نميقة رثاء من .أبوبكر يوسف: (غاب الأديب الحكيم .. والفارس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 00:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-13-2007, 09:53 AM

ghariba
<aghariba
تاريخ التسجيل: 03-09-2002
مجموع المشاركات: 13231

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نميقة رثاء من .أبوبكر يوسف: (غاب الأديب الحكيم .. والفارس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري)

    غاب الأديب الحكيم .. والفارس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري

    الفقد عظيم .. إنه فقد أمة بأكملها .. إلى والدي الشيخ عبدالله عبد المحسن التويجري – أطال الله عمره.. وإلى أبناء الفقيد أخصهم جميعاً بالعزاء فكلنا في الفقد سواء.. وإلى أخي عبدالله عبد العزيز.. يا من جمعتني بكم دروب الحياة ومنافي الكون فأسعدتموني حين نهلت من معين الرجال الحكماء ، حينها أدركت حقاً أن الرجال معادن ومنهم معادن نادرة .. فالحكماء نوادر وأندرهم الفقيد.

    نميقة رثاء
    د. ابوبكر يوسف إبراهيم - السودان
    فارس ترجل من صهودة جواده
    في ليل مدلهم
    قال : لكم الحكمة ميراثي
    وهي من أصْبَغتْ بالبرد رأسي
    ونالت مني العمر جله وكله
    وأدمى طول السُرى قدمي
    فما بين [ اليمامة والدهناء ]
    كنت أقتفي أثرٌ وأبحث عن ضالتي
    وعن سر طموح الرجال
    وبحثاً صعدت قمم الجبال
    وتحدثتُ مع أبي الطيب
    سامرته الليالي الطوال
    فأخبرني عن كيف توأد الآمال!!
    وكيف تنال بعيدة المنال
    أخبرني عن عدم الإستسلام
    لقهر الرجال!!

    أبا عبد المحسن
    الأحزان عمت ربوع الوطن العربي
    وإنسان الوطن العربي
    توشح الكلمة بالسواد
    أطرق المذياع في أسى
    وبكى التلفاز ليل الأسى
    بكت ربوع الأوطان
    من (تل الزعتر) حتى (غالة)
    زمن ( البستان) حتى (طنجة)
    توقف النيل من الإبحار نحو الشمال
    تسربل ليل الخرطوم وشاح الأحزان
    إمتلأت مآقيه دموع
    فقد كنت يا حكيم يعرب
    تفند لنا تاريخ هوازن
    و حروب تغلب
    كنا نستقي منك الحكمة
    كأنها حكايا وأحاجي جد
    لللأولاد .. وللأحفاد
    كنت تخاف لوم الزمن
    فكنت تُعَلِم .. كنت تلقن
    كنت ضوء القنديل
    في الليالي الحالكات
    كنت الماضي والحاضر
    وثاقب فكرٍ لما هو آت
    يا رقيق الحواشي
    أنت العطف على الضعاف
    يا كريم يا مغراف
    يا قلب عامر بالحب

    أبا عبد المحسن
    حين كنا نجلس في حضرتكم
    كنت خادم الضيف
    كنت تكره الظلم والحيف
    يومها تعلمنا أول فصول الحكمة:
    [ حكيم القوم خادمهم ]
    فيا شيخاً عركته السنون
    بحثاً عن الحقيقة
    ومدريٌْ للشبهات ، للظنون
    فأعطى وأجزل
    فأورث الأجيال الحكمة
    فأسدى
    ما أعطى فأكدى!!
    أعطيت العصارة
    كنوز المعارف.. تلال الأدب
    فلم تيأس من عاديات الزمن
    كنت يا شيخنا فينا وما زلت
    تاريخ العرب
    حكمة تمشي على قدمين
    مجبولة من تراث الخزرج
    من روابي نجد
    وسهول تهامة
    وتاريخ تغلب
    بكتك الرجال
    والنساء والصبايا
    وكل الأيامي
    واليتامى
    واللطام .. والعجايا
    حزناً على يد بيضاء
    وعطاء متجدد
    فكر
    وحكمة وأدب!!
    ما أسعد المتنبيء اليوم!!
    فقد كان يشتهي أن يلتقيك
    يتجاذب معك الحديث
    ويسألك عن صقور البوادي
    وعن بدو القرن الحادي والعشرين
    وعن خيمته التي تركها
    هناك في جوف الصحراء
    وعن بعيره إن كان قد تناسل؟
    وعن عباءته المقصبة
    إن كانت كما تركها رهينة الخزانة!!

    أبا عبد المحسن أعلم أن لك عتب علي
    حين وخزت سيرته مع كافور
    قلت لي بحكمة الشيخ الوقور:
    أكنا هناك معه وقتها؟
    أندري كيف كان الحال؟
    نحن لا نجلد الغائب
    ولا نتشفى مما يصيبه لغاية
    ( تلك الأيام نداواها بين الناس).. الآية
    إنه جورالزمان والعاديات المصائب!!
    فلنستعذ بالله من قهر الرجال!!

    أبا عبد المحسن
    أبكيك اليوم يا سيد الرجال
    يا من تعلمت منه درساً:
    - أن حكيم القوم خادمهم -
    قلت : تجلي لي معنى الحكمة
    وأردفتسائلاً : وشيخهم؟!!
    قال: [هَرِم احدودب ظهره فانحنى يلتقط الحكمة من دروب الحياة ] !!
                  

