|
على المك...ولوركا
|
على المك ولوركا وترجمة الشعر
علـــى المــك مغـرم بلوركــا غرامــه بامدرمان وصـوت ابــو داؤود . أذكر عندما كنا طلابا في قسم الترجمة بكلية الدراسات العليا بجامعة الخرطوم طلب منا ترجمة قصيدة قصيرة للشاعر الإسباني غارسيا لوركا من الإنجليزية إلى العربية - و بعد أن استمع إلى محاولاتنا المتواضعة في ترجمة القصيدة اعترض على ترجمة عبارة بعينها كنا قد ترجمناها بعبارة : ( من أجل ) وطلب منا استبدالها بعبارة أخرى لكننا لم نعثر على عبارة تحمل نفس المعنى .. ولما استفسرنا عن سبب رفضه لعبارة ( من أجل ) قال بطريقته المعهودة أن هذه العبارة لاكتها أجهزة الأعلام حتى صارت مستهلكة وباهته فتعجبنا من حساسيته اللغوية ولما عجزنـا عـن إيجـاد الـبديل لتلك العبـارة أقـترح علينـا ، أسـتعمال عبـارة ( بسبب ) بدلا عن ( من أجل ) ثم عرض علينا ترجمته النموذجية للقصيدة التي جاءت على النحو التاـلي :
ما أعظمه من جهد أن اهواك كما أهواك *** بسبب هواك تعذبني الانسام وقلبي .. قبعتي تؤلمني *** من منى يبتاع وشاحي هذا وحزني ذاك وقد صيغ من الكتان الابيض كما يجعله مناديل
وأذكر أنه بعد فترة من ذلك صادفتني ترجمة أخرى لهذه القصيدة لأحد المترجمين العرب وهالني الفرق الكبير بين الترجمتين .. فهذه الترجمة الأخيرة باهتـه وخالية من روح الشعر .
وقد فتن على المك بشعر لوركا افتتانا عظيما وترجم له العديد من القصائد من اللغة الإنجليزية وأذكر أنني التقيت به في مكتبه بوحدة الترجمة والتعريب بجامعة الخرطوم قبل أسابيع قليلة من رحيله .. وقد أهداني نسخة لخمس قصائد مترجمة للوركا كان قد بعث بها لإحدى المجلات العربية . وقد دبج هذه القصائد بمقدمة رائعة عن لوركا تعبر عن مدى إعجابه وافتتانه بهذا الشاعر جاء فيها : " غارسيا لوركا هو شاعر العصر المقدم ، أنه الأندلس وهو أسبانيا ، هو النيلوفر ومصارعو الثيران والأزهار والفجيعة قرطبة وغرناطة واشبيلية مدن تتلألأ في الشمس وفي الظل ، والريح والدخان .. هو الفلامنجو ، وشعر الطبيعة .. لهذا كرهه الفاشيون لأنه يقود الناس إلى مواطن الجمال ، وإلى الحقيقة ، ولم يسمح له بأكثر من ثمان وثلاثين سـنة ، ولد عام 1898م ثم اعدموه في غرناطة في يوليو 1936م . وكانت تلك فاجعة الفواجع .. "
وهذه واحدة من القصائد الخمس :
أغنية ماء البحر
البحر من بعيد يبتسم أسنانه زبد والشفاه من سماء *** وأنت يا فتاة كدرة المزاج نهداك صوب الريح ما بضاعتك ؟ سيدي : أني أبيع ماء البحر *** وأنت أيها الأسمر الفتى ما الذي لديك بالدماء يمتزج ؟ سيدي : ذاك ماء البحر .. ***
وأنت يا أماه من أين تأتي دموع الملح ؟ سيدي : إنما أبكى بماء البحر .. ويا قلب ، وأنت ، ثم هذا القبر من أين ينبع الأسى ؟ اجاج ماء البحر .. *** البحر من بعيد يبتسم أسنانه زبد والشفاه من سماء أن ترجمة الشعر تعد من أصعب أنواع الترجمات فهي تختلف عن الترجمة الأخبارية والعلمية لأن الشعر لا تغنى فيه الإفادة وإيصال المعنى فقط .. فالمفردة الشعرية مقصودة في ذاتها ولذاتها وذلك بقدر ما تثيره في النفس من رؤى وظلال وتبعثه من إيحاءات فالشعر هو ما يثير فينا بفضل صياغته انفعالات وجدانية وأحاسيس جمالية .. لذلك لابد لمن يتصدى لترجمة الشعر أن ينقل إلينا الحالة الشعورية التي هي غاية الشعر وإلا فقدت الترجمة معناها .
وهذا يتطلب بالطبع قدرة لغوية فذة وإحساس شعري مرهف ، ومعرفة بكيمياء الألفاظ والتراكيب اللغوية والنحوية مثل تقديم الخبر على المبتدأ وبناء الفعل للمجهول واستعمال الجملة الاسمية بدلا عن الفعلية والتفنن في استخدام أسماء الإشارة والموصول إلى غير ذلك من دقائق أسرار البلاغة .
ولقد استطاع على المك بفضل ما يتمتع به من شفافية لغوية وذوق نقدي متميز واذن موسيقية مرهفة أن يقدم لنا ترجمات شعرية متميزة يمكن أن تشكل نماذج لما ينبغي أن تكون عليه ترجمة الشعر ..
ولعل كتابه ( نماذج من الأدب الزنجي ) خير شاهد على ذلك حيث يضم هذا الكتاب تراجم رائعة لمختارات من أدب الزنوج الأمريكان في الشعر والقصة تحكي عن معاناة وتطلعات وأشواق الزنجي الأمريكي في الحرية والمساواة واسترداد كرامته المسلوبة ومن الأمثلة التي لا يزال صداها يتردد في أذني مقطوعة شعرية ترجمها على المك للشاعر الزنجي بول لورنس يقول فيها :
الحياة كسرة خبز ومضجع بالحب يسمو
وبالإضافة للحس اللغوي المرهف لابد للمترجم من أن يتسلح بمستوى عال من الثقافة والاطلاع حتى يتسنى له نقل البيئة الثقافية أو المناخ الثقافي الذي يتنفس فيه الشاعر ويمكن أن تتجلى لنا أهمية ذلك إذا قارنا بين ترجمتين مختلفتين لقصيدة للوركا استلهم فيه قول السيد المسيح ( كل شجرة لا تثمر تقطع وترمى في النار )
الترجمة الأولى لعلى المك وجاءت كالآتي :
يا قاطع الأخشاب خلصني من العذاب فأنا شجرة بلا ثمار
فالشاعر يريد أن يقول أن حياته صارت بلا معنى لأنه فقد القدرة على العطاء فاستلهم قول السيد المسيح ليؤدى به هذا المعنى وقد فطن على المك إلى مراد الشاعر وعكسه في الترجمة .. أما المترجم الآخر فقد عجز عن إدراك المعنى الإيحائي الذي يرمى إليه الشاعر فجاءت ترجمته كالآتي :
يا قاطع الأخشاب خلصني من العذاب عذاب رؤية نفس مجدبة
_____________________________________
مهداه إلى أخي العزيز : عادل محمد عثمان ______________________________________ عبدالمنعم
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)
|
عجب الفيا لوركا يدعو للافتنان به وهو يقود الناس الى طرق الخلاص هنالك فلم باسمه ابحث عنه من تمثيل انديا غارسيا وعلى المك تقف عنده الكتابه انظر كيف كتب مدينة من تراب فى سن صغيرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)
|
الاخوان الاعزاء عادل زمراوى تماضر alin sentimental الجندرية شكرا ليكم جميعا لتجاوبكم مع البوست واسف لانو جات متاخرة شوية ............... عادل ،تماضر عندى ليكم كلام كتير داير اقوله لكن ما اسع بجيكم راجع تانى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)
|
و نحن فى مقام الحديث عن لوركا و الشعر و على المك ، اعيد نشر مقالة بديعة كتبها زميلنا البوردابى الموهوب خالد عويس العام الماضى ـــــــــــــــــــ
محاولات جديدة لاعادة مشهد اغتيال شاعر - لوركا.. الغجر عائدون - خالد عويس
علي الارض العارية، وفي تعرجات الجبال وحوافها المنحدرة، وقرب شواطئ الانهار، تدب قوافل الغجر في مسير لا يتوقف، مسير تتبين فيه معني الانعتاق من اي رابط بزمان او مكان، انها الحرية التي تلهب خيال فنان مثل لوركا، وفي حلبات مصارعة الثيران تدور رحي حرب بين قوة البدن وقوي الانسان الذي يقف علي حافة الموت، وهناك ايضا، في ارض اسبانيا ينتشي الناس بالفلامنكو، هناك في تلك الارض التي تستقبل موسيقي الغجر بنشوة حقيقية، وتخضب ارضها دماء الانسان الذي يتحدي الموت رافعا شارة التحدي الحمراء ، الارض التي تبدع الفلامنكو، وتورق الاقاحي، وتتفجر بكم هائل من التراث العميق، الذي اورث شعورا هائلا بالفن والجمال، هناك في تلك الارض، ولد فيدريركو غارثيا لوركا في 1898م. استوحي عوالمه الشعرية من الترانيم والحكايات القروية في ريف اسبانيا، ومن عوالم الغجر الغامضة ومن التشابك اللذيذ لجملة حضارات، كان كمعظم الفنانين، ثائرا متمردا علي الانماط التقليدية والسير في درب رسمه الاسلاف للحياة الآتية، هجر لوركا قاعات الدرس بجامعة غرناطة ليتجول في الشوارع، يلعب علي الغيتار ويصادق الشعراء ويحاول ان يؤلف للمسرح، ويجد في كل ذلك متعة لا تضاهي، وربما كان غارثيا لوركا كالاديب السوداني الراحل البروفسير علي المك، ميالا الي مخالطة البسطاء بل ومصادقتهم، فهو يري ــ كعلي المك ــ ابعادا انسانية غائرة، وحين مات احد اولئك الاصدقاء في حلبة مصارعة الثيران وهو اغناثيو ميخياس سانشيز كتب لوركا واحدة من اروع بكائياته وهي التي يبتدرها بالابيات: الموت منتصر في النهاية والثور وحده جذلان القلب! وربما كانت هذه المرثية من اكثر اعمال لوركا نضجا واحساسا فنيا وانسانيا صادقا، مبعثها العامل المأساوي لوفاة صديق جعله يحلق في سماوات فنية شفيفة: سيمر زمن طويل ليولد،، ان ولد اندلسي بهذا الصفاء، وهذا الغني في المغامرة ولعله من المفيد ان نستعرض بعض نماذجه الشعرية التي تؤكد تلاحم لوركا مع بيئته والحميمية الدافئة بينهما مما شكل عالما فنيا نابضا بين جوانحه، تتعدد فيه الصور والمشاهد الموحية:
وسأرحل بعيدا جدا ابعد من هذه التلال ابعد من هذه البحار وادنو من النجوم لأسأل يسوع ان يعيد لي روح طفولتي الغابرة نشوي بالاساطير والقبعة ذات الريش والسيف الخشبي
كلمة الاساطير في بيت لوركا لم تأت اعتباطا، انما اخذت موقعها بدقة متناهية بعد ان قرنها بروح طفولته التي تستدعي كماً هائلا من تصاوير تلك الفترة القبعة ذات الريش :
تتقلد الثيران جلاجل ضخمة من الفضة اين ترحلين يا صغيرتي يا بنت الشمس والثلج!
آه ان موضوع الثيران وحلبات المصارعة يبدو شيئا مثيرا وقابعا في ثنايا ذاكرته، ثم ما صلة الشمس والثلج! انها تلك البلاد التي تحيا علي تضاد غريب، ورغبة عارمة في رسم فسيفسائها علي نسق مغاير:
نهر الوادي الكبير ينساب بين اشجار البرتقال والليمون نهرا غرناطة ينحدران من الثلج الي القمح
ان لوركا، ينساب هو الآخر الي احضان الطبيعة الاسبانية، التي تشبه انثي حامية، جميلة، لكن لوركا لا يتذوق متعها الحسية فحسب، انما يستلهم من حسنها فنا يطرز به القناديل علي قبة سماوات شعره، وفي قصيدته الغيتار يتحدث عنه:
يبكي اشياء نائية رمال الجنوب الحار التي تسأل عن الزنابق البيض يبكي سهما بلا هدف امساء بلا اصباح واول عصفور مات علي غصن ايها الغيتار القلب جرحته سيوف خمسة
لوركا يفصح عن مكامن عميقة، واشياء تترابط ببعضها في ذاكرة المرء، عبر يقظة فنية تتبع كشوفات اخري، تعريف آخر لدغدغة الغيتار تهويمات وجدانية ونفسية تنثال من فضاء يصنعه هو، يثير اشياء يوقظها من سباتها، اندلاق صوته وهو يسكب روعته علي الاشياء ويفيض بحزن غامض، قصيدة اخري قرية تتجلي فيها روعة التصاوير والاوصاف المختزلة وهو طابع يميز لوركا :
علي الجبل الاجرد طريق الجلجلة ماء صاف وزيتونات عمرت القرون في الازمة رجال ذو معاطف وعلي الابراج تدور الطواحين تدور الي الابد ايتها القرية الضائعة في اندلس النحيب وفي رحلة يقول: مائة فارس في ثياب الحداد اين هم راحلون تحت واطئ سماء بيارة البرتقال؟ لن يصلوا لا إلي قرطبة ولا الي اشبيلية ولا الي غرناطة المتنهدة علي البحر هذه الجياد الغافية تمضي بهم الي متاهة المصلبات حيث ترتجف الاغنية ولا اعرف من اين يتولد الاحساس بتشابه مناخات لوركا مع عدد من مبدعي العراق في نجواهم وشكواهم وحزنهم الرقيق المتدفق من حميمية دجلة وتنهد الفرات ؟ الحزن الغامض الجارح الذي يتأمل الخاص برؤية العام، ويلوذ الي حضن ذاكرته حين يهم بالغناء!
جريدة (الزمان) العدد 1241 التاريخ 2002 - 6 - 22
| |
|
|
|
|
|
|
Re: على المك...ولوركا (Re: Adil Osman)
|
اخى عادل اسلوبك فى الكتابة ذكرنى طريقة على المك لكن دعنى الان احكى ليك موقف حصل لى قبل رحيله باسبوع او نحوه يوم جمعة كنت قاعد فى البيت بسمع فى الاذاعة،بعد نشرة الساعة العاشرة جاء برنامج شريط الذكريات الذى كان يقدمه المذيع المخضرم حمزة مصطفى الشفيع،رحمة الله عليه، قال المذيع فى اول البرنامج:نعيد اليوم هذه الحلقة مع البروفسير على المك بناء على رغبة المستمعين.وبدا على المك يتكلم عن ذكرياته فى وادى سيدنا ،وامدرمان وجامعة الخرطوم.وفعلا تذكرت اننى سمعت هذه الحلقة من قبل،ولكن قبل سنوات طويلة.فانتابنى شعور غريب بالقلق لم ارك كنه،وتساءلت بينى وبين نفسى لماذا الحديث عن الذكريات الان؟ وما علمت ان ذلك كان زاد الوداع فبعد اسبوع او عشرة ايام بالتحديد وفى نفس المكان الذى كنت اجلس فيه، سمعت نعى على المك فىالاذاعة
.......................
العزيزة تماضر سوف اتيك للتعليق على مداخلتك القيمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)
|
يا عجب الفيا ، أيها العبد المنعم
نحييك على هذا الدفق الإبداعي
قرطبة .. وحيدةٌ و بعيده
ذكرتني بصديقنا (دوكه) حيث كنا ننعته و نحن بالجامعة ب (لوركا) .. و قد أطلق هذا اللقب عليه الصديق الشاعر " عبد الناصر صالح شربل" .. الدنقلاوي وذلك لافتتانه بلوركا و (عرس الدم) و ما إلى ذلك
و علي المك ، عالم (لوركوي) لا مثيل له
وااااااااااااااااااااااصل يا حبيب
منوت الكثير بأصدقائه
| |
|
|
|
|
|
|
|