هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 07:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-05-2007, 12:41 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله



    بائعة الشاي، والجميز، والمطر ......

    لم أرى في حياتي ملكة متوجة، كبائعة الشاي، حاجة بتول، والتي تجلس ملكة في شارع البلدية، تحت عرشها المبارك، شجرة الجميز، وعلى يمنيها، وأحياناً يسارها، وأغلب الأحيان فوق الشجرة، ابتنها الصغيرة فاطمة.

    يسخر الله لها السحب، (كل هذه السحب التي تزين وجه السماء هي من أجل حاجة بتول، ومن يقول غير ذلك فهو كاذب)، كي تحج نحو دارها من أقاصي الأرض، من خط الاستواء وغرب افريقيا والمحيط الهندي، ومن شواطئ استراليا البعيدة، وذهن حاجة بتول يخلو من الجغرافيا، والمعلومات الباهتة، رأسها يمور بطيبة عذرية لا توصف ولا تقاوم، كل من جلس تحت عرشها الضاحك، غفرت له خطاياه، ومضى خفيفاً كالضوء، مؤمناً بحلاوة الحياة، وكأن نبوءة خاصة حلت بقلبه، وللأبد، ..

    تأتي السحب طائعة، هينة، وقد رسمت في طريقها كل ما يحلو لها، رسمت فيلا، ثم مططت خرطومه، فبدت كشجرة، ثم كطرحه، حتى السحب ملولة كالأطفال!!، كأنها تغمز لكليات الفنون الجميلة الاقتداء بقدراتها الخارقة، الفطرية، (فالرسم، رعشة الأنامل من قشعريرة لذة باطنية طاغية) ، كأنها تهمس بهذا.. بل قالته قطرات المطر بعد حين، وهي تسقط، بل تجري نحو أمها الأرض.

    وحين تدخل السحب وطني، وتسلم على أهله، من تحتها، كفراخ زغب تحت دجاجة حنون، تسلم علي ميري ، راعية البقر، ثم آدمو الفلاح، وخديجة الرسامة، يلوح لها الجميع، تحس بتطلعهم لسحرها، ولكنها تمضي، إنها في مهمة وطنية، إنسانية كبرى...
    وتمضي أسراب السحب، رغم دعوات الفلاحين، والشعراء، بنزولها على أرضهم الجدباء، كي يفرحوا، ويتأملوا، ويسكروا بخمرها المباح...

    بدت عجولة، كأم تأخرت على موعد طفلها بعد نهاية الدوام... (هكذا ركضت السحب فجأة)...

    وقفت السحابة فوق سماء الخرطوم، وجف قلبها، هل الذي أمامها هم مرضى بمستشفى الذرة، أم نزلاء بكوبر، أم مجانين بعنابر التجاني الماحي، فالشوارع المكلومة، تحمل على ظهرها المتورم المجعد الهرم، كل هذه الذوات المتعبة، من كبد قديم، مكتسب وموروث، وعصى الانقراض، عصي الفهم!! أخفى من دبيب النملة السوداء في الليل الظلماء.. أعيت حكماء سوبا والسلطنة الزرقاء، وأحفادهم....

    وقفت السحابة، كمظلة، فوق حاجة بتول، كي تظللها، وكي تغسل قصرها الغني الفقير...

    سقطت قطرات المطر، كحلوى، كصابون، كديتول، كي تغسل اوراق شجرة الجميز، غسلتها برفق وتهمل، لا أثر للعجلة، أو حتى الملل، نشوى كبرى تغمر قطيرات المطر، فتاه تغسل كوب الشاي لحبيب وفي، تغوص القطرات برفق في شعر الشجرة الكثيف، لم تنسى ورقة واحدة، كالموت، حتى الأوراق الجافة، والمتعفنة، مسحتها برفق، وكأنها تخرج حصى من عين طفل، منهمكة كرسام، كوجهين ملتصقين، لأنثى عائدة، وفتى مسافر...

    بهدوء من يحدق في اللحظة الحاضر، (زاهدا فيما سيأتي، ناسياً ما قد مضى)، كبت حاجة بتول الشاي في الكباية، (بهدوء وإتزان عظيم وجميل ومعدي) ثم ثلاث ملاعق سكر، تعرف زبائنها، كملائكة السماء، لكل منا ملفه، سيرته وسريرته!! (أحسست، بأن "سكر" السكر نزل من عينيها الحزينة)..

