ثلاثية الغربة، المرض والوطن.. في تجربة الشاعر السوداني جيلي عبد الرحمن

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 07:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-29-2002, 05:43 PM

wadazza
<awadazza
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 5386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ثلاثية الغربة، المرض والوطن.. في تجربة الشاعر السوداني جيلي عبد الرحمن


    ثلاثية الغربة، المرض والوطن.. في تجربة الشاعر السوداني جيلي عبد الرحمن

    الشفيع عمر حسين – أبوظبي

    ثلاثية قاهرة تملكت تجربة الشاعر والمثقف السوداني الكبير الراحل «جيلي عبدالرحمن» وصبغت حياته الفنية والادبية بكل ألوان الطيف الابداعي والترحال وجعلت من «جيلي» ذلك الفتى اليافع ذا التسع سنوات والقادم من قرية صغيرة

    في اقصى شمال السودان حديث الاوساط الادبية ومجتمع الشعراء في مصر وهو يتقدم ليحمل لهم الجديد من الشعر بعد سنوات قليلة من اقامته ودراسته بمصر التي جاءها مهاجرا مع والده عائل الاسرة الكبيرة بحثا عن الرزق في ارض الكنانة.

    في اواخر عام 1952، ودع «جيلي» قريته «صاي» تلك القرية الوادعة على ضفاف النيل والتي اهدت للثقافة السودانية ثلاثة من اعظم ممن اضافوا للشعر والغناء السوداني الحديث فكان اولا «خليل فرح» صاحب النقلة الكبرى في قصيدة الغناء الحديثة بالسودان والمثقف الوطني الغيور الذي الهبت قصائده ظهر الاستعمار البريطاني الذي كان يجثم على صدر الشعب السوداني آنذاك ويقمع بكثير من القوة والحرص كل المثقفين والمناضلين وعموم المتعلمين في تلك الفترة وجاء «محمد عثمان وردى» فنان عموم السودان كما يعرفه اهله النوبيون للآخرين بكل حب ومودة كبيرين يتجاوز سنوات عطائه الممتدة لمدة تزيد على النصف قرن في ساحة الاغنية السودانية وبينهما كان «جيلي عبدالرحمن» قيثارة الشعر السوداني الحديث والشعلة المتقدة في حركة الشعر والادب الحديثتين في مصر والتي كانت في اوج اشتعالها ذلك الوقت.

    وبرغم تجربته وعمره القصير لم تتوان الغربة والسفر والترحال الدائم في تبادله في تناسق تام بينهما فعاش مهاجرا دوما من والى محطات اثيرة لديه.. فكانت القاهرة، موسكو، عدن، الجزائر، بغداد، الخرطوم.. الوطن الذي لم يعش فيه اكثر من تلك السنوات التسع الاولى ولكنه لم يغادر قلبه ابدا فعاش كل ايام غربته وهو يساهم في تعريف العالم بالشعر السوداني ويحتفل بكل قصيدة جديدة او شاعر سوداني يأتي الى القاهرة وكانت تموج بالعشرات من الشعراء العرب من كل الجنسيات او يلتقيه في اي مكان آخر.

    بدأ «جيلي» دراسته بالازهر الشريف فدرس علوم اللغة العربية مواصلا في ذات الوقت نشاطه الادبي الى جانب كتاباته في الصحف المصرية التي كانت تشكل عماد الحركة وروح الشعرية المتقدة في ذلك الوقت من الستينيات كتب «جيلي» في الملاحق الثقافية لصحف: «الملايين»، «الغد»، «الكاتب»، الى جانب اصدقائه من الكتاب والصحفيين المصريين عبدالرحمن الشرقاوي، حسن فؤاد، امل دنقل، فؤاد حداد، وغيرهم، ومن خلاله عرف جمهور الشعر في مصر اشعار «نير ودا» و«ايلوار» وغيرهما من رواد الحركة الشعرية والنقدية الحديثة في العالم.

    وبدأ «جيلي» كتابة اشعاره في تلك الفترة وقراءتها مع اصدقائه من البلدين في اللقاءات الادبية، واصدر اول ديوان شعر له بالاشتراك مع الشاعر السوداني الدكتور تاج السر الحسن بعنوان «قصائد من السودان» وجاءت قصائده مدهشة من شعر حر متناولا موضوع وصورة القرية السودانية وواصفا «عبري» احدى اهم المدن النوبية التاريخية في شمال السودان بكل تفاصيلها وراميا بكتلة كبيرة من شحنة الاشواق التي يحملها لبلاده التي هاجر منها صغيراً واصبح يعرف بها شعر «جيلي».. يقول في قصيدته الى قريته عبري:

    أحن اليك يا عبري

    حنينا ماج في صدري

    وكشفت تلك القصيدة عن شاعر كبير قادم برغم بساطة التعبير التي حفلت بها القصيدة يمتليء بكمية من الحنين والحب للعالم من حوله الى درجة بكائه السريع في لحظات المقاومة الانسانية الضعيفة، والتي صارت سمة ملازمة له عرفه بها اصدقاؤه واهله، كما فتحت القصيدة ايضا الباب واسعا لشعراء الريف المصري للكتابة عن تفاصيل تبدو قمة الحميمية لهم وهم يأتون للقاهرة المدينة الكبرى، الممثلة بكل انواع البشر الجديد عليهم.

    وانتسب «جيلي» ككثيرين من ابناء جيله في ذلك الوقت الى الحركة اليسارية المصرية، يشارك في المظاهرات ضد الملكية ويخرج الى الشوارع هاتفاً، وملتحما ـ كما تحدث عن نفسه في احدى الحوارات معه ـ مع نبض الجماهير الذي شكل له هدفا اوحد يقول الشعر من اجله وخلقت له تلك الحركة المتصلة مع السياسيين الكثير من العلاقات الجيدة والواسعة بالكثيرين منهم، والذين كتبوا كلمات رائعة عنه يستحقها فعلا، كان منهم محمود امين العالم، فريدة النقاش، بدوي محمود، عبدالرحمن الابنودي، والشاعر العراقي سعدي يوسف، وغيرهم ممن اذهلهم نقاء وصفاء «جيلي» وصدقه ووفاءه اللامحدود للشعر والادب، ولفكرة التوظيف الانسانية الراقية لهما عنده.

    رحل «جيلي» بعد ذلك الى موسكو ليدرس بمعاهدها الاكاديمية العليا وينال درجة الدكتوراه، وفيها عرف جيلي عهداً جديداً في الترجمة من وإلى اللغات الروسية، وتأثر بالتجارب العالمية وسير الشعراء الكبار بعد ان ازدادت ثقافته ووقف على تجارب العمالقة منهم فجاء ديوانه الثاني «الجواد والسيف المكسور» متقدما خطوات واسعة في شعر التفعيلة الحر وحتى على مستوى الافكار فكتب قصائد عن «هيروشيما»، «لووركا»، و«لوممبا» حملت اثر الثقافة الجديدة التي تشربها جيلي عن قرب ودعمت خطواته.

    رجع جيلي بعد نهاية الدراسة، وعاش متنقلا بين اليمن والجزائر مدرسا في جامعاتها، كما زار العراق عدة مرات في اسهامات شعرية ومهرجانات عديدة وتوالت اعماله الشعرية الناضجة بحق وظلت الغربة والوطن خلفيتان اساسيتان في محاولاته ومحاوراته الشعرية التي اصابها النجاح الاكيد من تآلف لعناصر الوحدة والربط القوي للافكار والانسانية على وجه الدقة والخصوص والتعبيرات البسيطة. احتفظ جيلي بعلاقات واسعة مع مجموعة كبيرة من الشعراء السياسيين، الادباء، النقاد، والدبلوماسيين من كل الجنسيات العربية فكان خير ممثل لبلاده في اكثر من محفل ومنتدى حواري وليلة شعرية.

    كان جيلي حريصا في شعره على تناول الموضوعات الواقعية التي تتفق تماماً مع واقعه وطبيعته، فكتب عن الفقر والفقراء في شعر سهل واضح قصير المقاطع لا تنقصه الموسيقى والسلاسة، واستطاع ان يثبت اقدامه بقوة وسط خضم من الشعراء والادباء المصريين والعرب وغيرهم الذين احبوه وحفظوا له مكاناً كبيراً وسطهم.

    في اواخر الثمانينيات رجع جيلي الى القاهرة قادما من موسكو للمرة الثانية والاخيرة بعد ان عانى من مرض الفشل الكلوي مدة ليست بالقصيرة كان دائم الحزن فيها لتكبيلها حركته ومنعه من حضور الليالي والندوات الشعرية وبقية المساهمات الثقافية التي اوقف حياته عليها ليتوفى بالقاهرة التي احبها كثيراً وسجل عدد من الكتاب والشعراء السودانيين كلمات حق عن جيلي بعد وفاته فكتب عنه : د. عبدالقادر الرفاعي، صالح عبدالرحمن شقيقه الاكبر، د. فاروق محمد ابراهيم، مبارك حسن خليفة، د. محمد عبدالحي، د. احمد محمد البدوي، البروفيسور علي المك، ود. تاج السر الحسن زميله في اول دواوينهم الشعرية، كتبوا محيين «صاي» تلك القرية الكريمة والعظيمة الهدايا، ولا يزال ايهاب خيري بيننا يحمل ذات الخاتم الصاوي.


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de