سياسة تعريب دراسة الطب فى السودان تقودنا الى النفق المظلم و الى عصر الاخطاء الطبية الكثيفة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 04:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-04-2007, 11:29 AM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سياسة تعريب دراسة الطب فى السودان تقودنا الى النفق المظلم و الى عصر الاخطاء الطبية الكثيفة

    سياسة تعريب دراسة الطب فى السودان تقودنا الى النفق المظلم و الى عصر الاخطاء الطبية الكثيفة
    بروفيسر عوض محمد احمد


    كانت اللغة الانجليزية والى عهد قريب تتمتع بنفوذ كبير فى بلادنا. حتى الان تتم دراسة الانجليزية كمادة الزامية إبتداء من الصفوف العليا في مرحلة الاساس وحتى السنوات الاولي فى الدراسة الجامعية. الدستور نفسه ينص على اعطاء اللغة الانجليزية مكانة خاصة ربما تقترب من مكانتها فى دول الكومنولث. نفوذ اللغة الانجليزية ابتدأ فى التقلص منذ اواخر الستينات حين تم تعريب الدراسة بالمرحلة الثانوية، ثم بعد ذلك بدأت الدعوة لتعريب الدراسة الجامعية تنمو، وربما غذتها اتجاهات ابدلوجية وسياسية لتنجح فى التسعينات فى تعريب الكليات النظرية ومعظم الكليات التطبيقية ماعدا الكليات الطبية.
    يتضح مدى انتشار وقوة نفوذ اللغة الانجليزية فى مجال التعليم الطبى بدراسة وتحليل عاملين هما اتخاذها كلغة التدريس، واستعمالها كوسيط لنشر نتائج الابحاث الطبية. فى الاعوام الاخيرة حافظت الانجليزية على مكانتها كلغة التدريس فى اماكن عديدة من العالم، كما انها تزاحم اللغات الوطنية فى دول مثل كوريا واليابان وفى مجال نشر البحوث ففى عام 1980م كان حوالى 10% من المقالات العلمية المنشورة بالانجليزية قد نشرت فى فرنسا، المانيا واليابان (وهى دول تتميز لغاتها الوطنية بالرسوخ فى مجال تدريس الطب1)، كما ان مجموع مانشر بالانجليزية فى اليابان يتفوق على مجموع مانشر فى كندا واستراليا ونيوزيلاندا (وهى بلدان تتخذ الانجليزية لغة رسمية1) وبدراسة مجموع مانشر فى الفترة 1966- 1983 (فى الانديكس ميديكس) يتضح ان ماينشر بالانجليزية قد تزايد بنسبة 19%، فى حين يسجل مانشر باللغة الالمانية نقصاً قدره 5%1.

    التعريب: تجارب تاريخية
    إنشئت اول كلية لدراسة الطب فى العالم العربى فى بلدة ابو زعبل في مصر عام 1826م. (في عهد محمد على باشا)، وانتقلت عام 1837م الى القصر العينى2. واستمرت فى التدريس باللغة العربية حتى العام 1887م، حين انتقلت للتدريس بالانجليزية (بعد سنوات قليلة من احتلال الانجليز لمصر عام 1882م عقب اندحار انتفاضة احمد عرابى). ثانى كلية إنشئت فى المنطقة العربية كانت مدرسة الطب التابعة للكلية الامريكية (الجامعة الامريكية فيما بعد) فى بيروت. وقد بدأت الدراسة فيها عام 1867م بالعربية، لكن سرعان ماتم هجرها للغة الانجليزية2. محاولة التدريس باللغة العربية الصامدة الى يومنا هذا كانت فى سوريا (ولذا سوف نأخذها بشئ من التفصيل)، وهي تتمثل فى معهد الطيى العربى (كلية طب جامعة دمشق فيما بعد) تأسس هذا المعهد فى عام 1918م بواسطة سلطة جيش الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن على التى استطاعت اجلاء الاتراك من سوريا عام 1916م2. ومع علو كعب شعارات القومية العربية كان من الطبيعى ان يتم اعتماد العربية كلغة للتدريس في المعهد الوليد. ومع احتلال الفرنسيين لسوريا عام 1920م ومع تغييرهم لمعظم هياكل الدولة الهاشمية الا انهم ابقوا على العربية كلغة للتدريس بمعهد الطب العربى (ربما لمقاومة القائمين على امره)2.
    هناك عدة عوامل ربما اسهمت فى صمود التجربة السورية يمكن اجمالها فى ما يلى:-
    1. فى بداية التجربة لم تكن الانجليزية هى لغة العلم الاولى كما هو الحال اليوم بل كانت تشاركها اللغات الفرنسية والالمانية والايطالية. كما كان من حسن حظ التجربة ان الاساتذة القائمين عليها تلقوا دراستهم باللغة التركية وهى لم تكن ذات مكانة علمية مرموقة وقتها. وهى بعكس التجربة السودانية المعاصرة، لم يكن فى الامر تحول من لغة اجنبية مرموقة (وفى عز ازدهارها) بل ابتداءت اساساً بالعربية.
    2. كان الأساتذة القائمون على التجربة مقتنعون بل ومتحمسون للتعريب بل وكان بعضهم ناشطين فى الاحزاب القومية العربية التى مهدت للثورة العربية (بينما نشأت التجربة السودانية وسط مقاومة او عدم حماس كثير من الاساتذة والطلاب انفسهم).
    3. كان عدد الطلاب قليلاً جداً مما اسهم فى تجويد طرق تدريبيهم وزيادة معدل احتكاكهم المباشر مع اساتذتهم (التجربة السودانية تزامنت مع زيادة اعداد الطلاب معدلات غير مسبوقة).
    4. كان مستوى الطلاب السوريين (وربما لا يزال) ممتازاً فى اللغة الفرنسية مما اتاح لهم الرجوع بسهولة للمراجع العلمية العالمية وسهل لهم السفر الى فرنسا لمواصلة دراستهم العليا (بينما التجربة السودانية تزامنت مع تدهور مستوى اللغة الانجليزية وسط الطلاب ووسط سياسات انغلاقية وحصار دولى حرم السودان من علاقاته الثقافية التقليدية مع الدول الاجنبية خصوصاً بريطانيا).

    مفهوم التعريب
    يورد خصوم تعريب التعليم الطبى حججاً عديدة لتدعيم موقفهم نورد منها:
    1. ان لغة العلم الاولى فى العالم اليوم هى الانجليزية وهذه الحقيقة تسلم بها امم اطول باعاً منا فى المنجزات العلمية مثل الالمان والفرنسيين واليابانيين ولهذا لا مبرر للشعور بالنقص من هذا الامر.
    2. ان عصور طويلة من الحروب والاحتلالات تسببت فى التخلف العام الذى نعانيه، ومن ضمنه ضعف أو انعدام مساهمتنا فى الاضافة لتراث او ادبيات العلوم.
    3. البعض يشكك حتى فى ان العربية كانت فى يوم من الايام لغة للعلم. فحتى فى عز ازدهار الحضارة العربية ايام العباسيين كان جل ابداع العرب فى فنون الشعر والنثر بينما كانوا يترجمون كتب الطب والعلوم اليونانية ويعتمدون الانظمة الادارية الفارسية .......الخ.
    4. يورد دعاة التعريب مبررات له اقرب للشعارات الديماجوجية مثل "ان العربية هى لغة الامة"او "لغة الاسلام" او "ان تأصيل المعرفة لايتم الا بها" او "ان دولة اسرائيل تستعمل اللغة العبرية فى جامعاتها".
    5. ان الطلاب انفسهم يرغبون فى ان تظل لغة التدريس هى الانجليزية. حتى فى دولة محافظة وتعتمد القيم الاسلامية (ومن ضمنها احترام لغة القران) كانت اجابة الطلاب السعوديين فى استبيان عند سؤالهم ان كانوا يرغبون فى تعلم الطب بالعربية هى النفى بنسبة 100%.

