رزنامة الأستاذكمال الجزولي وضيفه: "انتصرت ، وبشكل حاسم ، على نفسي ، وعلى جنس الكلاب .. كافة".

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 08:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-18-2007, 08:46 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رزنامة الأستاذكمال الجزولي وضيفه: "انتصرت ، وبشكل حاسم ، على نفسي ، وعلى جنس الكلاب .. كافة".

    رُزنامة الأسبوع: الثلاثاء12يونيو2007م.

    -----------------

    ضيفٌ على الرُزنامة.

    مايو: فضل زيارة القبور!

    بقلم / د. مجدي الجزولي*

    كمــال الجـــزولي.


    الثلاثاء: .
    -------------------

    دعاني الأستاذ كمال كي أحل ضيفاً على رزنامته ، فوافقت سعيداً كطفل! وما أن جلست إلى جهاز الكمبيوتر حتى خطر لي سؤالان ، الأول: ماذا أنا كاتب في مساحة دأب صاحبها وجلساؤه مِن ضيوفه أن يتحفوا القراء ، عبرها ، بما يجمع بين الخبرة والابداع ، وأنا ، بعدُ ، مَن يحسب نفسه ، في هذا المقام ، مجرد مبتدئ؟! والثاني: أي بلاد هذي التي تعجز أجيالها عن التلاقح بجامع (الروح الرفاقية)؟!

    بصدد السؤال الأول استعدت ما كان قد قال كمال من أن (اليوميات) سعة ضيقة ، أي كل شئ ولا شئ ، فمن يتصدى لتدوينها ينبغي أن يفج في الروح كوة ينفذ منها صدق عظيم مثاله البارز في تاريخ الكتابة في بلادنا الشيخ الجليل بابكر بدري ، وربما إبنه العميد يوسف ، عليهما رحمة الله.

    أما بصدد السؤال الثاني فقد ألهمني الاعتبار مراجعة تصور رسخ عندنا بغير وجه حق ملموس ، وإنما عن طريق المواتاة ، أو قل المحاكاة ، وأعني بذلك (الصراع) المفتعل بين جيل (شاب) وآخر (هرم) ، حيث يدعي الكثيرون من جيلي (كفاحاً) متوهماً ضد رموز مضيئة من الاجيال التي سبقتهم ، فلا يكفون عن سوق تهمة التحجر والتشبث والجمود في حقهم! على أنني لم ألمس ، في الحقيقة ، (صراعاً) كهذا ، بوجهه ، وإنما لمست (صراعات) أخرى لا تدور ، في حقيقتها ، حول (صراع أجيال) ، بقدر ما تعكس (مشاريع) ملتبسة ، تتسم ، على تنوعها ، بالغرابة ، لكن يتم تسويقها ، بنشاط ، (كصراع) بين أجيال! من ذلك ، على سبيل المثال ، ما يتصل بديموقراطية العمل العام ، فكلما أراد قادمون جدد (استعجال) نيلهم (لحظوة) الاعتراف بهم ، على (خفة) مئونتهم ، شنوا حملة شعواء مفادها أن ثمة جيلاً ستينياً يسد عليهم الدروب كلها ، ويحول دون صعودهم المدارج! وهي حجة تقوم ، في الواقع ، على ساق مشلولة! فالمدراج بابها المساهمة المقدرة في المجال العام ، بفعل مؤثر أو فكر رصين أو أدب حسن. أما الانصراف عن هذه المهمة إلى محاولة (الالتفاف) على (صعوباتها) بدعوى (تهميش) جيل لجيل ، فقول مردود لا يستحسنه إلا (القاعدون) من فاقدي الهمة ، أو ضعفائها في أفضل الأحوال! العكس من ذلك ، في ظني وتجربتي ، أن يُسراً ديموقراطياً ما زال يسم علاقة الأجيال ببعضها في أوساط أصحاب الهم التقدمي ، بالتعارض مع تراث في الأبوية راسخ في حياتنا الاجتماعية. بل لقد كان من كسب (الستينيين) أن ثاروا على المفهوم الأبوي هذا كل الثورة ، وأرسوا تقليداً ديموقراطياً بديلاً في العلاقة بين (الكبار) و(الصغار) ، كان ذلك في حياتنا الثقافية أو السياسية. أنظر ، مثلاً ، كيف حزم الشيوعيون أمرهم ، بُعيد ثورة أكتوبر المجيدة ، وقدموا سكرتيرهم السياسي عبد الخالق محجوب منافساً لـ (أبا الكبير) اسماعيل الأزهري في دائرة أم درمان الجنوبية ، رغم أنه كان يمكن تحقيق فوز سهل لعبد الخالق في ما لو اختار الشيوعيون اجتناب المحرمات ، أو آثروا السلامة البراغماتية! علق أستاذنا محمد ابراهيم نقد على هذه الواقعة في ثنايا حواراته مع ضياء الدين بلال بقوله: ''الثورة كانت ثورة قوى حديثة ، ما في قداسة لأي شخص ، ليس نكران ، لكن من حق الآخرين المشاركة في التنافس'' ، وزاد قائلاً: ''الرسالة المراد إرسالها كانت تقول إن أكتوبر لن تقبل بالوضع القديم للقيادات الأبوية'' ، ثم ختم حديثه بكلمات احتفاء في حق المغامرة الثورية قد لا يدرك أفقها بعض من يتنطعون اليوم زوراً بمظلمة الجيل ، وذلك بقوله: ''لا بد من الاقتحام ، هنالك معارك لا بد من خوضها بغض النظر عن التنائج المترتبة عليها .. فوز أم خسارة''!

