وقائع ندوة إبداعيه في مسـقط

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 11:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-29-2002, 05:46 AM

Abulbasha
<aAbulbasha
تاريخ التسجيل: 02-27-2002
مجموع المشاركات: 805

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وقائع ندوة إبداعيه في مسـقط



    دور مدينة ودمدني في الحركة الفنية والأدبية بالسودان


    ندوة عن ودمدني في النادي

    السوداني بمسقط

    رصد وتسجيل اللجنة الثقافية بالنادي :

    بدعوة من المهندس سمير حسن بابكر رئيس مجلس إدارة النادي الاجتماعي السوداني بالعاصمة العُمانية مسقط. قام الكاتب والناقد صلاح الباشا بزيارة إلي سلطنة عمان في ليالي رمضان قبل الماضي لتقديم محاضرة عن جماليات إبداعات أهل السودان. وعن دور مدينة ودمدني في حركة الفنون والآداب في السودان ، وذلك من ضمن الأنشطة وسلسلة الندوات الثقافية والترفيهية التي درجت اللجنة الثقافية بالنادي علي إقامتها من وقت لآخر في ذلك النادي العائلي الاجتماعي الذي ظل منذ تأسيسه يلعب دوراً كبيراً في ربط أهل السودان المقيمين بمسقط وفي تمتين عري العلاقات الاجتماعية الحميمة بين أعضائه ، وهو ما درج عليه السودانيون في مهاجرهم المختلفة حتى يظل التواصل الثقافي متواجداً لربط الأجيال الجديدة بثقافات وتراث وطنهم السودان ، وحتى لا تختفي الكثير من العادات السودانية المميزة التي يتميز بها أهل السودان علي مر العصور0

    ولقد ظل هذا النادي المتميز يعمل كخلية نحل لا تنقطع الحركة الاجتماعية فيه مطلقاً ، وقد كانت برامجه المسائية في رمضان تمتاز بتنوع موضوعاتها ، فتارة تجد سلسلة ندوات عن العولمة يتحدث فيه المختصون في هذا المجال كالبروفيسور أحمد عبدالرحمن العاقب وغيره من الخبراء والعلماء والمختصين ،وأخري عن الأدب والشعر ، وتارة تجد أن المرأة السودانية هناك تسجل حضوراً ثقافياً واجتماعيا واضحاً حيث ظلت تقيم الليالي الترفيهية والثقافية للأطفال السودانيين حيث كان ذلك واضحاً في نشاطات مسرح الطفل والمسابقات وعروض وأناشيد ومدائح من الأطفال بمسرح النادي ، وحتى استعراضات ( الحاوي) التي يرغبها الأطفال كانت لها وجوداً ذات مساء كما العديد من السيدات قد ظللن يقدمن الكثير من برامج المرأة ، وقد قمنا بإعداد كتيب شيق جداً وفي طباعة أنيقة تحتوي علي الكثير من

    ( الأكلات السودانية) والأفرنجية وطريقة صنعها ، حيث أشرف علي طباعة الكتيبات السيدة إكرام عامر بابكر ، وقد إحتوت علي صور أصناف الطبخات والحلويات وعلي أسماء كل السيدات اللائي قدمن هذا الإنجاز الذي أعجب جميع من شاهده ، مما يؤكد علي الدور الكبير الذي ظلت تلعبه المرأة السيدة في أنشطة هذا النادي علي الدوام وبالمشاركات في الأمسيات الثقافية والعلمية التي ظل يقيمها النادي ، مما يزيد من الترابط الأسري ويخلق أوقاتاً طيبة للأسر والأبناء 0

    أما الندوة -موضوع المقال- والتي أتت علي شرف صدور كتاب ( أهل الإبداع في بلادي)-الجزء الأول – الذي أصدره الكاتب صلاح الباشا مؤخراً ، فقد أدار الندوة الكاتب القاص ( محمد سعيد شـُلي) ، كما أن وجود الفنان الشعبي الكبير بادي محمد الطيب في ذلك المساء قد أضاف للندوة نكهة إبداعية جميلة حيث ظل يغرد بصوته المتفرد بالعديد من الأغنيات التي يـأتي ذكرها عرضاً عند الحديث عن الأدوار التي قام بها الفنان الراحل الكبير إبراهيم الكاشف في تطور فن الغناء في السودان ، ولقد أبدع ( بادي) حينما كان يشدو في تلك الأمسية بأجمل غناء الكاشف:

    الشال منام عيني ، والشاغلين فؤادي، ونعيم فاهك يا أم زين دواي ، وكذلك أغنية روحي ليه مشتهية ودمدني التي سبق لبادي أن قام بأدائها قبل عشرات السنين من أداء الفنان محمد الأمين لها مؤخراً ، وهي كما نعلم فهي من تأليف الفنان الراحل خليل فرح حين كان مسافراً بالقطار إلي ودمدني في عام 1930م للمشاركة في حفلات أفراح الفنان الراحل ( الحاج محمد أحمد سرور) الذي أتي أيضا إلي العاصمة من ودمدني ( قرية ودالمجذوب) ، وكان بادي متجلياً في تلك الأمسية حيث كان كل من الدكتور أحمد القرشي والدكتور طراوه معه علي المنصة يؤديان ذلك الغناء الجميل ويشاركان بالحديث والمداخلات في تلك الأمسية ، وقد أظهر ذلك كل ما يتمتعان به من متابعات ومعلومات توثيقية هامة في مجال فن الغناء السوداني قديمه وحديثه0

    كلمة الأستاذ محمد سعيد شلي الإفتتاحية:

