|
|
 الريـــاض: قمـــة أخـــرى لــــدارفور الســــلام
|
منقول : عبدالله آدم خاطر
http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=33152
بالرغم من العجز المتوقع للشعوب العربية وحكوماتها في إدراك الابعاد التاريخية والثقافية والاقليمية الدولية لأزمة دارفور، الا أن الجامعة العربية في قمتها الاخيرة بالرياض عملت على توسعة شبكة التفهم للأزمة عربياً والعمل على ربط الجهد العربي الى الجهود الدولية والاقليمية لحل الأزمة في دارفور ليس باعتبارها مهدداً للأمن الاقليمي والدولي فحسب بل الآن دارفور تقع ضمن القاعدة الجغرافية التاريخية لتفعيل العلاقات الانسانية الاقتصادية والسياسية بين العالمين الافريقي والعربي، وهما يتجهات معاً ككتلة اقليمية محتملة صوب التعامل الدولي.
استطاعت الجامعة العربية أن تدرك القيمة المعنوية لأن يكون العالم العربي في سباق حل الأزمة السودانية بدارفور وقد تجسد ذلك في دعوة الفاعلين دولياً واقليمياً في الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي ومنظمة الايقاد والطرف الحكومي في السودان لقمة مصغرة في الرياض. من ناحيته تولى الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الدورة الحالية للجامعة ملف دارفور، وأعلن نفسه ضامناً لحل الأزمة في إطار السيادة السودانية مع التأكيد على دعم الدول العربية للسلام والتنمية والوحدة في السودنا. إن ما أقدمت عليه الجامعة العربية من قرارات وضمانات ربما ليست كافية وقد تحتاج الى متابعة وفعل منتج، ولكنها في كل الأحوال أتاحت فرصة وقمة أخرى للمزيد من الوعي بالأزمة والمساهمة في تجاوزها، كما فعلت وتفعل قمم أخرى وردت في أدبيات الرؤية الدارفورية للأزمة.
والأزمة في قمتها في دارفور جلست نحو من أربعين امرأة حافظة للقرآن الكريم في جبل مرة وأعتمدت الدعاء سبيلاً لازالة الكرب والأزمة التي ظلت تودي بحياة المسلمين على نحو منتظم وبشع. إمضت النساء الحافظات للقرآن الكريم ليلة كاملة في الدعاء لله تعالى، وعند مطالع نهار اليوم التالي، تحدثت إحداهن للذين في الجوار، بأن ما جرى ويجري في دارفور لا حل منظور له، حتى تتدخل السماء.
استمعت لخلاصيات قمة أولئك النسوة باهتمام ويقين، إذ أن ما يعنيه قولهن إن جهداً شاناً يجب أن يبذل ومن الجميع لتجاوز الأزمة، فالاشارة الى السماء في تراثنا الديني تعني إرادة الله تعالى، وهى في وجداننا إرادة متماسكة وقاهرة تعمل من خلال الجميع وفوقهم. ولا تنفع معها فلاحة شخصية أو لولوة جماعية.
عندما ورد دعاء أولئك النسوة ، كانت القمم قد بدأت بقمة دارفورية دعا اليها الفريق ابراهيم سليمان عندما كان والياً لشمال دارفور ورئيساً لآلية هيبة الدولة وممثلاً لرئيس الجمهورية في فبراير 2003م بمدينة الفاشر. لقد جمعت تلك القمة القادة والمفكرين وأهل الرأى في دارفور، لذا كانت قرارات تلك القمة صائبة كما أثبتت الأحداث فيما بعد وأكدت أن الأزمة لديها جذور سياسية تنموية تاريخية ويجدر النظر فيها بحكمة وتقدير سياسي سليم، ولم تكتف السلطة الاتحادية باقصاء التوصيات من الطاولة وإنما فتحت الفرصة واسعة للآلية العسكرية والأمنية لتسوية المسألة بالقوة. فتداعت الاحداث وتطورت الى كارثة إنسانية بلغت حد إنتهاك حقوق المدنيين والعجز عن حمايتهم، وإرتكاب جرائم حرب، بل مضت الأحوال الى ترشيح دارفور جزءاً من تراث الكوارث في العالم، إذ لم تعد تقارن الا بالأفظع والأبشع ولم تستطع كارثة إنسانية أن تتجاوزها حتى تسونامي أو الانتهاكات الفظيعة للجيش الاسرائيلي في حربه ضد حزب الله في لبنان.
