|
رحيل الشاعرة العراقية نازك الملائكة
|
رحيل الشاعرة العراقية نازك الملائكة b b c
تعتبر نازك الملائكة من أهم رواد الشعر العربي الحديث وعلما من أعلامه توفيت يوم الأربعاء بمستشفى في العاصمة المصرية الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة عن 84 عاما إثر هبوط حاد في الدورة الدموية.
وأبلغت الشاعرة العراقية ريم قيس كبه وهي من أسرة الملائكة وكالة رويترز إن نازك الملائكة التي عانت من أمراض الشيخوخة في الأيام الأخيرة تدهورت صحتها يوم الأربعاء فجأة ثم فارقت الحياة وستشيع جنازتها ظهر الخميس وتدفن بمقبرة للعائلة غربي القاهرة.
ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23 أغسطس/آب عام 1923 في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر فكانت أمها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو (أم نزار الملائكة) أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا.
ودرست الشاعرة الراحلة اللغة العربية في دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة.
ثم درست اللغات اللاتينية والانجليزية والفرنسية وأكملت دراستها في الولايات المتحدة عام 1954 حيث حصلت بعد عامين على شهادة الماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكنسن.
والملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية.
وعملت الملائكة بالتدريس في كلية التربية ببغداد ثم بجامعة البصرة ثم بجامعة الكويت وتعد من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حين كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي.
توفت نازك في القاهرة، المدينة التي عاشت فيها سنواتها الأخيرة وشهدت تكريمها ونشرت الشاعرة قصيدتها الشهيرة (الكوليرا) عام 1947 فسجلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب (1926- 1964) الذي نشر في العام نفسه قصيدته (هل كان حبا؟) واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عرف فيما بعد بالشعر الحر.
وصدر ديوانها الأول (عاشقة الليل) عام 1947 ببغداد ثم توالت دواوينها التالية ومنها (شظايا ورماد) عام 1949 و(قرارة الموجة) عام 1957 و(شجرة القمر) عام 1968 و (يغير ألوانه البحر) عام 1970. كما صدرت لها عام 1997 بالقاهرة مجموعة قصصية عنوانها (الشمس التي وراء القمة).
ومن بين دراساتها الأدبية: (قضايا الشعر الحديث) عام 1962 و(سايكولوجية الشعر) عام 1992 فضلا عن دراسة في علم الاجتماع عنوانها (التجزيئية في المجتمع العربي) عام 1974.
ورحبت الشاعرة شعرا بثورة رئيس الوزراء العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم عام 1958 لكنها اضطرت لترك العراق وقضت في بيروت عاما كاملا، وفيما بعد وصفت قاسم بالرجل الذي "استهوته شهوة الحكم."
ورغم غياب نازك الملائكة عن المنتديات الثقافية في السنوات الأخيرة فإنها ظلت في دائرة الضوء إذ حصلت على جائزة البابطين عام 1996.
كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 مايو/أيار 1999 احتفالا لتكريمها "بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي" وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لمرضها شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون إضافة إلى زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة الذي أنجبت منه ابنها الوحيد، البراق.
نقلا عن ال B B C
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعرة العراقية نازك الملائكة (Re: Summanism)
|
أنا - لنازك الملائكة
الليلُ يسألُ مَن أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنّعتُ كنهي بالسكونْ
ولففتُ قلبي بالظنونْ
وبقيتُ ساهمةً هنا
أرنو وتسألني القرونْ
أنا من أكون ؟
الريحُ تسألُ مَنْ أنا
أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ
فإذا بلغنا المُنْحَنَى
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ
فإذا فضاءْ !
