تداخل اللغات في السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 04:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-14-2002, 00:34 AM

Mandela

تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 755

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تداخل اللغات في السودان

    --------------------------------------------------------------------------------



    --------------------------------------------------------------------------------

    إن أية ثقافة أو لغة تتعرض للانقراض أو تهدد بالزوال هي خسارة للبشرية وللارث البشري ذلك« أن وعي البشر يتشكل من خلال المعطيات اللغوية أولا ومن هنا يجيء اختلاف الوعي البشري وتنوعه الذي هو مصدر غني للبشرية». أندرية فولتير ـ شاعر فرنسي بارز


    تمهيد: يعاني السودان، هذا البلد القارة الغني، والمتعدد الأعراق والثقافات والديانات، وبرغم أبنائه العلماء والمفكرين والمنتشرين في كل أنحاء المعمورة، في مختلف مجالات الابداع الانساني والعلمي، من صراعات دامية وحرب أهلية تدور رحاها منذ عشرات السنين، بدأت بجنوب السودان وأضيفت إليها مؤخرا عدة فصائل بذات الأطر النظرية، والتي تعني في أكثر حالات نجاحها، استمرار الحريق. هذه الحرب التي استهلكت، ولاتزال الكثير والكثير من الموارد البشرية والمادية، وأرهقت الساسة والمفكرين السودانيين ومن قبلهم إنسان هذه البلاد الطيب، والذي لا يأمل في غير أن يستطيع العيش بهدوء في العالم غير المتوازن. نحاول هنا قراءة أدب الخلاف والاختلاف في السودان من خلال تسليط الضوء على المشهد الثقافي السوداني العام باعتباره المحرك الأساسي والجوهري لأفكار الساسة السودانيين جميعا، في ذات الوقت الذي أصبح فيه التمسك بهوية الأمة وإرثها الثقافي والحضاري هو الواقي والناجع الوحيد لمقاومة رياح التغيير القوية والاستلاب الثقافي في الألفية الثالثة التي تطالعنا تحت مظلة العولمة، خصوصا للدول النامية. وإن كان الصراع في السودان يأخذ منحى آخر باشتداد الصراع بين أبناء الوطن الواحد، بقوة ودون مبرر، حتى أصبح يطلق عليهم «الفرقاء السودانيون».


    بعد استقلال أغلب الدول الافريقية والعربية واستقرارها إلى حد ما في ميزان السياسة والاقتصاد، تنبهت هذه الدول إلى قضايا أكثر فاعلية وتأثيرا وهي قضايا اللغة والثقافة والحضارة والهوية، وهي ما يشكل الصراع الحقيقي الحديث، والذي يمكن من القول بأن الدول الاستعمارية السابقة قد اتخذته بديلا للاستعمار السياسي السابق والمعروف. وما اصطلح على تسميته بالعولمة. وبالتأكيد يبقى هو العامل الحاسم والسلاح الأكثر فاعلية لتدخله المباشر في تكوين الشخصية، وتحديد ملامح وهوية الأمة. ومن ثم عمدت هذه الدول ـ ومن بينها السودان إلى البحث عن الذاتية الثقافية والتي لا تعني على الاطلاق العزلة والانطواء، بل هي سلوك محمود في التميز عن الآخرين وتعليمهم كأسلوب للعيش وصياغة النموذج الخاص الذي تعرفه الشعوب والحضارات الانسانية منذ فجر التاريخ، فالثقافة كما يراها الكثيرون، ليست لوحة رسم أو تحفة يمكن نقلها من مكان إلى آخر، بل هي مضامين شحنات نفسية وذاتية وبيئية من الصعب استيرادها أو فصلها عن بيئتها وكوامنها واشكالياتها الأخرى.


