|
توبــة
|
Quote: تـــــــــــــــــــــوبة |
الحمد لله وبعد...
عندما يتأمل أحدنا ويمعن النظر في كلمة (التوبة) يرى أن معناها هو الرجوع والإنابة لأن العبد يرجع عن ذنبه و معصيته إلى الله تعالى راجياً منه القبول والإستجابة.
ولقد قال العلماء بأن التوبة واجبة على العبد من كل الذنوب فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي.
وقد تظاهرت أدلة دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة حيث قال الله تعالى: ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) النور:36 وقوله : ( يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً) التحريم:8 وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يأيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة) رواه مسلم وغير ذلك من الآيات والأحاديث.
لكن وضع العلماء لقبول التوبة شروطاً استمدوها من الكتاب والسنة فقالوا إِنْ كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط :
1-أن يقلع عن المعصية وأن يذرها. 2-أن يندم على فعلها. 3-أن يعزم ألا يعود إليها أبداً. فإن فُقِد أحد الشروط لم تصح توبته.
أما إذا كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة هذه الثلاثة والرابع أن يتبرأ من حق صاحبها فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه وإن كان حدّ قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه وإن كان غيبة استحله منها، قال بعض العلماء: هذا إذا لم يترتب على الاستحلال من الغيبة نفسه مفسدة أخرى وإلا فالواجب حينئذ الاكتفاء بالدعاء له وأما حديث (كفارة من اغتبته أن تستغفر له ) فهو موضوع.
وهناك أسباب تعين على التوبة منها:
1-الشعور بالغربة وقصر الأمل: فالشعور بالغربة وأنك مرتحل لا محالة من هذه الدنيا هو أول سبب من أسباب العودة إلى الله . 2-تذكّر الموت وسكراته: فالموت آت لا ريب فيه وكل إنسان سوف يتجرع كأسه المرّ فيجب على كل عاقل أن يهيئ نفسه لملاقاة الموت والاستعداد له. 3-توقع أخذ الله عز وجل: إن الانسان المذنب عندما يعلم ويقتنع بأن الله إذا أخذ فإن أخذه أليم شديد فإنه لا شك سيفكر مرة تلو المرة في ذنوبه وعصيانه وسيكون ذلك مدعاة للتوبة إلى الله عز وجل. 4-تذكّر نعم الله وآلاء الله: فمن أسباب التوبة أن تحفظ نعم الله عليك في صحتك وفي بدنك وفي سمعك وفي بصرك لعل الله يتوب عليك ويمحو خطاياك ويعفو عن كثير. 5-سماع أخبار التائبين والإعتبار بهم: فالانسان عندما يسمع أخبارهم وسيرهم تشحذ هممه ويكون إلى التوبة أقرب. 6-معرفة سعة رحمة الله: فرحمة الله وسعت كل شيء حتى أنها شملت البرّ والفاجر فالواحد منا عندما يذنب وبخطئ ويعرض عن الصلاة وعن المسجد ويجحد نعم الله عليه وعلى والديه ومع ذلك فإن حنان الله وستره يلاحقه كل مكان أليس الله هو القائل : ( قل ياعبادي الذين أسرفوا علىأنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) الزمر:53 وقوله : ( ومن يعمل سوءً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً) النساء:110 وهو القائل في الحديث القدسي: ( يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) رواه مسلم وفي حديث قدسي آخر قال الله تعالى : (يا ابن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان فيك و لا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك و لا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة)حديث صحيح رواه الترمذي وغيره وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لو أخطأتم حتى تبلغ السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم) حديث حسن رواه ابن ماجه.
نرجوا الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وبرحمته التي وسعت كل شيء أن يهدي كل من قد أذنب وضل عن طريق الإيمان-فكلنا ذو خطأ-و أن يتوب علينا ويغفر لنا ذنوبنا ومعاصينا ويتقبل منا صالح الأعمال وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها وأن يجعل جنات الفردوس الأعلى نزلاً لنا.
|
|
|
|
|
|