06-13-2007, 10:10 AM

hamid brgo

تاريخ التسجيل: 05-21-2006
مجموع المشاركات: 4981

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نميقة رثاء من .أبوبكر يوسف: (غاب الأديب الحكيم .. والفارس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري) (Re: ghariba)


    محطات في سيرته الكبرى

    يمثل الشيخ عبدالعزيز التويجري ظاهرة فريدة ومتميزة في مسيرتنا الثقافية والفكرية، وربما عُدّ المثقف السعودي الأبرز، الذي توقف في دارته وحطّ الكثير من المفكرين والمثقفين والباحثين والصحافيين العرب على اختلاف توجهاتهم وآرائهم، يحاورونه ويناقشونه في قضايا التاريخ والأدب والفكر، التي اشتغل بها وانشغل عليها، وإلى جانب ذلك، فهو أحد رجالات الإدارة السعودية، منذُ أن انخرط فيها موظفاً قبل 70 عاماً. وتلبيةً لدعوة كريمة من أخي العزيز الأستاذ إدريس بن عبدالله الدريس، نائب رئيس التحرير، للمشاركة في هذا العدد المُخصّص للاحتفاء بالأديب الكبير، أعرض لشيء من سيرته ومسيرته، مما هو مُستخلص من قراءتي لكتبه، ومتابعتي لما ينشره، ومحاورتي إيّاه ونقاشي معه في قضايا التاريخ والشعر النبطي والثقافة العامة.


    في وهاد ومرتفعات المجمعة وسدير

    قبل مائة عام وعام، أي في عام (1326هـ) انضمت مدينة المجمعة إلى حكم الملك عبدالعزيز ودخلت في رداء الدولة السعودية، التي بدأت في التشكل حينذاك، وبعد هذا الحدث المهم في تاريخ المدينة، عاد بعض أعيانها إليها بعد أن غادروها مكرهين، وكان من ضمن العائدين أحد وجهائها وأعيانها المشاهير، وهو الشيخ عبدالمحسن بن محمد التويجري، الذي عاد إليها قادماً من العراق، ليباشر عمله في العهد السعودي الجديد مديراً لمالية المجمعة وسدير، وبعد أربعة عشر عاماً من هذا الحدث، كانت (المجمعة) على موعد مع مولد أحد أبرز أبنائها النابهين، الذي ستقدمه ليكون أحد رجالات الدولة المخلصين وأحد رموزها المثقفين.

    كان هذا هو عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، الذي خطا أولى خطواته على هضاب ووهاد المجمعة وعاش في كنف ورعاية والده، الذي لم يمهله القدر طويلاً ليُسر برؤية أبنائه وهم يساهمون في خدمة دينهم ووطنهم ومليكهم، إذ اختطفه الموت على ساحل الخليج العربي، عائداً من الدكتور ديم، بعد أن وجّه الملك عبدالعزيز بعلاجه لديه في البحرين، والذي نصحه بالرجوع إلى أهله بعد أن يئس من علاجه، فكانت الوفاة عام 1346هـ، قريباً من بلدة الجبيل الحالية.

    عن هذا الحدث الجلل في مسيرة أبنائه الأطفال، يتحدث الشيخ عبدالعزيز مستذكراً تلك الأيام بقوله: (جاء الخبر إلى والدتي فلبست السواد وحاولتْ أن تتماسك وتتجلّد وتستقبل الفاجعة بصبر كي لا ينزعج أطفالها، إلا أن الفجيعة ليست سهلة ولاحظنا حالة الحزن واتشاحها بالسواد، فبدأنا نسأل ونبكي كلّما رأيناها تبكي وبعد يومين قالت: لقد ذهب والدكم إلى ربه!) وأضاف: (كنتُ يومها لا أعرف شيئاً عن فكرة الحياة والموت، فارتبكتُ وصرتُ أصرخ، ومع هذه الحالة بدأت أخاف من الموت، فصرتُ لا أنام إلا وعصاي بيدي لا تفارقني لأدافع عن نفسي إذا جاء إليّ الموت!!). ولأن والدة عبدالعزيز وشقيقه عبدالله من حوطة سدير، فقد انتقل معها إلى الحوطة ودفعت والدته به إلى الكتاتيب كي يتعلم شيئاً من القرآن الكريم عند المطوّع صالح بن نصرالله، الذي كان يولي عبدالعزيز اهتماماً خاصاً كونه يتيماً، وقد بقيت والدته طيلة حياتها دون زواج ترفض المتقدمين لها بغية الاهتمام بصغارها ورعايتهم.

    وعن اليُتم الذي عاناه التويجري وواجهه في طفولته، يقول: (اليتم الموجع أثّر في حياتي وعجزت عن احتماله أو تفهمه آنذاك).

    في حوطة سدير، جنوباً عن المجمعة، عاش عبدالعزيز التويجري سنوات طفولته، وتشكّلت له صداقات مع عدد من أبنائها، الذين زاملوه في الكُتّاب، غير أنه انفرد عن أطفال القرية بميله إلى العزلة وإلى الهروب عن أهله، ويتذكر الشيخ عبدالعزيز أنه هرب ذات يوم ومعه قليل من التمر والماء ولاذ بغارٍ مجاور للقرية وبقي فيه ليلة موحشة لم يساعده على تجاوزها إلا غلبة النوم عليه، وكان أكثر ما أخافه ما كان يسمعه من الكبار من أحاديث وقصص عن الجن، فعلقت في نفسه مخاوف لم يحتملها قلب الطفل، الذي أجهش بالبكاء وشعر بالندم وخرج من الغار، لكن خوفه من الطريق كان أكثر! فبات ليته تلك في الغار، وفي الصباح التقى براعي أغنام تناثرت أغنامه حول الغار، فخرج إليه الطفل يخبره بحاله ويسأله عن الجن والذئاب؟ فرد الراعي بأنه لا يوجد جن ولا ذئاب وأخذ بيده وعاد به إلى أمه وسلمه إياها، وكان أهل القرية قد بذلوا جهداً لمعرفة مصيره، لكنهم لم يفكروا بالغار!


    إلى المجمعة مرة ثانية

    بعد سنوات، انتقل الطفل إلى المجمعة، ليعيش في كنف أخيه الأكبر حمد، الذي سبق وعيّنه الملك عبدالعزيز مديراً لمالية المجمعة وسدير والزلفي، خلفاً لوالده، عام 1347هـ، وحمد التويجري، هو الابن الثاني في الترتيب من بين أبناء الشيخ عبدالمحسن، بعد محمد، الذي رفض أن يتولى شيئاً من شؤون الدنيا ورعاً وزهداً.

