|
Re: الاسلام والدوله الحديثه مقاربه معرفيه (Re: فتح العليم عبدالحي)
|
الأستاذ عبدالعليم
تحية طيبة
وشكرا علي هذه السياحة الفكرية ...
ويجب الإشارة في البدء الي ان الدراسة محكمة جدا بحيث يصعب الدخول إليها بنظرة نقدية برغم الاشكالات المتعلقة بها اذ ان قراءتها تعني ضمنيا قراءة الكثير من المفكرين العرب أمثال محمد عابد الجابري ومحمد أركون وعلي عبد الرزاق ومحمد عمارة وغيرهم من كتاب التنوير ان جازت التسمية اضافة الي المرجعيات الاسلامية المعروفة والكتاب الاسلاميين امثال ادكتور حسن الترابي وبالتالي فهي تحشد كما معرفيا كبيرا يشكل درعا واقيا من اية محاولات نقدية... ولكننا سنحاول ان نناقش بعض المفاهيم التي تبنتها... واتمني ان يضمن الاخ عبدالعليم في نهاية دراسته كل المراجع التي تم الاستناد اليها اذ انها ستكون مفيدة جدا لكل من يحاول مقاربة هذه المادة.
تقوم الدراسة علي رفض ثلاث نماذج للدولة الاسلامية وهما النموذج السلفي الماضوي والنموذج التلفيقي والنموذج الحداثي .. وتبني نموذج جديد وهو ما يمكن ان نطلق عليه الدولة الاسلامية الحديثة .. وهذا النموذج المقترح مقدر له ان يصطدم بالتيارين العلماني والاسلامي في ذات الوقت مما يجعل مهمته عسيرة في اثبات صحته وهي شروط مختلفة عن المشاريع التي قامت عليها النماذج الاسلامية والنماذج العلمانية فهي تنتمي بالضرورة الي احد التيارين وبالتالي تكون في مواجهة التيار الاخر ولكن النموذج الجديد يمثل موقف الذي سيفه مع علي وقلبه مع معاوية وبالتالي فانه يضع نفسه وسط التيارين المتصارعين في الحياة الفكرية الحديثة وهي التيار الاسلامي والتيار العلماني ...
ان فكرة خلق نموذج توفيقي ما بين المشاريع الاسلامية والعلمانية هو طريقة سليمة لتفادي ما يمكن تسميته بصدام الحضارات لصامويل هانتنغتون ويمثل قفزة نوعية لتحويل المواجهة الي حوار منتج لنموذج جديد يشكله الاخ عبدالعليم وفق رؤيته الخاصة ويحشد له كل ما استطاع من مرجعيات اسلامية من جانب ومن الجانب الآخر تبني المنجزات الانسانية التي وصل اليها العالم الحديث من خلال تجربته التاريخية في شكل أشبه بما يمكن تسميته ... أسلمة الدولة الحديثة ... حيث انه اعتمج علي وجود نتيجة مسبقة وهي الدولة المدنية الحديثة ومن ثم بدأ في التبني المنهجي لها من خلال ما يمكن تسميته عملية التأصيل وفق المفهوم المتبني في العقل الإسلامي وهو يعني ان النتيجة النهائية ليست تطورا طبيعيا للمرجعيات التاريخية التي يتم من خلالها الانطلاق لتبني النموذج ...
هذا النموذج الإسلامي الحديث وعلي عكس المتوقع فانه سيصطدم بالتيار الإسلامي في البدء وليس العلماني لانه ببساطة قام بتفكيك كل المرتكزات الفكرية والادوات التحليلية للعقل الاسلامي واعاد بناءها وتركيبها وفق مفاهيم جديدة كانت مثارا للنقاش والاختلاف علي مدي مئات السنوات تشكل حصيلة التجربة الاسلامية ...
سؤال المنهج هو سؤال جوهري لاية مقاربة علمية وحينما نتساءل هنا عن المنهج الذي تم من خلاله بناء النموذج الجديد للدولة الاسلامية ... لا نجد اجابة واضحة او محددة حول هذا المنهج ... ولكن الكاتب يضع لنا مرجعيات متمثلة في القران والسنة والتجربة التاريخية ... وهي نفس المنهج الذي قامت عليه كل المشاريع الاسلامية ... وبالتالي فاننا لم نتقدم خطوة الي الامام في هذا الاطار ولكننا قفزنا علي مسالة المنهج عن طريق مرجعيات اقرب الي السجال فيما بينها وبين الدولة السلفية ... اذ انها تعتمد علي نفس مرجعيات الدولة السلفية ولكنها تضع في مواجهة كل مرتكز فكري سلفي مرتكز آخر حديث وبالتالي فهي تدور بنا في فلك الاسلام المفتوح علي كل الاحتمالات وبصورة (عقائدية) وهي احدي الاشكالات المتعلقة بالمرجعيات الدينية ... مما يتركنا في شكل اقرب للوضع الحالي ... وهو الضوع المفتوح والفضفاض بالنسبة لمسالة المنهج العلمي ...
ان النموذج الاكثر وضوحا للصدام الذي يمكن حدوثه ما بين النموذج الاسلامي الجديد والنموذج السلفي هو الحديث حول صحيفة المدينة حيث جاء في البحث: ويمكن الاستدلال على "التعايش الدستوري" الإسلامي ضمن "كيان سياسي واحد" بالعهد الذي كتبه الرسول بين اليهود والمهاجرين والأنصار في المدينة المنورة والمسمى "الصحيفة"
اذ ان بنود هذا الاتفاق واضحة جدا وهي ليست في مثل عموميات القرآن ولا تحتاج الي الكثير من الاجتهاد والتأويل وفي الوقت الذي يتخذ منها كاتب المقال مرجعا للدولة الدستورية فانها وبالمثل يمكنها ان تشكل مرجعا آخر لاية دولة سلفية من خلال البنود التالية والتي لم يتم ذكرها في المقال اعلاه لضرورات النموذج المتبني:
لا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصر كافراً على مؤمن. وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس. وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم. وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد. وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد . وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله .,
هذه البنود تقودنا مرة اخري الي نفس النقطة الدائرية حول حقوق غير المسلمين السياسية والقانونية وتقودنا الي المرجعية الدستورية ... التي من الواضح انها وفق البنود اعلاه تنتهي بنا مرة اخري الي مبدأ الحكمية لله الذي يعتبر الصخرة الاولي وخط الدفاع للتيارات السلفية ... كما انها تفترض سلفا ان غير المسلمين هم تابعين باعتبارهم اقلية او اضعف عسكريا ...
اذن ما نود ان نقوله من خلا كل هذا الحديث ... وما نطرحه من اسئلة يتعلق بالاتي:
هل هنالك فعليا منهج اسلامي علمي لقراءة التاريخ وتحليله. هل هنالك نظريات ومناهج علمية اسلامية يمكنها تقديم نماذج لبناء الدولة المقترحة : سياسياًواقتصاديا واجتماعياً. ولماذا لا يتم تبني المحصلة الاخيرة للتجربة الانسانية للدولة المدنية بصورة علمية وعقلية مطلقة لا تتعلق باية دين او لغة محددة وبما يحفظ للجميع حقوقا متساوية في ثقافاتهم المختلفة باعتبار العلم لغة مشتركة.
كيف يمكن القفز فوق الاشكالات الدينية الخاصة بالفكر الاسلامي وتبني مثل هذا النموذج ... او كيف السبيل الي حل هذه الاشكالات ...
النموذج الجديد لايشكل تطورا طبيعيا للدولة الاسلامية بل هو تبني المحصلة الاخيرة للتجربة الانسانية فهل ينفي هذا مقدرة الاسلام و المسلمين علي انتاج ما يسمي بالنموذج الاسلامي الخاص بهم من خلال تجربتهم ..
خارج النص:
اذا استطعت اقناع الاسلاميين بهذا النموذج ... فالعلمانيين امرهم جد هين وشكرا علي هذه السياحة الفكرية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاسلام والدوله الحديثه مقاربه معرفيه (Re: محمد جميل أحمد)
|
الصديق الاستاذالاديب الشاعر محمد جميل محمد أحتفي جدا بهذه المداخله،فلك الشكر عليها،وأتوقع منك الكثير أري بعد الاذن منك أن انشر رسالتك التي ارسلتهالي عبر الايميل تعليقا علي بدايات هذه الماده،اري ان انشرها في البورد حتي تعم بها الفائده وانتظر منك مداخلات أخري عند اكتمال الماده
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاسلام والدوله الحديثه مقاربه معرفيه (Re: فتح العليم عبدالحي)
|
صديقي فتح العليم أشكرك على هذه الروح الباحثة . ولا مانع لدي من نشر الأفكار التي تفاعلت بها معك كتعليق على بدايات البحث . لك أن تنشرها تعميما للفائدة ، ولك التصرف بطريقة نشرها بأمل أن تكون هناك أصداء متفاعله مع ما نكتبه ، فهناك الكثير من المهتمين الذين يمكن أن نتبادل أفكارنا معهم ، ونختبرها أيضا . تحياتي محمد جميل
| |
|
|
|
|
|
|
|