|
|
 خواطر فيل
|
فيل صغير رضيع ( التعبير ليس له علاقة بالحجم).. سقط في حفرة في غابات الاستوائية في الجنوب.. توقفت أمه والقطيع .. والحزن يقطع قلوبهم حاولوا اخراجه بكل جد لكنهم فشلوا.. أمه (الفيلة)تمادت في العطف وفي محاولة انقاذه، فسقطت هي الأخرى في الحفرة معه. قطيع الفيلة واليأس يلجمهم أضطروا إلى ترك الاثنين إلى مصيرهما داخل الحفرة ورحلوا.. (زوج الفيلة أيضا ذهب معهم!!)
قصة حقيقية نُشرت في صفحة البيئة في صحيفة الرأي العام..تم نقل الفيل (الرضيع!!) بالطائرة إلى الخرطوم (بإجراءات رسمية) واستضافه رجل محسن في منزله. وكان الفيل الطفل يستهلك في اليوم الواحد (12) كيلو موز ، وحوالي (30) رطل لبن وأشياء أخرى قدرت قيمتها بحوالي (5) ملايين كل شهر.. ولأنه يحتاج إلى (لبن) يماثل لبن أمه فقد اتضح أن الأمر يتطلب استيراد (لبن) خاص لغذائه.
وكان من الممكن أن تنتهي القصة هنا إلى أن نرى ما سيفعله المضيف بفيله الرضيع عندما يبلغ شبابه.لكن القصة تبدأ من هنا..فبعد أن اتضح أن حديقة الحيوان (المزعومة) في حدائق 6 أبريل لا تصلح له سكنا لأنها ضيقة ومزدحمة (بالناس وليس بالحيوان)، وخاصة وقد جرب حياة مرفهة في ضيافة السوداني المحسن الذي تكفل به عند وصوله إلى الخرطوم..سفير دولة أوروبية مع سيدة أوروبية أخرى تدخلا في القصة، هزتهما قصة الفيل الرضيع وحقوق الحيوان ،فطلبا سرعة نقله إلى ملجأ الفيلة (الأيتام) في كينيا، لأن الفيل الرضيع ومهما أحسنت كفالته فإنه سيظل في حاجة إلى (قطيع) يلعب معه ، وحديقة الحيوان (المزعومة) في حدائق أبريل ليس فيها سوى قطيع (القرود) .. وهو قطيع ليس من مصلحة (أخلاق) الفيل الرضيع العيش معه.
مأساة (فيلنا) السوداني الرضيع هزتني (جدا).. ليس لأنها قريبة الشبه من (القرنتية) المغدور بها فحسب ،بل لشعوري بأحاسيس الفيل وهو على وشك أن يفقد هويته السودانية وجنسيته ليس لسبب سوى أنه أكبر حجما من امكانات بلدنا (الفيل) في حجمه..
ومن سياق الخبر ، الفيل السوداني الرضيع بين خيارين أحلاهما مر، إما أن يفقد جنسيته أو يفقد حياته.
لست أسدا ولا ملكا للغابة.. لكني بصراحة لا يزال ينتابني إحساس كبير بأن صحافتنا المحلية لم تتقن فن الخبر بعد ، هذا الفيل الرضيع أهم من أي خبر شغل الصفحات الأولى في صحفنا المحلية . (مانشيت) عريض كان من المفترض أن يحتل كل صحفنا السودانية .. ومعه صورة الفيل الرضيع وهو يبكى في حديقة الحيوان (المزعومة) في حدائق 6 أبريل ..و يردد في لوعة (قبضوني ليه .. ليه ..) إلى آخر الأغنية التي أرجعت النور الجيلاني إلى دنيا النجوم ( هل تصدقوا انه في كامل الفيديو الكليب الذي أخرجه المخرج شكرالله خلف الله لم تظهر صورة فيل مع أن الأغنية نفسها اسمها خواطر فيل) ..
خبر الفيل الرضيع خبطة صحفية بكل جدارة.. لكن قاتلها اللهُ السياسةَ التي تصر أن (العشاء ودود !!) .. هل أكل أحدكم طوال حياته (عشاء ودودا)..؟؟.
ويا صغيري الفيل .. لست وحدك ..!!
ويا عزيزي هاشم صديق .. بين يديك قصيدة جديدة مثل (القرنتية) .. فقط أحصل قبل نشرها على تصديق (ممنوعة من النشر) .. حتى تنتشر بسرعة
عثمان ميرغنى
|
|
 
|
|
|
|
SILVER MOON
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست