|
Re: من شخصيات عرس الزين ، ضوء البيت ، مريود النسائية ..قراءة جندرية (Re: الجندرية)
|
من الشخصيات النسائية
تلاحظ الباحثة أن عدد الشخصيات النسائية في الروايات محل الدرس يقل كثيراً عن الشخصيات الرجالية ، لكن الروايات قد حققت قدر من التوازن في مقابلة الشخصيات النسائية الرئيسية بالشخصيات الرجالية المحورية ، فنعمة تقابل الزين ، وفاطمة بت جبر الدار تقابل ضوء البيت ، و مريوم تقابل مريود ، وحواء بت العريبي تقابل بلال ، وهذا التقابل يرمي بظلاله على الأبعاد الجندرية للشخصيات كما سنبين لاحقاً . تزاوج الروايات المدروسة بين الرؤية التقليدية كما هي لدى الاتجاه الروائي الواقعي حول الشخصية ، تلك التي تكون من لحم ودم باعتبار ان الرواية عند أصحاب هذا الاتجاه هي محاكاة أو تصوير للواقع ، وبين الرواية الحديثة والتي تكون فيها الشخصية "من ورق " كما قال رولان بارت في كتابه مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص (1) ؛ فبينما تبدو حواء بت العريبي شخصية من لحم ودم تكاد تلقاها / تلاقينها في غدوها ورواحها اليومي للعمل في بيوت الأثرياء ، تبدو مريوم شخصية من ورق فعلاً ، محض حلم او هكذا يترائ / تترائ لك طيفها وتتعذر او تصعب ملاقاتها خارج (ود حامد) الرواية . عززت الروايات من فعالية الشخصيات النسائية من حيث إسهامها في الفعل الروائي ومجرى السرد والمصائر والنهائيات كما فعلت نعمة مثلاً ـ سيتبين ذلك بالتفصيل لاحقاً ـ فغطت على غياب الشخصيات النسائية كساردات إذ ان الروايات محل الدرس لم تحضر فيها اياً من الشخصيات النسائية كساردة بل كانت دائماً مسرود عنها ، ولم يسمع صوت تلك الشخصيات إلا عبر الحوار فقط لكن كل ذلك لم يكن كافياً لتحقق الشخصيات وحدها فاعليتها فكان لابد من الاتكاء على المعجزة الصوفية ( كما سنبين لاحقاً ) وفي اعلان عن ميول الروايات الى تيار الواقعية السحرية .
1 . بناؤها : يرى بعض النقاد أن الفعل والشخصية يتكونان تدريجياً على امتداد الخط الزمني في عملية القراءة وتطور السرد (2) ، وأن الروائي / ة الناجح / هو / هي من يستطيع الإمساك بخيط الشخصية المكـون والمنسـوج من " جـدائل الفعل و المعلومـات و الصفات الشخصية " (3). فشخصية نعمة في رواية عرس الزين يبدأ إعدادها للدور الذي ستقوم به ( الانقلابات التي حدثت للزين ) منذ ظهورها الأول " كل هذا وفي الحي واحدة لا يتحدث الزين عنها و لا يعبث معها . فتاة تراقبه من بعد بعيون حلوة غاضبة . كلما رآها مقبلة يصمت ويترك عبثه ومزاحه ، وإذا رآها من بعيد فر من بين يديها وترك لها الطريق " (4) . وتستمر في خط تصاعدي باتجاه فعل التغيير الكبير الذي ستحدثه " كل هذا وفي الحي صبية حلوة ، وقورة المحيا ، غاضبة العينين ، تراقب الزين في عبثه ومزاحه وهزاره . وجدته يوماً في مجموعة من النساء يضاحكهن كعادته ، فانتهرته قائلة : ما تخلي الطرطشة والكلام الفارغ تمشي تشوف أشغالك ؟ وحدجت النساء بعينيها الجمليتين . سكت الزين عن الضحك وطأطأ رأسه حياء ثم انسل بين النساء ومضى في سبيله " (5) . ويبين الراوئي الذي يمسك بخيوط الشخصية بإحكام أن نعمة كانت تملك أمر نفسها وتقرر ما تريد منذ طفولتها ، حتى وإن ترتب على قرارها فعل عنيف ، كما فعلت مثلاً ، عندما حاولت التملص من الزائـرة الثقيلـة ولم تفلـح " صفعتها نعمة على وجهها صفعة قاسية . ذعرت المرأة وانفك ذراعاها وانفلتت نعمة وتركت الغرفة " (6) ، وانها حاسمة حد إرغام أهلها على الرضوخ لرغباتها " وتذكر كيف أرغمت أباها أن يدخلها في الكتاب للتعلم القرآن . كانت الطفلة الوحيدة بين الصبيان " (7) . وبعدما أصبحت شابة كانت هي أيضا التي تقرر في أمر قبول أو رفض العرسان الذين يتقدمون لها " كانت تعلم في قرارة نفسها إن الرأي لا لأحد غير نعمة نفسها وكان لابد من خيارها . فهزت كفتيها وقالت أنا لي الليلة ما بقيت للعرس " ( وقد اكد الراوي على قدرة نعمة في استخدام حقها برفض وقبول العرسان أكثر من مرة ، " وكان حاج إبراهيم والد نعمة وأمها سعدية وإخوانها الثلاثة يميلون لقبول إدريس بيد أن نعمة كان رأي غير ذلك هوت كتفيها وقالت ما بدوره " (9) ، وهذا البناء المحكم لشخصية نعمة هو الذي جعلها تسير في خط متوازي مع الفعل طوال الخط الزمني للسرد والقراءة وجعل تقبل حدث خطبتها للزين ومفاتحة في موضوع الزواج وتحديد موعد عقد الزواج أمر قابل للتصديق والقبول حتى في تلك البيئة الريفية التي تحكمها وتتحكم فيها بنية الثقافة الذكورية " إن نعمة كانت دائمة عنيدة في رأيها وقد اختارت زوجها بنفسها فدعوها وشأنها " (10) ، " ايّ جاتني الصباح بدري في بيتنا . وقالت لي قدام أمي : يوم الخميس يعقدوا لك علي . أنا وانت نبقى راجل ومره نسكن سوا ونعيش سوا " (11). بناء شخصية نعمة نجده شبيه بنسيج و بناء شخصية فاطمة بنت جبر الدار زوجة ضوء البيت وأم بندر شاه ، فيبدأ ظهورها بفعل إيجابي في معالجة الوافد الغريب ضوء البيت ، والذي كان مجهول الهوية ويخشاه حتى الرجال " واكتر إنسان تعب في تمريضه كانت فاطمة بنت عمي جبر الدار " (12) ، وهي أيضاً كانت البنت الوحيدة التي درست مع الأولاد " أظنها البنت الوحيدة من قبلي إلى بحري ، قرأت مع الأولاد في خلوة حاج سعد " (13) ، ومثل نعمة كان أمرها بيدها وحاسمة " أنا ما عندي بنت للزواج غيرك . إذا قلت لا أو نعم الأمر في يدك..... ،........ لم تتردد ، ولم تفكر قالت فوراً بصوت خفيض ولكنه حاسم واضح : نعم "(14) . وبنفس السمات لشخصية نعمة وفاطمة بنت جبر الدار يأتي بناء ونسيج شخصية مريوم في رواية مريود ، وكأنما الأمر تناص داخلي أو تناسخ شخصيات أو شخصيات دائرة كما قال بذلك الدكتور إبراهيم الخانجي في كتابه رؤية جديدة في روايات الطيب صالح (15) . البعد الاجتماعي للشخصيات الثلاث نعمة وفاطمة ومريم متشابه فهن الثلاثة متعلمات وكن الفتيات الوحيدات اللائى تلقين تعليم بالاضافة إلى انه تعليم مختلط ، وعملن في الحقل وسبحن في النيل مع الصبيان وطلعن النخل . وهن أيضاً متشابهات في البعد النفسي سوف نتطرق إليه بالتفصيل عند الحديث حول الهوية لأن الهوية الجندرية والبعد النفسي يتقاطعان كثيراً . أما البعد الجسدي فتختلف فاطمة بت جبر الدار التي وصفت بالقبح والنحافة " قبيحة ونحيفة زي الجرادة " (16) عن نعمة ومريوم اللتان وصفتا بالجمال " لكنه رآها يوم خارجة من الدار ترتدي ثوباً أبيض صادفها وجهاً لوجه . راعه جمالها " (17) ، " قالت وعيناها الجميلتان الذكيتان تستشرفان فوق رأسينا إلى بعيد " (1 .
بالرغم من أن شخصية حواء بنت العريبي شخصية هامشية إلا أن الروائي كان دقيقاً في بنائها وجعلها تمسك بعصا التوازن مع قوة فعلها فزواج فتاة من قبيلة عربية بشاب كان زنجي وكان مسترق أي عبد و مبادرتها لإتمام هذه الزواج هو فعل أسطوري حتى بمقاييس الوقت الراهن ناهيك عن خمسينات القرن العشرين وما قبلها حسب زمن الأحداث في رواية مريود ، ولكن الروائي جعلها حرة من سلطة الأب والقبلية عند قال على لسان الراوي أنها " هبطت من ديار الكبابيش مع أبويها في سنوات قحط وجـدب فماتا عنها وبقيت وحـــدها " (19)، وجعلها مستقلة اقتصادياً وعاملة " تمشط وتغزل وتمل في دور الميسورين في البلد " (20) ، وجعلها جريئة ومقدامة " قوية العين ، مهذار ، حلوة الحديث ، متبرجة " (21) ، وبهذا البناء جعلها قادرة على الفعل .
المراجع والمصادر : (1) رولان بارت ، مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص ، ص 72 ، نقلاً عن آمنة يوسف ، تقنيات السرد في والتطبيق ، دار الحوار للنشر والتوزيع ، سوريا ، اللاذقية ، الطبعة الأولى ، 1997م ص 26 . (2) والاس مارتن ، نظريات السرد الحديثة ، ، ترجمة حياة جاسم محمد ، المجلس الأعلى ،القاهرة ، 1998م ، ص 152 . (3) والاس مارتن ، نظريات السرد الحديثة ، ، مرجع سابق ، ص 153 . (4) عرس الزين ، مصدر سابق ، ص 21 (5) نفسه ، ص 25 (6) نفسه ، ص 32 (7) نفسه ، ص 33 . ( نفسه ، ص 34 (9) نفسه ، ص 35 . (10) نفسه ، ص 98. (11) نفسه ، ص 92 . (12) ضوء البيت ، مصدر سابق ، ص 120 (13) نفسه ، ص 120 . (14) نفسه ، ص 138 . (15) إبراهيم الخانجي ، رؤية جديدة في روايات الطيب صالح ، د .ت ، د . ط ، ص 23 (16) مريود ، مصدر سابق ، ص 73 . (17) عرس الزين ، مصدر سابق ، ص 70 . (1 مريود ، مصدر سابق ، ص 73 . (19) مريود ، مصدر سابق ، ص 62 (20) نفسه ، ص 62 . (21) نفسه ، ص 62 .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من شخصيات عرس الزين ، ضوء البيت ، مريود النسائية ..قراءة جندرية (Re: mustadam)
|
اسامة شكراً لمرورك
مصطلح العتبات النصية صار شايع الاستخدام لذا لم اكن مهتمة كثيراً به كمصطلح ، من خلال محاضرات د . يمني العيد ، ود . حاتم الصكر .. وقرائتي المتفرقة هنا وهناك اللمت بأطرافه وحاولت تطبيقه في البحث المنشور هنا .. مصدري الرئيسي كان (عبد الفتاح الجحمري ، عتبات النص : البنية والدلالة ، شركة الرابطة ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 1997م ) ارجو ان تحصل عليه وتجد ضالتك فيه .. ايضاً بعض كتابات سيزا قاسم بها شئ عن العتبات. حالياً لا املك نسخه عنه ، كنت سارسله لك
في البحث المنشور تطرقت للعناوين والإهداءات وتشظيها داخل الروايات من زاوية جندرية هل قرأتها ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من شخصيات عرس الزين ، ضوء البيت ، مريود النسائية ..قراءة جندرية (Re: mustadam)
|
مصطفى العزيز
الف شكراً لمرورك اذن موعودة بمداخلة ( شحمانة على قول منعمشوف)
تراني الهث وراء مداخلتكم / ن بسبب ان زاوية القراءة جديدة ولم تتوفر لي مراجع نظرية
وقد ساهمت مداخلتك والعزيز الفيا والاخرين / ات في اضاءة الجوانب المعتمةفي هذا البحث واستفدت منها ايما استفادة
المحزن انني الان لا استطيع الوصول اليها لطبعها بسبب مشكلة في الارشيف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من شخصيات عرس الزين ، ضوء البيت ، مريود النسائية ..قراءة جندرية (Re: الجندرية)
|
3 . موقعها داخل البناء السردي : يتنوع السرد في روايات الطيب صالح المدروسة من سرد موضوعي إلى سرد ذاتي ، وينتقل موقع السارد من سارد خارجي مراقب إلى سارد داخلي مشارك في الأحداث وملم بها ، ولكن لم تأتي أياً من الشخصيات النسائية في موقع السارد ، فهي دائماً مسرود عنها ومحكي عنها ، و صوتها غائب كأنه عورة وهناك آخر ينوب عنها ، إلا عندما يلجأ الروائي إلى تقنية الحوار أو إلى تقنية الارتداد وهي حالات نادرة ، عندها نتمكن فقط من سماع الصوت النسوي أو صوت الشخصية النسائية . فعلى طول رواية عرس الزين لم يبرز صوت نعمة إلا سبع مرات فقط .
أما في رواية ضؤ البيت فإن صوت فاطمة بنت جبر الدار لم يكن له موقع في البنية السردية ، ولم يبرز الا سبع مرات ايضاً من خلال الحوار .
حواء بنت العريبي في رواية مريود فلم يبرز صوتها ولا حتى مرة واحدة ، إلا أن صوت مريوم كان حظه أوفر من حظ أصوات الشخصيات النسائية التي نقوم بدراستها، ويعود ذلك بدرجة رئيسة إلى أن رواية مريود تنهض على تقنية الارتداد وما يترتب عليه من التداعي الحر ، مما سمح لصوت مريم بالبروز أكثر من أصوات الشخصيات النسائية الأخرى التي ندرسها في روايات عرس الزين ، وضؤ البيت ، و الصفحات من (65) وحتى نهاية الرواية (86) هي في أغلبها حوار بين مريود ومريوم (*).