    وبقراءة التعريف السابق عن الثقافة وبتطبيقه في نموذج بلد كالسودان يزخر بتعدد البيئات الجغرافية والقبائل واللغات واللهجات، نجد أن الهوية الثقافية واللغوية في مواجهة شحنات نفسية وذاتية وبيئية، تجعل وللوهلة الأولى من الصعوبة بمكان التعامل معها، بل وحتى إيجاد أرضية ثابتة ومشتركة تكون بمثابة انطلاقة لثقافة سودانية مشتركة، جامعة ومعبرة في الوقت نفسه عن الانسان السوداني كله، مما يحتم ضرورة التعامل بوعي كبير مع هذه الدوذنة في اتجاه الوحدة. وبقراءة نموذجين لمثقفين سودانيين قدما للعالم صورة للمجتمع السوداني، نجد أن «الطيب صالح» في تحفته «موسم الهجرة إلى الشمال» قدم نموذجا لإنسان شمال السودان إلى حد كبير باستثناء المجتمع النوبي ذي الخصوصية الشديدة، ومجتمع الدينكا أكبر قبائل جنوب السودان وإن غلبت عليه الخلفية السياسية الواضحة. ولارتباط اللغة الوثيقة بالحضارة الانسانية وثقافة البشر باعتبارها المسجل الأساسي لكل حوارات حركة التاريخ في المجتمع، تبقى اللغة في السودان في مواجهة اشكاليات كثيرة متعددة ومتشعبة.


    ونجد أنه، ونسبة لسياسات الحكومات اللغوية منذ الاستقلال، نجد أن اللغة العربية قد أخذت موقعها من الانتشار خاصة في التعليم حيث تمثل اللغة القومية له وحتى التعليم الجامعي أصبح الآن باللغة العربية، وتحت هذه المظلة الواسعة من الانتشار للغة العربية تصبح هناك معاناة حقيقة وفاقد تربوي كبير من طلاب ومثقفي مناطق التداخل اللغوي ـ وهي المناطق التي يتحدث أهلها بأكثر من لغة ـ الأمر الذي يجعلهم ينحازون إلى لغات أخرى كالإنجليزية وغيرها لمواصلة تعليمهم وكتاباتهم ومؤلفاتهم، وتحديدا مثقفي جنوب السودان، مما يدعو للقول بأن عملية الاستنزال العلمي وما يتبعها من أجندة خفية تجد مناخها الملائم في ظل ثنائية الخطاب اللغوي في السودان. وربما من المؤكد أن عدم وضوح الرؤية والأهداف في معالجة مشكلات التعدد اللغوي في السودان. وربما من المؤكد أن عدم وضوح الرؤية والأهداف في معالجة مشكلات التعدد اللغوي والثقافي في السودان لاستنباط التراث الشعبي الكبير للقبائل وأعراقهم المختلفة والمتنوعة. ونحاول هنا مناقشة العوامل المتدخلة في هذا المشكل وهو جملة الفكر الأساسية باعتبار توحيد اللغة القومية بصورة حقيقية لتبقى الخيار الأساسي للكل بدون معاناة يتجهون بعدها للخيارات التي تحدثنا عنها، مع المحافظة على اللغات المحلية الأخرى كاللغة النوبية في أقصى شمال السودان، ولغات الدينكا والنوير والأنواك في أقصى جنوب السودان من أصل أكثر من مئة لغة محلية يتحدثها أهل وقبائل السودان، وضرورة دراستها وتنميتها لشغل الحيز الثقافي الواسع والمناسب في دفع عملية الثراء الثقافي واللغوي وبناء الشخصية السودانية المتعلمة والمثقفة والواعية لهذا الواقع الفريد والذي يعطي السودان خصوصيته وشكله المميز متجاوزين بذلك كل أشكال الصراعات المؤلمة وغير المثمرة.


    وقامت العديد من المؤتمرات العالمية التي تناقش قضايا اللغة والثقافة جلها باشراف هيئة اليونسكو، كأعمال تدخل في صميم عملها الداخلي، كما قامت أيضا العديد من المؤتمرات الاقليمية بافريقيا والشرق الأوسط، والمحلية بالسودان باشراف المعاهد المتخصصة مثل «معهد الخرطوم الدولي للغة العربية» و«معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية» بجامعة الخرطوم لمناقشة قضايا تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها والتداخل اللغوي وقضايا التعليم العام واللغات السودانية وغيرها.


