|
أين المعماريون المبدعون في العالم العربي ؟! عن مجلة البناء
|
لماذا لا يوجد لدينا مبدعون في العمارة ..؟!
أقف أحياناً حائراً أمام مجموعة من الأسئلة الذاتية، لأنه لايوجد من يسأل أصلاً عن العمارة وقضاياها المتعددة رغم أهميتها الثقافية والاقتصادية، وهي أسئلة تتعلق بما ننتجه من عمارة ، وعلى الأخص من ينتج هذه العمارة ، وهل هو على قدر كاف من المهارة والإبداع. في البداية أود أن أذكر أن هذه الأسئلة تراودني منذ فترة طويلة ، وبالتحديد منذ بداية ممارسة العمارة في المملكة. فأنا أحد الذين عاصروا تلك البدايات ، وكنت متحمساً لها .. فقد كان هناك شيء ما يتحرك في نفوس المهتمين بهذه المهنة الجديدة في بلد يعيش تحولاً نحو المدنية والحداثة.. كنت أشعر بلمعة في عيون أولئك المتحدثين عن العمارة في بلادنا في السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي.. لمعة تعبر عن حماس داخلي، وإيمان بمهنة وليدة تجعل أصحابها رواداً للمجتمع.. على أن تلك البدايات ظلت مجرد بدايات، بل إن ذلك الشيء الذي كنت أشعر به يتحرك في نفوسنا قد مات.. فرغم توسعنا في التعليم المعماري ، ورغم «تراكم الخبرة المعمارية» على الأقل من حيث الكم، لم نرى مبدعين بيننا في مجال العمارة.. وهذا ماجعل السؤال يتضخم في ذهني مع مرور الوقت ، خصوصاً أنني مسؤول عن مجلة عاصرت التحول العمراني ( ليس فقط في المملكة ولكن في منطقة الخليج والعالم العربي)؛ مما جعلني قريباً من كثير من التفاصيل التي جعلتني على قناعة أننا نعيش أزمة إبداع معماري،وهي أزمة لا أجد لها تفسيراً واضحاً ، كونها مرتبطة بآليات المجتمع ومؤسساته التعليمية والمهنية. ولو حاولنا أن نجعل كلامنا محدداً ، ونبحث في تاريخ هذه الأزمة فسوف نجد أن الأسماء اللامعة بعد حسن فتحي أنقطعت ، ولم يخرج من بيننا معماري له تأثير ( إلا أولئك الذين مارسوا المهنة في الغرب ، مثل زها حديد في بريطانيا، و بعض المعماريين المصريين الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية) ومن عداهم تظل مجرد أسماء تاريخية لم تترك أعمالهم أثراً على مسار العمارة العربية ، ولن أقول العالمية. بل إن أعمال بعض المعماريين العرب المعروفين كرست التقليدية، وصارت تدور في فلك معروف سلفاً لايدفع للإبداع ، ويذكرنا بتوقف الاجتهاد في الحضارة العربية في القرون الوسيطة التي أصابت تلك الحضارة بالجمود.. وجعلتها تكرر نفسها بصورة مملة تدفع للتخلف. هذا المشهد الذي يصيب المتابع بالحسرة يتصاعد في مخيلتي ، كلما قمنا بنشر مسابقة معمارية محلية أو عربية. فإما أن تكون المسابقة لا لون لها ولا طعم ، لأن المتسابقين عرب، أو أنها تذهب لمعماريين من الخارج ولاندعي أن كل المشاريع التي تذهب للخارج فيها إبداع، ولكن بالتأكيد أن أغلب المشاريع التي يتقدم بها معماريون عرب يندر أن تكون متميزة. هذه الظاهرة التي تزيدنا حيرة لانجد لها تفسيراًواحداً .. فهل نندب حظنا «التعليمي» الذي يخرج لنا أنصاف معماريين، أم نصرخ بأعلى صوتنا ونقول إن مناخ ممارسة العمارة لايدفع إلى الإبداع ، وبالتالي فهو لاينتج مبدعين. ومع أنني أرى أن القضية أكبر من مجرد هذا التعليق على ظاهرة تخترق جوهر العمارة لدينا، إلا أنني أردت أن يشاركني القراء في هذا الهّم، وأن يتساءلوا مثل ما نتساءل مع كل عدد من أعداد مجلة البناء .. أين المعماريون المبدعون في العالم العربي ؟!
|
|
|
|
|
|