    في المجمعة عمل الشاب عبدالعزيز مع أخيه حمد في إدارة بيت المال ورعاية شؤون الأسرة. وذات يوم وهو خارج عن بلدته يتمشى في أحد أوديتها، كما هي عادته، كان له موقف قادته الظروف إليه، دونما تخطيطٍ أو موعد مضروب! هذا الموقف سيكون له الأثر الأبرز في حياة الشاب عبدالعزيز، أو سيكون المنعطف الأهم في مسيرته الثقافية والعلمية، إذ بينما هو يسير في الوادي تناهى إلى سمعه صوت رجل مسنٍ حكيم يُردد قول المتنبي:

    كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً
    وحسبُ المنايا أن يكن أمانيا

    هذا البيت أوقف الشاب، الذي أدار حواراً طويلاً مع الشيخ الحكيم، فعرّفه بالمتنبي وبأبي العلاء المعري، اللّذين يسمع بهما الشاب لأول مرة في حياته، فسأله عنهما فأجابه الشيخ بما أسرّه وبما وجهه إلى عالمٍ آخر أوسع من عالم القرية آنذاك، ومنذُ ذلك الحين لايزال حواره قائماً مع المتنبي والمعري، حيثُ ظل لهما تلميذاً إلى اليوم يتعلم منهم ويتخلف معهم ويحاورهم ويجادلهم، وقد وثّق حواراته معهم ومناجاته لهم بكتابيه الشهيرين: (في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء) و(أبا العلاء: ضجر الركب من عناء الطريق).

    عن ذلك الشيخ المُسن الحكيم الذي أباح لي باسمه ذات مساء، يقول التويجري: (لا استبعد أن الشيخ في اختياره لذلك المكان المعزول في وادٍ صغير مجاور لمقبرة قديمة، أراد أن يخلق لنفسه عالماً خاصاً يؤنسه في غربته الروحية والفكرية، استنتج ذلك من أول صوت سمعته منه، ونظرتي تلاقت مع نظرته وهو ينشد بصوت رفيع: كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً). مع حوار ومناقشة ذلك الشيخ الحكيم في أحد أودية المجمعة، انطلق عبدالعزيز التويجري إلى آفاق واسعة في الثقافة، فأخذ يُعلّم نفسه بنفسه، ويقرأ كثيراً، حتى اشتد أمره وأصبح أحد متعلمي بلدته ومثقفيها دون أن يدخل مدرسة أو معهداً، فقد تخرج في جامعة الحياة وكلية التاريخ، التي الهمته وعلمته الكثير.


    إلى عسير

    في عام 1353ه حدث في التاريخ السعودي ما يُعرف ب(حرب اليمن) وكانت هذه الحرب كفيلة بإخراج الفتى عبدالعزيز التويجري من حدود بلدته الوادعة، الغافية في أحضان نجد إلى مرتفعات وشواهق عسير، على الطرف الجنوبي من بلاده السعودية، حينما قرر الانضمام متطوعاً -مع غيره من أبناء المجمعة وسدير- في الجيش السعودي المتجه إلى الحدود مع اليمن، فكانت هذه أول مهمة خارج بلدته، وجاء انضمامه ضمن الفرقة الرابعة التي كان على رأسها الأمير محمد بن عبدالعزيز، والتي انطلقت من الرياض إلى عسير، غير أنها ما إن وصلت إلى أبها حتى كان الصلح قد تمّ بين الملك عبدالعزيز والإمام يحيى، رحمهما الله، فعادت الفرقة أدراجها من حيثُ جاءت.

    ورغم عدم مشاركة الشاب عبدالعزيز في الحرب، إلا أنّ لهذه الرحلة الطويلة من الرياض إلى أبها أثراً كبيراً في حياة الشاب، فقد تعوّد منها الصبر والاحتمال وتدرّب فيها على الجوع والظمأ والإيثار فيما بين رفاق الرحلة، ولا يزال الشيخ يستعيد ذكرياته مع المطايا والصحراء وسُرى الليل والحادي، وما تخلل تلك الرحلة الطويلة التي قطع بها الفيافي والسباسب والمهام على ظهور المطايا.


    رئاسة بيت المال

    بما أن الفرقة الرابعة في الجيش السعودي، والتي شارك فيها الشاب عبدالعزيز التويجري قد انطلقت من الرياض، فهذا يعني أن الشاب قد زار الرياض وعرفها، لذا ظلت الرياض حاضرة في ذهنه، يقوده الطموح إليها، فبعد أربعة أعوام من زيارتها، عاد إليها ثانيةً يحدوه عزم الرجال في البحث عن العمل في دولة عبدالعزيز، لذلك فقد فكّر في توجيه خطاب إلى الملك عبدالعزيز يطلب فيه عطفه وتوجيهه، فيّمم وجهه ذات يوم من أيام 1357هـ، شطر الرياض، برفقة صديقٍ له من البادية، وكان قد استأذن والدته، فأذنت له، وحظيَ الشاب الطموح بلقاء مليكه وسيده، الذي أبرق لحمد التويجري مخبراً إياه بتعيينه مديراً لمالية القصيم وتعيين أخيه عبدالعزيز بديلاً عنه في رئاسة مالية المجمعة والزلفي وسدير، فكان أن ذهب حمد إلى القصيم واستلم الشاب عبدالعزيز أولى مهامه في عالم الإدارة السعودية، والتي استمرت معه إلى اليوم، نائباً مساعداً في الحرس الوطني ورجلاً من رجالات الدولة، وحامل رسائل ملكية.

    لم تكن مقابلة الشاب عبدالعزيز لمليكه في الرياض هي الأولى، إذ سبق أن وقف بين يديه وحظيَ بقبلةٍ حانيةٍ منه، وذلك قبل عشرة أعوام من لقاء الرياض، ففي عام 1347هـ، وبعد أن وضعت معركة (السبلة) أوزارها، زار الملك عبدالعزيز المجمعة واستضافه مدير ماليتها الشيخ حمد التويجري، وفي منزله جاء أشبال أُسرة التويجري ليسلموا على المليك المؤسس، وكان في مقدمتهم عبدالعزيز، فسلّموا عليه وقبّلهم جميعاً وأمر لكل واحدٍ منهم بعشر ريالات فضية.