    الحق عندي أن التصور الساري لصراع الأجيال سهم طائش ، إما لعلة في (السهم) أو في (الرامي) ، والأغلب أن الأخير قد أعجزته مهمته (الثورية) ، إن جاز التعبير ، فاختار معاركة قوم كسبهم الأبرز هو الديموقراطية ، فهلا عرفنا سرهم الوطني والاجتماعي هذا وأكرمناه لا أفسدناه؟!

    مهمة (الجيل الجديد) الثورية أن ينهض بقواه الحية لمجابهة الشمولية ، بأي زى تزيت ، فيضرب بسهم معتبر في تاريخ الوطن ومسيرته الديموقراطية. هذا ما فعل أهل (الاجيال الاكبر) ، ثاروا في أكتوبر ضد طغمة نوفمبر فتهاوت تحت ضرباتهم صريعة ذليلة ، وانتفض جمعهم المتصل ضد الطغمة المايوية فجعلوا مزابل التاريخ مصيرها ، وما زالوا يبذلون هم أنفسهم اليوم ما استطاعوا من أجل إرساء دعائم ديموقراطية تستحق اسمها ، فيا جماعة (الشباب) إن لم نمد ساعداً لنصرتهم ، فلنصمت ونكتفي بـ (سفر الجفا)!

    وبمناسبة (سفر الجفا) ، إلتقيت صدفة بزميل دراسة قديم كان قد سارع ، بعد نحو عام أو يزيد من التخرج ، إلى الهجرة صوب إيرلندا طلباً للعمل ، ثم عاد (زائراً) البلاد من أجل شهادة ما ، ربما (سير وسلوك) أو (خبرة). قبل السلام والمجاملات لطمني بسؤاله:

    ـ ''إنت لسع قاعد في البلد دي''؟!

    ولم أملك سوى أن أضحك لأداري خجلي (له) ، بعدما صدمتني الفكرة بكل أساها .. ويا له من أسى!



    الأربعاء:
    ------------------

    أكاد أجزم أن نفس السبب الذي كشف عنه ناظم حكمت (1902 - 1963) لطبيبه عام 1948م ، في قصيدة آية في الجمال بعنوان (ألم القلب) ، هو الذي ما زال يفتك بأعلام لنا نفقد كل يوم واحداً منهم ، وقد غادرنا مؤخراً سادن تاريخنا القديم أسامة عبد الرحمن النور. يقول ناظم: ''نصف قلبي هنا أيها الطبيب/ ونصفه الآخر في الصين/ مع الجيش الهادر نحو النهر الأصفر/ ويح قلبي/ تصيبه كل صباح ، أول الفجر ، رصاصة في اليونان/ وكل ليلة أيها الطبيب/ بينما المساجين نيام ، والمشفى مهجور/ يتوقف قلبي عند منزل قديم متهالك في اسطنبول/ ثم بعد عشرة أعوام/ لا أملك ما أقدمه لشعبي المسكين/ سوى هذه التفاحة الحمراء في يدي/ تفاحة واحدة حمراء: قلبي/ هذه علتي أيها الطبيب/ علة ألم القلب ليس النيوكتين/ ولا السجن/ ولا ضيق الشرايين/ أتملى في الليل عبر القضبان/ ورغم الثقل الجاثم على صدري/ ضربات قلبي تتوالى مع النجمات القصية''!