    صوت المعلقة، وهو يصوت السكر داخل كباية الشاي السادة، يعلو، ثم يعلو على صوت الحافلات والرقشات، والخواطر، مهمش ينتصر على هوانه، وكأنه جرس لبدء حصة داخلية، كي نحدق في جنان ذاتية، مخبوءة ونائمة بالاحشاء، فاستقظت كحورية على صوت معلقة، بل بوق حاجة بتول، بل مزمارها الروحي....

    كانت حبات السكر ترقص بشكل حلزوني داخل الكباية، درويش مأخوذ بجذوة العشق العذرى، تلف كقطيع مخمور، تلف وتلف، وتتضآل، تلف وتتضاءل، حتى تلاشت، بل شفت، كالضوء.. أهكذا العشق، دوار ثم فناء...

    حبيبات السكر، ولون الشاي، ورقة الكباية، من يقوى على هذا الثالوث، ورابعهم رائحة الشاي.. وتؤم هذا الثالوث... وجه حاجة بتول (هل رأيتم لذة الشعر، وخطفة النبؤة ماثلة أمامكم!!!؟)...

    في أقل من ثانية اختفت حبات السكر في الشاي، لا أثر لها، ليس بمقدور عين المايكروسكوب العوراء، أن تراها، كالإله، كائن، بائن، ومن ذاق عرف، كما تقول معاناة الحب الحقيقي، .....

    أتتخذ الشائ شكل الآبري؟، من تشبه بالآخر، البيضة أم الدجاجة، بدت حواسي تتجمع على بخاره الهين، بخار يحاكي السحب، تشده الجاذبية الشعرية للاعلى، كالبخور، أحسست بثقلي... وبخفته، لو تبقت جذوة الطفولة بداخلي، لقلدته، وفكيت قيد جسمي المتبلد، ولحقت به في الأعالي، في الأغاني، في المعاني...

    )حرم ما تدفع، هكذا قال الفتى الصغير، صاحب الرقشة) ...
    لا اعرفه، ولا يعرفني، فتى صغير، جامعي، صوت رقشته طغى على كلمات شكري، تجمع موقت، اجتمع وانفض، تحت أغنية الشجرة، في كعبة حاجة بتول..

    بكيت لهذا الفتى، لن أراه، (الجنة ستجمع أبطال الظل، الملوك والامراء الحقيقين، مثل هذا الفتى الغرير، الغريب، الجميل)...لم أرى سوى ظهره، وهو متجه نحو رقشته، ,قد نفض عنه بقايا أوراق صفراء وتراب أغبر..

    إذا نظرت لأعلى الشجرة، سترى أعظم ثمرة، بل أجمل عصفور يجري ويقفز بين غصون، بل سطور الشجرة، (فاطمة، تنظر كالإله، لنا، ترى ر ؤواسا وكساها الحب والشيب والديون، والصلع ببصمته)، وهي تضحك، ملء جسدها، وتشير لشي تراه من عل، في البيت المجاور، كالإله، ترى ما لا يرى...،إنها تنظر لطابور مدرسة خاصة)... وهو ينشدون (طائر يشدو على فنن).. إنهم ينشدون لها... هي وليست غيرها...

    مضيت نحو البيت، بعد أحسست بأنني أنا، وليست شي أخر.. (أي شي آخر)، كالشعر وجه بتول، تحس بذاتك.. بذاتك المغيبة... دوما.. بضجيج الحياة الكاذب..

    [B]بائعة الشاي، والجميز، والمطر !!!

                  

06-05-2007, 01:02 PM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: Emad Abdulla)

    ياعمده اقترح ان يوكن هذا بوست واحد عشان الناس ماتتشلهت
    فهو جميل ونبيل
    تحياتي
                  

06-05-2007, 01:07 PM

يازولyazoalيازول
<aيازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: Elmosley)

    تسجيل حضور
                  

06-05-2007, 01:22 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: يازولyazoalيازول)



    أستاذ موصلي ..

    يديك العافية ..