    أما اللقاء الثالث، فكان في عام 1358هـ، فقد كان الملك عبدالعزيز مخيماً في (الشوكي) فرأى مدير المالية أن يذهب للسلام عليه، فانتخب ثلاثة من أبناء المجمعة وذهبوا إليه، وذات يوم وبعد صلاة الفجر دُعي التويجري ورفاقه لمقابلة عبدالعزيز والسلام عليه. عن هذا اللقاء الأول بين المليك عبدالعزيز وبين الموظف الجديد وما يثيره في الذاكرة، يقول التويجري: (الشيء الذي تثيره هذه المناسبة التي هي أول لقاء لي بالملك عبدالعزيز بعد أخذي الوظيفة هو ما لا أقوى على وصفه. لكن ما بقي معي منه ما زال يبهرني ويذهلني. عملاق، والرجال من حوله يومها في تقاصر عن هامته. كلّما تذكرته واقفاً والرجال يحيطون به وقوفاً صعّدتُ بصري إليه وإلى شبه الجزيرة العربية فتراجعت الحيرة عندي).

    طيلة الفترة الممتدة من عام 1357هـ إلى عام 1381هـ، ظل التويجري في المجمعة يُدير ماليتها وما ارتبط بها من مدن وقُرى، يتلقى أوامر سيده المليك فينفذها، وتكشف رسائل عديدة متبادلة بين المليك المؤسس ومدير المالية عن توجيهات ملكية حانية وتعكس ما كان عليه الملك عبدالعزيز من حرص واهتمام بشؤون وطنه ومواطنيه، من ذلك مثلاً برقية أرسلها الملك عبدالعزيز في عام 1359هـ، يسأل فيها عن أحوال المزارعين بعد هطول الأمطار، وأخرى تحمل توجيهاً بأن المليك أرسل حبوباً وإبلاً لتوزع على مزارعي المنطقة لمساعدتهم على القيام بمهام الزراعة. ومن أراد التوسع في هذا المجال فليعُد إلى كتابي (لسراة الليل هتف الصباح) و(عند الصباح حمد القوم السُرى).


    حوار الثقافة

    في منتصف الخمسينات (1955-1375هـ) استقبلت مدن وقُرى نجد أعداداً كبيرة من المعلمين من مختلف البلاد العربية، خاصة مصر، بغرض التدريس في مدارسها، فكانت فرصة ثقافية واسعة لعدد من أبناء نجد، الذين أجروا حوارات ومناقشات مع عددٍ منهم، وكان من أبرز شباب نجد، الذين اشتهر وعُرف عنهم اهتمامهم بالمعلمين العرب، الشيخ عبدالعزيز التويجري، الذي فتح لهم بيته في المجمعة، فغدا منتدى ثقافياً، تُناقش فيه كثير من قضايا الثقافة في التاريخ والأدب والتفسير وغيره، ولقد أنِس التويجري بهذه الصفوة واسنوا به، واستفاد منهم وأفادهم من هذه اللقاءت، التي أضافت إلى رصيده المعرفي والثقافي، ولا سيّما بعد أن بدأ يقرأ ويطلع على صحف ومجلات عربية، وفي تلك الفترة كانت البلاد العربية تموج بحركة نشِطة من الأفكار، خاصة القومية منها، بعد قيام عبدالناصر بتأميم قناة السويس ومن ثمّ العدوان الثلاثي على مصر، الذي ألهب مشاعر المواطنين العرب، وأبرز شخصية الرئيس عبدالناصر كرمز قومي تعاطفت معه وهتفت له الجماهير، حيثُ أظهرت هذه الأحداث البُعد العربي في ثورة عبدالناصر، فكان الالتفاف الشعبي العربي حول مركزية مصر وقيادة عبدالناصر.

    عبدالعزيز التويجري وكأحد المثقفين العرب، كان متفاعلاً مع هذه الأحداث القومية، وقد شكّلت نقطة انعطاف في مسيرته الفكرية وهويته القومية، لذلك حرص الشاب العربي الغاضب من هذا الاعتداء على مقابلة عبدالناصر، وذلك حينما ذهب ومعه ستة من شباب المجمعة إلى مصر، فكان أن التقوا بالرئيس عند مدخل إحدى دور السينما، وقد روي لي الشيخ في حوارٍ مسائي جميل مدى انبهار الشباب، وهم يلتقون الرئيس!

    حياة التويجري في المجمعة، ورغم بُعدها عن الحواضر السعودية، إلا أنها لم تكن حياةً تقليدية كما قد يتصورها البعض، بل كانت حياة شاب طموح قلق متوثب، عانى خلالها قلقاً فكرياً وصراعاً نفسياً، لكنه انتصر في النهاية بقوة إرادته وبصدق عقيدته وبتأمله في ملكوت الله وآياته في الكون.

    في هذا الصدد، يتذكر التويجري موقفاً حدث له وهو خارج من بيته في المجمعة إلى المسجد، لأداء صلاة الفجر، حينما صادفه رجل فسأله: أين أنت ذاهب؟ فرد الشاب قائلاً: إلى المسجد، فقال الرجل: خذ هذا الكتيب ليساعدك على معرفة المسجد أكثر!!

    أخذ الشاب الكُتيبَ ووضعه في جيبه، وبعد صلاة الفجر أخذ يقرأ فيه، وكلّما قرأ أكثر شعر بشيء مبهم يغشى مشاعره وأحاسيسه ويثير عنده صوراً تشكلها في خياله ألفاظ ما سمعها من معلم الكُتّاب ولا من إمام مسجده. وقد أثارت عنده شيئاً من المراهقة الذهنية وأوجدت بعض الارتباك لأن ما في الكتيب -كما يقول التويجري- مثير لتساؤلات كثيرة ومجيب عن بعضٍ منها بأجوبة أقل ما أقول عنها اليوم: إنها آتية من فكر بخس لا أملك وعياً كافياً لخطورته آنذاك.

    يصف التويجري أثر تلك الحادثة على نفسيته، فيقول: (وقعتُ فريسة للصراع الذاتي والنفسي فيما بين من اصطادني في الظلام وأنا ذاهب إلى مسجدي وبين ما علمتني إياه الأمهات والجدات الطيبات، لقد حاول هذا المتلصص أن يطفئ لدي نور الإيمان، كان كلُ ما في الكتاب خليط صاغته فلسفة مداعبة لكل غريزة، منازلة لها).

    طالت آلام التويجري وعجزت دموعه أن تطفئ الحريق في نفسه، فقام بعدة رحلات إلى دولة عربية وإلى خارجها، وقادته تلك الرحلات إلى طبيب نفساني التقاه في القاهرة عام 1375هـ، فبعد أن حكى الشاب كلّ ما في نفسه والطبيبُ يكتب ويكتب، التفتَ عليه وقال له: (ما قيمة الحياة يا ابني من غير الدين والإيمان بالله؟ لكن تنقصنا المعرفة به ونحن نتخبط بعقولنا القاصرة في طريقنا إليه، نسير ونتعثر، وهذه العثرات هي عبادة لله، لأننا نمشي إليه بتساؤلات عنه وعن عظمته في آياته الكبرى).

    ارتاح قلب الشاب واطمئن، وسأل طبيبه قائلاً: ما الذي تقوله عن هذا الإعياء والسقوط؟ أهو خوف من أن لا أصل؟! فقال له الطبيب: (أشدُ على يدك وعلى روحك وإرادتك وأدفع بك في اتجاه التأمل وعبادة الله وحده بنبض جوارحك).

    يتحدث التويجري عن تلك التجربة وذاك الطبيب فيقول: (قدم لي نصائح كل ما فيها يحاول به أن يدنيني من الله، جلّ وعلا، ويبعدني عن شياطين نفسي وأبالستها، واستمرت الجلسات عدة أشهر، وبعدها ودعت هذا الإنسان الطيب وأحسستُ أن إرادتي ولله الحمد صارت أقوى من مخيفاتها من الأشباح).


    إلى الحرس الوطني

    بعد 24 عاماً من العمل في رئاسة بيت المال في المجمعة والزلفي وسدير، وبعد ما حقّقه التويجري من حسن إدارة ومن صيتٍ طيب وسمعة حسنة لدى ولاة أمره وبين الناس، انتقل إلى الرياض للعمل في الحرس الوطني وكيلاً لسمو رئيسه الأمير سعد بن سعود بن عبدالعزيز، وذلك بموجب المرسوم الملكي الكريم الذي أصدره الملك سعود بن عبدالعزيز، ذي الرقم 6-12-2322 وتاريخ 28-5-1381هـ، والمتضمن أنه بناءً على مقتضيات المصلحة، فقد تم تعيين عبدالعزيز التويجري وكيلاً للحرس الوطني بالمرتبة الأولى وبراتبها المُقرّر لها.

    وقد أشارت صحيفة (القصيم) بعددها الصادر بتاريخ 29-5-1381هـ، إلى أن تعيين التويجري وكيلاً للحرس الوطني يأتي بديلاً عن الفقيد الشيخ سليمان بن جبرين، وأضافت الصحيفة تقول: إن الشيخ عبدالعزيز قد باشر عمله بعد أن اجتمع ومديري الأقسام بالحرس الوطني بسمو رئيس الحرس الوطني، حيث استمع الجميع إلى توجيهات وإرشادات سموه التي تهدف إلى التعاون والعمل الجدي لما يحقق المصلحة العامة.

    ومضت بالقول: (هذا وقد عُرف عن سعادة الشيخ عبدالعزيز أنه الرجل الحكيم البصير في مثل تلك الأعمال لخبرته الطويلة وخدماته الكثيرة في الدولة، مما جعل أفراد تلك الرئاسة مسؤولين وغيرمسؤولين يستبشرون خيراً ويؤملون في شخصه تعديل ما اعوج من الأوضاع التي لا تخدم المصلحة بفضل توجيهات سمو الرئيس، الذي لا يدخر وسعاً فيما يحقق الأهداف السامية التي يدعو إليها صاحب الجلالة الملك المعظم. فنهنئ سعادة الشيخ عبدالعزيز ونتمنى له التوفيق والنجاح).

    بعد انتقال التويجري إلى الرياض حلّ مكانه في بيت مال المجمعة وسدير ابن عمه حمد بن ناصر التويجري ثم ابنه إبراهيم وما تزال رئاسة بيت المال في أبناء التويجري إلى اليوم منذُ مائة عامٍ وعام.
    غادر التويجري المجمعة ووادي المشقر وأُشي، حيثُ ذكريات الطفولة وأحلام الشباب الغامر، غير أنها كانت وما تزال لديه هي أجمل الذكريات وأرحبها في نفسه.

    يقول عنها وبشيء من الحزن: (هي اليوم تلتقي بي وأنا على آخر عتبات سلّم الحياة، ولقاء كهذا يرمي بالحجر الثقيل في أعماق النفس فتنفجر بالأحزان وتشق طريقها إلى قيعان الذات التي أمحلت، وأتساءل مع نفسي: هل صحيح أن الحياة مرّت بنا على هذه الطريق الطويلة من الذكريات دون أن نشعر بها إلا حين أكل الصيف أيام الربيع عندنا؟!).

    في الحرس الوطني، عمل التويجري بكل جدٍ وإخلاص في إدارة هذه المؤسسة العسكرية، فكان أحد بُناتها الذين أرسوا دعائمها وكان أحد الذين وقفوا خلف مساهمتها في العمل الثقافي من خلال مهرجانها الكبير (الجنادرية) الذي أسّس للحوار الثقافي بين مثقفي الوطن العربي بمختلف أفكارهم وتوجهاتهم، حينما التقى القومي العربي مع اليساري مع الإسلامي في رحاب الرياض، كما أن هذا المهرجان قد أسّس تالياً للحوار الوطني، الذي نتفيء ظلاله اليوم.