والدهرُ يسألُ مَنْ أنا
أنا مثله جبارةٌ أطوي عُصورْ
وأعودُ أمنحُها النشورْ
أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ
من فتنةِ الأملِ الرغيدْ
وأعودُ أدفنُهُ أنا
لأصوغَ لي أمساً جديدْ
غَدُهُ جليد
والذاتُ تسألُ مَنْ أنا
أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام
لا شيءَ يمنحُني السلامْ
أبقى أسائلُ والجوابْ
سيظَلّ يحجُبُه سرابْ
وأظلّ أحسبُهُ دَنَا
فإذا وصلتُ إليه ذابْ
وخبا وغابْ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعرة العراقية نازك الملائكة (Re: ابوهريرة زين العابدين)
|
عاشقة الليل - لنازك الملائكة
ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ أحزانِ القلوبِ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
حاملاً في كفِّه العــودَ يُغنّـــي للغُيوبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليـلِ في الوادي الكئيبِ
* * *
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شهد الوادي سُـــرَاها
أقبلَ الليلُ عليهــا فأفاقتْ مُقْلتاهـــا
ومَضتْ تستقبلُ الوادي بألحــانِ أساهــا
ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّـي شَفَتاهــا
آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري ما مُنَاهــا
* * *
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ
وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْــتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ
فنَضتْ بُرْدَ نَهارٍ لفّ مَسْــراهُ الحنيـــنُ
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ حزيــنُ
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ أنيـــنُ
* * *
إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديـــهِ الأَغــنِّ
هوَ ذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيـــا مُتَمنِّ
تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُــزْنِ
فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّـي
وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ
* * *
ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسمـاءِ ؟
أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعـــراء ؟
أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقــاءِ ؟
أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضيـاءِ ؟
عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المســـاء
* * *
طيفُكِ الساري شحـوبٌ وجلالٌ وغمـوضُ
لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّـه الليلُ العـريضُ
فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أســـرارٌ تَفيضُ
آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيـضُ
فارجِعي لا تَسْألي البَرْقَ فما يدري الوميضُ
* * *
عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سـرُّ الذُهُـولِ ؟
ما الذي ساقكِ طيفاً حالِماً تحتَ النخيـلِ ؟
مُسْنَدَ الرأسِ إلى الكفَينِ في الظلِّ الظليـلِ
مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ
ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميـلِ
* * *
أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ
فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائنــاتُ
قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ الحيــاةُ
ليس يَدْري العاصـفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ
فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ
4-4-1945
المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الأول ، ص 546 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعرة العراقية نازك الملائكة (Re: الطيب عبدالرازق النقر)
|
الكوليرا
- لنازك الملائكة
سكَنَ الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كلِّ فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزَّقَـهُ الموت
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
* * *
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ
مَوْتَى , موتَى , لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
* * *
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداء
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
* * *
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ, الموتُ, الموتْ
يا مصرُ شعوري مَزَّقَـهُ ما فعلَ الموتْ
( 1947)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعرة العراقية نازك الملائكة (Re: ateif abdoon)
|
غرباء - لنازك الملائكة
أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنـا
نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا?
يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ
يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ
سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا:
مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ
غُربَاءْ
اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيـرِ
كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعـوري
دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا
وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى
أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري
إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,
غُربَاءْ
مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ
كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ
مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ
خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي
خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ
أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ
غُربَاءْ
أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ
يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف
أو لا تُبْصرُ ? عينانا ذبـولٌ وبـرودٌ
أوَلا تسمعُ ? قلبانا انطفاءٌ وخُمـودُ
صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ
ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ
غُربَاءْ
نحن من جاء بنا اليومَ ? ومن أين بدأنـا ?
لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين .. فدَعنـا
نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا
بعضُ حـبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا
آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا
قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا
غُربَاءْ
( 1948)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعرة العراقية نازك الملائكة (Re: ateif abdoon)
|
مَرَّ القطار -
لنازك الملائكة
الليل ممتدُّ السكونِ إلى المدَى
لا شيءَ يقطعُهُ سوى صوتٍ بليدْ
لحمامةٍ حَيْرى وكلبٍ ينبَحُ النجمَ البعيدْ،
والساعةُ البلهاءُ تلتهمُ الغدا
وهناك في بعضِ الجهاتْ
مرَّ القطارْ
عجلاتُهُ غزلتْ رجاءً بتُّ أنتظرُ النهارْ
من أجلِهِ .. مرَّ القطارْ
وخبا بعيداً في السكونْ
خلفَ التلال النائياتْ
لم يبقَ في نفسي سوى رجْعٍ وَهُونْ
وأنا أحدّقُ في النجومِ الحالماتْ
أتخيلُ العرباتِ والصفَّ ا لطويلْ
من ساهرينَ ومتعبينْ
أتخيلُ الليلَ الثقيلْ
في أعينٍ سئمتْ وجوهَ الراكبينْ
في ضوءِ مصباحِ القطارِ الباهتِ
سَئمتْ مراقبةَ الظلامِ الصامتِ
أتصوّرُ الضجَرَ المريرْ
في أنفس ملّت وأتعبها الصفيرْ
هي والحقائبُ في انتظارْ
هي والحقائبُ تحت أكداسِ الغبارْ
تغفو دقائقَ ثم يوقظها القطارْ
وُيطِلُّ بعضُ الراكبينْ
متثائباً، نعسانَ، في كسلٍ يحدّق في القِفارْ
ويعودُ ينظرُ في وجوهِ الآخرينْ
في أوجهِ الغُرَباء يجمعُهم قطارْ
ويكادُ يغفو ثم يسمَعُ في شُرُودْ
صوتاً يغمغمُ في بُرُودْ
" هذي العقاربُ لا تسيرْ !
كم مرَّ من هذا المساء؟ متى الوصولْ ؟"
وتدقٌّ ساعتُهُ ثلاثاً في ذُهُولْ
وهنا يقاطعُهُ الصفيرْ
ويلوحُ مصباحُ الخفيرْ
ويلوحُ ضوءُ محطةٍ عبرَ المساءْ
إذ ذاكَ يتئدُ القطارُ المُجْهَدُ
... وفتىً هنالكَ في انطواءْ
يأبى الرقادَ ولم يزلْ يتنهدُّ
سهرانَ يرتقبُ النجومْ
في مقلتيه برودةٌ خطَّ الوجومْ
أطرا فَهَا .. في وجهِهِِ لونٌ غريبْ
ألقتْ عليه حرارةُ الأحلام آثارَ احمرارْ
شَفَتاهُ في شبهِ افترارْ
عن شِبْهِ حُلْمٍ يفرُشُ الليلَ الجديبْ
بحفيفِ أجنحةٍ خفيّاتِ اللُحونْ
عيناهُ في شِبْهِ انطباقْ
وكأنها تَخْشَى فرارَ أشعةٍ خلف الجفونْ
أو أن ترى شيئاً مقيتاً لا يُطَاقْ
هذا الفتى الضَّجِرُ الحزينْ
عبثاً يحاول أن يرَى في الآخرينْ
شيئاً سوى اللُغْزِ القديمْ
والقصّةِ ا لكبرى التي سئمَ الوجودْ
أبطالهَا وفصولهَا ومضَى يراقبُ في برودْ
تَكْرارَها البالي السقيمْ
هذا الفتى.....
وتمرُّ أقدامُ الَخفيرْ
وُيطل وجهٌ عابسٌ خلفَ الزُجاجْ،
وجهُ الخفير!
ويهزُّ في يدِهِ السِراجْ
فيرى الوجوهَ المتعَبة
والنائمينَ وهُمْ جلوسٌ في القطارْ
والأعينَ المترقبة
في كلّ جَفْنً صرخةٌ باسمِ النهارْ،
وتضيعُ أقدامُ الخفير الساهدِ
خلفَ الظلامِ الراكدِ
مرَّ القطار وضاع في قلبِ القفارْ
وبقيت وحدي أسألُ الليلَ الشَّرُود
عن شاعري ومتى يعودْ ؟
ومتى يجيء به القطارْ ؟
أتراهُ مرَّ به الخفير
ورآه لم يعبأ به .. كالآخرينْ
ومضى يسيرْ
هو والسِّراجُ ويفحصانِ الراكبين
وأنا هنا ما زلتُ أرقُبُ في انتظارْ
وأوَدُّ لو جاءَ القطارْ ....
1948
| |
|
|
|
|
|
|
|