|
بعض قفشات على المك
|
كان - يرحمه الله - (حكواتيا ) جيدا , وهو ما يبين فى كونه كاتب قصه قصيرة من الطراز الأول , يهضم الحكاوى البسيطة والتى يكون قد سمعها للتو من امام بقالة او جزارة , يلتقطها كان من أفواه كثير من مريديه وأصدقائه البسطاء فيترجمها بعد ان يصقل لغتها الى أدب يدب ويمشى بين الناس , وكان عليه الرحمة ذواقة للنكتة وللقفشة و يبحث تجده عن أطاييبها من بين مجتمع امدرمان والعاصمة المثلثة , فيعيد صياغاتها بطريقته الخلابة الآسرة , فتجدها موزعة من جديد بين امسيات المدينة وصباحاتها , وان لم اكن مبالغا فهو كان دارا أخرى لنشر وتوزيع قفشات ظرفاء امدرمان والعاصمة والذين كان اولهم بالطبع صديقه عبدالعزيز داؤو وملحه الباسمه .. تحضرنى بهذه المناسبة اربعه حكايات كثيرا ما أعدت روايتها
الاولى حكاها استاذنا محمد وردى وكانت ذكرى الراحل تطوف بين الدردشة , فقد قال أن عليا كان فى الاصل لايميل كثيرا الى غناء وردى , وحدث أن تحصل على المك على قصيدة الطير المهاجر من صلاح احمد ابراهيم ليبر بها عثمان حسين الذى يرتاح كثيرا لصوته , فيما بعد تحصل وردى على نص القصيده التى كانت منشوره بمجلة الاذاعه والمسرح وقتها فبدأ فورا فى تلحينها دون ان يدرى من امر عثمان حسين شيئا .. عندما علم على المك بأمر ذلك غضب واكد ان وردى لن يقدر عليها .. اول مره يغنى فيها وردى الاغنيه كانت فى حفل عام بالمسرح القومى بامدرمان , ساعتها كان على المك جالسا تحت مقص حلاق صديقه بسوق امدرمان , وكان مذياع المحل ينقل الحفل الساهر حيا كعادة تلك السنوات , ثم بدأ وردى فى آداء الاغنيه الجديده وعلى( راخى اضانو) , ثم واصل وردى فى الآداء حتى حين أتى لمقطع ( وتلقى فيها النيل بيلمع فى الظلام زى سيف مجوهر ) , وكان المقطع كما هو معروف يحتشد بكميه من ( المزازيك ) لم يتمالك على المك فانجذب مع اللحن وهو يتمايل طربا تحت مقص الحلاق الذى أحس بهتزاز المقعد فقال لعلى وهو لا يعلم اسباب الاهتزاز : - خليك عادى يا استاذ , .. يا استاذ ماتهز الكرسى عشان اعرف اشتغل , وعندما كرر رجاءاته لعلى المك رد عيه استاذنا عليه الرحمة قائلا :- كرسيك خليتو .. لكين أمسكو من مزازيك البربرى دى , ومن يومها -يقول وردى ان على المك اصبح من اعز اصدقاء وردى ومعجبيه
الثانيه يحكيها على نفسه عن صديقه ابوداؤد الذى يجيد الغناء على ضربات اصابعه على علبة الكبريت , وقد حدث كما يقول على المك ( كنت جالسا وحدى بدار اتحاد الفنانين , جاء عبدالله عربى العازف يبحث عن عبدالعزيز , سألنى فقلت له ان عبدالعزيز سافر الى عطبره قال عربى : - لكين انا شايف برعى موجود واكرت والخواض وبشير وانا برضو ماكلمنى , السافر معاهو منو ؟ فرد عليه على المك قائلا ( غير ليكم و قال ماعايز عازفين .. اشترى كروسة كبريت من دكان اليمانى وسافر ) !ة
الثالثه أحكيها انا , حيث التقيته ايام انتفاضة ابريل المجيده ومواكب الشعب مازالت تهدر فى الشوارع وعبق اكتوبر يفوح من جنبات العاصمه , فحكى لى - وكانت مظاهره ضخمه تمر أمامنا - أنهم فى فترة الدراسة الثانويه سنوات الاستعمار كانوا يخرجون من مدرسة وادى سيدنا الثانويه فى مظاهره ضخمه وهم يهتفون ضد الأستعمار ويطالبون بالاستقلال , وحكى كيف أن المظاهره كانت تأخذ طريقها الى داخل أم درمان , وعندما تصل الى حى مكى ودعروسه عند تقاطع شارع ابروف مع شارع السوق كان الناس يتجمهرون وهم يتابعون سير المظاهره وهتافاتها بمشاعر من الاعجاب والفخر والامتنان , وقال ان الطلاب عندما كانوا يرددون هتاف تلك السنوات والذى كان شائعا ( نحنا نموت ويحيا الشعب ) كان بعض ( خبثاء ) أم درمان وصعاليكها الذين بقفون على الرصيف وهم يتأملون الطلاب يردون بتهكم وهم يتأوهون ( بريه الطلبه .. يموت الشعب )! ة
الرابعه كنت فى طريقى اليه بمكتبه بدار النشر فى امر ما وكان معى احد الاصدقاء من طلاب الاقتصاد بجامعة الخرطوم ,والذى كان على درايه بكل ما يحيط من مكاتب ومنشئات فى تلك المنطقه , وتصادف ان شار الى احد المكاتب قائلا لى ان هذا هو المكتب الجديد لجمال عبد الملك ( ابن خلدون ) , وعندما دلفنا الى مكتب الراحل على المك وجدنا معه وللصدفه العجيبه الاستاذ ابن خلدون جالسا , وبعد ان قضينا أغراضنا طلبت انا من ابن خلدون ان يجهز لى نفس الموضوع الذى بصدده حضرنا الى على المك , فأراد ابن خلدون ان يعطينا عنوان مكتبه الجديد فعرفه صديقى بأن المكتب معلوم بالنسبة لنا , اندهش ابن خلدون حيث لم تمر سوى ساعات من انتقاله للمكتب الجديد فالتفت ينظر بحيرة لعلى المك الذى رد عليه قائلا : -( بتعاين لى مالك ؟! , ياخوى ديل جيل لمن تنتهى مايو دى حايجوا شايلين ليكم سيطان عنج .. والله لو دخلت فى بطن امك يصلوك )! ة
..........................
(عدل بواسطة حسن الجزولي on 10-11-2003, 01:28 AM)
|
|
|
|
|
|