    الحدث الأهم في الحياة الإدارية للتويجري، هو حينما تعيّن الأمير عبدالله بن عبدالعزيز (خادم الحرمين الشريفين حالياً) رئيساً للحرس الوطني، فبدأت فصول قصة طويلة من الحب والوفاء والإخلاص والتضحية والتفاني كان بطلها عبدالعزيز التويجري.

    عن علاقة التويجري بالملك عبدالله بن عبدالعزيز، يُعلّق الكاتب الكبير فؤاد مطر، قائلاً: (الذي يتمناه عارفو علاقة الشيخ التويجري بالملك عبدالله بن عبدالعزيز، هو أن يكون الشيخ أنجز كتاباً عن هذه العلاقة نقرأه ذات يوم بمثل قراءتنا لما كتبه هيكل عن عبدالناصر، وبذلك يُكتشف الكثير عن أدوار ومهمات في اتجاه الغرب والشرق والعرب والمسلمين وبالذات ما يتعلق بالعلاقة السعودية - الأمريكية والعلاقة السعودية - العراقية والعلاقة السعودية - السورية، وهي أدوار أوكل عبدالله بن عبدالعزيز في كثير من المرات إلى الشيخ التويجري أمر التمهيد لها من خلال رسالة ينقلها أو وجهة نظر يعرضها أو نصيحة يسديها أو نص برقية يبعث بها من الأجواء ومن شأنها ترفع منسوب المعنويات.

    ويضيف مطر قائلاً: (ولأنه عمل مع ستة ملوك، فإنه بات يحيط بخصوصية القرار السعودي وكيف يُصاغ، لكن تألقه كمفكر ومستشار وحامل رسائل فيها التمنيات أحياناً والتنبيه في معظم الأحيان والنصيحة عند الحاجة القصوى لمن يحتاجها كان في ظل عبدالله بن عبدالعزيز).


    التويجري مؤلفاً ومؤرخاً

    يتمتع التويجري بثقافة عريضة ويحتفظ بوثائق تاريخية ذات أهمية، ظلّ يجمعها عن تاريخ وملحمة البطل عبدالعزيز، الذي عشقه وأحبه، فاستولى على تفكيره واهتمامه، لكن ورغم ذلك، فقد تأخر ظهور التويجري مؤلفاً، إذ أصدر كتابه الأدبي الأول (في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء) بعد أن تجاوز الستين، وأصدر كتابه التاريخي الوثائقي الأول (لسراة الليل هتف الصباح) بعد أن شارف على الثمانين، وما بين الكتابين وبعدهما توالت المؤلفات، التي غلبَ عليها الطابع الأدبي والفلسفي والوجداني، والتي بلغت 15 مؤلفاً، تُزيّن المكتبة العربية، بأسلوب صاحبها ومنهجه المتميز الفريد.

    وفي هذا الصدد، فإن مما سيحفظه التاريخ وستحمده الأجيال اللاحقة للشيخ التويجري، كتابيه الوثائقيين اللذين أصدرهما عن الملك عبدالعزيز، وما كان غريباً عليه مثل هذا العمل، وهو الذي عاش أجواء الملحمة التي صنعها عبدالعزيز وعايش أحداثها، منذ المعركة الفاصلة في تاريخنا الثقافي (السبلة) التي وقعت شمالاً من بلدته، وكان عمره وقتها سبعة أعوام، فكانت مسيرته الثقافية مسيرة عاشقٍ لبطل، واصل من خلالها متح رسائل ووثائق حملها بريده طيلة عقود، قلَّبها وتأمل فيها، وقف على إحداها متأملاً متذكراً وعلى أخرى مبتهجاً مسروراً، وعلى ثالثة فحمد الله على ما منّ به على هذه البلاد من نعمة الأمن والاستقرار، حينما أغاثها بالمليك المؤسس، رحمه الله.

    ولأنه، حامل بريد، كما يقول عن نفسه، متواضعاً متجرداً من صفة الباحث المؤرخ المحقق، فقد رغب أن يحمل رسائله من تاريخ عبدالعزيز الكبير الواسع إلى جيل اليوم من الشُبان والشابات، وإذا كان التويجري قد طرح شيئاً مما ضمه بريده الوثائقي المهم في كتابه الرائد (لسراة الليل هتف الصباح) فقد وقف مع عبدالعزيز في ذلك الصباح المشرق حينما حمد القوم السُرى، بعد تلك المسيرة التي قادهم فيها عبدالعزيز، وهي مسيرة مظفرة ظفر فيها التاريخ وحمدت الأجيال اللاحقة تلك المسيرة وسراها وسراتها.

    وطيلة رحلة التويجري لم يغب عن باله (عبدالعزيز) بل عطّر مجلسه بذكراه، وكثيراً ما أقلقه السؤال واستوقفه الحوار، يبحث ويحاور ويسأل وينقب ويُقلب في صفحات التاريخ والوثائق، لذلك لا عجب أن يضم بريده التاريخي رسائل متفردة متميزة، نشرُها يعد إضافة وثروة للباحثين.

    وحينما يتساءل الكثير من المثقفين: لماذا لم يؤلف التويجري إلا بعدما تجاوز الستين، ولم يخرج وثائقه إلا بعدما اقترب من الثمانين؟ فإن الكاتب فؤاد مطر يُجيب على هذا التساؤل قائلاً: (إذا كان المواطن السعودي ومعه شقيقه العربي لم يعرفا الشيخ عبدالعزيز التويجري كاتباً وجدانياً تصدر الكلمة عن قلمه متألمة أحياناً من شدة أوجاع الماضي ومنغصات الحاضر التي تنذر بمرارات في طيات المستقبل غير البعيد، إلا بعد صدور كتاب (رسائل إلى ولدي) بجزئيه، فلأن الرجل بعيد عن الأضواء وعن حياة السهر وفي الوقت نفسه مستغرق في جمع ما يمكن جمعه من وثائق وأوراق ووقائع على ألسنة البعض عن سيرة الملك عبدالعزيز ومسيرته لكي تكون مادة كتابه عن السيرة والمسيرة التاريخية، لكن بعد صدور الكتاب الأول من السيرة وهو (لسراة الليل هتف الصباح) بدأ السعودي ومعه العربي يعرف من خلال مقابلات لوسائل إعلامية مع الرجل ما لم يعرفوه عنه وما هم تواقون إلى معرفته، ومما عرفوه أنه عاشق للعرضة النجدية والربابة وضد الفن الخليع وأنه يرتاح عندما يجد نفسه بين أصدقائه وأنه يحرص على أن يكون في مكتبه في الثامنة صباحاً وأن هاجس محو الأمية في المملكة لايفارقه).

    ويضيف مطر قائلاً: (في تقديري أن الشيخ عبدالعزيز كان يرى أن المجالسة الفكرية تفي بالغرض وأنه مثل الظواهر التراثية يقول في مجلسه ما هو رأي أو واقعة أو تصحيح لافتراء تاريخي على أن يتحول إلى حديث بين الناس أو يعتمده أهل الكتاب من رواد المجلس كمادة في مؤلفات. ولعل الكاتب لطفي الخولي عندما شبه الشيخ التويجري بالشيخ رفاعة الطهطاوي كان يريد القول ما معناه أن التويجري (مبشر فكري) كما الطهطاوي).

    أما عن التأخر في الظهور كمؤرخ وموثق لتاريخ سيده ومليكه، فُيرجع فؤاد مطر السبب إلى أن الشيخ أراد فيما يبدو تقديم نفسه إلى بني قومه وإلى أمة العرب كمؤلف تسبق عدة مؤلفات كتابه عن سيرة الملك عبدالعزيز، وبذلك لا يظهر على الناس أنه لم يؤلف من قبل وأن قدرته على التأليف تتعلق فقط بالملك عبدالعزيز مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا القائد المؤسس والموحد هو ملهم قلمه وشاحذ فكره في المؤلفات الأولى التي هي بمثل بشائر للكتاب الأهم بجزئيه حول سيرة الملك عبدالعزيز.


    التويجري الإنسان

    عُرف عن الشيخ عبدالعزيز التويجري تواضعه الجمّ وإنسانيته المفرطة وحب للأصدقاء غامر، مع حسن أدب وثقافة شمولية، جعلتْ منه كل هذه الأشياء صديقاً مقرباً لأغلب المثقفين العرب باختلاف آرائهم وتوجهاتهم، أولئك الذين أنِسوا به وأنِسَ بهم، ناقشوه وناقشهم، راسلوه وراسلهم، تزاحمت مناكبهم في دارته وفي مكتبته في حي العليا بالرياض وأيضاً في منتجعه الفرنسي (ديفون)، وكثير منهم من قصده في قضاء حاجة أو شفاعة لدى هذا المسئول أو ذاك، مما ليس هنا مجال عرضه وذكره، ويُجمع الكثير من السعوديين والمثقفين العرب على ما يتمتع به الشيخ التويجري من حرص على قضاء حوائج الناس والعمل على إنهائها، ويروي فؤاد مطر عنه قوله: (المحسوبية ليست من المصلحة العامة وأما الواسطة فلا ضرر منها). وخلال رحلة التويجري التي تقترب من التسعين تزوّج عدة زيجات وأنجب عدة أبناء وبنات، يساهمون اليوم في خدمة المليك والوطن ويعملون جاهدين الحفاظ على (التويجرية) كمدرسة في علم الإدارة والأدب والتاريخ وفن التعامل مع الناس.

    هذه محطات في سيرة التويجري ومسيرته، وهي ليست تاريخاً يُكتب لهذا الرجل، فالرجل يحتاج إلى كثير من (القراءة) و(البحث) لأن من خلاله نقرأ كبرياء مرحلة وتاريخ دولة، متعه الله بالصحة والعافية.






    العربية نت
                  

06-13-2007, 10:18 AM

hamid brgo

تاريخ التسجيل: 05-21-2006
مجموع المشاركات: 4981

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نميقة رثاء من .أبوبكر يوسف: (غاب الأديب الحكيم .. والفارس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري) (Re: hamid brgo)



    توفي عن عمر ناهز الـ 95 عاماً

    الديوان الملكي السعودي ينعى الشيخ عبد العزيز التويجري



    أصدر الديوان الملكي في السعودية الأحد 10-6-2007 بياناً أعلن فيه عن وفاة نائب رئيس الحرس الوطني المساعد الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، عن عمر ناهز الخامسة والتسعين.

    وأفاد البيان أن صلاة الميت على الفقيد ستقام بعد صلاة عصر غدٍ الاثنين في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، قبل دفنه في مقبرة العود.


    مسيرة إدارية حافلة

    والشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري هو أحد أبرز الشخصيات الإدارية في المملكة، وقد بدأ التحاقه بالعمل العام بتطوعه ضمن قوات الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، قبل أن يعينه الملك عبد العزيز في عام 1931م (1350هـ) مشرفاً على بيت المال في المجمعة وسدير والزلفي.

    وفي عام 1938م (1357هـ) عين رئيساً لمالية المجمعة وسدير والزلفي.
    وفي السابع من نوفمبر من عام 1961م (1381هـ) أصدر الملك سعود بن عبد العزيز مرسوماً ملكياً بتعيين التويجري وكيلاً للحرس الوطني، وفي الثالث عشر من يوليو من عام 1975م (1395هـ) أصدر الملك خالد بن عبد العزيز مرسوماً ملكياً بتعيين التويجري نائباً لرئيس الحرس الوطني المساعد بالمرتبة الممتازة، وفي يونيو من عام 1977م (1397هـ) تمت ترقيته إلى مرتبة وزير.

