تأوهات بندقيَّة إنسانيَّة.....إدوارد أ.ليون

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 11:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-15-2002, 02:24 PM

GamarBoBa
<aGamarBoBa
تاريخ التسجيل: 03-07-2002
مجموع المشاركات: 4985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تأوهات بندقيَّة إنسانيَّة.....إدوارد أ.ليون

    تأوهات بندقيَّة إنسانيَّة
    إدوارد أ. ليون

    مقدمة لملحمة شعريَّة باللغة الإنجليزيَّة عنوانها Sighs of a humanitarian gun

    ستقوم كوش الجدبدة بنشر الملحمة بعنوانها الأسبق "خرطوم الجبهة القوميَّة الإسلاميَّة" فى " منتدى الشعراء" حلقات متتاليَّة نظراً لطولها.



    يقول إدوارد لينو أنه " يتوقع نقداً بناءً كثيراً...! وبالطبع سيكون ذلك أمراً طيباً ورائعاً...! أتوقع أيضاً إهانات حادة، وشتائم تهز العقول، وإدانات تجريميَّة، ولعنات وتشويه للسمعة، تلك هى آخر ما أهتم به. اننى أتوجه فى الأساس الى الجنس البشرى من داخل حفرة مظلمة فى زنزانة قاتمة فى سجن بلا ضوء وبلا مستقبل...!"

    من ثمَّ ترحب كوش الجديدة بكل نقد بناء أو مناقشة موضوعيَّة وتعد بنشر ما يصل اليها تطويراً للحوار حول آقاق سودان واحد وطن للجميع.


    يؤمن الترابيون إيماناً مطلقاً، أنه وقبل المجئ العربى الى وادى النيل (القرن السابع الميلادى)، كانت "بلاد السودان"، حرفياً أرض السود، مزرعة وثنيَّة داكنة للأرقاء، مخازن أو معارض، تاريخياً خاوية ثقافياً...! حاملين على أكتافهم الواجب التاريخى "لتقرير مصير" السودان، "مساحة وهبها الله" لا بدَّ من "تنقيتها وتطهيرها" بحيث تضحى "بلداً عربياً مسلماً بلا نزاع"، يقايسون السياسات، يستولون على الأدوات، والتكتيكات، والتمويل المطلوب لإنجاز عمليَّة "التعريب" و "الأسلمة" التى تمَّ تبنيها، وتمت "فلسفتها"، وغلفت برداء الدين...! ذلك تحديداً ما يشير اليه الترابيون "بالتوجه الحضارى"، فلسفة ثقافيَّة ودينيَّة آحاديَّة ملفقة لتحويل السودان الى جبهة أماميَّة "دولة عربية إسلاميَّة رائدة"، مفوضة كلياً من الله لنشر رسالته المقدسة على إمتداد العالم وباستخدام القوة "الجهاد" اذا ومتى ما كان ضرورياً.

    بالنسبة للترابيين والعرب السودانيين من ذوى النزعة الشوفينيَّة، فإن مستقبل "العرب والعروبة" فى السودان يمكن تأمينه فقط بنفى كل الذين لا يشاركونهم مخططاتهم الشيطانيَّة العنصريَّة التزعة...! الصحوة الإسلاميَّة التى أعد طبختها الصادق المهدى، قد تختلف قليلاً "تكتيكياً" لكنها لا تختلف من حيث "المحتوى" مع الترابيين حول سياسة " تمثل الجنوب"...! إنه، صادق المهدى، يعد الجنوبيين "أهل عهد"، أناس لا بدَّ من التعامل معهم وفق إتفاق أو بقط محدد...! بكلمات أخرى، أناس من "درجة أدنى" دون أهليَّة للتماثل فى سودان مسلم-عربى...! يحتمل، مثل ما دون فى عام 643 فيما عرف باتفاق البقط بين والى مصر المسلم عبدالله بن أبى السرح وبين عظيم النوبة ملك مملكة دنقلا المسيحيَّة، بعد هزيمة الأول فى معارك متلاحقة من قبل السود "رماة الحدق"...! فإنه، الصادق المهدى، الذى يجرى فى شرايينه الدم الدنقلاوى، والشلكاوى، والفوراوى، واحد من القلة الحسيرة الذين "يصلون" ليتديلز الدم السودانى ويستبدل "بدم عربى إسلامى"...! هذه ببساطة المأساة التى خلقها الشوفينيون، والتى يدعو لها الزيلوت المتعصبون، المدعومون من قبل المتملقين، وهى المأساة التى ينفذها الترابيون وأترابهم...! الترابيون، والشوفينيون، والحلفاء والأتراب، باطالتهم حرب السيطرة على مدى خمسة وثلاثون عاماً داميَّة، يقولون بكامل الوضوح للجنس البشرى، أنهم ملزمون "بعقد الهى" ألزمهم به الله، وفوضهم "العالم العربى" بتقرير مصير السودان "لإستئصال" البشر الذين لا يتعلقون أو لا يؤيدون "مشروعهم المقدس"...! أننى لأتعجب، إذا ما كانت الولايات المتحدة الأمريكيَّة ستصبح أكثر قوة ديمقراطياً فى حالة إعلانها فيدراليَّة أنجلو-ساكسونيَّة بروتستانتيَّة أو، فلنقل أن تصبح أفغانستان جمهوريَّة اسلاميَّة أصوليَّة مستقرة فى حالة إنضمامها لجامعة الدول العربيَّة...!

    إن د.الترابى والسيد الصادق، هما الإثنان أبرز المفكرين الإسلاميين السودانيين الموجهين لعمليَّة التعريب والأسلمة القسريَّة...! كلاهما أخوان فى القانون وكلاهما خارجان عن القانون both are in-laws and both are the out-laws وتسترا على صندوق البندورة وفتحاه، وأطلقا عاصفة الأصولية السياسوإسلامويَّة الرمليَّة الخانقة الحاليَّة وأدخلا جن الردة العنصريَّة مع الدين فى تضارب...! كلاهما عمق هوة الكراهيَّة والحقد بين العديد من القبائل وفى داخل كل منها، والقوميات والجماعات...! كلاهما وضع خطة زرع الشكوك، وعدم الثقة، وعقدة الدونيَّة فى عقول كثيرة التى كان من الممكن أن تتطور فى سلام وتآلف...! بالتالى عندما تعانق الأخوان فى القانون قلب لقلب فى تفاهم وصداقة وسط الزغاريد فى جنيف، "ما هو الأمثل، والأكثر سريَّة، والأسلوب الأكثر سرعة لكسب الحرب بحقن سم العداء الداخلى المميت فى شرايين التجمع الوطنى الديمقراطى المعارض، ووضع "حلق-الأذن بالنسب المئويَّة لتقسيم الأسلاب والغنائم فى أعقاب إنتصارهما العظيم"، كان ولا زال هذا مشروع أجندتهما...! إن عمليَّة "الهدايَّة" السياسيَّة، كسب حلفاء، وأصدقاء، ومتعاطفين جدد وشق طريقهم الى الأمام، هو "أمر محسوب جيداً، ومؤطر مفهومياً، ومبرر" فى إطار ما يسميه الترابى "فقه الضرورة"...! صورة منقولة عن الفلسفة الميكافبليَّة التى تصور السياسة لعبة قذرة تبرر فيها الغايَّة الوسيلة...! وفرَّ هذا المدخل للترابيين دائماً "المرونة" و"الإنسيابيَّة" المطلوبة لتبرير خططهم وأفعالهم "بعيداً عن القرآن الكريم" الذى يدّعون تمسكهم به بإصرار...!

    الطمع الأعمى لتحويل مجمل القارة الى فكرهم، (نموذج آخر للزحف الروحى على القارة) ما عاد سراً...! إنه طمع حى ترنيمةً تعيش فى وسائل الإعلام من خلال المجاهدين، ومنافقى النظام ويدعو لها عملاء الخرطوم، لمد السيطرة على أقطار ومناطق يتصورون أنها تمثل فراغاً دينياً أو ثقافياً: يوغندا، وكينيا، وارتريا، واثيوبيا، وتشاد، ونيجريا، وملاوى، ورواندا، ومصر، والنيجر، وليبيا، ومالى، والجزائر، وتونس، والصومال، ودجيبوتى، وجزر كومورو، وبالطبع رأس الرجاء الصالح فى نهاية المطاف، قبل نهاية الربع الأول من القرن الحادى والعشرين...! بالطبع فإن أى عقل متزن مهموم بالمشاكل الحقيقيَّة الملموسة وبالتحديات العاجلة، سيزيح جانباً مثل هذه الخطة بوصفها "حلم مستحيل أن بصبح حقيقة"، "نفايَّة"، وذلك بالتحديد نوع الضباب الذى يحتاجه الترابيون لتغطيَّة تحركاتهم...! واحدة من أكبر الأكاذيب التى تروج لها الأحزاب السياسيَّة ذات التوجه السياسوإسلاموى الأصولى فى البلدان الديمقراطيَّة متعددة الأحزاب، أسلوب الهواة الذين يريقون فيه الدموع من أجل الديمقراطيَّة التى لا يؤمنون بها أبداً...! هناك يوجد أكثر من عش-حمامة فى عقولهم، وأهدافهم، ورؤاهم النهائيَّة التى لا بدَّ من وضعها فيها...! إنَّ الصيحة من أجل الديمقراطيَّة ليست سوى تمرين تكتيكى لضمان حرية الحركة والعمل بحرية، حتى يضع "الله" سلطان السلطة فى أيديهم"...! أعود الى أبيى فى طفولتى، واستطيع أن أتذكر عن بعد ما قاله لى بالتحديد عمنا الراحل بيونج مادنج، أنه عندما لا يجد الفأر الجوعان طعاماً والذى يشتمه فى الشخص، فإنه ينفث هواءً مخدراً فى ذلك الجزء من الجسم ليخدر الضحيَّة...! "يا بنى، دائماً أغسل يديك وقدميك قبل أن تذهب للنوم"...! هذا الى حد بعيد التكتيك الذى يتبعه الفئران الأصوليون السياسوإسلامويون المدربون جيداً...! بالطبع كم من الأيدى الصديقة التى عضتها أسنان الترابيين فى مصر، وليبيا، واثيوبيا، ويوغندا، وارتريا بل حتى روسيا...!

    حتى الآن هناك عائق "صغير-كبير" يسد الطريق أمام ذلك الإندفاع الخيالى الأصولى. يتمثل العائق فى الحركة الشعبيَّة/ الجيش الشعبى لتحرير السودان وحلفاء المقاومة فى التجمع الوطنى الديمقراطى، الذين يؤلفون رأس الرمح فى نضال الشعب السودانى الطامح الى سودان ديمقراطى سلمى جديد...! على كل فإن النظام فى السودان، فى سعيه لتعزيز تأثيره وسيطرته على القارة، قد تبنى عدداً من السياسات الشوفينيَّة لتطوير أهدافه بمحاولة إستغلال عدم الإستقرار، والفقر، والجهل المفرط للغايَّة فى العديد من الأقطار الأفريقيَّة...! واقع لا يمثل السودان، المشهود له بسلسلة من المجاعات المدمرة والموت، ضحيَّة أفضل بحال من الأحوال، إن لم يكن الأسوأ فى القارة...! الشوفينيَّة، والإنتهازيَّة، والجشع، وإنعدام المتابعة وغياب المسئوليَّة، يغرى كل ذلك الأصوليين ويشجعهم على التمادى فى تطبيق مثل هذه الخطط المدمرة التى لا مستقبل لها، كما عندما يدعى طبيب مريض فى فراشه، فى مستشفى سئ التأهيل، قدرته على معالجة كل المرضى الآخرين فى عنبر لا شئ فيه...!

    اليوم فإن عدداً من وكالات الغوث والإعانة الإنسانيَّة السودانيَّة السياسوإسلاميَّة، المدارة من قبل كوادر سياسيَّة جيدة الإعداد، مدعومة وممولة من أصوليين إسلاميين "خيرين" من مختلف أرجاء العالم، تعمل فيما لا يقل عن عشرين دولة أفريقيَّة منتقاة فى مجالات التبشير الدينى، والصحة، والإمداد بالطعام، ومشاريع المياه، والتعليم، والتدريب المهنى، فى الوقت الذى لم تقدم فيه أصبعاً واحداً لاولئك الذين بعانون فى جنوب السودان، وجبال النوبة، وجنوب النيل الأزرق، ومنطقة كسلا، ولا لاولئك المواطنين المُرّحلين من دارفور هرباً من الميليشيات العنصريَّة ممن يسمون أنفسهم "إتحاد القبائل السودانيَّة العربيَّة" المدعوم من قبل الحكومة...! الالاف من المشردين عن ديارهم من الزغاوة، والداجو، والمساليت، والميدوب، والفور وغيرهم، والتى أحيلت قراهم الى رماد وسلبت وسائل معيشتهم، ونهبت ودمرت، بحسبان ذلك من سياسة الدولة، ويقسرون حالياً الى الهجرة الى تشاد ليحل محلهم مستوطنون جدد (القبائل العربيَّة) واضعين أيديهم على الأراضى والممتلكات، فى عمليَّة تعمق الكراهيَّة والصراعات الدمويَّة بين الناس الذين عاشوا وتزاوجوا فى تآخى لأكثر من قرنين من الزمان...! فى هذا الوقت تقدم وكالات الإغاثة الترابيَّة العون الإنسانى لبلدان مثل الشيشان، والبوسنا، وأفغانستان، وبعض البلدان الأفريقيَّة عبر لجان ومؤسسات مختارة بعنايَّة، بطريقة يتم معها إستبعاد غير المسلمين، يجمعون أموالاً طائلة ومواد إغاثة هائلة غير معلنة من البلدان العربيَّة والإسلاميَّة للكوارث الطارئة على أسس دائمة لمناطق يحددون أسبقيتها على الأوراق، لكنها تنهب وتحول وجهتها من قبل كوادر حزب الجبهة الإسلاميَّة والمجاهدين. ويقوم نظام الخرطوم بالقاء القنابل على مراكز الإغاثة (بما فى ذلك مراكز الإغاثة التابعة للأمم المتحدة) والمستشفيات، والمدارس، وحظائر المواشى، والأسواق المحليَّة فى جنوب السودان، وجبال النوبة، والنيل الأزرق وتلال البحر الأحمر، بالإضافة الى التسليح، والتدريب، وإدارة عمليات إختطاف النساء والأطفال ورعايتها لبيعهم بأزهد من سعر الأغنام...! يالها من أخلاقيات، أى نوع من أعمال الإحسان، حين يتم إرتكاب مثل هذه الأفعال باسم الله عبر "جهاد" مسيس وتحت شعار حماية "البوابة الجنوبيَّة" للعالم العربى، والدفاع عن مصادر مياه النيل العربيَّة...! من هو "المتهم" فى وادى النيل الذى لا يعرف أو يدرك الحق غير القابل للتحويل لشعوب الوادى فى مياه النيل..!؟

    على مدى خمسة عقود صُورّ السودانيون غير العرب والسودانيون الوطنيون، الذين يرون الحكمة فى الدعوة الى وحدة موضوعيَّة قائمة على الحقائق الملموسة غير القابلة للتحويل التى تميز السودان، "خونة ومارقين" من قبل ذوى النزعة الشوفينيَّة، ووصفوا بأنهم العائق الفعلى للمصلحة العربيَّة فى السودان كما وفى أفريقيا...! يا الله، أية مصلحة ستراتيجيَّة يمكن أن يوفرها سودان "عربى مسلم" غير مستقر تمزقه الحرب، فى الوقت الذى يظل فيه أمنه الداخلى والخارجى أبعد ما يكون عن الصون بفعل سياسات الشوفينيين العدوانيَّة "المولدة للصراعات" والتى لا تحترم لا المعاهدات ولا الإتفاقات والبروتوكولات...! يبدو أن السودان هو البلد الوحيد فى العالم الذى أخذ على عاتقه مسئوليَّة شن أطول حرب إنهاك ضد نفسه على مدى خمس وثلاثين عاماً ولا زال يدمى، مسحوراً بطريقة دون كيخوتيَّة بتدخل أجنبى وهمى...! يكاد كل وفد دبلوماسى أو عسكرى الى الدول العربيَّة يحاول دوماً التشديد على هذا "التهديد الأجنبى" المستوطن، ويبالغ فى التعبير عن حيويَّة ما يدّعونه لنفسهم من "مسئوليَّة قومية عربيَّة تاريخيَّة"، والتى تعلم الفرق بين ما يعبر عنه الشوفينيون السودانيون بقولهم الدول العربيَّة "الشقيقة" والدول الأفريقيَّة "الصدبقة"...! بالنسبة للسودان، تكون السنغال دولة أفريقيَّة صديقة لكن موريتانيا دولة عربيَّة شقيقة، العراق دولة عربيَّة شقيقة لكن أفريقيا الوسطى دولة أفريقيَّة صديقة، اليمن دولة شقيقة، يوغندا دولة مجاورة، ارتريا جارة، اثيوبيا دولة صديقة...! هذا النهج، الذى يؤكد عليه دوماً السودانيون الشوفينيون، القصد منه أته توجد روح جمعيَّة لا تقبل الجدل بين الصومال، ودجيبوتى، وسوريا والسودان أكثر منها مع اثيوبيا، وارتريا، وتشاد...! ونيابة عن الله عز وجل، ونيابة عن الحركة الأصوليَّة الإسلامويَّة العالميَّة، أخذ السودان على عاتقه حقاً غير قابل للنقاش فى إرتكاب جرائم ضد الإنسانيَّة بكل عجرفة وبحصانة كما لو تجعله غير خاضع للعقاب...!

    اليوم فإن الكثيرين من شباب العديد من الأقطار الأفريقيَّة يتلقون منحاً للدراسة بالجامعات والمعاهد السودانيَّة (المؤسلمة)، فى الوقت الذى يُدفع فيه بتلاميذ المدارس وأطفال الفقراء والمرّحلين النازحين الى جبهات الحرب بعد أقل من ثلاثة أسابيع يقضونها فى التدريب...! لدى تخريج الدفعة الرابعة من لواء "عزة السودان" من الطلاب المجاهدين فى يوليو 2000، خاطب الرئيس " شيخ" عمر البشير الطلاب قائلاً:" إن شبابنا لا يطمح لنيل الشهادات العليا من التعليم وإنما يطمحون للشهادة فى سبيل الله...فالله ينظر سبعين مرة ليختار المجاهد وينظر سبعين مرة ثانيَّة ليختار الشهيد." ليعيش من خلال تليفزيون أمدرمان...! يسعى الترابيون من خلال تلك المنح الدراسيَّة الى تجنيد وتدريب "نخبة" من الناشطين الأفارقة من بلدان ومناطق عديدة ليهيئوا ويتعارفوا ببعضهم البعض، قادة سياسوإسلامويين أصوليين مأمونين فى المستقبل، مدعومين مالياً وموجهين روحياً، مكيفيين علمياً، ومجندين سياسياً وتابعين بإحسان "للمركز الميتروبوليتان" الخرطوم...!

    اليوم فإن بعض البنوك الإسلاميَّة تشجع لفتح فروع لها فى عدد من الأقطار الأفريقيَّة لوضع نوع من التوازى أو البديل (نظام إقتصادى) لدعم جيوبهم "شديدة التوجه المادى" فى السوق الحرة، ولتشجع وتنمى "الرشوة" عبر وكلاء مدربين، وتقديم القروض الحسنة، التى هى الى درجة بعيدة غير مستحقة الإسترداد (هدايا) مسروقة من الإعتمادات الماليَّة لبنوكهم المستحصلة من الأرباح لدعم "الإحسان"، عادة ما تدفن تحت طاولات أصحاب مقام وشهرة، وضباط، ورجالات خدمة عامة، وأهل نفوذ مختارين والذين يمكنهم تقديم دعم وحمايَّة لمصالحهم والدفاع عنها...! مايسمى "بالمغفلين النافعين" مدفوعى الأجر، يفترض أنهم ملزمين إلهياً بخدمة العقيدة، والذين يشار اليهم فى اللغة العربيَّة "بالمسخرين"، أناس أدوات "مسخرين" لخدمة أى هدف " خيَّر أو شيطانى"...!

    بالطبع أنه بعد قراءة، واستخلاص الزبدة، أو سماع الهزليات المعروضة فى هذه المقتطفات الأدبيَّة المختارة، فإن بعض الشخصيات والممثلين المرسومين سيرتبكون ويقفزون غضباً...! قد يتم لحسى حتى النخاع من قبل بعض الألسنة قبل أن يتم مضغى بالأضراس...! آخرون قد يندفعون لتفجير المسألة الى أبعد من محتواها، يستشهدون ويسيئون الإستشهاد ببعض أبيات شعر ويسيئون إستخدامها لتغذيَّة الصراع أو يستخدموها سلباً لتعميق الخلاف بتعبئة السفاكين المتملقين حول رايات حربهم المدعاة "جهاد"...! لست خائفاً من مثل ضيق الأفق الفكرى المريض هذا والذى يضع الحصان قبل العربة...! السودانيون الجدد يجب ألا يُرعبوا بهذا النوع من الرؤيَّة الحسيرة والسياسات البائسة الملفقة من قبل المتملقين للدفع بمؤامرات فردية طائفيَّة ومخططات إجراميَّة من تخريجات نخبة بعدد أصابع اليد، دون إعتبار لحقوق الإنسان ومصالحه الأساسيَّة...!

    يقيناً، إذا كانت المسافة الى السلام لا بدَّ وأن تُجتاز فقط بلبس نوع الأحذيَّة العسكريَّة، والشباشب، والمداسات، والصنادل التى يستخدمها الشوفينيون والخونة والإنتهازيين، فى هذه الحال، فإننى أرفض بصلابة، لأنَّ الإستعباد لا يمكن أن يولد سلاماً حقيقياً...! السلام، بالنسبة للأصوليين، أناس مثل الصادق المهدى والشوفينيين الآخرين، يمكن إقراره فقط إذا ما وعندما يخضع الشعب السودانى لأجندتهم الموجهة "إلهياً"...! كان هذا ولازال العقبة الحقيقيَّة أمام السلام الفعلى والحريَّة فى السودان. متمسكاً بأجندة سياسوإسلامويَّة عنصريَّة صارمة، يصعب حمل نظام الخرطوم على تغيير رأيه ليرى أن حل الأزمة فعلياً وسلمياً إنما يأتى عبر عمليَّة ديمقراطيَّة...! إنهم يريدون التنقل من مبادرة الى أخرى كمسألة تكتيكيَّة لكسب الوقت الى حين تطبيق خططهم بإستخدام القوة، وبعدها يكون قد نشأ وضع واقعي de facto تمَّ خلقه، والذى يتجاوز بدوره الحاجة الى أى إتفاق سلام...! إن قوس قزح البهى المرتفع فى سماء جنوب أفريقيا المرتبكة وقت ما، قد لون عندما التقى كل من مانديلا ودى كليرك وإعترف كل منهما بالآخر...!

    أتوقع نقداً بناءً كثيراً...! وبالطبع سيكون ذلك أمراً طيباً ورائعاً...! أتوقع أيضاً إهانات حادة، وشتائم تهز العقول، وإدانات تجريميَّة، ولعنات وتشويه للسمعة، تلك هى آخر ما أهتم به. اننى أتوجه فى الأساس الى الجنس البشرى من داخل حفرة مظلمة فى زنزانة قاتمة فى سجن بلا ضوء وبلا مستقبل...!

    إلتماسى المتواضع لكل قارئ : الرجاء، خذ قليلاً من الوقت لترى وتفكر بعمق حول المحنة التى حاقت بشعبنا، الذى يُجرب عليه "مخطط لا إنسانى inhuman blueprint " للتصدير الى أجزاء أفريقيا الأخرى بعد أن "لا يكون لنا وجود"...! أكثر من مليون شخص برئ فقدوا أرواحهم لا لشئ إلا لكونهم خلقوا هكذا ولإمكاناتهم الماديَّة الكامنة التى حباهم بها الله...! ممتلئون حقداً لا يسبر غوره، يبدو أن أولئك الظلاميين الشوفينيين الأصوليين فى السودان بقيادة الترابيين وحلفائهم مستعدين لتوجيه أصابع الإتهام الى السماء، كيف للخالق عز وجل أن يجعل "للوثنيين" "الكافرين" موطناً فى هذه الأرض الطيبة العذراء...! إنهم أناس دائماً ما يخجلون من أفريقانيتهم، نوع من عدم الإنتماء مثل رقاص الساعة يدور بلا إعياء، تائهون بين المصير والإنتماء...! المنافقون الذين يلفقون الأكاذيب بلا خجل ويفرضونها على الناس "معجزات حقيقيَّة لا شك فيها"، رغم أنهم يدركون أنها من إبداعاتهم، ويعلنون مرتداً كل من ينفيها دون أى ندم أو أدنى شفقة، سواء كان ذلك على المستوى الوطنى أو الدولى...! يريدوننا أن نصدق أن القردة شاركت المجاهدين فى ميدان المعركة...! يقولون للأمة أن ميتاً مجاهداً تلى القرآن عندما وضعوه فى القبر...! يدعون أن يوغندا هاجمت آبار النفط فى منطقة بانتيو التى تبعد أكثر من خمسمائة كيلومتر عن الحدود اليوغنديَّة السودانيَّة عبر أكبر منطقة مستنقعات فى العالم...! أن الأمم المتحدة التى تدعم وتدير نشاطات الغوث الإنسانى، شريان الحياة، متهمة بتقديم وتوصيل السلاح للجيش الشعبى لتحرير السودان، كل ذلك على لسان رئيس الجمهوريَّة شخصياً عبر أجهزة الإعلام الرسميَّة، فى الوقت الذى يسهم فيه النظام نفسه، طامحاً لمقعد فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فى إدارة ومراقبة النشاطات اليوميَّة لعمليَّة الإغاثة التى تقدمها الأمم المتحدة...! رفض مثل هذه الأوهام المختلقة يرقى الى درجة الردة التى تقود الى الموت...!

    بالطبع، فإن سودان الترابى وحلفائه وأترابه الشائخ يمثل مأساة سياسيَّة، وتاريخيَّة، وإقتصاديَّة، وإجتماعيَّة، وإنسانيَّة، وأمنيَّة، وفلسفيَّة لا علاقة لها بهذا القرن الحادى والعشرين...! هذا واقع يستدل عليه من الكراهيَّة المنظمة المعبر عنها فى الصلوات، ومواقع العمل، والتجمعات السياسيَّة، والمواكب الجنائزيَّة، والمصانع، والمؤتمرات، وفى المدارس، ومراكز الشباب، والندوات، وورش العمل، وبالطبع، وسط مجاهديهم متعددى الجنسيات لتعشعش فى أجهزة الإعلام...! هذه دهان فوبيا لايقبله أب عاقل ولا يرضى أن ينتقل الى أبنائه.

    آمل ألا يعدنى أحدكم حصان طروادة ويستشهد بى لمهاجمة العقيدة الإسلاميَّة...! لست مؤهلاً لمثل ذلك الدور، لأننى أعرف تماماً وبثقة الفرق بين إسلام الاخوة العطوف، إسلام السلام كما جاء فى القرآن الكريم وبين الموجة الخانقة الحاليَّة لاسلام التملق والعنصريَّة والإستغلال الذى يبشر به الترابيون وحلفاؤهم ويمارسونه...! بوصفى ضحيَّة ما يجرى، فإننى الاحظ وأتابع، على قدر إستطاعتى، الأجندة السياسيَّة المدمرة التى إختارها الترابيون ليغلفوها بالمعتقد والعنصريَّة...!

    هذه الأبيات الشعرية الهجائية، لكنها على الإطلاق ليست بالابليسيَّة، هى هديَّة متواضعة لشبيبة اليوم والأجيال القابلة، بحيث يمكنهم رؤيَّة وتقييم تكلفة بناء أمة متآخيَّة قويَّة أو تفجيرها أجزاءً متقاتلة...! أننى على قناعة تامة أنه من المهم للغايَّة مساعدة شبيبتنا الأفريقيَّة والعربيَّة فى إدراك بعض الجوانب الخفيَّة للمأساة السودانيَّة الماثلة ولماذا أصبح من الضرورى للغايَّة تشييد صرح سودان عادل ديمقراطى جديد يتساوى فيه الجميع ويكون لكل السودانيين، بدلاً عن السودان القديم المتآكل العاجز المشرب بالدماء، سودان الرجعيَّة القائم على العنصريَّة والشوفينيَّة الدينيَّة...! سودان جديد متعدد الأعراق، متعدد الأديان، متعدد الثقافات، سودان العدالة والمساواة والسلام، هذه هى النقطة الأخيرة الباقيَّة التى يمكن أن تزهر فيها "جمهوريَّة Republicdom السودان وتزدهر فى سلام، خلاف ذلك فإن السودان سيتمزق أشلاءً، ويتهاوى فى فوضى، آخذاً معه كل طفل مدلل يرفس ويصرخ ويتباكى ويتدحرج باستمرار من أجل لبنه الذى أراقه بيديه المتعجرفتين على رمال الطمع...!