    ولعل أكثر الاجتهادات المعبرة وبصدق عن تداخلات العلاقة بين الثقافة العربية والافريقية ـ وهو على ما يبدو واضحا في المشهد الثقافي السوداني، وإن بدا سياسيا ـ الندوة التي دعت إليها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع «معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية» بجامعة الخرطوم في ديسمبر 1977، حيث اشتملت على ثلاثة محاور أساسية كان أهمها قضية اللغة والثقافة الافريقية، كما استمعت الندوة إلى دراسة مهمة جدا حول التجربة الصومالية في معالجة قضية اللغة.


    وربما يبدو من المفيد أيضا أن نطلع على تعريف الثقافة من توصيات مؤتمر وزراء الثقافة الأفارقة والذي عقد بأكرا عاصمة غانا في أكتوبر 1975، ويمكن اعتباره من أميز المؤتمرات التي عقدت، ونقرأ تعريف الثقافة بأنها: «كافة الموجودات المادية والأخلاقية والروحية إلى جانب المعرفة واللغة والمهارات وسبل التفكير وأنماط السلوك ومختزن التجارب المكتسبة على مر العصور» ويبدو أن هذا التعريف هو الأقرب لاستيعاب القارة السمراء المتنوعة في كل شيء. كما دعا المؤتمر إلى احترام جوانب المعرفة والتعدد في اللغات واللهجات، وأقر بوجود التباين الكثيف في معظم دول القارة.


    ونقرأ أيضا جزءا من البيان الختامي لمؤتمر وزراء الثقافة العرب والذي عقد ببغداد بالعراق في نوفمبر 1981، والذي يمكن وصفه بكونه علامة بارزة ومميزة في تأريخ المؤتمرات العربية التي ناقشت هذه القضية المهمة، ونقرأ في البيان الختامي للمؤتمر: «إيمانا منه ـ ويقصد المؤتمر ـ بأن الصيغة المثلى لتحقيق الثراء الثقافي إنسانيا، ولتمكين الثقافة نفسها إلى جانب نموها في ذاتها، من أداء وظائفها في تشكيل الوعي الجماعي العربي، وفي بناء الحياة الإنسانية وتطويرها وتجميلها هي إعطاء الثقافة وزنها الحقيقي في مجموع النشاط البشري وأن تكون حقا من الحقوق الأساسية للإنسان، وجديرا بأن توفر له الشروط الضرورية قانونيا واجتماعيا، والكفيلة بصيانته وتوطيد أسسه، وأن يكون ثمة حوار موصول بين العلاقات المتداخلة للثقافة في ميادين المعرفة والتعبير كافة».


    أما آخر الجهود المحلية التي قامت في السودان فكانت: «مؤتمر اللغة الثالث في السودان»، والذي عقد بمعهد الدراسات الآسيوية والأفريقية بجامعة الخرطوم تحت عنوان: أوضاع اللغة في السودان» وتناول المؤتمر قضايا اللغة في السودان في إطار المحاور الآتية: مشروع المسح اللغوي في السودان، اللغة العربية واستخداماتها في السودان، اللغة في الحياة العامة، اللغات الأجنبية في السودان، والمحور المهم جدا: السياسات اللغوية في السودان. وخرج المؤتمر والذي شارك فيه لفيف من المهتمين باللغات وقضاياها في السودان من داخل وخارج البلاد، بتوصيات مهمة.


    ويتضح جليا أن هناك اشكاليات حقيقية تواجه الهوية الثقافية، وقضية اللغة كمركز أساسي ومحور مهم للقضية في السودان، وإن ظهرت في شكلها المطروح سياسيا وعسكريا بصورة أرهقت الانسان السوداني طويلا ونالت الكثير من مقدراته، واستنزفت الكثير من موارده البشرية والمادية، والكثير من الوقت والجهد.