    الفكرة يا سيدي هي ( الكنس ) ..
    لو في طريقة أجيب كل الجمال الموجود في الأرشيف و اكنس بيهو القباحة و الشنا المصابحانا هنا ..
    يمكن الناس تتذكر إنه في حاجة إسمها جمال مرمية في مكان ما ..

    كل جميل من الناس ديل عايز صفحة كاملة من المنبر ..مش بس بوست براهو ..
    مافي حل غير كده يا موصلي , الزول براهو ما بيقدر يعمل حاجة ..
    قمت جبت أركانحرب الجمال ديل ..
    و مترصين كأحلى ما يكون الفينا ..

    ياخي الفينا سمح .

    ما في طريقة غير كده يا موصلي .
    فترنا من القباحة يا سيدي

                  

06-05-2007, 01:23 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: يازولyazoalيازول)



    أستاذ موصلي ..

    يديك العافية ..

    الفكرة يا سيدي هي ( الكنس ) ..
    لو في طريقة أجيب كل الجمال الموجود في الأرشيف و اكنس بيهو القباحة و الشنا المصابحانا هنا ..
    يمكن الناس تتذكر إنه في حاجة إسمها جمال مرمية في مكان ما ..

    كل جميل من الناس ديل عايز صفحة كاملة من المنبر ..مش بس بوست براهو ..
    مافي حل غير كده يا موصلي , الزول براهو ما بيقدر يعمل حاجة ..
    قمت جبت أركانحرب الجمال ديل ..
    و مترصين كأحلى ما يكون الفينا ..

    ياخي الفينا سمح .

    ما في طريقة غير كده يا موصلي .
    فترنا من القباحة يا سيدي

                  

06-05-2007, 02:23 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: Emad Abdulla)

    عزيزي الحميم العماد عماد

    سلام معطون بكل هواء نضيف حايم فوق سماوات الوطن

    Quote: صوت المعلقة، وهو يصوت السكر داخل كباية الشاي السادة، يعلو، ثم يعلو على صوت الحافلات والرقشات، والخواطر، مهمش ينتصر على هوانه، وكأنه جرس لبدء حصة داخلية، كي نحدق في جنان ذاتية، مخبوءة ونائمة بالاحشاء، فاستقظت كحورية على صوت معلقة، بل بوق حاجة بتول، بل مزمارها الروحي....


    دوزن الله أيامك بكل طيب ..
                  

06-05-2007, 06:17 PM

نهال الطيب
<aنهال الطيب
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 1606

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: ابو جهينة)

    الفكرة يا سيدي هي ( الكنس ) ..
    لو في طريقة أجيب كل الجمال الموجود في الأرشيف و اكنس بيهو القباحة و الشنا المصابحانا هنا ..
    يمكن الناس تتذكر إنه في حاجة إسمها جمال مرمية في مكان ما ..

    تسلم ياناثر الصبح الجميل

    مودتي
                  

06-05-2007, 07:36 PM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: Emad Abdulla)

    يا قريبي عماد

    البحث عن الجمال فضيلة
                  

06-06-2007, 02:06 AM

Ahmed Abdallah
<aAhmed Abdallah
تاريخ التسجيل: 08-12-2005
مجموع المشاركات: 5193

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: abubakr)

    متعهد برفع بوستات عماد
                  

06-06-2007, 07:28 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: Ahmed Abdallah)

    عزيزي عماد...

    أين نحن من نكهة جمالك الخاص، والمتفرد،
    نشم حروفك كطمي لذيذ، يتوغل بنا في طفولتنا الكبرى، كضوء غروب نبيل، ....

    حقا، كتابات نستريح فيهامن ضجيج المادة الماثل، ورتابة الحياة...
    يقول الشيخ بورخيس...

    (أن ترى الموت حلماً،،،
    والغروب...ذهباً حزيناً،
    ذلك هو الشعر!!...)

    لقد عودتنا الجمال، فلك البهاء، والمحبة.. والشعر...

    اخوك
    عبدالغني

    ملحوظة، يسعدني اهدائك أخر الكتابات:
                  

06-06-2007, 07:30 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هواء نضيف ( رقم ستة ) : عبدالغني كرم الله (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    **

    لاتدع كل الأشياء تعظك!!

    (*)

    كنت أحدث نفسي!!

    وأنا واقف أتبول، تحت شجرة الجميز، وقد جرى تحتي، متخذا روح النهر، وتعرجاته، ثم امتصه التراب بفرح غامر، كما يمتص الصمت كل الأصوات، وهو لا يشعر بمرارة النهيق، أو حلاوة التغريد، أو إزعاج الرعد، بل يستمع لهن بإصغاء عظيم، ثم يتمثلهن ببطنه الضخم، أكبر كائن حي غير مرئي، صامت بغريزته، فاتحاً صدره لأي زقزقة أو دوي، لم يتنكر لموهبته الكبرى، وإفساح المجال لمن هم أصغر منه، وأحقر... عائشا عمره الاسطوري بلا لسان، أو شفتين، أو شهيق.. مستسلماً لغريزة الإصغاء العظيم لأغاني الوجود كلها...

    كم يسحرني حياده، يترك صوت المؤذن يتمرغ فيه، مثل جرس الكنيسة، أو همس المحب، أوصرخات المحاربين، لا يرفض ثرثرة الاسواق، يستمع لها مثل خطب المعتزلة، وأغاني البنات، يظل يتفرج عليهن، كسريالي عجوز، يرى العجب، والإثارة في كل شئ، ولا يشوه عينيه بالرغبة أو الرهبة، في كل شئ، بل يترك الاشياء، أن تبدئ نفسها، بنفسها، مؤمناً بعبقرية الأشياء، كلها، ، لذا يتفرج عليها، ككرنفال لاختام له، بل يفتح بطنه الضخم، كي يهضمها، معا، فلا نعيق يؤذيه، ولا تغريد يسيل له اللعاب، جميع الأصوات، أغاني، بأذنه المطلقة ..

    مثل التراب تحتي، يمص الماء والبول والعسل، وهو أيضا لا يحس بمرارة أو غصة في تذوق كل هذه السوائل، التراب يشبه قلب أمي، تراني بطلا، وأنا أولي دبري من كل ناعق، وانحشر في جنة حجرها، حتى غرائزي كلها، تراها حياة، تزخرف الدار، سواء صرخت وهي مريضة، او كسرت كباية الشاي، أو طلبت منها أن تحكي لي قصة فاطمة السمحة وهي نعسة، أو أن تصير حماراً، كي أسرج ظهرها واقمز برجلي الحافية بطنها الجائع، كي احثها للخروج بالفارس للحوش….

    والتراب وللإنصاف ايضا، باستطاعته ان ينبت كزهره، أو يتململ كزلال، أو يتحدب كجبل، أو يتخذ لون الذهب ويمتدد ككثبان رملية طويلة، تسحر عيون الشعراء والنساك وقلوبهم، وتشكلها الرياح كأمواج صغيرة أو أهله أو تلال، حسب نفسيه الرياح حينها، ومع هذا لا ينسى مص البول والمطر والحليب، بلا غصة، وخاصة أن كان رملا، فهو ظمئ لها، ويمصها بشراهة، كي لاتخطفها الريح والحرارة منه!!..

    دعاني الحفيف كي أتفرج على الشجرة، وهي ترقص مع نفسها، أو مع النسيم، لا أدري ما الذي يحركها، قد تكون سعيدة، لأنها تولد وتعيش وتموت في مكان واحد، هي التي تحرك النسيم، فهذه أيدي، وليست غصون، ألم تري الثمرة بكفها، والزهر على شعرها الاخضر، وهي ترقص لذة لشي امتصته جذورها، (حقا ما أحلى طين الأرض، أسئلي الحوامل والأطفال)، ... والحشائش، والقبور!!.

    ارتفع صوت خواطري، حتى طغى على كل الاصوات، حتى الرعد، وبرقه، ليس بمقدوره أن يجاري صوت خواطري، وصورها، صوت بلا لسان أو أذن، تخيلت فمي بلا لسان، بمقدوره ان يحتوي تمر أكثر، ورأسي بلا أذن، وحينها لن اسمع جرس، ولا آذان، ولا يحزنون، اسمع نفسي، بيدي، لا بيد آدم وحواء، ما اجمل الخواطر، لا تحتاج لهذه الاشياء المبتذلة، مثل خاطر سقراط، حين تأمل الكنتين المكتظ بالسلع (ما أكثر الاشياء التي لا احتاجها)، بمقدوري أن أغلق فمي على حلوة وأتكلم مع نفسي، لا يشغلني شئ عن شئ، نفسي، تخرس خواطري الكون كله، كي تغني، قلبي لقلبي، بلا ماض أو غد، حين تغيب الحمامة في السماء عن الإنظار، يراها قلبي، صديقي العزيز، والذي لا يفارقني حتى في منامي، ويمرض معي، ويغيب عن المدرسة معي، أقرب إلي من أرنبه انفي، أرنبة خيالي، أو حتى تذكري، بل يجري من الكلب مثلي، حتى أحتار، أهو أنا، أم أنا هو...

    الموت!!...لا أخاف الموت، فهو حكيم، وإلا لم ظل جدي يحيا 80 عام، وفدوى 17 عام، وهو لا يهاجمك بتهور، وإلا لهجم على الناس وهم نائمين، وقد استسلموا لكل شئ، حتى الاحلام والكوابيس تفعل بهم الافاعيل، بلا حول ولا قوى بل بمقدوره أن يقتل الجيمع، والآن، حتى لو كنت تحمل سيف بيدك، أو وتر، فالقتل وظيفته، وهو غير مرئي، كالحياة، نفسها، وجهان لعملة واحدة، الحياة ظهرها، والموت وجهها، له مائة يد، مليار، ولا يستعملهن، يترك السلحافة 300 سنة، وأحيانا شهور، يحدق في الارض، كي ينتقي الثمار التي نضجت، كل الاشياء الناضجة تسقط، كثمرة البرتقال، كي تستغل بذاتها، القبور تمتلئ بثمر ناضج، كل القبور، لم تعد تحب حياة القطيع، مكتفية بذاتها، عن الشجرة والفروع والجذور، هكذا يعرف الموت خرافه، فيسوقها لمصيرها المعروف عنده، حيث لا حيث، ومكان لا مكان، كما يختفي هو، يخفي مكانتهم، ، كما انه احيانا، ينقذ الناس من الألم، فقد كنت اسمع صراخ نجوى من السرطان، ولم تسكت حتى جاءها الموت، وصرنا ننام بهدوء، فصوت الصراخ مؤذي، ويثير أسى لا يوصف.. كما ان الموت يختفي، ولا يظهر شكله، يبدو لي أنه جميل، وحكيم، وماهر، فهو يقبض نفر هنا، ونفر هناك، بل مجموعة، كما غرقت المركب، وأغرقت 17 امراة في النيل، لا أدري كيف اختارهن بالذات، وفي ذاك الوقت، مع غروب الشمس، كما تختار الأغاني ألحانها، الموت يكره الحركة، يجعل الجوارح ساكنة، أكثر من النوم، والتخدير، كالاشياء بداخلك، فلم الحركة، والتعب والنصب، في حادث مروع، والجثث تملأ الشارع، والدم يسيل من الأفواه، فلا حاجة للدم مع الموت، ولا للأرجل، كما يجري المرء في خياله، حتى ولو كان كيسحاً، بل لا يحتاج للجسد كله، يتركه ويمضي لسبيله، أو يدخل فيه، كما نحلم..

    ولأنه غير مرئ، الموت، أظنه جميلاً، ويقتل الناس بسكين الجمال، كما قطعت النسوة ايديهن برؤية يوسف، وبرؤية الموت تشهق النفس، وتدخل فيه، شهقة الموت، شهقة الخلاص من عالم صغير، لعالم غريب الطلعة، وعميق، وذاتي، ومجهول الموازين، والإشارات، هل عاد أحد بعد أن مات، بمقدرهم ذلك، ولكن لم، ففي طلوع البدر ما يغنيك عن زحل، لذا هم لا يعودون، ولا حتى لصغارهم، أو أمهاتهم، فهم هناك يجدون كل شئ، حتى صغارهم وأمهاتهم، أنه عالم غريب، هكذا الموت...



    نص في طور الميلاد، والتنقيح)...

    مع فائق حبي، أخي وصديقي الحبيب عماد... والسرب الجميل، المبدع، الخلاق..!!..

    مع فائق حبي، وتقديري،،،...

    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله بشير on 06-06-2007, 07:31 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de