    فى هذا العمل تترابط الموضوعات عبر نوع من المناظر المتكررة المزخرفة بنماذج جوانب صوريَّة للطمع، والخيانة، والشوفينيَّة، والإنتهازيَّة: زعماء الخرطوم السياسيين الماسوشييين الساديين فى زواج غير مقدس مع اللصوص ونفايات الرعاع من كل أركان القطر، من بينها أسماء مشهورة بسوء سمعتها قليلة ذكرت لوضع بهارات على الصورة لإضفاء شئ من الواقعيَّة...! من ثمَّ، فإن الجوانب الشعريَّة لهذا العمل تعد ثانويَّة بالنسبة لى...! أتوقع أن تحاول بعض الأقلام والألسنة الغاضبة هد جبل أماتونج على رأسى...! لكن، إذا حدث ذلك، فإننى سأمسك أماتونجنا فى الهواء وأهشم بتلك الصخرة المقدسة جماجمهم...! نعم، غير القليل من المدافعين الإنتهازيين سيتطوعون دفاعاً عن سادة لا يعرفونهم...! لكن، الشخصيَّة العامة الذى يرفض أو يتجنب أولئك الذين ينشرون صورته أو صورتها الملونة الملتقطة أثناء تأديته/تأديتها لوظيفة عامة يجب، بالطبع، أن يكون كذاباً مريضاً ناقلاً للعدوى...! القضايا العامة هى قضايا مرتبطة بالجماهير، إذا قررت إختيار القيام بوظيفة عامة فما عليك إلا أن تتقبل التبعات. كلما زاد غضب الخونة والمجرمين والإنتهازيين كلما شعرت بسعادة وتملكنى الإحساس بأننى قد أعدت العدالة المسلوبة للشهداء والذين لا صوت لهم.

    الواقع، أنه يصعب سبر غور بحر ألم القلب الذى يعانى منه شعبنا...! الألم حاد للغايَّة وأعمق بكثير مما حاولت تصويره...! قطعاً، أنا مسئول عن الطريقة التى لُونت بها الصور، وأنتجت، وأعيد إنتاجها، وأطرت، وعرضت فى هذا المعرض، رغم أن (الممثلين) من الشخصيات العامة هم الذين أصروا على أن يُرسموا بهذه الصورة، بالمجان، من خلال رؤاهم وأفعالهم...! أشكرهم كثيراً على ذلك...!

    بالنسة لى فإن تأوهات بندقيَّة إنسانيَّة هى بالضرورة صوت المغيبين...! صوت أمهاتنا المحرومات...! صوت أطفالنا الجرحى الذين قاسمهم المجرمون حليبهم، والذين كسر الطغاة والحرب الأهليَّة والإهمال المتعمد أقلامهم...! صوت أولئك البسطاء الحافرين بيوت النمل فى الأحراش، العائشين مع الباعوض فى المستنقعات، المراوغين للوحوش فى الغابات، المختبئين فى الكهوف وسط الجبال، المقتاتين قوت اليوم باليوم، الصائدين الظلّ والماء فى الصحارى...! صوت لأجل شعبنا المشتت فى دول المهجر لاجئاً...! صوت لأجل الأبرياء المنهكين فى بيوت أشباح الأصوليين...! صوت لأجل كل شهيد معروف ومجهول...! صوت واحد لأجل ما يزيد عن المليون من الموتى من أبناء شعبنا والذين يموتون لا زال فى سودان الشوفينيَّة القديم سئ السمعة...!!

    *****************************

    نقلا من الموقع www.arkamani.org






                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de