    الخميس:
    --------------------

    نظم (تحالف قوى الشعب العاملة) ـ مين دول؟! ـ مساء الخميس 24 مايو الماضي ، احتفالاً (حاشداً) في الذكرى الثامنة والثلاثين (لثورة) مايو (الخالدة) ، أو هكذا ورد في إعلان الاحتفال الذي توزعت (دلاقينه) عند مداخل كباري الخرطوم! قلت لنفسي: ''هلا نظرت يا (شاب) في وجه العدو (السابق) ساعة من الزمن ، ففي زيارة المقابر عبر ودروس''؟! على كل ، وجدت قاعة الصداقة قد أخرجت زينتها وتبرجت بإعلان عظيم عند مدخلها، ثم انتبهت: هي قاعتهم ، وهم الدولة! وجدت بهو القاعة يضج بوجوه لا أعرف لها أسماء ، يجلس في المنصة أبو القاسم محمد ابراهيم لا أنيس له ، وفي الصفوف الأولى أقوام شتى ، نساء ورجال تبدو على وجوههم إمارات (المايوية) الجافة ، فقلت لنفسي: هكذا (المايوي) إذن ، لا (ماء وجه) لديه كي يحفظه! وبخت نفسي على حب الاستطلاع الذي دفعها إلى الحضور! لكنني استفقت من التوبيخ مستغفراً وراجياً العبرة. وجدت مقعداً خالياً في اللوج بجانب (كوتة) من اليافعين يلتهمون الساندوتشات ويقهقهون ، بعضهم يحمل صورة (المشير) ، فقلت لنفسي: ''غريبة الدنيا .. هؤلاء خرجوا ذات يوم يطلبون رأسه ورغيف الخبز ، ها هو رأسه بين أيديهم وها هو الخبز ، فما أبهاه الديالكتيك''! أما (المشير) نفسه ، فقد انضم إلى الحفل في ساعات انتصافه ، فقابله المايويون بما يليق: الضجيج!

    ابتدأ الحفل بآيات من الذكر الحكيم تلاها بجاوي صاحب دكتوراه كما أعلن عنه عريف الحفل. أعقب ذلك حديث ميكروفوني بصوت مؤنث يبجل تاريخ مايو ويدعو لها بالخلود! الكلمة الأولى كانت لممثل اللجنة المنظمة الذي طلب من قيادة تنظيمه الإسراع بانتخاب أمانة عامة جديدة حتى يتسنى للتنظيم إدراك المستجدات في الساحة الوطنية والدولية! قلت لنفسي: ''وهل كانوا أدركوا المستجدات .. زمان''؟! شارك في الاحتفال شاعر ذو شارب كث قرأ على السامعين قصيدة عامية مادتها أنه اختار حبيبته لأنها (مايوية)! تفضل مقدم البرنامج بتحية مصطفى عثمان اسماعيل الذي شارك في الاحتفال برفقة مجذوب الخليفة ممثلاُ لرئيس الجمهورية ، لكن اختلط عليه الأمر فقال: محمد عثمان محمد طه! المهم .. كلما جاء ذكر الجمهورية أو مايو أو الرئاسة سارع أحدهم بالصراخ: ''عائد عائد يا نميري''! و''قائد خالد يا نميري''! تخلل الحفل غناء من فرقة (الصفوة) التي ارتبك عريف الحفل في إسمها بنطقه (الصحوة) عدة مرات ، قبل أن يصحح نفسه .. عدة مرات أيضاً! أثناء غناء (أنا سوداني أنا) شرد بالي في لعبة اللغة ، وكم هي حمالة أوجه! في حشد غير ذلك كان سيستبد بي الطرب ، لكن هذه المرة أبتها النفس ، كما أبت أن تنتشي بكل معجم (التحرر الوطني) الذي ما زال (يلوكه) أهل مايو ، من قبيل (الثوار الأحرار) ، و(الوحدة) ، و(الاشتراكية) ، و(الجماهير) .. وهلمجرا!

