|
الفساد الحكومى عن صحيفة السودانى
|
ليس أدل على فشل دولة المشروع الحضاري إلا تزايد حالات الفساد بمختلف اصنافه واشكاله ودلائل قاطعة وشواهد كثيرة ادت لما تعانيه بلادي من فشل سياسي وسقوط اجتماعي وانهيار اقتصادي غير مسبوق كان في طور التوقعات لكنه تنزل إلى أرض الواقع بعدما اقرت وزارة المالية أمس بالضائقة المالية التي تعانيها الميزانية العامة في ربعها الأول نتيجة انخفاض الايرادات بنسبة 30%، بسبب ارتفاع قيمة الدينار مقابل الدولار وانخفاض أسعار خام بترول بترودار الذي يتراوح سعره بين 14 إلى 18 دولاراً للبرميل.
فقد كشف تقرير المراجع أمس الأول عن تزايد حالات الفساد التي نتج عنها ارتفاع حجم الأموال المعتدى عليها من 542.5 مليون دينار للعام 2005 إلى 904.3 للعام 2006م بنسبة زيادة بلغت 66.7% تركزت 74% من جملة هذه الاعتداءات في قطاع الشركات والهيئات الحكومية التي يسيطر على إدارتها الحزب الحاكم بعد أن افرغها من الكوادر المؤهلة والمؤتمنة عليها لسنوات طويلة واطلق يد الموالين له في هذه المؤسسات فأرتفعت جرائم الفساد المالي والإداري إلى تلك الأرقام الفلكية التي كشف عنها التقرير على الرغم من أن الكثيرين يشككون في التقرير نفسه باعتبار أن هنالك الكثير لم يكشف عنه ففي تعدد الرسوم والجبايات والصادرات البترولية وتناسي الايرادات يعتقد الكثيرون أنها كافية لسد العجز إذا احسن إدارتها وتم توجيهها لتحريك الجمود في القطاعات الإنتاجية وهذا ما لم يحدث.
الحكومة هي المسؤول الأول عن تزايد نسبة الفساد لأن الجزء الأكبر منه وقع في القطاع الحكومي الذي يتحكم في مفاصل الاقتصاد الوطني والتي يتم اختيار إدارتها بعناية من أصحاب الحظوة لينالوا شرف الترقي إلى أعلى درجات السلم الوظيفي بغض النظر عن الكفاءة والخبرة اعمالاً لمبدأ (الولاء قبل الأداء) والحكومة هي المسؤول الأول عن تنامي حجم الفساد لأنها هيأت له البيئة الخصبة والمناخ الملائم الذي تحرسه بقانون القوة بعد أن ضربت بقوة القانون عرض الحائط فكان منهجها هو حجب المعلومات والتعتيم والتستر بدلاً عن اعمال معايير الافصاح أو الشفافية والرقابة وتفعيل مبدأ المحاسبة والالتزام بمعايير الحوكمة التي تمثل حائط الصد الاول للفساد وبدلاً من عزل الإدارات التي تقاوم الاصلاح.
ونأمل أن نسمع قريباً أن كل الذين حازوا على أموال الشعب بغير وجه حق يقف أمام العدالة، ولاثبات عكس ما ذهبنا إليه يبقى التحدي الماثل هو استرداد جميع المبالغ المعتدى عليها.
|
|
|
|
|
|