|
الشعر اختار الغياب في حضرة روضة الحاج
|
الشعر اختار الغياب في حضرة روضة الحاج محمد سليمان عبد الرحيم [email protected] أجرى هاشم كرار حوارا مقتضبا مع شاعرة الإنقاذ "روضة الحاج" التي مثلت "ب" شعراء السودان في مهرجان الدوحة الثقافي الذي أقيم مؤخرا. ذكرت الروضة أنها جبهجية ولكنها ليست مسؤولة عن أفعال الجبهة لأنها مجرد شاعرة وليست عمر البشير أو عضوا في مجلس قيادة الثورة. كما قالت أنها تحب "اللعبات الحلوة والتمريرات الذكية" في أشعار محجوب شريف وحميد ..إلخ. نشر هذا الرد في الوطن القطرية بتاريخ 10/4/2002 .
هل غادر الشعراء لماذا كلما كتبت حرفا، صادروا أقلامي ومزقوا كلامي وركلوا مزماري لأرض قصية " هاشم صديق " أخي هاشم ، أعود إلى زاويتك اليومية الجمعة الماضية عن روضة الحاج . شاء برنامج مهرجان الدوحة الثقافي لمحبي أحمد عبد المعطي حجازي أن يخوضوا مستنقعات و يعبروا حقول ألغام قبل أن يبلغوا ضفاف شعره, كان قاسياً علي حقا أن أُضرب عن أحمد عبد المعطي حجازي، ولكن كيف للنفس أن تعبر إلى الشعر، أعذب الشعر، من بوابة الموت؟ كم ارتحت فيما بعد حينما علمت أن عبد المعطي نفسه قد غاب عن تلك الليلة، ليس فقط لأن اختياري كان موفقاً، ولكن لأن الشعر اختار الغياب في حضرة روضة الحاج، ولأن الحياة اختارت أن تنأى بنفسها عن "ساحات الفداء". (السودانيون تفرقهم السياسة ويجمعهم الشعر)، هكذا ابتدرت مقالك الجميل والناقص معاً، " فالحلو ما بيكملش " ! أي سودانيين، وأي سياسة , وأي شعر ؟ ألا نحتاج إلى شئ من إعادة التعريف ؟ الأزياء التي ذكرت في مقالك ليس سودانياً منها الآن سوى العمامة المكورة والجلابية المنتفخة والشال المزّوق، والسحن التي كانت تزين لوحة الوطن انمحت ولم يبق سوى لون المال المنهوب والدم المسفوح . ضحكت " الشاعرة " طويلاً وهي تجيـب سؤالك عـن انتمائهـا السياسـي، ثم "ارتبكت و عصف بها حزن رهيب" كما قلت، وأنت تعدد لها معاني ذلك الانتماء من الدبابة إلى التطهير العرقي مرورا ببيوت الأشباح وأرصفة المنافي الباردة . الشعر رؤية عميقة للأشياء، فأي "شعر" هذا الذي تفتنه الأسماء ولا تقلقه المعاني حتى يفاجئه بها صحفي صفيق ! ومع أن تلك المعاني خلت من مليونين من القتلى قصفوا بالقصائد التي صدر بيتها رصاصة وعجزه كفن، ومع أنها خلت أيضا من الصبية الذين تطاردهم "جلالات" روضة الحاج وتسوقهم لحتفهم في تلك الحرب الضروس، ومن الثكالى المجبرات على تجرع "الشعر" القاسي حين يزف فلذات أكبادهن إلى الحور العين ، إلا أن ذلك لا يهم، لأنه لا شئ يزيد أو ينقص من "عصف الحزن" المزيف . هي غير مسؤولة عن ذلك لأنها ليست عضواً في مجلس قيادة الثورة، إنها "مجرد شاعرة" كما قالت، والشعراء المجردون بالطبع لا يُسألون عن شئ ! ولأنها كذلك فروحها تصفق باستمرار "للعبات الحلوة والتمريرات الذكية" في أشعار محجوب شريف الجناح الأيسر لفريق الهلال" ومحمد الحسن سالم حميد "الظهير الأيمن للمريخ" وأزهري محمد على "لاعب وسط الموردة" . في هذا الخلط الإبداعي بين الشعر و"الكفر الذي ابتكرته "الشاعرة" كيف يتأتى لك أن تقرأ هاشم صديق وهو يكتب ما صدرت به هذا الخطاب ، دون أن تكون في "حالة تسلل" . إنها تحب وردي المطارد "من منفى لمنفى" ومصطفى سيد أحمد الذي ختم منفاه بصندوق شيعته مئات الألوف ومئات القصائد لم أقرأ من بينها سطراً واحداً لروضة الحاج، وما كان ذلك سيحزن مصطفى على كل حال . عندما تتحدث عن مثل هؤلاء "الشعراء" ، لا تقل لي أن الخلاف السياسي لا يفسد للشعر قضية ، فالخلاف هنا ليس سياسيا فحسب وإنما إنساني بالدرجة الأولى ، وتلك هي قضية الشعر الكبرى . إنني حقا أشعر بالخزي وأنا أراهم يقتلوننا ببرود ، ثم يمدحوننا وهم يضحكون ... علينا .
محمد سليمان الدوحة- 8 أبريل 2002
|
|
|
|
|
|