    قال الأستاذ محمد سعيد شلي في كلمته الإفتتاحية التي قدّم بها الندوة:
    نيابة عن اللجنة المكلفة بالإعداد لهذا البرنامج الثقافي خلال شهر رمضان المعظم يسرنا في هذه الليلة المباركة والتي يتحدث فيها كمتحدث أصلي الزميل الكاتب صلاح الباشا عن الإبداع في بلادي بصورة عامة ، وعن دور مدينة ودمدني بصفة خاصة في تطور الحركة الفنية في السودان . فالكاتب الباشا غني عن التعريف ، فقد عرفه الناس من خلال كتاباته المنتظمة في صحيفة الخرطوم وفي صحف عربية أخري في المنطقة ، ولقد قدم للمكتبة السودانية مؤخراً إصدارة هامة بعنوان ( أهل الإبداع في بلادي) الجزء الأول 0

    ومن المعروف أن مدينة ودمدني السني لها دور مشهود في حركة الإبداع والفنون في السودان ، تلك المدينة بأحيائها العريقة ، فهي : ود أزرق ، العشير ، القسم الأول ، جزيرة الفيل ،حي 114، الدرجه ، شندي فوق، المزاد ، جبرونا وبمعالمها التي لاتنسي : نادي الجزيرة ، قبة مدني السني ، أم بارونا ، وفي الضفة الأخري من النيل ( حنتوب الجميلة) ، مدني هي أحمد خير المحامي، ومؤتمر الخريجين ، وهي الشهيد حسن أحمد يابس شهيد ودمدني في ثورة أكتوبر 1964م. مدني هي خالد عشريه ، وود الفتلي ، وحيدر قطامه. مدني في مجال الكفر هي سانتو وحموري والأسيد، وفي عالم الفن والوتر : سرور في ودالمجذوب وهي علي مرمي حجر من المدينة، وهي جزء من أحياء مدني 0 ومدني هي علي المساح، وإبراهيم الكاشف ، ومحمد الأمين ، والخير عثمان ، ومحمد مسكين - من أرض المحنة ومن قلب الجزيرة- ومدني هي ثنائي الجزيرة - وكانت أيام جميله0 ومدني هي رمضان زايد - خليك مع الزمن0 ومدني هي أبوعركي البخيت – بخاف0وعبدالعزيز المبارك- أحلي جاره0 ومدني هي الكوميدي (فرفشه) . ودمدني التي خلدها الشاعر الضخم خليل فرح في رائعته (مالو أعياه النضال بدني .. روحي ليه مشتهية ودمدني) والتي تغني بها سرور وأيضاً محمد الأمين ، والتي يشدو بها في هذه الليله ضيفنا في مسقط الفنان الشعبي ( بادي محمد الطيب) .

    كلمة الكاتب صلاح الباشا

    ولقد بدأ الأخ صلاح الباشا كلمته بشكره الجزيل لأسرة النادي السوداني في مسقط حيث قال: إخوتي الكرام ،كم أنا سعيد بهذه الزيارة إلي مسقط الوداعة الوديعة ، وكم أجد نفسي أكثر سعادة أن اكون وسط هذه الوجوه النيرة في هذه الأمسية الرمضانية ، أوقد كنت والطائرة تحملني مساء من الدوحة إلي مسقط قد جال بخاطري المجتمع السوداني ، والذي وللأسف نسميه في كتاباتنا بالصحف ( مجتمع الشتات) ، فقد ظل السودان يفرغ أعز ما في جوفه ليستقروا في كل المهاجر ويؤسسوا سوداناً جميلاً متسامحاً ومتماسكاً وأكثر حميمية ، ولقد رأيتهم في شتي البقاع في الدول العربية وفي الدول العالمية بنفس الترابط ونفس العادات ونفس التراث في مناسباتهم الإجتماعية، ونتمني أن تدوم مثل هذه الحالة ، كما نتمني أن يقيض الله لنا الفرصة في أن نقضي باقي أعمارنا في ديارنا الأولي في رحاب السودان الحبيب . والله أنا أشعر بالحزن دائماً حينما أري أن مثل هذه المنتديات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني كانت تمارس في بلادنا منذ بداية القرن وحتي وقت قريب ، ثم بدأت تختفي في الداخل وتظهر الآن بوضوح بائن خارج السودان ، فإخواننا داخل السودان يقولون لنا دائماً وبالبلدي: ( والله أنتو برّه مروقين ما عندكم أي مشاكل ، لا تفكروا تجوا راجعين -دايرين هنا في السودان شنو؟؟) . وهم لا يعلمون أن كل واحد منا يتمزق في داخله يومياً وهو بعيد عن الوطن ، فالغربة ضريبة باهظة لا يعرف قيمتها إلا من عاشها فعلاً ، ندفع هذه الغربة ضريبة في صحتنا ( وندفعها كضريبة ماليه أيضاً لديوان الضرائب !!) - ضحك متواصل من الحضور في هذه النقطة.

    وحتي لا أطيل علي الحضور ، ولكي نعطي أكبر فرصة للناس للمناقشة وتلاقح الآراء والأفكار ، وهنا أذكر أن الدكتور حيدر إبراهيم قال لي عند إجرائي لحوار صحفي معه بالقاهرة تم نشره بجريدة الشرق القطرية التي أشارك فيها بتحرير مقال فني بصفحة السودان إسبوعياً ، قال لي الرجل أن السودانيين أناس يملكون أفكار جيدة ولديهم آفاق إبداعية متعددة ، وكل واحد يكتنز أفكاراً ممتازة ، ولكنه لا يجد المساحة والجرأة في عرضها وإخراجها للمجتمع ، لأن السودانيين بطبعهم شيمتهم الحياء والخجل والتواضع وعدم الإقتحام..( إنتهي) 0 وأنا في تقديري أن مثل هذه المنتديات التي يقيمها هذا النادي الذي وُلد عملاقاً - إنشاء الله- سوف تخرج كوادر متمكنة في أدب النقاش والمحاورة في هموم البلد، ونرجو أن تتاح الكتابة في الصحف المحلية لكل أبناء السودان ليكتبوا في المجالات التي تهم الإنسان أينما وجد ، وفي الكثير بالصحف الخليجية والسودانية نجد أن السودانيين يساهمون بالكتابة الصحفية المتميزة وبلغة رفيعة يشهد عليها كل الناس في المنطقة العربية ، وأرجو من كل قادر أن يكتب ويكتب لصالح الإنسانية في شتي الموضوعات المفيدة ولا تترددوا وستجدوا إنشاء الله أن كل الأبواب مشرعة أمامكم في كل المساهمات ، طالما كانت الكتابة جادة ، وهذا ما لمسناه في أكبر خمس أو ست صحف عربية في المنطقة تتاح الفرص فيها لكتابات أهل السودان في مجالات عديدة. ولقد ذكر لي أكثر من مسؤول صحفي عربي أن مقالات الإخوة السودانيين يتم إعطاءها الأولوية في النشر.فهذه الكتابات هي التي تخدم قضية السودان ، لأن الكتابة المقروءة ترسخ أكثر من الإطلاع في الإنترنت أو مشاهدة الفضائيات ، لأن المقال المكتوب يمكن الرجوع إليه في أي لحظة حتي ولو كنت راكباً مركبه عامه،فالثقافة المكتوبة ترسخ في الذهن أكثر من أي وسيلة نشر أخري.

    وهنا سوف ينصب حديثي بعد هذا المدخل في ثلاثة محاور وبطريقة موجزة جداً والمحاور هي جماليات الإبداعات السودانية ، مروراً بدور ودمدني فيها عبر التاريخ الحديث، ثم لماذا جاءت فكرة إصدارة أهل الإبداع في بلادي التي إنتشر خبرها مؤخراً في الصحف 0

    أولاً ، أود أن أعبر عن حزني للغياب الطويل والواضح جداً للعيان لكل ألوان وأنواع الإبداعات السودانية عن ( الميديا العربية) سواء كانت وسائل نشر أو فضائيات أو مهرجانات فنية ومسرحية ، نعم يوجد غياب سواء في تلك المجالات المذكورة أو حتي في مجال الرواية والقصة والتشكيل إلا ما ندر. وهذا ما قادنا إلي أن نفكر في هذه الإصدارة مع غيرها من إصدارات الآخرين بالرغم من ما ظللنا نعانيه من تكاليف نشر وتكاليف طباعة وشحن وترحيل وعمولات توزيع الكتاب التي تقارب نصف قيمة المبيعات ، نظراً لعدم توفر ناشرين مستثمرين في هذا المجال بطريقة مشجعة ومعقولة.

    أما دور ودمدني المدينة المتميز في حركة الفنون والآداب بالسودان عبر تاريخه الحديث ، فهي بموقعها الجغرافي وسط السودان ، وقد كانت عاصمة للبلاد في إحدي فترات الحكم التركي قبل أن تنقل العاصمة إلي الخرطوم قبل المهدية،فهي كعاصمة آنذاك فهي كانت مدينة جاذبة للمميزين بمقاس ذلك الزمان ( القرن التاسع عشر)، فالمدينة كانت ولازالت تمتاز بتماسك سكاني ، فهي - ولا أدري السبب- كانت ولازالت لا يوجد بها حركة نزوح واوفدين بالرغم من أن كل مدن السودان الآن محاطة بنازحين بسبب الجفاف والتصحر في الماضي ، وأيضاً بسبب الحرب الأهلية الشرسة خلال السنوات الماضية ، وهذا يؤثر بلاشك في التركيبة السكانية وفي إضطراب توازن إنسياب السلع والخدمات ، مما يؤثر بالطبع علي مجمل الظروف التي تساعد علي الإنسجام السكاني وأثره علي حركة الثقافة والإبداع. وودمدني ( في هذه الحته) لم تتأثر كثيراً بحركة نزوح ولايوجد بها مدن عشوائية ، وبالتالي لم يتغير طراز وملامح مجتمع المدينة كثيراً ، مما ينعكس بالطبع علي الأمن والغذاء ويسر الخدمات والتماسك الإجتماعي والتواصل اليومي بين السكان مما يساعد في تهيئة الظروف الإبداعية

    مكونات المدينة في ودمدني فهي تتكون من معظم قبائل السودان عامة وقبائل شمال السودان علي وجه الخصوص، فهي كما نعلم طبعاً قد أسسها الشيخ محمد مدني السني الذي تعود جذوره الأولي إلي المدينة المنورة ، ولكن مع بداية القرن العشرين إنتعشت ودمدني وأصبحت مصدر جذب إقتصادي ثم ثقافي ، فمناطق الإقتصاد المتقدم دائماً تجذب العناصر المثقفة والمتعلمة والحرفية للعمل فيها ، وبإختصار شديد هو مشروع الجزيرة ، هو مركز الإقتصاد المتقدم آنذاك ، فالمشروع هو الذي كان يحتاج إلي العمالة في كل التخصصات ـ فأتي الإنجليز بأهل شمال السودان بمختلف قبائلهم للعمل في المشروع لتأسيسه وتطويره ، لأنه في الزمن الماضي لا توجد مواقع عمل عريضة بالسودان بخلاف مشروع الجزيرة وهيئة السكه حديد في عطبره ، أيضاً هناك مؤسسة كبيرة في ودمدني جذبت العمالة المثقفة والماهرة وهي رئاسة وزارة الري في ودمدني ، فمشروع الجزيرة مرتبط بالري ومؤسسات الري ، ومن المعروف من قديم الزمان أن وزير الري موقعه في الخرطوم ولكن رئاسة الري في مدني ،ووكيل وزارة الري موقعه دائماً في مدني لأن الري الإنسيابي هو مشروع الجزيرة وخران سنار والترع الرئيسية والفرعية التي تغطي مساحات الجزيرة والمناقل.

    فهذه الخليط البشري في ودمدني ومارنجان وبركات وغيرها ، هذا المكون خلق حركة إبداعية وأدبية وفنية ورياضية أيضاً كبيرة جداً . فأصبحت ودمدني هي الرافد أو المغذي الأساسي للخرطوم العاصمة بالكفاءات الإبداعية في كافة مجالات الإبداع البشري بما في ذلك الرياضة وأهل السياسة .

    أما إبراهيم الكاشف والشاعر علي المساح ( عليهما الرحمة) بدأت سمعتهم الفنية في مدني ثم تمددت إلي الخرطوم التي كانت مهيأة تماماً لإستقبال إبداعاتهما ، فإنتقل الكاشف إلي الخرطوم في نهاية الثلاثينيات ، وتغني الكاشف طبعاً بغناء الحقيبة ، ولكنه بدأ يضيف عليه الأوركسترا الحديثة مما أدخله في تحدي مع مجتمع الفن القديم المحافظ ، حيث كان يري بعض المحافظين القدامي أن النقلة من طريقة الغناء العادية (بالرق والشيالين) إلي إدخال الآلات الوترية في غناء الحقيبة سيعمل علي تشويهها ، ولم يهضموا المسألة أو هذه النقلة ، ولكن الكاشف لم يتراجع وإستمر في توظيف الآلات الوترية في أعماله الغنائية ، فإنتصر رأيه وأصبحت للآلات وجود واضحاً حنباً إلي جنب مع غناء الحقيبة والفن الشعبي حتي هذه اللحظة ، ولم يلغ أحدهما الآخر مطلقاً.

    وبعد ذلك أتي مطربان إثنان مع بداية الأربعينيات وساعدا في دفع حركة الموسيقي الحديثة التي تصاحب الغناء وبدأ هنا الشكل الحديث للأغنية الحديثة ، وهما الفنان حسن عطيه والفنان أحمد المصطفي ( عليهما الرحمه) ، وظهرت أيضاً الراحلة الفنانة عائشة الفلاتية في تلك الظروف فأضافت الكثير من النكهة الجديدة للغناء الحديث ، وظل هذا الرباعي( الكاشف وحسن عطيه وأحمد المصطفي والفلاتية) هو المسيطر علي الساحة الغنائية للفن الحديث تماماً حتي عام 1950م حيث ظهر بعد ذلك جيل عثمان حسين وإبراهيم عوض وبقية الكوكبة الحديثة ،و بدأت الأوركسترا تأخذ شكلها الحديث خاصة وأن الإذاعة بدأت في التوسع النسبي.ولكن والشيء الذي يؤسف له وبالرغم من أن السودان من أوائل الدول في المنطقة التي أدخلت إرسال التلفزيون إلا أنها آخر دولة تدخل نظام الفيديو تيب ، مما أدي إلي عدم وجود تسجيلات تلفزيونية موثقة للفنان إبراهيم الكاشف الذي رحل في عام 1969م وظل المرض يداهمه قبل وفاته بعدة سنوات.

    أما بالنسبة لمبدعي ودمدني الآخرين القدماء ، فبعد إنتشار إبراهيم الكاشف بالخرطوم وعلي مستوي السودان ، ظهر شاب صغير في مدني وذاع صيته وكان صوته جميلاً وفيه تطريب عجيب ، وتم دفعه للذهاب إلي الإذاعة بالخرطوم، فسافر إلي أم درمان ، ذهب وتغني بأغنية أصبح لها رواجاً كبيراً في البلاد ، ولكنه مات بعدها وهو مايزال شاباً ، وهو الفنان عمر أحمد صاحب أغنية ( كان بدري عليك ... تودعني وأنا مشتاق ليك) .وعمر أحمد هذا لو كُتب له العمر ، لكان سيكتسح الساحة الفنية لأن له صوت خرافي وجميل ورخيم جداً،

    وكان سيكون ليس أقل روعة من أحمد المصطفي والكاشف وعثمان حسين ، وأذكر ان الفنان أبوعركي البخيت عند بداياته الأولي كان يتغني بأغنية كان بدري عليك تلك.

    وهناك بعض الفنانين الشباب من مدني قد ظهروا في بداية الخمسينيات بالعاصمة بالإذاعة عند إضراب فناني الإذاعة الكباربسبب مطالبتهم بزيادة أجورهم ،أولئك الشباب هم رمضان حسن وهو من ( دار أم بلال) بمارنجان بجوار ودمدني والذي كان يغني بعض الأغاني الجميلة مثل : الأمان الأمان .. من فتقات عيونك، وياغرامي الأول .. ذكري لا تتحول ، والزهور صاحية وإنت نايم .. وأشكو ليك ياربي 0 كما ظهر في نفس الفترة من فناني مدني الراحل محجوب عثمان صاحب أغنية: ليه ليه يا النسيت أيامنا ليه ، ومن قبلهم ظهر صاحب حنتوب الجميلة ( الخير عثمان) الذي تغني بها عند الإحتفال بإفتتاح مدرسة حنتوب الثانوية في عام 1946م . 000نواصل


    يواصل الكاتب صلاح الباشا هنا حديثه في ندوة جماليات الإبداعات السودانية ودور مدينة ودمدني في حركة الفنون والآداب في السودان ، وذلك في الندوة التي أقيمت بالنادي السوداني في العاصمة العمانية مسقط خلال شهر رمضان الماضي ، قائلا: أما الدور الكبير الذي أضافته ودمدني في ملامح الحركة الفنية بالخرطوم و علي المستوي القومي هو ذهاب الفنان محمد الأمين والفنان أبوعركي البخيت من مدني إلي الخرطوم مع بداية ظهور الأجهزة الإعلامية كالتلفزيون وتوسع الإذاعة وإنشاء المسرح القومي في عام 1962م 0
    وقد إنتقل الفنان محمد الأمين إلي العاصمة وهو متسلح بعلم النوتة الموسيقية ، وفي البداية وجد بعض المضايقات ولكنه صمد لها وتخطي حواجزها وأثبت وجوده بفضل ذهاب الشاعر فضل الله محمد في نفس الفترة إلي الدراسة بجامعة الخرطوم ، مما كان له اُثره الواضح في وجود أعماله الإبداعية الأولي التي كتبها فضل الله كمجموعة أنا شيد الأكتوبريات والأغاني المشهورة المميزة الأخري ، وقد كان فضل الله محمد شاعراً منذ فترة صباه ، و كان يكتب الشعر منذ دراسته الثانوية بمدني الثانوية في بداية الستينيات . وميزة الفنان محمد الأمين أن له صبر طويل في توزيع الألحان وإخراجها حتي ولو إستغرق تحفيظها للعازفين علي الآلات والكورال شهوراً عديدة كالملحمة مثلاً . فإتقانه للعمل وعدم إستعجاله هو الذي حافظ به علي مستواه المتألق هذا. ومحمد الأمين لعب دوراً في أنه قد جعل السودانيون يتذوقون فن الموسيقي الطويلة والجميلة بتعدد وإنتقال إيقاعاتها المتعددة مثل : الحب والظروف ، وزاد الشجون، وبتتعلم من الأيام وغيرها.
    ولقد ظللنا نتحدث ونكتب دائماً عن تمايز إبداعاتنا الغنائية والفنية عن نظيراتها في المنطقة العربية ، وكنت أقول أن الغناء العربي الشرقي يتكون من شاعر وملحن ومطرب _ أي مؤدي_ ولكم ميزة الغناء السوداني أنك تجد فيه الشاعر ربما يكون هو نفسه الملحن وهو نفسه المطرب ، أو تجد هنالك شاعر ولكن الملحن والمطرب هو نفس الفنان ، وهذا نادر الوجود ليس في العالم العربي فحسب ، بل في معظم الغناء العالمي. إذن نحن في السودان نمتلك المبدع الشامل ، ونتميز به عن الآخرين في المنطقة العربية0.

    أما الفنان ابوعركي البخيت عندما ذهب إلي العاصمة مع ود الأمين فإنه تعثر بعض الشيء لعدة سنوات في الستينيات ولكنه مع بداية السبعينيات من القرن الماضي إستعاد توازنه وظهرت مقدراته اللحنية بكفاءة عالية وإنطلق وأصبحت أعماله لها وجود بائن في الساحة الفنية ،ولم يتوقف حتي اللحظة. صحيح أنه الآن قد واجه مؤخراً الحجر علي أعماله الأخيرة التي كتبها له الشاعر هاشم صيق حيث كان الفنان قد حصر غنائه في السنوات الأخيرة مع هذا الشاعر وتجمدت بالتالي أجمل ألحانه التي أخرجها خلال العشرة سنوات الأخيرة والتي أحبها الشباب كثيراً لوجود الرمزية التي أصبحت هي (الموضه) في فن الشعر الغنائي الحديث، مما يمكن أن نسميه ( سوء حظ) حين تعطلت بعض أعمال أبوعركي الأخيرة مؤخراً علماً بأن عركي لديه أعمال قديمه جميله جداً لعدة شعراء مثل أخاف أسأل وعن حبيبتي ونوبية وجبل مره وحلوه عيونك وسهرنا الليل وغيرها. ويقال أن الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب عندما إستمع لأغنية ( أخاف أسأل) بعد فوزها بالأغنية الأولي في مهرجان الإذاعات العربية الذي أٌقيم في سوريا عام 1976م ، قال عبدالوهاب أن هذه الأغنية فيها قدرات لحنية جميلة جداً وأتت منسجمه مع مفرداتها تماماً .

    وقد قدمت ومدني ايضاً عبدالعزيز المبارك الذي أثبت وجوداً رائعاً في خرطوم السبعينات والثمانينات ، ولكنه هاجر إلي السعودية لمدة العشر سنوات الأخيرة ، والآن عاد إلي السودان نهائياً وبدأت يبحث عن مكانته الفنية التي تأثرت كثيراً بإغترابه الطويل.

    أما الفنان محمد مسكين فقد إبتدأ ممتازاً ولكنه لم يستقر بالعاصمة حيث الشهرة وحيث وجود معهد الموسيقي الذي كان من الممكن أن يطور قدراته لأن صوته جميل جداً.

    ثم كان هناك محمد سلام وهاجر إلي الخارج وكذلك الرشيد كسلا الذي هاجر أيضاً.

    أما في مجال الشعراء فإن ودمدني أيضاً خرج منها أجمل الشعر كما قلنا من الشعراء مثل المرحوم علي السماح وفضل الله محمد وبدوي بانقا وكباشي حسونه ، ومدني النخلي ، والآن يوجد بالمدينة جمال عبدالرحيم ( جمال الشاعر) بنادي الفنانين بمدني.000(وقفة مؤقته)0

    (وهنا توقف الكاتب صلاح الباشا عن الحديث مؤقتاً ليتيح الفرصة في تلك الليلة الإبداعية للفنان بادي محمد الطيب لكي يغرد ببعض غناء الكاشف والمساح فأطرب الحضور حين تغني بذلك الغناء الجميل الممتع ) :-

    الشال منام عيني..

    وفؤادي جارحو

    إنشاء الله يلاقيني..

    وبهواي أصارحو

    ويقول لو.. ياحبيبي..

    متي تبقي في نصيبي ..

    متي تبقي.. حاسي بي..

    وأنا بالموده أبوح

    بين الرياض أدوح

    جالسين ومتآنسين

    أنا والعيون ناعسين

    في الحب أفاتحو

    إنشاء الله يلاقيني ..

    وبهواي أصارحو

    ***

    وهنا كان الحضور يردد مع بادي هذا الغناء الجميل الذي اعاد لهم ذكري الكاشف ( ذلك الصوت الملائكي العجيب) 0 وبعد ذلك الفاصل الغنائي تناول الأستاذ صلاح عدة نماذج من أشعار اهل السودان ومن فنون كتاباتهم الصحفية كنماذج أخري تظهر المقدرة السودانية حتي في فنون الكتابة 0

    المداخلات:

    بعد ذلك بدأت المداخلات فتناول الحضور عدة أفكار وطرحوا عدة نقاط تشيد بجماليات الفن والأدب السوداني ، وكيفية إنتشار الإبداعات السودانية في المنطقة العربية ، وكان مستوي التناول جميلاُ ومتقدماُ ينم عن مقدرات وتميز واضح لأهل السودان في مهاجرهم ،

    د0 أحمد القرشي:
    أولاً في البداية أود أن أثني علي الجهد الذي ظل يبذله الأستاذ صلاح بصحيفة الخرطوم حيث ظللنا نتابع كل ما يكتبه فيها ، وأود أن أشير إلي بعض الملاحظات حيث أنني قرأت ذات مرة في معرض للكتاب بمسقط أن هنالك كاتباً قد ذكر أن أغنية ( أغداً ألقاك) التي تتغني بها أم كلثوم أن شاعرها الأستاذ الهادي آدم هو شاعر تونسي ، وآخر كتب أن الهادي آدم هو شاعر سعودي ، لهذه الدرجة نجد بعض الكتاب العرب لا علم لهم بجنسية شاعر سبق أن تغنت له أم كلثوم بأجمل قصائدها الغنائية0 كما أود أن أضيف بأن الفنان الراحل عمر أحمد قد إكتشفه الأستاذ عبدالرحمن الريح ، أما إبراهيم الكاشف فهو أول فنان يدخل كورال البنات في تسجيلات أغانيهكما أن الفنان بادي هو أول سوداني يتغني للقضية الفلسطنية كأغنية فتح التي كتبها الطيب محمد الطيب وأغنية فلسطين تناديكم للشاعر علي محمود التنقاري00

    زين العابدين مرزوق:
    إبتدر النقاش الأستاذ زين العابدين مرزوق المدير الإقليمي (لسودانير) في سلطنة عمان حيث تسائل قائلاً: من الملاحظ أن اي منطقة من مناطق السودان لديها فنونها الخاصة بها ، فلماذا لانجد فناً خاصاً بمدينة ودمدني ، وأيضاً ماهي أسباب عدم إنتشار الفنون السودانية عبر الميديا العربية كباقي فنون الدول الأخري ؟

    فكان تعليق الأستاذ الباشا علي هذا السؤال هو : أن مدينة ودمدني أصلاً تتكون من عدة قبائل سودانية ، أي ليست هنالك قبيلة محددة لها تأثير معين أو تحمل ثقافة وتراث منطقة محددة حيث ان ودمدني أصبحت مثل مدينة الخرطوم التي هاجرت إليها قبائل متعدة تكونت منها المدينة ، وودمدني تحمل ثقافة وتراث وسط السودان، أما فيما يتعلق بغياب فنوننا وإبداعات عن وسائل الإنتشار العربية فهذا يعود لعدة أسباب قمنا بذكرها في مقدمة كتاب أهل الإبداع في بلادي ، ولكنني ألخصه في أن كل الأجهزة الإعلامية في مختلف الحقب السياسية الماضية والحالية لم تهتم بعملية نشر الثقافات والفنون السودانية والصحف السودانية في المنطقة العربية ولا توجد لدينا مجلات ومطبوعات دورية في المكتبة العربية ولم نقم بعمل مجلات ذات طباعة فاخرة تستطيع منافسة ماهو متاح الان في الأسواق العربية ، فضلاً علي أن كتاباتنا لاتهتم بالحديث عن الفنون والأداب العربية في صحفنا ومجلاتنا ، حيث ظلت المحلية في تناولنا للموضوعات تتحدث عن الشأن الإبداعي السوداني فقط وبالتالي لن ينجذب القاريء العربي نحو قراءة الصحف والمجلات السودانية ، حيث لا توجد أصلاً مجلات سودانية في المكتبة العربية كباقي الدول ولا تدعم الدولة أي إصدارات يمكن توزيعها بالخارج ، ولا يوجد قطاع خاص مستثمر في هذا المجال ، ونحن الآن جادون في عمل إصدارة دورية بمجهود خاص لتهتم بهذا الشأن بالخارج0

    دكتور الحاج س0 مصطفي:

    تحدث الأستاذ والكاتب الفني الدكتور الحاج س0 مصطفي الذي شاهدنا كتاباته الفنية في باب أساتذة وتلاميذ بصحيفة الخرطوم من وقت لآخر قائلاً:-

    شكراً للأخ صلاح علي ححضوره لنا بمسقط وشكراً علي إصداره هذا الكتاب الهام ، ومجرد صدور كتاب في هذا الزمن وفي هذه الظروف وبدون وجود ناشر ، فإنه يعتبر في حد ذاته إنجازاً يستحق عليه الثناء ، لأن مشكلتنا الأساسية هي أننا شعب لايهتم بالكتابه والتوثيق ، أي ان ثقافتنا هي ثقافة شفاهية فقط 0 وفي الواقع توجد لديّ مداخلة بسيطة حول بعض النقاط الخاصة بالكاشف ، فالفنان الكاشف اتي بتغيير هام في طريقة أداء الأغنية السودانية ، حيث كان من المعروف أن الفنانين كانوا يرددون البيت في الأغنية أكثر من مرة ، لكن الكاشف أصبح لا يتبع هذه الطريقة حيث كان لا يقوم بترديد المقطع الغنائي( الكوبليه) اكثر من مرة واحدة فقط ثم ينتقل لغناء المقطع الذي يليه. كما اشير إلي ان الفنان حسن عطيه قد سبق الكاشف في العزف علي العود ، ولقد تعلمه من الفنان حسن سليمان الهاوي الذي كان يجيد العزف عليه، ولقد كانت أول أغنية لحسن عطيه هي ( حبيبي ناوي الرحيل) ، كما اشير لمسألة فنان ودمدني الذي رحل وهو صغير ( عمر احمد) ، فمن المعروف ان الفنان الشاعر والملحن عبدالرحمن الريح كان معروفاً بأنه مكتشف المواهب ، فلقد إستمع في ودمددني ذات مرة لغناء الفنان عمر أحمد ، وقام بإقناعه بالذهاب إلي العاصمة ، وهنالك قام بإعطائه أغينة الطاؤوس وأغنية كان بدري عليك ، ولقد تغني بالطاؤوس الفنان الجابري فيما بعد ، فالأستاذ عبدالرحمن الريح نجد ان معظم أغنياته التي يتغني بها الفنانين قد كتب هو كلماتها وعمل لها الألحان ، ماعدا تلك التي أهداها للفنان التاج مصطفي . أما عن حديث إضراب الفنان في عام 1953م والذي ظهر فيه عدة فنانين وجدوا الفرصة في الإذاعة بعد توقف الفنانين عن التعامل مع الإذاعة ، فلقد ظهر أيضاً الفنان إبراهيم إدريس ( ودالمقرن) وأيضاً الفنان صلاح محمد عيسي وعمر أحمد ومحجوب عثمان ورمضان حسن ، ولكن الفنان أبوداؤد لم يضرب عن الإذاعة لأنه كان من رأيه أن الفنان يجب ألا يضرب ، كذلك عائشة الفلاتية لم تضرب عن الغناء بإلإذاعة عام 1953م. كما أود أن أشير هنا إلي أن القصائد الإخوانية الإخوانية المتبادلة بين الأصدقاء قد إبتدرها الشاعر سيد عبدالعزيز عندما تم نقل صديقه الشاعر عبيد عبدالرحمن إلي مدينة الأبيض ، فقام بتأليف أغنية ( رسائل) التي كان يتغني بها الراحل الكاشف والتي تعرف بإسم ( إنت أكتب لي وأنا بكتب ليك)0 فهي لم تكن أغنية عاطفية0 وأنا أعتقد أن الأستاذ صلاح الباشا يمتاز بأنه يكتب بإحساس عميق في كل كتاباته دائماً 0

    أما الفنان بادي محمد الطيب فلقد تغني عام 1970م بأغنية لحركة فتح الفلسطينية(أنا غنيت لفتح) وهي من كلمات الطيب محمد الطيب، كما تغني ( فلسطين تناديكم يارجال العرب) للشاعر علي محمود التنقاري ... وهنا قد طلب دكتور الحاج سالم مصطفي من الفنان بادي أن يتغني بها ، وفعلاً قام بادي في نفس اللحظة بأدائها علي منصة الإحتفالية0

    أشرف دهب أحمد خيري:

    في البداية أحب أن أشكر الأستاذ صلاح الباشا علي إصدارته الجميلة ( أهل الإبداع في بلادي) وعلي ماظل يكتبه دائماً في الصحف عن جمال الأدب والفن السوداني ، وكتابه أتي بتفاصيل جميلة وفيها مجهود واضح 0 ولكنني أود أن أسأل سؤالاً هاماً وهو لماذا ننسب الأدب والإبداع دائماً إلي منطقة أو مدينة معينة كأن نقول أن هذا الإبداع صنعته ودمدني أو أي منطقة أخري ، هل الإبداع يتم نسبته إلي المدينة ؟ وهل بقية مناطق السودان لم تقدم مبدعين مثلاً ؟ أي ماهي جدوي أن نقول دور مدينة ودمدني في حركة الإبداع السوداني ، علماً بأن السودان مليء بالثقافات والإبداعات المختلفة ، وكل منطقة من مناطق السودان لها إسهام وفنون واضحة ، انا أري أن لا جدوي من أن ننسب الإبداعات السودانية بطريقة جهوية والتركيز علي وجود مدينة مبدعة دون غيرها ، كما أنني أيضاً أري أن غياب فنون وآداب أهل السودان عن النشر العربي تعترضه عدة أسباب يتمثل أهمها في عدم الإهتمام برعاية الفنون والآداب وعدم توفر إمكانية نشر واسعة0وأنا في الواقع معجب بهذه الحوارات وهذا الطرح وأري ان الستاذ الباشا يتبني قضية كبيرة وهامة لأبعد الحدود 0