    وقد كان عين الشيخ عبد العزيز التويجري عضواً للجنة التحضيرية لمجلس الأمن الوطني في سبتمبر من عام 1979م (1399هـ)، وعضواً في مجلس القوى العاملة في يونيو من عام 1980م (1400هـ)، وعضواً في المجلس الأعلى للدفاع المدني في يناير من عام 1986م (1406هـ)، ونائباً لرئيس مجلس إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة في يناير من عام 1987م (1407هـ)، ونائباً لرئيس اللجنة العليا بالحرس الوطني في فبراير من عام 1991م (1411هـ).

    كما عين التويجري عضواً في اللجان العليا الثلاث التي أعدت النظام الأساسي للحكم، ونظام المناطق، ونظام مجلس الشورى، والتي صدرت في مارس من عام 1992م (1412هـ).

    وتخصص جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية كرسي زمالة باسم معالي الشيخ عبد العزيز التويجري على شكل منحة دراسية لمختلف الطلاب في العالم، وبشكل خاص الطلاب في العالم العربي والإسلامي، وحاز التويجري شهادة تقدير من جامعة جورجيا بالولايات المتحدة بوصفه شخصية مشاركة في صناعة القرار الاستراتيجي، كما أنشئت قاعة باسمه بمركز الأبحاث والكبد بجامعة لندن.


    طفولة يتيمة

    "جاء الخبر إلى والدتي فلبست السواد وحاولتْ أن تتماسك وتتجلّد وتستقبل الفاجعة بصبر كي لا ينزعج أطفالها، إلا أن الفجيعة ليست سهلة ولاحظنا حالة الحزن اتشاحها بالسواد، فبدأنا نسأل ونبكي كلّما رأيناها تبكي وبعد يومين قالت: لقد ذهب والدكم إلى ربه!" وأضاف: "كنتُ يومها لا أعرف شيئاً عن فكرة الحياة والموت، فارتبكتُ وصرتُ أصرخ، ومع هذه الحالة بدأت أخاف من الموت، فصرتُ لا أنام إلا وعصاي بيدي لا تفارقني لأدافع عن نفسي إذا جاء إليّ الموت" هذه الكلمات التي تحدث بها الشيخ عبد العزيز عن استقبال خبر وفاة والده الشيخ عبد المحسن بن محمد التويجري قريباً من الجبيل أثناء عودته من رحلة علاجية إلى البحرين.

    وكان عبد العزيز المولود في عام 1918م (1336هـ) في حوطة سدير، تعلم القرآن الكريم في الكتاتيب على يد "المطوع" صالح بن نصر الله، وبرزت معاناته من اليتم في طفولته، وأسهمت في تكون شخصيته الأبوية الحانية، حتى كتب "اليتم الموجع أثر في حياتي، وعجزت عن احتماله أو تفهمه آنذاك".

    في السادسة من عمره انتقل إلى بلدة والده المجمعة، حيث عاش في كنف أخيه حمد بن عبد المحسن، الذي كان قد عينه الملك عبد العزيز مديراً لمالية المجمعة وسدير والزلفي عام 1928م (1347هـ) خلفاً لوالده الشيخ عبد المحسن.


    ثقافة الحوار

    يكاد يجمع كل من كتب عن الراحل انه كان شخصية لافتة بسعة أفقه الثقافي، وقدرته على التفاعل مع مختلف الثقافات، مقارنة بأبناء جيله.

    وقد فتح الشيخ عبد العزيز بيته في المجمعة للمعلمين القادمين من مختلف بلدان العالم العربي، ضمن موجة إحضار المعلمين العرب إلى السعودية في منتصف الخمسينيات الميلادية.

    حتى تحول بيته -كما كتب الزميل محمد السيف- إلى "منتدى ثقافي"، فتفاعل التويجري مع تلك المرحلة بكل ما حملته من تيارات فكرية وخيارات سياسية على مستوى العالم العربي، وواجه الشاب المثقف الأسئلة الفكرية التي كان بينها الشائك والحرج، بما أرهقه نفسياً، لكنه تجاوز الأزمة بإيمان صلب، واتجاه فكري منفتح تجلى في دوره الفاعل ضمن المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية"، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

    وقد أصدر أكثر من أربعة عشر كتباً لقيت اهتماماً محلياً وعربياً، أشهرها كتاب "لسراة الليل هتف الصباح (الملك عبد العزيز/دراسة وثائقية)" الذي صدر في بيروت عام 1997م وجاوز حتى الآن الطبعة السادسة.
                  

06-13-2007, 10:17 AM

محمد عمر الفكي
<aمحمد عمر الفكي
تاريخ التسجيل: 10-15-2006
مجموع المشاركات: 7313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نميقة رثاء من .أبوبكر يوسف: (غاب الأديب الحكيم .. والفارس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري) (Re: ghariba)

    الاستاذ الشاعر الدكتور ابو بكر يوسف
    هولاء الاباء والاخوة الفراس ماذا كان موقفك منهم ويونس محمود يصفهم بالخرفان؟ وما هو موقفك منهم ابان حرب الخليج؟ هلا راينا معلقة كهذه في تلك المناسبة والسعودية كلها كانت في طريقها الي الموت والزوال وليس المفغور له المرحوم التويجري؟!!!!
    اما انت يا بتاع الكباري فاول حاجة حمد الله علي سلامتك وطلتك وقطع شك عندك تحف كتيرة حتمتعنا بيها بعد الاجازة والدليل قدامنا العصيدة العصماء اعلاه والغريبة يا غريبة انت ذاتك ما بتريد الاسرة المالكة ولا من يحسب عليها كالشيخ التويجري كما قال اخونا دينق!!!!
    عجائب لا غرائب.
                  

06-13-2007, 10:32 AM

hamid brgo

تاريخ التسجيل: 05-21-2006
مجموع المشاركات: 4981

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نميقة رثاء من .أبوبكر يوسف: (غاب الأديب الحكيم .. والفارس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري) (Re: محمد عمر الفكي)
                  

06-13-2007, 10:39 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نميقة رثاء من .أبوبكر يوسف: (غاب الأديب الحكيم .. والفارس الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري) (Re: ghariba)

    Quote: إلى والدي الشيخ عبدالله عبد المحسن التويجري
    ]

    أختشي يا غريبة.

    دينق.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de