وسط دهشة الجميع بمن فيهم أطراف النزاع في دارفور، تم إعلان دارفور كارثة إنسانية والنزاع فيه أصبح مهدداً للأمن والسلم الدوليين والاقليم بتلك الصفة، ومن العام 2004م اصبحت دارفور الاولى في لائحة اهتمامات مجلس الامن للامم المتحدة وتوالت صدور القرارات تضغط اطراف النزاع دبلوماسيا واعلاميا وسياسيا في ظل انفجار الشعوب في وجه حكوماتها خاصة في الغرب الاوربي والامريكي رفضا للذكريات الاليمة للحروب بما فيها الحرب العالمية الثانية التي انتهت بمحاكمة مجرمي الحرب فيها، لقد بلغ الضغط الدولي ذروته عندما التقى كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة وكولن باول وزير الخارجية الامريكي في يوليو 200 في مؤتمر صحفي مشترك بمطار الخرطوم، ظلت القمة الدولية تضغط على كل الجبهات وفي ذلك السياق التقت الارادة الدولية والقمة الافريقية من خلال الاتحاد الافريقي ومفوضية الامن والسليم والاخيرة هي قمة تنفيذية تفاعلت مع الاحداث على الارض وعلى كامل امتداد جغرافية دارفور. ان تكليف القمة الافريقية لايجاد حل متراض عليه في دارفور برغم انها التجربة الاولى للاتحاد في مجال فض النزاعات الافريقية، الا ان الاتحاذ اصبح بقبول التكليف بعاطفة كبيرة، دون النظر الى الامكانيات ، ضمن قمم المشاركة في حل الازمة.
اما العالم العربي برغم التراجع الذي سجله في الحضور الاقليمي المباشر في افريقيا، حيث كان لحضوره آثار واضحة ليس اقلها انحسار النفوذ الاسرائيلي في افريقيا بعد حرب اكتوبر 1973م فان تراجعه في ازمة دارفور قد بلغ الدرك الاسفل. على الصعيد الشخصي رغم انتمائي للتراث العربي العريض بالخبرة والدراسة والبحث لم اكن متفائلا ان يصبح العالم العربي في سياق حل ازمة دارفور، مع ذلك وجدت في الكيانات العربية المدنية ما جعلني اتردد في دمغ الكل العربي، وعندما التقيت السفير زيد الصبان احد القابضين على ادارة ملف دارفور في الجامعة العربية وبدعوة منه بمقر الجامعة العربية وامتد الحوار بيننا لاكثر من ساعتين بقاعة الاندلس ادركت ان الامل مايزال هناك ولكن قد يحتاج الى وقت ليتبلور، زيد مايزال شابا من جذور سورية وقانونية وافضل ما بدأ به الحديث معي ان قال ان نسبة فشل ابوجا في تحقيق السلام على الارض الى الاتحاد الافريقي وحده ليس صحيحا، ان الكل مسؤول عن ذلك، المجتمع الدولي والجامعة العربية واطراف النزاع بمن فيها الحكومة، والدول التي قامت بادوار في التسهيل والضمانات، الجميع كانوا مسؤولين عما حدث في ابوجا وما تبع ذلك، فما على الجميع الا ان يعودوا للعمل معا لاستكمال العملية السلمية وتوفير الحماية للمدنيين ودفع الحوار الدارفوري الدارفوري، كان ما يقول به زيد متطابق مع ما في وجداني من وقائع وتطورت لذا لم نختلف حول اهمية اتفاق اديس ابابا (16 نوفمبر 2006) بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي وما نتج من ملاحظات ومبادرات خاصة مبادرة الياسون/ سالم.
في لحظة حضور قومي تساءل زيد عما يمكن ان تقوم به الجامعة العربية وأمينها العام لدفع مشروع السلام لدارفور؟ كان يفكر بصوت عال، ومما ورد بخاطره ان لماذا لا ندعو الجامعة العربية ضمن مسؤوليتها كل الفاعلين الدوليين والاقليميين لتطوير الاطر البناءة من اجل حل الازمة؟ لعلها كذلك بدأت تتكون امكانية المشاركة العربية في حل ازمة دارفور مع كل القمم المتكاملة في الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والايقاد والطرف السوداني الذي شمل الطرف الحكومي ولم يشمل الاطراف الاخرى.
لقد بدا الدعاء الذي نادت به الصالحات من نساء دارفور قد بلغ مقصده عندما اجتمعت كل القمم على مرمى حجر من الكعبة القمة الاعلى للمسلمين في العالم. الواقع ان اهل دارفور ينظرون الى خادم الحرمين الشريفين بثقة واحترام ويعتقدون ان المملكة السعودية تتمتع بقوة الذاكرة التي تجعلها تنهض الى المقدمة سياسيا ودينيا لتجاوز ازمة دارفور، برعاية الحل اقليميا ودوليا وقد يشمل ذلك دعوة الدارفوريين بمختلف انتماءاتهم الى اجتماعات بالمملكة كالاجتماعات اللبنانية وفيما بعد الفلسطينية توفيرا لمناخ التصالح من اجل حقوقهم غير المتنازع عليها تاريخا وحاضرا بمواثيق الاتفاق والدستور المعترف به سودانياً.
|
|
 
|
|
|
|
أبو الحسين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست