشير عتيق، يقول فيها
نحن كان مجلسنا عامر بى طرب بى نشوة بى رقة وشعور
فهل كان ذلك الطرب طربه هو، أم عم ذلك الطرب وعرش فوق كل أهل ذلك المجلس؟ وهل ما يطرب زيد من الناس، بالضرورة أن يطرب عمر؟ أو لماذا تتباين وتتنوع وتتمايز مسببات الطرب لدى كل شخص.
الإجابة مؤكدا، هى بالنفى، فلكل شخص مكون وجدانى يختلف عما هو عند الآخرين، رغما عن إمكانية حدوث نفس الأثر، بدرجات متفاوتة لدى أكثر من شخص، فالآلاف أو الملايين قد يطربون لغناء عبد العزيز محمد داود أو فيروز أو أبو عركى أو بافاروتى، أو تطربهم مشاهدة لوحات إبراهيم الصلحى أو بابلو بيكاسو أو فان غوخ، أو فنيات بيليه أو مارادونا فى كرة القدم، أو مشاهدة منظر الغروب من على ضفة نهر، أو قراءة أشعار محمود درويش أو مشاهدة أفلام أنتونى هوبكنز أو سيدنى بواتيه أو مسرحيات لورانس أوليفيه، وأنا حين يطربنى الإستماع الى معانى وترنيمات من "شاشاى" من "ود حيمور الرفاعى" قد أتشارك نفس الإحساس مع من يجلس بقربى ساعتها؟ ولكن يظل لكل فرد منهم مدخله المختلف ووعيه وحسه الوجدانى المغاير
( يظل الطرب مكونا جماليا وحسا بديعا يجمل الحياة ويزيح قليلا من قبحها ) ما انت ابها الطرب ؟ كل ما اتيت به عزيزى المطر هو الطرب ...هو أغنية من اغنيات محمد الامين ...فيروز ذات الصوت الملائكى وسفيرة لبنان الى النجوم ... هو قطعة موسيقية تغسل عن النفس همومها وغبنها وتوجسها وتوترها .
هو لوحة فنية اخاذة مليئة بالدهشة والحبور ..فقد أصابنى هذا الطرب وانا اقف فى متحف الارميتاغ فى ليننغراد امام لوحات اصلية لمايكل انجلو وبيكاسو وسلفادور دالى وهنرى ماتيس .
الطرب هو مشاهدة منظر الغروب عاى ضفة نهر.. فقد كانت قمة لحظات الطرب لدى عندما أتأبط ذراع تلك العجوز المجرية التى كنت أقيم عندها فى قلب بودابست ونقطع شارع بارتوك بيلا لنشهد غروب الشمس عند الدانوب .
الطرب عندى هو الرجوع الى قصاصاتى لاقرأ فيها أشعارا لمحمود درويش ونزار قبانى ومحمد المكى ابراهيم او عندما أعيد قرأة المجموعة الكاملة لاعمال الطيب صالح.
الطرب عندى هو حالة الفرح الجماعى والانتشاء التى كانت تننتابنى عندما كنت اشارك اناسا لا أعرفهم الرقص الجماعى فى حفلات الزفاف التى كانت تقام فى ذلك المطعم الراقى فى احدى دول اوروبا الشرقية والذى كنت اتردد عليه لتناول العشاء. الطرب عندى هو عندما يخط يراعك البهى قصيدة او مقالا شفيفا كهذا ..يا مطر الخير والجمال.
أحمد داود NZ
06-26-2004, 11:04 AM
Elmosley
Elmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683
- الطرب لرؤية انتصار رياضي من فريق أو لاعب في شتى ضروب الرياضة وذلك من قبل مشجعي ذلك الفريق او اللاعب - الطرب من الاستماع لصوت محبوبك او طفلك او صديقك أو اي شخص عزيز - الطرب المصاحب بالغناء عند بعض العمال وهم يؤدون اعمال اليومية ولا ادري هل لأنهم وجدوا عملا في ذلك اليوم أو لتخفيف عناء العمل - الطرب لسماع اخبار سعيدة تنتظرها
من وجهة نظري البسيطة تتعدد مسببات الطرب وتختلف من شخص لآخر بتداخل العديد من الظروف الاجتماعية والعرف والتقاليد من مجتمع الى آخر ومن فرد الى آخر وبالتالي تختلف طريقة التعبير عن هذا الطرب فرديا او جماعيا بالهتاف او الرقص الو التصفيق او الدهشة وخلافه
ولك التحية
جمال
06-27-2004, 04:17 PM
THE RAIN
THE RAIN
تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 2761
تعرفى لمن نجى لى فيروز وماجدة تحديدا، بنكون وصلنا مرحلة ما فوق الطرب، وده يمكن يكون أقرب إسم لأنه فعلا فى حضرة الفيروز وماجدة الرومى، أنا شخصيا والله يا شيرى بكون فى حالة جذب وتحليق غريب، وأضيف ليهن حنان النيل كمان
ده شيئ فوق العادة تماما
شكرا عبيرا يا شيرى
06-28-2004, 07:25 PM
THE RAIN
THE RAIN
تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 2761
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة