|
معضلة أبيي : هل من طريق للحل ؟!
|
الإخوة أعضاء سودانيزأون لاين السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا المقال نشر على صحيفة سودانايل الألكترونية في يوم الجمعة 22/6 ولإعتقادي أنه طرح بعض المعالجات لمسألة أبيي رأيت أن أنقله لكم لإبداء الراى وردم الثغرات . ............................................................................. معضلة أبيي : هل من طريق للحل ؟ هل سيتمكن طرفا نيفاشا (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ) من حل معضلة أبيي ؟ سؤال إقتضته مآلات الجدال الدائر حول هذه القضية منذ سنتان ونيف من توقيع إتفاقية السلام الشامل في 2005 م ، حيث أن الطرفين ما زالا في جلسات متتالية دون الوصول إلى حل ينهي هذه المسألة ، فضلا عن التراجع عما يتم التوصل إليه بشأنها ، إذن ما هو الحل ؟ وما هي المآلات المستقبلية ؟ إن المتابع لهذه المسألة يرى أن إمكانية وصول الطرفان لوحدهما لحل لهذه المعضلة يشابها الشك ، فهما قد أعلنا أنهما توصلا إلى حل هذه المسألة بعد إجتماعات مارسونية إستمرت لعدة شهور وقال فيها السيد باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية وهو يعلن الوصول إلى حل مع السيد نافع على نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون السياسية والتنظيمية (أن هذا يعد إنجازا ضخما ، حيث أننا إنتهينا من 95% من نقاط الخلاف ) وأعلن عن التوصل إلى إتفاق يقضي بتشكيل إدارة مؤقتة في حدود وحدة أبيي الإدارية لمدة ستة أشهر يتم خلالها إنجاز ترسيم حدود أبيي 1905 من لجنة مشكلة من رئاسة الجمهورية ، وتفاءل الناس خيرا بأنه أخيرا هناك كوة ضوء في نهاية النفق المظلم وتقاطرت الوفود من أبيي والمنطقة إلى الخرطوم وطلبت الخرط التي توضح حدود الوحدة الإدارية لأبيي من قبل مكاتب المسئولين في الخرطوم ، وأعلن عن لجنة سداسية ستزور المنطقة لتقف على الحدود الإدارية للوحدة على أرض الواقع . فجأة وفي صبيحة يوم الخميس 14/6/2007م تطالعنا الصحف بتصريحات غريبة وعجيبة حيث أعلن السيد رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب والذي يرأس جانب الحركة الشعبية في اللجنة التنفيذية للمفاوضات بين الطرفين والتي يرأسها من جانب المؤتمر الوطني السيد علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية أن الحركة الشعبية رفضت مقترح تشكيل الإدارة المؤقتة لأبيي وتقدمت بمقترحين للمؤتمر الوطني وطلب الاخير فرصة لدراستهما مبينا أن مسألة الإدارة المؤقتة تعتبر تطويل للأزمة وليست حلا . السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو إذا كانت الحركة الشعبية قد وافقت على تشكيل الإدارة المؤقتة لأبيي فما الذي جعلها تعود وترفض هذه الإدارة بعد أكثر من أسبوع على موافقتها؟ وما هو الدافع وراء ذلك؟ وهل هذا الموقف جدير بالحركة أن تقفه؟ وما هي وسائل الضغط التي مورست على الحركة لتعود عن موافقتها وما هي الجهة التي مارست هذه الضغوط؟! كما من ناحية المؤتمر الوطني الذي وعد بدراسة المقترحين المقدمين من الحركة حسب رياك مشار ، ما هي مبررات دراسته لهذه المقترحات ؟ وما الذي قدمته له الحركة ليوافقها على نكوصها عن الإتفاق السابق والتحرك معها في دراسة مقترحات جديدة؟ هل أن ما تم عليه الإتفاق لم يكن صالحا وتراجعوا عنه لاحقا؟ أم أن هناك قوة ضغط نافذة منعتهما من تنفيذ ما إتفقوا عليه ؟ وإن كان ذلك صحيحا فهل جدير بهما -المؤتمر الوطني والحركة الشعبية- أن يقودا هذه الدولة بكل تلك العشوائية ؟! أسئلة حيرى تولد أخرى . المتابع لموضوع أبيي منذ إقحامها في مفاوضات نيفاشا بعد توقيع برتوكول مشاكوس الإطاري بين الطرفين والذي إعتمد حدود 1/1/1956م بين الشمال والجنوب كأساس للتفاوض والرجوع عنه لاحقا بإدخال مناطق تقع شمال هذا الخط كجبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي يرى أن الأيادي الأجنبية تلعب دورا فاعلا في هذه المسألة ، وخاصة فيما يتعلق بأبيي ، فأبيي أدخلت للمفاوضات لاحقا ، وجاء مقترح برتوكول أبيي من الإدارة الأمريكية من خلال مبعوثها دانفورث وتم الأخذ به من الطرفين حرفيا ولحسوا مقترحيهما الذين قدماهما لحل المسألة وجاء البرتوكول كما هو منشور ، ولكن رأت الإدارة الأمريكية أنها أخفقت شيئا في هذا البرتوكول فحدود أبيي 1905 معروفة ومحددة بالخرط والوثائق البريطانية وهي بهذا لا تلبي لها أطماعها في الحيازة على البترول الموجود في المنطقة فجاءت بمقترحها في تشكيل لجنة الخبراء والتي إختارت لها سفيرها السابق في السودان رئيسا من دون أي إعتبار للمهنية فالسفير المعني ليس خبيرا في التاريخ وإستعانت بممثلا بريطانيا وثلاثة آخرون لا حول لهم ولا قوى يمثلون دول الإيقاد ، واكملت ذلك بالملاحق التي حبكت فيها اللعبة وهو النص الذي يقول : ( إذا لم يتوصل الطرفان لحل بالتراضي يكون قرار الخبراء ملزم ونهائي ) وهي تدرك أن الطرفين لن يتوصلا لحل بالتراضي في ظل ضغوطها ، لذلك جاءت خارطة الخبراء بالحدود البترولية التي أدخلت مناطقا لم تك يوما محل نزاع بأي حال من الأحوال ، ولكنهم قالوا لم نجد حدود 1905 وهو الأمر الذي أبان الثقوب في الحبكة البترولية الأمريكية ليعتبر تقريرهم قانونا غير ملزم لحكومة السودان وذلك لتجاوزه التفويض الممنوح لهم بتحديد منطقة معينة وإقرارهم بعدم وجود هذه المنطقة يسقط التفويض ولا يبيح لهم أي إجراء آخر ، هذه النقطة هي التي تمسك بها المؤتمر الوطني وتمسكت الحركة الشعبية بنص الملحق الذي يؤكد نهائية التقرير وإلزاميته ولكن يعتبر موقف المؤتمر الوطني أكثر قوة من الناحية القانونية . من هنا نلاحظ الدور الأمريكي الفاعل في قضية أبيي، فالموقف الآن رهن بموقف الإدارة الأمريكية من حل المسألة ولا نريد ان نتهم أحدا بأنه أداة للسياسة الأمريكية ولكن كل المؤشرات تدل على أن هناك أجندة أمريكية في قضية أبيي وأن هناك جهات تنفذ هذه السياسة الأمريكية سواء عن دراية بها أو بدون دراية وهذا ما يجعل الملف يراوح مكانه ويعود الأدراج كلما ظهرت بعض البوادر في الإنفراج، فهل سيظل الملف هكذا إلى أن تتحقق الأجندة الأمريكية والتي لا ترضى بأقل من القبول بخارطة الخبراء البترولية ؟ أم هناك طريق آخر للحل ؟ في تقديرنا أن هناك طريق للحل لهذه المعضلة وهذا الطريق يمر بمشاركة الشعب السوداني بكافة فئاته وقواه السياسية في الحل وتجاوز عقبة الشريكين التي إستغرقت كل هذا الوقت من دون حل ، وفي البداية شعب المنطقة التي فيها الصراع ونقصد المسيرية ودينكا نقوك ، وهنا لابد للمسيرية ودينكا نقوك من تفعيل دورهم في إيجاد حل لا يكتفي بممثليهم من أعضاء الشريكين ولكن يتجاوزهم لأصحاب المصلحة الحقيقية في الحل من الطرفين ، فممثلوا المسيرية والدينكا نقوك الذين يفاوضون الآن لا يفاوضون باسم المسيرية ودينكا نقوك وإنما يفاوضون باسم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وعندما يتوصلون لرأى تأتي الأجندة الأجنبية فتعيد القضية لنقطة الصفر ، فالحل من وجهة نظرنا – القابلة للخطأ والصواب- يكمن في أن يتبنى مثقفو المسيرية والدينكا نقوك مبادرات الحوار حول المسألة وقد كانت هناك مبادرة قادها المنبر الحر لشعب منطقة المسيرية (شمم) في شهر فبراير 2007م في زيارة قيادته لمنطقة أبيي ولقاءها بأبناء دينكا نقوك ممثلين في الأمير كوال دينج مجوك وبعض قيادات الإدارة الأهلية والمكتب التنفيذي للوحدة الإدارية لأبيي الذي إنبثق عن سيطرة نقوك على الوحدة الإدارية ، وطرح وفد المنبر الحر المبادرة بإختصار كالآتي: (أننا نرى أن مسألة أبيي لا يوجد لها حل في ظل مفاوضات شريكي نيفاشا الحالية وتقرير لجنة الخبراء ، ولابد من طريق آخر للحل يجنب المنطقة العودة للحرب مرة أخرى ، ففي ظل تمسك الحركة الشعبية بتقرير الخبراء ورفض المؤتمر الوطني لهذا التقرير لا نرى أنهما سيصلان لحل مرضي للطرفين ، فالإحتمالات المتوقعة لهذا الحل هي واحد من إحتمالين وهي إما أن توافق الرئاسة على تقرير الخبراء وهذا الأمر مرفوض من المسيرية جملة وتفصيلا ، وأما أن ترفض الرئاسة تقرير الخبراء وهذا الأمر مرفوض من دينكا نقوك ، وفي هذه الحالة فالحرب واقعة لا محالة ، ولأننا نرفض أن نخوض الحرب مرة أخرى من أجل مصالح الآخرين فإننا نتقدم بمقترحنا أن يجلس المسيرية ودينكا نقوك في طاولة للتفاوض من دون شروط مسبقة ، وتطرح المسألة على بساط البحث ، فللمسيرية أخطاءهم كما لنقوك أخطاءهم وللمسيرية مآخذ على نقوك ولنقوك مآخذ مثلها على المسيرية ، وهناك تاريخ طويل بين الجانبين من التعايش السلمي والتداخل الإجتماعي الذي يمكن أن يطغى على الحروب ومرارتها ، ويجلس الطرفان لتجاوز السلبيات وتدعيم الإيجابيات لبناء علاقة تعايشية متينة وإذا أراد نقوك الإنفصال والإنضمام لبحر الغزال فهذا حق مكفول لهم ولكن دون التغول على حق غيرهم من جيرانهم فهم يعلمون حدودهم مع المسيرية والمسيرية يعلمون ذلك ، وخارطة الخبراء لا تمثل الحقيقة في شئ فبإمكانهم أن ياخذوا أرضهم ويلحقوها بالولاية التي يشاؤن ). وما زال هذا الرأي مطروحا من قبل المسيرية وقد وجد تجاوبا من بعض مثقفي الدينكا ورفضه آخرون وقد طلبوا مهلة لدراسة المقترح ، ولكنا نعتقد تأثير الحركة الشعبية على نقوك – أو على الأقل الذين مثلوهم في الإجتماع- لم يتح لهم فرصة التحرك الحر في التعبير عما يراه أغلبية شعب نقوك الذين هم على الأرض . نتمنى أن يتمكن إخوتنا نقوك من الوصول إلى رأى وقرار للرد على مبادرة المسيرية من أجل البحث عن حل لأنهم هم وحدهم والمسيرية الذين سيستفيدون من الحل وهم وحدهم والمسيرية الذين سيتضررون من عدم وجود حل لهذه المعضلة ، ونناشد المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أن ينظروا للأمور في إطار المصلحة العليا للسودان لا المصلحة الذاتية السياسية لكل تنظيم ، فغذا لم تحل هذه القضية فلن يستفيد أين منهما من مكاسب إتفاقية السلام وسيعيدون الوطن للحروب والتمزيق والدمار وهذا سيكون عار عليهما بعد أن كللا بغار العز في إنتصار نيفاشا .
|
|
|
|
|
|