    خاطب مصطفى عثمان اسماعيل جمع المايويين ، فهنأهم على حفلهم ، وعلى ثورتهم (الخالدة) ، وأثار ضحكاً مجلجلاً عندما أخطأ صائباً في قوله العيد الثامن والثلاثين لثورة (الإنقاذ) بدلاً عن ثورة (مايو)! ثم أثبت أن هنالك خلاف بين قوم مايو وقوم الإنقاذ إلا أن ما يجمعهما الكثير ، وقد صدق. مثل لنقاط الجمع هذه بالطرق والكباري والمشاريع التي أنشأتها مايو ، ثم تلك التي أنشأتها الانقاذ ، من باب لكم شارع ولنا شارع ، لكم سكر كنانة ولنا سكر النيل الأبيض ، لكم قاعة الصداقة ولنا امتدادها الجديد ، لكم ثورة التعليم العام ولنا ثورة التعليم العالي .. وزاد أن (الآخرين) لا كسب لهم في سوق التنمية المقصود! والحق أن هذا لهو (منطق الفراعنة) ، حيث يجوز ، بذات الدلالة ، قبول (الأهرام) و(أبو الهول) في ميزان (التنمية) ، كونها شواهق عظمى ، أما نفعها لغمار الناس فنافلة ، وأما كلفتها البشرية فلمم! أهمل مصطفى عثمان اسماعيل نقاط التقاء محورية ، إذ كان حرياً به أن يقول: ''قتلتم وقتلنا ، فتكتم وفتكنا ، سجنتم وسجنا ، شردتم وشردنا ، أثرتم حرباً وأثرنا حروبا ، أهدرتم استقلال البلاد وكذلك فعلنا''! أم لعل مستشار الرئيس قد اختصر كل هذا إجمالاً بقوله: ''إن ثورة الانقاذ امتداد لثورة مايو'' ، رغم أن الانقاذ في بدايتها ملأت أجهزة الاعلام بقولها إنها امتداد لثورة أبريل ، ولم نعد نعرف أي القولين صحيح وأيهما كاذب! وعلى العموم .. فليهنأ أحمد بحاج أحمد!

    المتحدث قبل الأخير كان أبو القاسم محمد ابراهيم الذي أكثر من (مضغ) كلمة (الجماهير) حتى ظننته يوبخها على تفريطها في مايو (الخالدة)! ما عدا ذلك هنأ (الرائد) قوم مايو بوحدتهم مع جماعة المؤتمر الوطني ، طالباً منهم إحسان الانصهار! وفي آخر كلمته قدم الرجل صاحبه الجالس على المنصة ينتظر الفاصل الأخير. لم يكتف الصوت المؤنث بحديث الرائد ، بل زاد عليه أن (القائد الخالد) وصل في الرتب العسكرية إلى درجة المشير ، وفي الرتب السياسية إلى درجة الرئيس ، أي كان جامعاً للحسنيين لا مكتفياً بإحداهما! لكنه نسي أن يقول إن أياً من حسنيي صاحبنا هذا لم تعصمه من الهروب بجلده يوم الزحف .. فأي قائد ، وأي رئيس؟!

    وللأسف لا أذكر هذه الساعة من خطاب (صاحب الحسنيين) ، عندما اعتلى المنصة ، سوى أخطاءه ، عموماً ، في قراءة المكتوب بين يديه ، لكني أفضل أن أمسك عن تفصيلها من باب .. (راعي عامل السن) ، أو كما قال كمال ترباس!

    بهذا انتهى حفل (الواقعية السحرية) ذاك ، فحمدت الله وشكرته على هذه الصورة الحية من (أرشيفنا) .. بالأبيض والأسود! وفي طريق العودة خطر لي أن أفظع ما ارتكبته مايو لم يكن القتل أو الفتك أو التخريب المادي ، فشعبنا لا ينقطع بناته أو أبنائه عنه ، لا أصابه العقم ولا بلغ سن اليأس ، إنما أشنع أفعالها إفساد فكرة (التحرر الوطني) حتى لزم (إعادة اكتشافها) .. تماماً كما العجلة! وقد اتفق لمايو سند أصيل في باكر عهدها من دوائر ديموقراطية وجماهيرية واسعة يحدوها الأمل في أن تجد في (مايو) صورة (أكتوبر) ، وأن مايو إنما هي ضربة الثورة الثانية لا الثورة المضادة. وفي البيت أخذت أقلب في ما توفر لي من مصادر ، مراجعة لسيرة للثورة السودانية يكون مدخلها حرث (التحرر الوطني) ، وحصاده الاجتماعي ، بدلاً عن (التحقيق) الأبدي في واقعة الانقلاب الشيوعي ، وسؤال (الضهبان) عمن انقلب على من ، ومن كان صاحب الفكرة ، ومن نفذ ، ومن خطط ، وأين كنت عندما كان؟! وهو مبحث لا غنى عنه ، لكنه من شدة قسوته التسجيلية عاجز عن رفد الوعي الحاضر بفكرة ملهمة من سيرة نضالنا الوطني تزحزح بعض الشئ ظلام (إدمان الفشل) الذي عم منطقه بين كثير من أبناء وبنات بلادي حتى لم تعد الأبصار من شدة غشاوتها ترى فرقاً بين (الثورة) ومضادها! وجدت ضالتي في كتابات متفرقة ، بعضها أنجزه عبد الله علي ابراهيم في سيرة الاتحاد النسائي وسهم فاطمة ، وبعضها أنجزه كمال الجزولي في أمر جوزيف قرنق وثلته ، ووبعضها أنجزه صدقي كبلو في شأن نظرية الثورة السودانية. راودتني عندها فكرة استلهمتها من جهد نفر من الناشطين الأميركيين إتفق لهم أن يكتبوا جماعياً في مسألة الحرب على العراق وسياقها الدولي ، فجعلوا محل اسم المؤلف في كراستهم الحرف الأول من اسم كل منهم طلباً للروح الرفاقية. قلت لنفسي لو استطعنا جمع شتاتنا في بضعة أيام لأمكن ، ربما ، تنظيم مؤتمر محضور يكون موضوعه (مصاعد ومهابط فكر وسياسة التحرر الوطني السوداني) ، نخلص منه بكتاب متعدد المؤلفين ، وبدفع في السياسة مطلوب بإلحاح.


