|
|
 النفرة البيضاء
|
النفرة البيضاء
مقدمة ضرورية:يعتبر السودان من أغنى الدول العربية والأفريقية بثروته الحيوانية والتي تقدر فيه أعداد حيوانات الغذاء (أبقار - أغنام - ماعز - ابل) بحوالى 103 مليون رأس (30مليون رأس أبقار،37مليون رأس أغنام،33مليون رأس ماعز ،3مليون رأس من الإبل)، إضافة إلى 4 مليون رأس من الفصيلة الخيلية، إلى جانب أعداد كبيرة مقدرة من الحيوانات البرية. توفر الثروة الحيوانية الأمن الغذائي في مجال اللحوم وأكثر من 60% من الاحتياج في مجال الألبان بجانب توفير الطاقة والروث كسماد وتقدر قيمة هذه المنتجات بأكثر من 4مليار دولار سنويا بالإضافة إلى توفير هذا القطاع العيش الكريم لحوالي 40% من سكان السودان بصورة أو أخرى.(هذه المعلومات متاحة ومنشورة بعدة مواقع).للمقارنة فقط:يوجد في المملكة العربية السعودية حوالي 193 ألف رأس من الأبقار من بينها 95 ألف بقرة حليب و 24ألف عجول وهي موزعة في 15 مزرعة ألبان، ويقدر إنتاج الحليب اليومي بحوالي 3 مليون لتر.(هذه البيانات متاحة أيضاً).وهذه الأبقار على قلتها توفر الحليب ومنتجات الألبان لكل السوق الخليجي.
نسوق هذا الحديث بمناسبة النفرة البيضاء وهو شعار جميل ونبيل إذا كان مقصوداً لذاته ويدعمه تخطيط سليم وتوفير للموارد اللازمة، المقارنة السابقة أوردتها لأدلل على أن السعودية دولة أخذت بآخر ما توصلت إليه التقنيات في مجال مزارع الألبان. واليوم سعر الحليب فيها أقل من سعره في السودان وكذلك سعر اللحوم المستوردة من السودان.وطبعاً ما في داعي نقارن أنفسنا بدول مثل هولندا،الدنمارك ونيوزيلندا.
أما أبقارنا التي تسد عين الشمس فأهلها يبتون حولها جياع وحليب بقرة واحدة من مزارع الألبان هنا يفوق ما تدره أكثر من10 أبقار لدينا، إنه التخطيط السليم والتوسع الرأسي. روى أحد الأخوة الذي كان يعمل في مزرعة ألبان مشهورة في الخليج بأن أحد وزراء الزراعة بالسودان قام بزيارة لهذه المزرعة، تصوروا ماذا قال!!!! قال للزراعيين والبياطرة السودانيين العاملين بالمزرعة أنه يفكر في إنشاء مزرعة خاصة به على غرار هذه المزرعة وتناقش معهم في إمكانية ذلك و...الخ.
الشعارات وحدها لا تسمن ولا تغني من جوع،جئت من قلب الجزيرة في نهاية شهر أبريل وشاهدت بأم العين أن جميع التُرع جافة تماماً وأقرب مورد ماء تشرب منه الحيوانات هو الخزان الذي يبعد من منطقتنا أكثر من 10 كلم، دع عنك الكلأ.حاجة تجنن الأبقار وأصحابها أيضاً.
المستثمرين الذين يتوافدون على السودان لفتح مطاعم المشويات والفلافل كأن الأحرى أن يوجهوا للمجالات الإستراتيجية مثل مزارع الألبان ومنتجاتها وتعليب الخضر والفواكه وتجفيف البصل وغيرها.
التركيبة المحصولية في مشروع الجزيرة وكل المشاريع الزراعية الأخرى تتجاهل الحيوان تماماً لا بل تمارس على مربيي الحيوانات وأصحابها كل أنواع التضييق الممكنة.
أذكر أنني قابلت أحد الأخوة المهتمين جداً بتربية الأبقار ولاحظت أن أبقاره هزيلة جداً على غير العادة وعندما سألته عن سبب ذلك قال لي: والله ما مقرصين في (العلِيقة) الامباز،الردة،السفير و.....الخ: ولكن الأبقار مخلوعة! نعم وأضاف أن ذلك بسبب تأخر الخريف؟ لأول مرة أعرف أن الأبقار يمكن أن تنخلع أيضاً ويصيبها نوع من الهلع. ولكن الأبقار عندنا يجب ألاّ تجوع ولا تظمأ فهي ليست في وادي غير ذي زرع. ولكن ما يحدث في السودان يصيب أي كائن حي بالهلع والجزع والفزع.
لقد نفر الناس خفافا وثقالا خلف هذه الحكومة حيثما استنفرتهم في مسيراتها الحهادية (القانية اللون) القاصدة إلى حيث لا يعلمون وهاهي تستحدث ألان ألوان للنفرات (خضراء وبيضاء)وللمفارقة أن ضحايا النفرة الخضراء من زراع البصل والبطاطس لهذا الموسم لم تندمل جراحهم حتى الآن. وقد صرح مهندس مسئول رفيع المستوى بوزارة الري لتلفزيون السودان قبل أيام قليلة قائلاً: أن الموسم الزراعي القادم مهدد بسبب عدم وفاء وزارة المالية بتوفير المكون المحلى البالغ 4 مليار دينار.
في النفرة البيضاء يجب ألاّ يتشابه علينا البقر. الثروة الحيوانية موجودة الأراضي الزراعية و المياه متوفرة. بقى الإرادة السياسية والتخطيط السليم. فالنية البيضاء لازمة لإنجاح هذه النفرة البيضاء فهل تتوفر لا أظن ذلك وأتمنى أن يكون هذا من بعض الظن.
الطيب الشيخ
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
الطيب الشيخ
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست