على المك...ولوركا

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 11:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة البروفسير على المك
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-15-2003, 05:18 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
على المك...ولوركا

    على المك ولوركا وترجمة الشعر

    علـــى المــك مغـرم بلوركــا غرامــه بامدرمان وصـوت ابــو داؤود . أذكر عندما كنا طلابا في قسم الترجمة بكلية الدراسات العليا بجامعة الخرطوم طلب منا ترجمة قصيدة قصيرة للشاعر الإسباني غارسيا لوركا من الإنجليزية إلى العربية - و بعد أن استمع إلى محاولاتنا المتواضعة في ترجمة القصيدة اعترض على ترجمة عبارة بعينها كنا قد ترجمناها بعبارة : ( من أجل ) وطلب منا استبدالها بعبارة أخرى لكننا لم نعثر على عبارة تحمل نفس المعنى .. ولما استفسرنا عن سبب رفضه لعبارة ( من أجل ) قال بطريقته المعهودة أن هذه العبارة لاكتها أجهزة الأعلام حتى صارت مستهلكة وباهته فتعجبنا من حساسيته اللغوية ولما عجزنـا عـن إيجـاد الـبديل لتلك العبـارة أقـترح علينـا ، أسـتعمال عبـارة ( بسبب ) بدلا عن ( من أجل ) ثم عرض علينا ترجمته النموذجية للقصيدة التي جاءت على النحو التاـلي :

    ما أعظمه من جهد
    أن اهواك كما أهواك
    ***
    بسبب هواك
    تعذبني الانسام وقلبي ..
    قبعتي تؤلمني
    ***
    من منى يبتاع وشاحي هذا
    وحزني ذاك وقد صيغ من الكتان الابيض
    كما يجعله مناديل

    وأذكر أنه بعد فترة من ذلك صادفتني ترجمة أخرى لهذه القصيدة لأحد المترجمين العرب وهالني الفرق الكبير بين الترجمتين .. فهذه الترجمة الأخيرة باهتـه وخالية من روح الشعر .

    وقد فتن على المك بشعر لوركا افتتانا عظيما وترجم له العديد من القصائد من اللغة الإنجليزية وأذكر أنني التقيت به في مكتبه بوحدة الترجمة والتعريب بجامعة الخرطوم قبل أسابيع قليلة من رحيله .. وقد أهداني نسخة لخمس قصائد مترجمة للوركا كان قد بعث بها لإحدى المجلات العربية . وقد دبج هذه القصائد بمقدمة رائعة عن لوركا تعبر عن مدى إعجابه وافتتانه بهذا الشاعر جاء فيها : " غارسيا لوركا هو شاعر العصر المقدم ، أنه الأندلس وهو أسبانيا ، هو النيلوفر ومصارعو الثيران والأزهار والفجيعة قرطبة وغرناطة واشبيلية مدن تتلألأ في الشمس وفي الظل ، والريح والدخان .. هو الفلامنجو ، وشعر الطبيعة .. لهذا كرهه الفاشيون لأنه يقود الناس إلى مواطن الجمال ، وإلى الحقيقة ، ولم يسمح له بأكثر من ثمان وثلاثين سـنة ، ولد عام 1898م ثم اعدموه في غرناطة في يوليو 1936م . وكانت تلك فاجعة الفواجع .. "

    وهذه واحدة من القصائد الخمس :

    أغنية ماء البحر

    البحر من بعيد يبتسم
    أسنانه زبد
    والشفاه من سماء
    ***
    وأنت يا فتاة كدرة المزاج
    نهداك صوب الريح
    ما بضاعتك ؟
    سيدي :
    أني أبيع ماء البحر
    ***
    وأنت أيها الأسمر الفتى
    ما الذي لديك بالدماء يمتزج ؟
    سيدي :
    ذاك ماء البحر ..
    ***


    وأنت يا أماه
    من أين تأتي دموع الملح ؟
    سيدي :
    إنما أبكى بماء البحر ..
    ويا قلب ، وأنت ، ثم هذا القبر
    من أين ينبع الأسى ؟
    اجاج ماء البحر ..
    ***
    البحر من بعيد يبتسم
    أسنانه زبد
    والشفاه من سماء

    أن ترجمة الشعر تعد من أصعب أنواع الترجمات فهي تختلف عن الترجمة الأخبارية والعلمية لأن الشعر لا تغنى فيه الإفادة وإيصال المعنى فقط .. فالمفردة الشعرية مقصودة في ذاتها ولذاتها وذلك بقدر ما تثيره في النفس من رؤى وظلال وتبعثه من إيحاءات فالشعر هو ما يثير فينا بفضل صياغته انفعالات وجدانية وأحاسيس جمالية .. لذلك لابد لمن يتصدى لترجمة الشعر أن ينقل إلينا الحالة الشعورية التي هي غاية الشعر وإلا فقدت الترجمة معناها .

    وهذا يتطلب بالطبع قدرة لغوية فذة وإحساس شعري مرهف ، ومعرفة بكيمياء الألفاظ والتراكيب اللغوية والنحوية مثل تقديم الخبر على المبتدأ وبناء الفعل للمجهول واستعمال الجملة الاسمية بدلا عن الفعلية والتفنن في استخدام أسماء الإشارة والموصول إلى غير ذلك من دقائق أسرار البلاغة .

    ولقد استطاع على المك بفضل ما يتمتع به من شفافية لغوية وذوق نقدي متميز واذن موسيقية مرهفة أن يقدم لنا ترجمات شعرية متميزة يمكن أن تشكل نماذج لما ينبغي أن تكون عليه ترجمة الشعر ..

    ولعل كتابه ( نماذج من الأدب الزنجي ) خير شاهد على ذلك حيث يضم هذا الكتاب تراجم رائعة لمختارات من أدب الزنوج الأمريكان في الشعر والقصة تحكي عن معاناة وتطلعات وأشواق الزنجي الأمريكي في الحرية والمساواة واسترداد كرامته المسلوبة ومن الأمثلة التي لا يزال صداها يتردد في أذني مقطوعة شعرية ترجمها على المك للشاعر الزنجي بول لورنس يقول فيها :

    الحياة كسرة خبز
    ومضجع بالحب يسمو

    وبالإضافة للحس اللغوي المرهف لابد للمترجم من أن يتسلح بمستوى عال من الثقافة والاطلاع حتى يتسنى له نقل البيئة الثقافية أو المناخ الثقافي الذي يتنفس فيه الشاعر ويمكن أن تتجلى لنا أهمية ذلك إذا قارنا بين ترجمتين مختلفتين لقصيدة للوركا استلهم فيه قول السيد المسيح ( كل شجرة لا تثمر تقطع وترمى في النار )

    الترجمة الأولى لعلى المك وجاءت كالآتي :

    يا قاطع الأخشاب
    خلصني من العذاب
    فأنا شجرة بلا ثمار



    فالشاعر يريد أن يقول أن حياته صارت بلا معنى لأنه فقد القدرة على العطاء فاستلهم قول السيد المسيح ليؤدى به هذا المعنى وقد فطن على المك إلى مراد الشاعر وعكسه في الترجمة .. أما المترجم الآخر فقد عجز عن إدراك المعنى الإيحائي الذي يرمى إليه الشاعر فجاءت ترجمته كالآتي :

    يا قاطع الأخشاب
    خلصني من العذاب
    عذاب رؤية نفس مجدبة

    _____________________________________

    مهداه إلى أخي العزيز : عادل محمد عثمان
    ______________________________________
    عبدالمنعم

                  

05-15-2003, 07:59 AM

zumrawi
<azumrawi
تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 3

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)

    عجب الفيا
    لوركا يدعو للافتنان به وهو يقود الناس الى طرق الخلاص
    هنالك فلم باسمه ابحث عنه من تمثيل انديا غارسيا
    وعلى المك تقف عنده الكتابه انظر كيف كتب مدينة من تراب فى سن صغيرة
                  

05-15-2003, 10:16 AM

alin


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)

    Agab Alfaya,
    يا سلام عليك... الف شكر علي البوست
    وين ممكن الواحديتحصل علي نسخه من اعمال دي
                  

05-15-2003, 10:32 AM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: alin)

    ومين ما يحبش لوركا وعلي المك
    عجب الفيا
    الف شكر
    احترامي العميق

    (عدل بواسطة الجندرية on 05-15-2003, 10:46 AM)

                  

05-15-2003, 08:44 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: الجندرية)

    و كان انتصار فريق المريخ على الهلال يعنى فطورآ مدنكلآ من السمك الشهى فى برندة وحدة الترجمة و التعريب. و هذا كان دأبه على المك، فهو قد عاش مريخابيآ و مات عليها ، يرحمه الله، البروف، كما كان يحلو لنا ان ندعوه فى سنتنا تلك التى تشرفنا فيها بالتتلمذ على يديه و زملائه الدكاترة البارعين: سعدية و هاشم الطاهر و عثمان النفيدى و حسن على عيسى . و كان يدعونا كلنا للفطور السخى، طلابآ و اساتذة و عمالآ و موظفين و غفراء، نتحلّق حول الشطة و الرغيف الطازج و السمك المحمّر و حول قفشاته و قهقهاته اللاتى يطردن الخوف و السأم

    و أذكر أننى عدت الى الجامعة لبعض شأنى عقب فراغى من دراسة الترجمة و نيلى الدبلوم، فقابلت د. هاشم الطاهر فى تلك الانحاء و حقّ الله بقّ الله سألته عن البروف، فقال لى " البروف راح امريكا. فمثله لا يستطيع أن يبقى عامآ كاملآ فى السودان دون الخروج الى العالم " و كانت تلك رحلته الأخيرة، قالوا مات فى عزّ مداولات المحفل الاكاديمى الذى ركب الخطر لحضوره


    **********

    صه، انت مسرف فى حبّ هذا النهر." هذه عبارة بليغة قالها على المك على لسان احدى شخصياته فى احدى قصصه، و قد قصدها حين قالها فقد كان مسرفآ فى حبّ النيل الأزرق و كتب عنه كلامآ يحفظه النهر الى يومنا هذا. و على ضفّة هذا النهر من جهة الخرطوم بحرى سمعت موظف تذاكر البص النهرى يقول لزميله: سمعت الخبر؟
    فى شنو؟
    قالوا على المك مات فى امريكا
    و أردف موظف التذاكر:
    يا داب اشترى ليهو بيت قبل ما يسافر

    و كان راديو صغير يرسل صوتآ اليفآ بالغناء، جعل البروف صاحب هذا الصوت صديق عمره و رفيق احزانه الى ان غيّبه الموت فى بحرى فى عام الطوارئ الشهير 1984 ، ابو داؤود. و كتب البروف عنه المرثيّة الشهيرة التى نشرتها دار النشر ـ جامعة الخرطوم

    *******

    تعرف يا عبد المنعم ، المبدعون لا يعيشون طويلآ ، ينطفئون قبل أن يكمل جازهم، كأنّهم كتب مستلفة، عاريّة، مختوم أوان ارجاعها ، فالسلفة قصيرة الأمد ، و لابدّ

    شكرآ على اهدائك اياى هذه المقالة البديعة، كانت ستعجب البروف ، و كان سيكون، فى الحقّ يكون الآن ، راضيآ أنّ دروسه لم تذهب سدى، و أنّ تلاميذه حافظون لجمايل الأسطى و المعلّم،

    رحمه الله

    على المك

    (عدل بواسطة Adil Osman on 05-18-2003, 06:42 AM)

                  

05-16-2003, 08:11 AM

sentimental


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)

    DEAR AGAB ALFEH,

    It seems that we are all in love with Lorca. Can I copy your topic to my post about lorca also...?
                  

05-16-2003, 08:41 AM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: sentimental)

    وانا كذلك يا عجب الفيا من المعجبين بلوركا وعلى المك

    لفت نظرى فى البوست حديثك عن ترجمة الشعر

    واعقب على وجهة نظرك واقول انه ترجمة الشعر حالة شعرية فى حد ذاتها ،

    يعيش فيها المترجم حالة الشاعر والخدر اللذيذ الذى يقف بين العقل والاحساس بالكلمات
    بين الصنعة اللغوية وبين المهج العاطفية المصاحبة للشعر

    وعادل صديقك هذا ، هو اول ما انضم للمنتدى، ترجم قصيدة كتبتها هنا لفراق امى


    Tumadir in English


    وقد اعلنت اندهاشى من عمق الشعور الذى عاشه كمترجم فى التوحد مع الحالة الكتابية للشعر ، وليس لترجمته فقط


    وعندى كلمة احب اقولها، زى ما بقول الفنان:

    هل ترون معى ان ترجمة الشعر الغربى ، زادت من حصيلة واثرت الشعر العربى نفسو؟؟

    فالشاعر الغربى بطبيعة الحال اكثر حرية ، داخليه ، ولا يجد مانعا من ان يطرق اى فكرة ، نسبة لانتمائه لعالم حر


    حتى ان شعراء المهجر امثال جبران خليل جبران وايليا ابوماضى ، اضافوا الى الشعر العربى طابعا من الانفتاح نحو المعاتى الجريئة

    مع ان الشعر العربى تميز بسحره وغموضه وحسن الفاظه
    فكان شعرهم جسرا بين الحضارات وكأن
    العالم فى حاجة ماسة لان ينفتح على بعضه البعض، من خلال الفن، وهو بالطبع عاملا حيويا لاثراء التجربة الانسانية

    لاحظت ان موجة الشعر الحديث هنا فى امريكا ، تتطلب من الشعراء استلاف الصور والاخيلة الشعرية من الثقافات القديمة كالهند واليابان و ويتجولون فى عالم الهنود الحمر الفلكلورى الغنى بالطقوس ، والغريب ان الشعر الامريكى صار لا يختشى من ابراز بصمات

    الحضارة العربية بسحرهاوانغلاقها على نفسها ايضا ، بعد الحروب الاخيرة

    ما اكون بوظت ليكم الموضوع، بس شيق وجميل وانا من المعجبين بطرحك للموضوعات الجادة والهادفة يا عجب الفيا

    (عدل بواسطة Tumadir on 05-16-2003, 08:43 AM)

                  

05-17-2003, 05:33 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)

    الاخوان الاعزاء
    عادل
    زمراوى
    تماضر
    alin
    sentimental
    الجندرية
    شكرا ليكم جميعا لتجاوبكم مع البوست
    واسف لانو جات متاخرة شوية
    ...............
    عادل ،تماضر
    عندى ليكم كلام كتير داير اقوله
    لكن ما اسع بجيكم راجع تانى
                  

05-18-2003, 06:50 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)

    و نحن فى مقام الحديث عن لوركا و الشعر و على المك ، اعيد نشر مقالة بديعة كتبها زميلنا البوردابى الموهوب خالد عويس العام الماضى
    ـــــــــــــــــــ



    محاولات جديدة لاعادة مشهد اغتيال شاعر - لوركا.. الغجر عائدون - خالد عويس


    علي الارض العارية، وفي تعرجات الجبال وحوافها المنحدرة، وقرب شواطئ الانهار، تدب قوافل الغجر في مسير لا يتوقف، مسير تتبين فيه معني الانعتاق من اي رابط بزمان او مكان، انها الحرية التي تلهب خيال فنان مثل لوركا، وفي حلبات مصارعة الثيران تدور رحي حرب بين قوة البدن وقوي الانسان الذي يقف علي حافة الموت، وهناك ايضا، في ارض اسبانيا ينتشي الناس بالفلامنكو، هناك في تلك الارض التي تستقبل موسيقي الغجر بنشوة حقيقية، وتخضب ارضها دماء الانسان الذي يتحدي الموت رافعا شارة التحدي الحمراء ، الارض التي تبدع الفلامنكو، وتورق الاقاحي، وتتفجر بكم هائل من التراث العميق، الذي اورث شعورا هائلا بالفن والجمال، هناك في تلك الارض، ولد فيدريركو غارثيا لوركا في 1898م.
    استوحي عوالمه الشعرية من الترانيم والحكايات القروية في ريف اسبانيا، ومن عوالم الغجر الغامضة ومن التشابك اللذيذ لجملة حضارات، كان كمعظم الفنانين، ثائرا متمردا علي الانماط التقليدية والسير في درب رسمه الاسلاف للحياة الآتية، هجر لوركا قاعات الدرس بجامعة غرناطة ليتجول في الشوارع، يلعب علي الغيتار ويصادق الشعراء ويحاول ان يؤلف للمسرح، ويجد في كل ذلك متعة لا تضاهي، وربما كان غارثيا لوركا كالاديب السوداني الراحل البروفسير علي المك، ميالا الي مخالطة البسطاء بل ومصادقتهم، فهو يري ــ كعلي المك ــ ابعادا انسانية غائرة، وحين مات احد اولئك الاصدقاء في حلبة مصارعة الثيران وهو اغناثيو ميخياس سانشيز كتب لوركا واحدة من اروع بكائياته وهي التي يبتدرها بالابيات:
    الموت منتصر في النهاية
    والثور وحده جذلان القلب!
    وربما كانت هذه المرثية من اكثر اعمال لوركا نضجا واحساسا فنيا وانسانيا صادقا، مبعثها العامل المأساوي لوفاة صديق جعله يحلق في سماوات فنية شفيفة:
    سيمر زمن طويل ليولد،، ان ولد
    اندلسي بهذا الصفاء، وهذا الغني في المغامرة
    ولعله من المفيد ان نستعرض بعض نماذجه الشعرية التي تؤكد تلاحم لوركا مع بيئته والحميمية الدافئة بينهما مما شكل عالما فنيا نابضا بين جوانحه، تتعدد فيه الصور والمشاهد الموحية:

    وسأرحل بعيدا جدا
    ابعد من هذه التلال
    ابعد من هذه البحار
    وادنو من النجوم
    لأسأل يسوع
    ان يعيد لي روح طفولتي الغابرة
    نشوي بالاساطير
    والقبعة ذات الريش
    والسيف الخشبي

    كلمة الاساطير في بيت لوركا لم تأت اعتباطا، انما اخذت موقعها بدقة متناهية بعد ان قرنها بروح طفولته التي تستدعي كماً هائلا من تصاوير تلك الفترة القبعة ذات الريش :

    تتقلد الثيران
    جلاجل ضخمة من الفضة
    اين ترحلين يا صغيرتي
    يا بنت الشمس والثلج!

    آه ان موضوع الثيران وحلبات المصارعة يبدو شيئا مثيرا وقابعا في ثنايا ذاكرته، ثم ما صلة الشمس والثلج! انها تلك البلاد التي تحيا علي تضاد غريب، ورغبة عارمة في رسم فسيفسائها علي نسق مغاير:

    نهر الوادي الكبير
    ينساب بين اشجار البرتقال والليمون
    نهرا غرناطة
    ينحدران من الثلج الي القمح

    ان لوركا، ينساب هو الآخر الي احضان الطبيعة الاسبانية، التي تشبه انثي حامية، جميلة، لكن لوركا لا يتذوق متعها الحسية فحسب، انما يستلهم من حسنها فنا يطرز به القناديل علي قبة سماوات شعره، وفي قصيدته الغيتار يتحدث عنه:

    يبكي اشياء نائية
    رمال الجنوب الحار
    التي تسأل عن الزنابق البيض
    يبكي سهما بلا هدف
    امساء بلا اصباح
    واول عصفور مات
    علي غصن
    ايها الغيتار
    القلب جرحته
    سيوف خمسة

    لوركا يفصح عن مكامن عميقة، واشياء تترابط ببعضها في ذاكرة المرء، عبر يقظة فنية تتبع كشوفات اخري، تعريف آخر لدغدغة الغيتار تهويمات وجدانية ونفسية تنثال من فضاء يصنعه هو، يثير اشياء يوقظها من سباتها، اندلاق صوته وهو يسكب روعته علي الاشياء ويفيض بحزن غامض، قصيدة اخري قرية تتجلي فيها روعة التصاوير والاوصاف المختزلة وهو طابع يميز لوركا :

    علي الجبل الاجرد
    طريق الجلجلة
    ماء صاف
    وزيتونات عمرت القرون
    في الازمة رجال ذو معاطف
    وعلي الابراج
    تدور الطواحين
    تدور الي الابد
    ايتها القرية الضائعة
    في اندلس النحيب
    وفي رحلة يقول:
    مائة فارس في ثياب الحداد
    اين هم راحلون
    تحت واطئ سماء
    بيارة البرتقال؟
    لن يصلوا
    لا إلي قرطبة ولا الي اشبيلية
    ولا الي غرناطة المتنهدة علي البحر
    هذه الجياد الغافية
    تمضي بهم
    الي متاهة المصلبات
    حيث ترتجف الاغنية
    ولا اعرف من اين يتولد الاحساس بتشابه مناخات لوركا مع عدد من مبدعي العراق في نجواهم وشكواهم وحزنهم الرقيق المتدفق من حميمية دجلة وتنهد الفرات ؟ الحزن الغامض الجارح الذي يتأمل الخاص برؤية العام، ويلوذ الي حضن ذاكرته حين يهم بالغناء!

    جريدة (الزمان) العدد 1241 التاريخ 2002 - 6 - 22

                  

05-18-2003, 02:51 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Adil Osman)

    اخى عادل
    اسلوبك فى الكتابة ذكرنى طريقة على المك
    لكن دعنى الان احكى ليك موقف حصل لى قبل رحيله باسبوع او نحوه
    يوم جمعة كنت قاعد فى البيت بسمع فى الاذاعة،بعد نشرة الساعة العاشرة جاء برنامج شريط الذكريات الذى كان يقدمه المذيع المخضرم حمزة مصطفى الشفيع،رحمة الله عليه،
    قال المذيع فى اول البرنامج:نعيد اليوم هذه الحلقة مع البروفسير على المك بناء على رغبة المستمعين.وبدا على المك يتكلم عن ذكرياته فى وادى سيدنا ،وامدرمان وجامعة الخرطوم.وفعلا تذكرت اننى سمعت هذه الحلقة من قبل،ولكن قبل سنوات طويلة.فانتابنى شعور غريب بالقلق لم ارك كنه،وتساءلت بينى وبين نفسى لماذا الحديث عن الذكريات الان؟
    وما علمت ان ذلك كان زاد الوداع
    فبعد اسبوع او عشرة ايام بالتحديد وفى نفس المكان الذى كنت اجلس فيه، سمعت نعى على المك فىالاذاعة


    .......................

    العزيزة تماضر
    سوف اتيك للتعليق على مداخلتك القيمة
                  

05-19-2003, 04:55 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)

    ملاحظة ذكية جدا يا تماضر
    فعلا ترجمة الشعر الغربى اثرت الشعر العربى
    ليس هذا فحسب ،بل اننى اذهب ابعد من ذلك واقول
    اننا صرنا نكتب شعرا غربيا بلغة عربية؟



    كما ان الترجمة سهلت كثيرا على الشاعر العربى
    التخلص من قيود الوزن والقافية
    ساهمت فى تسرييع تقبل الاذن العربية للشعر الحديث

    قصيدتك التى كتبتيها لامك للاسف لم اطلع عليها
    ويا ريت ولو اديتنى عنوان البوست عشان اشوفها
    فى الارشيف
    طبعا اخونا عادل معروف من زمان انو زول
    very brilliant
    ربنا يديه العافية

    ..................
    الاخ خالد عويس
    بجيك راجع

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 05-19-2003, 05:42 AM)

                  

05-19-2003, 09:36 AM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)

    http://nilenet.8k.com/newnilenet/tamador.htm


    ى اللينك بتاعتها بالعربى

    اما الترجمة فغلبنى الزقها ، رفت ليك البوست

    وكلمتك عن فوز القصيدة بميدالية شكسبير للشعر

    احم احم
                  

05-19-2003, 05:11 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Tumadir)

    شكرا تماضر
    وصلت
    وعادل ما قصر
    رفع لى النص المترجم
    ولنا عودة
                  

05-19-2003, 07:45 PM

منوت
<aمنوت
تاريخ التسجيل: 03-18-2002
مجموع المشاركات: 2641

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: Agab Alfaya)

    يا عجب الفيا ، أيها العبد المنعم


    نحييك على هذا الدفق الإبداعي


    قرطبة .. وحيدةٌ و بعيده



    ذكرتني بصديقنا (دوكه) حيث كنا ننعته و نحن بالجامعة ب (لوركا) .. و قد أطلق هذا اللقب عليه الصديق الشاعر " عبد الناصر صالح شربل" .. الدنقلاوي وذلك لافتتانه بلوركا و (عرس الدم) و ما إلى ذلك


    و علي المك ، عالم (لوركوي) لا مثيل له


    وااااااااااااااااااااااصل يا حبيب



    منوت الكثير بأصدقائه
                  

05-20-2003, 07:23 AM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: على المك...ولوركا (Re: منوت)

    وزى ما قال منوت

    واصل يا

    استاذ
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de