    الجمعة:
    ------------------

    في تاريخ (الروك آند رول) أسماء مبجلة ، منها (الملك) الفيس بريسلي ، والذي كان غناؤه صدى لحلم الطبقة الوسطى الأمريكية ببيت ناصية ناحية الصافية (بتاعت أمريكا) ، ومرتب سمين ، وعربية ليموزين ، وزوجة أبدية الجمال ، لا كالتي ناجاها المتنبي بقوله: ''زودينا من حُسن وجهك ما دام/ فحسن الوجوه حالٌ تحولُ/ وصِلينا نصِلك في هذه الدنيا/ فإن المُقام فيها قليلُ''!

    تبعت حقبة الفيس موجة الروك (التقدمية) التي كان قصب السبق فيها لفرقة (البيتلز) أو (الخنافس) البريطانية. هؤلاء لم يحتفوا كثيرا بمثالات البرجوازية الصغيرة في الاستقرار المترف ، بل وجهوا نقداً شديداً لبؤس الحياة تحت ظل الرأسمالية ، فجاء غناؤهم بطابع جديد في الموسيقى والأداء والرقص ، مثلما جاء جديداً في محتواه ، فأبدعوا في استيحاء شخصيات أغنياتهم من قلب آلام الحياة اليومية. على سبيل المثال (اليانور رغبي) الشابة التي تلتقط الأرز المتناثر على الأرض في حفل العرس ، ولا تطاوعها نفسها على الابتسام من شدة وحشتها ، ثم تموت لتدفن في ساحة ذات الكنيسة ، لكن لا يحضر جنازتها أحد! والقسيس (آرثر ماكنزي) الذي ينكب على كتابة قداس لن يسمعه غيره ، والذي يشغل لياليه بإصلاح ثقوب جواربه ، يدفن (اليانور رغبي) دون كثير اكتراث ، ولا يهمه سوى مسح تراب القبر العالق بيديه ، بينما يبدو بائس الحال ، إذ لم يستطع شفاعة لأحد أو إنقاذاً! تتمة الأغنية تقول: ''من أين يأتي كل هؤلاء الناس الممتلئين بالوحشة ، وإلى أين ينتمون''؟!

    أطرب البيتلز الناس أيضاً بأغنية (العودة إلى الاتحاد السوفييتي) الراقصة ، والتي وضع كلماتها رائدهم جون لينون ، مفترعاً مطلعها بقوله: ''يا لسعدي/ عائد أنا إلى الاتحاد السوفييتييIصam back in the USSR, you donصt know how lucky you are boyس. يتشبب لينون ، في أغنيته هذه ، بفاتنات موسكو ، طالباً منهن أخذه إلى مزارع أهلهن الجماعية ، ومنادياً إحداهن: ''هلا أزلتي وحشة رفيقك/ ومنحته بعض الدفء''! وفي الرد على أمل لينون في الدفء المضاد ، ثمة أغنية أخرى من كلمات (البيتل) الآخر جورج هاريسون تقول: ''ها هي الشمس قادمة/ أعوام مضت منذ أن أشرقت آخر مرة''. ومن كلماته هو ذاته: ''هلموا/ نحن نعرف بعضنا البعض/ فلنتحد الآن من أجل الحرية''!

    ولد جون لينون في التاسع من ديسمبر عام 1940م أثناء غارة جوية ألمانية على لندن من عشرة قصيرة بين والدته جوليا وعشيقها الجندي الويلزي تافي ، أثناء هروب زوجها البحار فريدي من الخدمة العسكرية ، أو بعبارة العسكر البريطانيين: ''غاب دون إذن رسمي'' ، فتوقفت حوالاته التي كان يرسلها إلى زوجته في ليفربول. في العام 1944م عاد الزوج إلى الديار وعرض على الأم أن يقوم برعايتها وطفلها الذي ليس من صلبه فرفضت. بعدها بعام وضعت جوليا من زوجها طفلة أسمتها فكتوريا ، لكنها وهبتها لأسرة تتبناها ، فلم يعرف جون أبداً أن له أختاً غير شقيقة من أمه. والتقت جوليا ، خلال تلك الفترة ، ببوبي دايكنز الذي انتقلت إلى المعيشة معه في شقة وضيعة في ليفربول. لكن ساء ميري ، أخت جوليا وخالة جون ، أن تعيش أختها في (الحرام) ، خاصة وهي ما تزال في عصمة فريدي ، وشكت الأمر إلى مكتب الخدمات الاجتماعية في المدينة ، مشددة على واقعة اقتسام الطفل جون الفراش مع أمه ومساكنها. وبعد لأي وافقت جوليا على التنازل عن رعاية طفلها للخالة ميري. أنجبت جوليا من بوبي بنتين ، أما جون فظل في رعاية خالته وزوجها جورج (سيد اللبن). وفي يوليو 1946م زار فريدي الخالة ميري ليصطحب معه ابن زوجته في إجازة طويلة إلى بلاكبول وفي نيته الهجرة إلى نيوزيلندا. اكتشفت جوليا وصديقها الخطة فلحقت بالإثنين في بلاكبول. بعد مناقشة حامية عرض فريدي على الطفل ذي الخمسة أعوام أن يختار بين الأم وبينه. لسان جون نطق باختيار فريدي ، لكن خطاه تبعت أمه!

    منذ ذلك الحين لم يلتق فريدي بأسرته إلا خلال عقد الستينات ، بعد أن أصبح البيتلز ''أكثر شعبية من المسيح'' ، بحسب عبارة جون لينون نفسه في 1965م ، والتي أثارت موجة من الغضب عليه ، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث أحرقت أسطوانات البيتلز ، وسحبت أغنياتهم من قوائم محطات الإذاعة.

    ترعرع الطفل في كنف خالته صعبة المراس وزوجها ، فعلمته قراءة القصص القصيرة ، كما علمه الزوج حل الكلمات المتقاطعة. كانت أمه تزوره بانتظام ، وقد ورث عنها حب الموسيقى ، وتعلم منها عزف البيانو ، وقد أهدته أول جيتار في حياته. في يوم 15 يوليو 1958م ، وكعادتها ، سلكت أمه الدرب الواصل من شقتها إلى شارع منلوف ، حيث تقيم أختها ميري ، وتصادف مرور ضابط بوليس يقود سيارته مسرعاً ، أثناء ساعات راحته ، وهو مخمور ، فأرداها قتيلة ، وكان جون ، حينها ، في السابعة عشر من العمر.

    انغمس لينون في النشاط السياسي المعارض لحرب فيتنام ، وأصبحت أغنيته الشهيرة ''إعط السلام فرصة Give peace a chanceس شعاراً للحركة المناهضة للحرب. وقد ردد الأغنية ما يزيد على نصف مليون شخص قبالة البيت الأبيض خلال مظاهرات الاحتجاج على حرب فيتنام في واشنطن. وفي العام1971م ، بعد انتقاله للإقامة في نيويورك ، أصبح لينون صديقاً لقائدي حركة مناهضة الحرب ، آبي هوفمان وجيري روبين. وخطط لينون وأصدقاؤه للقيام بجولة موسيقية عبر الولايات المتحدة بالتزامن مع انتخابات الرئاسة في 1972م ، وكذلك مع تشريع حق التصويت لكل من يبلغ سن الثامنة عشر. وقد اتجهت نية لينون دفع هؤلاء الناخبين الجدد لممارسة حقهم الانتخابي ، والتصويت ضد الحرب ، أي ضد الرئيس نيكسون. علمت إدارة نيكسون بمخططات لينون فحركت ضده دعوى بالإبعاد من الولايات المتحدة على أساس أنه كانت قد تمت إدانته بسوء السلوك في لندن عام 1968م لحيازته الحشيش ، ما يفقده أهلية دخول الولايات المتحدة. صاحب فكرة الإبعاد كان السيناتور الجمهوري ستروم ثرموند الذي قال إن ''الإجراء المضاد الاستراتيجي هو إبعاده من البلاد''!

    خلال تلك الفترة أصبح جون هدفاً لمراقبة مكتب التحقيقات الفدرالي (الإف بي آي) ، بينما استمر الصراع بينه وبين إدارة الهجرة والتجنس بخصوص إقامته في الولايات المتحدة. لم يحصل لينون على (القرين كارد) إلا في العام 1975م ، بعد أن غادر (نيكسون) البيت الأبيض إثر فضيحة (ووتر غيت)!

    لكن ، في الثامن من ديسمبر عام 1980م ، وفي تمام العاشرة وخمسين دقيقة ، تلقى جون لينون ، وهو يهم بمغادرة بناية داكوتا بنيويورك ، حيث كان يقيم ، أربع رصاصات من مسدس عيار 38 ، اخترقت اثنتان منهما الجانب الأيسر من ظهره ونفذتا إلى صدره ، بينما هشمت الاثنتان الاخريان كتفه الأيسر. وفي الحادية عشر والربع أعلن الطبيب المختص في مستشفى روزفلت أن لينون قد مات.

    إنتظر القاتل ديفيد جابمان في مكان جريمته ، وعندما سأله البواب:

    ـ ''اتدري ماذا فعلت''؟!

    رد بكل أريحية:

    ـ ''لقد قتلت لتوي جون لينون''!

    بعد مقتله ، تقدم مؤرخ حياته جون فينر بطلب قضائي لفك الحظر عن ملفاته لدى (الإف بي آي). اعترفت السلطات بوجود 281 صفحة من الملفات ، لكنها رفضت الطلب على أساس أنها وثائق تخص الأمن القومي الأمريكي! إستمر الجدل القضائي حول هذه الوثائق حتى العام 1997م ، عندما أصدرت المحكمة العليا أمرها القاضي بالكشف عن هذه الملفات إلا عشرة أوراق منها احتفظت بها (الإف بي آي) محجوبة! وقد بقيت هذه الأوراق العشرة (سرية) حتى ديسمبر من العام الماضي .. 2006م!

    لقد اشتهر (لينون) بسرعة البديهة ، وخفة الظل ، والسخرية اللاذعة. كان ، ذات مرة ، يشارك بالغناء أمام جمهور ضم نخبة من الأسرة المالكة البريطانية ، حين فاجأ الجميع بقوله قبل البداية:

    ـ ''أنتم أيها الجالسون على المقاعد الرخيصة يمكنكم التصفيق ، أما البقية ، فمن فضلكم أسمعونا (كشكشة) مجوهراتكم''!


    السبت:
    --------------------

    لجهاز المناعة البشري خواص مثيرة ، منها أنه ، عندما يصطدم بميكروب طفيلي لأول مرة ، يفرز بعضاً من عناصره المقاتلة ذات القدرة على تذكر جنس الميكروب وصفته ونعته ، وبالتالي تصبح هذه العناصر خلايا مناعية للذاكرة. فإذا حدث وهجم هذا الميكروب الطفيلي مرة أخرى على الجسم ، فإن هذه الخلايا تشن هجوماً مضاداً مركزاً وسريعاً يسمح للجسم بالتفوق على الميكروب في أمد قصير ، أو على الأقل تخفيف وطأة الهجوم الطفيلي. من جانبها ، ولمواجهة هذا الخطر ، طورت الميكروبات الطفيلية المتقدمة قدرتها على (الغش) و(التدليس) البيولوجي ، بأن تضع (لبوساً) آخر يجعل الأمر يختلط على الذاكرة المناعية ، فلا تستطيع التعرف عليها! ومن ذلك أن تتزيا الميكروبات بزي الخلايا المعتادة ، فيظنها الجهاز المناعي من أهل البيت! بهذه الطريقة تتكاثر وتنتشر وتسيطر أجسام طفيلية أخرى ، وتسطو على آلة الإنتاج الخلوي ، وكل أدوات الخلية للانقسام أو إعادة الإنتاج ، ثم تستغل هذه الأدوات والقوى للتكاثر الطفيلي ، وفي النهاية تنفجر الخلية من شدة الاستغلال ، وتخرج الطفيليات الوليدة لتغزو خلايا جديدة! ولأجل التلاؤم مع قدرة الطفيليات على تغيير بصمتها ، طورت خلايا الذاكرة ، بدورها ، قدرة على تذكر وتسجيل تفاصيل أكثر وأكثر تسمح لها بالتعرف على أعدائها ، وإن التبسوا عليها أول الأمر! من جهتها أصبحت بعض الطفيليات تغير بصمتها وشارتها ولغتها التي يمكن عبرها التعرف عليها مع كل دورة انقسام ، بحيث يتعين على الجسم العودة إلى نقطة البداية مع كل تغيير .. وهكذا دواليك!

    هذا الصراع بين الطفيليات والجسم قد يمتد لأعوام طويلة. وفي الحالات المزمنة يحاول الجسم محاصرة البؤرة الطفيلية في أضيق دائرة ممكنة ليجبرها على الكمون ، بحيث لا تؤثر على الأداء الكلي ، فيبدو الإنسان ، في الظاهر ، موفور الصحة والعافية! هذه (الطفيليات الكامنة) تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على خارطة الجسم والسيطرة على كل موارده. وعادة ما يحدث ذلك إما لضعف عارض في جهاز المناعة نتيجة لمرض جديد ، أو لسوء في التغذية ، أو لخراب في الذاكرة ؛ مثلما يمكن أن يكون السبب انهيار مزمن وقاتل للجهاز المناعي كالذي يسببه فيروس (الاتش آي في) المسبب لمرض الإيدز .. نسأل الله السلامة!

    الأحد:
    --------------------


    ''تشرق الشمس في السادسة صباحاً وتغرب في السادسة مساءاً بأمر مفتش المركز الميجور ر.ب. نوكس''! هذا إعلان ظل الناس يطالعونه في الروصيرص (جنوب الفونج) على لوحة الإعلانات بمركز المديرية أيام الانجليز. وصاحب الاعلان نوكس هذا كان مفتش المركز في عشرينات القرن الماضي ، وقد اشتهر بالاستبداد وحب السيطرة والتسلط ، كما اشتهر فوق ذلك بادعائه أن زوجته هي أخت ملكة بريطانيا!

    إذا قبلنا فكرة أن (الخواجة) فقد عقله وهو في وحشته تلك جهة الروصيرص ، فأجاز لنفسه ضبط (الشروق) و(الغروب) بمثل هذا (الفرمان) ، فما تبرير أن يستمر توقيت بلادنا متقدماً على قوانين الجغرافيا ساعة لمجرد حفظ ماء وجه السلطة التي حسبت نفسها استثناءً عن دورة الكون!


    الإثنين:
    ----------------

    كلما مررت بكلب من النوع الذي ينبح في وجهك حتى تحسبه سيهجم عليك ، فيمزق لحمك ، عاد بي الخاطر إلى طفولتي في حواري ود البنا بأم درمان ، حين كنت في السابعة من عمري ، وكنت ، ككل العيال ، (مرسال) البيت. فلأقدار حكمت كان يتوجب علي ، في سبيل الوصول إلى دكان الحارة ، المرور بكلب لا يهابه غيري! ولذا وجد في خوفي الضحية المناسبة ، حيث كنت أراه ، وحدي ، أسداً هصوراً ، لا كلباً هاملاً! وتفادياً لهذا (الوحش) كنت أسلك درباً يضاعف المسافة إلى الدكان ، حتى أصبح المرسال (هجرةً) قسرية! في إحدى المرات وقفت أراقب كيف كان المارة يعبرونه دون أن يعيروه ولو نظرة! وفي مرة ثانية اكتشفت أن أطفالاً مثلي كانوا يعبرونه دون أن ينبح أو حتى ينوي النباح! ساعة الحقيقة جاءت عندما شاهدته يهرب مسرعاً بمجرد اقتراب بعض شباب الحي الذين يقطر منهم ماء الحياة. عندها استجمعت قوى النفس وقلت: ''إيه يعني واحد وعشرين حقنة'' ، إذ لم تكن (العضة) نفسها هي سبب خوفي الأكبر ، بل (دواء العضة)! فتوكلت على الله ، وملأت جيوبي حجارة ، ونفخت صدري قدر استطاعتي ، وقلت لنفسي: ''الجبان جبان والجدع جدع''! بدأ هو بالنباح على أمل أن تسابق ساقاي الريح ، لكني واصلت السير بذات الايقاع ، وقلبي يخفق بين أضلاعي كطبل متوحش ، ثم زدت بأن نظرت في عينيه بتركيز شديد ، حتى إذا عبرته وابتعدت عنه ، خيل إلي أنني سمعته يهمهم: ''الشافع ده جن ولا شنو''؟! ساعتها تيقنت من أنني قد انتصرت ، وبشكل حاسم ، على نفسي ، وعلى جنس الكلاب .. كافة!

    * نائب الأمين العام لاتحاد الكتاب السودانيين.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de