    التجربة السودانية
    اوصى مؤتمر التعليم الذى عقد فى سبتمبر 1991م بتعريب الدراسة فى الجامعات السودانية. تم انفاذ التعريب بدرجة كبيرة فى الكليات النظرية وبعض التطبيقية الا ان المحاولة الوحيدة الجادة لتعريب التعليم الطبى كانت فى جامعة الجزيرة (التى ابتدأته فى العام 1993م)3. مؤخراً نشرت مجموعة من اساتذة طب الجزيرة دراسة لتقويم مسار التعريب في كليتهم في الأعوام 93ـ 2003م كانت خلاصتها أن التجربة بعد عشرة أعوام لا تزال تتعثر3. وأورد الأساتذة خمسة عشر مشكلة أو عقبة واجهت مسيرة التعريب عندهم (يكفي بعضها فقط لنسف التجربة من أساسها والعودة للنظام القديم). هذه المشاكل والعقبات هي بالنص3:-
    1. عدم إلتزام كل الأساتذة بالتدريس باللغة العربية.
    2. إصرار الأساتذة على أن يتوفر لهم المرجع العربي (الأمر الذي لم يكن ممكناً).
    3. بعض الأساتذة ترجموا المصطلحات بإجتهادات فردية ولم يلتزموا بالمعجم الطبي الموحد (المعتمد رسمياً كمعجم وحيد الترجمة).
    4. صعوبة فهم بعض المراجع العربية وإستعمالها لمصطلحات غير موجودة في المعجم الموحد.
    5. كبر حجم عمل الأساتذة.
    6. عدم رضا بعض الطلاب عن التعريب وخوفهم من أن يعاملوا بعد التخرج كأطباء من الدرجة الثانية.
    7. تخوف معظم الطلاب من مستقبلهم في الدراسات العليا والتي تنفذ باللغة الأنجليزية.
    8. معظم المراجع المتاحة للطلاب باللغة الأنجليزية وكذلك شبكة المعلومات (الانترنت).
    9. تأثير خارجي على الطلاب والأساتذة من بعض الأطباء وطلاب الدراسات العليا وأساتذة كليات الطب الأخرى بالسودان ولا سيما أن الممتحنين الخارجيين من تلك الكليات ويخاطبون الطلاب بالأنجليزية.
    10. عدم توافر دوريات منتظمة بالعربية.
    11. لم تتبن بعض كليات الطب بالسودان قرار التعريب ، فأضحت تجربة الجزيرة معزولة.
    12. إحساس بعض الأساتذة وكثير من الطلاب بأن قرار التعريب كان قراراً سياسيا ًوفوقياً.
    13. صعوبة التكامل المعرفي في بداية التجربة.
    14. عدم المتابعة الأدارية اللصيقة لمسيرة التجربة.
    15. شح الميزانية المخصصة لإحتياجات متطلبات التعريب.
    ومن عجب أن يخلص الباحثون (مع عظيم تقديرنا لهم) بعد سرد هذه الصعاب والمعوقات التي واجهت تجربة التعريب في الجزيرة إلى القول أن التجربة مشجعة ، وهي في تقديرنا متعثرة تماماً. كما أن توصيتهم بأن تكون الدراسات العليا باللغة العربية (وهي في الوقت الراهن لا تجري في الجزيرة) ربما يؤدي إلى عزل خريجيهم عن مواكبة حركة التطور والبحوث الطبية التي تكون بغير العربية!

    خاتمة
    إن أهم عامل لنجاح سياسة التعريب هو اقتناع وتبني هيئات التدريس والطلاب في كليات الطب بها. وهذا العامل غير متوفر في الوقت الراهن ، بدليل أن معظم الكليات لم تكلف نفسها حتي مجرد محاولة أن تبدأ التعريب ، تاركين كلية طب جامعة الجزيرة وحدها. إن الأسوأ من تعثر (أو فشل) التجربة ، هو في بقاء قرار التعريب (وهو قرار سيادي) معلقاً أو مسكوتاً عنه (فعلى حد علمي لم يتم إلغاءه حتي الآن) الأمر الذي قد يشجع القلة المتحمسة للتعريب لتنفيذه جزئياً في بعض الأقسام أو حتي على مستوى فردي مما يؤدي إلى ازدواج لغوي في العملية التدريسية ضرره أكثر من نفعه.
    إن المهم بالنسبة لنا في الوقت الراهن هو اللحاق بركاب التقدم الطبي ومواكبة أحدث وأنجح وسائل التشخيص والعلاج. أما مسألة نوع اللغة التي يتم بها التدريس، سواء في الطب (أو حتي في غيره من العلوم التطبيقية) فتبدو ترفاً لا تحتمله ظروفنا الراهنة. فعندما تكون لدينا مساهمات علمية مؤثرة أو مبادرات أكادمية رائدة ، عندئذ يمكن النظر في تعريب دراسة الطب (وغيره من العلوم) وإذ ذاك سوف يهرع العالم للترجمة من لغاتنا إلى لغاتهم.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de