|
(نوال)..
|
نوال" نوبية عشرينية من أقاصى الشمال رأيتها تنساب كنسمة بين صفوف النخيل وتهدل اغصانه وهى تلاحق سعفات " العويش" التى ما تلبث ان تقف على مصدات حجرية حتى يرسلها الهواء الى اتجاه آخر ملاحقة بخطوات "نوال" وهى تُسرِع الخطى بجسدها الرشيق ، لم تكن ترانى وانا انظر إليها حتى انها لم تكن تكترث ل (الطرحة) وهى تغادر خصلات شعرها المتطاير منفكأ من تلك " البينسات" بعد ان باءت كل محاولاتها بالفشل فى إبقاءه قيدها. بقيت لبعض ايام اراقبها وهى على حالها اليومى فى مطاردة " العويش" وهى تسرع الخطى على صوات " خالتها" التى تلح فى الإسراع بجمع "العويش" حتى تعد بعض طرقات (الكنـــــدِّي) فقد كانت خالتها تحبه رغم ان ليس من عادة الناس هناك اكل "الكنّـــــدى" وهو طعام مصنوع من الذرة ولا يكثر من اكله اهل الشمال عموماً إذ انهم كانو عادة ما يصنعون خبزهم وطعامهم من القمح. . سمعت انها جاءت من منطقة ليست بعيدة عن قريتنا غير انى لم الحظ ذلك بداية الأمر إذ ان زياراتى لقريتى لم تكن كثيرة وكنت احسبها من فتيات القرية لكن سمعت انها جاءت مع خالتها واختها لحضور مناسبة زواج فى قريتنا والتى ايضاً جئت انا لأجلها . كانت "نوال " تقيم فى نفس بيت المناسبة إذ انها كانت من أقرباء اهل العرس كانت تعمل بنشاط تستيقظ مبكرة لتعد "شاى الصباح" وتبدا عملها اليومى من ترتيب ونظافة . حملت إلينا فى ذات صباح "براد" من الشاي وضعته فى صمت وهىتبتسم فى شئ من الغنج ، كانت تلبس ملابس عادية تتناسب مع اعمال البيت ومشاقه فضفاضاً يستر ما خلفه ، كانت رشيقة للحد البعيد بشرتها سمراء بعض الشئ ربما بفعل الشمس التى تبقى تحتها لفترات وهى تؤدى عملها ، كانت جدلات شعرها مرتبة بشكل متناسب ونعومته والذى بان إثر وضعها ل"براد" الشاى على طاولة قريبة وسرعان ما غطته بحرص وهى تهم بالمغادرة .
قلت : شُكراً فردت فى تردد : العفو ثم اسرعت بالمغادرة على صوت نداء اختها التى كانت تقوم بغسل الملابس فى ظل "النيمة" . لم تفارق عينى فى ذلك اليوم ، رأيتها وهى تقلب صفحات مجلة مهملة وباهتة بفعل الشمس كانت نظراتها مهتمة بقراءة صفحة استوقفتها لبعض الوقت ثم ما لبثت ان وضعتها جانباً وانصرفت لعملها . الفتيات هناك يحرصن على العمل مهما كانت مشقته لا يعرف الكسل إليهن سبيل تعودن على ذلك برضاء وهمة دون خمول او تمرد. نواصل،،
|
|
|
|
|
|