    مداخلة من رئيس النادي المهندس سمير حسن:

    أحب في البداية أن أنبه إلي ملاحظة هامة ، وهي أننا طلبنا من الأستاذ صلاح مسبقاً وهو في الدوحة قبل حضوره غلي مسقط ، ولأننا نعلم أنه من مدينة ودمدني، فقد طلبنا منه علي هامش حديثه عن كتاب أهل الإبداع في بلادي الذي أصدره مؤخراً ، أن يتحدث لنا أيضاً عن مينته ودمدني التي إشتهرت بأن لها إسهاماً واضحاً في حركة الأدب والفن في السودان برموز فنية واضحة ، ولأنه ينتسب إلي تلك المدينة فإننا طلبنا منه أن يتحدث عن فنون وإبداعات مدينة ودمدني ودورها في حركة الإبداع في السودان ، أي أننا لم نقل أن باقي مناطق السودان لا يوجد بها مبدعين ، فقط طلبنا منه أن يتناول في حديثه جانب ودمدني ، أي نحن الذين حددنا له موضوعات ومحاور الندوة ولم يختار هو الموضوع0

    الأستاذ الشاعر صلاح دهب فضل:

    نحن كما قال الأخ دكتور الحاج ، شعب لا يكتب ولا يوثق ، ونحن نفتقد إلي الإتصال بالعرب في كافة المجالات وليس في مجال الإبداع فقط، أما مسألة الأدب السوداني وغيابه عن الميديا العربية ، بمثلما لم يخرج أدبنا للعرب فهو أيضاً لم يخرج للأفارقة ، ونحن قبل أن نُخرج أدبنا إلى الآخرين يجب أن نفكر في صناعة أدبنا جيداً ، كما أشير إلي ان المؤسسة الثقافية غير موجودة في السودان ، المؤسسة التي ترعي الفنون والآداب وتعمل علي دعمها وتطويرها ونشرها ، لذلك فإن أكبر نقطة ضعف في السودان هي عدم وجود تراث مكتوب عن الفكر السوداني عبر كل الحضارات التي عاشها السودان.فلا بد من العمل علي قيام وتأسيس مؤسسة ثقافية تعني بهذا الأمر، فلماذا لا نفكر في قيام وتأسيس مؤسسة خاصة لرعاية الأداب والفنون 0أما منشأ الرمزية ليست قاصرة علي الشعر فقط ، فهي موجودة في القصة وفي المسرح ، وهي مدرسة كاملة0

    الأستاذ محمد أحمد الخير:

    شكراً لمداخلة إبننا أشرف دهب الذي أغناني عن السؤال ، كما أنني ألتمس الإتصال بجريدة الخرطوم للكتابة عن الشاعر الأردني الأستاذ الخطيب الذي شاركنا هنا بإلقاء شعري في بداية هذه الندوة مبدياً في قصائده إعجابه بالسودان نظراً لمايكنه لشعب السودان من حب وتقدير. كما أود أن أشير إلي أهمية التركيز علي ذكر أسماء شعراء الغاني والقصائد السودانية ( ملاحظة: الشاعر الأردني الخطيب متزوج من فتاة سودانية بأمريكا وهو زائرحالياً لسلطنة عمان)0

    وفي ختام الندوة أجاب الأخ صلاح الباشا معلقاً علي بعض النقاط التي أثيرت ومؤمناً علي وجوب قيام مؤسسة مدنية للإستثمار في مجال الإبداعات السودانية والعمل علي نشرها وعدم الإعتماد الكامل علي الأجهزة الرسمية للدولة ، إذ لابد من دخول منظمات المجتمع المدني في هذا الشأن وتشجيع المستثمرين في هذا المجال أسوة بما نراه من مؤسسات إنتاجية في مجال الإعلام والإبداع في العديد من دول المنطقة العربية.

    هوامش:

    * بعد نهاية الندوة قام الأستاذ دهب أحمد خيري الكاتب المعروف في صحيفة الخرطوم بإجراء إتصال هاتفي بالأخ صلاح الباشا من المدينة التي يعمل بها وهي ( صحم) وتبعد مسافة مائتي كلم من العاصمة مسقط ، وذلك عن طريق ( موبايل) كريمته التي حضرت الندوة مع شقيقها أشرف الذي كان أحد المتحدثين المميزين في هذه الندوة ، وقد شكره الأخ صلاح علي تلك اللفتة الحميمة ، راجياً منه تشجيع إبنه أشرف علي مداومة الكتابة بصحيفة الخرطوم نظراً لما لمسه منه من آفاق جميلة يجب عليه إبرازها في اعمال صحفية من وقت لآخر0

    · كان العديد من الحضور يري أن الحديث عن موضوع الإبداعات السودانية هذه

    تحتاج إلي عدة ندوات وحوارات نظراً لأن الموضوع طويل ومتباين ولا تكفي ندوة واحدة أو ندوتين لطرح كل القضايا التي تتحدث عن الثقافات السودانية وجمالياتها وتعقيدات الحفاظ عليها كموروث ثقافي مكتوب من أجل الأجيال القادمة ، ولكن لم تسمح ظروف الأخ صلاح الباشا بالبقاء فترة أطول في مسقط نظراً لظروف عمله بالعاصمة القطرية الدوحة ، وقد وعد الحضور بتجدد اللقاء في فرصة أوسع إنشاء الله0













                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de