|
صديقى جبران
|
صديقى جبران
كما يقول البير كامو، الحقيقة لا تساوى المحرقة
وأنا أقول، الغياب لا يساوى العودة، لا يساويها أبدا أو ربما الإجابة لا تساوى السؤال
وقال شيخى درويش ذات حزن
لم يترك الحراس لى بابا لأدخل فاتكأت على الأفق ونظرت تحت نظرت فوق نظرت حول فلم أجد أفقا لأنظر لم أجد فى الضوء إلا نظرتى
لذا فإننا يا صديقى، ندع الأرض تنام على أجسادنا، ونسمح للمنفى أن يدخل إلينا من كل جهات الحزن، بدلا من أن نسافر فيه، وهو دائما وكعادته لقديمة، لا ينحاز إلا لدمع الطريق، أو يجعل الطريق يحالف الغياب
ما نراه الآن بين أيدينا وأمام أعيننا ليس هزيمة، بقدر ما هو إنحناءة فى وجه ريح الخوف، ولكم أتمنى أن تراها هذه الريح الشريرة الماكرة، وكأنها إنحناءة تقدير
أجل
يسود القبح وتعم الكراهية هنا الآن
بلا سبب أو مبرر
لذا فإنى على يقين من أنك قد انزويت داخل محرابك المقدس بعيدا عنه وعنها، وأعرف ايضا أن روحك النقية لا تحتمل مجرد التواجد فى هكذا شئ
دع الرياح تلتف حول خباياها، تربك نسق السير فى دروب الدم الموجع، لكنها سوف تغادر، حتما سوف تغادر، وعندها سينتبه الضوء الى إسمه، ويعود تراب الطريق عن إدمانه لتعاطى وخز الأقدام فى جسده، ونسير معا، أنا والطريق جنبا الى جنب، تجاه غابة الفرح
قد آلينا على أنفسنا، ومنذ البدء
أن نكافح القبح وأن ننافح البشاعة وإنا فيما عقدنا العزم عليه، ماضون
هل تذهب معنا يا جبران
فكلما رأيت أقمارا تتخفى فى هيئة حروف، أدرك فى التو أن اللحظة تدعونا لتناول أنخاب حضور الضوء البهى، حضور من اصطفيناهم ومن نحبهم
لذا، فلتدع الضوء يمد قبسه من لدنك
الحقيقة دائما ما تكتب ذاتها يا صديقى الجميل، أو هى تكتبنا ربما، ونحن لا نشعر، لكن وفى كل الأحوال، هى تسجل حضور الأسماء الأولى، الأسماء القديمة، تلك التى خلقت أولا، ثم عبئت وملئت أجسادا، ولسوء حظنا أو حسنه، لا أدرى والله، ومن قبل كنت قد قلت لك أن الحزن هو سيد الأسماء وأنبلها، يتربع على قمة أولمب الأرواح، مثل زيوس العظيم
وأن الفرح والحزن يا جبران توأمان حميمان، يود كل منهما الآخر ويحبه، لكنهما يمارسان نزواتهما المتوحشة فينا نحن فقط "حقارة يعنى"
تآلف مع أحدهما، يرق لك قلب الآخر
وأنا قد صادقت الحزن، فالحزن فى أقصاه فرح
تعال يا جبران
ولنخلق فرحنا، فرحهم
حتما سوف تعاود هذه الديار إخضراراها الجميل فتعال
ألا تبا لهذا القبح المقيت
|
|
|
|
|
|