|
صزخــــة
|
عندمـا كنت اتابع دراستي الجامعية خارج الوطن .. حكت لي احدي زميلاتي .. لم تري السودان منذ فترة طويل .. والدها احد المعارضين لهذه الحكومة . عرفتها عن قرب .. حساسيه مفرطه ومدمنه مشاهدة الفضائة السودانية تشتري سرا اشرطة الفديو التي يتاجر بها الملحق الثقافي . اخبرتني انها غطت جدار غرفتها بمادة عازله حتي اصبحت او كادت تكون استديو للتسجيلات الصوتيه .. فعلت ذلك لنها تصرخ داخل غرفتها .. تبكي هذا البلد .. تصرخ ولا احد يسمعها يومها ضحكت علي سذاجتهــا واعتبرتها (عوارة اولاد المغتربين) . ولكن ....بعد فترة من عودتي للوطن .. رحت امارس نفس هوايتها..... اصرخ مع صوت الطائرات التي تحلق برتفاع منخفض فوق منزلنا بالخرطوم .. استغل الصوت المزعج واصرخ من عمق لهاتي .. اصرخ من هذا العبث .. اصرخ من الاحباط .. احيانا اشتم باعلي صوتي ولكن للاسف لا يسمعني حتي الذين معي في الدار . استمريت امارس هذه الهوايه حتي عندما اكون خارج المنزل وبعيدا عن خط الطيران .. فكنت اصرخ ,,مع صوت اول جنريتر يصادفني .. كان هناك تواطؤ (عيني عينك) من ناس الكهرباء لمواصلة هوايتي . في احدي,,, الصرخات اسرع لنجدتي احد الماره معتقدا ان مكره اصابني .. فشرحت له هوايتي واني اصرخ مع صوت المولد الكهربائي تركني وراح يضحك ظن انني( جنريتر) ايضا . قرات مقال لآحد المناضلين بالكلمة وهو يصرخ بحرفه في الذين يملكون السلطة والسلاح ازجـــوكـــم لاتعبثــوا بهذا الوطن نريد حريات كاملة ودوله مدنيه . اضيف هوايتي للذين يصرخون يوميـــا في وجه الظلم والحكام .. صاحب المقال طاب منكم التاشيرة اذا لم تستمعوا لصرخته .. فهو مغادركم للابد حامل معه ذكريات جميله وحفنه من تراب الوطن . اما انا ساظل اصرخ ولن اغادركم لقد ادمنت الكتاحه والنيل وزحمة السوق العربي.. جل اصدقائي اصبحوا لاجيئين في دول اوربيه .. طلبوا مني الالتحاق بهم .. لست اكثر منهم وطنيه ولكن استمد صبري وادعم هوايتي من بعض الكادحين .. الذين! اذ ا نصبت لهم اركان الخرطوم بالمشانق فلن يغادروها البته .. رغم الجوع والاحباط . فالتحيه لمن يصرخـــــــون في صمـــت .
عماد براكــة
|
|
|
|
|
|