بدر شاكر السياب : القصائد الأخيرة دلائل تحولات !!

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 06:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-27-2002, 12:13 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بدر شاكر السياب : القصائد الأخيرة دلائل تحولات !!

    اصداء المأساة ،
    قصائد السياب الاخيرة : دلائل التحولات الكبرى

    الرياض - خالد عويس
    ثلاثة فقط خرجوا في جنازة السياب ، كان هو رابعهم . ذروة المأساة الإنسانية التي رزح تحت وطأتها الشاعر العراقي بدر شاكر السياب ، ولعل معظم الذين أفاضوا في دراسة حياته وشعره مثل إحسان عباس ، إيليا حاوي ، حيدر توفيق بيضون ، عيسى بلاطة ، وأسعد رزوق ، قد عنوا بتحليل العنصر المأساوي المتدرج في حياة السياب وانعكاسه على خطابه الشعري مما يؤكد أن المعاناة الإنسانية في قمة عذاباتها قد ساهمت بشكل حاد في توهج القريحة الشعرية وتسهيل بلوغ مرحلة النضوج الفني للسياب.
    نشأ السياب في بلدته الصغيرة "جيكور" جنوب العراق وهو يكابد آلاماً فظيعة لفقده حنان الأم في عمر مبكر ، وبقى هذا الإحساس الفاجع ملازما له على الدوام ، ونكاد نتبينه بوضوح في واحدة من أروع قصائده اللاحقة ( أنشودة المطر) حيث تنثال ذاكرته الشعرية بفيض غامر من خيالات قديمة .
    كأن طفلاً بات يهذي قبل أن ينام / بأن أمه ـ التي أفاق منذ عام / فلم يجدها ، ثم حين لج في السؤال / قالوا له "بعد غدِ تعود" / لابد أن تعود .
    إن استخدام كلمة (أفاق) هي مرادف رمزي لوعيّه المبكر بحقيقة فقده لأمه للأبد رغم أن القصيدة كتبت في فترة يعدها النقاد فترة تماهى فيها الشاعر مع آلام البشرية بشكل عام وعلى وجه الدقة معاناة شعب العراق في تلك الفترة ، فالصورة هنا تشبيه لحال الشعب بحالة حرمانه هو إبان طفولته ، تلك الصورة تنبعث من ذاكرة مثقلة بالهزائم والأنكسارات منذ أن وعى على حقيقة فقره ،إذ لم يكن أبوه من ملاك الأراضي الكبار في [جيكور] يضاف إلى ذلك غربته المبكرة بإنتقاله إلى البصرة ثم بغداد بغرض الدراسة ، وتنقله بين العراق ، إيران ، إيطاليا ، فرنسا ، لبنان ، والكويت في وقت لاحق ،
    تضامنت هذه الغربة الجسدية مع غربة نفسية شديدة الوطأة مما وّلد لديه شعوراً قوياً إزاء الحياة ، مأساة السياب تكشفت أمامه على نحو مريع حين لجأ إلى المرأة [الروح] يطرق أبوابها ويستدر عطفها وحنانها وحبها في شكل أقرب للتعويض عن فقد المرأة [الرمز] الدال إلى الحنان الكامل [أمه] إلا أن فقره وقبح شكله حالا دون تجاوب المرأة [الحبيبة] معه ، فأخذ يتنقل من إمرأة لأخرى عساه يظفر بقلب يشده مرة أخرى للحياة إلا أنه منّي بفشل ذريع ابتداء بوفيقة التي غنى لها مبكراً وظلت خيالاتها تؤرقه ، فخصص لها جملة قصائد في ديوان [ المعبد الغريق] ثم هالة ، وذات الغمازتين وليلى ولميعة وأخيراً زوجته إقبال التي لم يكنّ لها وداً حقيقياً في البدء كما يبوح بذلك في قصيدته [أحببني] وآخرهن / أه .. زوجتي قدري / أكان الداء /ليقعدني ... كأني ميت سكران لولاها . إلا أنه عدل عن ذلك فيما يبدو حين لاح له أنه لن يحصل على امرأته [ الحلم] أبداً ، فقنع [بإقبال] وشرع في مناغاتها في [ليلة انتظار] لمّا بدا له أن الحياة تخلت عنه نهائياً وأن أقبال هي ما تبقى له في قبره :
    ياقلبي الذي إن مت أتركه على الدنيا ليبكيني / ويجأر بالرثاء على ضريحي وهو لادمع ولا صوت / أحبيني إذا أدرجت في كفني .. أحبيني / ستبقى .. حين يبلى كل وجهي ، كل أضلاعي / وتأكل قلبي الديدان تشربه إلى القاع / قصائد .. كنت أكتبها لأجلك في دواويني / أحبيها تحبيني / إلا أن وفيقة وحدها تظل الصدى الأنثوي الأقوى في قصائد السياب ، ومّرد هذا راجع لكونها تعدت الرمز [ الأنثوي] إلى الرمز (المكاني) فوفيقة هي أصداء [ جيكور] ، مراتع الصبا وسعفات النخل وخرير المياه وأناشيد الصبية الصغار .._ والسياب بينهم بالطبع _ ، خذلان السياب في علاقاته المتعددة بالمرأة : [ وما من عاداتي نكران ماضّي الذي كانا / ولكن .. كل من أحببت قبلك ما أحبوني / ولا عطفوا علىّ / عشقت سبعاً كن أحياناً ] كان من أقوى أسباب التكثيف المأساوي بداخله ، فكأنما المرأة : الحياة ، وكأنما تعددها : ألوان الحياة، وفي كل ، هو مكسور الخاطر ، مهيض الجناح .
    زواج [ذات الغمازتين] من ثرى عراقي ، وإعراضها عن السياب ، دفعه لشيء من الحقد الطبقي والتعلق بالفكر الماركسي ثم نبذه لاحقاً ، إلا أنه يضمن قصيدته [أحبيني] تلميحات عن تلك الحكاية :
    آه .. فتلك باعتني بمأفون / لأجل المال ، ثم صحا ، فطلقها وخلاها .
    وبالطبع فأن عناصر أخرى زادت من وحشة حياته ، وإحساسه الصاعق بغربته النفسية ، ونزفه اللا محدود : اضطهاد سلطات العراق له ، طرده من المعهد العالي ، فصله من وظيفته ، ثم الفصل الأخير من الوجع ( آلام المرض) فالسياب أمضى أيامه الأخيرة شاكياً من التهاب الرئة وارتخاء أعصاب الحركة ثم ضمورها ..
    لا شك أن فترة دراسته بمعهد المعلمين العالي وقراءته للآداب الغربية قد ألقت بظلال كثيفة على مسيرته الفنية ، وساهمت في فتح ذهنه على آفاق أخرى ، بل فتحت له درباً للتأثر بغلاة الرومانطيقيين في أوربا : جون كيتس ، بايرون ، ، وردزورث ، أديث سيتويل ، وإن كان على نحو أعمق بالمتشائمين : لامارتن ودي موسيه ، من خلال قصائده لايخفي تعلقه بهما واتباعه لنهجهما في فترة من حياته اضافة ل... .ت. س اليوت وبخاصة في قصيدة [الأرض الخراب] و الأسباني غارثيا لوركا وخاصة في لوحاته الغجرية ومرثية أغناثيو ميخياس سانشير ، ولم يتوقف السياب بعدها عن تعاطي الشعر الغربي والتأثر به إلى درجة حدت به لكتابة قصيدة شديدة الخصوصية للفرنسي شارل بودلير أسماها [الشاعر الرجيم] ولا شك أنه تأثر بديوان [أزهار الشر] على وجه خاص إذ تلمح روحه المغالية في صب اللعنات على كل شيء في بعض قصائد السياب ، عموماً فإن هذا التجريب ، أدى لأكتمال الصورة الفنية لدى السياب ونبهه للخروج من دائرة المأزق الذاتي إلى تذويب الأنا في التجربة الجماعية متلمساً آلامها وفواجعها فحتى شهوانيته وانزلاقه إلى عالم بغداد السفلى استحال بين يدى السياب إلى مرآة صادقة في عكس صورة المجتمع العراقي آنذاك ، في [ أنشودة المطر] يسعى لأبراز المأساة الأجتماعية من خلال تكثيف الأداة الفنية على الوجع الذاتي في رحابة النبض الانساني العريض : آلام أهل العراق ، وهو في أسلوبه هذا يعمد إلى نفس أسلوب الروائيين الروس قبل ثورة البلاشفة ، فيودور دودوستوفسكي ، إيفان تورجنيف ،ومكسيم غوركي يتطور هذا الأسلوب في [غريب على رمال الخليج] و [ الأسلحة والأطفال ] ففي الأولى مزج رائع بين الذاتي والعام :
    لوجئت في البلد الغريب اليّ ما كمل اللقاء / الملتقي بك والعراق على يديّ هو اللقاء ، يناغي حبيبه ضائعة ، ويستبد به الشوق إلى عراق يرزح في أحزانه :ـ
    أني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون / أيخون إنسان بلاده ؟ / إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون ؟/ الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام / حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق .
    ويخص القضية الفلسطينية بتواصل إنساني حميم ، ويسبغ عليها من فيضه الشعري في [قافلة الصياغ ] :ـ
    أرأيت قافلة الصياغ ؟ / أما رأيت النازحين / الحاملين على الكواهل من مجاعات السنين / آثام كل الخاطئين / النازفين بلا دماء / السائرين إلى الوراء / كي يدفنوا هابيل وهو على الصليب ركام طين / قابيل أين أخوك ؟ أين أخوك ؟ / يرقد في خيام اللاجئين ، ما كان لهذه اللوحة الشعرية أن تزخر بكل هذا الألم مالم تكن روح السياب مترعة بالحزن ، ويوظف السياب كل مخزونه من دراسة الأساطير القديمة لخدمة قضيته الفنية ،( الإنسان في رحلة شقائه) ، يصبح [سيزيف] و[اوديب] و[فاوست] و[ميدوزا] أدوات فنية غنية بالدلالات ، تستنهض سوداوية أقدارها من جديد .
    ولا شك أن هذا الحزن الذي جلل جبينه دفعه في خاتمة المطاف إلى جدل الموت ، الذي صوّره بداية في شكل فدائي في [ المسيح بعد الصلب ] : كم حياة سأحيا / ففي كل حفرة صرت مستقبلاً / صرت بذرة / صرت جيلاً من الناس : ففي كل قلب دمى /قطرة منه اوبعض قطرة و [النهر والموت] : إن موتي انتصار!
    إلا أنه ينقلب إلى حالة أخرى حين يصل إلى الغاية النهائية من المأساة ، ويقترب من معاني التصوف فيناجي الله في [أمام باب الله] :
    منطرحاً أمام بابك الكبير / أصرخ في الظلام ، أستجير / منطرحاً أمام بابك الكبير / أحس بإنكسار الظنون في الضمير / أثور أغضب ؟ / وصل يثور في حماك مذنب / منطرحاً أصيح أنهش الحجار / أريد أن أموت يااله .
    [ بابك الكبير ] ربما ترمز للرحمة الألهية ، و[ الظلام] يشير للتيه الأنساني ، [انكسارة الظنون في الضمير ] تشيِّ بشيء من تلمس درب اليقين و.. الخضوع ، ثم أنه يذكرذنوبه صراحة . وفي [سفرأيوب] يتضح هذا المناخ الصوفي أكثر :ـ
    شهور طوال وهذى الجراح / تمزق جنبِّي مثل المدى / ولا يهدأ الداء عند الصباح / ولا يمسح الليل أوجاعه بالردى / ولكن أيوب إن صاح صاح : / لك الحمد إن الرزايا ندى / وإن الجراح هدايا الحبيب / أضمُّ إلى الصدر باقاتها / هداياك مقبولة .هاتها .
    اشتداد الوجع والفزع من الدنيا جعله يستدعي صورة الصبر الأنساني الكامل [أيوب : النبي] وأنه يستعرض في قصيدته ألواناً من الذلة الخضوع بل وشكرً الخالق على الرزايا و البلايا ، ويبلغ قمة نشوته [ الصوفية] ، حين يطلب المزيد ، أترى وجد المكلوم في العزّ الألهي والحب النوراني ما غمره بفيض وجداني يماثل ماقاله صوفي قديم :
    أموت إذا ذكرتك ثم أحيا ولولا حسن ظني ماحييت
    فأحيا بالمنى وأموت شوقاً فكم أحيا عليك وكم أموت
    قال وكيع ، لما مات الفضيل بن عياض : ذهب الحزن اليوم من الأرض .
    هل كان الحزن طريق السياب إلى الله أم أن هذه الإيماءة مالبثت أن طواها المرض .؟
    ولماذا غفل النقاد عن تتبع الخيط الصوفي في شعر السياب رغم أعترافه [أمام باب الله] بذنوبه وخطاياه :
    أود لو أنام في حماك / دثاري الآثام والخطايا / ومهدي اختلاجة البغايا / تأنف أن تمسني يداك ...!!!

    منشور الزمان // عدد 3 حزيران / يوليو 2001 م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de