|
تحليل سياسي /انتهاء دور المنقذ
|
تحليل سياسي انتهاء دور المنقذ محمد موسى حريكة يعتمد الانقلابيون على الدوام على الفلسفة التبريرية ويظل الفكر الانقلابي رهين اللحظة الفاصلة بين ماض منقلب عليه ومستقبل يحيطه الغموض وعدم الثبات ولعل من أقذع أدبيات الهجاء السياسي لهذا الوطن هو ما اوردته الحركات الانقلابية في السودان بان الوطن (هو رجل أفريقيا المريض) وذلك تيمنا بتركيا التي نعتت في فترة تاريخية برجل اوربا المريض .. هذه المقولة بالطبع لا تتسق وقامة هذا الوطن كوش إلى الراهن الفدرالي.وحينما تصدى المنقذ في الثلاثين من يونيو عام 89 بمشروع الاسلام السياسي كان ينطلق من ذات الفكرة الانقاذية لمعالجة مشكلات هذا (الرجل المريض).كانت فكرة الانقاذ تستثني نفسها كأيدولوجية من الحالة المرضية وكانما هي هابطة من السماء على ذلك الواقع الاكلينيكي في حضرة الجسد المسجى.مثل البيان الأول الحالة التشخيصية الأولى ولم يختلف كثيرا عن جوهر فكرة (المنقذ) منذ بدء الخليقة .. فإن الأرض قد ملئت جورا وهاهو فجر الخلاص الذي سيضع حدا نهائيا لعذابات البشر في هذه الرقعة من الكوكب.حفنة من الأطباء الأرضيين الناجين من تلوث المكان ويمتلكون جينين المقاومة الأسطوري للداء والمعرفة التشخيصية ورغم الحالة المحيطة فإن الفكرة الانقاذية هي حالة استثنائية في اعتقادهم.البسطاء وعامة الناس يدركون تماما ان هذا الوطن أنهكته الحرب .. ولكن فكرة المنقذ بنت وصفتها الطبية على الحرب بأنها هي العلاج لحسم اعقد المشكلات التي يعانيها هذا الوطن القامة.ومنذ اللحظة الأولى صرنا نتنفس حربا وصار هواء هذا الوطن بارود وقيل ان المستقبل ينام خلف دخان المعارك ودخلت ثقافة الحرب أهازيج الفرح وحكاوى الأطفال والأبجدية وصار الموت عرسا واشتعلت الخارطة قوافل تروح واخرى تجئ .. أصبحت الحرب تتمدد على مدرجات العلم والتحصيل .. ومن حارب فاز .. وامتصت الحرب آخر ما في البلاد من زاد .. والفردوس الحلم ينام هناك في أرض المستنقعات وصارت الحرب نشيدا وايقاعا .. ربما أدرك الأطباء الوطنيين الآن أن التشخيص كان خاطئا وأن الذي حدث كان عملا إيحائيا أملته الأيدلوجية في لحظة عماء .. والمشهد الآن هو حالة الاحتضار .. لذا وهاهم أطباء العالم وبلا حدود ومن كل جيوش ولون مبادرات ووصفات تهطل من كل صوب والمشهد ايضا حالة العجز التام وعدم الاستجابة وبما أن السياسة هي فن الممكن يبقى الخروج من حالة الاحتضار تلك في وصفة شعبية يقولها الشعب الذي يدرك تماما الوجع وتاريخه فالشعب هو هذا الوطن القامة أعيدوا إليه ذاته وسينهض دون وصاية من أحد. نقلا عن الأيام
|
|
|
|
|
|