* أنظر / ي : مريود ، مصدر سابق ، ص 65 ـ 86 .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من شخصيات عرس الزين ، ضوء البيت ، مريود النسائية ..قراءة جندرية (Re: الجندرية)
|
4 . الحضور والفاعلية :
ما نحاول بحثه تحت بند الفعالية هو قياس قدرة الشخصيات النسائية في زحزحة مكانة الشخصيات و أوضاعها داخل بنية النص الروائي ، واسهامهن في رسم المصاير والنهايات. نجد أن مريوم أكثر الشخصيات النسائية حضوراً في المتن الروائي سواء كانت ساردة أو مسرود عنها هي أقل الشخصيات أداءً على مستوى الفعالية فمريم لم تحقق أيٍ من أحلامها فهي : لم تكمل دراستها وانسحبت عندما اكتشف الناظر الخدعة ، و لم تتزوج من مريود ، ولم تسكن في البندر ، بل أنها لم تستطيع أن تردع أولادها في تصديهم لمحجوب أخيها الذي تحب ، حتى أنها لم تستطيع كسب ود محجوب في معركته ضد أولادها فانتهرها وزجرها طالباً منها العودة إلى المنزل . ونجد أن فعلها الإيجابي الأكثر تأثيراً هو خرقها للنظام التعليمي وانتزاعها لذلك الحق بالرغم من عدم استمرارها في المجابهة وانسحابها عند أول مواجهة . في حين نجد أن أقل الشخصيات حضوراً هي أكثرها فاعلية ، فنعمة وبالرغم من حضورها الذي لم يتجاوز الصفحات المعدودة إلا أن ما أحدثته من تغيير في شخصية الزين كان كبيراً حتى أنه تحول فيما بعد إلى أحد أعيان ود حامد وبالرغم من أن بناء شخصية نعمة وهويتها أيضاً كانا يؤهلانها للعب ذلك الدور في التغيير إلا أن الرواية دعمت ذلك بالاتكاء على موقع نعمة وأسرتها الاجتماعي وثروة أبيها التي دفع منها مهر ابنته " مائة جنيه ذهباً وهي من حر مال حاج إبراهيم "(1) ، وأيضا على المعجزة الصوفية المتمثلة في نبوة الشيخ الحنين بأن الزين سيتزوج أفضل بنت في البلد " باكر تعرس أحسن بنت في البلد دي " (2) و ، " كلام الحنين ما وقع البحر . قال له باكر تعرس احسن بت في البلد " (3) . أما حواء بنت العربي وبالرغم أيضاً من حضورها الهامشي على مستوى القول السردي الذي لم يتجاوز الثلاث صفحات إلا أن فعاليتها كانت كبيرة في استقلالها الاجتماعي والاقتصادي الذي مكنها من البوح بعشقها ومن اختيارها الحر لشريكها رغم أن الراوي لم يكتفي ببناء شخصيتها الدقيق والذي يؤهلها بجدارة لهذه الفاعلية ، وتوسل أيضاً المعجزة الصوفية بلجوء حواء إلى الشيخ نصر الله ود حبيب أستاذ وشيخ معشوقها بلال " ولما أعيتها الحيلة ذهبت إلى الشيخ نصر الله ود حبيب ، وشكت له وتذللت وتضرعت ، فأشار على بلال أن يتزوجها " (4) . تكمن فاعلية فاطمة بنت جبر الدار في رواية ضؤ البيت بالرغم من أنها يصدق عليها ما سبق ذكره من ضاءلت الحضور على مستوى البنية السردية ، في كسرها لنمط صورة المرأة الريفية المترددة العاجزة و ال%
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من شخصيات عرس الزين ، ضوء البيت ، مريود النسائية ..قراءة جندرية (Re: الجندرية)
|
4 . الحضور والفاعلية :
ما نحاول بحثه تحت بند الفعالية هو قياس قدرة الشخصيات النسائية في زحزحة مكانة الشخصيات و أوضاعها داخل بنية النص الروائي ، واسهامهن في رسم المصاير والنهايات. نجد أن مريوم أكثر الشخصيات النسائية حضوراً في المتن الروائي سواء كانت ساردة أو مسرود عنها هي أقل الشخصيات أداءً على مستوى الفعالية فمريم لم تحقق أيٍ من أحلامها فهي : لم تكمل دراستها وانسحبت عندما اكتشف الناظر الخدعة ، و لم تتزوج من مريود ، ولم تسكن في البندر ، بل أنها لم تستطيع أن تردع أولادها في تصديهم لمحجوب أخيها الذي تحب ، حتى أنها لم تستطيع كسب ود محجوب في معركته ضد أولادها فانتهرها وزجرها طالباً منها العودة إلى المنزل . ونجد أن فعلها الإيجابي الأكثر تأثيراً هو خرقها للنظام التعليمي وانتزاعها لذلك الحق بالرغم من عدم استمرارها في المجابهة وانسحابها عند أول مواجهة . في حين نجد أن أقل الشخصيات حضوراً هي أكثرها فاعلية ، فنعمة وبالرغم من حضورها الذي لم يتجاوز الصفحات المعدودة إلا أن ما أحدثته من تغيير في شخصية الزين كان كبيراً حتى أنه تحول فيما بعد إلى أحد أعيان ود حامد وبالرغم من أن بناء شخصية نعمة وهويتها أيضاً كانا يؤهلانها للعب ذلك الدور في التغيير إلا أن الرواية دعمت ذلك بالاتكاء على موقع نعمة وأسرتها الاجتماعي وثروة أبيها التي دفع منها مهر ابنته " مائة جنيه ذهباً وهي من حر مال حاج إبراهيم "(1) ، وأيضا على المعجزة الصوفية المتمثلة في نبوة الشيخ الحنين بأن الزين سيتزوج أفضل بنت في البلد " باكر تعرس أحسن بنت في البلد دي " (2) و ، " كلام الحنين ما وقع البحر . قال له باكر تعرس احسن بت في البلد " (3) . أما حواء بنت العربي وبالرغم أيضاً من حضورها الهامشي على مستوى القول السردي الذي لم يتجاوز الثلاث صفحات إلا أن فعاليتها كانت كبيرة في استقلالها الاجتماعي والاقتصادي الذي مكنها من البوح بعشقها ومن اختيارها الحر لشريكها رغم أن الراوي لم يكتفي ببناء شخصيتها الدقيق والذي يؤهلها بجدارة لهذه الفاعلية ، وتوسل أيضاً المعجزة الصوفية بلجوء حواء إلى الشيخ نصر الله ود حبيب أستاذ وشيخ معشوقها بلال " ولما أعيتها الحيلة ذهبت إلى الشيخ نصر الله ود حبيب ، وشكت له وتذللت وتضرعت ، فأشار على بلال أن يتزوجها " (4) . تكمن فاعلية فاطمة بنت جبر الدار في رواية ضؤ البيت بالرغم من أنها يصدق عليها ما سبق ذكره من ضاءلت الحضور على مستوى البنية السردية ، في كسرها لنمط صورة المرأة الريفية المترددة العاجزة و الخائفة من التواصل مع الآخر الغريب ، فهي التي قامت بتمريضه وهي التي قامت بتعليمه القرآن وهي قبلته زوجاً وساهمت بجدارة في تكيفيه مع المجتمع " وتلا آيات من سورة الضحى علمته إياها فاطمة بنت جبر الدار " (5) . أما فاعلية بنت الناظر وما حققته لسعيد البوم الذي تحول الى سعيد عاشا البايتات فهي فعالية اعتمدت على موقع ومكانة بنت الناظر الاجتماعية المستمدة من موقع ومكانة أبيها ، فهي شخصية مجهولة ، لم نعرف اسمها، ولم نتعرف عليها طوال الرواية ؛ الا من خلال السرد عنها بلسان الآخرين ، بل حتى هذا التغيير الذي حدث لسعيد والانتقال في المكانة الاجتماعية من شخص مهمش وفقير الى ثري ذو سلطة ومكانة ، أرجعته الرواية في بعض جزئياتها الى المعجزة الصوفية متمثلة في كرامات الشيخ الحنين .(6)
مراجع ومصادر :
(1) عرس الزين ، مصدر سابق ، ص 101 . (2) نفسه ، ص 47 . (3) نفسه ، ص 68 . (4) مريود ، مصدر سابق ، ص 63 (5) ضوء البيت ، مصدر سابق ، ص 132 . (6) نفسه ، ص 73 ـ 81 .
| |
|
|
|
|
|
|
|