    واتبعت في السودان سياسات عديدة تجاه المشكل اللغوي، ساهم البعض في حله مؤقتا بينما ساهم البعض الآخر في تعميقه، حيث كان الأمر برمته يخضع لإرادة الحكومات السياسية. وتتغير السياسات اللغوية باتجاه سياسات الحكومة بدون النظر إلى الآثار التربوية واللغوية المترتبة على ذلك. ففي عهد الحكم البريطاني المصري مثلا، كانت السياسة المتبعة تسير باتجاه التقليل من استخدام اللغة العربية، ليس في التعليم فحسب بل في كل مناحي الحياة العامة، حيث كان التعليم الديني والتبشير هما المقياسان لاختيار اللغة المناسبة للتعليم. وكان الاتجاه السائد هو فرض اللغة الانجليزية لمزيد من الاستلاب الثقافي واللغوي لإنسان السودان في الجنوب كامتداد لسياسة فصل الجنوب عن الشمال، هذا الصداع الذي كان يهدد قادة البلاد بعد الاستقلال مباشرة، وينفي تطور الوطن، ولايزال. وكانت كل المشكلات متركزة في مناطق التداخل اللغوي وذلك بحكم عدد سكانها ذوي الأصول العرقية غير العربية عن الثقافة واللغة العربيتين. واتخذت اللغة العربية موقعها من جديد كلغة للتعليم في الجنوب بعد قرارات مؤتمر جوبا السياسي عام 1947، وشرعت وزارة المعارف السودانية في اتخاذ عدد من القرارات والتدابير لعودة اللغة العربية إلى التعليم في جميع مراحله بالمديريات الجنوبية لتدرس أولا كمادة ضمن المواد الأخرى تمهيدا لجعلها لغة التعليم القومية، ولعل أهم التدابير كان تعيين مساعد مدير المعارف للمديريات الجنوبية من أبناء الشمال ليشرف على ادخال اللغة العربية في المدارس بالجنوب ووضع مناهج اللغة العربية لها وتدريب المعلمين. وتم إنشاء معهد مريدي عام 1954 لتدريب المعلمين.


    واستمر الحال هكذا حتى عام 1969 «حكومة مايو» حيث تم عقد مؤتمر قومي للتعليم لوضع سياسة لغوية جديدة للجنوب كأبرز مناطق التداخل اللغوي، وبقيت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، وظل استخدامها يأخذ طريقه تدريجيا في الشمال والجنوب. غير أن هذه السياسة لم تستمر طويلا بعد عام 1972 حيث كانت اتفاقية أديس أبابا والتي وضعت سياسة لغوية جديدة تجاه جنوب السودان، ومنحت بموجبها فترة لمجلس الشعب «البرلمان» بأن يصدر تشريعات تختص بقضية تطوير اللغات والثقافات المحلية، كما اعتبرت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد واللغة الانجليزية هي اللغة الرسمية للاقليم الجنوبي، الأمر الذي أعاد المشكل للمربع الأول.


    وشهد السودان في السبعينيات والثمانينيات نشاطا لغويا واسعا جعل إدراك المشكل اللغوي واعيا فقد قامت «وحدة أبحاث السودان» والتي تطورت فيما بعد إلى «معهد الدراسات الآسيوية والافريقية» بجامعة الخرطوم، والذي أصبح مركزا للدراسات والأبحاث اللغوية ليس في السودان فحسب بل في أفريقيا وآسيا، وذلك بفضل النخبة الواعية والمثقفة من العلماء الأجلاء الذين قام هذا الصرح العملاق على أكتافهم، منهم الدكتور سيد حامد حريز الذي يعمل حاليا بالدولة. وقد بدأ هذا المعهد مشروع المسح اللغوي في السودان عام 1972 وانضم اليه فيما بعد «معهد الخرطوم للغة العربية» والذي أنشيء عام 1974 لإعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتحول الآن إلى جامعة أفريقيا العالمية.




    بقلم: الشفيع عمر حسنين


    --------------------------------------------------------------------------------

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de